شرح منسك شيخ الإسلام ابن تيمية (06)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
قال شيخ الإسلام بن تيمية -رحمه الله تعالى-: والاستلام هو مسحه باليد، وأما سائر جوانب البيت، ومقام إبراهيم، وسائر ما في الأرض من المساجد وحيطانها، ومقابر الأنبياء والصالحين، كحجرة نبينا -صلى الله عليه وسلم-، ومغارة إبراهيم، ومقام نبينا -صلى الله عليه وسلم- الذي كان يصلي فيه، وغير ذلك من مقابر الأنبياء والصالحين، وصخرة بيت المقدس فلا تستلم، ولا تقبل باتفاق الأئمة، وأما الطواف بذلك فهو من أعظم البدع المحرمة، ومن اتخذه ديناً يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، ولو وضع يده على الشاذروان الذي يربط فيه أستار الكعبة لم يضره ذلك في أصح قولي العلماء، وليس الشاذروان من البيت، بل جعل عماداً للبيت".
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
لما ذكر المؤلف -رحمه الله تعالى- ما يتعلق بالحجر الأسود، وأنه يقبل ويستلم، والركن اليماني يستلم ولا يقبل، والركنان الشاميان لا يستلمان ولا يقبلان، إذا لم يستطع تقبل الحجر الأسود ولا استلامه فإنه يشير إليه بيده، أو بما في يده من محجن ونحوه.
إذا لم يستطع الاستلام –والاستلام هو المسح- إذا لم يستطع استلام الركن اليماني فإنه لا يشير إليه، ولا يكبر تجاهه، وإنما يمر به مروراً، وما عدا ذلك من سائر جوانب البيت، ومقام إبراهيم، وسائر ما في الأرض من المساجد وحيطانها، ومقابر الأنبياء والصالحين كحجرة النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى آخر ما قال، هذا كله لا يستلم ولا يقبل باتفاق الأئمة، وإن وجد من السواد الأعظم من المسلمين من يمسح ويتبرك ويعقد العقد، وما أشبه ذلك، والمقام كثير من الناس يتمسح به، يرجو بركته، وهو يتسمح بحديد جيء به من مصنع، ولما قلت لامرأة: هذا لا ينفعك ولا يضرك، هذا حديد جيء به من المصنع، أدخل الكير، وأحمي عليه، وجيء به، إلى آخر ما يصنع بأمثاله من قطع الحديد، قالت: لا، هذا عندكم ما ينفع؛ لكن عندنا ينفع، نسأل الله السلامة والعافية.
يقول: "وأما سائر جوانب البيت، ومقام إبراهيم، وسائر ما في الأرض من المساجد وحيطانها، ومقابر الأنبياء والصالحين، كحجرة نبينا -صلى الله عليه وسلم-، ومغارة إبراهيم، ومقام نبينا -صلى الله عليه وسلم- الذي كان يصلي فيه، وغير ذلك من مقابر الأنبياء والصالحين، وصخرة بيت المقدس فلا تستلم ولا تقبل باتفاق الأئمة" وكل هذه من البدع، وهي بدع متفاوتة، تبدأ من السجود لهذه الأشياء الذي هو شرك أكبر مخرج من الملة، إلى أن يصل الأمر إلى مجرد المسح للتبرك، وعلى كل حال كل هذه بدع محرمة، "وأما الطواف بذلك فهو من أعظم البدع المحرمة، ومن اتخذه ديناً يستتاب" يعني يكفر، فعلى هذا يستتاب يخرج من الملة، إن تاب وإلا قتل، يقتل مرتدا نسأل الله العافية، إذا اعتقد أن الطواف بغير البيت دين، وقد وجد من يسجد تجاه هذه الأمور، ووجد من يطوف، ومكتبة مكة الذي يقال لها المولد وجد من يسجد إليها مولياً دبره الكعبة، ووجد من يسجد للحجرة النبوية مولياً دبره الكعبة، هذا شرك أكبر، نسأل الله السلامة والعافية، والتمسح لا شك أنه بدعة منكرة يجب إنكارها؛ لكنه لا يصل إلى حد الشرك الأكبر.
طالب:.......
لا، هذا ليس قصدهم الطواف، بل ليستوعبوا المكان؛لأن الذي لا يدور عليه ما نقول: يطوف، الذي لا يدور عليه ما يوازي الصخرات التي في الأسفل، يعني ليستوعب المكان المسنون بعد الواجب.
"ولو وضع يده على الشاذروان الذي يربط فيه أستار الكعبة لم يضره" من أهل العلم من يرى أن الشاذروان من الكعبة فلا يجوز الطواف عليه؛ لكن الشيخ -رحمه الله- قرر أنه ليس من الكعبة، وإنما وضع عماداً لها، يعني سنداً لها.
قوله: "ولو وضع يده على الشاذروان الذي يربط به أستار الكعبة لم يضره ذلك في أصح قولي العلماء" هل وضع اليد هنا قصده به التبرك به ليمسحه؟ أو لحاجته إلى ذلك يستند إليه، وخروج بعض البدن حتى على قول من يقول: أنه من الكعبة، يعني إذا قلنا: إنه من الكعبة فإذا استند إليه صار بعض بدنه داخلا، هل مراد شيخ الإسلام -رحمه الله- أنه لو وضع يده للتبرك؟ لا، ليس مراده هذا، وإنما مراده أنه لو وضع يده عليه ما نقول أن جزءاً من بدنه داخل البيت؛ لأن الشاذروان ليس من البيت، وإنما هو عماد؛ ولذا لا يضره، وأما من يقول: إن الشاذروان من البيت يحذر هذا ويبتعد عنه؛ لئلا يكون في هوائه شيء من بدنه فيكون لم يطف بالبيت وإنما طاف فيه.
طالب:.......
التواريخ المتوارثة.
طالب: لو صعد عليه؟
لو صعد عليه وهو مقرر أنه ليس من البيت فليس فيه إشكال؛ لكن الشيخ جاء باليد ليبين أن هذه أدنى شيء، والأولى أن يبتعد ما دام فيه خلاف.
"ويستحب له في الطواف الأول أن يرمل من الحجر إلى الحجر في الأطواف الثلاثة، والرمل مثل الهرولة، وهو مسارعة المشي مع تقارب الخطى، فإن لم يمكن الرمل للزحمة كان خروجه إلى حاشية المطاف، والرمل أفضل من قربه على البيت بدون الرمل، وأما إذا أمكن القرب من البيت مع إكمال السنة فهو أولى".
يقول -رحمه الله- تعالى: "ويستحب له في الطواف الأول" أول ما يقدم، وأول ما يطوف، سواءً في طواف القدوم، طواف العمرة، طواف الحج إذا لم يطف للقدوم، أول طواف يؤديه يستحب له أن يرمل فيه من الحجر إلى الحجر، والسبب الذي من أجله شرع الرمل، في عمرة القضية لما جاء النبي -عليه الصلاة والسلام- وأصحابه ليؤدوا عمرة القضاء، جلس المشركون -كفار مكة- من جهة الحجر، وقالوا: يقدم محمد وأصحابه وقد وهنتهم حمى يثرب، فأراد النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يغيظهم، فأمر بالرمل، والرمل في أول مشروعيته من الحجر الأسود إلى الركن اليماني، ويمشون بين الركنين رفقاً بهم، ثم بعد ذلك في حجة الوداع رمل من الحجر إلى الحجر، وبقيت المشروعية، وإن زالت العلة.
"في الأطواف الثلاثة" ولم يمنعه -عليه الصلاة والسلام- أن يرمل بهم في الأشواط كلها إلا الإبقاء عليهم، والرفق بهم، وإن كان من الصحابة كابن عباس من يرى أنه شرع لعلة، فارتفعت فيرتفع معها؛ لكنه عند عامة أهل العلم حكمه باق، وإن ارتفعت علته.
"والرمل مثل الهرولة" يعني إسراع المشي مع تقارب الخطى، وبعض الناس يهز المنكبين وهو يزحف، مشياً وئيداً، ولا يستطيع أن يرمل، مع ذلك يهز المنكبين، هذا ليس بمشروع، قد يقول قائل: أن هذا هو المستطاع والمقدور عليه وإذا عجز عن بعض العبادة، وأمكن بعضها نقول: هذا لا يراد لذاته، وإنما هز المنكبين يحتاجه من يرمل، والمشروع الرمل.
"فإن لم يمكن الرمل للزحمة كان خروجه إلى حاشية المطاف" يعني يبعد عن الكعبة، ليتمكن من الرمل في حاشية المطاف، والرمل أفضل من قربه إلى البيت بدون رمل؛ لأن الفضل- كما يقرر أهل العلم- الفضل المرتب على العبادة نفسها أولى بالمحافظة من الفضل على المرتب على مكانها أو زمانها، يعني ما لم يكن المكان أو الزمان شرطاً، أما إذا كان المكان أو الزمان شرطا فإنه لا بد من ملاحظته، فلو قال قائل: أنا لو جلست في طرف الصف ما ارتحت ولا خشعت، المكيف يضرب على رأسي، أنتقل إلى الصف الثاني لأرتاح وأخشع في صلاتي، نقول: نعم لك ذلك؛ لأن الفضل المرتب على العبادة نفسها يحافظ عليه أولى مما يحافظ على الفضل المرتب على مكانها أو زمانها.
"وأما إذا أمكن القرب من البيت مع إكمال السنة فهو أولى" لأن الطواف بالبيت مشروع، وإذا كان الطواف به مشروعا فالقرب منه مشروع.
طالب: في الدرج الذي في آخر المطاف؟
نعم، لا بأس، هو داخل البيت.
طالب:.......
ليس هناك مانع، ما لم يخرج عن البيت، والمسعى خارج البيت، يعني ما يطوف بالمسعى؟
طالب:.......
نعم ليس فيه إشكال.
طالب: في أثناء الزحام يبعد الإنسان عن الكعبة في المطاف حتى تصير الكعبة خلف ظهره؟
يدفعونه خطأ في اتجاهه؟ هذا لا بد أن يرجع.
طالب:.......
لا، لو أنهم دفعوه إلى ما يخرج منه عن الكعبة، ولم يتعد،َ وهو محاذي مكانه الأول ليس فيه إشكال، يعني لو قدر أن هذه هي الكعبة، وهو في هذا المكان، ودفع إلى ظهره إلى هذا، ما زال محاذيا مكانه الأول؛ لكن لو دفع هنا، لا، لا بد أن يرجع ليكون البيت عن يساره، والشيء اليسير الخطوة ونحوها يعفى عنها.
