شرح الموطأ - كتاب الحج (04)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا ذا الجلال والإكرام.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: مواقيت الإهلال:
حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((يهل أهل المدينة من ذي الحليفة، ويهل أهل الشام من الجحفة ويهل أهل نجد من قرن)) قال عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: وبلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ويهل أهل اليمن من يلملم)).
وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أنه قال: أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أهل المدينة أن يهلوا من ذي الحليفة، وأهل الشام من الجحفة، وأهل نجد من قرن، قال عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: أما هؤلاء الثلاث فسمعتهن من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأخبرت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ويهل أهل اليمن من يلملم)).
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أهل من الفرع.
وحدثني عن مالك عن الثقة عنده أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أهَلّ من إيلياء.
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أهل من الجعرانة بعمرة.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"باب: مواقيت الإهلال" المواقيت: جمع الميقات، كالمواعيد جمع ميعاد، ويطلق الميقات ويراد به الزماني، كما يطلق ويراد به المكاني، والمواقيت الزمانية في الحج عند الجمهور شوال والقعدة وعشر من ذي الحجة، وعند مالك ثلاثة أشهر بتكميل ذي الحجة، والخلاف معروف، ولا يجوز أن يتقدم الميقات الزماني فيحرم بحج قبل هلال شوال، وأما بالنسبة للعمرة فالسنة كلها ميقات للعمرة، يستثنى من ذلك الأيام التي يتلبس فيها المرء بنسك، وأما الميقات المكاني فالمراد به ما ذكر في هذه الأحاديث، من التوقيت لأهل مكة، ولأهل نجد، ولأهل اليمن، ولأهل الشام، ولأهل العراق.
وترجم الإمام البخاري على هذا الحديث وغيره من الأحاديث مبتدئًا بالتراجم على هذا الحديث وما جاء في معناه بقوله: باب: فرض المواقيت.
وظاهر كلامه أنه لا يجيز الإحرام بالحج والعمرة قبل الميقات، هذا ما فهمه الشراح، لا يجوز الإحرام بالحج والعمرة من قبل الميقات، يعني المكاني كالزماني.
والنبي -عليه الصلاة والسلام- حدد هذه الأماكن لأهل تلك الجهات، وكلامه ظاهر في هذا، ما دام حدد شرعًا هذا المكان لهذا العمل فكما أنه لا يجوز أن يتجاوز بدون إحرام فلا يجوز أن يتقدم، هذا في الأصل، لكن ابن المنذر نقل الإجماع على جوازه، على جواز الإحرام قبل الميقات، وابن عمر -على ما سيأتي- أهَلّ من إيلياء من بيت المقدس، وغيره أيضًا أهل بالبصرة، وثالث أهل من كرمان من الصحابة، وجاء في تفسير قوله -جل وعلا-: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} [(196) سورة البقرة] نقل عن علي -رضي الله عنه- أنه قال: "إتمامهما أن تحرم بهما من دويرة أهلك"، النبي -عليه الصلاة والسلام- حدد هذه الأماكن، وفرض المواقيت، وأحرم من الميقات، ولولا ما جاء عن الصحابة في هذا لقلنا بقول الإمام البخاري؛ لأن الزيادة على العبادة مما لم يرد به نص بدعة، والزيادة على ما فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- قد يأخذ منه بعض الجهال أن هذا أكمل من عمله -عليه الصلاة والسلام-، وبعض الصحابة أحرم قبل الميقات كما سيأتي أن ابن عمر أحرم من إيلياء، وأحرم عمران بن حصين من الشام، وأحرم بعضهم من البصرة، وبعضهم من كرمان، وكره عثمان -رضي الله عنه- الإحرام بالحج من كرمان؛ لأنه وجد في وقته من أحرم منه، لولا هذه النصوص لاتجه القول بعدم الجواز، كما أنه لا يجوز أن تتأخر عنها لا يجوز أن يتقدم عليها، ولو زعم من فعل ذلك أنه فعله احتياطًا، كيف يحتاط في مسألة شرعية عمل القدوة والأسوة على خلاف الاحتياط، ولا شك أن الاحتياط في ترك هذا الاحتياط.
ابن المنذر نقل الاتفاق على جواز الإحرام قبل الميقات، وجاء في الحديث أن عمرة من بيت المقدس تعدل حجة، ويمكن تأويله وتأويل ما جاء عن علي في تفسير قوله -جل وعلا-: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} [(196) سورة البقرة] أن تنشأ العمرة من بيت المقدس، وأن ينشئ المرء العمرة من دويرة أهله، لكن لا يتم الدخول فيها إلا من الميقات، يعني كون الإنسان ينشئ عمرة من دويرة أهلة لا شك أنه أفضل من أن ينشئها من دون الميقات فضلًا عن كونه يخرج لها من مكة، أفضل كونه يأتي بها بسفرة مستقلة أفضل، وله طرق هو، حسن نعم، هذا نقل عن مالك وغيره، نعم.
الدافع لهذا الاحتياط أنه يتصور أن الطائرة ما هي بمثل ما كان على الجمال أو على الأقدام، أو حتى على السيارات، بإمكانه أنه إذا وصل الميقات أن يقف ويحرم، أما بالنسبة للطائرة لمحة بصر يفوته الميقات وهو لا يشعر، وقد يغفل عن ذلك فالاحتياط هنا له وجه؛ لأن الطائرة ما هي بمثل غيرها، الطائرة لو... نعم؟
طالب:........
نعم هم يحتاطون، لكن بعض الناس عندهم مزيد من الاحتياط، مثل الطائرة له وجه الاحتياط فيها؛ لأن سرعتها يعني قد يفوت الإنسان عن الميقات وهو لا يشعر، المقصود أن من احتاط بالنسبة للطائرة له وجه.
