شرح الموطأ - كتاب المكاتب (1)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من يقرأ؟
تفضل.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
كتاب المكاتب:
باب القضاء في المكاتب:
حدثني مالكٍ
مالكٌ، مالكٌ.
حدثني مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: "المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء".
وحدثني مالك أنه بلغه أن عروة بن الزبير وسليمان بن يسار كانا يقولان: المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء.
قال مالك: وهو رأيي.
قال مالك -رحمه الله-: فإن هلك المكاتب وترك مالاً أكثر مما بقي عليه من كتابته وله ولد ولدوا في كتابته، أو كاتب عليهم ورثوا ما بقي من المال بعد قضاء كتابته.
وحدثني مالك عن حميد بن قيس المكي أن مكاتباً كان لابن المتوكل هلك بمكة، وترك عليه بقية من كتابته وديوناً للناس، وترك ابنته، فأشكل على عامل مكة القضاء فيه، فكتب إلى عبد الملك بن مروان يسأله عن ذلك، فكتب إليه عبد الملك: أن ابدأ بديون الناس، ثم اقض ما بقي من كتابته، ثم اقسم ما بقي من ماله بين ابنته ومولاه.
قال يحيى: قال مالك -رحمه الله-: الأمر عندنا أنه ليس على سيد العبد أن يكاتبه إذا سأله ذلك، ولم أسمع أن أحداً من الأئمة أكره رجلاً على أن يكاتب عبده، وقد سمعت بعض أهل العلم إذا سئل عن ذلك فقيل له: إن الله -تبارك وتعالى- يقول: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [(33) سورة النــور] يتلو هاتين الآيتين، {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ} [(2) سورة المائدة] {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ} [(10) سورة الجمعة].
قال مالك -رحمه الله-: وإنما ذلك أمر أذن الله -عز وجل- فيه للناس، وليس بواجب عليهم.
قال مالك -رحمه الله-: وسمعت بعض أهل العلم يقول في قول الله -تبارك وتعالى-: {وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [(33) سورة النــور] إن ذلك أن يكاتب الرجل غلامه ثم يضع عنه من آخر كتابته شيئاً مسمى.
قال مالك -رحمه الله-: فهذا الذي سمعت من أهل العلم، وأدركت عمل الناس على ذلك عندنا.
قال مالك -رحمه الله-: وقد بلغني أن عبد الله بن عمر كاتب غلاماً له على خمسة وثلاثين ألف درهم، ثم وضع عنه من آخر كتابته خمسة آلاف درهم.
قال مالك: الأمر عندنا أن المكاتب إذا كاتبه سيده تبعه ماله، ولم يتبعه ولده إلا أن يشترطهم في كتابته.
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول في المكاتب يكاتبه سيده وله جارية بها حبل منه لم يعلم به هو ولا سيده يوم كتابته، فإنه لا يتبعه ذلك الولد؛ لأنه لم يكن دخل في كتابته وهو لسيده، فأما الجارية فإنها للمكاتب؛ لأنها من ماله.
قال مالك في رجل ورث مكاتباً من امرأته هو وابنها: إن المكاتب إن مات قبل أن يقضي كتابته اقتسما ميراثه على كتاب الله، وإن أدى كتابته ثم مات فميراثه لابن المرأة، وليس للزوج من ميراثه شيء.
قال مالك في المكاتب يكاتب عبده قال: ينظر في ذلك، فإن كان إنما أراد المحاباة لعبده وعرف ذلك منه بالتخفيف عنه فلا يجوز ذلك، وإن كان إنما كاتبه على وجه الرغبة، وطلب المال، وابتغاء الفضل والعون على كتابته فذلك جائز له.
قال مالك في رجل وطئ مكاتبة له: إنها إن حملت فهي بالخيار، إن شاءت كانت أم ولد، وإن شاءت قرت على كتابتها، فإن لم تحمل فهي على كتابتها.
قال مالك -رحمه الله-: الأمر المجتمع عليه عندنا في العبد يكون بين الرجلين إن أحدهما لا يكاتب نصيبه منه، أذن له بذلك صاحبه أو لم يأذن، إلا أن يكاتباه جميعاً؛ لأن ذلك يعقد له عتقاً، ويصير إذا أدى العبد ما كوتب عليه إلى أن يعتق نصفه، ولا يكون على الذي كاتب بعضه أن يستتم عتقه، فذلك خلاف لما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من أعتق شركاً له في عبد قوم عليه قيمة العدل)).
قال مالك -رحمه الله-: فإن جهل ذلك حتى يؤدي المكاتب، أو قبل أن يؤدي رد إليه الذي كاتبه ما قبض من المكاتب، فاقتسمه هو وشريكه على قدر حصصهما، وبطلت كتابته وكان عبداً لهما على حاله الأولى.
قال مالك -رحمه الله- في مكاتب بين رجلين فأنظره أحدهما بحقه الذي عليه، وأبى الآخر أن ينظره فاقتضى الذي أبى أن ينظره بعض حقه، ثم مات المكاتب وترك مالاً ليس فيه وفاء من كتابته، قال مالك -رحمه الله-: يتحاصان بقدر ما بقي لهما عليه، يأخذ كل واحد منهما بقدر حصته، فإن ترك المكاتب فضلاً عن كتابته أخذ كل واحد منهما ما بقي من الكتابة، وكان ما بقي بينهما بالسواء، فإن عجز المكاتب، وقد اقتضى الذي لم ينظره أكثر مما اقتضى صاحبه كان العبد بينهما نصفين، ولا يرد على صاحبه فضل ما اقتضى؛ لأنه إنما اقتضى الذي له بإذن صاحبه، وإن وضع عنه أحدهما الذي له ثم اقتضى صاحبه بعض الذي له عليه، ثم عجز فهو بينهما، ولا يرد الذي اقتضى على صاحبه شيئاً؛ لأنه إنما اقتضى الذي له عليه، وذلك بمنزلة الدين للرجلين بكتاب واحد على رجل واحد، فينظره أحدهما ويشح الآخر، فيقتضي بعض حقه، ثم يفلس الغريم، فليس على الذي اقتضى أن يرد شيئاً مما أخذ.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب المكاتب:
الكتاب مر التعريف به مراراً، وأنه مصدر كتب يكتب كتابة وكتاباً وكتباً، والمكاتب هذه الصيغة التي هي المفاعلة، المكاتَب اسم مفعول من المكاتبة، والمكاتِب اسم فاعل منها، والمكاتبة تقتضي أكثر من طرف، طرفين فأكثر، فتقتضي اسم فاعل مكاتِب، واسم مفعول مكاتَب، كما هنا، فالسيد مكاتِب، والعبد مكاتَب.