طالب:......أحياناً يصير البيت خلف كتفك الأيسر.
يعني مائل يسيراً، أو خلف ظهرك؟
طالب:.......
على كل حال إذا مشى خطوات عليه أن يرجع؛ لأن من شرط الطواف أن يكون البيت على جانبه الأيسر.
"ويجوز أن يطوف من وراء قبة زمزم، وما روائها من السقائف المتصلة بحيطان المسجد، ولو صلى المصلي في المسجد والناس يطوفون أمامه لم يكره، سواءً مر أمامه رجل أو امرأة، وهذا من خصائص مكة".
يقول -رحمه الله-: "ويجوز أن يطوف من وراء قبة زمزم" يعني في الأروقة، يعني.. مصابيح، سواءً كان في الدور الأول أو الثاني يجوز؛ لأنه يطوف داخل البيت، داخل المسجد، أما إذا اضطر إلى أن يدخل في المسعى فعليه أن يرجع؛ لأن المسعى ليس من البيت، وفي الدور الثاني هناك مضيق لكنه وسع أخيراً، مضيق اضطر الناس إلى أن يخرجوا من المسجد إلى المسعى، وعليهم أن يرجعوا في هذه الحالة، والآن وسع هذا -والحمد لله- وزال الحرج.
"المتصلة بحيطان المسجد، ولو صلى المصلي في المسجد والناس يطوفون أمامه لم يكره، سواءً مر أمامه رجل، أو امرأة، وهذا من خصائص مكة" لأن المشقة تجلب التيسير، والنبي -عليه الصلاة والسلام- صلى إلى غير جدار، قال ابن عباس: يعني إلى غير سترة، والناس يمرون بين يديه، لا شك أن المشقة تجلب التيسير، وهذا مظنة للمشقة لا سيما في المواسم، أما في غير المواسم مع إمكان الاستتار فالحرم وغيره سواء،.
طالب: وفي حالة الذي يطوف ويجعل الكعبة خلفه من الزحام إلا يقال: المشقة تجلب التيسير؟
لا، لا هذا شرط، والسترة ليست شرطا.
طالب: قوله: أو امرأة؟
رجل و امرأة لأنهم يطوفون بما فيهم الرجال والنساء بين يديه -عليه الصلاة والسلام-.
طالب:.......
يطوفون بين يديه -عليه الصلاة والسلام-، ولم يتخذ سترة.
طالب: أحسن الله إليكم لو نؤخر الأسئلة...
أين؟ نريد أن نكمل -إن شاء الله-، نعم.
"وكذلك يستحب أن يضطبع في هذا الطواف، والاضطباع هو أن يبدي ضبعه الأيمن، فيضع وسط الرداء تحت إبطه الأيمن، وطرفيه على عاتقه الأيسر، وإن ترك الرمل والاضطباع فلا شيء عليه".
من سنن الطواف الاضطباع والرمل، ويستحب أن يضطبع فيجعل طرفي الرداء على عاتقه الأيسر، ويبدي عاتقه الأيمن، فيقول: "وهو أن يبدي ضبعه الأيمن، فيضع وسط الرداء تحت إبطه الأيمن، وطرفيه على عاتقه الأيسر" وهذا مشروع في الطواف كله لا في الأشواط الثلاثة فقط، وإنما في جميع الأشواط، ثم بعد ذلك إذا فرغ منه، وأراد الصلاة عليه أن يستر المنكبين ((لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه)) في رواية: ((على عاتقيه منه شيء)) "وإن ترك الرمل والاضطباع فلا شيء عليه" لأنهما من سنن الطواف.
"ويستحب له في الطواف أن يذكر الله تعالى، ويدعوه بما يشرع، وإن قرأ القرآن سراً فلا بأس، وليس فيه ذكر محدود عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، لا بأمره، ولا بقوله، ولا بتعليمه، بل يدعو فيه بسائر الأدعية الشرعية، وما يذكره كثير من الناس من دعاء معين تحت الميزاب ونحو ذلك، فلا أصل له، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يختم طوافه بين الركنين بقوله تعالى: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [(201) سورة البقرة] كما كان يختم سائر دعائه بذلك، وليس في ذلك ذكر واجب باتفاق الأئمة".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "ويستحب له في الطواف أن يذكر الله تعالى ويدعوه" وهذا من مواطن الذكر والدعاء، وذكرنا سابقاً أنه لو طاف بالبيت سبعاً ولم يتكلم بكلمة واحدة فإن طوافه صحيح، والذكر والدعاء إنما هو سنة بالمشروع، حيث لا يتعدى في دعائه، وإن دعا دعاءً مطلقاً له ذلك، وإن اقتصر من الأدعية على ما ورد في الكتاب والسنة فهو أفضل.
"وإن قرأ القرآن سراً فلا بأس" لأنه أفضل الأذكار، يقرأ القرآن سراً بحيث لا يشوش على الناس، ولا يؤثم الناس بحيث يلزمهم استماعه، إنما يقرأ ذلك سراً، ومع ذلك لو قرأ القرآن سراً ثم مر بآية سجدة إن تيسر له أن يسجد بحيث لا يؤذي أحدا ولا يتأذى سجد، فإذا كان يؤذي أو يتأذى لا يسجد، وإن كان بحيث لا يؤذي أحداً ولا يتأذى هو فإنه يسجد، ثم بعد ذلك يستأنف، كما لو أقيمت صلاة، أو دعي إلى صلاة جنازة أو ما أشبه ذلك فإنه يقطع طوافه ويؤدي الصلاة، لا سيما الفريضة إن كان الطواف مفروضاً واجباً، أو الجنازة إذا كان الطواف مستحباً، أما إذا كان الطواف واجباً فلا يقطعه لصلاة جنازة، ولا غيرها، عليه أن يتابع.
"وليس فيه ذكر محدود عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، لا بأمره، ولا بقوله، ولا بتعليمه، بل يدعو فيه بسائر الأدعية الشرعية، وما يذكره كثير من الناس من دعاء معين تحت الميزاب ونحو ذلك فلا أصل له" يعني ما يذكر من الأدعية، دعاء الشوط الأول مثلاً، دعاء الشوط الثاني، الثالث، الرابع، دعاء مقام إبراهيم، دعاء الملتزم، دعاء كذا، كل هذا لا أصل له بهذا الترتيب، وإن وجد أصلٌ لبعض الأدعية، فبعض الأدعية المذكورة في هذه المناسك لها أصل شرعي، يعني جمعت من أدعية مشروعة، ومن أدعية مطلقة، وشيء ورد عن السلف، وشيء ابتكره مؤلفه، على كل حال تخصيص هذه العبادات بأدعية خاصة لم تخص بها شرعاً هذا لا بد له من دليل، والأذكار لا شك أن توقيتها زماناً ومكاناً توقيفي، فلا يتخذ عادة.
"وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يختم طوافه بين الركنين بقوله: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}" [(201) سورة البقرة] يعني لو وافق أنه يقرأ القرآن مثلاً افتتح سورة البقرة، ومر بين الركنين يقطع قراءته ويقول: ربنا آتنا في الدنيا حسنة، أو يستمر في قراءته؟
طالب:.......
يقطع القراءة ويأتي بآية في غير موضعها، أو نقول: يستمر في قراءته، وترك مندوباً إلى مندوب؟
طالب:.......
أين؟
طالب:.......
لكنه دعاء في غير موضعه من التلاوة، يعني لو أن الإنسان يقرأ القرآن مثلاً، ثم بعد ذلك دعا بدعاء مطلق لا علاقة له بالقراءة، لا شك أنه إن كان في الصلاة فهذا لا يجوز، وإن كان خارج الصلاة فالأمر فيه سعة؛ لكن ينبغي أن يقبل على قراءته، فأقول: لا شك أنها آية في الأصل، فإن قرأها على أنها آية فلا شك أنه أخل بالترتيب، ولا يجوز الإخلال بترتيب الآيات، وإن جاء بها على هيئة دعاء، وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قالها في هذا الموضع، ثم قطع تلاوته واستأنف له وجه، وإن كان المتجه عندي أنه لا يقطع قراءته المتتابعة بشيء.
طالب: قراءة القرآن.
فيها شيء؟
طالب: النبي ما قرأ.
هو أفضل الأذكار، وما حفظ عنه أيضاً ذكر معين، أنت تأتي بشيء ما قاله النبي -عليه الصلاة والسلام- إما ذكر وإلا دعاء وإلا قرآن.
"كما كان يختم سائر دعائه بذلك" وهذا من جوامع الأدعية، {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [(201) سورة البقرة] كون هذا الدعاء بين الركنين، {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [(201) سورة البقرة] اختيار هذا الدعاء بين الركنين، وما عدا الأركان، وما عدا الجهات ذكر ودعاء مخلوط، هل نقول: إن هذه الجهة لها مزية في الدعاء؟ يعني إذا أردا الإنسان أن يدعو ولم يتسر له الملتزم الوارد عن بعض الصحابة يدعو بين الركنين أو يدعو في الجهات الأخرى؟ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- خصص ما بين الركنين بهذا الدعاء؟ هل نقول: جنس الدعاء مطلوب في هذا المكان؟
طالب: الملحظ أن الدعاء في ختام الشوط.
ختام الشوط لا المكان، ولذلك قال: -رحمه الله-: "كما كان يختم سائر دعائه بذلك، وليس في ذلك ذكر واجب باتفاق الأئمة" لو كان الوقت من الركن اليماني إلى الحجر الأسود يستغرق خمس دقائق مثلاً، في أوقات الزحام يستغرق خمس دقائق وهذا الدعاء لا يستغرق إلا ربع دقيقة مثلاً ، فماذا يقول في بقية الوقت؟ هل يكرر هذا الدعاء أو يأتي به ويأتي بغيره؟ أو يأتي بأذكار؟
طالب: يأتي بأذكار حتى يصل......
يعني يختم بها الطواف.
طالب:........
هو أتى بالمشروع؛ لكن بقي وقت، فهل نقول: لا ذكر لهذا المكان- بين الركنين- إلا ربنا آتنا في الدنيا حسنة؟ كما هو المأثور؟ أو نقول: ما دام الوقت يستوعب يقول هذه ويقول غيرها قبلها أو بعدها؛ لأن المفترض أن تقال بين الركنين؟ أو يقولها إذا توسط أو إذا قارب النهاية؟ على كل حال كل هذه محل بحث، وينبغي أن يكون هذا الدعاء ختاماً لطوافه، وختاماً لشوطه.