طالب:........
لا، ما له كثير.
طالب: إذا أعلنوا........؟
المقصود أنه يحرم قبل؛ لأنهم إذا أعلنوا قالوا: بقي كذا على الميقات، ليس معنى هذا أنه مجرد ما ينتهي المدة التي حددوها أنه الآن على الميقات، إما قبله أو بعده بيسير؛ لأن الطائرة معروف سرعتها تزيد وتنقص، نعم، المقصود أن الاحتياط في مثل هذا لا بأس به، نعم، أما إذا أمكن أن يقف عند الميقات ويحرم منه بيقين، فالاحتياط في ترك هذا الاحتياط، اقتداءً به -عليه الصلاة والسلام-، ولولا ما نقل من الإجماع وأفعال بعض الصحابة لكان القول بقول الإمام البخاري متجهًا.
والإهلال: هو رفع الصوت بالتلبية، ثم أطلق على نفس الإحرام، الأصل فيه الإهلال، رفع الصوت بالتلبية، وهو منقول من رفع الصوت عند رؤية الهلال، الإهلال والاستهلال رفع الصوت، والأصل فيه رفع أصوات الناس عند رؤية الهلال، إذا رأوه، ثم نقل إلى رفع الصوت بالتلبية، ثم أطلق على الإحرام توسعًا، والمهل والإهلال بمعنًى.
يقول -رحمه الله-: "حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((يهل أهل المدينة))" والمدينة إذا أطلقت فالمراد بها مدينته -عليه الصلاة والسلام-، وأل العهدية معروفة عند أهل العربية، كما أنهم إذا أطلقوا الإمام في كل مذهب معروف، إذا قيل: الإمام في مذهب الشافعية، إذا قيل: الإمام في مذهب الحنابلة، إذا قيل: كذا، فهذه (أل) عهدية، يعني تعاهدوها وعرفوها بينهم، وإذا أطلق الكتاب فهو معروف، المقصود أن بعض الناس قد يدلس، فيحرج على النعناع ويقول: نعناع المدينة، وأهل الخبرة يعرفون نعناع المدينة من نعناع غيرها، إذا شم تبين الفرق فإذا استثبت قال: الرياض مدينة، الخرج مدينة، نعم، هذا تدليس.
((يهل أهل المدينة))....
هذا يقول: هل المقصود بعدم جواز الإحرام قبل الميقات ولبس الإحرام أو نية الدخول في النسك؟
المقصود نية الدخول في النسك، أما مجرد لبس الإحرام فلا بأس أن يلبسه قبل صعوده الطائرة؛ لأنه في الطائرة يصعب عليه أن يغير ملابسه ويخلع ملابسه، ويلبس ثياب الإحرام، لكن هنا شيء ينبغي أن ينتبه له، شيء، في المدينة مثلًا يلاحظ الجالس في المسجد النبوي يلاحظ أن من الناس من يدخل المسجد وعليه الإحرام، ويصلي فيه ركعتين، ويذهب ليصلي على النبي -عليه الصلاة والسلام- وصاحبيه، باعتبار أنهم أحرموا في مكان سكنهم في المدينة، ولا يريدون الوقوف في الميقات، أو يتصورون أن أماكن الاغتسال فيها زحام، أو شيء من هذا في المواسم، مع أنه وجد هذا بكثرة في الإجازات، ولا يوجد زحام ولا شيء، أقول: مثل هؤلاء ينبغي أن يمنعوا، ولو على الأقل من دخول المسجد؛ لئلا يظن جاهل أن المسجد يحتاج إلى إحرام، المسجد النبوي، أو السلام على النبي -عليه الصلاة والسلام- يحتاج إلى إحرام، فمثل هذا يمنع سدًّا للذريعة، وكان يوجد يعني في اليوم الواحد أو أشبه الآن زادوا، والمظنون بهم أنهم تجهزوا للعمرة في بيوتهم، وفي سكنهم، ولم يدخلوا في النسك، وإنما أرادوا أن يتأهبوا لها من بيوتهم، وهذا أسهل عليهم، لكن ينبغي أنه إذا لبس إحرامه من سكنه أن لا ينوي الدخول بالنسك من جهة، الأمر الثاني: أن لا يزور المسجد ويسلم على النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد أن يلبس؛ لئلا يظن الرائي أن دخول المسجد النبوي يحتاج إلى إحرام، أو أن السلام على النبي -عليه الصلاة والسلام- وعلى صاحبيه يحتاج إلى إحرام، فيدخل في حيز الابتداع.
((يهل أهل المدينة من ذي الحليفة)) ذي الحليفة ويقال له: أبيار علي، وهو أبعد المواقيت عن مكة، على عشر مراحل، وبينه وبين المدينة ستة أميال، يعني عشرة كيلو أو إحدى عشرة كيلو، عشرة كيلو تقريبًا، قريب، وهو أبعد المواقيت من مكة، والسبب في ذلك على ما قاله أهل العلم: لتعظم أجور أهل المدينة؛ لأنه كلما كثر التلبس بالإحرام -طالت مدته- زاد الأجر، لتعظم أجور أهل المدينة، وقيل: رفقًا بأهل الآفاق الذين يأتون من بعيد، يعني أهل نجد أبعد من المدينة، اليمن أبعد من المدينة، الشام أبعد من المدينة، العراق أبعد من المدينة، وكلهم مواقيتهم أقرب إلى مكة، والميقات البعيد هو ميقات المدينة، وهي أقرب هذه الآفاق إلى مكة، فأولئك لما طالت عليهم المدة في سفر قبل التلبس بالإحرام لوحظوا في قصر المدة في الإحرام، هذا قول بعض أهل العلم، هذا ما قاله بعض أهل العلم معللًا ذلك، والعبرة والمعول على النص، سواءً كان بعُد أو قرب، نعم؟
طالب:........
