شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح (135)
المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها الإخوة والأخوات: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلًا بكم إلى حلقةٍ جديدة ضمن برنامجكم "شرح التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح"، مع مطلع هذه الحلقة يسرنا أن نرحب بصاحب الفضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير، فأهلًا ومرحبًا بكم شيخ عبد الكريم.
حياكم الله، وبارك فيكم وفي الإخوة المستمعين.
المقدم: قال: المصنف -رحمه الله- عن أبي موسي -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «مثل ما بعثني الله به من الهىي والعلم، كمثل الغيث الكثير، أصاب أرضًا فكان منها نقيةً قبلت الماء، فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكت الماء، فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصاب منها طائفةً أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماءً ولا تنبت كلأً، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله تعالى به فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسًا، ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به».
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
راوي الحديث أبو موسي الأشعري، عبد الله بن قيس صحابي شهير، تقدم التعريف به.
والحديث ترجم عليه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- بقوله: باب فضل من عَلم وعلَّم، باب فضل من عَلِم وعلّم، يقول العيني: وجه المناسبة بين البابين، وجه المناسبة بين البابين يعني هذا الباب، باب فضل من علم وعلّم والباب الذي قبله، باب الخروج في طلب العلم، يقول: وجه المناسبة بين البابين من حيث إن المذكور في الباب الأول يعني باب الخروج في طلب العلم هو بيان حال العالم والمعلم، هو بيان حال العالم والمعلم، وهذا الباب في بيان فضلهما، ومطابقة الحديث للترجمة ظاهرة؛ لأن الباب معقود على قوله في الحديث: فعلم وعلّم، فعلم وعلّم، وفضل من باشر العلم والتعليم ظاهر منه من الحديث؛ لأنه في معرض المدح على سبيل التمثيل على ما سيبين إن شاء الله تعالى.
لأن الحديث سياقه سياق المدح بالنسبة لمن علم وعلم، وجيء به على سبيل التمثيل للمبالغة في الإيضاح والبيان؛ لأنه بالمثال يتضح المقال.
مَثَل بفتح المثلثة المراد منه ها هنا الصفة العجيبة، الصفة العجيبة الشأن لا القول السائر، قال: الكرماني وابن حجر: لا القول السائر واحد الأمثال، للمثل يطلق ويراد به المثل السائر، وفي ذلك كتب لأهل العلم في الأمثال، لكن المراد بالمثل هنا الصفة العجيبة الشأن.
ما بعثني الله به أي أرسلني به من الهدى الدلالة الموصلة إلى المطلوب؛ فالهدى والهداية بمعنىً وهما نوعان، هداية توفيق وقبول، وهذه لله -عز وجل-، وهداية دلالة وإرشاد، وهذه للنبي -عليه الصلاة والسلام- ولمن تبعه ممن يدعو إلى الله على بصيرة، يقول الله -جل وعلا- في الأولى: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [القصص:56]، ويقول في الثانية: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى: 56] والعلم يقول الكرماني: هو صفة توجب تمييزًا لا يحتمل متعلقه اليقيني النقيض، وتقدم تعريف العلم وعلاقته بالظن والشك والوهم في أول كتاب العلم، يقول الكرماني: العلم هو صفة توجب تمييزًا لا يحتمل متعلقة اليقين النقيض، وسبق ذكر قول من قال: إن العلم لا يحد؛ لأنه معروف، ومعلوم لدى الخاص، والعام لا يحتاج إلى حد كالماء والهواء والأرض والسماء هذه أمور بدهية يعرفها الخاص والعام، فلا تحتاج إلى تعريف، جمع بينهما، جمع بين الهدى والعلم نظرًا إلى أن الهدى بالنسبة إلى الغير، والعلم بالنسبة إلى الشخص، الهدى بالنسبة إلى الغير، وهو بالنسبة إلى الشخص..
المقدم: علم.
نعم تكميل، هذا الهدى الذي هو تعدية هذا العلم، والعلم هو بالنسبة للشخص نفسه وهو الكمال، فإذا كمل الإنسان نفسه بالعلم..
المقدم: صار.
نعم عدى ذلك إلى غيره.
المقدم: بالهدى.
بهدايته، وإما إلى أن الهدى هو الدلالة والعلم هو المدلول، والعلم هو المدلول، وقيل: الهدى والعلم هو الطريقة والعمل، يقول ابن حجر: والعلم المراد به معرفة الأدلة الشرعية، معرفة الأدلة الشرعية، الذي لا يعرف الأدلة يعرف من العلوم بدون أدلة، يعرف الشيء الكثير يحفظ المسائل بدون أدلة مقتضى هذا أنه ليس بعالم؛ لأنه العلم المراد به؛ معرفة الأدلة الشرعية.
