إذا أدَّى الفريضة بأركانها وشروطها وسُننها على وجهٍ مُجزئ وخفَّفها فإن صلاته صحيحة مُجزئة، والغالب أن الفريضة لا سيما الصلوات تكون مع الإمام -إن لم يكن هو إمامًا-، فهو محكومٌ بغيره، فإذا كان إمامًا فهو مأمورٌ بالتخفيف، فإذا أتى بالفريضة على الوجه المأمور به، واشتملتْ على الأركان والشرائط والواجبات والسُّنن ولو كانت أخف مما ينوي فعله في النافلة، والنبي –عليه الصلاة والسلام- حُفظتْ صلاته في الفريضة أنها ليس فيها طول يشق عليه أو على غيره –عليه الصلاة والسلام-، ولكن في صلاته النافلة قام –عليه الصلاة والسلام- حتى تفطَّرتْ قدماه [البخاري: 4837]، وقام ليلةً في ركعة بخمسة أجزاء، بالبقرة، ثم النساء، ثم آل عمران [مسلم: 772]، ولا يفعل ذلك في الفريضة؛ لأنه في النافلة غير محكومٌ بغيره ممن تجب مراعاته، فإذا كان السبب هو هذا فلا مانع من ذلك، وفي فعله –عليه الصلاة والسلام- ما يدل على ذلك، فصلاته الفريضة أخف مما حُفِظ عنه في بعض ما يُذكر في نوافله –عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه في الفريضة محكومٌ بغيره.
لكن كونه يستعجل ويُحب انقضاء الصلاة فعليه أن يُراجع نفسه؛ لأنه جاء في الحديث «وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيءٍ أحبَّ إليَّ مما افترضتُ عليه، وما يزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أحبَّه» [البخاري: 6502] في الحديث المشهور المعروف الصحيح في (البخاري) وغيره، فكونه يُصلي الفريضة ويحرص عليها أكثر من حرصه على النوافل، ويحرص على إبراء ذمته منها أكثر مما يحرص على النوافل هذا هو الأصل، لكن يبقى بالنسبة للطول والقِصر بحسب مقتضيات الأحوال، فالفرائض في الغالب أنها تُصلى على الوجه المأثور عنه –عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه مرتبط بغيره، وأما النوافل باعتباره منفردًا في الغالب فليُطوِّل لنفسه ما شاء، كما جاء في الحديث الصحيح [البخاري: 703]، والله أعلم.