النافلة يختلف فيها أهل العلم هل تدخل في المضاعفات التي جاءت في الصلوات في المسجد الحرام والمسجد النبوي أو لا، مع أن الحديث قيل في مسجده -عليه الصلاة والسلام-، وقيل أيضا: «أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة» [البخاري: 731] [ويُنظر: أبو داود: 1044]، فالصلاة في البيت أفضل من الصلاة في الحرم، وكذلك في المسجد النبوي، مع أن الصلاة في بيته في المدينة ليس فيها مضاعفة بخلاف مكة، وعلى هذا يُقرِّر كثير من أهل العلم أن هذه المضاعفة لا تشمل النافلة، نعم هي أفضل منها في سائر البلدان لكن ليست بهذا القدر المذكور بمائة ألف صلاة في المسجد الحرام، وبألف صلاة في مسجده -عليه الصلاة والسلام-، هذا في الفريضة، وإن كان لفظ الحديث عامًّا، لكن إذا قارنا بين الحديثين: بين حديث «صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه، إلا المسجد الحرام» [البخاري: 1190]، مع قوله: «أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة»، والصلاة في المدينة ليست فيها مضاعفة كما هو الشأن في مكة، استروحنا إلى القول بأن المضاعفات بهذا المقدار لا تشمل النافلة، وهو قول جمع من أهل العلم.
وتوضيح وجه الاستشهاد: أن الاستدلال من كونه -عليه الصلاة والسلام- قال في مسجده -عليه الصلاة والسلام-: «صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه، إلا المسجد الحرام»، مع أنه قال وهو في المدينة: «أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة»، فدل على أن صلاة الرجل النافلة في بيته في المدينة أفضل من صلاته في مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام-، هذا في النافلة، وصلاته في بيته لا تضاعف؛ لأنه قال: «صلاة في مسجدي هذا» ما قال مثل المسجد الحرام: «صلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه» [ابن ماجه: 1406]، ومكة كلها حرم عند جمهور أهل العلم، فهذا يختلف، فقوله –عليه الصلاة والسلام-: «في مسجدي هذا» هل يشمل البيوت؟ لا يشمل البيوت لا سيما وأن الصلاة النافلة في البيت أفضل، إذن صلاة النافلة في البيت الذي لا مضاعفة فيه لا تدخل في حديث «صلاة في مسجدي هذا»، فإذا ضممنا هذا الحديث إلى ذاك الحديث قلنا: إن الجمع بين الحديثين أن حديث المضاعفة خاص بالمكتوبة التي تُصلى في مسجده -عليه الصلاة والسلام-.
وأما المحافظة على الرواتب في الحرم إذا كان مسافرًا فجاء عن ابن عمر –رضي الله عنهما-: "لو كنتُ مسبِّحًا لأتممت" [مسلم: 689]، يعني أن التسبيح الذي هو النافلة من شأن مَن يُتم الصلاة، وهو المقيم، وعلى كل حال، عليه أن يُكثر من النوافل المطلقة، والمسألة في الرواتب مسألة خلافية بين أهل العلم، لكنَّ كثيرًا منهم يميل إلى أن الرواتب تُترك في السفر؛ لأن المسافر يُكتب له ما كان يعمله مقيمًا، فإذا كان محافظًا عليها في الحضر تُكتب له في حال السفر.