شرح كتاب العلم لأبي خيثمة (6)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،
نعم.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا وإمامنا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
حدثنا أبو خيثمة عن يحيى بن عمير قال: سمعت أبي يحدث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "يُرفع العلم، ويظهر الجهل، ويكثر الهرج، قالوا: وما الهرج؟ قال: القتل".
نعم هذا الحديث وإن وقف على أبي هريرة هنا إلا أنه معروف، مرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- في الصحيحين وغيرهما، يعني في آخر الزمان من علامات الساعة أنه "يرفع العلم" ويكون ذلك بقبض العلماء، وإذا رفع العلم يثبت ضده وهو الجهل، إذا رفع العلم ثبت ضده وهو الجهل، "ويظهر الجهل، ويكثر الهرج" في بعض الروايات: "يكثر شرب الخمر ويكثر الزنا" وهي في الصحيح، وهنا قال: "يكثر الهرج، قالوا: وما الهرج؟ قال: القتل" في رواية في حديث أبي موسى قال أبو موسى: الهرج القتل بلسان الحبشة، فالهرج هو القتل، وهذا في زمان الفتن، نسأل الله السلامة والعافية منها.
فليس هذا مجرد خبر، بل هذا حث على تحصيل العلم، ما دام يرفع في آخر الزمان، ما نقول: ما دام مرفوعًا مرفوعًا لماذا نتعب ونحن في آخر الزمان، فقط نكلف أنفسنا! لا، أنت مأمور بأن تطلب العلم؛ لأن هناك أمور أو إرادة شرعية وإرادة قدرية، قدرًا أراد الله -جل وعلا- كونه قدرًا أن يكون هذا وصف آخر الزمان، لكنه أراد منا شرعًا أن نتعلم، ونحن مأمورون بأن ندور مع الإرادة الشرعية، لا يعني هذا أن الإنسان كما جاء في الحديث أن الضعينة تسير من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، نعم من عدن إلى صنعاء أو من كذا إلى كذا بدون محرم ولا تخشى شيئًا، هل معنى هذا أننا نسير نساءنا بهذه الطريقة؟ لا، لا يجوز للمرأة أن تسافر بدون محرم، لكن قدرًا يوجد هذا، الله -سبحانه وتعالى- كتب أن يوجد هذا، لكن مع ذلك أنت لا تكون الضحية، يعني كونه مثلًا يكثر الهرج، يكثر القتل، تقول: والله هذا قدر، موجود، يكثر القتل لماذا؟ نقول: لا يا أخي لا تكون الضحية، نعم هذا سوف يوجد قدرًا، وقد أخبر الله عنه، لكن أنت مأمور بأن تصون نفسك، نعم، ((المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده)) والقتل الذي سوف يكثر في آخر الزمان هذا موبقة من الموبقات، يبقى أنه من كبائر الذنوب ((لا يزال المسلم في فسحة من أمره حتى يصيب دمًا حرامًا)) يعني نصدق أنه سيوجد، لكن لا يعني هذا أن الإنسان يكون هو الضحية في هذا الأمر، لا، لا قاتل ولا مقتول، احرص على نفسك، نعم.
"حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا روح بن عبادة، قال: حدثنا الربيع عن الحسن قال: "أفضل العلم الورع والتفكر".
هذا الأثر عن الحسن بن أبي الحسن البصري التابعي الجليل يقول: "أفضل العلم الورع والتفكر" يعني قد يكون الإنسان عنده شيء من العلم، يعرف شيئًا كثيرًا من الأحكام، لكن إذا لم يتصف بالورع والتفكر والاعتبار لا يفيده علمه خشية الله -جل علا-، والعلم الذي لا يورث الخشية لا قيمة له، {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} [(28) سورة فاطر] فإذا استفاد من علمه الورع، الورع والتفكر والاعتبار في مخلوقات الله -جل وعلا-، والاستدلال بمخلوقاته عليه وعلى عظمته، حينئذ يكون استفاد من علمه، أما إذا لم يتصف بالورع فلا قيمة له، ولا قيمة لعلمه، ولا قيمة لفتواه؛ لأنه لا يؤمن على العلم إذا لم يكن هناك ورع، قد يفتي بعرض من الدنيا، وحينئذٍ يكون ضالًّا مضلًّا، إذا أفتى في مقابل عرض من الدنيا بغير ما حكم الله به؛ ولذا يقرر أهل العلم أن الورع شرط لقبول الفتيا.
وليس في فتواه مفت متبع |
| ما لم يضف للعلم والدين الورع |
لا بد من الورع، والورع التحري والتثبت سواءً كان في مسائل العلم، أو في مسائل المحسوسات من مال ومأكل ومشرب وغير ذلك، لا بد أن يتحرى ويتثبت، نعم.
"حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، قال: حدثني أبي عن ثمامة بن عبد الله قال: "كان أنس -رضي الله عنه- يقول لبنيه: يا بني قيدوا العلم بالكتاب".
نعم هذا أمر من الصحابي الجليل أنس بن مالك يقول لبنيه، وبنوه فيهم كثرة كاثرة؛ لأنه دعا له النبي -عليه الصلاة والسلام- بكثرة المال والولد وعُمّر، فرأى من صلبه ومن أحفاده وأسباطه العدد الكبير، وفيهم طلاب علم، فيهم طلاب علم كثير؛ ولذا يوصيهم بأن يقيدوا العلم بالكتابة؛ لأن الحفظ خوان، تسمع الكلام لا تقيده تندم فيما بعد.
فالعلم صيد والكتابة قيده |
| قيد صيودك بالحبال الواثقة |
كما هنا تمر عليك فائدة ما يصير معك قلم، وإلا تقول: خلاص أنا أحفظها ويكفي، تتمناها في أحلك الأوقات، وأحرج الظروف ما تسعفك الحافظة، فإذا قيدتها على ألا تعتمد على هذا القيد، يعني أنت قيد هذه، احفظها وقيدها وتعاهدها من الكتاب، وحينئذ تثبت -إن شاء الله تعالى-، نعم.
"حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالمًا اتخذ الناس رؤساء جهالًا، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا)).
نعم هذا الحديث مخرج في الصحيحين وغيرهما يقول: "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من الناس)) هذا في الجملة، ما فيه يوم من الأيام يصبح الناس إذا صدورهم خاوية من العلم، لكن قد يعاقب عالم أو طالب علم بنسيان العلم، لكن هذه حالات فردية، قد يعاقب لارتكابه معصية، يعاقب بنسيان العلم، أما بالنسبة لعموم العلماء فلا، العلماء إنما يفقد العلم بانتزاعه، تقبض أرواحهم واحد بعد الآخر، حتى إذا لم يبق عالمًا من العلماء الذين يعتمد عليهم اتخذ الناس رؤساء وفي رواية: رؤوسًا جهالًا يصدرونهم لتعليم الناس وإفتائهم في القضاء بينهم، وحل خصوماتهم ومنازعاتهم، ويرجعون إليهم وقت الشدائد لكنهم لا علم لهم، ويضطرون إلى أن يفتون ما في غيرهم، يضطرون إلى أن يفتون؛ لأنه لا يوجد غيرهم "((فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا))" نسأل الله العافية، نعم.
"حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا يعقوب قال: حدثنا أبي عن صالح قال: قال ابن شهاب: "ولكن عروة يحدث عن عمران أنه قال يومًا فلما توضأ عثمان قال: والله لأحدثنكم حديثًا لولا آية في كتاب الله -عز وجل- ما حدثتكموه، إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا يتوضأ رجل فيحسن الوضوء، ثم يصلي الصلاة إلا غفر له ما بينه وبين الصلاة التي يصليها)) قال عروة: الآية {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} [(159) سورة البقرة].
نعم حديث عثمان -رضي الله عنه- في الوضوء مخرج في الصحيحين وغيرهما في تعليم الوضوء حينما توضأ بالمقاعد -رضي الله عنه وأرضاه- بعد ذلك حديثهم بما يقال بعد الوضوء، والترغيب في ذلك، وشرح لهم كيفية الوضوء كما رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- يتوضأ، ثم قال: ((من توضأ نحو وضوئي هذا ثم قال: أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك)).. إلى آخره ((دخل من أي أبواب الجنة الثمانية شاء)) في الصحيح: ((ولا تغتروا)) يعني لا تغتروا بمثل هذا الكلام، تتوضأ وتقول: أشهد ألا إله إلا الله، وتزاول المنكرات، لا، ترتكب الكبائر والجرائم، لا؛ ولذا ينبغي لطالب العلم أن ينظر إلى أحاديث الوعد هذه ويقرنها بأحاديث الوعيد فلا يغتر بهذا.
يقول: "والله لأحدثنكم حديثًا لولا آية في كتاب الله -عز وجل- ما حدثتكموه إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا يتوضأ رجل فيحسن الوضوء، ثم يصلي الصلاة إلا غفر له ما بينه وبين الصلاة التي يصليها))" الصلوات الخمس إلى الصلوات الخمس كفارة لما بينهم ما اجتنبت الكبائر، فالصلوات تكفر الصغائر، رمضان إلى رمضان يكفر الصغائر، العمرة إلى العمرة تكفر الصغائر، الجمعة إلى الجمعة تكفر ما بينهما وزيادة ثلاثة أيام، كلها في الصغائر، أما الكبائر لا بد لها من التوبة.
