الثواب على المرض مع عدم الاحتساب

السؤال
هل يؤجر المريض على مجرد المرض وإن لم يحتسب ويصبر؟ 
الجواب

أكثر أهل العلم على أنه إذا لم يحتسب ويصبر بل جَزِع وتشكى وتعدى ذلك إلى فعل الأفعال من ضرب الخد وتمزيق الشعر وضرب الصدر وما أشبه ذلك فإنه آثم بالإجماع إذا فعل ذلك، لكن هل له أثر على أجر المصيبة أو لا أثر له؟ عامة أهل العلم أن له أثرًا وأنه لا يؤجر على مصيبته، إن رضي فله الرضا وإن سخط فعليه السَّخَط، ويرى بعضهم _وهو الذي يرجحه ابن حجر_ أنه يُؤجر على المصيبة ولو لم يصبر، وأجر الصبر قدر زائد على أجر مجرد المصيبة، لكن الجمهور على أنه لا يؤجر إذا جزع ولم يصبر، فإنه إن صبر فله الرضا وإن سخط فعليه السَّخَط، فرأي ابن حجر هذا على القول بانفكاك الجهة، فهل تنفك الجهة؟ لا شك أن الرضا بالقدر أمر مطلوب، لكن يبقى أن عليه وزر هذا الجزع وهذه المخالفة لما قدّر الله _جل وعلا_، وأما أجر المصيبة الذي جاءت به النصوص فهو ثابت له، على رأي ابن حجر حيث يرى أن الجهة منفكة، وأكثر أهل العلم على أنه لا يؤجر بناء على أن الجهة واحدة، ولا يمكن أن يترتب في جهة واحدة أجر ووزر؛ لأن هذا تناقض، ولذا أهل العلم في مسألة ارتكاب المحرّم فيما طُلب من العبادات مثلاً، ارتكاب منهي عنه في أمر مطلوب شرعاً، فهل هذا النهي يقتضي البطلان أو لا؟

 

الظاهرية على أنه يقتضي البطلان مطلقًا، والجمهور يفرقون بين ما كان فيه النهي عائدًا إلى ذات المنهي عنه أو إلى شرطه أو جزئه المؤثر كالركن فإن هذا يلزم منه البطلان؛ لأنه بدون هذا الشرط لا يصح، بدون هذا الركن لا يصح، فكأنه عاد إلى ذات العبادة، فيفرقون بين هذا وبين ما كان فيه النهي عائدًا إلى غير ذات المنهي عنه، ولذا يفرقون بين من صلى وعلى رأسه عمامة حرير أو بيده خاتم ذهب في أصبعه، فصلاته صحيحة؛ لأن الجهة منفكة؛ لأن النهي عائد إلى أمر خارج عن ذات العبادة وشرطها، وبين من صلى وعليه سترة حرير أي: ستر عورته بحرير، وستر العورة شرط، فالأمر عاد إلى أمر مؤثر في الصلاة، فكأنه عاد إلى ذاتها، فإذا بطل الشرط بطل المشروط، والظاهرية -كما قدمنا- يرون أن كل نهي مُقارنٍ لمأمورٍ فإنه يُبطله من غير تفصيل.