ولو قيل: كتاب الكتابة يختلف وإلا ما يختلف؟ يعني في المكاتبة في علوم الحديث التي هي قسم من أقسام التحمل، الكتابة والمكاتبة، المكاتبة تقتضي طرفين، الراوي يكتب إلى الشيخ أن يكتب له بأحاديث، ثم الشيخ يكتب له بما طلب، فتكون مفاعلة من الطرفين، ولو كتب الشيخ ابتداءً إلى الطالب من غير طلب منه صارت كتابة ما صارت مكاتبة، وهنا يرد المقصود هنا هل يرد من طرف واحد؟ هل يملك العبد أن يكاتب دون إذن سيده؟ وهل يملك السيد الكتابة دون إذن العبد؟ أو لا بد من اتفاق الطرفين؟ لا بد من اتفاق الطرفين، إذاً هي مكاتبة وليست كتابة؛ لأنه إن قلنا: كتابة جازت من طرف واحد، وهنا لا تجوز، فإذا صح في باب التحمل الكتابة؛ لأنها تجوز من طرف واحد، يكتب الشيخ إلى الطالب أحاديث يرويها عنه هذه كتابة، وإذا بدأه الطالب بأن يكتب له أحاديث يرويها عنه، ثم كتب له الشيخ هذه صارت مكاتبة، وهنا لا بد، في بابنا هذا لا بد من اتفاق الطرفين فهي مكاتبة بين اثنين، أحدهما مكاتِب وهو السيد، والثاني مكاتَب وهو العبد.
واشتقاقها من الكتابة، اشتقاقها من الكتب والكتابة؛ لأن هذه الاتفاقية بين السيد وعبده تكتب وتدون كسائر العقود، فباعتبارها تكتب فهي كتابة، لكن لماذا لا يقال في سائر العقود: كتابة التي تكتب؟ عقد النكاح كتابة؟ عقد البيع كتابة؟ عقد الإجارة كتابة؟ لأنها تكتب، أو نقول: إن الكتب هنا بمعنى الوجوب {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [(183) سورة البقرة] يعني وجب عليكم، فالعقد ملزم للطرفين؛ لأنه موجب، يمكن أن يقال هذا؟
السؤال الآن هل يمكن أن يقال: إنه من باب الإيجاب؟ نعم؟
سيأتي كلام الإمام -رحمه الله تعالى-، والتنظير بالأوامر التي تدل على الإباحة {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [(33) سورة النــور] هذا فيه استثناء، نعم، فدل على أن الكتابة ليست واجبة مطلقاً، وأيضاً: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا} [(10) سورة الجمعة] {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا} [(53) سورة الأحزاب] {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ} [(2) سورة المائدة] كل هذه الأوامر لا تدل على الوجوب، فكذلك قوله -جل وعلا-: {فَكَاتِبُوهُمْ} [(33) سورة النــور] إذاً عقد الكتابة ليس بواجب، هذا من جهة، الأمر الثاني: هو ليس بملزم، لماذا؟ لأن العبد له أن يعجز نفسه في أي لحظة، ثم يعود رق، كما في الخبر الأول "المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء".
يقول:
باب القضاء في المكاتَب:
يعني حكمه، حكم المكاتب، حكمه، يقول: "حدثني مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: "المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء" مقتضى عقد الكتابة والمكاتبة أنها شراء العبد نفسه من سيده، ومعلوم أن بيع الحر محرم، ومجمع عليه، وجاء في الحديث: ((ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة)) وفيه: ((رجل باع حراً فأكل ثمنه)) هذا بالنسبة لبيع الحر، فماذا عن بيع أبعاضه وأجزائه؟ إذا كان لا يجوز بيعه بالكلية هل يجوز بيع أبعاضه؟ يجوز بيع عينه؟ يجوز بيع إذنه؟ يجوز بيع قلبه؟ نعم؟
طالب:......
هذا الأصل؛ لأنه لا يملك نفسه، ولا يملكه أحد، لا يملك نفسه، ولا يملكه أحد يمكن أن يبيعه.
ومسألة نقل الأعضاء، وما أفتي به من قبل بعض المجامع وبعض أهل العلم لا شك أنها داخلة في هذا النطاق؛ لأن الإنسان لا يملك نفسه، فلا يجوز له أن يبيع نفسه من أحد، يكون رقيقاً له، عبداً له، كما أنه لا يجوز له أن يبيع شيئاً من أبعاضه، ولا يجوز لأحد أن يتصرف فيه فيبيع منه شيء.
شيخ الإسلام -رحمه الله- ذكر في مجموع الفتاوى: أنه لو أن حربياً بدون حرب، بدون جهاد، باع ولده لمسلم، باعه بيع، حربي باع ولده لمسلم، هذا ولدي بدون قتال وبدون شيء، هات مبلغ من المال وخذه، له أن يسترقه؟ له أن يشتريه أو لا؟ كلام شيخ الإسلام يدل على أن له ذلك، لكن هل هذا الولد حر وإلا عبد قبل الاسترقاق؟ قبل الجهاد وقبل الاسترقاق حر، فهل يدخل في تحريم بيع الحر؟ ((ورجلاً باع حراً فأكل ثمنه)) وإذا حرم على أبيه أن يبيعه وهو لا يتدين بدين، وخالف هذا الأمر، أو خالف هذا التحريم وباعه، هل يجوز التعامل معه على هذا العقد المحرم؟ هو مخاطب بفروع الشريعة، وهذا فرع من فروعها، إذاً محرم عليه أن يبيع ولده؛ لأنه باع حراً فأكل ثمنه.
طالب:......
لا، لا يبيعه بيع، كل الرقيق بيع منفعة، نعم، حتى لو باع حر ويش بيسوي؟ بيأكله؟
طالب: لا بس يا شيخ يملك له منافع عمله......
مثل الحر، يملك وإلا ما يملك؟
طالب:......
لا، المسألة مسألة..؛ لأن هذه المسألة يعتريها أمران، يعتريها أنه حر في الأصل فأبوه ممنوع من بيعه، ويعتريه أيضاً أنه بصدد أن يقاتل يؤسر ويسترق، نعم؟
طالب:......