المقدم: صحيح.
لأن من لا يحفظ الأدلة الشرعية ولا يستنبط، ولا يعتمد على الأدلة الشرعية فليس بعالم، ولذا حكى ابن عبد البر وغيره الاتفاق على أن المقلد ليس من أهل العلم، وفي فتح المبدْي يحتمل أن يراد بالهدى نفس العلم، يحتمل أن يراد بالهدى نفس العلم؛ فيكون من عطف المرادف، الهدى والعلم معناهما واحد. كمثل الغيث الكاف في كمثل، الكاف في كمثل، للتأكيد، لتأكيد التمثيل، والمشابهة ولا يقال إنها زائدة؛ لأن مثَل يغني عنها ولا يقال: إن الكاف زائدة؛ لأن مثل يغني عنها يعني كما قيل في قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} يقول القرطبي في تفسيره: قيل إن الكاف زائدة للتوكيد، أي ليس مثله شيء، قال:
وصَاليَاتٍ كَكَمَا يُؤَثْفَيْنْ
وصَاليَاتٍ كَكَمَا يُؤَثْفَيْنْ
ما معنى البيت؟ أعجمي أم عربي؟
المقدم: ككما.
يؤثفين.
المقدم: صاليات ككما يؤثفين.
الواو هذه واو رب.
المقدم: ورُب صاليات.
طيب صاليات هي الأثافي الأحجار التي ينصب عليها القدر.
المقدم: ككما.
ككما يعنى كمثل، دخلت الكاف على الكاف، دخل تشبيه على تشبيه للمبالغة، مثل كمثله وكمثل، فإذا دخلت الكاف على الكاف وهي حرف.
المقدم: زادت من تأكيد التشبيه.
زادت، فكيف إذا دخلت على مثل الذي هي أدخل في التشبيه، ككما يؤثفين يعني ينصبن للقدر يجعلن أثافي، واضح أم ليس بواضح؟
المقدم: الآن بلى.
فأدخل على الكاف كافًا تأكيدًا للتشبيه، قد يقول قائل: ككما، أليس من علامات الاسم دخول حروف الجر عليه؟ فكيف دخلت على حرف هنا؟
المقدم: ما يقال إنها زائدة؟
نعم.
المقدم: ما يقال إنها زائدة؟
هم قالوا زائدة، لكن إذا قلنا زائدة هنا ألزمونا في مثل ما معنا من هذا الحديث {لَيْسَ كَمِثْلِهِ} يستدل بها على زيادة المعني لا على زيادة اللفظ، هم يقولون حذفها ما فيه أشكال، ليس مثله شيء. «مثلُ ما بعثني الله كمثل».
المقدم: «مثل الغيث».
«مثل الغيث» وصاليات كما يؤثفين يقولون زائدة، لماذا أدخل الكاف على الكاف؟ تأكيدًا للتشبيه لكن هل الحرف يدخل على حرف؟ إذا قلت نعم، تجاوز عن زيدٍ، زيد مجرور بعن، الباء دخلت على عن، يصح أم ما يصح؟
المقدم: الباء.
الباء مجرور بعن، الباء هذه دخلت على ماذا؟ على عن، المهم يقولون إن دخول حروف الجر علامة الاسم، والحرف لا يصلح معه لا علامة الاسم، ولا علامة الفعل.
المقدم: صحيح.
كيف نقول ككما ومجرور بعن؟ وهم يقولون من علامة الاسم دخول حرف الجر عليه.
الأخ الحاضر: ........
هذه ما هي بضرورة، مجرور بعن هذه ما بضرورة، هذه كل أئمة النحو يقولون مجرور بعن.
المقدم: قصد الفعل أم ككما؟
إذا قلنا زائدة الضرورة ولا شيء فكيف نقول مجرور بعن؟
المقدم: يعني دخول الباء على عن هنا في كلامنا.
نعم في كلامنا.
المقدم: وليس من جملة.
الذي ما فيه ضرورة.
المقدم: عندما نشرح الجملة يا شيخ.
نعم، عندما نعرب.
المقدم: أو نعربها.
نعم.
المقدم: مجرور بعن، لكن هل هذا يا شيخ قد لا يقال إنه في ذات سياق الكلام بِ ثم نقطتين عن. .
الأخ الحاضر: أو تقدير محذوف.