هذه مسألة المسألة الثانية: أن هذه العبادات المكفرة هي التي يؤتى بها على وجهها، أما صلاة لا يخرج صاحبها منها إلا بعشر أجرها هذه تكفر؟ يرى شيخ الإسلام أنها يا الله إن كفرت نفسها فطيب، نعم، صحيح، عناية الإنسان وقلبه ما دخل مع باب المسجد، دخل الجسم والقلب برع، ويركع مع الإمام صلاة لا يدري هل هو في الأولى أو في الرابعة؟ تسأله ماذا قرأ الإمام؟ ما يدري عن شيء، هل هذه الصلاة تكفر الذنوب؟ هذه عند أهل العلم من الفقهاء الذين يسمونهم فقهاء الظاهر تسقط الطلب، بمعنى أنه لا يؤمر بإعادتها وسقط الطلب، لكن علماء الباطن يرونها لا شيء هذه الصلاة، أصحاب القلوب الحية يرون هذه الصلاة ما تجدي؛ ولذا في قوله -جل وعلا-: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ} [(45) سورة العنكبوت] تجد كثيرًا من الناس يصلي ويزاول الفحشاء والمنكر هل هذا خلف في وعد الله؟ أو في خبر الله؟ أبدًا، لكن ما الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر؟ الصلاة المؤداة على ما جاء عن الله وعن رسوله -عليه الصلاة والسلام- "قال عروة: الآية {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى} [(159) سورة البقرة]، هذه حجة أبي هريرة، وهذه حجة كل عالم، لولا هذه الآية في السلف لم يعدوا بها شيئًا، بالإمكان أن يقول: أنا ما علي من أحد، أنا أعتزل، آخذ لي مزرعة وأحرث وأزرع وأعيش، ولا علي من الناس كلهم، هذه سلامة لا شك وعزلة وترتاح من الناس ومشاكلهم وفتنهم، لكن يبقى هذه الآية لمن؟ هذا الخطاب؟ هذا الخطاب لأهل العلم {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى} [(159) سورة البقرة] لا بد من البيان {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} [(159) سورة البقرة].
الأمر ليس بالسهل، لا تقول: والله أنا حر، أفتي ما أفتي أنا لا أنا موظف ولا أتقاضى راتبًا، ولا شيء، ما أنت حر يا أخي، أنت مثل ما ضمن لك أعلى الدرجات، أيضًا عليك تبعات، يتذرع كثير من طلاب العلم، الورع وما الورع، وأثر عن السلف التتابع وأنهم..، لا، ما يكفي هذا، وإلا كل الناس..، هذا سهل كل الناس يستطيع هذا، لكن أين أنت من هذه الآية؟ {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا} [(159) سورة البقرة] لا بد من البيان، والبيان فرض على علماء الأمة، من قام به أسقط الواجب، لكن إذا لم يقم به أحد أثم الجميع، نعم.
"حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا حجاج بن محمد عن شعبة عن الهيثم عن عاصم بن ضمرة أنه رأى أناسًا يتبعون سعيد بن جبير فنهاهم، وقال: "إن صنيعكم هذا مذلة للتابع، وفتنة للمتبوع".
هذا عاصم بن ضمرة رأى أناسًا يتبعون سعيد بن جبير، سعيد بن جبير التابعي الجليل المقتول ظلمًا على يد الحجاج، يتبعون سعيد بن جبير كما يتبع أي متبوع، الناس يتبعون من يفيدهم سواءً كان في أمور الدنيا أو أمور الآخرة، الذي يوجههم ويرشدهم يعلمهم يتبعونه، والذي يعطيهم وينفق عليهم من أهل البذل والإحسان يتبع، لكن عاصم بن ضمرة نهى هؤلاء وقال: "إن صنيعكم هذا مذلة للتابع" نعم إذا كان هناك حاجة، هناك مسألة، هناك شيء، هناك..، تريد أن يسدي لك نصيحة، أو تستشيره في شيء تتبعه، لكن إذا لم يكن شيء من ذلك مجرد تشهيره، هذا مذلة للتابع "وفتنة للمتبوع" التابع ذليل حينما يمشي إلى تشييع شخص من غير فائدة يستفيدها، وأيضًا هو فتنة للمتبوع، المتبوع قد يرى نفسه، ويتكبر على غيره، ويرى أن له حق على غيره، هذه فتنة له.
طالب: الذي نهى سعيد وإلا عاصم؟
أين؟
طالب:.......
هو يقال: إن ظاهر السياق هذا، لكن الذي..، والأصل أن سعيد هو الذي ينهى، "أنه رأى أناسًا يتبعون سعيد بن جبير فنهاهم" الضمير محتمل، نعم.
"حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا حجاج بن محمد قال: حدثنا يونس عن أبي إسحاق عن الأغر عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "إن الله وملائكته يصلون على أبي هريرة وجلسائه".
نعم يقول: "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا حجاج بن محمد قال: حدثنا يونس عن أبي إسحاق -السبيعي- عن الأغر عن أبي هريرة قال -سلمان الأغر؟. الأغر المزني نعم- عن أبي هريرة قال: "إن الله وملائكته يصلون على أبي هريرة وجلسائه" إن الله وملائكته يصلون على أبي هريرة وجلسائه؛ لأنهم يجلسون مجالس علم، فمن يجلس في مجلس علم تصلي عليه الملائكة، وإذا جلس الرجل في مصلاه تصلي عليه الملائكة، نعم فهذا الخبر عن أبي هريرة لا لأنه أبو هريرة، إنما لأنه يعلمهم الخير، وهم يتعلمون ذلك الخير، نعم.
طالب: معنى الصلاة؟
الصلاة، صلاة الله -جل وعلا- على نبيه هذا الأصل، كما في قوله -جل وعلا-: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [(56) سورة الأحزاب] قال ابن عباس: يبركون، نعم، ومنهم من يرى كأبي العالية أن صلاة الله -جل وعلا- ثناؤه، وصلاة الملائكة دعاؤهم واستغفارهم. نعم.
والصلاة على غير الأنبياء محل خلاف بين أهل العلم، إذا مر مثلًا ذكر عمر، مر ذكر أبي بكر، مر ذكر أبي هريرة هل تقول -صلى الله عليه وسلم-؟ لا، إن كان تبعًا للنبي -عليه الصلاة والسلام- فلا بأس، اللهم صلِّ على محمد وعلى آله محمد وعلى أصحابه تبعًا لا بأس، أما على سبيل الاستقلال فأهل العلم خصوا الصلاة بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، والترضي عن صحابته الكرام، والترحم على من دونهم، فكما أنه لا يقال: محمد -عز وجل-، هذا أمر عظيم يعني لو يقول الإنسان: محمد -عز وجل-، لكنه عزيز جليل، -عليه الصلاة والسلام-، لكن العرف العلمي عند أهل العلم تواطئوا على هذا وتوارثوه، أنه لا يقال: محمد -عز وجل-، ولا يقال: أبو بكر -صلى الله عليه وسلم-، إنما يقال: الله -عز وجل-، ومحمد -صلى الله عليه وسلم-، وأبو بكر -رضي الله عنه-، والحسن -رحمه الله-، إلى آخره، نعم.
"حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن حبيب بن الشهيد عن ابن طاوس عن أبيه قال: قال عمر: "إنا لا نحل أن نسأل عما لم يكن، فإن الله قد بين ما هو كائن".
نعم هذا الخبر عن عمر -رضي الله عنه- قال: "إنا لا نحل أن نسأل عما لم يكن" هذه كراهية من السلف يتواطئون ويتفقون عليها أنه إذا لم تقع المسألة أنه لا ينبغي السؤال عنها، لكن إذا وقعت يسأل عنها فيجاب السائل: "إنا لا نحل أن نسأل" يعني لا يحلون أحدًا يسألهم عما لم يكن ولم يقع "فإن الله قد بين ما هو كائن" يعني الواقع له جوابه، والذي لم يقع إن وقع أيضًا يوجد له جوابه، نعم.
"حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن مهدي بن ميمون عن غيلان قال: قلت للحسن: الرجل يحدث بالحديث لا يألو فيكون فيه الزيادة والنقصان، قال: "ومن يطيق ذلك".
يقول: "قلت للحسن" هذا غيلان يقول: قلت للحسن: "الرجل يحدث بالحديث لا يألو" يعني يجتهد في أن يؤدي الحديث كما سمع، يجتهد بقدر الإمكان "فيكون فيه الزيادة والنقصان" الزيادة التي لا تحمل معنًى جديدًا، والنقصان الذي لا يترتب عليه إخلال بفهم النص المذكور، وهذا من باب الرواية بالمعنى "قال: ومن يطيق ذلك" لا يستطيع أحد يطيق أن يحفظ كل ما سمع، ويحدث بكل ما سمع بالحرف لا يزيد ولا ينقص، ولا يقدم ولا يؤخر، من يطيق ذلك؟ يعني الإنسان مجبول على النسيان، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، ولا يكلف الله نفسًا إلا ما آتاها، نعم.
"حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم، قال: حدثني عبد الصمد بن معقل، قال: سمعت وهبًا يقول: "لا يكون البطال من الحكماء، ولا يرث الزناة ملكوت السماء".