نعم باعتبار أنه ما دام يمكن أن يملك بالحرب، فلا مانع من أن يملك بغير حرب، افترض أنه صار صلح، صار حرب بين المسلمين، أو استعداد لحرب، ثم تصالحوا على أن يعطوهم أولادهم ونساءهم وذراريهم سبي من دون قتال، اصطلحوا على هذا، شيخ الإسلام -رحمه الله- نظر إلى أنه بيعه وشراؤه متصور بسبب الجهاد؛ لأن الرق عجز حكمي سببه الكفر، والكفر موجود، مو هذا بتعريف الرق عند أهل العلم؟ الكفر موجود، وهذا حربي بصدد أن يقاتل ويسبى ويكون رقيقاً، هذه وجهة نظر شيخ الإسلام -رحمه الله-، وأن له أن يشتريه منه بغير حرب، لو تقاتل الكفار مع الكفار، وسبى بعضهم بعضاً، وباعوا للمسلمين، نعم؟
طالب: لا يمكن أن....
لكن لو قال: هذا رقيق لي هل تسأله عن سبب ملكه؟
طالب: لا، أسأله هل هو سبي من سبايا الجهاد؟
يعني لو جلب الكفار أرقاء عندنا، وباعوا، وكانوا يجلبون ويشترون ويباعون، نعم، نمتنع من الشراء؟ يعني الرسول -عليه الصلاة والسلام- ما أقر من كان بيده رقيق في الجاهلية وما سأله؟
طالب: ما في مانع.
وين؟
طالب:......
لأنهم أجريت عقودهم قبل الإسلام، ما سئلوا عن شيء، وهم كفار كلهم، نعم، هم كفار، كيف وصل إليه هذا الرقيق؟
طالب:......
مسألة التخليص غير مسألة البيع والشراء، التخليص غير، يعني لو أسر من المسلمين شخص وجب على المسلمين فكه، وجب على المسلمين أن يفكوه، وهذا هو العاني، هو الأسير.
على كل حال كلام شيخ الإسلام باعتبار أنه بصدد أن يحارب ويسترق، فالنتيجة ليست بلازمة في مثل هذه الصورة، والوسيلة ليست بلازمة، والنتيجة ما فيها إشكال عنده.
طالب:......
إيه.
طالب:......
إيش فيه؟
طالب: بيع للمسلمين...
من قبل كفار، إذا حصل بينهم ما حصل..، افترض أنه بسرقات ما هو بجهاد بينهم، بين الكفار، سرق بعضهم من بعض، واستولوا عليهم، وصاروا أرقاء لهم، كثير من الرق المدعى بين الكفار هذه طريقته، هذه وسيلته، عصابات تسرق ويبيعون، لكن هل نقول: إن البيع والشراء في مثل هذه الصورة تعاون مع أولئك الذين يعتدون على الأحرار؟ نعم؟
طالب: إذا كان مسروق.....
ما يدري عن شيء، مثل حربهم مع بعض، ما يدري عنهم.
طالب:......
على كل حال هذا كلام شيخ الإسلام مطول ومفصل، وفيه كلام أوضح من هذا بعد، وقد يكون أغرب من هذا.
"المكاتب عبد ما بقي من كتابته شيء" وسيأتي في كلام المؤلف -رحمه الله- أنه إذا وطئ الجارية بعد الكتابة ما الحكم؟ إذا وطأ الجارية بعد الكتابة فإن حبلت لها حكم، وإن لم تحبل لها حكم، هل يجوز له أن يطأها في وقت الكتابة؟
طالب: هي لا تزال رقيقة.
كيف؟
طالب: لا تزال رقيقة.
هل نقول: إنها في وقت الكتابة في حكم المعتدة فهي زوجة؟ حكم المعتدة الرجعية باعتبار أن لها أن تعود، وهي رقيقة ما بقي عليها درهم، أو نقول: إنها اشترت، ومقتضى الشراء ترتب الأحكام عليه؟ يعني لو أنت اشتريت سيارة أقساط، وبقي مفتاح معك، ومفتاح مع صاحب السيارة الأول؛ ليضمنها، ثم جاء وشغلها ومشى، يملك وإلا ما يملك؟ ما يملك، فهل وضع الجارية المكاتبة وضع السلعة المباعة أو وضع المرأة الزوجة الرجعية؟ لأن لها أن ترجع، خلاص تعجز نفسها وتنتهي؛ لأنه يقول: المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء، وهذا من كلام ابن عمر، مالك عن نافع عن ابن عمر بأصح الأسانيد، ويروى مرفوعاً من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وما يروى بهذه السلسلة أقل أحواله أنه حسن.
المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء، هذا بالنسبة للعبد له أن يعجز نفسه، يقول: عجزت، لكن هل للسيد أن يقول: رجعت في الكتابة، ويكون ما أداه له؟ كأنه عمل في التجارة وهو في حكم السيد، يعني ما كاتبه، قال له: ابحث عن شغل، وأعطنا اللي تكسب، يملك وإلا ما يملك؟ شخص عنده عبد قال: ادخل الأسواق واشتغل، وهات اللي تكسب، يملك وإلا ما يملك؟ يملك، فهل له أن يرجع في كتابته؟ وبمعنىً آخر، أو بأسلوب آخر هل نقول: الكتابة عقد لازم أو جائز؟ من طرف واحد أو من الطرفين؟ يعني هل هي ملزمة للسيد غير ملزمة للعبد؟ أو ملزمة للطرفين؟ أو غير ملزمة للطرفين؟ نعم؟
طالب:......
يعني قوله: "المكاتب عبد ما بقي من كتابته شيء" يعني عبد من جهته هو، أو من جهة السيد أيضاً؟ ما زال عبد ما دام ما كمل، وما يؤديه من نجوم الكتابة كأنه قال له: اكتسب وهات، يعني مقتضى قوله: المكاتب عبد؛ أنه غير ملزم من الطرفين، غير ملزم للطرفين.
قال: "وحدثني مالك أنه بلغه أن عروة بن الزبير وسليمان بن يسار كانا يقولان: المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء" يعني عندنا كلام ابن عمر، وهو يروى مرفوع، فهل نحن بحاجة إلى قول عروة وسليمان بن يسار وهم من الفقهاء؟ ثم "قال مالك: وهو رأيي" ليبين أن العمل على مر العصور، يعني من عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم في عهد الصحابة، ثم في عهد التابعين إلى عصر مالك هذا الحكم جاري، هو أن المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء.
