لا يجوزُ لأهلِ الميِّت أن يَصْنَعُوا طعامًا للناس؛ لقولِ جريرِ بنِ عبدِ اللهِ البَجَليِّ الصَّحابيِّ الجليلِ رضي الله عنه: «كنا نَعُدُّ الاجتماعَ إلى أهلِ الميِّتِ وصَنْعَةَ الطَّعامِ بعدَ الدَّفْنِ مِن النِّياحَة»؛ رواه الإمامُ أحمدُ بسندٍ حَسَنٍ [(6905)]. أمَّا صُنْعُ الطَّعامِ لهم أو لضيوفهم، يعني: كونَ غيرِهِم يصنعُ الطعامَ لهم، ولو شارَكَهم بعضُ الزائرين فيه، فلا بأس، ما لم يكنِ الطعامُ مِن مالِ الميِّتِ أو مِن أهلِه.
ويُشْرَعُ لأقارِبِهِ وجيرانِهِ أنْ يَصْنَعُوا لهم الطعامَ؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لمَّا جاءَه الخَبَرُ بموتِ جعفرِ بنِ أبي طالب رضي الله عنه في الشَّامِ، أمَرَ أهلَهُ أنْ يَصْنَعُوا طعامًا لأهلِ جعفرٍ، وقال: «إنَّه أتاهُمْ ما يَشْغَلُهُمْ» [أبو داود (3132)، والترمذي (998)، وابن ماجه (1610)، وأحمد (1750)]، وهذه السنَّةُ معمولٌ بها، وأنَّ مَن ماتَ لهم ميِّتٌ، صَنَعَ لهم الناسُ مِن الأقارِبِ والجيرانِ الطعامَ؛ لانشغالهم بما هُمْ فيه.
ولا حرَجَ على أهلِ الميِّتِ أنْ يدعُوا جِيرانَهُم، أو غيرَهُمْ للأكْلِ مِن الطَّعامِ المُهْدَى إليهم، فليس هذا مِن مَظاهِرِ الوَلائِمِ، لكنَّهُ باعتبارِ أنَّه طعامٌ أُهْدِيَ إليهم، ومِن بابِ إِكْرامِ الجِيرانِ والأقارِبِ، ولأنَّه طعامٌ فيه قدْرٌ زائدٌ على الحاجةِ.
وليس لذلك وقتٌ محدودٌ فيما نَعْلَمُ مِن الشَّرْعِ، فليس محدودًا بيومٍ أو يومَيْنِ أو ثلاثَة.