كتاب التيمم (04)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،
قال الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: "بابٌ: إذا لم يجد ماءً ولا ترابًا.
حدثنا زكريا بن يحيى قال: حدثنا عبد الله قال حدثنا عبد الله بن نمير قال: حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها- أنها استعارت من أسماء قلادة فهلكت، فبعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجلاً فوجدها، فأدركتهم الصلاة وليس معهم ماء فصلوا، فشكوا ذلك إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأنزل الله آية التيمم فقال أسيد بن حضير لعائشة: جزاكِ الله خيرًا، فوالله ما نزل بكِ أمر تكرهينه إلا جعل الله ذلك لكِ وللمسلمين فيه خيرًا".
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد،
فيقول الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: "بابٌ إذا لم يجد ماءً ولا ترابًا" إذا لم يجد ماءً ولا ترابًا، والطهارة شرط لصحة الصلاة، والشرط يسقط مع العجز، يسقط مع العجز، فإذا لم يجد ماءً ولا ترابًا فيكون حينئذٍ عاجز عن الطهارة، عن الوضوء والتيمم، وكذلك إذا عجز عن شرط من الشروط، كالسترة ستر العورة، هو شرط أو غيرها من الشروط المعروفة عند أهل العلم التسعة إذا لم يستطع فلا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، لا يكلف الله نفسًا إلا ما آتاها، فمراد المؤلف -رحمه الله تعالى- في هذه الترجمة أن المسلم مكلَّف إذا حان وقت الصلاة ولم يجد ما يتطهر به، فإنه يصلي على حاله، من دون وضوء ولا تيمم، وفي القصة المذكورة في الباب لم يجدوا ماءً، وليس معهم ماء، والتيمم لم يُشرَع فصلوا على حسب حالهم بدون طهارة، وإذا سقط الوضوء الذي هو الأصل مع العدم، فيسقط التيمم مثله مع العدم، على خلافٍ بين أهل العلم أنه إذا صلى بغير طهارة هل تلزمه الإعادة إذا وجد الماء، أو يعيد في الوقت؟ أو لا يصلي حتى يجد كما قال بعضهم؟ خلافٌ بين أهل العلم، ولكن ظاهر القصة أنهم صلوا، ولا أُمروا بإعادة، صلوا ولا أُمروا بإعادة.
قال -رحمه الله-: حدثنا زكريا بن يحيى، ولم ينسبه المؤلف، وفي الرواة ثلاثة كلهم زكريا بن يحيى، وعلى كل حال رجحنا أو لم نرجح أينما دار بين هؤلاء الثلاثة فهو على ثقة، ولا يضر إن كان هذا أو ذاك، قال: حدثنا عبد الله بن نمير.
طالب:...
هو اللؤلؤي أو غيره، سيأتي في كلام المؤلف، قال: حدثنا عبد الله بن نمير، قال: حدثنا هشام بن عروة بن الزبير عن أبيه عروة بن الزبير، عن عائشة أنها استعارت من أسماء أختها قلادة فهلكت. هلكت يعني ضاعت، فقدتها، فهلكت، فبعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والهلاك في العرف إنما يطلق على ماذا؟
طالب:...
المرغوب أم المبغوض؟
طالب:...
إذا قيل: هلك فلان، هذا في عرف الناس، ولكن في الفرائض يقولون: هلك هالك.
طالب:...
حتى إذا هلك، وهو منهم. يوسف- عليه السلام-، فالأصل التلاف والضياع، سواء كان لمرغوب أو مبغوض، هذا الأصل، وإن كان العرف يستعمله الناس في...
طالب:...
ميتة السوء على ما ذكرت، هلك، فلان الهالك في كتب أهل العلم إذا تحدثوا عن رجل ليس على الهدي المستقيم قالوا: الهالك فلان.
طالب:...
من ألفاظ التجريح الشديدة.
فهلكت فبعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجلاً، هو المذكور في آخر الحديث أسيد بن حضير، وفي بعض الروايات على خلافٍ بين ما حصل هو في قصة أو في قصتين؟
قيل هذا وذاك، فبعثوا الدابة فوجدوها تحتها، وهنا يقول: فبعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجلاً فأدركتهم الصلاة فوجدها، وجد القلادة، فأدركتهم الصلاة وليس معهم ماء فصلوا؛ لأنه ليس هناك بديل أو بدل للوضوء، لم يشرَع وإنما شرع في هذه الحادثة، "فصلوا فشكوا ذلك إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأنزل الله آية التيمم" آية المائدة أو النساء.
طالب:...
المائدة، آية المائدة، فقال أسيد بن حضير وهو من النقباء من الأنصار لعائشة -رضي الله تعالى عنها-: "جزاك الله خيرًا، فوالله ما نزل بكِ أمر تكرهينه إلا جعل الله ذلك أو ذلكِ لكِ خيرًا وللمسلمين خيرًا" يعني لك ولغيرك، صارت سببًا للخير، وسببًا للبركة، امرأة مباركة، هي أم المؤمنين، -رضي الله عنها وأرضاها وعن أبيها-.