المقدم: أو تقدير.
الأخ الحاضر: لكن ليس بحرف عن.
أو تقول: إن عن ليس المراد بها الحرف نفسه إنما المسمى بهذا الحرف.
المقدم: المسمى نعم؛ لأن الحرف مجرور بعن.
ما فيه إشكال، لكن كما هنا، لا مفر من أن نقول: إن الكاف الثانية مؤولة بمثل، ولذلك دخل عليها الكاف، وقيل المثل زائدة كمثل المثل هذه زائدة وفي قوله -جل وعلا-: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ} [الشورى: 11] الكاف أصلية ومثله زائدة هذا قول ثانٍ، لماذا يقولون مثل هذا الكلام؟ لأن عندك نفيًا، والنفي مثل المثل، ماذا يتضمن؟ إثبات للمثل على حد زعمهم.
المقدم: نعم.
وهم يفرون من إثبات المثل، وكل مسلم ينزه الله -جل وعلا- عن المثيل، هم يقولون إن إثبات الحرفين نفي تشبيه يدخل على تشبيه، نفي واحد يبقى واحد، وإذا نفي واحد يبقى واحد، فهم لابد من أن يقولوا إن الكاف زائدة أو مثل زائدة، ظاهر الإشكال؟ هذا الذي جعلهم يقولون إن الكاف زائدة، وقيل: المثل زائدة، وهو قول ثعلب "ليس كهو شيء" تقدير، "ليس كهو شيء" نحو قوله تعالى: {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوا} [البقرة: 137]، في حرف ابن مسعود، {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوا}، قال أوس بن حجر:
وقتلى كمثل جذوع النخيل يخشاهم مطر منهم
كمثل أي كجذوع النخل.
نعم، أولًا لا بد أن يعتقد كل مسلم أن القرآن محفوظ {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:9]، وأنه مصون من الزيادة والنقصان، فلا بد أن نقول إن ذكر الكاف مع المثل للمبالغة في نفي الشبيه والمثيل، للمبالغة في نفي الشبيه والمثيل؛ لأنه إذا نفى مثل المثل فنفى المثل من باب أولى، في تفسير الشوكاني يقول: المراد بذكر المثل هنا؛ المبالغة في النفي بطريق الكناية، فإنه إذا نفى عمن يناسبه كان نفيه عنه أولى كقولهم: مثلك لا يبخل، مثلك لا يبخل، يعنى أنت من باب أولى، إذا كان المثل وهو أقل في الغالب درجة من مثيله، إذا كان الأقل لا يبخل إذًا الأعلى من باب أولى، وغيرك لا يجود، تابع لكلام القرطبي انتهينا منه، ثم نقل الشوكاني نحو ما نقلناه عن القرطبي، نحو ما نقلناه عن القرطبي في حاشية الشهاب الخفاجي.
الأخ الحاضر:......
قبله القرطبي.
المقدم: النقل الأول للقرطبي يا شيخ؟
نعم قبل ككما في أول الكلام عن القرطبي ، ثم أدخلنا عليه كلام من كلامه، ثم نقلنا كلام الشوكاني نؤيد به كلامنا، في حاشية الشهاب الخفاجي على تفسير البيضاوي قوله: ومن قال: الكاف فيه زائدة، الكاف فيه زائدة، لم يرد أنه زائدٌ محضًا ليس لذكره فائدة أصلًا، كما قيل: إن مثل زائدة أيضًا يعني قولهم بالزيادة، هل معنى هذا إقرارهم بأن وجودها مثل عدمها من كل وجه؟ أو أنها من حيث الإعراب لا محل لها، ولذا يتأدب بعض المفسرين، بعض المفسرين يتأدب في مثل هذا فيقول: في هذا الموضع ما يقول زائد، بل يقول: صلة، الكاف صلة، ما معنى صلة؟ ينزلها منزلة صلة الموصول التي لا محل لها من الإعراب، هو يقول زائدة، هي من الناحية الإعرابية زائدة لا محل لها من الإعراب، من باب الأدب لا يقول في كلام الله -جل وعلا- زائد، كمثل الغيث.
الأخ الحاضر ..... :
المقدم: نعم، هذا الأخ يسأل على دخول الحرف على الحرف يقول ما تخريجهم له؟
هو لا بد أن نقول الكاف الثانية بما مثل، مضمنة مثل، مؤولة بمثل، لكي يصح دخول الكاف عليها، يعني مثل ما نظرنا من قولهم كذا مجرور بعن، أيضًا الإسناد من خصائص الاسم بالجر والتنوين والنداء وأل.