هذا قالوا: لتعظم أجورهم، يدخل في هذا الكلام.
((يهل)) يعني يحرم ويدخل في النسك، أهل المدينة من الميقات، من ذي الحليفة ((ويهل أهل الشام من الجحفة)) من الجحفة، وهي قرية قديمة خربة، كانت سكنًا لليهود، فلما هاجر النبي -صلى الله عليه وسلم- دعا أن تنقل حمى المدينة إلى الجحفة، فانتقلت إلى الجحفة حتى قيل: إنه لو مر طائر بهوائها لمرض، كل من دخلها يوعك بالحمى، ولو مر طائر بهوائها بجوها لمرض، استجاب الله دعوة نبيه -عليه الصلاة والسلام-، وقد يقول قائل: إذا كانت بهذه المثابة بلد ممرض، وجو موبوء كيف يجعل ميقاتًا يلزم أهل الشام أن يحرموا منه؟ يعني معناه أن أهل الشام لا بد أن يمروا بهذا المكان ويُحرمون منه، بغض النظر عن كونهم يمرضون أو لا يمرضون، نعم الدعاء بنقل الحمى من المدينة إلى الجحفة لما كانت سكنًا لليهود، وعند توقيت هذه المواقيت ليس فيها أحد من اليهود، نقل الحمى من المدينة إلى الجحفة هل معناه أن المدينة لا يحم فيها أحد، يعني انتقلت بالكلية أو الحمى التي كانت موجودة بكثرة في المدينة أكثر من غيرها من البلدان، نقلت وصارت المدينة مثل غيرها من البلدان العادية، فيها حمى لكنها نسبتها مثل نسبتها في البلدان الأخرى، هل يحم أهل المدينة أو لا يحمون؟ يصابون بالحمى أو لا يصابون؟ نعم؟
طالب:.......
ما في شيء خارج عن إرادة الله -جل وعلا-، لكن المقصود هل بقي شيء من أثر الحمى في المدينة أو لم يبق؟ نعم؟
طالب:.......
نعم حمى النبي -عليه الصلاة والسلام- وغيره، فبقي فيها ما بقي مما هو في سائر البلدان، والدعاء في أول الهجرة لما انتقل النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى المدينة دعا أن تنقل حماها، وكانت سكانها من اليهود، نعم، المقصود أن هذا بلد اختاره الله -جل وعلا- لنبيه، ولانطلاق الدعوة منه، فطلب النبي -عليه الصلاة والسلام- من الله -جل وعلا- أن تكون بلدًا مناخها طيب لهذه الدعوة وللقائمين بها.
الجحفة قرية خربت، ومن قديم والناس يحرمون من رابغ، وهي قرية قريبة منها.
((ويهل أهل نجد من قرن)) من قرن المنازل بإسكان الراء، وضبطه الجوهري بفتحها، وغُلّط في ذلك، قال: قرَن فغلط في ذلك، ونقل النووي الاتفاق على أنه بإسكان الراء، مع أن منهم من حركها، لكن عامة أهل العلم على أنها بالسكون، وغلط الجوهري مرة أخرى فنسب إليها أويس القرَني وهذا غلط، فغلط في هذه المادة في موضعين، في ضبطها وفي نسبة أويس القرَني إليها، وقرن قبيلة وإلا موضع؟ قبيلة، فيمن ينسب إلى قرْن فيقال: القرْني هل هو إلى هذا المكان أو هناك بلاد يقال لها بلقرن؟ نعم، نعم ينسب إلى بلقرن.
"قال عبد الله بن عمر: وبلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ويهل أهل اليمن من يلملم))" وجاء الجزم بذلك من حديث ابن عباس وغيره في الصحيحين وغيرهما بإهلال أهل اليمن من يلملم، ويقال: ألملم، بالهمز على مرحلتين من مكة، كقرن المنازل، قريبة من رابغ، قريبة من جدة من رابغ.
طالب:........
نعم، خربة هذه، من قديم، الجحفة خربة من قديم، ويحرم الناس من رابغ، الآن عندنا أهل المدينة من ذي الحليفة، وأهل الشام من الجحفة، وأهل نجد من قرن، وأهل اليمن من يلملم، وبقي أهل العراق ويحرمون من ذات عرق، والخلاف فيمن حدد ذات عرق لأهل العراق معروف بين أهل العلم، وجاء في سنن أبي داود وغيره أن النبي -عليه الصلاة والسلام- وقت لأهل العراق ذات عرق، وهو حديث حسن، والذي في الصحيح أن عمر -رضي الله عنه- وقت لأهل العراق ذات عرق، ولا يبعد أن يخفى الخبر المرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- على عمر ويجتهد عمر ويوافق المرفوع، فموافقات عمر وتوفيقه وإلهامه للصواب معروف، هناك موافقات عمر تزيد على العشرين، وقد جمعت في كتاب، من أوضحها أمره بالحجاب، وباتخاذ مقام إبراهيم مصلى، وعدم الصلاة على المنافقين، مسائل كثيرة، والأسرى أيضًا في بدر، ومسائل أوصلها بعضهم إلى عشرين، أو زادت على ذلك، هي من موافقات عمر -رضي الله عنه-، فلا يبعد أن يكون خفي عليه الخبر المرفوع فاجتهد فوافق اجتهاده ما قاله النبي -عليه الصلاة والسلام-.
يقول: "وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر أنه قال: أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أهل المدينة أن يهلوا من ذي الحليفة، وأهل الشام من الجحفة، وأهل نجد من قرن" فكونه أمر هذا هو الذي جعل البخاري يقول: باب فرض المواقيت، والفرض كما يطلق على الإيجاب يطلق أيضًا على التقدير، أول ما فرضت الصلاة ركعتين يعني قدرت.