اقرأ.
"قال الحافظ -رحمه الله-: قوله: (باب إذا لم يجد ماءً ولا ترابًا) قال ابن رشيد: كأن المصنف نزَّل فقْدَ شرعية التيمم منزلة فقْدِ التراب بعد شرعية التيمم، فكأنه يقول: حكمهم في عدم المُطهِّر -الذي هو الماء خاصة- كحكمنا في عدم المطهِّرين الماء والتراب. وبهذا تظهر مناسبة الحديث للترجمة؛ لأن الحديث ليس فيه أنهم فقدوا التراب، وإنما فيه أنهم فقدوا الماء فقط، ففيه دليل على وجوب الصلاة لفاقد الطهورين".
وهو وإن لم يكن مفقود حقيقة، فهو مفقود حكمًا؛ لأنه ليس بمشروع، فكأنه غير موجود.
"ووجهه أنهم صلوا معتقدين وجوب ذلك، ولو كانت الصلاة حينئذٍ ممنوعة لأنكر عليهم النبي- صلى الله عليه وسلم-، وبهذا قال الشافعي وأحمد وجمهور المحدثين وأكثر أصحاب مالك، لكن اختلفوا في وجوب الإعادة، فالمنصوص عن الشافعي وجوبها، وصححه أكثر أصحابه، واحتجوا بأنه عذر نادر فلم يسقط الإعادة".
يعني إذا وجد الماء، وهل يعيد مطلقًا، أو يعيد في الوقت؟ سيأتي كلام أهل العلم.
"لكن اختلفوا في وجوب الإعادة، فالمنصوص عن الشافعي وجوبها، وصححه أكثر أصحابه، واحتجوا بأنه عذر نادر، فلم يسقط الإعادة والمشهور عن أحمد، وبه قال المزني وسحنون".
عذر نادر أن يوجد الشخص في مكانٍ لا ماء فيه ولا تراب، ولا ما يُتيَمَّم به على الخلاف.
"والمشهور عن أحمد وبه قال المزني وسحنون وابن المنذر: لا تجب، واحتجوا بحديث الباب".
لأنه اتقى الله ما استطاع اتقى الله ما استطاع وبرأ من العهدة بما فعله مع القدرة عليه، والذي لا يستطيعه لا يكلف به.
"لأنها لو كانت واجبة لبينها لهم النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة".
لو كانت الإعادة واجبة لبيّنه -عليه الصلاة والسلام-، قال: إذا وجدتم الماء أعيدوا الصلاة وبيَّن ذلك، لكن لما لم يبين وهذا وقت الحاجة وهذا وقت البيان فلما لم يبين عرفنا أن الإعادة ليست واجبة، لكن إذا كان في أول الوقت ولم يجد ماء هل يبادر في أول الوقت اغتنامًا لأفضل الوقت، أو يقال: انتظر حتى يغلب على ظنك أنك لا تجد الماء؟
طالب:...
ماذا؟
طالب:...
لغير اليائس، لكن يقول: أنا ما وجدت ماءً الآن أريد أن أتيمم وأصلي، أتقي الله ما استطعت وأغتنم أفضل الوقت.
طالب: ...
يأتي، يأتي.
طالب:...
معهم بلا شك.
طالب:...
لكن الأصل أنه...
طالب:...
الأصل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يصليها في أول وقتها.
"وتُعُقِّبَ بأن الإعادة لا تجب على الفور، فلم يتأخر البيان عن وقت الحاجة. وعلى هذا فلا بد من دليل على وجوب الإعادة".
الشيخ -رحمه الله- ابن باز يقول: ليس هذا التعقيب بجيد، والصواب وجوب الإعادة على الفور، عند وجود مقتضيها، ما هو بالإعادة في هذه الصورة في الجملة، إذا لزمت الإعادة تجب على الفور، «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها» ويقول أهل العلم: يجب قضاء الفوائت فورًا، سواء أداها على وجهٍ لا يصحّ، أو لم يؤدها أصلاً، فلما لم يأمرهم النبي- صلى الله عليه وسلم- بالإعادة دلّ على عدم وجوبها.
"وتُعُقِّبَ بأن الإعادة لا تجب على الفور، فلم يتأخر البيان عن وقت الحاجة. وعلى هذا فلا بد من دليل على وجوب الإعادة. وقال مالك وأبو حنيفة في المشهور عنهما: لا يصلي، لكن قال أبو حنيفة وأصحابه: يجب عليه القضاء، وبه قال الثوري والأوزاعي. وقال مالك فيما حكاه عنه المدنيون: لا يجب عليه القضاء. وهذه الأقوال الأربعة هي المشهورة في المسألة".
يعني على هذا القول لا يصلي ولا يقضي، تسقط الصلاة، ولكن هو قولٌ لا حظ له من النظر؛ لأنه لا بد من الصلاة أو من قضائها.
"وحكى النووي في شرح المهذب عن القديم: تستحب الصلاة وتجب الإعادة، وبهذا تصير الأقوال خمسة. والله أعلم".