"والطواف بالبيت كالصلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام، فمن تكلم فيه فلا يتكلم إلا بخير، ولهذا يؤمر الطائف أن يكون متطهراً الطهارتين الصغرى والكبرى، ويكون مستور العورة، مجتنب النجاسة التي يجتنبها المصلي والطائف طاهراً؛ لكن في وجوب الطهارة في الطواف نزاع بين العلماء، فإنه لم ينقل أحد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أمر بالطهارة للطواف، ولا نهى المحدث أن يطوف؛ ولكنه طاف طاهراً، لكنه ثبت عنه أنه نهى الحائض عن الطواف، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم)) فالصلاة التي أوجب الله لها الطهارة ما كان يفتتح بالتكبير، ويختم بالتسليم، كالصلاة التي فيها ركوع وسجود، وكصلاة الجنازة، وسجدتي السهو، وأما الطواف وسجود التلاوة فليسا من هذا.
والاعتكاف يشترط له المسجد، ولا يشترط له الطهارة بالاتفاق، والمعتكفة الحائض تنهى عن اللبث في المسجد مع الحيض، وإن كانت تلبث في المسجد وهي محدثة.
قال أحمد بن حنبل في مناسك الحج لابنه عبد الله: حدثنا سهل بن يوسف، أنبأنا شعبة عن حماد ومنصور، قال: سألتهما عن الرجل يطوف بالبيت وهو غير متوضأ، فلم يريا به بأساً، قال عبد الله: سألت أبي عن ذلك، فقال: أحب إلي ألا يطوف بالبيت وهو غير متوضأ؛ لأن الطواف بالبيت صلاة، وقد اختلفت الرواية عن أحمد في اشتراط الطهارة فيه ووجوبها، كما هو أحد القولين في مذهب أبي حنيفة؛ لكن لا يختلف مذهب أبو حنيفة أنها ليست بشرط".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وليس في ذلك ذكر واجب باتفاق الأئمة" لا في الطواف، ولا في السعي، ولا في غيره من المواقف.
"والطواف بالبيت كالصلاة" وجاء في الحديث: ((الطواف بالبيت صلاة)) لكنه مضعف عند أهل العلم، "الطواف بالبيت كالصلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام" يعني الشيخ -رحمه الله- يقرر أن الطواف بالبيت كالصلاة، فهل معوله على الحديث، أو أن هذا مجرد تشبيه اتفاقي ينبغي؛ لأنه عبادة بدنية كالصلاة؟ إن كان يقرر ذلك اعتمادا على الحديث فيلزمه أن يشترط الطهارة، ولا يستثني من ذلك إلا مسألة الكلام؛ لأنه يقول: "الطواف بالبيت كالصلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام" هذا كلام الشيخ -رحمه الله- فيلزمه أن تكون الطهارة شرطاً، يعني لو قال: وقد ورد أن الطواف بالبيت صلاة، أو قد روي أن الطواف بالبيت صلاة لا يَلتزِم؛ لأنه صاغه بصيغة تمريض؛ لكنه قرر الطواف بالبيت كالصلاة جزماً، فيلزمه أن تكون الطهارة شرطاً، "إلا أن الله أباح فيه الكلام فمن تكلم فيه فلا يتكلم إلا بخير" ويحرص أن يكون مما يقربه إلى الله -جل وعلا-، يجتنب في ذلك حتى المباح من الكلام، يستغل هذا المكان، وهذا الظرف بما يقربه إلى الله -جل وعلا-، وبما ينفعه في الآخرة، وبعض الناس يطوف الاثنان منهم والثلاثة، والمسألة قيل وقال إلى أن ينتهي الطواف؛ لأن الله أباح فيه الكلام، ليس معنى أنه أباح فيه الكلام أن يشتغل بالمباح فضلاً عن المكروه والحرام، لا، إنما هو عبادة، الأصل أن يستغل بالذكر والدعاء، "إلا أن الله أباح فيه الكلام، فمن تكلم فيه فلا يتكلم إلا بخير" ولهذا يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، إذا رأى امرأة متبرجة أمرها بالمعروف، استتري، ستر الله عليك في الدنيا والآخرة، إلى آخره، وهذا من أفضل الكلام ، "ولهذا يؤمر الطائف أن يكون متطهراً الطهارتين الصغرى والكبرى، ويكون مستور العورة" يعني بجميع شروط الصلاة إلا ما لا يمكن تحقيقه فيها، كالاستقبال مثلاً، أما النية فلا بد منها، والطهارة على الخلاف بين أهل العلم، وستر العورة لا بد منها.
طالب: الوقت.
نعم، لا، الوقت ليس له وقت محدد.
طالب: يا شيخ خرجت كثيراً من الشروط......
لا، ما استثني الشيخ، قرر أنه كالصلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام فقط، على مقتضى الحديث.
طالب:........
وجه الشبه في ما يمكن تحقيقه، يعني هذا الأصل، الأصل أن وجه الشبه في جميع الشروط، هذا الأصل، فلا يخرج منها إلا ما لا يمكن تحقيقه، يقول: "ولهذا يؤمر الطائف أن يكون متطهراً الطهارتين الصغرى والكبرى، ويكون مستور العورة، مجتنب النجاسة التي يجتنبها المصلي" وكثير من الطائفين يطوف بالطفل، وهو مشتمل على نجاسة، النجاسة لا تبرز ولا تلوث؛ لكنه مشتمل على نجاسة، لا بد أن يتأكد من أن الطفل لا نجاسة فيه.
طالب:.........
ما في جوفه معفو عنه؛ لكن ما خرج منه؛ لأن بعض الناس يظن أنه إذا أمن تلويثه يكفي، لا يكفي، لا يطوف به، ولا يصلي به. "مجتنب النجاسة التي يجتنبها المصلي والطائف طاهراً" لا بد أن يكون طاهراً "لكن –هذا استدراك من المؤلف -رحمه الله- في وجوب الطهارة في الطواف نزاع بين العلماء" في وجوب الطهارة نزاع، هل النزاع في الوجوب أو في الاشتراط؟ بين الأئمة؟ النزاع في الاشتراط، أما الحنفية فيوجبونها، ويلزمون بدم إذا تركها "لكن في وجوب الطهارة في الطواف نزاع بين العلماء، فإنه لم ينقل أحد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أمر بالطهارة للطواف، ولا نهى المحدث أن يطوف، ولكنه طاف طاهراً" النبي -عليه الصلاة والسلام- تطهر قبل الطواف، ودخل المطاف طاهراً، وقال: ((خذوا عني مناسككم)) طاف طاهراً لكنه ثبت أنه نهى الحائض عن الطواف، ((افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت)) هل النهي لأن الطهارة شرط، أو لأن الحائض لا تمكث في المسجد؟ عند شيخ الإسلام لأنها منهية عن المكث في المسجد، لا لأن الطهارة شرط، إنما تطوف وهي في حيضها وعليها دم، كما هو قول الحنفية، "ولا نهى المحدث أن يطوف؛ ولكنه طاف طاهراً؛ لكنه ثبت عنه أنه نهى الحائض عن الطواف، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم))" وقال أيضاً: ((لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ)) فالذي يأخذ بحديث: ((الطواف بالبيت صلاة)) يقول: شرط، وهذا قول الجمهور، الطهارة شرط لصحة الطواف، "فالصلاة التي أوجب لها الطهارة ما كان يفتتح بالتكبير، ويختم بالتسليم كالصلاة التي أوجب فيها ركوع وسجود، وكصلاة الجنازة وسجدتي السهو" لأنهما داخلان، يعني ملحقان بالصلاة، "وأما الطواف وسجود التلاوة فليسا من هذا" لأنهما لا يفتتحان بتكبير ولا تسليم، فسجدة التلاوة عند شيخ الإسلام ليست بصلاة، فتصح من غير طهارة، فليسا من هذا.
"والاعتكاف يشترط له المسجد، ولا يشترط له الطهارة بالاتفاق" يعني يمكث في المسجد ولو كان محدثاً، "والمعتكفة الحائض" هل هناك معتكفة حائض؟! المعتكفة الحائض وصفان، المرأة المعتكفة الحائض، ما يحصل هذا أبداً؛ لأن الحائض ليس لها أن تعتكف؟
طالب:........
لا، هو ما يقول معتكفة إذا حاضت.
طالب: البالغة.
لا، لا يريد البالغة؛ لأن البالغة لو كان مجرد بلوغ تمكث في المسجد.
طالب: أحسن الله إليكم كأنه يمنع الحائض.
من ماذا؟
طالب: من الاعتكاف.
لا، لا ما بلغت يا أخي، لو بلغت وهي غير متلبسة بحيض ما تُمنع من اللبث في المسجد، الكلام المتلبسة بالحيض، المعتكفة الحائض، التركيب ليس بسليم؛ لأن الحائض ليس لها أن تعتكف، يعني المعتكفة إذا حاضت صح، هذا ليس فيه إشكال، إذا حاضت تخرج من المسجد، ليس لها أن تلبث في المسجد، أما معتكفة حائض، يعني وهي حائض ما يمشي؛ لأن الحائض ليس لها أن تعتكف، "والمعتكفة الحائض تنهى عن اللبث في المسجد" لأن النهي عن اللبث في المسجد مناقض مناقضة تامة للاعتكاف الذي مقتضاه اللبث، "مع الحيض، وإن كانت تلبث في المسجد وهي محدثة" ولا إشكال في كونها تلبث وهي محدثة كالرجل.
و"قال أحمد بن حنبل في مناسك الحج لابنه عبد الله: حدثنا سهل بن يوسف، قال: أنبأنا شعبة" مناسك الحج لابنه عبد الله، يعني هل المنسك للإمام أو للابن؟
طالب: للإمام.
هو يقول: "قال أحمد بن حنبل في مناسك الحج لابنه عبد الله"
طالب:........
لا،لا من تأليفه.
طالب: عبد الله يحدث عن أبيه.
يعني المسند كله قال: حدثنا عبد الله قال: حدثنا أبي، وهو مسند الإمام أحمد، وإن رواه عبد الله عن أبيه، في الزوائد يقول: حدثنا عبد الله قال: حدثنا فلان غير أبيه، هذه الزوائد المسندة التي لعبد الله ليست للإمام أحمد، فما كان عن عبد الله عن أبيه والقائل: حدثنا سهل هو الإمام أحمد.
طالب:........
لكن يقال: مسائل الإمام أحمد من رواية ابنه عبدالله، مسائل الإمام أحمد من رواية ابن هانئ، مسائل الإمام أحمد من رواية فلان وفلان، فما يقال: منسك، يعني السنة مثلاً هو من رواية عبد الله عن أبيه، المسند من رواية عبد الله عن أبيه، وهكذا كل كتب الإمام وغيره من الأئمة من رواية تلاميذهم عنهم، الموطأ حدثنا يحيى قال: حدثنا مالك، وهكذا.
