كتاب الصداق من المحرر في الحديث - 04
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد،
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في حديث تقدم الكلام فيه نعيده من أجل الربط بينه وبين الحديث الذي يليه.
قال: وعن عروة عن عائشة -رضي الله عنها- عن جدامة بنت وهب قالت: حضرت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أناس وهو يقول: «لقد هممت أن أنهى عن الغيلة»"، لقد اللام هذه في جواب قسم مقدَّر، وقد هذه حرف تحقيق، وهممت من الهم، وهو أحد مراتب القصد الخمسة التي هي الهاجس الخاطر وحديث النفس والهم والعزم.
مراتب القصد خمس هاجس ذكروا |
| فخاطر فحديث النفس فاستمعا |
يليه هم فعزم كلها رفعت |
| إلا الأخير ففيه الأخذ قد وقعا |
والنبي -عليه الصلاة والسلام- لا يهم إلا بما يجوز له فعله، بخلاف غيره، ومن ذلكم همه بتحريق المتخلفين عن الصلاة في المسجد، والعلة التي من أجلها ترك ما هم به ما في البيوت من النساء والذراري الذين لا يطالَبون بصلاة الجماعة.
«لقد هممت أن أنهى عن الغيلة، فنظرت في الروم وفارس فإذا هم يغيلون»، وهم في ذلك الوقت أكثر من في الأرض، فلا شك أن الحكم يبنى على الغالب، وليس هذا كما قال بعض المفتونين من الكتبة بالصحف أن هذا من تأثر الأحكام الإسلامية بالثقافات الأخرى، أبدًا النبي- عليه الصلاة والسلام- هم أن ينهى عنها؛ لما فيها من الضرر الواقع في بعض المجتمعات، وهذا بيناه في الدرس السابق، لكن أكثر المجتمعات لا تتضرر، ومن المعلوم المقرر أن الأحكام إنما تبنى على الغالب، ويبقى أن من يتضرر من هؤلاء القلة هؤلاء أنه يأتيهم من حيث الضرر الذي يصيبه.
ومثل ما قلنا: بعض الناس يتضرر من شرب اللبن، هل اللبن حرام؟ لا، حلال بالإجماع، النصوص الكثيرة دلت على حله، وكذلك التمر، لكن إذا كان يتضرر من أكل التمر أو شرب اللبن يُنهى إذا كان يتضرر، لكن الأصل والغالب أنهم لا يتضررون، ولذلكم أباحه الله -جل وعلا-، وهو من أفضل الطيبات التي أحلها لهم نبيهم -عليه الصلاة والسلام-، ويحل لهم الطيبات، ويحرم عليهم الخبائث، فهي من أفضل الطيبات، وإن تضرر بها بعض الناس تبقى من الطيبات، وهي حلال، والآثار الجانبية لا تؤثر على الحكم الأصلي، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- نهى عن الأكل من الثوم والبصل وعن قربان المسجد لمن أكل ثومًا أو بصلاً، فقيل: أحرام هما يا رسول الله؟ فقال: «أنا لا أحرم ما أحل الله»، الضرر هذا أو النهي جاء لجانب من الجوانب.
المقصود أن الأصل في الطيبات الحل، والنبي -عليه الصلاة والسلام- حينما عدل لم يتأثر بما عنده من شرع أو من أحكام أو قلدهم في ذلك، لا، كلا بعض من كتب ممن ينتسب إلى المسلمين من شبابهم يقول: إن الأحكام الشرعية تأثرت بالثقافات الأجنبية، يأتي بحديث مثل هذا- نسأل الله العافية- والأمر فيه كما ذكرنا هم غالب سكان الأرض في ذلك الوقت، والغالب ينظر له في الأحكام؛ لأن الأحكام تبنى على الغالب، كون بعض المجتمعات أو بعض الفئات أو بعض المناخات المؤثرة يحصل معه الضرر في هذه الحالة لا ينظر إليها من قلة.
«فنظرت في الروم وفارس، فإذا هم يغيلون أولادهم، فلا يضر أولادهم ذلك شيئًا»، يعني يجامعون وتحمل المرأة فيهم، وترضع ولدها، ولا يتضرر، "ثم سألوه عن العزل"، وهو إنزال الرجل منيه خارج فرج المرأة للعلة الذي ذكروها، للعلة الذي ذكروها في الحديث، "فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «ذلك الوأد الخفي»"، وهو الوأد الخفي، الوأد الجلي معروف الذي هو قتل الولد أو البنت؛ مخافة أن يطعم معه أو خشية العار.