ليصلي في الوقت ويعيد، ولو بعد الوقت.
"قوله: (حدثنا زكريا بن يحيى) هكذا وقع في جميع الروايات غير منسوب، وكذا في قصة سعد بن معاذ فإنه أوردها في الصلاة والهجرة والمغازي بهذا الإسناد عنه ولم ينسبه، ومثله في الصلاة حديث: «مروا أبا بكر أن يصلي بالناس»".
وأعاده في التفسير تامًّا؟ ولم ينسبه وأعاده في التفسير تامًّا، ومثله في الصلاة من حديث..
طالب: لا ليست عندي.
نعم.
طالب:...
وأعاده في التفسير تامًّا.
"وأعاده في التفسير تامًا ولم ينسبه، ومثله".
لا لا، بعد ولم ينسبه.
"ولم ينسبه وأعاده في التفسير تامًّا، ومثله في الصلاة حديث: «مروا أبا بكر أن يصلي بالناس»، وكذا سبق في "باب خروج النساء إلى البراز"، لكن من روايته عن أبي أسامة لا عن عبد الله بن نمير، وأعاده في التفسير تامًا".
كأنه تكرار.
طالب:...
هذه موجودة.
طالب:...
تكرار تكرار. وأعاده في التفسير تامًّا ومثله في التفسير، أيهما أولى، الأولى أم الثانية؟
طالب:...
نعم، وأعاده في التفسير تامًّا هذا زائد.
طالب:...
نعم.
طالب:...
نعم، لكن وأعاده في التفسير تامًّا ومثله في التفسير؟
طالب:...
نعم، تكرار. وإذا وجد مثل هذا التكرار، إذا وجد التكرار أن تنسخ كتابًا ثم كررت كلمة، كررتها في موضع واحد، إحداهما زائدة، فأيهما أولى بالزيادة؟ ماذا تمسح؟ الأولى أم الثانية؟ لأن الأولى هي الأصل، والثانية زائدة، لكن إذا كانت كما يقولون في كتب في كتابة الحديث وضبطه إذا كانت الثانية أجمل أو أصح من حيث قواعد الخط وغير ذلك، فهذا مُرجِّح، وإذا كانت الأولى في آخر السطر، والثانية في أول السطر فالثانية هي الأصل، الثانية هي التي تبقى، والتي في آخر السطر هي التي تُمسَح؛ مراعاة لأوائل الأسطر، يقولون هذا.
"وكذا".
طالب:...
ألم يعد هنا نفس حديث عائشة؟
طالب:...
كم رقم الأول؟
طالب:...
أيهم أعاده في التفسير تامًّا الذي في الموضع الأول في الصلاة أم ...؟
طالب:...
ماذا؟
طالب:...
إذًا كلها موجودة، كلها صحيحة.
طالب:...
ماذا؟
طالب:...
بلى تستقيم، إذا كان الضمير يعود إلى حديث غير الحديث الأول يستقيم؛ لأنه أعاد الحديثين في موضع واحد، ما المانع؟
طالب:...
ماذا؟
طالب:...
في الموضعين، وأعاده في التفسير تامًّا.
طالب:...
كيف؟
طالب:...
أعاده في التفسير تامًّا، مكررة مرتين، فأعاده، الضمير يعود إلى حديث واحد في الموضعين أم حديثين؟
طالب:...
أي طبعة معك؟
طالب:...
ليس هو بالمقصود، ومثله في التفسير من حديث عائشة ليس هو المقصود، أنا أريد الضمير الذي يعود إليه في قوله: وأعاده في الموضعين، هل هو حديث واحد أم حديثان؟
طالب: حديثان يا شيخ.
يعني الحكم الرجوع إلى الأصول.
"وكذا سبق في "باب خروج النساء إلى البراز" لكن من روايته عن أبي أسامة لا عن عبد الله بن نمير، وأعاده في التفسير تامًّا، ومثله في التفسير حديث عائشة: "كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن"، وفي صفة إبليس حديث: "لما كان يوم أحد انهزم المشركون" الحديث. وجزم الكلاباذي بأن".
بأنه.
"بأنه اللؤلؤي البلخي، وقال ابن عدي: هو زكريا بن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، وإلى هذا مال الدارقطني؛ لأنه كوفي، وكذا الشيخان المذكوران عبد الله بن نمير وأبو أسامة، وقد روى البخاري في العيدين عن زكريا بن يحيى عن المحاربي، لكن قال: حدثنا زكريا بن يحيى أبو السكين، فيحتمل أن يكون هو المهمل في المواضع الأخرىح لأنه كوفي، وشيخه كوفي أيضًا".
وتبقى هذه كلها احتمالات، كلها احتمالات. فما لم يرد منسوبًا في طريق صحيح تبقى احتمالات، وما دامت هذه الاحتمالات تدور بين ثقات فالخلاف لا أثر له.