المقدم: والنداء وأل ومسند.
ومسند للاسم تميز حصل.
نعم، إذا قلنا مِن حرف جر ماذا تعرب من؟ مبتدأ تقول: من مبتدأ أنت لا تريد الحرف نفسه، وإنما تريد المسمى بمن، الغيث كما في القاموس المطر أو الذي يكون عرضه بريدًا.
المقدم: عرضه.
بريدًا.
المقدم: مسافة الأرض.
مسافة الأرض نعم، وغاث الله البلاد، والغيث يقول: المطر، أو الذي يكون عرضه بريدًا. والكلأ ينبت بماء السماء أيضًا يسمي غيثًا، وغاث الله البلاد، والغيث الأرض يعني غاث الغيث الأرض أصابها، والنور أضاءها، وغيثت الأرض غيثت الأرض تغاث فهي مغيثةٌ ومغيوثة، يعني مُطرت، وفي فتح المبدي: الغيث هو المطر الذي يأتي عند شدة الاحتياج إليه؛ لأن الإغاثة والاستغاثة الإغاثة وطلب الإغاثة إنما تكون مع شدة الحاجة، يعني الإغاثة غالبًا ما تقترن إغاثة الملهوف، يعني شديد الحاجة، ولذا يقول :الغيث هو المطر الذي يأتي عند شدة الاحتياج إليه، يعني مع عدم شدة الاحتياج إليه نقول مطر، لكن على هذا ما نقول غيث إلا إذا اشتدت الحاجة إليه. الكثير صفة للغيث.
أصاب أرضًا جملة من الفعل والفاعل والمفعول في محل النصب على الحال بتقدير قد.
المقدم: أحسن الله إليك، المواضع التي وردت في القرآن بالنسبة للغيث جاءت بهذه المعاني كون أن الغيث المراد به أيضًا العشب النابت، في قوله تعالى مثلًا: {كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ} [الحديد: 20] المراد به الزرع هنا، أم المراد به المطر الكثير؛ لأن في الموضعين ينزل الغيث هو الذي ينزل الغيث، المطر هذا ظاهر، وفي الموضع الثالث.
{كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ} [الحديد: 20].
المقدم: نباته.
نبات الغيث الذي سببه الغيث.
المقدم: إذًا في المواضع الثلاثة المراد به.
المطر.
المقدم: المطر نعم، ولم يرد موضع يدل على المعنى الثالث الذي ذكره .
لا، هو في كلام صاحب القاموس يقول: الغيث؛ المطر أو الذي يكون عرضه بريدًا، والكلأ يعني كما يطلق الغيث على الكلأ .
المقدم: وورد في مواضع يطلق على الكلأ يا شيخ؟
الغيث كما بالقاموس المطر أو الذي يكون عرضه بريدًا، والكلأ ينبت بماء السماء، يعني يسمى غيثًا.
الأخ الحاضر: هل فيه دلالة على هذه التسمية؟
هي يمكن الآية الأخيرة {كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ} [الحديد: 20]، لكن إضافة نباته
المقدم: تدل على أن...
تدل على أن الغيث هو المطر والنبات سببٌ عنه..
المقدم: نعم.
فكان منها أي من الأرض، فكان منها نقيةٌ فكان منها أي من الأرض نقيةٌ، كذا عند البخاري في جميع الروايات نقية بالنون والقاف والياء، كذا عند البخاري في جميع الروايات التي رأيناها بالنون قاله ابن حجر، من النقاء، وهو صفة لمحذوف، لكن وقع عند الخطابي، والحميدي وفي حاشية أصل أبي ذر: ثغبة، ثغبة بمثلثة مفتوحة بمثلثة مفتوحة وغين معجمةٍ مكسورة، بعدها موحدةٌ خفيفة مفتوحة ثغبة.
المقدم: الرص متشابه.
متقارب نعم، ثغبة بهذا الضبط بمثلثة مفتوحة وغين معجمة مكسورة بعدها موحدة خفيفة، قال: الخطابي في أعلام الحديث أو أعلام سنن الثغبة مستنقع الماء، مستنقع الماء في الجبال والصخور، وهو أيضًا الثغب.
وقال الصاغاني: الثغب بالتحريك الغدير يكون في ظل جبل لا تصيبه الشمس، فيبرد ماؤه، والجمع ثغبان، قال: الصاغاني الثغب بالتحريك الغدير يكون في ظل جبل لا تصيبه الشمس فيبرد ماؤه، والجمع ثغبان، لكن قال القاضي عياض في المشارق: قال القاضي عياض: هذا غلطٌ في الرواية، هذا الكلام نقله ابن حجر عن المشارق للقاضي عياض، هذا غلطٌ في الرواية وإحالة للمعنى؛ لأن هذا وصف للطائفة الأولى، التي تنبت وما ذكره يصلح وصفًا للثانية التي تمسك الماء.