«ذلك الوأد الخفي، وهو {وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ} [سورة التكوير:8]» يعني وهو المشار إليه في قوله -جل وعلا-: {وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ} [سورة التكوير:8]، هذا وأد خفي؛ لأنه قضاء على هذه النطفة، وذاك وأد جلي، وهو قضاء عليها بعد خروجها وبروزها إلى الوجود، ولا شك أن الحمل إذا خرج إلى الوجود والواقع ثبتت له الأحكام كاملة، ولذلك الاعتداء على مولود ولو كان ابن يوم مثل الاعتداء على كبير من الرجال، أو عاقل من العقلاء، أو عالم من العلماء، الدية واحدة، والكفارة واحدة.
لكن قبل خروجه من بطن أمه إذا نفخت فيه الروح ففيه الغرة، وهي عشر دية أمه، وقبل ذلك الأمر فيه أسهل، وكلما تقدم العهد فالأمر فيه أسهل، ولذا الإسقاط الذي يسمونه الإجهاض بين الأربعين وقبل نفخ الروح حرام، حرام إلا لمبرر يقتضي ذلك من خوف على الأم، وبعد نفخ الروح لا يجوز أبدًا إلا إذا تحقق هلاك الأم، وأما قبل الأربعين فكثير من أهل العلم يبيحونه للحاجة بأدنى حاجة يبيحونه، فما بالكم فيه قبل وقوعه في الرحم كالعزل، الأمر فيه لا شك أخف، ولذا دلت الأحاديث على جوازه، كما سيأتي.
"رواه مسلم، وجدامة بمهملة على الأصح.
وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن لي جارية، وأنا أعزل عنها" يعني ينزل خارج الفرج، "وأنا أكره أن تحمل"؛ لأنها إذا حملت وولدت صارت أم ولد لا يجوز له بيعها، وخرجت من يده، أعتقها ولدها، وهو يريد قيمتها، يريد أن يستمتع بها ويريد قيمتها، "وأنا أكره أن تحمل، وأنا أريد ما يريد الرجال" يريد الاستمتاع بها، "وأنا أريد ما يريد الرجال، وأن اليهود تحدث أن العزل موؤودة صغرى" أو الموؤودة الصغرى "قال: «كذبت يهود»" هناك قال: الوأد الخفي، وهنا قال: الموؤودة الصغرى، «كذبت يهود»، وبينَّا الفرق بينهما، وَأْد خفي هو مشبه للوأد من جهة، ولا يلزم أن يكون وجه الشبه في المشبَّه مطابقًا للمشبَّه به مطابقًا للمشبه به، بل إذا وجد ولو من وجه صح التشبيه.
«فصيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر» وهذا مرغب فيه، وذاك ممنوع، لكنه يشبهه من جهة أن الحسنة بعشر أمثالها، فكأنه صام الدهر، ثلاثة أيام يعني ثلاثين يوم وهذه حقيقة الشهر، ومثله ما جاء فيمن صام رمضان وأتبعه ستًا من شوال فكأنما صام الدهر كله.
"قال: «كذبت يهود، لو أن لو أراد الله أن يخلقه ما استطعت أن تصرفه، ما استطعت أن تصرفه»"، لا راد لقضائه، لا راد لقضاء الله -جل وعلا-، يقول: "رواه أحمد وأبو داود، وهذا لفظه، والنسائي، وفي إسناده اختلاف، وفي إسناده اختلاف"، حيث رواه أبو عامر الخزاز فقال: عن أبي سلمة عن أبي هريرة، وهو صدوق كثير الخطأ، عن أبي سلمة عن أبي هريرة، والمحفوظ رواية الجماعة أنه مرفوع، ليس بمرسل.
"وعن جابر -رضي الله عنه- قال: كنا نعزل على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كنا نعزل على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والقرآن ينزل، فبلغ ذلك نبيَّ الله -صلى الله عليه وسلم- فلم ينهنا، متفق عليه.
ولمسلم: كنا نعزل على عهد نبي الله -صلى الله عليه وسلم"- قول الصحابي: كنا نفعل كذا أضافه إلى عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- فهو في حكم المرفوع، وإن لم يضفه فالجمهور على أن له حكم المرفوع، وقال بعضهم: إنه لا يبعد أن يكون فعلهم ذلك الفعل بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام-.
على كل حال فمثل هذا مصرَّح بأنه على عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-، وحكم الرفع له ثابت في حكم العزل، استعمال الموانع من العقاقير الطبية والعمليات التي لا ضرر فيها كالربط وغيره فإذا كان العقار من حبوب وغيرها أو إبر لا ضرر فيها مترتب، والحاجة تدعو إلى ذلك فلا مانع منه كالعزل.