"قال مالك: فإن هلك المكاتب، وترك مالاً مما بقي عليه من كتابته" هلك المكاتب قبل فراغ نجوم الكتابة، كوتب على عشرة آلاف كل شهر ألف، بعد ستة أشهر مات "فإن هلك المكاتب وترك مالاً أكثر مما بقي عليه من كتابته" بقي عليه من كتابته أربعة آلاف، وعنده عشرة آلاف "وترك مالاً أكثر مما بقي عليه، وله ولد ولدوا في الكتابة -خلال الستة الأشهر- أو كاتب عليهم" يعني ولدوا قبل الكتابة، ورثوا ما بقي من المال بعد قضاء كتابته، يعني يعطى السيد ما بقي من النجوم، وتحل النجوم بوفاته، النجوم تحل، وخلاص الذمة صارت غير قابلة، فيعطى الأربعة، ويبقى لولده ما بقي من مال أبيهم يقتسمونه، يقتسمونه مع سيده بالولاء، الولاء متى يرث؟ نعم إذا لم يكن عاصب، صار له بنت أخذت النصف والباقي للسيد، وإن كان بنت وولد ما للسيد شيء.
"قال: وحدثني مالك عن حميد بن قيس المكي أن مكاتباً كان لابن المتوكل هلك بمكة، وترك عليه بقية من كتابته وديوناً للناس" يعني عليه، ديوناً للناس يعني عليه، بقي أربعة آلاف في الصورة السابقة من دين الكتابة، وديوناً للناس أيضاً تبلغ خمسة آلاف أو ستة آلاف مثلاً "وترك ابنته، فأشكل على عامل مكة القضاء فيه، فكتب إلى عبد الملك بن مروان" وهو من أهل العلم "يسأله عن ذلك، فكتب إليه عبد الملك: أن ابدأ بديون الناس، ثم اقض ما بقي من كتابته" لماذا قدمت الديون على ما بقي من الكتابة؟
طالب: من لازمه.
أيو من لازمه؟
طالب:......
وهذا دين، وهذا دين يمكن الرجوع فيه، يعني عقد الكتابة أقل من عقد البيع، نعم عقد الكتابة أقل من عقد البيع، ولذلك قال: "ابدأ بديون الناس، ثم اقض ما بقي من كتابته، ثم اقسم ما بقي من ماله بين ابنته ومولاه" يعني عليه ديون، عليه أربعة آلاف نجوم كتابة، وعليه عشرة آلاف للناس، وعنده عشرين ألف، يبدأ بديون الناس، وما فائدة البداءة بديون الناس وعنده من المال أكثر، عنده مما يفي بدين الكتابة وغيرها "ابدأ بديون الناس" هذا لبيان أهمية الديون الناتجة عن البيع والشراء، ثم بعد ذلك يليها الديون –النجوم- التي بسبب الكتابة "ثم اقسم ما بقي من ماله بين ابنته ومولاه" البنت تأخذ النصف، والمولى النصف الثاني.
"قال مالك: الأمر عندنا أنه ليس على سيد العبد أن يكاتبه إذا سأله ذلك" يعني لا يجب على السيد أن يكاتب مولاه إذا طلب الكتابة.
قال: "ولم أسمع أن أحداً من الأئمة أكره رجلاً على أن يكاتب عبده" لكن لو افترضنا أن عبداً عند شخص، عبد متميز فيه الذكاء، فيه الحفظ، فيه الفهم، ويتوقع أن يكون من علماء الأمة، وهو عند شخص مشغله بمهنة حرفية، ورأى مثلاً أحد من المسلمين، أو ولي الأمر، أو ما أشبه ذلك، أن مثل هذا لا يسوغ به أن يُشغل في مثل هذه الأشغال، بل يفرغ لطلب العلم والعلم والتعليم وما أشبه ذلك، وكم من مولى بز سيده، ومن هو أشرف من سيده، كثير من الرواة، يعني لو استعرضت التقريب، وجدت نسبة كبيرة جداً، يمكن تكون أكثر من النصف، فلان بن فلان بن فلان مولاهم، والبخاري مولاهم، وقصة من؟ الرشيد وإلا؟ اللي قال: من يحكم البصرة؟ من يسود أهل البصرة؟ من يسود أهل بغداد؟ من يسود أهل مصر؟ من يسود كذا وكذا؟ إلى أن عدد البلدان كلهم، أمن العرب أم من الموالي؟ قال: من الموالي، إلى أن جاء الأخير، قال: من العرب، قال: الآن فرجت عني، لكن ويش يفرج عنه إذا ما عدد عشرة أو أكثر ثم جاء بواحد من العرب من أنفسهم؟! هذا يدل على أن شرف العلم لا ينال بالنسب، ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه، فعلى طالب العلم أن يهتم لهذا، ولهذا لا يعتمد على أن والده شريف أو وضيع، أو عالم، أو جاهل، لا، يهتم بنفسه هو، الفتى من يقول: ها أنا ذا، وإلا كثير من يقول: كان أبي، كان أبي، ثم النتيجة؟ لا شيء.
يقول: "ولم أسمع أن أحداً من الأئمة أكره رجلاً على أن يكاتب عبده" لكن هل له أن يلزم هذا السيد أن يكاتب عبده ليعتقه ويفرغه للعلم والتعليم؟ نعم له أن يغريه بمبالغ تجعله يتنازل عنه، وأما الإكراه فلا، ولذا قال: "ولم أسمع أن أحداً من الأئمة أكره رجلاً على أن يكاتب عبده".
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك.
ثم قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"وقد سمعت بعض أهل العلم إذا سئل عن ذلك" يعني قيل له: هل يجب على السيد أن يكاتب عبده إذا طلب الكتابة استجابة لقوله -جل وعلا-: {فَكَاتِبُوهُمْ} [(33) سورة النــور]؟ "قال: وقد سمعت بعض أهل العلم إذا سئل عن ذلك، فقيل له: إن الله -تبارك وتعالى- يقول: {فَكَاتِبُوهُمْ} [(33) سورة النــور]" وهذا أمر {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [(33) سورة النــور] فإذا علم الخير من هذا العبد هل تلزم مكاتبته؟ "يتلو هاتين الآيتين {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ} [(2) سورة المائدة]" يعني هل يقول أحد بوجوب الاصطياد؟ {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا} [(10) سورة الجمعة] صلينا الجمعة، هل يلزمنا أن نذهب إلى الأسواق نبيع ونشتري؟ وإنما هو أمر بعد حظر، والأمر بعد الحظر عند أهل العلم، عند جمع من منهم يقتضي الإباحة، وعند آخرين أن الأمر يعود إلى ما كان عليه قبل الحظر، {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا} [(53) سورة الأحزاب] ابن حزم يوجب الانتشار بعد الطعام، يقول: لا تجلس إذا طعمت خلاص امش، لكن هل يوجب إذا قضيت الصلاة فانتشروا، اذهبوا إلى الأسواق بيعوا واشتروا {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ} [(2) سورة المائدة] كل واحد يأخذ بندقيته ويصيد بعد الحل؟ ما يوجب هذا.
{فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ} [(10) سورة الجمعة] ليستدل بذلك على أن من الأوامر الشرعية ما لا يقتضي الوجوب.
"قال مالك: وإنما ذلك أمر أذن الله -عز وجل- فيه للناس" أذن، يعني أباح، وليس بواجب عليهم.
"قال مالك: وسمعت بعض أهل العلم يقول في قول الله -تبارك وتعالى-: {وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [(33) سورة النــور]: إن ذلك أن يكاتب الرجل غلامه ثم يضع عنه من آخر كتابته شيئاً مسمى" يعني على عشرة نجوم، يخفف عنه العاشر، الأخير يتركه "ثم يضع عنه من آخر كتابته شيئاً مسمى" يتفق عليه من أول الأمر أو في آخره؟ نعم؟
طالب:......
نعم؛ لأنه لو كان من أول الأمر صار على تسعة نجوم، ما صار على عشرة، من باع سلعة أقساط هل يؤمر بأن يسمح ويعفو عن القسط الأخير أو لا يؤمر؟ نعم إن كان من باب الإحسان فالندب حاصل، أما بالنسبة للإلزام فلا.
طالب: مسألة..... أصل الوجوب....
ما فيه إلا أنه مقرون بالآيات الأخرى التي تدل على أن الأوامر قد تأتي للإباحة، وهو ملكه كغيره من السلع، ولا يؤمر أن يخرج أي سلعة من يده إلا بطوعه واختياره، إنما البيع عن تراض، وقلنا: إن المكاتبة شراء العبد نفسه.
طالب:......
هذا الأصل أيوه.
طالب:......
على كل حال أهل العلم قد يفتي بالنظير ما يفتي بالمطابق.
"قال مالك: فهذا الذي سمعت من أهل العلم، وأدركت عمل الناس على ذلك عندنا".
قال مالك: "وقد بلغني أن عبد الله بن عمر كاتب غلاماً له على خمسة وثلاثين ألف درهم، ثم وضع عنه من آخر كتابته خمسة آلاف درهم" ولا شك أن هذا على سبيل الوجوب وإلا الاستحباب؟
طالب: الاستحباب.
الاستحباب.
"قال مالك: الأمر عندنا أن المكاتب إذا كاتبه سيده تبعه ماله" لكن إن وعده وقال: إن سددت النجوم في وقتها حسمت لك حسم يرضيك، وإن تأخرت في بعض النجوم ما حصل لك شيء، فهل هذا الوعد ملزم؟ بأن سدد له على رأس كل شهر نجم ثم في النهاية قال: والله هذا بيع وشراء، ولن أفي بوعدي، يعني مثلما يقال في الشركات وغيرها، تعطي مغريات، ثم إذا جاء النتيجة،..... ما هنا شيء، لو قال له: أبداً على كل رأس شهر تسدد على المواعيد، وأرضيك في النهاية، هل هذا ملزم أو غير ملزم؟ نعم؟
طالب:......
هذا نفسه، هذا مثلما قلنا، لكن هل يلزم أو لا يلزم؟ هل نقول: إنه عقد وإلا وعد؟ هل هو عقد وإلا مجرد وعد؟ وإذا كان وعد هل يلزم الوفاء به أو لا يلزم؟ وإذا أخلفه هل يكون من خصال المنافقين وإلا لا؟ إذا كان من البداية، أراد أن يحثه على التسديد ولا نوى ينزل عنه شيء، هذا فعل المنافقين، إذا وعد أخلف، وإذا وعده ثم اعتراه ما اعتراه مما يقتضي الإخلاف يقول أهل العلم: لا يدخل فيه إذا وعد أخلف، نعم؟
طالب:......
إيه لكن هل هذا على سبيل الوجوب أو الاستحباب؟ هو يريد أن يحثه على أن يدفع له ماله، ولا يكون إلا خير، يعني بعض الناس يكون له دين على شخص، ثم يقول له: أنت دبر لي الدين الأول، عنده مائة ألف، أنت دبر لي الدين الأول، خليني أنتهي منه، وأعدك أني أدينك أكثر، ثم يروح يتحايل ويتدين مائة ألف على أساس أنه يسدده من المائتين اللي بيأخذها منه، ويقول: والله ما عندي لك شيء، الحمد لله الذي طلع اللي عندك، بإمكانه إذا رأى عليه علامات التلاعب والمطل، يمكن أن يقول له مثل هذا الأمر، والتجار لهم أساليبهم في استخراج حقوقهم، وأيضاً الطرف الثاني لهم طرقهم وحيلهم في المطل بالحقوق، والله المستعان.
طالب:......
إيه ما يجوز يزيدون، ما يجوز، الكلام على ما اتفق عليه، إذا وعده إذا سدد شيء، لكن إن قال له: إن تأخرت زدت عليك صار هذا الربا.
طالب:......
إيه لكن إن كانت البضاعة في قرارة نفس البائع، أنها بخمسة عشر، وزاد ها الأربعة من أجل التأخير فهذا ربا الجاهلية.
طالب: ومع ذلك يخالف....
على كل حال الله المستعان، أقول: عقود اليوم وتعاملات اليوم فيها شيء من الخلل.
"قال مالك: الأمر عندنا أن المكاتب إذا كاتبه سيده تبعه ماله ولم يتبعه ولده" له مال، هذا إذا قلنا: إنه يملك على رأي الإمام مالك، وإذا قلنا: لا يملك إنما ماله ثوبه الذي على بدنه وفراشه وما أشبه ذلك، يعني ما يتبعه عادة، ما يتبعه في العادة، لو قلنا: إنه رقيق وطالب علم وله كتب، ويحضر بها الدروس، ويعلق عند المشايخ، ثم كاتبه سيده، يقول السيد: لا، الكتب لي؟ نعم؟ يقول: الكتب لي؟ يقول: لا، هذه لي، اقتنيتها، وأنا تسببت فيها، أو طلبتها من الجهات اللي توزع، وحضرت بها الدروس وعلقت عليها ما هي لك، وتنازعوا عند هذا، ماذا نقول؟
طالب:......
إيه لكن هل يملك؟ راح وسأل الناس، وأعطوه كتب، استعان بها على طلب العلم، وحضر الدروس، وعلق عليها، وقال: هذه كتبي، وقال السيد: لا، أنت ومالك كلكم لي، فإذا بعتك أنت الكتب لي تصير، هذا إذا كانت الكتب لا تملك بأن كانت أوقاف مثلاً، فلا حظ فيها للسيد بوجه من الوجوه، وإن كانت مما يملك فينظر على رأي الجمهور لا يملك إذاً هي لسيده, وعلى قول مالك هي تبعه.