نعم هذا من أخبار وهب بن منبه، ولعلها متلقاة عن أهل الكتاب "يقول: "لا يكون البطال من الحكماء" إنما الحكيم الحازم الذي يحفظ وقته، لا يكون من الحكماء، "ولا يرث الزناة" البطال: واحد البطلة، وجاء في سورة البقرة أنها ماذا؟
طالب: لا يستطيعها البطلة.
لا يستطيعها البطلة يعني السحرة، وعلى كل حال إن كان المقصود به السحرة لم يكونوا حكماء في يوم من الأيام؛ لأن الحكمة شيء والسحر شيء آخر، أيضًا البطال العاطل الذي يضيع أوقاته على حسب المعنى العرفي، أيضًا لا يكون حازمًا حكيمًا متحريًا متثبتًا، لا، لا بد أن يحصل الخلل في أقواله وأفعاله.
"ولا يرث الزنا ملكوت" هذا تنفير من الزنا، وقد جاء في الزنا ما جاء من النصوص في الكتاب والسنة، {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ} [(68 - 69) سورة الفرقان] فالزناة لهم الوعيد الشديد، وحينئذٍ لا يرثون ملكوت السماء، ملك السماء، والواو والتاء هذه للمبالغة كما يقال: رحموت في الرحمة، فهؤلاء محجوبون عن هذا. نعم.
"حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم قال: حدثنا عبد الصمد، يعني بن معقل قال: قدم عكرمة الجند فأهدى له طاووس نجيبًا بستين دينارًا، فقيل لطاووس: ما يصنع هذا العبد بنجيب بستين دينارًا؟ قال: "أتروني لا أشتري علم ابن عباس لعبد الله بن طاوس بستين دينارًا".
نعم يقول: "قدم عكرمة الجند" الجند ينتسب إليها كثير من المحدثين، الجندي، وهي بلد مشهور في اليمن "فأهدى له طاووس" عكرمة مولى لابن عباس، عبد "فأهدى له طاووس نجيبًا بستين دينارًا" مثل هذا كل شيء يكفيه على اعتبار الناس وعرفهم، عبد أعطه الذي يأتي، أعطه نجيب بدينار أو اثنين أو ثلاثة، ما المقصود بـ ستين؟ فأهدى، مثل الذي يأتي له مثلًا، يأتيك واحد من سائر المسلمين وما طمع ولا بأدنى سيارة تفك له تعطيه من السيارات الفارهة إما شبح وإلا فيتارا وإلا لكسز وإلا شيء من..، نعم وإلا من السيارات الغالية تلام، تقول: يا أخي هذا كل شيء يكفيه، كل عمره يمشي على حمار، لو تفك له دلسن+ طار من الفرح، قال: لا يا أخي ما أنا ما جئت من أجل إنه عبد، هذا عنده علم ابن عباس كله، هذا العبد عنده علم ابن عباس، كيف نطلع علم ابن عباس إلا إذا أكرمناه، لا بد نكرم هذا العبد عمن أجل أن نطلب ما عنده من العلم، نعم، فطاووس يحتاج إلى علم ابن عباس من أجل ابنه عبد الله "فقيل لطاووس: ما يصنع هذا العبد بنجيب بستين دينارًا؟" ستين دينار ذهب يعني مالية كبيرة عند أولئك "قال: "أتروني لا أشتري علم ابن عباس لعبد الله بن طاووس بستين دينارًا؟" علم ابن عباس حبر الأمة، وترجمان القرآن، الذي تلقاه عنه عكرمة ما أشتريه لولدي بستين دينار؟ ولا ستمائة دينار، ولا ستة آلاف دينار، نعم.
"حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن نسير يعني بن دعلوق، قال: "كان الربيع بن خثيم إذا أتوه قال: أعوذ بالله من شركم".
نعم الربيع بن خثيم العابد الزاهد العالم المعروف، أخباره امتلأت بها الكتب، وفاض بزهده وعلمه المصنفات، إذا أتوه -يعني الطلاب- ليتعلموا منه قال: "أعوذ بالله من شركم" لا شك أن المعلم بصدد أن يفتن، إذا أقبلت عليه وجوه الناس لا تؤمن الفتنة عليه، فيستعيذ بالله من شرهم، وهؤلاء يعرفون يحسبون للعواقب حسابها، ونسأل الله أن يقينا هذه الفتنة، الإنسان يمكن من يبدأ يحدث إلى أن ينتهي وهو يخوض في غمار الفتن، لكن القلوب التي غطى عليها ران الذنوب ما تحس بمثل هذه الأمور، لكن أولئك صفاء قلوبهم يدركون مثل هذه الدقائق، نعم.
"حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي حصين عن أبي عبد الرحمن أن عليًّا مر بقاص فقال: "أتعرف الناسخ والمنسوخ؟ قال: لا، قال: هلكت وأهلكت".
نعم هذا الأثر الثابت عن علي -رضي الله تعالى عنه وأرضاه- "مر" على "قاص" واعظ يعظ الناس "فقال" له: "أتعرف الناسخ من المنسوخ؟ يعني تعظ الناس بآية أو بحديث عله أن يكون منسوخًا وأنت لا تدري، "قال: لا" والله ما أعرف الناسخ ولا المنسوخ "قال: هلكت وأهلكت" فكيف بمن يفتي الناس في الحلال والحرام وهو لا يعرف الناسخ من المنسوخ؟ يوجد، يفتي يتصدر لإفتاء الناس ما يعرف ناسخ من منسوخ، ولا من عام وخاص، ولا مطلق من مقيد، ولا مجمل من مبين، ما يعرف شيئًا، ويتصدى للمجالس، يتصدر المجالس ويفتي الناس هو، وهذا فتنة له ولغيره.
فعلي بن أبي طالب مر بهذا القاص فقال له -اختبره-: تعرف الناسخ من المنسوخ؟ قال: لا، فقد ورع هذا الواعظ؛ لأنه قد يقال لبعض الناس: تعرف الناسخ والمنسوخ؟ وبعدين تصوير الناسخ والمنسوخ كل شيء نعرفه، يوجد هذا، الذي يتصدر الناس ما هو بعاجز أن يقول هذا الكلام، نعم والذي يجيب في كل مسألة يبغي أن يقول: وما الناسخ من المنسوخ؟ ولماذا ما يعرف؟ لا بد أن يكون على علم مما له أثر في تقرير الحكم، فالنسخ الذي هو رفع كلي للحكم بدليل آخر، أو التخصيص الذي هو رفع جزئي، أو التقييد الذي هو رفع جزئي لبعض الصفات، هذا لا بد منه لمن يعلم الناس، من يفتي الناس، من يتولى أمور الناس، لا بد من هذا، "قال: لا، قال: هلكت وأهلكت" قد تقص عليهم بآية منسوخة تقررها لهم، قد تقص على الناس وتحرضهم على الجهاد مثلًا وتقول لهم: لا يجوز لك أن تفر في مقابل عشرة، وهي منسوخة بالآية التي تليها، قد تقص على الناس وتأمرهم بقتل الكلاب، والأمر بقتل الكلاب منسوخ، نعم، وغير ذلك من القضايا، نعم.
"حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا قبيصة بن عقبة قال: حدثنا سفيان بن سعيد قال: حدثنا"
الظاهر أن هذه فيها تقديم؟
ثنا هذه قبل سفيان، عن أبي حصين، ثنا هذه قبل سفيان، نعم.
طالب:.......
هذه قبل سفيان، تقديم وتأخير فقط، أو قال: سعيد بن سفيان حدثنا، يجوز تأخير الصيغة، نعم يجوز تأخير الصيغ، يستعملونه أحيانًا، تأخير صيغة الأداء عند بعضهم معروف، نعم.
"قال سفيان بن سعيد: حدثنا عن أبي حصين، قال: أتيت إبراهيم أسأله عن مسألة، فقال: "ما كان بيني وبينك أحد تسأله غيري".
نعم، "أتيت إبراهيم النخعي أسأله عن مسألة" أتاه وكأنه من بعد جاءه، قال: هذه المسافة التي قطعتها ما فيها شخص تسأله غيري؟ يعني لو قدر أن واحد من هذه البلاد يذهب إلى الرياض، يعني ما في طريقك إلى الرياض، أو إلى الحجاز أحدًا تسأله غير هذا؟ هذا كله من ورع السلف، وإبراهيم من أئمة المسلمين "أسأله عن مسألة فقال: ما كان بيني وبينك أحد تسأله غيري؟" ما لقيت أحدًا؟ نعم، إذا ما لقيت أحدًا يتعين عليه أن يجيب، نعم.
"حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا المسعودي عن القاسم بن عبد الرحمن، قال: قال عبد الله -رضي الله عنه-: "إني لأحسب الرجل ينسى العلم كان يعلمه بالخطيئة يعملها".
نعم، العلم موهبة وعطية من الله -جل وعلا-، وإذا عمل الإنسان الخطيئة قد يحتاج إلى عقوبة من أجل هذه الخطيئة فيعاقب بنسيان شيء من العلم.
"إني لأحسب الرجل ينسى العلم كان يعلمه بالخطيئة" هذا من تعجيل العقوبة، وقد نظر بعضهم نظرة محرمة فأنسي القرآن بعد ذلك بسنين عوقب بذلك.
وعلى كل حال عقوبة الدنيا أسهل من عقوبة الآخرة، ويبقى أن نسيان العلم عقوبة دنيا وآخرة، والله المستعان نعم.
"حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال: حدثنا محمد بن عمرو بن علقمة قال: حدثنا أبو سلمة عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "وجدت عامة علم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند هذا الحي من الأنصار، إن كنت لأقيل عند باب أحدهم ولو شئت أن يؤذن لي عليه لأذن، ولكن أبتغي بذلك طيب نفسه".
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول ابن عباس -رضي الله عنهما-: "وجدت عامة علم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند هذا الحي من الأنصار" علم الرسول -عليه الصلاة والسلام- هو ما جاءه عن الله -جل وعلا-، وما يقوله مما أوحي إليه من غير القرآن فكلامه وحي؛ لأنه لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، لكن إذا نظرنا في حقيقة كلام ابن عباس، وجدنا أن أكثر من يحفظ السنة من غير الأنصار، أبو هريرة مثلًا، عائشة، ابن عمر، ابن عباس، يعني إذا عددنا المكثرين وجدنا أكثرهم من غير الأنصار، فيهم أنس، ويليه في المرتبة الثانية جابر، وأبو سعيد وغيرهم، لكن المكثرين من الرواية جلهم من غير الأنصار.
إذًا كلام ابن عباس يقول: "وجدت عامة علم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند هذا الحي من الأنصار" يعني على حد ظنه هو، وما تبين له من خلال استقرائه، كما قال أبو هريرة -رضي الله عنه-: "ما كان أحد أكثر مني حديثًا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا ما كان من عبد الله بن عمرو"، هذا على حسب ظنه، وعلى حسب توقعه، أو يكون قال ذلك قبل الدعوة النبوية التي ما نسي بعدها شيئًا.
على كل حال الأنصار عندهم علم، وعندهم خير عظيم، وآية الإيمان حب الأنصار، وجاء في فضلهم ما جاء من النصوص الصحيحة الصريحة، ولولا الهجرة لتمنى أن يكون من الأنصار، تمنى أن يكون الرسول -عليه الصلاة والسلام- من الأنصار، لكن فضل الأنصار وأيضًا علم الأنصار، والنبي -عليه الصلاة والسلام- أوى إليهم، وآووه ونصروه وآزروه، والمهاجرون أيضًا لهم السبق في هذا الباب.
"وجدت عامة علم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند هذا الحي من الأنصار، وإن كنت لأقيل عند باب أحدهم" ابن عباس حبر الأمة ترجمان القرآن، ابن عم الرسول -عليه الصلاة والسلام-، بإمكانه أن يطرق الباب، ويستقبل استقبالًا يليق به، لكن من أدبه -رضي الله عنه وأرضاه- يقيل، لا يريد أن يكدر على من يستفيد منهم، وهذا أدب من ابن عباس يتأدب به طالب العلم.
وذكروا في آداب طالب الحديث: ألا يضجر شيخه، وأن يتحين الوقت المناسب للأخذ، وللسؤال والإفادة، والشيخ بشر، يعتريه ما يعتري البشر، له ظروفه مثل ظروف الناس، يتصل شخص الساعة الواحدة والثانية ليلًا نعم هذا ما هو بمناسب، ويقول: نأسف على الإزعاج، تأسف على الإزعاج؟ لكن هناك مسائل تفوت ولا بد منها، لا بد أن يجد جوابًا في هذا الوقت، فإذا اتصل مثلًا وهذا حاصل في الواحدة والنصف يتصل شخص يقول: إن امرأته في حال الطلق تطلق في حال الولادة، وقد طلقها لو انتظر ربع ساعة أو ساعة خرجت من العدة، يعني لو انتظر إلى صلاة الفجر خرجت من العدة، ويريد جوابًا عاجلاً، مثل هذا يعذر، لكن هناك مسائل يتصل الساعة واحدة يسألك عن طبعة كتاب، لا هذا ما هو بمناسب إطلاقًا، يعني الإنسان عليه أن يتحين الفرص المناسبة، نعم لو قلنا: إن بعض من ينتسب إلى العلم في هذا الوقت يعني يمكن غيرهم أصيبوا بداء السهر مثل غيرهم، ونرجو أن يكونوا على خير -إن شاء الله تعالى-، لكن يبقى أن المسألة تسديد ومقاربة.
هذا ابن عباس ابن عم النبي -عليه الصلاة والسلام- تصور يقيل عند الباب، ينام، ما يطرق الباب خشية أن يزعج من يريد أن يأخذ عنه العلم "ولو شئت أن يؤذن لي عليه لأذن" لا نشك أن هذا الأنصاري الذي قال ابن عباس عند بابه يفرح بوجود ابن عباس، أو مثل ابن عباس في بابه، وعمومًا طلاب العلم على الشيخ أن يفرح بهم، عمومًا، سواءً كان بهذه المنزلة أو دونها، ويرحب بهم، وهم وصية النبي -عليه الصلاة والسلام-، فهذا الشيخ يخاطب بهذا، عليه أن يعنى بطلابه، وعليه أن يفرح بهم، ويقضي حوائجهم، والإشارة عليهم بما ينفعهم، وتسديدهم، لكن أيضًا الطالب يخاطب بما يليق به من الرفق بالشيوخ، وتحين الأوقات المناسبة "ولكن أبتغي بذلك طيب نفسه" نعم أحيانًا الشيخ يكون طيب النفس، يبسط لك المسألة إذا سألته، ويوضح لك، ويعلل ويدلل، وأحيانًا تأتيه في وقت غير مناسب يعطيك يجيبك بالإيماء والإشارة، نعم ما يبسط لك المسألة من وجهها، وقد تأخذ عنه تصور غير طيب؛ لأن الظرف غير مناسب، أنت السبب يا أخي، فتحين الوقت المناسب، والله المستعان، المسألة تسديد لا من الشيخ ولا من الطالب، وعلى من ينتسب إلى العلم أن يرفق بطلابه، وأن يبذل لهم، ويمحض لهم النصيحة، وأن يقضي حوائجهم، ويجيب على أسئلتهم وإشكالاتهم، والطالب أيضًا مطالب بمثل هذا الأدب من ابن عباس -رضي الله عنهما-، نعم.
"حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا محمد بن عبد الله قال: حدثنا بن عون قال: "كان القاسم بن محمد وابن سيرين ورجاء بن حيوة يحدثون الحديث على حروفه، وكان الحسن وإبراهيم والشعبي يحدثون بالمعاني".
نعم الرواية إما أن تكون باللفظ أو بالمعنى، رواية الحديث بالمعنى بشرطه على ما تقدم شرحه وبيانه جائزة عند جماهير العلماء؛ لأن لو اشترطنا الرواية بالحرف باللفظ قد لا يطيقها كثير من حملة العلم، لكن رفقًا بالرواة، وحفظًا للدين لئلا يضيع أجاز أهل العلم الرواية بالمعنى بشرطها: أن يكون الراوي عالم بمدلولات الألفاظ، وما يحيل المعاني، وأن لا يستطيع الإتيان باللفظ؛ لأنه إذا حفظ اللفظ عليه أن يؤدي كما سمع، لكن إذا لم يستطع لا يضيع الدين بهذه الطريقة، وكتب السنة بما في ذلك الصحيحان طافحة بالرواية بالمعنى؛ لأنك تجد القصة الواحدة يسوقها البخاري في مواضع متعددة بألفاظ مختلفة، يسوقها مسلم على وجوه، وألفاظ، وزيادات ونقصان، كل هذا لا يضر؛ لأن الزيادة في الخبر إذا كانت منه ممن رواه ناقصًا مقبولة، والزيادة والنقص منه ممن رواه تامًا في مجلس آخر مقبولة، شريطة أن ترتفع منزلة الراوي عن التهمة بحيث إذا رواه ناقصًا ما يتهم أنه فرط بشيء من الخبر، وإذا رواه تامًّا لا يتهم بأنه زاد في الخبر ما ليس منه، فإذا رواه مرة تامًّا، ومرة ناقصًا، ومرة على وجه كل هذا يراعي فيه أحوال السامع، ويقتصر منه على ما يريد من جمل لا بأس به، نعم.
"يقول: كان القاسم بن محمد" أحد الفقهاء السبعة المعروفين الذين يجمعهم قول الشاعر:
فخذهم عبيد الله عروة قاسم |
| سعيد أبو بكر سليمان خارجة |
"وابن سيرين" محمد بن سيرين، ينص أهل العلم على أنه لا يجيز الرواية بالمعنى "ورجاء بن حيوة يحدثون بالحديث على حروفه" لا شك أن هذا أورع، وأضبط، وأتقن، وأحرى، وأجدر، وأليق، لكن ما كل الناس يطيق هذا "وكان الحسن وإبراهيم والشعبي يحدثون بالمعاني" على أن الشعبي من الحفاظ المعرفين، الذي لا يحتاج إلى تكرار، يحفظ الحديث من أول وهلة، نعم.
"حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال: حدثنا ابن عون قال: "دخلت على إبراهيم فدخل علينا حماد فجعل يسأله ومعه أطراف قال: فقال: ما هذا؟ قال: إنما هي أطراف، قال: ألم أنه عن هذا؟".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، قال: حدثنا بن عون قال: "دخلت على إبراهيم -النخعي- فدخل علينا حماد -بن أبي سليمان- فجعل يسأله -يسأل إبراهيم- ومعه أطراف" أطراف أجزاء أحاديث، طرف الحديث الأول أو آخر أو منتصف الحديث يستذكر به، المقصود أنه طرف الحديث يعني جزء منه، أطراف الحديث أجزاؤه، يكتب بعض الناس تذكرة يتذكر بها، يذكر جملة من الأحاديث، أو طرف من الأحاديث، فدخل على إبراهيم يسأله، ومعه أطراف "فقال: ما هذا؟ قال: إنما هي أطراف" أنت إذا أردت أن تتأكد من ثبوت خبر أو من معناه تكتب طرفه، وما يلزم أن تكتب الحديث كاملًا، لا سيما إذا كنت تريد أن تسأل أحدًا من الحفاظ، إذا كنت تريد أن تسأل حافظًا عن ثبوت هذا الخبر الذي يكفيه طرفه، أما إذا كنت تريد تسأل عن معنى حديث لمن لا يحفظه، لا بد أن تأتي به كاملًا، نعم فهم يقتصرون على الأطراف في هذه الحالة، إنما هي أطراف "قال: ألم أنه عن هذا؟" يعني كتابة الأطراف، اكتب الحديث كاملًا، هذا وجهة نظر عنده؛ لئلا يقف أحد على هذه الأطراف من بعدك فيظن أن الحديث كاملًا، وقد يكون الحديث مبتورًا في هذه الجملة التي أثبتها في هذا الطرف ما لا يبين أو ما لا يتم إلا بما حذفت، واختصار الأحاديث عند أهل العلم إنما يجوز بشرط ألا يكون الموجود منه محتاجًا أو بحاجة إلى ما حذف، فلو كان ما حذف شرط في الموجود، شرط ما ينفك، ((فإذا اختلفت الأصناف فبيعوا كيف شئتم)) يسوغ هذا؟ لا بد أن نقول: ((إذا كان يدًا بيد)) لأن هذا شرط، لأنه إذا سمعنا هذا الكلام ((إذا اختلفت الأصناف فبيعوا كيف شئتم)) معناه أننا نبيع البر بالتمر، أو الذهب بالفضة نسيئة، وهذا لا يجوز، فمثل هذا الشرط لا بد من ذكره، ولا يجوز الاختصار بدونه، نعم.
طالب: ما قال أبو خيثمة.. يا شيخ؟
نعم، ما هو؟
طالب: على خلاف ما سبق هنا في الحاشية.
.. حدثنا جرير، نعم.
طالب: حدثنا أبو خيثمة، أقول: حدثنا أبو خيثمة؟
لا، لا.
"عن جرير عن منصور عن إبراهيم قال: "لا بأس بكتاب الأطراف"
هذا إبراهيم الذي نهى عن الأطراف، يقول: "لا بأس بكتاب الأطراف" وبكتابة الأطراف، يكتب الإنسان الأطراف، لا بأس ليتذكر بها في نفسه، على أن يكملها أو يمسحها ويمحوها إذا انتهت الحاجة إليها.
الآن كتب الأطراف الموجودة عندنا مثلًا كتاب: (تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف) المؤلف يذكر طرف الحديث، وترتيبه على الرواة، يكتب طرف الحديث، هل نقول: إن طالب العلم يعتمد على هذا الكتاب ويقتصر على هذا الطرف، وفي بقية الحديث ما يشترط لهذه الجملة الموجودة؟ أبدًا؛ لأن هذا معروف بمثابة فهرس، والفهارس لا يلزم فيها كتابة الخبر كاملاً، فينهى عن الأطراف لمن يخشى عليه أن يعتمد على هذه الأطراف، وعلى هذه الجمل الموجودة مع حذف ما قد تحتاج إليه، هذا في حال، ويؤذن بكتابتها في حال أخرى، إذا أمن ذلك، نعم.
"حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا معاذ قال: حدثنا عمران عن أبي مجلز عن بشير بن نَهيك قال: كنت أكتب الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- فلما أردت أن أفارقه أتيته بالكتاب فقلت: هذا سمعته منك؟ قال: نعم".
يقول: "بشير بن نَهيك قال: "كنت أكتب الحديث عن أبي هريرة" يعني يروي الحديث عن أبي هريرة بطريق السماع، ومع ذلك يتأكد مع كونه سمعه منه وكتبه وضبطه وأتقنه يعرضه عليه "فلما أردت أن أفارقه أتيته بالكتاب فقلت: هذا سمعته منك؟ قال: نعم" يعني يرويه بطريق السماع، وهو الأصل في الرواية والتحمل ويكتبه ويدونه ويضبطه ويتقنه ثم يعرضه عليه، وعلى هذا المقابلة والمعارضة تشترط؛ لأن من نسخ أو كتب ولم يقابل، هو الآن يكتب من حفظ الشيخ كأن حفظ الشيخ كتاب، فإذا عُرض عليه وأقره انتهى الإشكال، كأنه عارضه بالكتاب الأصل، فالمقابلة والمعارضة أمر لا بد منه لتصحيح الكتب، أما الذي ينسخ ولا يقابل يقع فيه الأخطاء، ثم إذا نسخ منه ولم يقابل من النسخة الفرعية ولم تقابل يقع الخطأ، ثم إذا نسخ من النسخة الثانية والثالثة وهكذا يخرج الكتاب أعجميًّا، يُمسخ، الناسخ الأول يخطئ، والثاني يجيب خطأ، والثالث يزيد خطأ، ومتى تقع النسخة بيد عالم فاهم متقن ضابط، ثم يصحح ما يقع من الأخطاء؟ على أنه لا يمكن التصحيح بالاجتهاد إلا بالمقابلة، نعم قد يستظهر الإنسان شيئًا ويعلق عليه، يقول: لعل المراد كذا، أما أن يتصرف بالكتب ويصحح فلا؛ ولذا يقرر أهل الحديث بعد خلاف بينهم أن الراوي ومثله المحقق للكتب إذا وجد في كتاب خطأ لا يحتمل الصواب، أما إذا كان الخطأ في آية وليست هذه قراءة معتبرة يصحح، وينبه في الحاشية أنه وجد في الأصل كذا، وصححه على مقتضى القرآن، لكن إذا كان في غير القرآن، من أهل العلم من يقول: يثبت الخطأ، وينبه في الحاشية أنه وجده كذا في الأصل أو في الأصول، وهو خطأ صوابه كذا، وإن لم يجزم قال: لعل الصواب كذا، أولى بعد؛ لأنه يأتي من يبين له وجه ما تظنه خطًّا، وكثيرًا ما نقرأ عن بعض المحققين حتى من الكبار منهم أنه يثبت لفظ في الأصل في الصلب ويقول: في الأصل كذا، والصواب ما أثبتُ، ثم إذا تأملت الكلام من خلال ما تقدم وما تأخر تجد الصواب الذي حكم عليه بأنه الخطأ، هذا موجود، وهذا يكثر فيمن يتعاطى غير فنه، يعني في إعلام الموقعين في إحدى طبعاته مرت مسألة التورق، فيه طالب علم يخفى عليه مسألة التورق؟ أو ما مرت أقل الأحوال على ذهنه؟ ما فيه أحد، يأتيك وهو من كبار المحققين لكن ما له يد في العلم الشرعي، وإن أقحم نفسه فيه، يقول: مسألة التورق كذا في الأصول كلها، ولا أعرف لها معنًى، فلعلها تصحيف من النساخ، ما استطاع أن *(كلمة غير مفهومة عند الدقيقة52) لا، طُبع الكتاب، طبعه واحد رئيس جماعة، جماعة معروفة، نعم هذه الجماعة معروفة بالاعتماد على الكتاب والسنة، وهو رئيسهم، طبع الكتاب مرة ثانية وذكر من أخطاء الطبعة الأولى أن المحقق الأول لم يتبين له معنى بعض الكلمات التي وردت منها: مسألة التورق، يقول: مسألة التورق هذه الذي توقف الشيخ في فهمها بحثت عنها كتب ابن تيمية الذي يعتمد عليه ابن القيم -هذا في تحقيق إعلام الموقعين- بحثت عنها في كتب ابن تيمية الذي يعتمد عليه ابن القيم، فتوصلت إلى أنها مسألة ربوية محرمة، ابن القيم يجيزه، وشيخه معروف رأيه فيه، قد حاول معه مرارًا، ناقشه مرارًا في أن يعدل عن رأيه ما..، فهذه آثار جرأة بعض الناس على التحقيق، وعدم العناية بالأصول، الأصول، الآن التحقيق الأخير لإعلام الموقعين مثلًا على جودة المحقق واهتمامه وعنايته، تدرون إنه ما اطلع على الطبعة الأولى، ولا على الثانية التي هي عمدة أهل العلم؟ ما اطلع عليها، وشخص يحقق كتاب الآن مشهور ويتداول ويقرر في الدورات، مجمع له ثلاث نسخ أصلية، مخطوطات، يقول: وبلغني أن الكتاب طبع ثلاث مرات، أين؟ أين بلغك؟ بالبر وإلا بالبحر؟ أين بلغك؟ كل الثلاث الطبعات موجودة عندنا -ولله الحمد-، نعم، بلغني أن الكتاب طبع ثلاث مرات، وكلها طبعات نفيسة، وكلها اعتنى بها أهل العلم، الثلاث الطبعات، فالذي يتعاطى التحقيق لا بد أن يكون عنده خبرة ودراية،؟ وإلا نسخ الكتب سهل، بعضهم يكتب ضبط وتحقيق، والأولى أن يكتب مسخ وتحريف، فهذا أمر مهم جدًّا.