وعنه- رضي الله عنه-.
طالب: ..........
إزالته بالكامل؟
طالب: ..........
إزالة الرحم بالكلية إذا كان يترتب عليه ضرر بأن كان فيه مرض يسري إلى بقية البدن فهذا لا إشكال فيه؛ ارتكابًا لأخف الضررين، هذا لا إشكال فيه، لكن إذا كان من باب الترف جاؤوا بولد وبنت أو ولدين أو كذا أو شيء من هذا، شيء.. على ما يزعمه المتحضرون، وأن الحياة صعبة، والتربية شديدة، ولا نحتاج إلى أكثر من ذلك، فهذا لا يجوز.
وقفنا على هذا؟
قرأته؟
"بسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين يا رب العالمين.
قال -رحمه الله-:
وعنه -رضي الله عنه- قال: كانت اليهود تقول: إذا أتى الرجل امرأته من دبرها في قبلها كان الولد أحول، فنزلت: {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم}، متفق عليه، واللفظ لمسلم.
وله: «إن شاء مجبية، وإن شاء غير مجبية، غير أن ذلك في صمام واحد».
وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا ينظر الله -عز وجل- إلى رجل أتى رجلاً أو امرأة في دبرها»، رواه النسائي والترمذي وحسنه وأبو يعلى وأبو حاتم البستي، وقد روي موقوفًا.
وعنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لو أن أحدهم إذا أراد أن يأتي أهله قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنه إن يقْدَر بينهما ولد..»."
يُقَدَّر يُقَدَّر..
أحسن الله إليك.
"«فإنه إن يُقَدَّر بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبدًا».
وعن جابر -رضي الله عنه- قال: لما تزوجت قال لي رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «أتخذت أنماطًا؟» قلت: وأنى لنا أنماط؟ قال: «أما إنها ستكون» قال جابر: وعند امرأتي نمط فأنا أقول: نحيه عني، وتقول: قد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إنها ستكون»، وفي لفظ: فأدعها. متفق عليهما، واللفظ لمسلم.
وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لعن الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة، متفق عليه.
وعن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقسم فيعدل ويقول: «اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما لا أملك»، يعني القلب، رواه أبو داود، وهذا لفظه، والترمذي والنسائي وابن ماجة، ورواته ثقات، لكن قد روي مرسلاً، وهو أصح، قاله الترمذي.
وعن همام عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل»، رواه أحمد وأبو داود، وهذا لفظه، وابن ماجه والنسائي والترمذي وقال: إنما أسند هذا الحديث همام عن قتادة، ورواه هشام الدستوائي عن قتادة قال: كان يقال: وعن أبي قلابة.."
قف على هذا حسبك..
أحسن الله إليك.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث الذي يليه: "وعنه" يعني عن جابر بن عبد الله راوي الحديث السابق، وهذه عادة المؤلفين في المختصرات، أنهم يكنون بالضمير عن الراوي السابق في أقرب حديث.
"وعنه -رضي الله عنه- قال: كانت اليهود تقول: إذا أتى الرجل امرأته من دبرها في قبلها كان الولد أحول فنزلت {نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [سورة البقرة:223]، متفق عليه، واللفظ لمسلم".
اليهود كانوا من سكان المدينة مجاورين للصحابة، وإن كانت أحياؤهم مستقلة، لكن فيه مخالطة، ويذكرون بعض الأمور التي يأثرونها عمن سبقهم من أهل ملتهم بعض الأشياء، فيأتي الصحابة يسألون عنها النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه -عليه الصلاة والسلام- قال: «حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج»، «إن حدثكم بنو إسرائيل فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم».
على كل حال مما ألقاه اليهود على الصحابة فاستفهم الصحابة النبي -عليه الصلاة والسلام- قالوا: "كانت اليهود، قال: كانت اليهود تقول: إذا أتى الرجل امرأته من دبرها في قبلها" يعني الجماع يكون في القُبُل، ومكان الرجل من المرأة من الخلف في صمام واحد الذي هو القبل
"كان الولد أحول، فنزلت الآية: {نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}"[سورة البقرة:223]؛ تكذيبا لليهود في زعمهم هذا، وأنه لا أثر لذلك إذا كان في موضع الحرث الذي هو القبل. {نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ}[سورة البقرة:223] حرث يعني أزواجكم حرث لكم يعني يوطأن في موضع الحرث الذي هو موضع الولد، وهو القبل، ولا موضع للحرث غير هذا.
{فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [سورة البقرة:223] كيف شئتم مثل ما قال في الحديث الثاني: إن شاء مجبية، وإن شاء غير مجبية، يعني منكبة على وجهها أو مستلقية على ظهرها أو على جنبها.
المقصود أن المسلك يكون في القبل موضع الحرث.
"متفق عليه، واللفظ لمسلم.
وله" يعني لمسلم: «إن شاء مجبية» يعني منكبة على وجهها، «وإن شاء غير مجبية» يعني على ظهرها مستلقية أو على جنبها، وإن شاء قائمة، وإن شاء.. على أي وضع يكون، {فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [سورة البقرة:223] كيفما شئتم، لكن شريطة أن يكون في موضع الحرث، والعامة على تحريم وطء المرأة في الدبر، وهذا نقل عليه كثير من أهل العلم الإجماع، وجاءت فيه أحاديث كثيرة جدًّا لا تحصى، وإن كان في كثير منها في مفرداتها بعض الكلام، لكن كثرتها بمجموعها يدل على أن لها أصلًا ثابتًا، وما نُقل عن بعض السلف أنه أجاز ذلك استدلالاً بهذه الآية فلا أصل له، نقل عن ابن عمر، ونقل عنه تكذيب هذا الخبر، ونقل عن مالك، ونقل عنه تكذيب هذا الخبر.
وله «إن شاء مجبية، وإن شاء غير مجبية، غير أن ذلك في صمام واحد» الذي هو الفرج موضع الحرث.
"وعن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا ينظر الله -عز وجل-، لا ينظر الله -عز وجل-»" فيه إثبات صفة النظر لله -جل وعلا- «إلى رجل أتى رجلاً»؛ لأن نفي النظر عن هذه الصورة وما أشبهها مما أتى بهذا اللفظ يثبت النظر في خلافها، يثبت النظر في خلافها، «لا ينظر الله -عز وجل- إلى رجل أتى رجلاً» يعني مثل ما استدل أهل العلم على ثبوت رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة، إضافة إلى النصوص الخاصة الصحيحة الصريحة في هذا الباب قالوا: لما احتجب عن الكفار دل على أن المؤمنين يرونه.
«لا ينظر الله -عز وجل- إلى رجل أتى رجلاً» أتى رجلاً، يعني معلوم أنه إنما يأتيه من جهة الدبر؛ إذ لا قبل له، وهو عمل قوم لوط الذي عذبوا من أجله، الذي عذبوا من أجله بأبشع صور العذاب الدنيوي، وبقي الأمر سبة فيهم إلى يوم القيامة، نسأل الله العافية.
الوليد بن عبد الملك يقول: لولا أن الله ذكر عمل قوم لوط في القرآن ما صدقت أن رجلاً يعلو رجلاً فطرة.
قد يقول قائل: إن قوم لوط عذبوا بعدم استجابتهم لنبيهم، وقد قرر العلماء من المفسرين وغيرهم أن الله لا يعذب بالشرك في الدنيا، إنما يعذب على ذنوب خاصة يختصون بها، وإلا فالشرك عم الناس كلهم في كثير من الأقطار والبلدان، وما عجلت لهم العقوبة، لكن كل قوم عذبوا في الدنيا وعجل عذابهم إنما هو لأمر خاص، كمثل عمل قوم لوط، ومثل بخس المكاييل والموازين وغير ذلك من الذنوب التي وجدت في بعض الأمم، وعذبوا بسببها، ولذا يقول القرطبي، هذا كلام القرطبي وغيره من المفسرين يقول: إن الله لا يعذب، ولا يعجل العقوبة على أهل الشرك حتى يختصوا بعمل يحادون فيه ويختصون به، وإن كان الشرك لا خلاف في أنه أعظم الذنوب، أعظم الذنوب، لكن العقوبات جرت السنة الإلهية أنها تعجل لها العقوبة إذا اختص بها هؤلاء ونهوا عن ذلك، وأصروا وعاندوا، وكثر فيهم، وفشا.
ولذا في الحديث الصحيح من حديث زينب قالت: أنهلِك وفينا الصالحون؟! قال: «نعم، إذا كثر الخبث نعم، إذا كثر الخبث»، الصالحون موجودون علماء، وفقهاء، قضاة، دعاة، فيهم كثرة- ولله الحمد- لكن الخشية من إيش؟ من كثرة الخبث، هذا الذي يخشى منه ويخاف منه، ولذا يقال في الحديث الصحيح: أنهلك وفينا الصالحون؟! قال: «نعم، إذا كثر الخبث»، فإذا كثر الخبث حلت العقوبة.