"وقد ذكر المزي في التهذيب أنه روى عن ابن نمير وأبي أسامة أيضًا، وجزم صاحب الزهرة بأن البخاري روى عن أبي السُّكين أربعة أحاديث، وهو مصير منه إلى أنه المراد كما جوَّزناه، وإلى ذلك مال أبو الوليد الباجي في رجال البخاري. والله أعلم".
من صاحب الزهرة؟
من صاحب الزهرة؟
طالب:...
ماذا؟
طالب:...
معروف؟ كتاب الزهرة لبعض المغاربة، ما سُمِّي، وفيه رجال البخاري ومسلم وأبي داود والترمذي، فيه رجال البخاري ومسلم وأبي داود والترمذي، ويقوم بحصر حديث كل راوٍ، عدة ما له من الأحاديث، عدة ما له من الأحاديث، وابن حجر في تعجيل المنفعة يقول: والذي يغلب على الظن أنه في شيوخ الأئمة، لا في جميع الرواة، شيوخ الأئمة الأربعة، وقول ابن حجر الذي يغلب على الظن يدل على أنه ما رآه، وإنما نقل عنه بواسطة. كتاب الزهرة هذا من أندر الكتب الأدبية لأبي بكر ابن داود الظاهري، أبي بكر بن داود الظاهري مطبوع في مجلدين، ونقل عنه ابن القيم في الجواب الكافي.
"قوله: (وليس معهم ماء فصلوا) زاد الحسن بن سفيان في مسنده عن محمد بن عبد الله بن نمير عن أبيه: "فصلوا بغير وضوء" أخرجه الإسماعيلي وأبو نعيم من طريقه، وكذا أخرجه الجوزقي من وجه آخر عن ابن نمير، وكذا للمصنف في فضل عائشة من طريق أبي أسامة، وفي التفسير من طريق عَبدة بن سليمان، كلاهما عن هشام، وكذا لمسلم من طريق أبي أسامة، وأغرب ابن المنذر فادّعى أن عَبدة تفرد بهذه الزيادة. وقد تقدمت مباحث الحديث، وطريق الجمع بين رواية عروة والقاسم في الباب الذي قبله".
طالب:...
من بركتها، من بركتها. لكونها امرأة مباركة، ألا يدعى لها بهذا السبب، وأن بركتها تعدتها إلى غيرها؟
نعم.
طالب:...
فيها في بعض الخلاف في السياقات. لكن هل هذه القصة هي قصة الإفك أم في غزوة المريسيع؟
المقصود أنه سواء هذا أو ذاك المقصود ظاهر واضح، ولا فيه أدنى إشكال.
قال الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: "باب التيمم في الحضر إذا لم يجد الماء وخاف فوت الصلاة. وبه قال عطاء، وقال الحسن في المريض عنده الماء ولا يجد من يناوله: يتيمم، وأقبل ابن عمر من أرضه بالجرف، فحضرت العصر بمربد النعم، فصلى، ثم دخل المدينة والشمس مرتفعة فلم يُعِد.
حدثنا يحيى بن بكير قال: حدثنا الليث عن جعفر بن ربيعة عن الأعرج قال: سمعت عميرًا مولى ابن عباس قال: أقبلت أنا وعبد الله بن يسار مولى ميمونة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى دخلنا على أبي جُهَيم بن الحارث بن الصِّمة الأنصاري، فقال أبو الجُهَيم الأنصاري: أقبلَ النبي -صلى الله عليه وسلم- من نحو بئر جمل، فلقيه رجل فسلم عليه، فلم يرد عليه النبي -صلى الله عليه وسلم-، حتى أقبل على الجدار فمسح بوجهه ويديه، ثم ردَّ عليه السلام".
يقول الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: باب التيمم في الحضر، الحضر ما يقابل السفر، ودار الإقامة، إذا لم يجد الماء، إذا لم يجد الماء، وهل المراد بالحضر والسفر الحقيقة أو الحكم؟ الحقيقة أو الحكم؟ بمعنى أنه لو أقام في بلد، أقل من أربعة أيام أو أربعة أيام فأقل حكمًا لكن يتيمم أم ما يتيمم؟
طالب:...
لأن المنوط به الحكم وجود الماء، والحضر مظنته، والسفر مظنة عدمه، وإن قال بعضهم: إن السفر من مقتضيات التيمم، وإن وُجِد الماء، بعضهم يقول: وأنت مسافر تيمم، ولو معك ماء، هذا يقول به الشوكاني وصِدِّيق وجمع من نظرائهم ممن يسلك مسالكهم، ويقتفي أصولهم، لماذا؟
{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً}، {عَلَىٰ سَفَرٍ} {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} [سورة النساء: 43] على سفر يعني ما هو مقرون بفقد الماء، السفر، السفر يصير، إن كنتم على سفر قسيم لعدم وجود الماء، فيكون مما يقتضي التيمم السفر، ولكن عامة أهل العلم على خلافه، وأن التيمم لا يسوغ ولا يجوز إلا مع فقد الماء.
طالب:...