طالب: إذا جمع الطالب لشيخه كتابا ينسب لمن؟
للشيخ، على طريقة المتقدمين ينسب للشيخ، المسند كله حدثنا عبد الله قال: حدثنا أبي، الموطأ -أقرب مذكور- حدثنا يحيى بن يحيى قال: أخبرنا مالك، الشافعي، قال الربيع: قال الشافعي.
طالب: هؤلاء الذين جمعوا وحدثوا بها الطلاب.
نقول: على طريقة المتقدمين هذه مطردة، أن التأليف ينسب للإمام، طريقة المتأخرين لا، المؤلف من جمع الكتاب، ولذلك ضل من ضل، وتاه من تاه في تخطئة نسبة الأم للإمام الشافعي، وصنف في ذلك مصنف بقدر هذا: (إصلاح أشنع خطأ في تاريخ التشريع الإسلامي الأم ليست للإمام الشافعي) وعلى هذا الموطأ ليس للإمام مالك، المسند ليس للإمام أحمد وهكذا، طريقة المتقدمين تختلف عن طريقة المتأخرين.
"قال أحمد بن حنبل في مناسك الحج لابنه عبد الله: حدثنا سهل بن يوسف، قال: أنبأنا شعبة عن حماد ومنصور، قال: سألتهما عن الرجل يطوف بالبيت، وهو غير متوضأ فلم يريا به بأسا" هذا رأيهما، "قال عبد الله: سألت أبي عن ذلك، فقال: أحب إلي ألا يطوف بالبيت وهو غير متوضأ؛ لأن الطواف بالبيت صلاة"، صلاة، مقتضى هذا أن الطهارة شرط كالصلاة، "وقد اختلفت الرواية عن أحمد في اشتراط الطهارة فيه، ووجوبها كما هو أحد القولين في مذهب أبي حنيفة؛ لكن لا يختلف مذهب أبو حنيفة أنها ليست بشرط" لكنها واجبة تجبر بدم، وعلى كل حال جمهور أهل العلم على أن الطهارة شرط لصحة الطواف، وعلى هذا إذا أحدث في أثناء الطواف لا بد أن يخرج ويتوضأ ويعود، إن عاد قريباً بنى، وإن طال به الفصل استأنف.
طالب:........
الوجوب، نعم.
طالب:.......
يلزمه دم.
طالب: عليه دم يا شيخ؟
نعم عليه دم، كرأي أبي حنيفة نعم.
طالب:........
نعم، النزاع بين الوجوب والاشتراط ، وليس بين الوجوب والاستحباب؛ لكن ذكر عن بعض السلف،حماد ومنصور وغيرهم لم يروا به بأساً، يعني مأثور عن بعض السلف.
طالب:........
وشيخ الإسلام احتاج إلى الطهارة في طواف الحائض، وذكر الافتراضات التي ذكرها، ثم بعد ذلك قال: إنها لا تحبس الرفقة، تتحفظ وتتحرز من خروج الدم، وتتطهر وتطوف على حالها وهيأتها؛ لكن النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((أحابستنا هي؟)) فدل على أن الحائض، الحائض تحبس الرفقة.
نريد أن نكمل أيها الأخوة، باقي الآن ثلاث صفحات؛ لأن هذا يسأل، وذا يسأل، نريد أن نكمل؛ لأنه ما بقي إلا اليوم، غدا ليس فيه درس.
"ومن طاف في جورب ونحوه لئلا يطأ نجاسة من ذرق الحمام، أو غطى يديه لئلا يمس امرأة ونحو ذلك فقد خالف السنة، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه والتابعين ما زالوا يطوفون بالبيت، وما زال الحمام بمكة؛ لكن الاحتياط حسن..."
والاحتياط حسن ما لم يخالف السنة، عندكم لكن؟ لا، السياق يقتضي أن يقول: الاحتياط حسن ما لم يخالف السنة.
"والاحتياط حسن ما لم يخالف السنة المعلومة، فإذا أفضى إلى ذلك كان خطأ، واعلم أن القول الذي يتضمن مخالفة السنة خطأ، كمن يخلع نعليه في الصلاة المكتوبة، أو صلاة الجنازة خوفاً من أن يكون فيهما نجاسة، فإن هذا خطأ مخالف للسنة، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي في نعليه، وقال: ((إن اليهود لا يصلون في نعالهم فخالفوهم)) وقال: ((إذا أتى المسجد أحدكم فلينظر في نعليه، فإن كان فيهما أذى فليدلكهما في التراب، فإن التراب لهما طهور)) وكما يجوز أن يصلي في نعليه فكذلك يجوز أن يطوف في نعليه، وإن لم يمكنه الطواف ماشياً طاف راكباً أو محمولاً أجزأه بالاتفاق".
يقول الشيخ -رحمه الله-: "ومن طاف في جورب ونحوه لئلا يطأ نجاسة" هذا إذا كان غير محرم أما إذا كان محرماً فطوافه بالجورب ممنوع؛ لأنه في حكم الخف "ومن طاف في جورب ونحوه لئلا يطأ نجاسة من ذرق الحمام، أو غطى يديه لئلا يمس امرأة ونحو ذلك فقد خالف السنة" لأن هذا احتياط في غير موضعه، لم يفعله النبي -عليه الصلاة والسلام-، فهو احتياط زائد على قدر الحاجة، وبعض ممن ينتسب إلى العلم تجده يزيد في أمور لم تشرع من باب الاحتياط، والزيادة فيما شرع لا شك أنها تدخل في حيز الابتداع، وشيخ الإسلام في مواضع يقول: "إذا أدى الاحتياط إلى ترك مأمور أو فعل محظور فالاحتياط في ترك هذا الاحتياط".
الشافعية يجدون عنتاً شديداً في المطاف، مجرد مس الرجل للمرأة ولو من غير قصد، ولو بغير شهوة يبطل الطواف، فهم يجدون حرجا شديدا وعنتا، فتجد الواحد منهم يغطي يديه، لئلا يقع في هذا المبطل للطواف، وأما غيرهم فالمس بغير شهوة لا يضر، ويبطل الطهارة عند الشافعية ولو من غير قصد، فيبطل الطواف، فتجدهم يحتاطون، يغطي يديه لئلا يمس امرأة، فالدين وسط بين الغالي والجافي، لا يلزمه أن يغطي يديه، ولا يتعرض أيضاً لمس المرأة، بحيث يمر بجانبها علها أن تمسه أو يمسها، هذا لا يجوز، فلا هذا ولا هذا، فلا يغطي يديه، ولا يتعرض للمرأة ليظهر للناس أنه مسها من غير قصد، أو مسته من غير قصد، وهذا قد يوجد في نفوس بعض الضعاف ممن في قلبه مرض.
"أو غطى يديه لئلا يمس امرأة، ونحو ذلك، فقد خالف السنة، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه والتابعين ما زالوا يطوفون بالبيت، وما زال الحمام بمكة؛ والاحتياط حسن ما لم يخالف السنة المعلومة" يعني يأتي بقدر زائد على ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- بزعمه أنه يحتاط، والاحتياط في ترك هذا الاحتياط، "فإذا أفضى إلى ذلك كان خطأ"، والاحتياط في تركه حينئذ.
"واعلم أن القول الذي يتضمن مخالفة السنة خطأ، كمن يخلع نعليه في الصلاة المكتوبة، أو صلاة الجنازة خوفاً من أن يكون فيهما نجاسة، فإن هذا خطأ مخالف للسنة، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي في نعليه" وأمر بالصلاة بالنعال مخالفة لليهود، "وقال: ((إن اليهود لا يصلون في نعالهم فخالفوهم)) وقال: ((إذا أتى أحدكم المسجد فلينظر في نعليه فإن كان فيهما أذى فليدلكهما في التراب، فإن التراب لهما طهور))" يعني يكفيه أن يدلك النعل بالتراب، فإذا زال عين النجاسة أو عين الأذى منها كفاه، ((فلينظر في نعليه فإن كان فيهما أذى)) وهو أعم من أن يكون نجاسة أو وسخاً ((فليدلكهما في التراب، فإن التراب لهما طهور)).
ويجوز أن يصلي في نعليه "فكذلك يجوز أن يطوف في نعليه" قوله: "يجوز أن يصلي في نعليه" مع قوله: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يصلي فيهما، وأمر بالصلاة، لا يكفي أن يقال: يجوز، نعم؛ لكن إذا ترتب على الصلاة في النعال إتلاف مال، أو تقذير، مثل المساجد المفروشة، وما أشبه ذلك، لا شك أن الناس يتقذرون من هذا، فينبغي ألا يصلي بنعاله.
إذا دخل المسجد الحرام وأهله يمنعون من الدخول فيه بالنعال، ويستدلون بقوله -جل وعلا-: {اخْلَعْ نَعْلَيْكَ} [(12) سورة طـه] والعلة؟
طالب:.........
كيف؟
طالب: {إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى} [(12) سورة طـه]
نعم، {إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى} [(12) سورة طـه]، وهل الوادي المقدس الذي أمر موسى بأن يخلع نعليه أكثر قداسة من المسجد الحرام؟ هم يستدلون بهذا، إذا دخلت بنعليك كأنك عريان، لا، يمكن ما ينكرون عليك مثل هذا الإنكار، ويستدلون بالأمر بخلع النعلين، والعلة {إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ}[(12) سورة طـه] وهذا أقدس منه، إذن من باب أولى أن تخلع نعليك، فهل خلع النبي -صلى الله عليه وسلم- نعليه لما دخل البيت؟ ما خلع نعليه، ولا خلع نعليه عندما دخل مسجده، وهو أقدس من الوادي المقدس الذي ذكر؛ لكنه أمر بخلع النعلين بالوادي المقدس نعم في الظرف الذي فيه التكليم لله -جل وعلا-؛ لكن هل يستقل كونه وادي مقدس بالعلة بخلع النعلين؟ الآية نصت على هذا، وأن هذه هي العلة، فإذا قلنا: أن هذه العلة تستقل بالحكم بخلع النعلين، نعم، نقول: إذا كان الوادي مقدساً أو أشد تقديساً من الوادي الذي أُمر، كان من باب قياس الأولى، فعليه أن يخلع نعليه، ومادام في شرعنا نبينا -عليه الصلاة والسلام- لم يخلع نعليه، فأمته تبع له، والمنع لا وجه له.