"قال عبد الله بن عمر: أما هؤلاء الثلاث فسمعتهن من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأخبرت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ويهل أهل اليمن من يلملم))" يعني يرويه بواسطة، وهو ثابت في الصحيحين وغيرهما عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من غير شك ولا تردد.
هذه المواقيت لا يجوز تجاوزها من غير إحرام، فمن جاوزها من غير إحرام القول الوسط في حكمه أنه يلزمه دم، وهذا قول الجمهور، وفي المسألة قولان متقابلان: قول سعيد بن المسيب: "من تجاوز الميقات فلا شيء عليه"، وقول سعيد بن جبير: "من تجاوز الميقات فلا حج له"، نعم؟
طالب:........
كيف؟
طالب:........
نعم معروف، فلا حج له، والقول الوسط في هذه المسألة هو قول الجمهور.
((لمن أراد الحج والعمرة)) لأنه جاء في الحديث نفسه: ((هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة)) أما الذي يريد الدخول إلى مكة ولا يريد النسك فإن هذا لا يلزمه الإحرام من هذه الأماكن، وهناك قول معروف عند أهل العلم وهو المشهور عند الحنابلة والحنفية أنه يلزمه الإحرام، ولو لم يرد الحج والعمرة، والحديث صريح في الدلالة للقول الأول ((ممن أراد الحج والعمرة)) مفهومه أن الذي لا يريد الحج والعمرة أنه لا يحرم من هذه المواقيت، ((هن لهن)) أي هذه الأماكن لأهل تلك الجهات، ولمن مر عليهن، أو لمن أتى عليهن من غير أهلهن.
((هن لهن)) يعني المدني يحرم من ذي الحليفة، ولا يجوز له أن يؤخر إحرامه إلى الجحفة أو إلى قرن، أو إلى يلملم، وما أشبه ذلك ((هن لهن)) وهذا ما يدل عليه هذه الجملة، لكن قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ولمن أتى عليهن من غير أهلهن)) يعني مدني مر على الجحفة، المسألة متصورة في شامي أو نجدي ذهب إلى الحج والعمرة عن طريق المدينة، مر الشامي بالمدينة، أو مر النجدي بالمدينة، هل يحرم من ذي الحليفة أو ينتظر إلى أن يصل ميقاته، الشامي من الجحفة، والنجدي من قرن، أو يحرم من ذي الحليفة؛ لأنه أتى عليهن، وإن كان من غير أهلها، أتى على الميقات وإن كان من غير أهله، جمهور أهل العلم على أنه إذا تجاوز الميقات الذي مر به أولًا أنه يلزمه دم، ولو أحرم من ميقاته الذي حدد له شرعًا، والإمام مالك -رحمه الله- يرى أنه لا شيء عليه إذا أحرم من ميقاته، فهو وإن خالف الجملة الثانية فقد وافق الجملة الأولى ((هن لهن)) هذه المواقيت لأهل تلك الجهة، يعني كأن المسألة مسألة استحقاق، أهل المدينة لهم هذا الميقات فقط، وأهل اليمن لهم ذلك الميقات وهكذا، بغض النظر عن مرورهم بغيره من المواقيت، فالجمهور يلزمونه بدم، إذا مر الشامي على المدينة فلم يحرم، مر بذي الحليفة فلم يحرم، مر بالجحفة فأحرم منها، فمر بميقاته الأصلي، وعمل بقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((هن لهن)) مالك لا يلزمه بشيء؛ لأنه وافق هذه الجملة، والجمهور يلزمونه بالدم؛ لأنه تجاوز الميقات من غير إحرام، وهو داخل في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ولمن أتى عليهن من غير أهلهن)) ورأي مالك -رحمه الله- له وجه، وجه قوي؛ لأنه وإن خالف الجملة الثانية فقد عمل بالجملة الأولى، وما دام الميقات ميقاتًا محددًا شرعًا، ومعتبر لأهل هذه الجهة فإلزامه بالدم فيه ما فيه، لكن الإشكال فيما إذا مر النجدي مثلًا بالمدينة، وتجاوز ذا الحليفة وأحرم من الجحفة، ولم يحرم من الميقات الذي مر به، ولم يحرم من الميقات الذي حدد له شرعًا، وقل مثل هذا في الشامي يمر بالمدينة ويتجاوز الحليفة ويحرم من قرن المنازل، فما أحرم من الميقات الذي مر به، وما أحرم من الميقات الذي حدد له شرعًا، نعم، وأحرم من غيره، هنا هل نقول: إن المواقيت كلها حكمها واحد ((هن لهن ولم أتى عليهن من غير أهلهن)).
طالب:........
لا، هو أحيانًا تنزل الطائرة من غير إحرام بجدة مثلًا، وقد مر بذي الحليفة، نعم، هل يقال له: ارجع إلى رابغ أرفق بك وإلا ارجع إلى ذي الحليفة؟ أو ارجع لقرن إذا كنت جئت من نجد مثلًا؟ لا شك أن الإحرام من أقرب المواقيت إليه أيسر له، أيسر للحاج.
طالب:........
نعم، لكن التيسير لا بد أن يكون مضبوطًا بضوابط، وهناك أمور أيسر من هذا، يحرم من مكانه، ولا يذهب إلى شيء.
طالب:........
إذا اتجهوا إلى المدينة ورجعوا منها وأحرموا من ذي الحليفة ما فيه إشكال.
طالب:........
لا، هو لو يحرم من قرن المنازل صار له وجه ما دام...، الذي يبغي يسأل وهو بالمدينة نقول له: لا تتجاوز ذي الحليفة إلا بإحرام.
