جمهور أهل العلم يقررون أن فعل المحظور أعظم من ترك المأمور، لحديث: « إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا، أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» [البخاري: 7288] فالأمر فيه تعليق على الاستطاعة، وأما بالنسبة لفعل المحظور فليس فيه تعليق بالاستطاعة. وإن روي الحديث مقلوبًا لكن هذا صوابه. وشيخ الإسلام يرى العكس، وهو أن ترك المأمور أعظم من فعل المحظور، وحجته في ذلك أن معصية آدم –عليه السلام- كانت بفعل محظور، ومعصية إبليس كانت بترك مأمور. وعلى كل حال؛ فلا يحكم في مثل هذا بحكم مطرد، بل ينظر إلى قدر هذا المأمور المتروك، مع قدر هذا المحظور المفعول, ففرق بين من يترك صلاة الجماعة لأن في طريقه منكر لا يستطيع تغييره. وبين من يترك صلاة الجماعة لأن في طريقه بغي، وعلى رأسها ظالم يلزم من جاء إلى الصلاة بالوقوع عليها، فنقول اترك المأمور حينئذٍ. وفي الصورة الأولى لا تترك المأمور، فأنت معذور إذا لم تستطع تغييره. فهناك مفاضلة إذا أكره الإنسان على شيئين: أحدهما مأمور، والثاني محظور، والموازنة لا بد منها. فإذا كان المأمور شأنه عظيم في الشرع كترك الصلاة بالكلية -مثلًا- فإنه يرتكب المحظور، من باب ارتكاب أخف الضررين. وإذا كان المحظور أمره في الشرع عظيم، فإنه يرتكب ما يقابله من ترك المأمور. ولا بد من النظر في الأمرين معًا حال ارتكاب أحدهما.