يقول: "تبعه ماله ولم يتبعه ولده، إلا أن يشترطهم في كتابته" يعني يدخلهم في الكتابة، أدخلهم في الكتابة نعم يتبعونه، وإلا فالأصل أنهم لسيده، أرقاء مثله.
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول في المكاتب يكاتبه سيده وله جارية بها حبل منه لم يعلم به هو ولا سيده" يعني قبل ظهور نتيجة التحليل، ما يدري أحد، يعني في اليوم الأول أو الثاني أو الثالث، يعني حتى لو حلله ما بان شيء، ولا علموا به لا هو ولا سيده يوم كتابته، لم يعلم به فيشترطه، ولم يعلم به سيده فيستثنيه "فإنه لا يتبعه ذلك الولد؛ لأنه لم يكن دخل في كتابته وهو لسيده" لأنه وقت إجراء الكتابة موجود، ولا شك أن الحمل موجود؛ لأنه حصل من وطء قبل عقد الكتابة، ولو لم يبن في التحليل "وهو لسيده، فأما الجارية فإنها للمكاتب؛ لأنها من ماله" كيف صارت من ماله؟ كل هذا على رأي الإمام مالك أنه يملك، واشتغل وعمل واشترى هذه الجارية "فإنها للمكاتب؛ لأنها من ماله" لكن لو كانت مما اشتراه السيد وزوجه إياها، لا شك أن عقد الكتابة لا يتناولها.
"قال مالك في رجل ورث مكاتباً من امرأته هو وابنها: إن المكاتب إن مات قبل أن يقضي كتابته اقتسما ميراثه على كتاب الله، وإن أدى كتابته ثم مات فميراثه لابن المرأة، وليس للزوج من ميراثه شيء" لأنه أجنبي عنه "ورث مكاتباً من امرأته هو وابنها" لأن الابن كيف يرث هذا المكاتب؟ الزوج بعيد، ما يرث، يعني هل زوج المرأة يرث المكاتب هذا بالولاء؟ لا يرث، الابن؟ يرث "فميراثه لابن المرأة، وليس للزوج من ميراثه شيء"، "قال مالك في المكاتَب يكاتب عبده" إذاً المكاتِب، المكاتِب ما هي بالمكاتَب إيش عندكم؟
طالب: مكاتَب.
مكاتَب كذا عندنا بالفتح، لكن كيف مكاتَب يكاتب عبده؟ يعني هل المكاتَب عمل حتى اشترى عبداً، يعني هو نجومه ألف، صار يكتسب ألفين، اشترى بالنصيب الزائد عبد، يعني يتصور هذا، لكن تشوف النتيجة، "قال مالك في المكاتب يكاتب عبده، قال: ينظر في ذلك، فإن كان إنما أراد المحاباة لعبده، وعرف ذلك منه بالتخفيف عنه فلا يجوز ذلك" يعني هذا المكاتب العبد الذي كوتب من قبل سيده، اشترى عبداً فكاتبه، إن كانت مكاتبته له بثمن بخس بحيث يفوته على سيده إذا أعجز نفسه مثلاً، يقول: "فإن كان إنما أراد المحاباة لعبده، وعرف ذلك منه بالتخفيف عنه فلا يجوز ذلك" لأن هذا فرار من حق السيد "وإن كان إنما كاتبه على وجه الرغبة وطلب المال وابتغاء الفضل والعون على كتابته فذلك جائز له" المكاتَب اشترى عبد ثم كاتبه ينظر في قصده، والقرائن تدل على أنه إنما قصد من مكاتبته له تفويته على السيد، إذا كان بثمن بخس فالمقصود التفويت على السيد، وإن كان بثمنه بسعره بقيمته صحت كتابته كسائر تصرفاته.
طالب: إذا كان برضا السيد.
كيف؟
طالب: إذا كان برضا السيد الكتابة، ما له حق بعدين المطالبة...
إذا كان إيش؟
طالب: إذا كان برضا السيد.
إذا رضي السيد الأمر لا يعدوه، لكن لو قال مثلاً: أنت والله الآن أعجزت نفسك، ها العبد اللي أنت بعت بألف وهو يسوى عشرة آلاف، هذا ما قصدك إلا تفوته علي.
"وإن كان إنما كاتبه على وجه الرغبة وطلب المال وابتغاء الفضل والعون على كتابته فذلك جائز له".
"قال مالك في رجل وطئ مكاتبة له: إنها إن حملت فهي بالخيار، إن شاءت كانت أم ولد، وإن شاءت قرت على كتابتها، فإن لم تحمل فهي على كتابتها" هذا يدل على أن له أن يطأ أو ليس له أن يطأ؟ نعم؟
طالب:......
ويش النسخة اللي معك؟
طالب:......
إيه نقول: هل يلزم من أن يكون الوطء مباح أو غير مباح؟ هل يلزم من السياق أن يكون الوطء مباح؟ "في رجل وطئ مكاتبة له: إنها إن حملت فهي بالخيار، إن شاءت كانت أم ولد، وإن شاءت قرت على كتابتها، فإن لم تحمل فهي على كتابتها" على كل حال بالنسبة للحد حتى لو قيل بتحريمه شبهة بلا شك، شبهة، كمن وطئ أمة زوجته، حرام عليه أن يطأ أمة زوجته، لكنه يعزر تعزيراً بليغاً لا يصل إلى الحد.
"وإن شاءت قرت على كتابتها، فإن لم تحمل فهي على كتابتها".
"قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا في العبد يكون بين الرجلين إن أحدهما لا يكاتب نصيبه منه أذن له بذلك صاحبه أو لم يأذن إلا أن يكاتباه جميعاً؛ لأن ذلك يعقد له عتقاً؛ ويصير إذا أدى العبد ما كوتب عليه إلى أن يعتق نصفه، ولا يكون على الذي كاتب بعضه أن يستتم عتقه فذلك خلاف ما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من أعتق شركاً له في عبد قوم عليه قيمة العدل))" يعني لو افترض أن هذا الغلام بين رجلين، واحد كاتب وواحد رفض، نعم، لو صححنا مثل هذا نكون خالفنا ما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: ((من أعتق شركاً له في عبد قوم عليه قيمة العدل)) فعليه أن يحرر النصف الثاني، أو يشتريه من صاحبه فيكون العقد كله له.