طالب:........
نعم، لكن إذا تجاوز، المسألة مفترضة فيمن وصل جدة من غير إحرام، إن كان شاميًا نقول له: أنت مررت بذي الحليفة ترجع إلى ذي الحليفة.
طالب: وما نقره........
قبل مجاوزته ما يرخص له، لكن إذا تجاوز الآن في الأمر الواقع الآن وصل إلى جدة.
طالب:........
وهو محرمهم الأصلي أقول: هو ميقاتهم الأصلي؟
طالب:........
ما انتهينا، الجمهور.... ما دام مارًّا بغيره يلزمونه بدم، لكن على رأي مالك فيه سعة.
المقصود أن مثل هذا إذا أحرم من ميقات محدد شرعًا ومعتبر جاء النص عليه، الأمر فيه سعة -إن شاء الله تعالى-، مع أن الأحوط أن يحرم من أول ميقات يمر به.
طالب:........
هو ما فيه شك أن الطريق أيسر لهم من المدينة، ولا عندهم استعداد أن يلبسوا الإحرام أربع ساعات، أربع ساعات الناس ما يتحملونه، والنبي -عليه الصلاة والسلام- لبسه عشرة أيام.
طالب:........
والله لا قيظ ولا شتاء، كل شيء متيسر ولله الحمد.
يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر أهَلّ من الفرع" وهو موضع بناحية المدينة، وهو قبل الميقات أو بعده أو محاذيًا للميقات؟ أين أهل المدينة؟ قبل الميقات، يعني بعد ما يتجاوز الميقات؟ نعم؟
طالب:........
محاذٍ للجحفة، يعني ابن عمر تجاوز ذا الحليفة؟
طالب:........
لا، تجاوز الحليفة، وراح للفرع وهو على الطريق، وهو محاذٍ للجحفة، الذي نعرف أن الفرع بعد الميقات إلى مكة، إن كان المكان هو هو، إذا لم يكن هناك موضع آخر بهذا الاسم.
الشرح ماذا يقول؟
طالب:........
فقط؟
طالب:........
لا، ما يكفي هذا، نعم؟
طالب:........
من جهة؟
طالب:........
يعني بعد الميقات، ابن عمر في المدينة، معناه أنه تجاوز الميقات من غير إحرام حتى وصل هذا المكان، نعم؟
طالب:........
نعم، ما فيه إشكال، لكن الإشكال في كونه تجاوز الميقات من غير إحرام، أو على ما أبدى الشيخ.
يقول: احتمال أن يكون له محل في هذا المكان فأحرم منه؛ لأن مَن دون الميقات يحرم من مكانه من حيث أنشأ، حتى أهل مكة من مكة.
ما ذكره الإمام -رحمه الله تعالى- عن ابن عمر أنه أهل من الفرع، فإن كان تجاوز الميقات خرج من المدينة، ولما وصل إلى الفرع رأى أنه حاذى الجحفة وأحرم منها، وما يظن به هذا، ما يظن بابن عمر أنه يتجاوز الميقات، وله أقوال شديدة في مثل هذا، وهو صاحب التحري والتثبت، فالاحتمال القائم أنه له مكانًا ومحلًا بالفرع وأحرم منه؛ لأنه أنشأ من دون الميقات، نعم؟
طالب:........
رخص، من قاله هذا؟
طالب:........
مخرج؟ عن الباقر، نعم؟
طالب:........
معضل، ما يصح، ما يصح أبدًا، نعم، أقول: مثل هذا لا يظن بابن عمر أنه يتجاوز ذا الحليفة، وقد روى عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه وقت لأهل المدينة ذا الحليفة، وشدد على من قال: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- أهَلّ من البيداء، قال: بيداؤكم التي تكذبون فيها على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما أهل إلا من عند المسجد، فابن عمر يتتبع الآثار بدقة، ثم يحرم من الفرع؛ لأنه يحاذي الجحفة! فالمظنون أن ابن عمر له مكان في الفرع، فليكن مزرعة أو شيئًا من هذا، فأنشأ منه، نعم؟
طالب:........
أَهلّ من إيلياء، يعني أهل من إيلياء وأهل من الفرع؟ نعم؟
طالب:........
نحن حملنا العمرة من بيت المقدس أن المراد إنشاؤها من بيت المقدس لا الدخول فيها من بيت المقدس، فابن عمر حينما أهل من إيلياء هل معناه أنه أنشأ أو أنه دخل في النسك من إيلياء؟ نعم؟
طالب:........
الإشكال أن لفظة أهل والإهلال رفع الصوت بالتلبية يبعد هذا، فإما أن يقال: إن ابن عمر هذا رأيه، وأنه يتجاوز الميقات الأول إلى الثاني أو ما يحاذيه، وهذا بعيد، يعني لو كان غير ابن عمر قبل، لكن ابن عمر وصاحب التحري في هذا الباب، في تتبع الآثار، وشدد على من قال: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- أهل بالبيداء، مع أنه ثبت ذلك، أنه أهل بالمواطن كلها المذكورة، وصح الخبر بها في حديث ابن عباس، ثم بعد ذلك يتجاوز الميقات، ويهل من الفرع، هذا فيه بعد، والسند كالشمس، مالك عن نافع عن ابن عمر، أصح الأسانيد، لا مطعن فيه، لكن يحمل على أن ابن عمر كان له محل بالفرع، والغالب أن يكون بستانًا، فأنشأ منه، نعم، وهذا حكم من له أكثر من منزل، احتمال نعم، احتمال وما الذي يمنع؟ من له أكثر من منزل هل يحرم من الأبعد أو يحرم من الأدنى، أو يحرم من المكان الذي أنشأ فيه النسك؟ يعني عزم فيه على النسك.