"وإن لم يمكنه الطواف ماشياً طاف راكباً أو محمولاً أجزأه بالاتفاق، وكذلك ما يعجز عنه من واجبات الطواف مثل من كان به نجاسة لا يمكنه إزالتها كالمستحاضة، ومن به سلس البول فإنه يطوف ولا شيء عليه باتفاق الأئمة، وكذلك لو لم يمكنه الطواف إلا عرياناً فطاف بالليل، كما لو لم يمكنه الصلاة إلا عرياناً، وكذلك المرأة الحائض إذا لم يمكنها طواف الفرض إلا حائضاً بحيث لا يمكنها التأخر بمكة، ففي أحد قولي العلماء الذين يوجبون الطهارة على الطائف: إذا طافت الحائض أو الجنب أو المحدث أو حامل النجاسة مطلقاً أجزأه الطواف وعليه دم، إما شاة وإما بدنة مع الحيض والجنابة، وشاة مع الحدث الأصغر، ومنع الحائض من الطواف قد يعلل بأنه يشبه الصلاة، وقد يعلل بأنها ممنوعة من المسجد كما تمنع منه بالاعتكاف، وكما قال -عز وجل- لإبراهيم -صلى الله عليه وسلم-: {أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [(125) سورة البقرة] فأمره.."
يعني لإبراهيم وإسماعيل.
الطالب: في الأصل {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ} [(26) سورة الحـج] وعدلها المحقق.
إذاً يكون الأمر لإبراهيم وإسماعيل.
الطالب: {أن طَهِّرَا بَيْتِيَ}.
الأمر لمن؟
الطالب: لإبراهيم وإسماعيل.
نعم لإبراهيم وإسماعيل، نعم.
"فأمره بتطهيره لهذه العبادات فُمنعت الحائض من دخوله، وقد اتفق العلماء على أنه لا يجب للطواف ما يجب للصلاة، من تحريم، وتحليل وقراءة وغير ذلك، ولا يبطله ما يبطلها من الأكل والشرب والكلام وغير ذلك، ولهذا كان مقتضى تعليل من منع الحائض لحرمة المسجد أنه لا يرى الطهارة شرطاً، بل مقتضى قوله أنه يجوز لها ذلك عند الحاجة، كما يجوز لها دخول المسجد عند الحاجة، وقد أمر الله تعالى بتطهيره للطائفين والعاكفين والركع السجود، والعاكف فيه لا يشترط له الطهارة، ولا تجب عليه الطهارة من الحدث الأصغر، باتفاق المسلمين، ولو اضطرت العاكفة الحائض إلى لبثها فيه للحاجة جاز ذلك، وأما الركع السجود فهم المصلون، والطهارة شرط للصلاة باتفاق المسلمين، والحائض لا تصلي لا قضاءً ولا أداء، يبقى الطائف هل يلحق بالعاكف أو بالمصلي؟ أو يكون قسماً ثالثاً بينهما؟ هذا محل اجتهاد، وقوله: ((الطواف بالبيت صلاة)) لم يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولكن هو ثابت عن ابن عباس، وقد روي مرفوعاً، ونقل بعض الفقهاء عن ابن عباس أنه قال: "إذا طاف بالبيت وهو جنب عليه دم" ولا ريب أن المراد بذلك أنه يشبه الصلاة من بعض الوجوه ليس المراد أنه نوع الصلاة التي يشترط لها الطهارة، وهكذا قوله: ((إذا أتى أحدكم المسجد فلا يشبك بين أصابعه فإنه في صلاة)) وقوله: ((إن العبد في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه، وما دام ينتظر الصلاة، وما كان يعمد إلى الصلاة)) ونحو ذلك، فلا يجوز لحائض أن تطوف إلا طاهرة إذا أمكنها ذلك باتفاق العلماء، ولو قدمت المرأة حائضاً لم تطف بالبيت؛ لكن تقف بعرفة وتفعل سائر المناسك كلها مع الحيض إلا الطواف فإنها تنتظر حتى تطهر -إن أمكنها ذلك- ثم تطوف، وإن اضطرت إلى الطواف فطافت أجزأها ذلك على الصحيح من قولي العلماء".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وإن لم يمكنه الطواف ماشياً فطاف راكباً أو محمولاً أجزأه بالاتفاق"، إذا طاف،إن لم يمكنه، النبي -عليه الصلاة والسلام- طاف على الدابة، وطوافه مطلق من غير قيد، في الصحيح مطلق، وجاء في السنن أنه كان شاكياً، -عليه الصلاة والسلام-، فهل يجوز الطواف من غير حاجة راكباً؟ الشيخ -رحمه الله تعالى- يقول: "وإن لم يمكنه الطواف ماشياً فطاف راكباً أو محمولاً أجزأه بالاتفاق" لكن إذا كان يمكنه الطواف ماشياً فطاف راكباً أو محمولاً؟ المسألة خلافية، والقيد موجود في السنن، والذي في الصحيح أنه طاف راكباً -عليه الصلاة والسلام-، والقيد المذكور في السنن معتبر، فإذا كان شاكياً أو لا يستطيع الطواف ماشياً فإنه حينئذ يركب وطوافه يجزئ بالاتفاق، "وكذلك ما يعجز عنه من واجبات الطواف، مثل من كان به نجاسة لا يمكنه إزالتها" يعني ممن حدثه دائم، ممن يصحح أهل العلم صلاته بحدثه، "كمن به سلس بول أو استحاضة، أو ما أشبه ذلك، فإنه يقول: "لا يمكنه إزالتها كالمستحاضة ومن به سلس البول، فإنه يطوف ولا شيء عليه باتفاق الأئمة".
"وكذلك لو لم يمكنه الطواف إلا عرياناً" فإنه يطوف كما يصلي عرياناً إذا لم يجد سترة؛ لأن الشروط إذا لم يقدر عليها تسقط، {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [(286) سورة البقرة] "وكذلك لو لم يمكنه الطواف إلا عرياناً" فإنه يطوف كما يصلي عرياناً "فطاف بالليل كما لو لم يمكنه الصلاة إلا عرياناً، وكذلك المرأة الحائض.." إلى آخره، يطوف عرياناً، ويتحرى الليل؛ لكن هل نقول له: لا تصلِ إلا بالليل؟ حتى صلاة الظهر والعصر لا تصلِّها إلا بالليل أستر لك؟ لا.
طالب: يصلي جالس.
يصلي جالسا؛ لكن الشيخ يقول: يطوف بالليل.
طالب: الوقت شرط للصلاة.
نعم الصلاة من شرطها الوقت، فلا يجوز أن تؤخر إلى الليل لهذا، نعم.
"وكذلك المرأة الحائض إذا لم يمكنها طواف الفرض إلا حائضاً بحيث لا يمكنها التأخر بمكة ففي أحد قولي العلماء الذين يوجبون الطهارة على الطائف: إذا طافت الحائض أو الجنب أو المحدث أو حامل النجاسة" الجنب والمحدث إذا أمكنه الطهارة لا يقول أحد بطوافه إلا عند من يرى أنه واجب فيلزمه بدم؛ لكن عند من يقول باشتراطه إن وجد الماء تعين عليه، وإن لم يجد تيمم؛ لكن الحائض ليس لديها حيلة، التيمم لا يرفع حدثها، فقوله: "أو الجنب أو المحدث" عطفه على الحائض لا يتجه، الحائض لها حكم، والجنب والمحدث لها حكم، يعني إذا لم يجد الماء ارتفع حدثه بالتيمم، "أو حامل النجاسة مطلقاً" إذا لم يجد ما يزيل به هذه النجاسة طاف بها، كما أنه يصلي بها، "أجزأه الطواف وعليه دم: إما شاة وإما بدنة مع الحيض والجنابة" يعني مع الحدث الأكبر عليه بدنة، ومع الحدث الأصغر عليه شاة، ومع ذلك إذا كان جنباً ولم يجد ماءً فإنه يتيمم ويطوف، كما أنه يتيمم ويصلي، وكذلك المحدث حدثا أصغر، "وشاة مع الحدث الأصغر، ومنع الحائض من الطواف قد يعلل بأنه يشبه الصلاة وقد يعلل بأنها ممنوعة من المسجد كما تمنع من الاعتكاف" النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر بإخراج العواتق والحيض وذوات الخدور إلى صلاة العيد، ثم قال: ((وليعتزل الحيّض المصلى)) مع أن المصلى ليست له جميع أحكام المسجد، فالمسجد من باب أولى، وهل اعتزال المصلى لاتصافها بالحيض، أو لمنعها من الصلاة، فلا تضيق على الناس، وهي لا صلاة لها؟ ، يعني المصلى هل المراد به المكان الذي تؤدى فيه الصلاة، وهو جزء من المصلى العام؟ أو المراد المصلى بسوره؟ نفترض أن مصلى العيد مسور، كما هو موجود، نقول: هل للحائض أن تدخل في هذا المصلى، وتعتزل مكان الصلاة، لا تضيق على الناس، أو نقول: أنه مسجد، له أحكام المسجد فلا تدخله؟ .
طالب: كلا الأمرين.
يعني لا تدخل وتدخل؟
طالب: يعني بجانب المسجد خارج المسجد.
خارج المسجد نعم، هذا الذي يقرره، وهو الظاهر من لفظ المصلى؛ لأن المصلى (ال) هذه تعني ما يحاط بسوره، كما أنه لو قلنا: المسجد ليس موضع السجود، إنما هو ما يحاط بسور المسجد، فتعتزل المصلى، وفي هذا تشديد، إذا منعت من دخول المصلى فلأن تمنع من دخول المسجد من باب أولى.
"وقد يعلل أنها ممنوعة من المسجد كما تمنع من الاعتكاف، وكما قال -عز وجل- لإبراهيم -يعني وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام-: {طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [(125) سورة البقرة] فأمره بتطهيره لهذه العبادات، فمنعت الحائض من دخوله، وقد اتفق العلماء على أنه لا يجب للطواف ما يجب للصلاة" وجوه افتراق، ووجوه اتفاق بين الصلاة والطواف، "لا يجب للطواف ما يجب للصلاة من تحريم وتحليل" يعني ما يقول: الله أكبر إذا بدأ بنية تكبيرة إحرام، وإن كان التكبير مشروعاً في بداية الطواف وليس بركن في الطواف كما هو شأن تكبيرة الإحرام، ولا يقول إذا فرغ من الطواف: السلام عليكم ورحمة الله.
