علم الحديث وإن تطاول عليه من تطاول من طلاب العلم المبتدئين، وصاروا يَدرسون الأسانيد ويحكمون على الأحاديث، ويُوهِّمون أهل العلم؛ أنهم ليسوا على الجادة، فإن إدراكهم لدرجات الأئمة دونه خرط القتاد، ومن المؤسف أن تجد شابًا يقول: ضعّفه أحمد وابن معين وأبو حاتم والدارقطني وهو في نقدي صحيح!.
لا بد لطالب العلم أن يعلم أن الأئمة الكبار أحكامهم بعد استقراء تام وتتبّعٍ وإحاطة بالمرويات، فإذا حكموا على حديث من الأحاديث في باب من الأبواب فإن حكمهم هذا بعد تصور واستقراء تام لجميع ما ورد في الباب، أما أنت يا مسكين يامن تطاولت عليهم كيف تحكم وأنت ما تحفظ ما حفظوا؟!
بعض طلاب العلم لو سُئل عن (الأربعين النووية) وجد أنه لم يحفظها، ومع ذلك يتصدى وينبري للتصحيح والتضعيف، ويَذكر أن فلانًا أخطأ وفلانًا كذا وكذا!، ومن المؤسف أن مجالس صغار طلاب العلم الآن معمورة بمثل هذا؛ سواء الكلام في أهل الحديث، أو في غيرهم من أهل العلم، وهذا التطاول لا شك أنه سبيل إلى الحرمان من العلم والعمل، والإنسان إذا لم يعرف قدر نفسه لم يعرف كيف يتعامل معها، إذ كيف تقارن نفسك بمن يحفظ سبعمائة ألف حديث؟! هذا يكفيه شم الحديث ليعلم ثبوته من عدمه، ومجرد ما يسمع كلمة من الحديث يعرف هل تثبت أو لا تثبت، وهل يمكن أن ينطق النبي -عليه الصلاة والسلام- بمثل هذه الكلمة أو لا يمكن، فعلى طالب العلم أن يتأدب مع أهل العلم ويعرف قدرهم وإمامتهم.