أولًا: العلم الشرعي بجميع فروعه وحدة مترابطة متكاملة، فلا يستطيع أن يتخصَّص في القرآن مَن لا يعرف السنة، ولا يستطيع أن يتخصَّص في السنة مَن ليست له عناية بكتاب الله -سبحانه وتعالى-، ولا يستطيع أن يفهم الكتاب والسنة مَن ليست له عناية بأصول الفقه، وقواعد التفسير، وعلوم الحديث، وعلوم العربية بفروعها الاثني عشر. وأي إنسان يتصدَّى للتفسير أو لشرح الحديث وليست عنده العلوم متكاملة، فلا بد أن يظهر في شرحه الخلل، وقد سمعتم وسمعنا الكثير ممن يتصدَّى لهذه الدروس، ثم إذا مرَّتْ به مسألة عَسَفَها على طريقةٍ غير مرضيَّة، لماذا؟ لأنه ينقصه بعض العلوم التي تَحل له هذا الإشكال.
فالوصية لطالب العلم ألَّا يتخصَّص، بل يقرأ كتب الطبقة الأولى -مثلما ذكرنا-، ويحفظها، ويفهمها، ويُراجع عليها الشروح، ويحضر فيها الدروس، ثم يقرأ كتب الطبقة الثانية، والثالثة، ثم بعد ذلك يتخصَّص، ويكون له ميل إلى علم من العلوم يتوغَّل فيه، فما فيه إشكال؛ لأن عنده ما يستطيع أن يَحل به ما يُشكل عليه في العلوم الأخرى.