"قال مالك: فإن جهل ذلك حتى يؤدي المكاتب، أو قبل أن يؤدي رد إليه الذي كاتبه" يعني جهل، جاء العبد وقال له: إن فلان كاتبني، هو ما كاتبه، هو بين اثنين زيد وعمرو، جاء العبد لزيد وقال: إن عمراً كاتبني من أجل إيش؟ أن يستدرجه فيكاتبه، وجهل هذا حقيقة الحال وكاتبه، ما الذي يحصل؟ وذاك ما كاتب، يقول: "فإن جهل ذلك حتى يؤدي المكاتب، أو قبل أن يؤدي رد إليه الذي كاتبه" لماذا؟ لأنه غره "ما قبض من المكاتب، فاقتسمه هو وشريكه على قدر حصصهما، وبطلت كتابته" هذا الذي جمع بهذه الحيلة يقسم بين السيدين، ويبطل عقد الكتابة "وكان عبداً لهما على حاله الأولى".
"قال مالك في مكاتب بين رجلين، فأنظره أحدهما بحقه الذي عليه، وأبى الآخر أن ينظره، فاقتضى الذي أبى أن ينظره بعض حقه، ثم مات المكاتب" المكاتب بين رجلين، وكلاهما كاتبه، وعلى نجوم، لمدة سنة مثلاً، اثنا عشر نجم، واحد ملح إلا أن يحضر النجوم في وقتها، والثاني: متسامح، ينظره، يقول: اللي يجي الشهر وإلا يجي الثاني وإلا الثالث، ما الحكم؟
"قال مالك في مكاتب بين رجلين فأنظره أحدهما بحقه الذي عليه، وأبى الآخر أن ينظره، فاقتضى الذي أبى أن ينظره بعض حقه، ثم مات المكاتب" يعني لما تم ستة أشهر من عقد الكتابة أحدهما استوفى ستة أقساط، ستة نجوم، والثاني ما استوفى إلا واحد أو اثنين؛ لأنه ينظر "ثم مات المكاتب وترك مالاً ليس فيه وفاء من كتابته، قال مالك: يتحاصان بقدر ما بقي لهما عليه" يتحاصان بقدر..، هذا سدد له ستة وبقي له ستة، هذا سدد له اثنين وبقي له عشرة "بقدر ما بقي لهما عليه، يأخذ كل واحد منهما بقدر حصته" يعني يأخذ الذي استوفى وبقي له النصف، والثاني الذي بقي له خمسة الأسداس بالنسبة، فيأخذ هذا خمسة أسداس ما ترك، أو نجمع النصف مع خمسة الأسداس؟
طالب: نجمع.
نجمع نعم، ثم نقسم المال المتحصل عنده عليهما.
"بقدر حصته، فإن ترك المكاتب فضلاً عن كتابته أخذ كل واحد منهما ما بقي من الكتابة" هذا يأخذ النصف الباقي، وهذا يأخذ خمسة الأسداس الباقية "وكان ما بقي بينهما بالسواء" هو بقي، أخذ هذا ستة آلاف بقيت له، وهذا أخذ عشرة بقيت له، ستة عشر ألف، وبقي أربعة يقسم بينهما بالسوية على أي أساس وقد استوفيا حقهما؟ بالولاء "فإن عجز المكاتب، وقد اقتضى الذي لم ينظره أكثر مما اقتضى صاحبه كان العبد بينهما نصفين، ولا يرد على صاحبه فضل ما اقتضى" يعود رقيق؛ لأنه عجز "لأنه إنما اقتضى الذي له بإذن صاحبه" يقول: أنا ما قلت لك: انظره، أنا ما قلت لك، أنت فرطت بكيفك يفوتك.
"وإن وضع عنه أحدهما الذي له، ثم اقتضى صاحبه بعض الذي له عليه، ثم عجز فهو بينهما" مثل الصورة السابقة "ولا يرد الذي اقتضى على صاحبه شيئاً؛ لأنه إنما اقتضى الذي له عليه" يعني على حسب ما اتفقا، ما تعدى على صاحبه "وذلك بمنزلة الدين للرجلين بكتاب واحد على رجل واحد، فينظره أحدهما، ويشح الآخر، فيقتضي بعض حقه، ثم يفلس الغريم، فليس للذي اقتضى أن يرد شيئاً مما أخذ" مائة ألف دين على زيد لعمرو وخالد، كل واحد له النصف، نعم، وهي مقسطة أقساط كل شهر ألفين، الأصل أن يكون لكل واحد منهما ألف، فإذا جاءه عمرو أعطاه الألف، وإذا جاءه الآخر صار أقل منه في الحزم رده، وقال: تأتينا غير هذا الوقت، ثم بعد ذلك في النهاية مات، وقد سدد لأحدهما أربعين ألف، وسدد للثاني عشرة مثلاً، الحازم أخذ من دينه الخمسين أربعين، والمتساهل الذي ينظر ما أخذ من الخمسين إلا عشرة، ما الحكم؟ كل واحد له ما بيده؛ لأنه ما غره "ويشح الآخر، فيقتضي بعض حقه، ثم يفلس الغريم، فليس للذي اقتضى أن يرد شيئاً مما أخذ" والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أصوم من أول الأسبوع السبت، ثم أفطر الأحد، ثم أصوم الاثنين، ثم أفطر الثلاثاء، ثم أصوم الأربعاء، وإذا جاء يوم الخميس أقول: هذا يوم فاضل، وأصومه ثم أفطر الجمعة، ثم أصوم السبت وهكذا، فهل ينطبق علي أني أصوم يوماً وأفطر يوماً، وهل هذه الحيلة جائزة؛ لأن هذه الأيام ستثبت معي بدون قصد، اللهم إلا تفادياً لصيام الجمعة؟
أولاً: صيام الجمعة معروف أنه لا يجوز إفراده، فلا بد من صيام الخميس معه أو السبت؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال لأم المؤمنين وقد صامت يوم الجمعة: ((أصمت بالأمس؟)) قالت: لا، قال: ((تصومين غداً؟)) قالت: لا، قال: ((إذن فأفطري)) فإفراد الجمعة لا يجوز بالصيام.