هذا الغالب، غالبًا، بخلاف الحضر، وإلا فقد يكون في الحضر ولا يجد الماء، قد يكونون في الحضر ولا يجدون ماءً، باب التيمم في الحضر إذا لم يجد الماء بهذا القيد، وخاف فوت الصلاة، خاف فوت الصلاة، خشي خروج الوقت ولم يجد ماءً يتيمم، وإن كان في الحضر، وفي السفر ينظر عن يمينه وشماله ويتحرى، فإذا لم يجد الماء تيمم، وخاف فوت الصلاة، وبه قال عطاء، يعني ولو كان في الحضر فإنه يتيمم؛ لأن العبرة بوجود الماء، وليست العبرة بالدار، سواء كانت إقامة أو سفر.
وقال الحسن في المريض عنده الماء، ولا يجد من يناوله: يتيمم، وهذه تحصل بكثرة للمرضى، تجد المرافق يخرج لغرضٍ ما، ويحين وقت الصلاة والمريض ما عنده من يناوله، أو ما عنده من يوضِّئه، وبحاجة إلى من يوضِّئه، فإنه حينئذٍ يتيمم، قال الحسن في المريض عنده الماء أنه وإن كان واجدًا له حقيقة فهو عادم له حكمًا، ولا يجد من يناوله: يتيمم.
د يقول: "وأقبل ابن عمر من أرضه بالجُرُف" أرضه يعني مزرعة، فحضرت العصر يعني صلاة العصر، بمربد النعم، يعني مكانها، والمربد يقول: بكسر الميم وسكون الراء بعدها موحدة مفتوحة، حكى ابن التين أنه أراد روي بفتح أوله وهو من المدينة على ميل، وهو من المدينة على ميل، يقول: "وأقبل ابن عمر من أرضه بالجُرُف فحضرت العصر بمربد النعم، فصلى ثم دخل المدينة والشمس مرتفعة، فلم يُعِد".
طالب:...
ماذا؟
طالب:...
تجيء الإجابات عن هذا، بعضهم يقول: إنه تيمم لتجديد الوضوء، لتجديد الوضوء الذي كان يعمله في كل وقت يجدد الوضوء، ولو كان على طهارة، فلما لم يجد الماء تيمم، في هذه الحالة لا يلزمه إعادة، هذا قدر زائد على الشرط.
طالب:...
كذلك كذلك مثله، لكن التراب أمره أوسع؛ لأنه ضرب على المخدة أو على الفراش أو شيء وفيه شيء.
طالب:...
نعميجزي يجزئ.
قال -رحمه الله- : "حدثنا يحيى بن بكير قال: حدثنا الليث عن جعفر بن ربيعة عن الأعرج قال: سمعت عميرًا مولى ابن عباس قال: أقبلت أنا وعبد الله بن يسار مولى ميمونة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى دخلنا على أبي جُهَيم بن الحارث بن الصِّمة الأنصاري". أقبلت أنا وعبد الله، هذه ضمير الفصل لازم؛ لأنه عُطِف على ضمير رفع متصل، فيجب الفصل، وعبد الله بن يسار مولى ميمونة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى دخلنا على أبي جُهيم بن الحارث بن الصمة، في صحيح مسلم: أبي جهم، والصواب أبو جُهيم، وهو صاحب الإنبجانية، قصتها مشهورة في الصحيحين، وحديث أبي جهيم هذا أقبل النبي -صلى الله عليه وسلم- من نحو بئر جمل مخرَّج في الصحيحين، وهو في البخاري موصول كما ترون، سنده متصل، وفي صحيح مسلم مُعلّق.
والمعلقات عند الشيخين كثيرة عند البخاري، وقليلة عند مسلم، البخاري فيه ألف وأربعمائة أو ثلاثمائة وأربعون، بهذه الحدود، كلها موصولة إلا مائة وستين أو تسعة وخمسين، وأما في مسلم فهي قليلة جدًّا أربعة عشر حديثًا، كلها موصولة في مسلم نفسه، كلها موصولة إلا هذا الحديث لم يوصل في صحيح مسلم، ووصل في البخاري، فمعلقات مسلم لا تحتاج إلى بحث؛ لأنها كلها موصولة في الصحيح نفسه إلا هذا الحديث، وهو موصول في البخاري.
أبو جهيم بن الحارث بن الصمة، ومنهم من يقول: أبو جهيم هو الحارث بن الصمة، فتكون ابن هذه زائدة، أبو جهيم الحارث بن الصمة، ومنهم من يقول: أبوه الحارث بن الصمة وعلى كل حال الأمر سهل.