وقل مثل هذا في الميقات نفسه هل يحرم من أبعد طرفيه أو من أدنى طرفيه أو من وسطه؟ يستحبون الإحرام من أبعد الطرفين، نعم.
يقول: "وحدثني عن مالك عن الثقة عنده"
طالب:........
من أين أنشأوا بالعمرة؟
طالب:........
من أين أنشأوا؟
طالب:........
نيتهم، المهم أنه في نيته أن يعتمر قبل أن يصل إلى الميقات، عليه أن يحرم من الميقات، إذا مر به.
طالب:.......
نعم، لكنه مر به، صدق عليه أنه مر بهذا الميقات، وإن لم يكن من أهله وهو مريد للنسك، إذًا يلزمه أن يحرم، نعم؟
طالب:........
لا، هو يدرس في مكة وأهله في الرياض، يصدق عليه أنه مر بالميقات، وهو مريد للنسك يلزمه أن يحرم.
يقول: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أهل من الجعرانة بعمرة" وهذا الحديث موصول في السنن.
طالب:........
إيلياء؟
نعم، يقول: "وحدثني عن مالك عن الثقة عنده أن عبد الله بن عمر أهل من إيلياء" وإيلياء هي بيت المقدس، وبهذا يستدل على جواز الإحرام قبل الوصول إلى الميقات، وقلنا في الأثر السابق: إنه لا يظن بابن عمر أنه يتجاوز الميقات فكيف يظن به أنه يحرم قبل الميقات؟ نعم، وهو يتتبع آثار النبي -عليه الصلاة والسلام-.
أقول: من استروح إلى هذا الأمر وأوغل فيه وتتبع هذه الآثار بدقة لا يبعد أن يحرم قبل الميقات، من باب الاحتياط، أنت تعرف الشخص أولًا يضرب المثل بابن عمر لشدة التحري والتثبت، نعم، بخلاف ابن عباس، ابن عباس فقيه، يهمه ما يفهم من النص، وابن عمر ميله إلى العبادة وإلى الاقتداء والائتساء أكثر، نعم؛ ولذا لما جاء رجل -كما في صحيح مسلم- إلى ابن عمر يسأله من مسائل الحج، فقال له: سل ابن عباس، فقال له: ذاك رجل مالت به الدنيا ومال بها، هو فهم من حال ابن عباس أنه توسع، وأنه ليس عنده من التحري والتثبت ما عند ابن عمر.
وأنتم تعرفون وضع العالم الفقيه الذي يعمل بما يدل عليه النص؛ لأن الزيادة على النص إن لم تكن أشد من النقص منه فليست دونه، نعم والإيغال في مثل هذه الأمور في العبادة وغيرها قد يحمل صاحبه على الزيادة، وقصة الثلاثة الذين أتوا إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وسألوه عن عبادته، وعبد الله بن عمرو في قيامه وقراءته وصيامه أمر معروف، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول له: كذا، ويزيد عليه، وذلك من حرصه على العبادة، فالحريص على العبادة لا يستبعد أن يزيد فيها، لا خروجًا إلى الابتداع، وإنما من باب الحرص والاحتياط للعبادة، بينما الفقيه الذي يفهم من النص ما يفهم، وأن دلالة النص على كذا من غير زيادة ولا نقصان يعمل بالنص فلا يزيد عليه ولا ينقص، وهذا لا شك أن الفقه في مثل هذا أن لا يزاد عليه ولا ينقص.
فحرص ابن عمر على تتبع الآثار يجعله يستروح ويميل إلى أن يحرم من بيت المقدس، لا سيما إذا كان قد ثبت عنده أن عمرة بيت المقدس لها مزيد فضل.
طالب:........
هو يتحمل المشاق، الآن شواهد الأحوال، نعم، من استروح إلى شيء ومال إليه، وأشرب ذلك الشيء قلبه، لا شك أنه يرجحه على غيره، وإن كان غيره في الأصل أرجح منه.
أضرب مثالًا: مثلًا النووي -رحمه الله تعالى- صاحب عبادة وزهد ونسك، بينما ابن حجر صاحب علم، هل تجد النووي يترجم للثقات من الرواة مثل ما يترجم به ابن حجر؟ لا سيما إذا كان هذا الثقة الضابط العدل ليس معروفًا بمزيد عبادة، لكن لو كان معروفًا بعبادة مثلًا، وإن كانت الثقة أقل تجد النووي يشيد به، وكتبه مملوءة بهذا، نعم، لا شك أن الناس لهم ميل إلى جهة أو باب من أبواب الدين، تجدهم هذا الباب ديدنهم، ومن يهتم ويعنى بهذا الباب هو المقدم عندهم، لو ترجم مثلًا النووي ليزيد الرقاشي مثلًا، هل تكون ترجمة النووي لهذا الرجل مثل ترجمة ابن حجر؟ ابن حجر يهمه ثبوت الخبر، بغض النظر عن كونه عابدًا أو ليس بعابد، عدل ثقة يكفي ابن حجر، لكن النووي تهمه العبادة؛ ولذلك إذا ترجم لشخص معروف بكثرة تلاوة القرآن والعناية به أشاد به، إذا وجد عابدًا أشاد به، إذا وجد زاهدًا أشاد به، بينما منحى ابن حجر، وقل مثله في الذهبي وغيره الذين يهمهم ثبوت الخبر يختلفون عن هذا.