"وقد اتفق العلماء على أنه لا يجب للطواف ما يجب للصلاة من تحريم وتحليل وقراءة وغير ذلك، ولا يبطله ما يبطلها من الأكل والشرب والكلام" يعني إذا احتاج للأكل والشرب، عطش وهو بالمطاف والماء بجواره يشرب أو ما يشرب؟ أذن المغرب وهو صائم وبيده التمرة يأكلها أو ما يأكلها؟ هذا مما يختلف فيه الطواف عن الصلاة، "ولا يبطله ما يبطلها من الأكل والشرب والكلام وغير ذلك، ولهذا كان مقتضى تعليل من منع الحائض لحرمة المسجد أنه لا يرى الطهارة شرطاً" يعني من قال: أنها ممنوعة من دخول المسجد، ولم يعلل بأنها ممنوعة من الطواف لأنها حائض، "مقتضى تعليل من منع الحائض لحرمة المسجد أنه لا يرى الطهارة شرطاً، بل مقتضى قوله أنه يجوز لها ذلك عند الحاجة" يعني كما تدخل المسجد لحاجة مارة به، ولا تلبث ولا تمكث.
"كما يجوز لها دخول المسجد عند الحاجة، وقد أمر الله تعالى بتطهيره للطائفين والعاكفين والركع السجود" المراد بالتطهير التنظيف الحسي والمعنوي {طَهِّرَا بَيْتِيَ} [(125) سورة البقرة] تطهير حسي ومعنوي، تطهير من النجاسات والأقذار والأوساخ، وتطهير أيضاً من الشرك والمعاصي والبدع، بل هذا أهم وآكد، فلا يجوز أن يزال بالبيت شرك، ولا يجوز أن يزاول فيه بدع ولا معاصي، بل تطهيره من هذه الأمور أولى من تطهيره من القاذورات الحسية، والله المستعان.
"وقد أمر الله تعالى بتطهيره للطائفين والعاكفين والركع السجود، والعاكف لا يشترط له الطهارة، ولا تجب عليه الطهارة من الحدث الأصغر باتفاق المسلمين، ولو اضطرت العاكفة الحائض" كيف تضطر عاكفة حائض؟
طالب: نفس الإشكال السابق.
نفس الإشكال السابق، ولهذا نجزم بأنه لا يريد التي تحيض بعد أن تعتكف؛ لأنه يقول: "ولو اضطرت العاكفة الحائض إلى لبثها فيه للحاجة جاز ذلك" كيف تضطر وهي عاكفة حائض تلبث في المسجد؟ اللهم إلا لو كانت معتكفة، ثم ورد عليها الحيض، ولم تستطيع الخروج خوفاً على نفسها، تمكث، وهذه مضطرة إلى البقاء.
طالب:........
ما أطلق عليها عاكفة لأنها ممنوعة من الاعتكاف؛ لكن لو ورد عليها أثناء الاعتكاف بطل اعتكافها؛ لأن من شرط الاعتكاف أن يكون في المسجد، وهي ممنوعة من المسجد، فيكون بقاؤها لا على جهة الاعتكاف.
"إلى لبثها فيه للحاجة جاز ذلك، وأما الركع السجود فهم المصلون، والطهارة شرط للصلاة باتفاق المسلمين، والحائض لا تصلي لا قضاءً ولا أداءً، يبقى الطائف: هل يلحق بالعاكف أو بالمصلي؟ أو يكون قسماً ثالثاً بينهما؟ هذا محل اجتهاد" فمن قال: يلحق بالعاكف قال: الطهارة ليست بشرط ولا واجبة، ومن قال: يلحق بالمصلي قال: شرط، ومن جعله قسماً ثالثاً قال: واجب وليس بشرط، هذا مقتضى القسمة، "أو يكون قسماً ثالثاً بينهما؟ هذا محل اجتهاد وقوله: ((الطواف بالبيت صلاة)) لم يثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-" لا شك أنه مضعف عند أهل العلم، وإن ثبت موقوفاً على ابن عباس، "ولكن هو ثابت عن ابن عباس، وقد روي مرفوعاً، ونقل بعض الفقهاء عن ابن عباس أنه قال: "إذا طاف بالبيت وهو جنب عليه دم" ولا ريب أن المراد بذلك أنه يشبه الصلاة من بعض الوجوه، ليس المراد أنه نوع الصلاة التي يشترط لها الطهارة، وهكذا قوله: ((إذا أتى أحدكم المسجد فلا يشبك بين أصابعه فإنه في صلاة))" يعني لا يمنع من الكلام، ولا يمنع من أكل، ولا من شرب، هو في صلاة على كل حال؛ لأن من ينتظر الصلاة في صلاة، ومع ذلك لا تجزئه عن صلاة مكتوبة ولا مسنونة، "وهكذا قوله: ((إذا أتى أحدكم المسجد فلا يشبك بين أصابعه فإنه في صلاة)) وقوله: ((إن العبد في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه، وما دام ينتظر الصلاة، وما كان يعمد إلى الصلاة)) نعم إذا خرج من بيته متطهراً فإنه في صلاة، "((وما كان يعمد إلى الصلاة))، ونحو ذلك، فلا يجوز لحائض أن تطوف إلا طاهرة إذا أمكنها ذلك باتفاق العلماء" لأنها أخلت بشرط، وهو الطهارة، أو لأنها خالفت ودخلت المسجد وهي حائض، والحائض لا يجوز لها أن تمكث في المسجد.
"باتفاق العلماء، ولو قدمت المرأة حائضاً لم تطف بالبيت؛ لكن تقف بعرفة، وتفعل سائر المناسك كلها، مع الحيض إلا الطواف" لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال لعائشة: ((افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت)) "فإنها تنتظر حتى تطهر -إن أمكنها ذلك- ثم تطوف، وإن اضطرت إلى الطواف فطافت أجزأها ذلك على الصحيح من قولي العلماء" لماذا؟ لأنها لا تحبس الرفقة، الاحتمالات التي أوردها شيخ الإسلام كلها من أجل الرفقة، وأن حبسها للرفقة ضرر عليهم، وذهاب الرفقة بدونها ضرر عليها، فأورد الشيخ -رحمه الله- الاحتمالات كلها، وخلص من ذلك إلى أن الحائض تتحفظ وتمنع من انتشار الدم وتطوف على حالها، وكل هذا لئلا تحبس الرفقة، والرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((أحابستنا هي؟)) ولا كلام لأحد مع كلامه -عليه الصلاة والسلام-، ولذا الذي نراه أن قول شيخ الإسلام مرجوح، فهي تحبس الرفقة مهما كلفها الأمر، ومهما كلفهم بالنص؛ لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((أحاسبتنا هي؟)) فدل على أن الحائض تحبس الرفقة، وعليها أن تحسب حسابها قبل أن تدخل في النسك، ولو استعملت موانع تمنع من نزول الدم فلا بأس، تستعمل الموانع، وإذا فرغت من طوافها تترك، أو تترك هذه الموانع حتى ينزل عليها الدم.
طالب: لو اضطرت -أحسن الله إليك- لغير الرفقة اضطرار للطواف؟
مثل؟
طالب: سفر طائرتها تبي تروح، وتنتهي تأشيرتها.
نفس المسألة، هذه رفقة، الطائرة رفقة ما يمكن، يعني لو اضطرت إلى أن تسافر، أو اضطرت إلى أن تُعالج من مرض معين لا يوجد علاجه في مكة مثلاً ، اضطرت لهذا تسافر وهي محرمة، والطواف باق في ذمتها، لا شك أنه حرج وعنت؛ لكن هذا النص، النص يقول: ((أحاسبتنا هي؟)) دل على أنها تحبس الرفقة، ولا كلام لأحد مع كلامه -عليه الصلاة والسلام-؛ لكن على المرأة أن تحسب حسابها
طالب:..... هي بين أمرين أما تطوف وتسافر بغير محرم أو......
ماذا تسافر بدون محرم؟
طالب:.........
على كل حال ارتكاب المحظور غير ترك ركن من أركان الحج.
يعني إذا استجبنا لمثل هذه المطالب لا بد أن ننزل إلى مطالب دونها، فالمطالب لا تنتهي، فحسم المادة هو المطلوب.
"فإذا قضى الطواف صلى ركعتين للطواف، وإن صلاهما عند مقام إبراهيم فهو أحسن، ويستحب أن يقرأ فيهما بسورتي الكافرون الإخلاص: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [(1) سورة الكافرون] و{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [(1) سورة الإخلاص] ثم إذا صلاهما استحب له أن يستلم الحجر، ثم يخرج إلى الطواف بين الصفا والمروة".
يقول: "فإذا قضى الطواف" على الصفة المشروعة "صلى ركعتين للطواف، وإن صلاهما عند مقام إبراهيم فهو أحسن" والنبي -عليه الصلاة والسلام- صلاهما خلف المقام وتلا الآية: {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [(125) سورة البقرة] لا شك أن هذا أولى وأكمل؛ لكن إذا لم يستطع لا سيما في المواسم مع الزحام الشديد يصليها في أي مكان، يصليها في المسجد، يصليها بيته، يصليها خارج، المقصود أن عمر -رضي الله عنه- طاف بعد صلاة الصبح، وصلى الركعتين بذي طوى، فتؤدى الركعتين في أي مكان، ولا يشترط أن تصليا في المسجد، "ويستحب أن يقرأ فيهما بسورتي الإخلاص" لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قرأ فيهما بسورتي الإخلاص {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [(1) سورة الكافرون] و{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [(1) سورة الإخلاص] لكن جاء في بعض الروايات أنه قرأ في الأولى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} وفي الثانية: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [(1) سورة الكافرون] يعني إجمالاً قرأ فيهما بـ{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} و{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، ولا شك أن هذا النص المجمل يرد إلى النصوص المفسرة المحكمة، فيقرأ في الأولى: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وفي الثانية: بـ{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} والمناسبة ظاهرة؛ لأنها لما طاف بهذا البيت، وهو عبارة عن أحجار، وإن كان معظماً مشرفاً عن الله -جل وعلا- إلا أنه حجر، قد يخيل للإنسان أن له شيء من العبادة، وأنه له شيء من التعظيم الذي هو حق الله -جل وعلا-، فلذا شرع له أن يقرأ بسورتي الإخلاص، ليتذكر أن العبادات كلها لله -جل وعلا-، ولا يجوز صرف شيء منها لأحد كائن من كان، ولو كان معظماً شرعاً، "ثم إذا صلاهما استحب له أن يستلم الحجر" يستلم الحجر، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- .