"فقال أبو الجُهَيم الأنصاري: أقبلَ النبي -صلى الله عليه وسلم- من نحو بئر جمل، أقبلَ النبي -صلى الله عليه وسلم- من نحو بئر جمل، فلقيه رجل فسلم عليه فسلم عليه، فلم يرد عليه النبي -صلى الله عليه وسلم-"؛ لأنه ليس على طهارة، كان محدثًا -عليه الصلاة والسلام-، فلم يرد عليه حتى تيمم، لما تيمم ردّ عليه، وهذا لا شك أنه كمال؛ لأن السلام اسم من أسماء الله، فكونه يتيمم لرد السلام؛ لأنه اسم الله -جل وعلا- وهو السلام على الحقيقة، سالمٌ من كل عيب، من كل ما عيب ومن نقصان، من أسماء الله، وهو مذكور في سورة الحشر آخر سورة الحشر، من أسماء الله، فلم يرد عليه النبي -عليه الصلاة والسلام-، "حتى أقبل على الجدار فمسح بوجهه ويديه، مسح بوجهه ويديه"، وفي الروايات ما يدل على أنه أثار الجدار من أجل أن ...
طالب: ...
من أجل أن يخرج منه تراب، نعم، فمسح بوجهه ويديه ثم رد عليه السلام، فالأمور المستحبة مستحب لها التيمم، يستحب لها التيمم كما يستحب لها الوضوء.
طالب:...
نعم؟
طالب:...
الأمر فيها أخف مع وجود الماء مع وجود الماء، ومن أهل العلم من يرى أنه له أن يتيمم لصلاة الجنازة إذا خشي أن تُرفَع؛ لأن الأمر في صلاة الجنازة أخف من أمر الفرائض، فهو من هذا الباب.
طالب:...
قد لا تكون الأرض مناسبة، أو فيها علل أو شيء، على كل حال هذا الذي حصل.
قال الحافظ -رحمه الله-: "قوله: باب التيمم في الحضر إذا لم يجد الماء وخاف فوت الصلاة، جعله مقيدًا بشرطين، خوف خروج الوقت، وفقد الماء، ويلتحق بفقده عدم القدرة عليه، قوله: وبه قال عطاء أي بهذا المذهب".
جعله مقيدًا بشرطين خوفِ بدل وإلا لو قال: أحدهما نعم.
"خوفِ خروج الوقت وفقدِ الماء، ويلتحق بفقده عدم القدرة عليه".
يكون فاقدًا له حكمًا، وإن كان في حقيقته واجدًا للماء.
"قوله: وبه قال عطاء أي بهذا المذهب، وقد وصله عبد الرزاق من وجه صحيح، وابن أبي شيبة من وجه آخر، وليس في المنقول عنه تعرضٌ لوجوب الإعادة.
قوله: (وقال الحسن) وصله إسماعيل القاضي في الأحكام من وجه صحيح، وروى ابن أبي شيبة من وجه آخر عن الحسن وابن سيرين قالا: لا يتيمم ما رجا أن يقدر على الماء في الوقت. ومفهومه يوافق ما قبله.
قوله: (وأقبل ابن عمر) قال الشافعي: أخبرنا ابن عيينة عن ابن عجلان عن نافع عن ابن عمر أنه أقبل من الجرف، حتى إذا كان بالمربد تيمم فمسح وجهه ويديه وصلى العصر. وذكر بقية الخبر كما علَّقه المصنف، ولم يظهر لي سبب حذفه منه ذكرَ التيمم مع أنه مقصود الباب. وقد أخرجه مالك في الموطأ عن نافع مختصرًا، لكن ذكر فيه أنه تيمم فمسح وجهه ويديه إلى المرفقين. وأخرجه الدارقطني والحاكم من وجه آخر عن نافع مرفوعًا، لكن إسناده ضعيف".
البخاري قد يورد بعض ألفاظ الحديث التي ليست فيها دلالة على ما ترجم له؛ ليحيل القارئ إلى الروايات الأخرى، ليحيل القارئ إلى الروايات الأخرى، هذه عادة عنده، أنه قد يأتي بلفظ ليست دلالته صريحة أو لا دليل فيه على المراد، لكن الدليل في روايات أخرى، ما أوردها البخاري، كما هنا وفي مواضع كثيرة.
"والجُرُف بضم الجيم والراء، بعدها فاء موضعٌ ظاهر المدينة كانوا يعسكرون به إذا أرادوا الغزو. وقال ابن إسحاق: هو على فرسخ من المدينة، والمِرْبد بكسر الميم وسكون الراء بعدها موحدة مفتوحة، وحكى ابن التين أنه روي بفتح أوله".
يعني صار المربد في طريقه إلى المدينة من الجُرُف.
"وهو من المدينة على ميل. وهذا يدل على أن ابن عمر كان يرى جواز التيمم للحاضر; لأن مثل هذا لا يسمى سفرًا، وبهذا يناسب الترجمة. وظاهره أن ابن عمر لم يراعِ خروج الوقت؛ لأنه دخل المدينة والشمس مرتفعة، لكن يحتمل أن يكون ظن أنه لا يصل إلا بعد خروج الوقت، ويحتمل أيضًا أن ابن عمر تيمم لا عن حدث، بل لأنه كان يتوضأ لكل صلاة استحبابًا، فلعله كان على وضوء، فأراد الصلاة ولم يجد الماء كعادته، فاقتصر على التيمم".
