يقول المفسرون: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ} أي: من دون الله، يعني: الأصنام التي تدعونها من دون الله، وهذا يشمل كل ما يُدعى ويُعبَد من دون الله، سواء كان حجرًا أو شجرًا أو شخصًا، سواء كان مَلكًا مقرَّبًا أو نبيًّا مرسلًا، كل ما يُدعى من دون الله يدخل في هذا {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ}؛ لأن {الَّذِينَ} من صيغ العموم، تدعونه من الأصنام وغيرها.
{مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} [فاطر: 13] يعني: لا يملكون شيئًا، {مَا يَمْلِكُونَ}: {مَا} نافية، و{مِنْ} لتأكيد النفي، {قِطْمِيرٍ} وهو لفافة النواة، فنواة التمر عليها قشرة رقيقة جدًّا، ما يملكونها، فكيف بالنواة؟! فكيف بالتمر؟! فكيف بما هو أعظم من ذلك؟! ما يملكون شيئًا من هذا.
{إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ} افترض أن المدعو له سمع من بني آدم يسمع وأنت تدعوه، سمعه لا يُفيد، ووجوده مثل عدمه؛ لأنه لا ينفعك، وإذا كان في أمرٍ يستطيع فيه نفعك فتطلب منه شيئًا يستطيعه وهو حاضر وقادر على ذلك لا مانع، لكن الأصل أن الذين يدعون هؤلاء يدعونهم من بُعد، أو يدعونهم وهم أموات فلا يسمعون، وحتى لو سمعوا ما استجابوا، هذا المفترض في الذي تدعونه أنه من حقوق الله –جلَّ وعلا-، وأما -مثل ما قلنا- إنه إذا دُعي الحي القادر لنفعٍ أو غيره فيما يقدر عليه، فهذا أمرٌ سهل وجائز، والكلام فيما لا يقدر عليه أو فيما لا يسمعه، {وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ} يعني: لا يقدرون على ما تطلبون منهم.
{وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} [فاطر:14] أي: يتبرؤون منكم، كما قال تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ . وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} [الأحقاف: 5-6]، والله أعلم.