القرآن أصل العلم الشرعي كله، والسنة مبيِّنة للقرآن، فالعناية بالقرآن أمر لا بد منه لطالب العلم، وقد ذكرنا أن طريقة المغاربة أنه لا يُبدأ بشيء من العلم حتى يحفظ القرآن كاملًا، كما ذكر ذلك ابن خلدون في مقدمته؛ ليضمن حفظ القرآن، ثم بعد ذلك يتَّجه إلى العلم، وهذه نعمة عظيمة أن يُقدِم طالب العلم على حفظ القرآن قبل أن يبدأ بالعلوم الأخرى التي تشغله عن حفظ القرآن، ثم بعد ذلك يلتفت إلى العلوم الأخرى، وحفظ القرآن يُعينه على فهم العلوم الأخرى.
وطريقة المشارقة تختلف عن طريقة المغاربة، وهذا هو الذي درج عليه الناس، أنه يُبدأ بالعلوم من البداية، فتُقرأ كتب الطبقة الأولى من المتعلمين وهي كتب المبتدئين، مع حفظ قصار المفصل -مثلًا- أو المفصل كله، وكتب الطبقة الأولى هذه مبيَّنة وموضَّحة في كتب وفي أشرطة ومدروسة، فما هي من فراغ، فتُقرأ هذه الكتب وتُحفظ، وتُقرأ على الشيوخ، ويُحفظ معها المفصل. ثم بعد ذلك كتب الطبقة الثانية، والتدرُّج في حفظ القرآن أن يحفظ من يس إلى المفصل، مع كتب هذه الطبقة، ثم مع كتب الطبقة الثالثة يبدأ من النصف الثاني من القرآن -من الكهف مثلًا- إلى يس، ثم بعد ذلك يواصل حفظ القرآن، ويكون في مدة يسيرة على حسب قوة الحافظة والفهم عنده، فيُنجِز الكتب المصنفة لطبقات المتعلمين مع حفظ القرآن.