لا ينظر الله -عز وجل-، وجاء لعن من يعمل عمل قوم لوط.
«لا ينظر الله -عز وجل- إلى رجل أتى رجلاً أو امرأة في دبرها»، والعمل شبيه به إتيان المرأة في دبرها لوطية مثل عمل قوم لوط؛ لأنه في محل القذر، وإذا حُرِّم وطء الحائض؛ لوجود الضرر والنجاسة فالدبر أعظم نجاسة، أعظم نجاسة، وذكر الأطباء أنه يترتب عليه أضرار كثيرة جدًّا.
على كل حال العمل محرم، عمل قوم لوط، ومثله إتيان المرأة في دبرها، هذا محل إجماع بين أهل العلم، ولم يذكر الخلاف فيه لاسيما في إتيان المرأة إلا أقوال شاذة عن بعض الطوائف المخالفة لكثير من أصول الإسلام، فأجازوا وطء المرأة في دبرها، وأجازوا وطء ملك اليمين من الذكور، نسأل الله العافية.
"رواه النسائي والترمذي وحسنه، وأبو يعلى وأبو حاتم البستي، وقد روي موقوفًا" ورجَّح بعضهم الموقوف، لكن له حكم الرفع، لا يمكن أن يقول الصحابي: لا ينظر، من تلقاء نفسه، فهذا له حكم الرفع عند أهل العلم، والمرفوع أيضًا مصحح عند أهل العلم محسن.
"وعنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لو أن أحدهم»"، وفي رواية: «أحدكم» في المخاطَبين، وفي حكمهم من يصح أن يتوجه إليه الخطاب من الأمة إلى قيام الساعة، فالحكم واحد لا يختلف.
«لو أن أحدهم إذا أراد أن يأتي أهله» يعني يجامع امرأته قال: «بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان»، إذا أراد أن يأتي يعني قبل أن يشرع ويباشر قبل ذلك، إذا أراد ذلك قبل أن يباشره قال: «بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا»، يعني من الولد، «اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنه إن يقدَّر بينهما ولد في ذلك» يعني في ذلك الوقاع في هذا الإتيان «لم يضره شيطان أبدًا، لم يضره شيطان أبدًا».
والنفي هنا حمله بعضهم على العموم، عموم الضرر في أمور الدين وأمور الدنيا، ومع ذلكم لا يقتضي العصمة بالاتفاق؛ لأن العصمة للأنبياء، لكن يُحفَظ من الشيطان، فيكون من عباد الله الذين ليس للشيطان عليهم سلطان، فيحالفه التوفيق في أمور دينه ودنياه، وإذا وقعت منه هفوة أو زلة فإنه يوفَّق للتوبة، وجاء في الحديث الصحيح أن الغمزة التي يغمزها المولود عند ولادته لم يسلم منها إلا عيسى وأمه، في بعض الروايات.
طيب ما سلم المولود من الغمزة واللمة من الشيطان عند ولادته، ولذلك يصرخ، كل مولود يستهل إذا ولد يصرخ، يعني فإما أن يستثنى من هذا العموم، وإما أن يقال: إنه يسلم، والأصل في هذا الباب وغيره أن التسمية والذكر هذا سبب، والأسباب إنما تترتب عليها آثارها ومسبباتها إذا لم يوجد ثم مانع، {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [سورة غافر:60]، يعني الإجابة من خلال هذه الآية محتملة إذا دعا يجيب بوعد من لا يخلف الميعاد {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [سورة غافر:60]، لكن كثيرًا من الناس يدعو ولا يستجاب له؛ لوجود المانع، وذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وغذي بالحرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له، هذا دعا، والله -جل وعلا- يقول: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [سورة غافر:60]، وجد المانع، فقد يوجد المانع من ترتب المسبب على هذا السبب، ويحصل ما يحصل، ويتسلط عليه الشيطان؛ لوجود المانع كغيره من الأسباب، والولد يطلق على الذكر والأنثى، يطلق على الذكر {يوصيكم في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين}، فالولد شامل للذكر والأنثى.
لم يضره ذلك، «لم يضره شيطان أبدًا»، «لم يضره» لم حرف إيش؟
طالب: ...........