فقلت: هذا سمعته منك؟ بطريق العرض؟ تأكد يا أخي، قال: نعم، الآن ارتاح؛ ولذلك يشترط أهل العلم عرض الأصل على الأصول، لا بد أن يعرض على أصول، ما يكفي أصل واحد، النووي -رحمه الله- قال: يكفي واحد، نعم.
"حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا معاذ قال: حدثنا أشعث عن الحسن قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من الصدقة أن يعلم الرجل العلم فيعمل به ويعلمه)) قال الأشعث: ألا ترى أنه بدأ بالعلم قبل العمل؟"
يقول -رحمه الله تعالى-: "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا معاذ، قال: حدثنا أشعث عن الحسن، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" الحسن قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، هذا مرسل، ومراسيل الحسن عند أهل العلم لا شيء، ضعيفة، لكنه مروي من طريق أبي هريرة بإسناد لا بأس به -إن شاء الله تعالى-.
"يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من الصدقة أن يعلم الرجل العلم))" أو يعَلم، أن يعَلم الرجل العلم، ماذا عندك؟
طالب: يَعلم الرجل العلم.
((أن يَعلم الرجل العلم فيعمل به ويعلمه)) ليكون يعلم ويعمل ويعلم، هذا حد الرباني عند جمع من أهل العلم، يتعلم ثم يعمل بما علم، ويعلمه غيره، وسبق الكلام فيه.
"قال الأشعث: ألا ترى أنه بدأ بالعلم قبل العمل؟" لأن العلم مصحح للعمل، فكم من شخص يعمل من غير علم، فيتضرر بعمله أكثر مما يستفيد؛ لأنه إذا عبد الله على جهالة، وقد يخل بشرط، وقد يخل بركن من أركان العمل، فيكون عمله باطلًا وهو لا يشعر، لكن العمل ولو قل بعد العلم والعبادة على بصيرة لا شك أنه هو الأصل، ألا ترى أنه بدأ بالعلم قبل العمل، وقد ترجم الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- باب: العلم قبل القول والعمل، نعم.
"حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب قال: سمعت القاسم بن محمد يقول: "إنكم تسألونا عما لا نعلم، والله لو علمناه ما كتمناه، ولا استحللنا كتمانه".
نعم هذا الأثر أو الخبر المقطوع عن القاسم بن محمد أحد الفقهاء السبعة يقول: "إنكم تسألونا عما لا نعلم" يعني لا يتصور ولا يتوقع من العالم مهما بلغة منزلته في العلم، ورسخ قدمه فيه، أنه يعلم كل شيء.
"إنكم تسألونا عما لا نعلم" إذًا العالم في مسائل كثيرة لا يعلم، فما المانع من أن يقول: لا أعلم؟ ليس في هذا أي مانع ولا غضاضة، بل المتعين يجب عليه أن يقول: الله أعلم، لا أعلم، ما الذي يترتب على هذا من الآثار؟ الشيطان، الشيطان يسول له أنه إذا قلت: لا أعلم يتنقصك الناس، إذا قلت ثانية: لا أعلم، ثالثة، رابعة، عاشرة، طيب كيف تصدر نفسك وأنت لا تعلم؟ نعم ماذا بقي؟ أبدًا لا أعلم، لكن الشيطان يسول له، فعلى الإنسان أن يسعى في خلاص نفسه قبل سعيه في خلاص غيره، "إنكم تسألونا عما لا نعلم، والله لو علمناه ما كتمناه" ما قصرنا، فجاءوا إلى الفقيه من الفقهاء السبعة من كبار فقهاء الأمة، ما الذي جعله يتصدر؟ إلا لينفع الناس، لكن لا يلزم بشيء لا يطيقه، كونه يقحم نفسه، أو يقحم في أمور لا يحسنها ولا يجيدها هذا ظلم له، ظلم من غيره له، وظلم من نفسه لنفسه "والله لو علمناه ما كتمناه" ومضت الآية مرارًا التي لولاها ما حدث الناس، ولا أفتى الناس: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} [(159) سورة البقرة] نسأل الله العافية "ولا استحللنا كتمانه" لا يجوز الكتمان، من سأل عن علم فكتمه ألجم بلجام من نار يوم القيامة، نسأل الله السلامة والعافية، نعم.
طالب:.......
نعم، تقديم الميم على الياء ابن علية، المعروف بابن علية، نعم.
"حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا محمد بن مصعب، قال: حدثنا الأوزاعي عن أبي كثير قال: سمعت أبا هريرة -رضي الله عنه- يقول: "إن أبا هريرة لا يكتم ولا يكتب".
لا يكتم وإلا لا يكتب؟
طالب: هنا لا يكتب لكن هو هكذا في الأصل، عند الخطيب في تقييد العلم لا يكتب.
هو الظاهر، قد قال عن نفسه، هو يقول: "سمعت أبا هريرة يقول: "إن أبا هريرة لا يكتم" لأنه استدل بالآية التي تحرم الكتمان، فهذا له وجه، في بعض النسخ والأصول والمصادر لا يكتب، وقد أبان عن نفسه أن عبد الله بن عمرو كان يكتب ولا أكتب، يحفظ حفظًا "ولا يُكْتِب" يعني لا يرضى أن يكتب عنه، ومر بنا أنه كتب عنه وعرض عليه ما كتب، فالمسألة مسألة مواقف وأوقات وظروف، يعني يأتي العالم في يوم من الأيام أنه يمنع التسجيل، ثم بعد ذلك يسمح به، يمنع المكبر ثم يرضى بذلك، فالظروف هي تفرض نفسها عند الحاجة، عند الحاجة للكتابة يكتب، وعند الحاجة للكتابة عنه يكتب عنه، وعند عدم الحاجة لا يرضى بذلك؛ لأن الأصل هو الحفظ.
اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
"نعم هو تحت الطبع.
طالب:.......
لا، هي موجودة السلطانية طبعت سنة (1311هـ) واندرست وانقطعت حتى كثير من طلاب العلم ما عنده..، حتى كثير من الكبار ما عندهم منها شيء؛ لأنها طبعت سنة (1311هـ) وقف، جميع النسخ وقف، كتب عليها وقف الله تعالى في كل صفحة، وانتهت في وقتها، لكن قيض الله لها من يخدمها وينشرها من جديد.
الطالب المبتدئ، المبتدئ بمعنى مبتدئ ما حفظ الأربعين والعمدة والبلوغ على الجادة المعروفة عند أهل العلم وسمع شروحها من أهل العلم، هذا لا ينبغي أن يتطاول على شرح البخاري، ينتظر حتى يجعل له سلمًا يصعد بواسطته إلى هذه المرتبة، وهي قراءة شروح الكتب الأصلية، فإذا حفظ الأربعين، وقرأ عليها بعض الشروح، وسمع عليها أشرطة، ثم حفظ العمدة، وقرأ عليها شروحًا، والبلوغ كذلك، له أن يقرأ في شروح البخاري، يعني يعاني صحيح البخاري، ويهتم بصحيح البخاري، ويتفقه من صحيح البخاري، فإن كانت لديه همة بقراءة الشرح كاملاً فهذا طيب، إن لم تكن هناك همة فليراجع عليه ما يشكل، شروح البخاري كثيرة جدًّا، لكن من أهمها فتح الباري لابن حجر، فتح الباري لابن رجب، شرح الكرماني، شرح العيني، شرح القسطلاني، شرح القسطلاني مناسب للطالب المتوسط؛ لأنه ما فيه توسع، مناسب جدًّا للطالب المتوسط، أحسن شرح لصحيح مسلم شرح النووي، شرح النووي على مسلم أفضل الشروح للطالب يعني بداية، عنده ما يؤهله لفهم الكتاب، وليس من الطلاب الذين يطلبون التوسع في الشرح، يكفيه شرح النووي، على ما فيه من مخالفات عقدية.
وأحسن طريقة لحفظ الحديث بالإسناد أو التفريق بين المخرجين للحديث؟
الطريقة لحفظ الإسناد معروفة بأن تحفظ السلاسل المشهورة من خلال تحفة الأشراف، تنظر لك سلسلة يروى بها أحاديث كثيرة، أحيانًا مائة حديث، سبعين ثمانين، ستين، خمسين حديثًا، تحفظها وترتاح من كل هذه الأحاديث، تحفظ هذه السلسلة فتحفظ الأحاديث التي رويت بها، هذا يفيدك كثيرًا.
يقول: أحسن طريقة لحفظ الحديث بالإسناد أو التفريق بين المخرجين للحديث؟
أفضل طريقة لمعرفة مخرجين الحديث ترجع إلى الأصل، قال لك ابن حجر: رواه الخمسة، ارجع إلى الخمسة وتأكد، وأنت إذا عرفت أنك رجعت من أجل هذا الحديث لمسلم تعرف أنه مخرج في مسلم إذا وقفت عليه، فالمعاناة والتعب على الشيء هو الذي يثبته في الذهن، قد يكون أرقامًا، أربعة، خمسة، ثلاثة، تنساها مع الوقت، لكن إذا تذكرت أنك راجعت هذا الحديث في المسند لن تنسى أنه مخرج في المسند، تذكرت أنك راجعت في سنن أبي داود أو الترمذي أو النسائي وابن ماجه ما أنت بناسٍ؛ لأن المعاناة تحفر القلوب.