ما يقتضيه صيام داود -عليه السلام- من صوم يوم وإفطار يوم لا شك أنه يقتضي بعمومه أن تفرد الجمعة، وقل مثل هذا لو صادف يوم الجمعة مثل هذه السنة يوم عرفة مثلاً يعني هل يصام بمفرده أو لا بد أن يصام معه الخميس؟ لا شك أن الدليل الخاص بالجمعة يقتضي ألا تفرد الجمعة مهما كان الداعي إلى ذلك، لكن عموم حديث تفضيل صيام داود، والعموم صيام داود -عليه السلام-، صيام يوم وفطر يوم لا شك أنه مخصوص بما شرعنا من النهي عن إفراد الجمعة، مخصوص بما جاء في شرعنا من النهي عن إفراد يوم الجمعة، وشرع من قبلنا لا شك أنه المسألة خلافية بين أهل العلم هل هو شرع لنا أو لا؟ لكن يتفقون على أنه إذا جاء شرعنا بخلافه أنه ليس بشرع لنا، شرعنا مقدم على شرع من قبلنا حتى على القول بأنه شرع لنا، فإذا كان يقتضي إفراد الجمعة بالصيام فلا، وعلى هذا لو ثبت الإنسان في أسبوع مثلاً يصوم مثلاً الأحد والاثنين، يفطر الجمعة والسبت مثلاً، أو يفطر الجمعة ويصوم السبت، وعلى كل حال هو يوم بعد يوم متتابعة، يوم فطر ويوم صيام على ما هو الظاهر من الحث على صيام داود أظن غير ممكن، مع التوفيق مع ما جاء في شرعنا، لكن يؤخذ بالممكن منه، فهذه الجمعة تستثنى، اللهم إلا إذا صام الإنسان معها الخميس، فيصوم الخميس والجمعة.
ويأتيه أيضاً جاء أيام جاء الحث عليها، لو اقتضى صوم داود -عليه السلام- أن يصوم الأحد ويفطر الاثنين، مع أن الاثنين أفضل عندنا في شرعنا، فهل نقول: إنه يصوم الأحد والثلاثاء والخميس من أسبوع، ثم يصوم السبت والاثنين والأربعاء من أسبوع وهكذا؟ أو نقول: ينتقي من الأيام التي جاء الحث عليها في شرعنا؟ يثبت الاثنين والخميس ويشوف يوم ثالث وليكن السبت، السبت والاثنين والخميس مثلاً، على كل حال في كل خير، وإذا اعتمد ما في شرعنا مما يبلغ مجموعه نصف الدهر، لا شك أنه يحصل على مثل صيام داود -عليه السلام-، وإن اختل التنظيم والترتيب؛ لأن الظاهر من سياق صيام داود أنه يصوم يوماً ويفطر يوماً أنه هكذا بالتتابع، السبت صيام، الأحد لا، الاثنين صيام، الثلاثاء لا، نعم، الأربعاء صيام والخميس لا، فطر، الجمعة صيام وهكذا يدور مع الأيام، لكن إذا جاء شرعنا بخلافه لا شك أن يقدم ما هو في شرعنا.
وجمع من السلف التزموا صيام، صياماً معيناً كصيام داود ثم صاروا يجمعون الأيام، يصوم الأسبوع كامل، ثم يفطر أسبوع، ويصدق عليه أنه صام نصف الدهر؛ لأن مؤدى صيام داود صيام نصف الدهر، فإذا اعتنى بالاثنين والخميس والبيض وما أشبه ذلك يدرك -إن شاء الله تعالى-، على أن تبلغ العدة نصف الشهر، فعندنا الاثنين والخميس ثمانية أيام، والبيض ثلاثة إن لم يكن فيها أحد من اليومين، لا بد أن يكون فيها إما الاثنين أو الخميس، أو لا؟ إن كانت الجمعة والسبت والأحد سلم الاثنين والخميس.
على كل حال الإنسان إذا اجتهد، ووفق بين النصوص لا شك أنه يؤجر أجر صيام داود -عليه السلام-، قد يقول قائل: النبي -عليه الصلاة والسلام- ما عرف عنه أنه كان يصوم صيام داود، وإنما عرف عنه أنه كان يسرد الصوم، فكان يصوم حتى يقال: إنه لا يفطر، وكان يفطر حتى يقال: إنه لا يصوم، فهل هذا أفضل أو صيام داود؟ نقول: لا، النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: أفضل الصيام صيام داود، ولو لم يفعله -عليه الصلاة والسلام-، فعلى الإنسان أن يتحرى مثل الأيام الفاضلة التي جاء الحث عليها، ويوفق بين هذه الأيام، مع ما جاء في صيام داود مما يقتضيه النص ظاهره وباطنه أيضاً؛ لأن ظاهره فطر يوم وصيام يوم، وباطنه صيام نصف الدهر، يعني مفاده صيام نصف الدهر، فإذا حصل العدة حصل له الأجر -إن شاء الله تعالى-.
طالب:......
لا، لا جاء شرعنا بخلافه، يعني الجمعة دخل في عموم صيام داود، والنهي عنه والأمر بفطره هذا شرعنا.
طالب:......
هذا شرعنا، لا.
طالب:......
لا، لا، هذا شرعنا، شرعنا نهي عن إفراد يوم الجمعة، وإن كان يتمنى ولو صيام داود بعمومه.
طالب:......
لا، هو قال لها، سألها ما في لا تخصيص ولا شيء، ((صمت بالأمس؟)) قالت: لا، قال: ((تصومين غداً؟)) قالت: لا، قال: ((افطري)) فدل على أن إفراد الجمعة بالصيام لا يجوز، لا بد أن يصام معه.
مسألة صوم يوم عرفة مثل هذه السنة أشكل كثيراً، واحد يقول: ما أنا بصائم إلا يوم عرفة، صيام فاضل، ويكفر سنتين، وأنا ما قصدت الجمعة، قصدت يوم عرفة، لا شك أن الأنظار تباينت في مثل هذا أنه لا بد أن يصوم الخميس معه، أو يفرده بناءً على أنه ما قصده، وقد أفتي بذلك.
طالب:......
والله عندي أنا لا بد يصوم الخميس، إذا فرط في الخميس هو فرط في أمر عظيم.
طالب:......
يعني الفتوى الثانية تشمله -إن شاء الله-.
طالب: لو نظرنا إلى هذا، لو أن يوم العيد وافق يوم الاثنين أو قال واحد: أنا أصوم هذا اليوم؟
لا، لا عاد العيد محرم صيامه ما يدخل في هذا.
طالب: هذا نهي، وهذا نهي.
لا، لا فرق، فرق بين هذا وهذا، النهي متفاوت، والأوامر متفاوتة، ومعروف هذا عند أهل العلم، من الأوامر ما يقتضي الركنية، ومن الأوامر ما يقتضي السنية، وبينهما الاشتراط والوجوب.
طالب:......
لا، لا الأوامر مختلفة.