يعني فرق بين كون المسافة كلها فرسخ، كما هنا من الجرف إلى المدينة، وبين أن تكون مسافة قصر وزيادة ولم يبق على المدينة إلا هذا المقدار، ما الفرق؟
طالب:...
ماذا؟
طالب:...
نعم لو أن ابن عمر جاء من الشام ووصل الجرف وتيمم..
طالب:...
ماذا؟
مسافر، ما زال مسافرًا.
"ويحتمل أيضًا أن ابن عمر تيمم لا عن حدث، بل لأنه كان يتوضأ لكل صلاة استحبابًا، فلعله كان على وضوء، فأراد الصلاة ولم يجد الماء كعادته، فاقتصر على التيمم بدل الوضوء، وعلى هذا فليس مطابقًا للترجمة إلا بجامع ما بينهما من التيمم في الحضر، وأما كونه لم يُعِد فلا حجة فيه لمن أسقط الإعادة عن المتيمم في الحضر؛ لأنه على هذا الاحتمال لا تجب عليه الإعادة بالاتفاق".
إذا كان تيممه للتجديد فلا يكون فيه دليل.
طالب:...
نعم.
طالب:...
هو دليل على أصل المسألة، وهي التيمم في الحضر.
طالب:...
عندهم، عند ابن حجر والشافعية كما تقدم أنه يعيد.
"وقد اختلف السلف في أصل المسألة، فذهب مالك إلى عدم وجوب الإعادة على من تيمم في الحضر، ووجهه ابن بطال بأن التيمم إنما ورد في المسافر والمريض لإدراك وقت الصلاة فيلتحق بهما الحاضر إذا لم يقدر على الماء قياسًا. وقال الشافعي: تجب عليه الإعادة لندور ذلك. وعن أبي يوسف وزفر: لا يصلي إلى أن يجد الماء ولو خرج الوقت".
توجد مضايق يُحتاج فيها إلى مثل هذه المسائل، مثل الأسفار الطويلة في الطائرات، لا بد من الصلاة في الوقت المتاح سواء كان وقتًا أصليًّا أو وقت مجموعة، وأيضًا الزحام في المواسم إن نزل فاتته الرفقة، وإن جلس في الباص مثلاً لم يتمكن من الصلاة، وقد لا يتمكن من الوضوء، فتعالج مثل هذه القضايا، يحلّ إشكالها، بعضهم يقول: لا تصلي حتى تكمل صلاتك، طيب صلاة الفجر، تطلع الشمس، قال: تطلع الشمس، وهذا كله مبني على المفاضلة بين الوقت وبقية الشروط؛ الطهارة والسترة وما أشبه ذلك.
طالب:...
مالك يقدِّم الوقوت نعم.
طالب:...
لا، {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا} [سورة النساء: 103].
طالب:...
في حال الضرورات ولا يكون عادة ينزل حديث ابن عباس في صحيح مسلم أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى سبعًا وصلى ثمانيًا بالمدينة من غير خوفٍ ولا مطر.
"قوله: (عن جعفر بن ربيعة) في رواية الإسماعيلي: "حدثني جعفر"، ونصف هذا الإسناد مصريون، ونصفه الأعلى مدنيون.
قوله: (سمعت عميرًا مولى ابن عباس) هو ابن عبد الله الهلالي مولى أم الفضل بنت الحارث والدة ابن عباس، وقد روى ابن إسحاق هذا الحديث فقال: "مولى عبيدُ الله بن عباس".
عبيدِ الله.
"مولى عبيدِ الله بن عباس".
هو مولى أمه، يكون مولاهم.
"وإذا كان مولى أم الفضل فهو مولى أولادها. وروى موسى بن عقبة وابن لهيعة وأبو الحويرث هذا الحديث عن الأعرج عن أبي الجهيم، ولم يذكروا بينهما عميرًا، والصواب إثباتهٍ، وليس له في الصحيح غيرُ هذا الحديث وحديث آخر عن أم الفضل، ورواية الأعرج عنه من رواية الأقران.
قوله: (أقبلت أنا وعبد الله بن يسار) هو أخو عطاء بن يسار التابعي المشهور، ووقع عند مسلم في هذا الحديث: "عبد الرحمن بن يسار" وهو وَهْمٌ، وليس له في هذا الحديث رواية؛ ولهذا لم يذكره المصنفون في رجال الصحيحين.
قوله: (على أبي جهيم) قيل: اسمه عبد الله، وحكى ابن أبي حاتم عن أبيه قال: يقال هو الحارث بن الصِّمة، فعلى هذا لفظة "ابن" زائدة بين أبي جهيم والحارث، لكن صحَّح أبو حاتم أن الحارث اسمُ أبيه لا اسمه، وفرَّق ابن أبي حاتم بينه وبين عبد الله بن جهيم يُكنَّى أيضًا أبا جهيم، وقال ابن منده: عبد الله بن جُهيم بن الحارث بن الصِّمة، فجعل الحارث اسم جده، ولم يوافق عليه، وكأنه أراد أن يجمع الأقوال المختلفة فيه. والصِّمّة بكسر المهملة وتشديد الميم هو عمرو بن عَتيك الخزرجي".