ونظّر مثل هذا بابن عباس وابن عمر، نعم أو بعبد الله بن عمرو مثلًا، هؤلاء يهمهم العمل، تهمهم العبادة، ولكلٍّ نصيبه من العبادة، يعني ما يقال مثلًا: إن ابن حجر ليس بعابد، لا، لكن ما هو مثل النووي، ولا يقال: إن ابن عباس ما تهمه العبادة وليس... إلا عابد، لكن ما هو بمثل ابن عمر، ابن عمر لا ينام من الليل إلا قليلًا، ومعروف الموازنة بين العلم والعبادة، نعم، ((فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب)) ولا يقال مثلًا: إن ابن عباس ليس بعابد، ولا يقال: إن ابن عمر ليس بعالم إنما عنده من العلم، لكن عرف بهذا، وذاك عنده من العبادة لكنه عرف بهذا الشيء.
أنت لو تأملت العلماء في هذا الوقت وجدتهم على هذا، كل له باب أو طريق، وكل هذه الطرق موصلة إلى الله -جل وعلا-، بعض الناس يهتم بالقرآن، وما يتعلق به من تفاسير وقراءات وكذا، وهذا على خير، وبعض الناس فتح له باب الحديث وبعض الناس فتح له باب الاستنباط والفقه، وبعض الناس إلى آخره، وبعض الناس فتح له أبواب من أبواب الدين أخرى، عبادة، تلاوة، جهاد، إنفاق في سبيل الله، بذل للمال والجاه، المقصود أن هذه أبواب ولكل باب منها باب من أبواب الجنة، لكن من هذه الأمة من يدعى من الأبواب الثمانية لاهتمامه بجميع هذه الأبواب، وأبو بكر الصديق منهم بالنص، فليحرص الإنسان أن يضرب من كل باب من هذه الأبواب بسهم.
فابن عمر أهَلّ من إيلياء، يعني أحرم منها ودخل في النسك.
"وحدثني عن مالك..." نعم؟
طالب:........
لا ما يوثق، ما يوثقه، لكن يشيد به، بينما يذكره ابن حجر بنصف سطر، يكتب عنه النووي صفحة، يشيد به، لكن ما يوثقه، نعم ما يوثق الضعيف أبدًا النووي، لكنه يشيد به ويرفع من شأنه، نعم؟
طالب:........
نعم، إحرامه من الفرع؟ يدل على هذا.
يقول: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أهَلّ من الجعرانة بعمرة" عمرة الجعرانة هذه بعد فراغه -عليه الصلاة والسلام- من حنين، بعد فراغه -عليه الصلاة والسلام- من حنين بعد فتح مكة، وكان إحرامه لهذه العمرة من الجعرانة في شهر القعدة، وعائشة لما ردت على ابن عمر في زعمه أن النبي -عليه الصلاة والسلام- اعتمر في رجب قالت: "رحم الله أبا عبد الرحمن ما اعتمر النبي -عليه الصلاة والسلام- في رجب، ولا اعتمر النبي -عليه الصلاة والسلام- إلا وهو معه" فذكرت أن عمره -عليه الصلاة والسلام- كلها في القعدة، ومنها هذه عمرة الحديبية التي صد فيها عن البيت، وعمرة القضاء، نعم، وعمرة الجعرانة بعد حنين، والعمرة التي مع حجته -عليه الصلاة والسلام-.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
..وإذا جلس في مجلس آخر وجد الكلام في فئة أخرى، فيحتار من هذا الاضطراب، ولا شك أن هذا محيّر، لكن ليعلم الجميع أن أعراض المسلمين حُفرة من حفر النار، وأن أعراضهم حرام كدمائهم وأموالهم، فليتق الله المسلم أن يقع في أخيه المسلم، فضلا عن أهل العلم الذين هم سرج الدنيا، وبهم وبالاقتداء، بهم وبتوجيههم يحصل العلم بالدين، ولولا أهل العلم ما استطاع الناس أن أن يعبدوا الله جل وعلا على بصيرة، فحاجة الناس من المسلمين إلى أهل العلم أهم من حاجتهم إلى الطعام والشراب؛ لأن بالعلماء وأهل العلم تقوم الأديان إذا افترضنا كما كررنا مرارا أن بلدا ليس فيه من أهل العلم كيف يتعبد المسلم؟ كيف يعبد الله على بصيرة ولا يجد من ينير له الطريق؟ كيف يتعامل مع الآخرين بعقود مباحة وهو لا يجد من يبين له العقد الحلال والعقد المحرم؟ وهذا الكلام لا شك أنه من التحريش الذي رضي به الشيطان؛ لأنه أيس أن يُعبد في جزيرة العرب فاقتنع بالتحريش، والتحريش شأنه عظيم؛ لأنه يقلل من شأن أهل العلم، وفيه حيلولة بين الناس وبين أهل العلم، بهذه الطريقة أن الناس لا يثقون بأهل العلم، وإذا لم يثقوا بأهل العلم فبمن يثقون وعمن يأخذون دينهم، على كل حال الحذر الحذر من هذا الأمر، نعم إذا وجد مخالفة أو زلة من عالم يناصح، والدين النصيحة ولا عنده من الحجة ما ليس عندك، ولعله يستطيع إقناعك، وبعض الناس لا يتهم نفسه أبدًا هو المصيب وهو الذي على الحق دائما، فإذا سمع فتوى يستغربها أو قولاً لا يستوعبه شنع على قائله، وما يدريك أن الصواب في هذا القول، اذهب وابحث وناقش مع صاحبه عله أن يبين لك وجهة نظرك، أقل الأحوال أن تبدي له ما عندك فتبرأ ذمتك إذا لم يستطع إقناعك، أو أصر على ما تراه خطأ وما بينه أهل العلم لك بعد أن سألتهم عن هذا القول، وأنه خطأ لا يحتمل الصواب، حينئذ تحذر من القول تبين خطأ القول ولا تجرح القائل، ويختلف الأمر في المسائل الاجتهادية والمسائل التي مردها إلى الاعتقاد والمسائل التي اتفق عليها سلف هذه الأمة التي لا يجوز الخلاف فيها، ما اتفق عليه سلف الأمة ما لا يجوز له الخلاف فيها.