جازم يجزم المضارع، وهنا ضبطه بالفتح، والنووي في شرح مسلم في حديث الصيد: «إنا لم نردُّه»، ضبطه بالضم، وخطَّأ من يقول بالفتح، «إنا لم نردُّه عليك إلا أنا حُرُم»، وفرَّق بين هذا الفعل المضعَّف المقترن بضمير النصب المذكَّر فقال: يُضَم، يجب ضمه، وإذا كان ضمير نصب مؤنَّث يُفتَح لم نردَّها من باب الإتباع والمناسبة بين الحرفين وإلا فالأصل فيه الجزم، والمضعَّف عبارة عن حرفين؛ الأول منهما ساكن، والثاني متحرك، إن حصل التضعيف لا يمكن أن يبين السكون إذًا إذا تعذَّر، الضبط المناسب، فيُنظَر في البديل، {يَرْفَعِ اللَّهُ} [سورة المجادلة:11]، الجر من علامات الأسماء، فكيف القراء قرؤوه يرفع الله؛ لالتقاء الساكنين، لكن لماذا جروه ما رفعوه؟
طالب: .........
ما يمكن أن تتخلص تقول: يرفعُ الله؟!
طالب: .........
طيب ما دام الجر من خصائص الأسماء..
بالجر والتنوين والندا وأل |
| ومسند للاسم تمييز حصل |
الجر من خصائص الأسماء، فكيف جررنا الفعل؟
طالب: ...........
نعم للتخلص من التقاء الساكنين، لماذا لم نتخلص من التقاء الساكنين بما يجوز للفعل من الرفع والنصب؛ لأننا لو ضممناه أو رفعناه، لو رفعناه توهَّم متوهِّم إلغاء عمل العامل، يعني رددناه إلى أصله إلغاء عمل العامل، والعامل يقتضي الجزم لو رفعناه؛ لأن الأصل في الفعل أنه مرفوع إلا إذا لم يتجرَّد، إلا إذا اقترن به ناصب أو جازم، ولماذا لا نعدل إلى النصب؟ لئلا نُعمِل حرفًا في غير موضعه ووجوده، طيب أعملناه هنا لم يضرَّه، الفتح أخف، والضم على ما قاله النووي واختاره يترتب عليه إلغاء عمل العامل، كأنها غير موجودة وهي موجودة، لم، ولها عمل، فإذا وجد منصوبًا بحث القارئ عن سبب النصب؛ لأن لم تقتضي الجزم، لكن لم يضره ألغيت لم والأصل إعمالها، ولذلك كلام النووي -رحمه الله- مستدرَك عليه مثل هذا الموضع.
«لم نرده إليك إلا أنا حرم» قالوا: الفتحة أخف من الضم، لكن في تقديري أن السبب لئلا يُظَن إلغاء العامل عمل العامل بدون مبرر مع الإمكان أن يستبدل بغيره مثل ما قيل في الفرار من التقاء الساكنين بالجر، فلا يعاد الفعل إلى وضعه قبل دخول العامل، لم يضره شيطان أبدًا. "وعن جابر -رضي الله عنه- قال: لما تزوجت قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أتخذت أنماطًا؟»" لما تزوجت «أتخذت أنماطًا؟»
جابر -رضي الله عنه- تزوج في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- بعد وفاة أبيه امرأة، يعني تخدمه وتخدم أخواته الثمان، ولذلك تزوج ثيبًا، ما تزوج بكرًا، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قال: «هلا بكرًا تلاعبها وتلاعبك»، لكنه لاحظ مصلحة أخواته -رضي الله عنه وأرضاه- لما تزوج قال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أتخذت أنماطًا؟» النمط بساط ناعم له خِمْل وهو أقل مما نستعمله الآن بكثير وهو نوع ترف وهو نوع ترف وليس من باب التقرير قوله "«أتخذت أنماطًا؟» قلت: وأنى لنا أنماط؟ قال: «أما إنها ستكون»" ستكون، ومثل ما جاء عن السلف ذم ستر الجدران، والآن يستعمله الناس ويتداولونه بكثرة، ولا كأن شيئًا صار، وأبو ذر وأبو الدرداء رجعا من دعوة عبد الله بن عمر لما رأيا الستر وشددا في ذلك، وعلى كل حال الله المستعان.
