هذه الجلسة لا إشكال في ثبوتها عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، فحديث مالك بن الحويرث في البخاري، وليس لأحد كلام، واختلفوا في مشروعيتها، فقال بمشروعيتها الشافعي، وطائفة من أهل الحديث، وهو رواية عن أحمد.
ولم يستحبها الأكثر، لا الحنفية ولا المالكية ولا الحنابلة في المشهور عندهم، وقالوا: إنما حفظت هذه الجلسة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في آخر حياته لما ثقل، ولذا لم يذكرها جميع من وصف صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- إلا مالك بن الحويرث، هذا بالنسبة للإمام، أما المأموم -عندهم- فلا يجلس، لحديث: «إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه».
ويسميها الفقهاء: (جلسة الاستراحة)، وهي في الحقيقة ليست للاستراحة إنما هي زيادة تكليف في الصلاة، فالأسهل للمصلي إذا سجد أن يقوم مباشرة، لاسيما من يحتاج، فالذي يثقل أو يحس بوجع في ركبتيه، فالأسهل له أن يقوم إلى الركعة، لا أن يجلس ثم يقوم، لأن جلوسه زيادة عبء عليه، فالرِّجل في السجود ليست منثنية انثناء تامًّا، بل نصف انثناء، فإذا قام مباشرة، أسهل له من كونه يثنيها ثنيًا كاملًا ثم يقوم، وليس في النصوص ما يدل على تسميتها جلسة استراحة، والفقهاء سموها بهذا من أجل أن يعتبروها راحة في الصلاة، فلا يفعلها -عندهم- إلا من يحتاج إلى هذه الراحة، والواقع العكس، فالمحتاج قد لا يفعلها، وهذا شيء مجرَّب، فكبار السن ومن عندهم روماتيزم وما أشبه ذلك، يصعب عليهم الجلوس، لأنها ليست جلسة طويلة بحيث يرتاح راحة تامة، بل هي مجرد جلسة خفيفة ثم يقوم، فهي زيادة تكليف عليه.
وأما استدلالهم بأنها لم تنقل إلا من طريق مالك بن الحويرث، فقد نص ابن القيم، وابن حجر: أنها جاءت في بعض طرق حديث أبي حميد، الذي وصف صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- بحضرة عشرة من الصحابة، ونص ابن حجر في التلخيص: أنها جاءت في بعض طرق حديث المسيء.