المقصود أن مثل هذا الأمر خطير جدًا، فعلى الإنسان أن يحتاط لنفسه، ولا يأتي المرء مفلسًا يوم القيامة، يأتي بأعمال أمثال الجبال ثم يوزعها على الناس.
إذا خرج من غير لذة فلا يوجب الغسل، وأما إذا خرج من النائم فهو موجب مطلقًا.
لا، ليس من الطيب، أما ابتداء الطيب فالمقصود به استعماله بعد الإحرام ابتداءً يبتدئ الطيب بعد الإحرام، وأما استدامته فالطيب يكون قبل الإحرام ويبقى لونه ورائحته بعد الإحرام، وفرق بين هذا وهذا.
يعني لعله يريد على الموطأ، شرح الموطأ، وهو بالعربية وله شرح أكبر منه وهو المصفى على الموطأ بالفارسية، الدهلوي شرح الموطأ شرحًا موجزًا جدا، وذلك ببيان مذهبي الحنفية والشافعية فقط، ويقول رأي المالكية في الكتاب الأصلي، رأي المالكية تضمنه الموطأ، ورأي الشافعية والحنفية يضاف إلى هذا الكتاب، وأما رأي الحنابلة فكأنه تقالهم، ويمكنهم في وقته ندّر –يعني- المذهب الحنبلي فترة طويلة عاش في العراق وفي الشام دهرًا طويلا وفي مصر نزر يسير، ثم كاد أن ينقرض من العراق والشام فانتشر في هذه البلاد بسبب قيام هذه الدولة التي شهرته ورفعت من شأنه وطبعت كتبه، وكذلك في قطر، فحكام قطر طبعوا كتب الحنابلة، فإذا شرح هذا الكتاب تولى شرحه أعني شرح الدهلوي، وقد قمنا به مدة طويلة وأضفنا إليه مذهب الحنابلة تكتمل فيه المذاهب الأربعة.
طبعة حسن إبراهيم لا أدري والله، ما أعرفها، لكن ظهر للتمهيد طبعات كثيرة، لكن الذي عندي منها طبعة المغرب في أربعة وعشرين جزءًا، الطبعة الأولى لما ظهر في المغرب، ثم بعد ذلك اقتنينا منه الترتيب، وقد رتبه جمع من المشايخ وعندي أن أفضل ترتيب له هو ترتيب الشيخ عطية محمد سالم، حيث رتبه على الأصل.
طالب: ................
الاستذكار ما فيه طبعة مغربية.
طالب: ................
هذه مغربية؟
طالب: ................
الاستذكار؟!
طالب: ................
لأني أعرف الاستذكار طبعة القلجي كان طبع منه اثنين في مصر بتحقيق ناصف، لا أدري والله ما اسمه، مجلدين للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، ثم طبع في ثلاثين جزءا بتحقيق عبد المعطي قلعجي، ثم بعد ذلك طبع مرارا، ما اقتنيت منها شيء بعد ذلك، فأنا عندي المصرية الاثنين والكاملة الثلاثين.
لا شك أنه ترك نسكًا مادام متمتعا، هو ترك نسكًا، فالحلق أو التقصير نسك يلزم بتركه دم عند الجمهور، وإذا عجز عنه فإنه يصوم مثل دم المتعة والقران، ما هو بدم فدية أذى، يصوم عشرة أيام.
أما ابن العربي بـ(ال) فهو المعروف أبو بكر القاضي المالكي المعروف، وهو مالكي المذهب أشعري المعتقد، وكتبه نافعة جدا على ما فيها من تأويل، لكن يبقى أنه معروف عند أهل العلم بالتحري والتحقيق في مسائل ومسائل علمية، وله ردود قوية جدا على بعض المخالفين تضمنتها كتبه. وأما ابن عربي فهو صاحب وحدة الوجود المعروف، وهو منحرف، ومقالته في وحدة الوجود مسألة خطيرة جدًا؛ حيث لا يفرق بين الخالق والمخلوق، نسأل الله العافية.
هذا لا يخلو من حالين: الحالة الأولى: أن يحرم بعد مجاوزة الميقات ثم يرجع إلى الميقات، هذا لا يسقط عنه الدم، ورجوعه لا ينفعه، أما الذي يرجع إلى الميقات قبل أن يحرم إذا رجع إلى الميقات قبل أن يحرم وأحرم من الميقات هذا يسقط عنه الدم، ما عليه شيء.
مجاوزة الميقات من غير إحرام يلزمه دم، لكن لو أحرم من الميقات مجاوزة الميقات من يحتاجها في هذا الوقت؟ الذي يريد الحج من غير ترخيص، يتجاوز الميقات، ثم يحرم بعد أن يتعدى التفتيش، يخلع ملابسه ويلبس ثياب الإحرام، ويدخل في النسك، هذا عليه دم، يلزمه دم.
شخص أحرم من الميقات ولم يتجرد وأحرم في ثيابه، ولما تجاوز التفتيش خلع ثيابه ولبس ثياب الإحرام هذا يلزمه فدية، فدية أذى.
إن كان غطى رأسه مع لبسه القميص عليه فديتان، وهو مخير بين أن يذبح، وبين أن يصوم ثلاثة أيام، وبين أن يطعم ستة مساكين على التخيير.
طالب:........
كيف؟
طالب:........
والله ارتكاب المحظور، تعمد ارتكاب المحظور لا شك أن فيه إثم، تعمد ارتكاب المحظور، أما إذا احتاج إليه ولو تعمده فإنه لا إثم عليه، مثل كعب بن عجرة وإن كانت عليه الفدية.