"ثم يخرج إلى الطواف بين الصفا والمروة، ولو أخر ذلك إلى بعد طواف الإفاضة جاز، فإن الحج فيه ثلاثة أطوفة: طواف عند الدخول، وهو يسمى: طواف القدوم، والدخول والورود، والطواف الثاني: هو بعد التعريف، ويقال له: طواف الإفاضة، والزيارة، وهو طواف الفرض الذي لا بد منه، كما قال تعالى: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [(29) سورة الحـج] والطواف الثالث: هو لمن أراد الخروج من مكة، وهو طواف الوداع، وإذا سعى عقب واحد منها أجزأه".
يقول -رحمه الله-: "ثم" يعني بعد فراغه من الطواف وركعتيه، واستلامه الحجر مع الإمكان، "يخرج" إلى الصفا "إلى الطواف" يعني إلى السعي، "إلى الطواف بين الصفا والمروة" الأصل هو طواف؛ لكن قيل له: سعي لأن فيه السعي الشديد بين العلمين، {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ} [(158) سورة البقرة] فهو طواف؛ لكن غلب عليه اسم السعي للتفريق بينه وبين الطواف بالبيت من جهة؛ ولأن فيه السعي الشديد بين العلمين، "ثم يخرج إلى الطواف بين الصفا والمروة. ولو أخر ذلك إلى بعد طواف الإفاضة جاز. فإن الحج فيه ثلاثة أطوفة" المفرد والقارن يطوف أول ما يقدم طواف القدوم، وهو سنة، فإن سعى بعده كان سعي الحج، ولا يلزمه سعي ثاني؛ ولكن المتمتع إذا طاف للعمرة يلزمه أن يسعى للعمرة، ثم إذا طاف للحج يلزمه أن يسعى سعياً ثانياً للحج، وشيخ الإسلام يرى أن المتمتع مثل القارن، لا يلزمه إلا سعي واحد، والمحقق والمحرر أن القارن يختلف عن المتمتع، فالمتمتع يعتمر عمرة كاملة منفصلة يحل بعدها الحل كله لا ارتباط لها بحجه، ثم بعد ذلك يحج حجاً مستقلاً كأنه مفرد، فيأتي بأركان العمرة، ويأتي بأركان الحج، وحينئذ فالمتمتع عليه أن يسعى سعيين، بعد طواف العمرة، وبعد طواف الحج، "ولو أخر ذلك إلى بعد طوال الإفاضة جاز" يجوز هذا في حالتي الإفراد والقران، دون المتمتع، "فإن الحج فيه ثلاثة أطوفة: طواف عند الدخول، وهو يسمى طواف القدوم، والدخول، والورود" هذه أسماء الطواف الأول المستحب المسنون بالنسبة للقارن والمفرد "والطواف الثاني: هو بعد التعريف، ويقال له: طواف الإفاضة والزيارة" وهذا يشترك فيه جميع الحجاج، "وهو طواف الفرض الذي لا بد منه" هذا ركن الحج، "كما قال تعالى: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [(29) سورة الحـج] والطواف الثالث: هو لمن أراد الخروج من مكة، وهو طواف الوداع" إذا حج وأراد الخروج من مكة هذا يسمى طواف الوداع، ويسمى أيضاً طواف الصدر، يعني مقابل الورود، يعني طواف الانصراف، وهذا بالنسبة للحاج دون المعتمر، فإن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر به بعد الحج، واعتمر مراراً ولم يأمر به -عليه الصلاة والسلام-.
"وإذا سعى عقب واحد منها أجزأه" يعني من الثلاثة؟ يعني يسعى بعد طواف الوداع؟
طالب: إذا أخر.
كيف إذا أخر؟ إلى بعد طواف الوداع؟
طالب:........
الآن يقول: عليه ثلاثة طوافات: طواف القدوم، وطواف الحج، وطواف الوداع، وإذا سعى عقيب و احد منها أجزأه، يعني معناه أنه يطوف للقدوم ولا يسعى، يطوف طواف الإفاضة ولا يسعى، إذا أرد أن يطوف للوداع سعى سعي الحج، يتجه هذا أو ما يتجه؟
طالب: يتجه.
كيف؟
طالب:........
يعني هل يسمى وداع إذا سعى بعده؟
كلام الشيخ -رحمه الله-: "وإذا سعى عقيب واحد منها" ما قال: منهما، منها من الثلاثة أجزأه، يعني أنت افترض أنه طاف للقدوم وهو مفرد أو قارن ولا سعى، جاء يوم العيد وطاف للإفاضة ولا سعى، ثم بعد ذلك أراد أن يصدر، ويخرج إلى أهله طاف للوداع ثم سعى، أهل العلم يقولون: لا يصح السعي إلا بعد طواف ولو مسنون، فكونه وقع بعد طواف الوداع يصحح السعي؛ لكن عليه أن يطوف للوداع ثانية، إلا عند من يقول: أن هذا الفاصل يسير ولا يلزمه أن يطوف ثانية، ولذلك عائشة -رضي الله عنها- لما طافت وسعت للعمرة، ما قيل لها: طوفي ثانية للوداع، وهذا يحتمل أمرين: إما أن يقال على الجادة: أن المعتمر ليس عليه طواف، وهي معتمرة، أو يقال: أنه إذا قرب طواف الوداع من الخروج ولو تعقبه سعي يعفى عنه، وعلى هذا إذا أراد أن يخرج وينصرف إلى أهله وعليه طواف الإفاضة وسعي الحج، ثم طاف وسعى وخرج، هل يخير بين أن يفعل هذا ونقول: ليس عليك شي؟ أو نقول له: قدم السعي على الطواف ليكون آخر عهدك بالبيت؟ .
طالب:........
كيف؟
طالب:........
هذا يقول: سعيت قبل أن أطوف، قال: ((افعل ولا حرج)).
طالب:........
هو في أعمال يوم النحر صحيح، وعلى هذا أنا عندي أنه يطوف طواف الإفاضة ويسعى وينوي طواف الوداع، ، ويسعى بعده أسهل من أن يقدم السعي،فيدخل تحت طواف الإفاضة، وإذا سعى إن كان هناك فسحة ويستطيع من غير مشقة بالغة، وطاف للوداع فهو أكمل، إن لم يستطع ذلك وخرج فلا شي عليه -إن شاء الله تعالى-.
"فإذا خرج للسعي خرج من باب الصفا، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يرقى على الصفا والمروة، وهما في جانب جبلي مكة، فيكبر ويهلل ويدعو الله تعالى، واليوم قد بني فوقهما دكتان، فمن وصل إلى أسفل البناء أجزأه السعي، وإن لم يصعد فوق البناء، فيطوف بالصفا والمروة سبعاً، يبتدئ بالصفا، ويختم بالمروة، ويستحب أن يسعى في بطن الوادي من العلم إلى العلم، وهما معلمان هناك، وإن لم يسع في بطن الوادي بل مشى على هيئته...
هينته.
بل مشى على هينته جميع ما بين الصفا والمروة أجزأه باتفاق العلماء، ولا شيء عليه، ولا صلاة عقيب الطواف بالصفا والمروة، وإنما الصلاة عقيب الطواف بالبيت، بسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واتفاق السلف والأئمة، فإذا طاف بين الصفا والمروة حل من إحرامه؛ كما أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه لما طافوا بهما أن يحلوا إلا من كان معه هدي فلا يحل حتى ينحره، والمفرد والقارن لا يحلان إلا يوم النحر، ويستحب له أن يقصر من شعره ليدع الحلاق للحج، وكذلك أمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإذا أحل حل له ما حرم عليه بالإحرام".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "فإذا خرج للسعي خرج من باب الصفا" هو باب معروف وعليه علامات تدل عليه، "وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يرقى على الصفا" يعني يصعد عليها، "على الصفا والمروة" على الجبلين "وهما في جانب جبلي مكة، فيكبر ويهلل ويدعو الله تعالى" ثلاثاً، ويطيل الدعاء، يكبر ويهلل، ويدعو ثلاثاً ثلاثاً، يعني يكبر ثلاثاً ويهلل ثلاثاً، ويدعو ثلاثاً، يفعل ذلك مرة، ثم يفعل الثلاثة مرة، يكبر ويهلل ويدعو الله تعالى، ثم يكبر ويهلل ويدعو الله تعالى، ثم يكبر ويهلل ويدعو الله تعالى، ثلاثاً، يفعل هذه الأمور الثلاثة ثلاث مرات، ويطيل في ذلك، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومنهم من يقول: يكبر ويهلل ثلاثاً، ويدعو بين ذلك، يعني مرتين؛ لكن الصورة الأولى أوضح من فعله -عليه الصلاة والسلام-، حيث فعل ذلك ثلاثاً.
"واليوم قد بني فوقهما دكتان" بني فوق الصفا والمروة دكتان منبسطتان "فمن وصل إلى أسفل البناء أجزأه السعي" وهذا نهاية طواف المعذورين، يعني أهل العربيات إذا طاف إلى حد طواف العربيات يكفي، نعم، هذا هو المجزئ، إذا انتهى مع طواف أهل الأعذار الذين يركبون العربات يجزئه، وإن صعد إلى الجبلين فهو أكمل، "فمن وصل إلى أسفل البناء أجزأه السعي، وإن لم يصعد فوق البناء، فيطوف بالصفا والمروة سبعاً، يبتدئ بالصفا ويختم بالمروة" فإن ابتدأ بالمروة وانتهى بالصفا لزمه أن يأتي بزيادة شوط؛ لأن الأول لاغي، لا بد أن يبدأ بالصفا، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- لما رقي الصفا تلا الآية: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ} [(158) سورة البقرة] ((نبدأ بما بدأ الله به)) فلا بد من البداءة بالصفا، والسعي كما يقول أهل العلم ذهابه سعية، ورجوعه سعية، فلا يطوف مرتين ويعتبر هذا شوطاً واحداً كما قال ابن حزم وغيره، فيكون الاستيعاب من الصفا إلى الصفا مرة، وهكذا إلى آخره، فيكون قد طاف أربعة عشر شوطاً، هذا قول شاذ، وابن القيم يقول: "لو حج أبو محمد لتغير رأيه" في كثير من المناسك؛ ولكنه لم يحج، ولا شك أن في هذا مشقة بالغة على الناس، والنبي -عليه الصلاة والسلام- إنما فعل ذلك، من الصفا إلى المروة سعية، ومن المروة إلى الصفا كذلك، حتى ينتهي بالمروة، "يبتدئ بالصفا، ويختم بالمروة، ويستحب أن يسعى" سعياً شديداً، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- حتى كانت تبدو ركبتاه، من تحت إزاره "في بطن الوادي من العلم إلى العلم" العلم الأخضر، وهو موجود إلى الآن، والعلمان موجودان "وهما معلمان هناك".