هو ابن.
"هو ابن عمرو بن عَتيك الخزرجي، ووقع في مسلم: (دخلنا على أبي الجهم) بإسكان الهاء والصواب أنه بالتصغير، وفي الصحابة شخص آخر يقال له: أبو الجهم وهو صاحب الإنبجانية، وهو غير هذا; لأنه قرشي وهذا أنصاري، ويقال بحذف الألف واللام في كل منهما وبإثباتهما".
وهو صاحب الإنبجانية أبو الجهم أم أبو جهيم؟
طالب:...
متأكد؟ لأن الضمير هنا يحتمل.
طالب:...
ماذا؟
طالب:...
يأتي؟ هذا عندنا. «اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم» إذًا هو غيره.
طالب:...
نعم. هو غيره. نعم كمِّل. كمِّل.
"وفي الصحابة شخص آخر يقال له: أبو الجهم وهو صاحب الإنبجانية، وهو غير هذا؛ لأنه قرشي، وهذا أنصاري، ويقال بحذف الألف واللام في كلٍ منهما وبإثباتهما.
قوله: (من نحو بئر جمل) أي من جهة الموضع الذي يعرف بذاك، وهو معروف بالمدينة، وهو بفتح الجيم والميم، وفي النسائي: بئر الجمل وهو من العقيق.
قوله: (فلقيه رجل) هو أبو الجهيم الراوي، بيّنه الشافعي في روايته لهذا الحديث من طريق أبي الحويرث عن الأعرج. قوله: (حتى أقبل على الجدار)، وللدارقطني من طريق ابن إسحاق عن الأعرج: (حتى وضع يده على الجدار) وزاد الشافعي: (فحتَّه بعصا)، وهو محمول على أن الجدار كان مباحًا، أو مملوكًا لإنسان يعرف رضاه.
قوله: (فمسح بوجهه ويديه) وللدارقطني من طريق أبي صالح عن الليث: (فمسح بوجهه وذراعيه) وكذا للشافعي من رواية أبي الحويرث، وله شاهدٌ من حديث ابن عمر أخرجه أبو داود، لكن خطَّأ الحفاظ روايته في رفعه وصوَّبوا وقفه، وقد تقدَّم أن مالكًا أخرجه موقوفًا بمعناه وهو الصحيح، والثابت في حديث أبي جهيم أيضًا بلفظ: (يديه) لا ذراعيه، فإنها رواية شاذة، مع ما في أبي الحويرث وأبي صالح من الضعف، وسيأتي ذكر الخلاف في إيجاب مسح الذراعين بعدُ بباب واحد، قال النوويٍ: هذا الحديث محمولٌ على أنه -صلى الله عليه وسلم- كان عادمًا للماء حال التيمم.
قلتُ: وهو مقتضى صنيع البخاري، لكن تُعُقِّبَ استدلاله به على جواز التيمم في الحضر بأنه ورد على سبب، وهو إرادة ذكر الله تعالى؛ لأن لفظ السلام من أسمائه، وما أريد به استباحة الصلاة".
نعم.
طالب:...
طالب:...
قلتُ، ابن حجر. نعم.
"قلتُ: وهو مقتضى صنيع البخاري، لكن تُعُقِّبَ استدلاله به على جواز التيمم في الحضر بأنه ورد على سبب، وهو إرادة ذكر الله تعالى؛ لأن لفظ السلام من أسمائه، وما أريد به استباحة الصلاة، وأُجيب بأنه لما تيمم في الحضر لرد السلام مع جوازه بدون الطهارة، فمن خشي فوت الصلاة في الحضر جاز له التيمم بطريق الأولى، جاز له التيمم بطريق الأولى؛ لعدم جواز الصلاة بغير طهارة مع القدرة.
وقيل يحتمل أنه لم يُرِدْ -صلى الله عليه وسلم- بذلك التيمم رفع الحدث، ولا استباحة محظور، وإنما أراد التشبه بالمتطهرين، كما يشرع الإمساك في رمضان لمن يباح له الفطر، أو أراد تخفيف الحدث بالتيمم، كما يشرع تخفيف حدث الجُنُب بالوضوء كما تقدم، واستدل به ابن بطال على عدم اشتراط التراب، قال: لأنه معلوم أنه لم يعلق بيده من الجدار تراب، ونوقض بأنه غير معلوم بل هو محتمل، وقد سبق من رواية الشافعي ما يدل على أنه لم يكن على الجدار تراب، ولهذا احتاج إلى حتِّهِ بالعصا".
والخلاف تقدَّم فيما يُتيمَّم به، هل هو التراب فقط؟ أو كل ما تصاعد على وجه الأرض؟ «الصعيد الطيب طهور المسلم»، «جعلت لي الأرض» بجميع ما تصاعد عليها، مسجدًا وطهورًا، والرواية الأخرى وهي في مسلم: «جعلت تربتها» وهذا تقدم الكلام فيه.
والله أعلم.