المقدم: نعم.
الآن من حيث المعنى ما يحيل المعنى، يحيل المعني لأنه بدلاً من أن يكون وصف للطائفة الأولى يكون وصفًا للطائفة.
المقدم: الثانية.
الثانية، هذا الكلام نقله القاضي عياض في المشارق..، نقله الحافظ ابن حجر عن القاضي عياض في المشارق، ونقل نحوه العيني عن صاحب المطالع، والمطالع اختصار للمشارق، لكن هل هناك سر في عدول العيني عن النقل عن المشارق، وهو ينقل عن الحافظ باستمرار؟ نعم، فيه سر.
المقدم: جزمًا لكن أين هو هذا السر؟
معروف لكل أحد يعني شخص ينقل عن آخر كلام كثير .
المقدم: مما يدل على أنه لا يوافقه في هذا الموضع.
هو النقل الكلام واحد، والأصل المشارق هو أصل المطالع، لماذا عدل عنه العيني إلى المطالع؟ ليبين أنه ليس مقلد لابن حجر في كل ما ينقل؛ تجد الإنسان النقال من كتب الآخرين، تجده يغير إذا كان التغيير يسير بين يديه، يعني ابن حجر لما نقل عن المشارق والمشارق أصل المطالع، يعني طبيعي أن الإنسان لئلا يقال إنه ينقل كل شيء.
المقدم: عن المطالع.
نعم لا ينقل كل شيء من هذا الكتاب؛ لأنه لو نقله عن القاضي عياض قال الناس إنه أخذه من الفتح، لكن لما عدل عنه إلى المطالع ما فيه أحد أن يقول هذا الكلام منقول من الفتح، قال القاضي عياض: وما ضبطناه في البخاري من جميع الطرق إلا نقية، نفتح النون وكسر القاف وتشديد الياء التحتانية، وهو مثل قوله في مسلم: طائفة طيبة.
قال ابن حجر: قلت: وهو في جميع ما وقفت عليه من المسانيد والمستخرجات كما عند مسلم، طائفة طيبة، وفي كتاب التنقيح للزركشي لألفاظ الجامع الصحيح شرح مختصر جدًّا، ويروي بقعة.
المقدم: بقعة.
بقعة بدل نقية وبدل ماذا؟
المقدم: ثغبة
ثغبة، قال ابن حجر: قلت هو بمعني طائفة، لكن ليس ذلك بشيء من روايات الصحيحين، ليس ذلك في شيء من روايات الصحيحين ثم قرأت يقول ابن حجر: ثم قرأت في شرح ابن رجب أن في رواية بالموحدة، بدل النون، بدل نقية تكون ماذا؟ بقية ثم قرأت في شرح ابن رجب يقول الحافظ ابن حجر: ثم قرأت في شرح ابن رجب أن في رواية بالموحدة بدل النون قال: والمراد بها القطعة الطيبة، البقية القطعة.
المقدم: الطيبة.
الطيبة، كما يقال فلان بقية الناس، ومنه فلولا كان من القرون من قبلكم.
المقدم: أولو بقية.
أولو بقية، وهذا أول موضع ينقل فيه الحافظ ابن الحجر عن شرح ابن رجب، نعم أول موضع نعم.
المقدم: بدون ذكر الاسم في الكتاب.
هو قال ثم قرأت في شرح ابن رجب، في.. هذا أول موضع الموضع الثاني بعد ورقة، في الحديث الذي يلي هذا، الموضع الثالث في الحادي عشر من فتح الباري صفحة ثلاثمائة وأربعين، وعلى حسب اطلاعي لا أعرف موضعًا رابعًا.
المقدم: على كل حال شكر الله لكم فضيلة الدكتور، على أن نستكمل بإذن الله ما تبقى من ألفاظ هذا الحديث، والحديث عن معانيه بإذن الله تعالى في حلقة قادمة، وأنتم على خير.
أيها الإخوة والأخوات بهذا نصل وإياكم إلى ختام حلقتنا من برنامجكم "شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح"، لقاؤنا يتجدد بكم بإذن الله تعالى، في حلقةٍ قادمة، وأنتم على خير حتى ذلكم الحين نستودعكم الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.