أحسن كتب المصطلح للمبتدئ المتوسط في الطلب النخبة، النخبة وشروحها، ثم مختصر علوم الحديث للحافظ ابن كثير، ثم ألفية العراقي مع شروحها.
نعم هو من أفضل التفاسير التي تعنى بأحكام القرآن.
إذا كان عنده ما يؤهله للتعليم فالجمع بينهما أفضل؛ لأن التعليم من أنفع وسائل التحصيل، ومما يعين على التعلم.
ذكرنا بالأمس طريقة ونرجو أن تكون نافعة إذا جد الإنسان، لا بد من الجد والاهتمام وصرف الوقت الكافي، وإلا الذي يصرف وقتًا يسيرًا هذا يطول، يطول به الأمد، فذكرنا أنه يكون محور الدراسة صحيح البخاري، صحيح البخاري مخدوم مخرج ومرقم، ما عاد يشكل شيئًا على طلاب العلم، فإذا جئت إلى الحديث الأول تنظر في مواضع تخريج البخاري لهذا الحديث، تنظر في أسانيدها وتراجمها، وزيادات المتون ونقصها، وتتصور هذا الحديث تصورًا كاملاً في صحيح البخاري، ثم يقول لك المخرج من خلال الطبعة السلطانية التي ذكرناها المصورة يقول لك: قدامه ميم، ترجع إلى صحيح مسلم، تنظر ماذا قال عنه مسلم؟ في سياق أسانيده ومتونه وكذا، والترجمة التي ترجم عليها شراح مسلم، ثم تضع عليه علامة أن هذا سبقت دراسته في البخاري؛ لأنه من المتفق عليه، تنظر أيضًا إذا كان الحديث الأول مخرجًا في أبي داود ترجع إلى أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وتضع على كل شيء علامة، إذا نظرت وتصورت وقرأت ترجمة الإمام على...... ترجم عليه البخاري بكذا وكذا وكذا في سبع تراجم، ترجم عليه في شرح النووي بكذا، في شرح القاضي عياض بكذا؛ لأن كل شارح من شروح مسلم له ترجمة، والترجمة معناها الفقه المستنبط من هذا الحديث، ثم تأتي ترجم عليه أبو داود بكذا، ترجم عليه النسائي بكذا، ترجم عليه.. إلى آخره، وتضع علامات على أن هذا الحديث درس في صحيح البخاري.
إذا انتهيت تكون انتهيت من الأحاديث التي اتفق عليها الشيخان، فتأتي إلى زوائد مسلم فتدرسه على الطريقة السابقة، خلاص انتهيت من البخاري، على جنب، تأتي إلى هذه الزوائد زوائد مسلم فتدرسه على الطريقة السابقة بمقارنة السنن، وتضع علامات، ما تنتهي من آخر كتاب إلا عندك الزيادات قليلة -إن شاء الله تعالى-، لكنها تحتاج إلى همة، وتحتاج إلى وقت، فاحرصوا.
الكلام على الدافع لهذه الإجابة، ما الذي دفعك إلى أن تجيب؟ هل الذي دفعك إلى أن تجيب أن ترفع الجهل عمن يسألك؟ أنت مأجور، ولأجل هذا يطلب العلم، وإن كان القصد أنك تجيب عندما تسأل لتحترم وتقدر وتصدر في المجالس هذه حقيقة مرة، نسأل الله العافية.
هذه طال الكلام فيها بين أهل العلم، لكن المرجح أن المراد بشرط الشيخين رجال الشيخين، إذا كان الحديث مرويًّا من طريق رواة خرج لهم في البخاري قلنا: على شرط البخاري، من طريق رواة خرج لهم في صحيح مسلم، قلنا: على شرط مسلم، خرج لهم الشيخين، قلنا: على شرط الشيخين، بالهيئة المجتمعة، يعني السند متكامل، ما يصير ملفق السند.
الحريص على طلب العلم والغيور على واقع الأمة لما يراه من تقصير وتفريط يكون على حيرة من أمره فإن بنى نفسه وقرأ وحصل غفل عن نفع الأمة والنصح لها، ويخشى أن يموت قبل أن يقدم، وإن تقدم بذل وتكلم يكون قد أقحم نفسه في مرتقًى صعب، ينتج منه صدارة قبل النضج، وسيادة قبل العلم، فما هو المخرج؟
لا بد من التعلم، التعلم هو الأصل في المرحلة الأولى، والنفع يكون تبعًا لهذا التعلم، ينفع بقدر ما يسعفه الوقت وبقدر ما يرى من ضرورة لهذا النفع، وليكن على صلة بأهل العلم، يبلغهم بما يرى، يبلغهم بما وصل إليه من علم، وهو في طريقه للتعلم، ثم إذا تمكن تصدر لإقراء الناس وإفتائهم وتدريسهم، والتغيير المباشر لنفسه مع من يتعاون معه من أهل الولاية والعلم.
هذا عليه الصبر، الصبر والمثابرة، والطريقة المناسبة وترتيب الوقت، وكثرة التكرار، مثل هذا يرسخ العلم -إن شاء الله تعالى-.
الذي قرره ابن حجر وجمع من أهل العلم أنه مجرد قولها باللسان يثبت الأجر؛ لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال: من قال كذا فله كذا، فهو معلق بالقول، أيضًا ذكر القلب له أجر زائد -ولله الحمد-.
أولًا: إذا استحضر طالب العلم النصوص الواردة في فضل العلم، وفي منازل العلماء في الدنيا والآخرة، فضل من يسلك الطريق لطريق العلم، من يسلك طريق العلم، ومن يعلم الناس الخير، هذا يكفيه، وهذا يحذوه ويحثه على الاستمرار والمتابعة، لكن لا يتصور أن الإنسان أيضًا يستمر في عمره كله على وتيرة واحدة، نعم يسترخى شيئًا يسيرًا، هذا طبيعي عادي، لكن يستعيد النظر في النصوص التي تحث على طلب العلم، وموفور الأجر والثواب من الله -جل وعلا- لمن يسلك هذا الطريق، والله -جل وعلا- يسهل له به طريق إلى الجنة، فليس الأمر بالسهل، فإذا تصورنا هذا واستحضرناه لن نفتر -إن شاء الله تعالى-.
بقدر العقوبة، أما الحدود فهي كفارات، إذا أقيم عليه حد في الدنيا فهو كفارة له.
العلاقة أن اللقطة مال للغير تجده وتلتقطه ولها حكمها، وأيضًا مما يلتقط الشاة، وإذا التقطت الشاة هل تستفيد من حليبها أم لا تستفيد؟ وهل تلتقط أو لا تلتقط؟ نعم.
الأصل أنه لا فرق بينها، من حيث الأصل اللغوي، التحديث {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} [(4) سورة الزلزلة] {وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} [(14) سورة فاطر] فهي متقاربة من حيث المعنى، لكن أهل الاصطلاح خصّوا حدثنا بما تحمل بطريق السماع، وأخبرنا بما تحمل بطريق العرض، وأنبأنا خصوها بالإجازة.
لا شك أنهم يختصرون الصيغ، حدثنا يقولون: ثنا، يحذفون الحاء والدال، ويقتصرون على ثنا، وقد يقتصرون على نا فقط يحذفون الثاء، وأحيانًا لكنه قليل يقولون: دثنا، يحذفون الحاء وحدها، هذا موجود لكنه قليل، وأما أنا هذه اختصار لأخبرنا.
الورع في الأمر قبل أن تملك، قبل أن يدخل تحت ملكك، والزهد إذا دخل في ملكك، تتورع عن كسب تشك فيه هذا ورع، ما أنت بزاهد فيه، لكن إذا حصل بيدك وزهدت فيه وأنفقته في سبيل الله تكون زاهدًا؛ ولذا لما قيل لسفيان: أنت الشيخ الزاهد؟ قال: لا، الزاهد عمر بن عبد العزيز؛ لأنه ما جاءه شيء يزهد فيه، الزاهد عمر بن عبد العزيز.
لا، لو كانت خلق بمعنى جعل أو جعل بمعنى خلق ما عطفت عليها، فدل على التغاير بينهما.
يقول: هل جعل بمعنى خلق كما يقول المعتزلة في الثانية يحتجون به على خلق القرآن؟
أبدًا.
على كل حال جاءت النصوص بمن قرأ، والقراءة تحصل بالهذ، وجاء في المسند والدارمي بإسناد لا بأس به ((كما كنت تقرأ في الدنيا هذًا كان أو ترتيلًا)) فلا تحجر واسعًا، الهذ له أجره، وأجر الحروف، ويبقى أن التدبر منزلة عليا، يعني من ختم القرآن مرة واحدة بالتدبر والترتيل على الوجه المأمور به، أو ختمه عشر مرات بالهذ ابن القيم يقول: كمن أهدى درة، ختم مرة واحدة بالتدبر أهدى درة ثمينة نفيسة جدًّا، وهذا أهدى عشر درر ما تساوي شيئًا بالنسبة للدرة الثمينة، لكن لها أجرها، نعم.
كل ما يطلق عليه صورة بأي وسيلة كان بآلة أو باليد كله داخل في حكم التصوير الذي جاء الوعيد الشديد على فاعله، سواءً كان بآلة بكاميرا بفيديو بيد كل هذا داخل في حكمه.