"وإن لم يسعَ في بطن الوادي بل مشى على هينته" كما لو ترك الرمل في الطواف "بل مشى على هينته جميع ما بين الصفا والمروة أجزأه باتفاق العلماء" لأن هذا ليس بواجب، وليس من شرائط السعي، وإنما فُعل ذلك اقتداءً به -عليه الصلاة والسلام-، وإن كان الأصل في السعي بين العلمين، أن أم إسماعيل كانت تسعى سعياً شديداً علها أن تجد من معه ماء؛ لأن العطش كاد يقتلها مع ولدها، ومع ذلك والمشروعية أصلها بسبب امرأة فلا يشرع السعي للمرأة، لماذا؟ لأن سعيها لا على جهة التعبد، وإنما هو لمصلحتها وحاجتها وحاجة ولدها، وعلى هذا نقول للمرأة في الجملة: ألا تسرع في مشها لا في عبادة، ولا في غيرها، بل تمشي وعليها السكينة مستترة متخفية؛ لكن لو تبعها أسد أو صائل أو ما أشبه ذلك ثم سعت، ولو ترتب على ذلك انكشاف شيء من بدنها لها ذلك، فإن هذا مقدر بالحاجة، فاحتاجت إلى السعي بين العلمين، ولذا لا يقتدي بها النساء، وإن قال بعض أهل العلم أن المرأة في حكمها تسعى؛ لكن هذا ليس بشيء.
"ولا صلاة عقيب الطواف بالصفا والمروة" ولم يحفظ عنه -عليه الصلاة والسلام-، وبقي أن نقول: أنه يكبر في بداية الطواف وفي نهايته، يعني انتهى من السابع يكبر، والنبي -عليه الصلاة والسلام- كلما حاذى الركن كبر، وجابر -رضي الله عنه- يقول: كنا نطوف مع النبي -عليه الصلاة والسلام- الفاتحة والخاتمة، ومثله السعي، وسألت الشيخ ابن باز -رحمه الله تعالى- عن التكبير في نهاية الطواف فقال: يكبر كالسعي؛ لأن بعض الناس ينازع في هذا.
طالب: رفع اليدين في الصفا والمروة عند التكبير؟
لو أشار إشارة عند التكبير والتهليل ورفع يديه للدعاء...
طالب: عند التكبير إذا بدأ وإذا ختم؟
الأصل أنه يشير يرفع يداً واحدة، وإن رفع اليدين فلا بأس، كما قال في الطواف: أنه يستقبله ويكبر.
"وإنما الصلاة عقيب الطواف بالبيت بسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، واتفاق السلف والأئمة، فإذا طاف بين الصفا والمروة حل من إحرامه؛ كما أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه لما طافوا بهما أن يحلوا إلا من كان" يعني هؤلاء الذين قلبوا إحرامهم إلى تمتع، إلى عمرة، هنا حلوا الحل كله، "إلا من كان معه هدي" فلا يجوز له حتى يبلغ الهدي محله، ويكون حينئذ قارنا، "إلا من كان معه هدي فلا يحل حتى ينحره، والمفرد والقارن لا يحلان إلا يوم النحر، ويستحب له أن يقصِّر من شعره" هذا المتمتع إذا انتهى من العمرة يقصر من شعره، ولا يحلقه "ليدع الحلاق للحج" ليبقي للحج شيئاً يحلقه، "وكذلك أمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإذا أحل حل له ما حرم عليه بالإحرام" حل الحل كله، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
طالب: تأخير الحلق....
أين؟ فإذا طاف؟
طالب: قال: "فإذا طاف بين الصفا والمروة حل من إحرامه" قبل أن يذكر الحلق.
لا بد من الحلق، ولذلك ذكره بعد ذلك.
طالب: ذكره بعد.
"الذي لا يجد مكانًا في مِنى له أن يبيت خارج منى، لكن عليه أن يتقي الله -جل وعلا-، وأن يبذل جهده في ذلك، فإذا لم يستطع فلا مانع أن يبيت خارج منى، لكن كونه يعلم قبل مغادرته بلده أنه يبيت خارج منى هذا فيه ما فيه، يدل على أنه لن يبذل فيما بعد، لكن إذا بحث فلم يجد مكانًا فخرج منها لا بأس، اتقى الله ما استطاع ولا شيء عليه.
طالب:.......
المسألة فيها سعة، منهم من يقول: إنها في حكم اتصال الصفوف، وهذا قياس مع الفارق، يعني لو أبعد قليلًا عن الناس، وأخذ راحته ما دام لا يجد مكانًا ما في إشكال -إن شاء الله- الأماكن متساوية.
إذا كان يوجد ما يسخن به الماء فيسخن الماء ولا بد، وإن كان لا يوجد ما يسخن به الماء فيكفي التيمم.
إذا أصيب برجله ووضع عليها جبيرة أو شدها بشاش ونحوه، يحرص على ألا يكون بقدر عضو كامل، إذا كان بقدر الحاجة، ولا يستوعب العضو كاملًا فإنه لا شيء فيه.
هذا سروال، هذا سروال بدون كرسي.
طالب: يعتبر مخيطًا؟
محظور، نعم ما يجوز.
طالب: لبسته مرتين ولا أدري.
تب واستغفر، ما دام أنك مقلد من تبرأ الذمة بتقليده ما عليك شيء؛ لأنه أفتى به بعض أهل العلم.
الحديث صحيح، صححه جمع من أهل العلم، وإن علّه الإمام البخاري -رحمه الله-.
طالب:.......
كيف؟
طالب:.......
للحاجة، للحاجة ما هو يريد أن يكون أقوى له، كما يفعل بعض الناس، بعض الناس يشد ظهره ليكون أقوى له، وأصبر، وما أشبه ذلك، لكن إذا وجدت حاجة قائمة، ليس ظرفًا عاديًّا؛ لأن بعض الناس حتى في أيامه العادية يشدها، هذا لا يكفي لا بد أن تكون حاجة قائمة ملحة.
نعم جاء ما يدل عليه من السنة، لكنه ضعيف، في السنن.
لا يجوز له ذلك؛ لأنه ليس بثني.
إذا دعاك أبوك وقلت: لبيك، لا بأس.
الترتيب الموجود فيما يسمى بالمناسك التي بها الأدعية هذه لا دليل عليها، كثير من أدعيتها مأثور، لكن ليس في هذا المكان بخصوصه.
ليس له ذلك، إذا ذهب إلى أهله فقد ترك الوداع، وعليه بدله، عليه الدم.
من الأولى؟
طالب:.......
الأم ما حجت مثل الزوجة، كلهم ما حجوا.
طالب:........
تحج الزوجة؟
طالب:........
يعني النفقات، يعني هل في ذلك تفاوت بين الحكم والأدب؟ في حديث الثلاثة الذين انطبق عليهم الغار، واحد منهم يأتي باللبن ويجد أباه نائمًا فينتظر حتى يصبح والصبية يتضاغون جوعًا، يعني لا يسقيهم قبل والده، مع أنه بالإمكان أن يفرغ في إناء لوالده ويسقي الصبية ولا يتضرر أحد، وعمله سيق مساق المدح، وأفرج عنهم بسبب ذلك، فلا شك أن تقديم الوالدين على غيرهما هو الأصل، وإن كان في بعض أبواب الفقه تقديم الزوجة على الوالدين في بعض النفقات، لكن يبقى أنه إذا قدم والدته فقد قدم دينه على هواه، فيحمد من هذه الحيثية، ولا يجب عليه أن يحج بزوجته، لا يلزمه حتى لو طلب الأجرة منها ليكون محرمًا لها لا يُمنع، وعلى هذا عليه أن يبدأ بأمه، أو يحج بهما جميعًا، أو يتركهما جميعًا.
أولًا: الأصل في أفعاله وأقواله -عليه الصلاة والسلام- أنها له ولغيره؛ لأنه هو القدوة وهو الأسوة -عليه الصلاة والسلام-، لكن إذا دل الدليل على أن هذا العمل خاص به، أو أنه فعله ونهى عنه دل على خصوصيته به، ولا بد من أن تقوم قرينة، ويقوم دليل يدل على الخصوصية.
يقول: هذا من الإمارات، قال شيخ الإسلام -رحمه الله- في التلبية: "ويستحب الإكثار منها عند اختلاف الأحوال مثل أدبار الصلوات، ومثل إذا ما صعد نشزًا، أو هبط واديًا، أو سمع ملبيًا، أو أقبل الليل والنهار، أو التقت الرفاق، وكذلك إذا فعل ما نهي عنه، وقد روي أن ((من لبّى حتى تغرب الشمس فقد أمسى مغفورًا له)) وإن دعا عقيب التلبية، وصلى على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وسأل الله رضوانه والجنة، واستعاذ برحمته من سخطه والنار فحسن" السؤال: هل ورد على قوله هذا -رحمه الله- دليل؟
-----------------------------------------------------------
كل هذا يقصد؟ يستحب الإكثار؟ أما استحباب الإكثار منه فهذا دليله واضح، ورفع الصوت بها، فالصحابة يكثرون، والنبي -عليه الصلاة والسلام- ما زال يلبي حتى رمى جمرة العقبة، وكذلك صحابته الكرام، الدليل على الإكثار منها لا شك أنه مأثور، لكن هل يستغرق الوقت كله بحيث لا يترك فرصة، ولا شيء من الوقت دون تلبية؟ هذا قد لا يطيقه كثير من الناس، وإذا ترك أحيانًا لا مانع، ولا بأس، وهذا مقتضى قدرة الإنسان، ثم كيف يعود إذا ترك؟ إذا اختلفت الحال عاد، كما قرر أهل العلم، وأما قوله في الأخير: "أما حديث: ((من لبى حتى تغرب الشمس)) فذكرنا أنه حديث مخرج في المسند وابن ماجه، وهو ضعيف.
قال: "وإن دعا عقيب التلبية"..إلى آخره، هذا مأثور عن بعض السلف، لكنه لا يثبت مرفوعًا.
طالب:........
أولًا: شيخ الإسلام لا يرى الضعيف مطلقًا، لا في الفضائل ولا غيرها، والحديث موضوعه الفضائل، يعني يجر على قاعدة الجمهور أنه يستدل به في هذا المكان؛ لأنه في الفضائل، وشيخ الإسلام لا يرى الضعيف مطلقًا، فلعل عاصمًا الذي ضعف بسببه لا يصل إلى حد الضعف عنده، أو هو متردد في ضعفه؛ ولذلك قال: روي.