"قلت: وأنى لنا أنماط" النمط هو بساط ناعم له خمل، ونهينا عن اتخاذ جلود السباع واتخذناها، وجلود النمور فاتخذناها، النمط أشار إليه ابن مالك في ألفيته في المعرَّف بأل قال:
أل حرف تعريف أو اللام فقط |
| فنمط عرفت قل فيه النمط |
«أما إنها ستكون» هذا من إخباره -عليه الصلاة والسلام- عن الأمور المستقبلة، وهو من دلائل نبوته -عليه الصلاة والسلام-، "قال جابر: وعند امرأتي نمط، وعند امرأتي نمط" يعني حينما قال له النبي -عليه الصلاة والسلام- عندها نمط أو اتخذته فيما بعد؟ لأن «أتخذت أنماطًا؟» يصح أن يقول: أنى لنا أنماط؛ لأنه من ملك زوجته لا من ملكه، ومن اتخاذها، لا من اتخاذه، ويحتمل أن يكون الأمر بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام- ووقوعًا لما أخبر به -عليه الصلاة والسلام- أنه صار حتى عند مرأة جابر الذي روى الحديث نفسه.
"قال جابر: وعند امرأتي نمط، فأنا أقول: نحيه عني" فهم من كلامه -عليه الصلاة والسلام- الذم، وأنه سيحدث فيما بعد من ضمن ما يحدث من الأمور المخالفة، "فأنا أقول: نحيه عني" أبعديه عني، "وتقول: قد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إنها ستكون»" وساد النبي- عليه الصلاة والسلام- من أدم حشوها ليف، وسادته -عليه الصلاة والسلام- من أدم من جلد حشوها ليف، هل يستطيع الواحد منا أن ينام وهذه وسادته؟! ما يستطيع، يعني لو صارت الوسادة من الإسفنج، لكنه ضغطه عالٍ ستين مثلاً تستطيع أن تنام؟! والله ما نستطيع أن ننام، ولا تستطيع أن تجلس عليها، وهذا كله بسبب الترف، اخشوشنوا، تمعددوا فإن النعم لا تدوم، نحن ننظر إلى من حولنا كانوا أنعم منا، ومع ذلك حصل لهم ما حصل، كان بعض جيراننا من البلدان المجاورة يمسحون الماصات والجزم الكنادر برقائق الخبز، شف الآن ماذا عندهم؟ وذكر المعافى بن عمران بسند صحيح إلى الحسن البصري أن الله -جل وعلا- فتح أبواب الرزق على قوم فاستنجوا بالخبز، قال: فسلَّط عليهم الجوع والمسغبة حتى أكلوا العَذِرَة، نسأل الله العافية، النعم لا تدوم، والترف كل ما جاء فيه من نصوص كله ذم، ما فيه شيء يمدح الترف، "قلت: وأنى لنا أنماط قال «أما إنها ستكون» قال جابر وعند امرأتي نمط فأنا أقول نحيه عني" يعني من قرأ في عيشه -عليه الصلاة والسلام- سواء ما ورد في الصحيح للبخاري أو غيره أو الشمائل أو غيرها يعرف قدر هذه الدنيا وهو أكرم الخلق على الله ينام على وساد من أدم حشوها ليف؟! أو على حصير قد أثر في جنبه -عليه الصلاة والسلام- النعم والدنيا التي فتحت علينا لأننا أكرم على الله لا والله وإنما يخشى أن يكون استدراج نسأل الله -جل وعلا- أن يرزقنا شكر النعم "فأنا أقول نحيه عني وتقول قد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «أما إنها ستكون»" يعني بعض الناس يستدل بالنصوص التي جاءت فيما سيحصل في آخر الزمان على جواز الفعل والأمر ليس كذلك الظعينة تمشي من كذا إلى كذا إلى حضرموت من المدينة إلى حضرموت يعني بدون محرم يستدل به بعض الناس على جواز ذلك هذا خبر عما سيحدث هذا خبر عما سيحدث والمرأة التي تؤمن بالله لا تسافر إلا ومعها ذو محرم كما في الحديث الصحيح "وتقول: قد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إنها ستكون»، وفي لفظ: فأدعها"؛ لأن جابرًا فهم أن السياق سياق ذم.
"متفق عليهما، واللفظ لمسلم.
وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لعن الواصلة، لعن الواصلة" يعني التي تصل شعرها بشعر أو غيره بشعر أو غيره، فالوصل حرام، والوصل بالشعر عامة أهل العلم على تحريمه، وفي صحيح البخاري في باب تحريم وصل الشعر من كتاب الأدب أن معاوية -رضي الله عنه- قدم المدينة، ومعه حرسي في يده كَبَّة من شعر فقال: إنما هلك بنو إسرائيل حينما اتخذ نساؤهم القَصَّة، بعضهم يحمله على قص الشعر، وهذا الكلام ليس بصحيح، وإنما هو الزيادة في الشعر، ووصل الشعر في مثل هذا الشعر المقصوص الذي في يد الحرسي، وأما قص الشعر فثبت في الصحيح أن نساء النبي -عليه الصلاة والسلام- بعد وفاته يأخذن من شعورهن حتى تكون كالوفرة؛ شريطة ألا تشبه الرجال، ولا تشبه نساء الكفار، إذا خلا الأمر خلا القص فهذا من التشبه بالرجال وبنساء الكفار، فلا بأس به، فعله أزواج النبي -عليه الصلاة والسلام-، أما الوصل في الشعر والزيادة فيه فهي حرام، والنص شامل للشعر وغيره، الواصلة التي تصل شعرها أو شعر غيرها بالشعر هذا عليه عامة أهل العلم أو بغيره، وقد قال به جمع من أهل العلم؛ لأن النص يتناول الشعر وغير الشعر، لكن قال بعض أهل العلم: إن العلة هي التدليس؛ ليُظَن أن شعرها طويل، وهو في الحقيقة قصير، فتخدع الزوج وما كان من غير الشعر لا يمكن أن يلتبس على أحد إلا إذا صنع وصيغ بطريقة تشبه الشعر، أما بالألوان، ويسمى القرامل، فقد جاء في سنن أبي داود عن الإمام أحمد جوازه، وقال به جمع من أهل العلم لاسيما إذا كان بالألوان بحيث لا يلتبس بالشعر، لكن الإشكال أن الشعر الآن صار بالألوان، الشعر صار بالألوان، الآن التمييش بالألوان، خذ ما شئت أصفر وأزرق وأحمر، فإذا وصف وصل بغير الشعر بالألوان المناسبة لتلوين الشعر صار الحكم واحدًا، وصار الغش ظاهرًا.
"أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لعن" واللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله، مما يدل على أن هذا الفعل من الكبائر؛ لأن الفعل الذي يُتوعَّد عليه باللعن من الكبائر عند أهل العلم، وزاد حفيد المجد يعني شيخ الإسلام ابن تيمية في منظومة الآداب لابن عبد القوي.
وزاد حفيد المجد أو جا وعيده |
| بنفي لإيمان أو بلعن مبعد |
يعني زاد في ضابط الكبيرة، "لعن الواصلة والمستوصلة" يعني طالبة الوصل، طالبة الوصل لها أو لغيرها، بعض الأمهات تشفق على بنتها، وتطلب من يصله تدخل في هذا، والمرأة التي تطلب من الواصلة أن تصل شعرها داخلة في اللعن.
"والمستوصلة والواشمة" والوشم غرز الجلد بإبرة، وحشوه بكحل أو ما يشبهه من ألوان أخرى، حشوه بحيث يثبت لا يتغير، يثبت أبد الدهر، هذه الواشمة التي تصنع هذا العمل داخلة في اللعن، "والمستوشمة" التي تطلب الوشم، الواشمة لنفسها أو لغيرها كما قلنا في الواصلة والمستوشمة التي تطلب من يشم جلدها أو غيرها كذلك داخلة في اللعن، ونرى في نساء المسلمين الوافدات سواء كن من جهة المشرق أو المغرب أو غيرها من الجهات تجد الوشم ظاهرًا في الوجه وفي اليدين وبعضهم في عضده إما صورة حشرة أو صورة قلب أو صورة محبوب، كل هذا داخل في اللعن، نسأل الله العافية، وإذا تاب الإنسان منه فإن كان زواله، إن كانت إزالته لا يترتب عليها ضرر أو عاهة مستديمة فإنه تجب إزالته، وأما إذا ترتب عليه ضرر بالغ أو عاهة مستمرة أو مستديمة فهذا تكفيه التوبة والندم.
كم بقي؟
طالب: .........
بعض النساء يُصَبْنَ بالصلع، إما بأمر طبيعي تدريجي شيئًا فشيئًا حتى يزول أو بسبب علاج مثل من يعالَج بالكيماوي بسبب السرطان أو غيره، نسأل الله السلام والعافية، فتصاب بصلع، يقذرها الناس به، فيضعن على رؤوسهن ما يسمى بالباروكة، بعض العلماء يقول: هذه ضرورة، ولا تستطيع أن تعيش بين النساء بغير ذلك، وأنا أقول: هذا ابتلاء من الله -جل وعلا-، عليها أن تصبر وتحتسب وتضع مكان هذا الشعر عصابة سوداء، وخلاص ينتهي الإشكال، وإذا وضعت الباروكة فهو وصل لاسيما إذا كانت من الشعر أو ما يشبهه، هذا وصل.
الحديث "متفق عليه" ثم قال..
"