العنعنة معروف حكمها، وأنها محكوم لها بالاتصال بالشروط المعروفة عند أهل العلم: أن يبرأ الراوي من التدليس، وأما المدلس لا بد أن يصرح، لا سيما إذا كان من المراتب الثلاثة فما دون، وأيضًا يكون الراوي قد عاصر أو لقي من روى عنه على الخلاف المعروف عند أهل العلم.
على كل حال العلم الذي وردت النصوص بفضله والحث عليه هو العلم الشرعي، المستفاد من كتاب الله وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام-، المورث للخشية، لكن العلوم الأخرى الطب والهندسة والإدارة وغيرها شأنها شأن الحرف الدنيوية والصنائع والحروث والزراعات والتجارات كل هذه أمور دنيا، إن نوي بها النية الصالحة بأن ينوي بها أن ينفع الآخرين يؤجر على هذه النية.
الآن ما أذكر.
على كل حال الفرس من الأعاجم، كل من يطلق العربية فهو أعجمي ونعم بني فروخ هم العجم.
هذا فيه أشرطة، وفيه لقاءات، والله المستعان، الله يعفو ويسامح، ويعامل الجميع بالعفو.
إذا اجتمع خمسة ستة أربعة ثلاثة من الإخوان على مستوى واحد من التحصيل والحرص والجد يتذاكرون ماذا سمعت؟ وماذا فهمت؟ وما معنى كذا؟ ما معنى كذا؟ إلى أن ينتهي الدرس، في مسائل الدرس تجعل عناصر، ويوضع عليه أسئلة وكل واحد يسأل الثاني.
جيد عندهم تعادل صحيح، إلا أنهم يقولون: إذا أطلقها الجهبذ فإنه لا يعدل عن صحيح إلى جيد إلا للنكتة، يعني قد لا يصل عنده إلى رتبة الصحيح، لكنه فوق الحسن ولم يقل: حسن؛ ولذا جاء في بعض أحكام الترمذي حديث حسن جيد، يعني في مقابل حديث حسن صحيح، إسناده لا بأس به: يعني أنه مقبول في الجملة، ومثله حسن، إسناده حسن يعني مرتبة متوسطة بين الصحيح والضعيف.
ما البرود هذا؟ يعني يمكن برود الطبع؛ لأن بعض الناس حار الطبع، وبعض الناس بارد الطبع، لا، هذا فيه فرق؛ لأن الناس قد يكون من أحلم الناس ومن أحزم الناس، البارد ما هو بحازم، نعم، البارد في طبعه هذا في الغالب ليس بحازم، لكن الحليم قد يكون من أحلم الناس وأحسنهم خلقًا، ومع ذلك من أحزمهم.
على كل حال الكبائر يقرر أهل العلم أنها لا بد لها من توبة، وفيه تكفير الذنوب بالطاعات بالصلوات الخمس إلى الصلوات الخمس ورمضان كلها ينص عليها: ((ما اجتنبت الكبائر)) وفيها: ((ما لم تغش كبيرة)) {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [(31) سورة النساء] لكن إذا تصور، لو قدر أنه يتصور شخص يعمل هذه الطاعات كما أمر، وليس عنده صغائر تكفر، هذا إذا تصورنا مع أنه ما يتصور، ليس عنده صغائر تكفرها هذه الطاعات، عنده كبائر، يقولون: تخفف من هذه الكبائر، ولو قدر أن التكفير بهذه العبادات الكبيرة أتى على الصغائر كلها وبقي شيء يخفف من الكبائر، أما الكبائر فيقرر أهل العلم للنصوص الكثيرة ((ما لم تؤت كبيرة)) ((ما لم تغش كبيرة)) ((ما اجتنبت الكبائر)) يدل على أن الكبائر لا بد لها من توبة، والله -جل وعلا- يغفر لمن يشاء، والناس أقول: المسلم تحت المشيئة.
تنتابني نشوة عندما أحضر مجالس العلم أحس فيها بالسعادة، ولكن يأتيني شعور خصوصًا مع كثرة انصراف الناس عن طلب العلم شعور يحملني على ازدراء الناس وتسفيه عقولهم، حتى ربما أتطاول على شباب المراكز الصيفية وبعض الدعاة، فما توجيهكم لي؟ وهل هذا يدخل في الرياء والعجب بالنفس؟ وما هو الواجب علي فعله؟ وجزاكم الله خيرًا.
أولًا: ينبغي للإنسان أن يهضم نفسه، ويعرف قدر نفسه، وأن يعذر غيره؛ لأنه يعرف من عيوبه ما يشتغل به، من عيوب نفسه ما يشتغل به عن غيره، وما يدريك لعل فلانًا من الناس الذي طلع خرج من المسجد، وترك الدرس ذهب إلى عمل هو أفضل من عملك، ما تدري، تعذر الناس، ولعل عنده من صفاء النية وطيب السريرة وسلامة القلب ما يرفعه فوقك درجات، أو ما يرفعه عن كثير من أهل العلم درجات، فعلى الإنسان أن يشتغل بنفسه، ويلتفت إليها، ويسعى لتكميلها، وإن ينشغل بذلك عن عيوب الناس.
أهل العلم ينصون على هذا، يقولون: إن الذي له هدف شرعي صحيح؛ لأن الذي يخشى منه أنه إذا خرج بعد الأذان تفوته الصلاة، هذا لن تفوته الصلاة؛ لأنه هو الإمام.
على كل حال الحديث كلام الرسول -عليه الصلاة والسلام- ينبغي أن يرفع عن مستوى الأرض.
أما بالنسبة للكبير فطبعة السلفي، نعم حمدي عبد المجيد السلفي، وأما بالنسبة للأوسط فالطبعة المصرية، ما اسمها؟
طالب:.......
نعم تحت إشراف الشيخ طارق عوض الله، والصغير هو طبع محققًا في كم نسيت؟
طالب:.......
هي الطبعة القديمة في مجلد، وقبل الطبعة الهندية، الذي يقف على الهندية أفضل، لكنها مطبوعة من مائة وثلاثين سنة، ما تتاح، طبع بعدها بالمطبعة السلفية بالمدينة طبعة ما تسلم من أخطاء، وحقق في مجلدين (الثمر الداني) لا، الثمر الداني في المعجم الصغير للطبراني، (المطالب العالية) هذه رسائل علمية طبعت في مطبعة العاصمة من عشرين جزءًا، وأنا أشرفت على ثلثها، يعني أربع رسائل أنا مشرف عليها.
العلل لابن المديني هذا طبع في جزء صغير بالمكتب الإسلامي، وطبع منه القلعجي أيضًا قطعة، على كل حال هو مطبوع في المكتب الإسلامي طبعة جيدة لا بأس.
اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ما هو القعنبي لا.
عبد الله يقول: حدثنا عبد الله قال: حدثني أبي، وهو الإمام أحمد، يعني حذف من السند ما لا يحتاج إليه، ولا أثر له في دراسة السند، يعني وقف على شيخ أحمد.
وبدأ بشيوخ الإمام أحمد مباشرة، وأن هذا مخالف للأمانة العلمية، وأقول: ألا يعتذر أن الشيخ -رحمه الله تعالى- قد بين في المقدمة ما صنعه، ومن الدوافع لفعله ذلك حتى لا يحتج مثل الذي طعن في نسبة الأم للشافعي؟
لا نريد أن تكون تصرفاتنا ردود أفعال، لا، تبقى الكتب على ما هي، وجد هذا لا بد...، لا، لا، أبدًا، يبقى العلم كما هو، تبقى الكتب كما هي كما ألفت، وينبه عليها، ويوضح، كون الشيخ ذكر ذلك في المقدمة هذا جيد من الشيخ، لكن يبقى أنه تصرف في المسند -رحمة الله عليه-.
وأن الشيخ قد حقق الأمانة العلمية بذكره ذلك في المقدمة، ولا يكون عمله ذلك مخالفًا؟
على كل حال اجتهد الشيخ -رحمه الله-، ويكفيه أنه يؤجر على هذا الاجتهاد، لكن ليس هو الصواب.
دفع الزكاة لطالب العلم من أجل أن يشتري كتب قال به شيخ الإسلام ابن تيمية، لكن لم يقل به غيره.
يقرأ في متون هذا العلم الصغار، وكل كتب كل علم مرتبة للصغار والمتوسطين والمنتهين، فعليه أن يقرأ بكتب المبتدئين وخاصة في هذا الفن وفي غيره.
النسخة التي طبعها قصي ابن الشيخ محب الدين الخطيب من صحيح البخاري في أربعة مجلدات هي استلت مما أودعه محمد فؤاد عبد الباقي من صحيح البخاري مع فتح الباري، وهذه نسخة ملفقة، لا تنتمي إلى رواية معينة؛ ولذا إدخالها في فتح الباري خطأ، ثم استلت وجعلت مستقلة، نقول: الآن أفضل طبعة على وجه الأرض من صحيح البخاري هي الطبعة السلطانية التي صورت ورقمت وخدمت من كل وجه، النسخة التي أحضرناها العام الماضي وقرأنا فيها.
عليه أن يتقي الله -جل وعلا-، {وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ} [(282) سورة البقرة] وعليه أن يُكرر، يُكرر ما حفظ يذاكر من معلوماته، ويتعاهدها.
لا أدري والله، هل له أصل أم لا؟