جاء في الحديث الصحيح أنه ((ما من أيام العمل الصالح فيهن خير وأحب إلى الله من هذه الأيام العشر))، وقد رجحها كثير من أهل العلم على عشر الأخيرة من رمضان، لاسيما النهار مع النهار، فهذه الأيام العشر أفضل من الأيام العشر في رمضان وفضلها لا شك أنه دليل على فضل العمل الصالح فيها، ((ما من أيام العمل الصالح فيها خير وأحب إلى الله من هذه الأيام العشر، قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء)) ومن أفضل الأعمال التي دلت النصوص على فضله الصيام، ((ومن صام يومًا في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفًا)).
وفي الحديث الصحيح عن عائشة رضي الله عنها أن النبي عليه الصلاة والسلام ما صام العشر.
وثبت عن بعض نسائه أنه صام العشر، وإن كان حديث عائشة أرجح لأنه في الصحيح، لكن المثبِت مقدَّم على النافي، لأنه معه زيادة علم خفيت على النافي، وقد يكون قولها بعد سنين متطاولة من وفاته عليه الصلاة والسلام فقد عاشت بعده ما يقرب من نصف قرن.
الأمر الثاني أن ظرف النبي عليه الصلاة والسلام ومن يشبهه في ظرفه ممن يتولى أمور المسلمين العامة بحيث يعوقه الصيام عن بعض الأعمال التي هي أفضل من الصيام بالنسبة له، لا شك أن له أجر الصيام وما هو أعظم من الصيام.
لو افترضنا أن شخصًا يتولى أمور المسلمين العامة لكنه إذا صام ضعف عن هذه الأعمال وتكاسل وقال: أنا لا أستطيع أن أجمع بين العمل والصيام، قلنا له العمل أفضل لا تصم، وهذا وضعه عليه الصلاة والسلام أمور الأمة متعلقة ومنوطة به يعني لو قال المفتي أنا والله ما أقدر أدوام وأنا صائم، قيل له لا تصم، ترك الصيام أفضل لك في هذا الحالة، ويبقى عموم الناس على شرعية الصيام وأنه أفضل الأعمال لأنه في هذه العشر وسمعنا من يقول أن الصيام في العشر بدعة والشيخ ابن باز رحمه الله يقول: "من قال أن الصيام في العشر بدعة فهو جاهل" ولا شك في ذلك، لأن المسألة واضحة والصيام من أفضل الأعمال وكون الرسول عليه الصلاة والسلام لو لم يعارض حديث عائشة البتة وثبت أنه لم يصم ولا في سنة من السنين قلنا عمله أفضل من الصيام لأنه قائم بأعباء الأمة بكاملها، فالمسألة مسألة مفاضلة وموازنة بين الأعمال الصالحة فإذا تعارض العمل الفاضل مع العمل المفضول يقدم الفاضل يعني لو أن موظفًا مثلاً قال: أنا والله ما أستطيع أدوام وأنا صائم قلنا له لا تصوم الواجب أهم، لو كان شخص يعمل عمل تطوع لكن نفعه متعدٍّ يعلم الناس الخير ويفتيهم ولو تطوعًا وإذا صام خف عمله أو لا يستطيع أن يجمع بينهما قلنا لا تصم يا أخي أنت مشغول بما هو أفضل والمفاضلة بين العبادات أمر مقرر شرعًا.