شرح الموطأ - كتاب الحدود (2)
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا والحاضرين والسامعين برحمتك يا أرحم الراحمين.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء فيمن اعترف على نفسه بالزنا
حدثني مالك عن زيد بن أسلم أن رجلاً اعترف على نفسه بالزنا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فدعا له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بسوط، فأتي بسوط مكسور، فقال: ((فوق هذا)) فأتي بسوط جديد لم تقطع ثمرته، فقال: ((دون هذا)) فأتي بسوط قد ركب به ولان، فأمر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجلد، ثم قال: ((أيها الناس قد آن لكم أن تنتهوا عن حدود الله، من أصاب من هذه القاذورات شيئاً فليستتر بستر الله، فإنه من يبدي لنا صفحته نقم عليه كتاب الله)).
وحدثني مالك عن نافع أن صفية بنت أبي عبيد أخبرته أن أبا بكر الصديق أتي برجل قد وقع على جارية بكر فأحبلها، ثم اعترف على نفسه بالزنا، ولم يكن أُحصن....
أَحصن.
أحسن الله إليك.
ولم يكن أَحصن، فأمر به أبو بكر فجلد الحد، ثم نفي إلى فدك.
قال مالك في الذي يعترف على نفسه بالزنا، ثم يرجع عن ذلك ويقول: لم أفعل، وإنما كان ذلك مني على وجه كذا وكذا، لشيء يذكره: إن ذلك يقبل منه، ولا يقام عليه الحد، وذلك أن الحد الذي هو لله لا يؤخذ إلا بأحد وجهين، إما ببينة عادلة تثبت على صاحبها، وإما باعتراف يقيم عليه حتى يقام عليه الحد، فإن أقام على اعترافه أقيم عليه الحد.
قال مالك -رحمه الله-: الذي أدركت عليه أهل العلم أنه لا نفي على العبيد إذا زنوا.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول: المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء فيمن اعترف على نفسه بالزنا
من اعترف على نفسه يحد كما تقدم في قصة ماعز، وقصة العسيف، بالنسبة لاعتراف الرجال واعتراف النساء كله سبب لإقامة الحد، فمن اعترف على نفسه بالزنا فإنه يحد، إذا أقر واعترف وشهد على نفسه أربع شهادات، أقر أربعة اعترافات يحد.
يقول -رحمه الله-: "حدثني مالك عن زيد بن أسلم أن رجلاً اعترف على نفسه بالزنا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" هذا ماعز أو غير ماعز؟
طالب: غير ماعز.
لماذا؟ هذا دعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بسوط فأتي بسوط، لا هذا فيه دليل على أنه بكر، نعم؟
طالب:......
طيب، والمحصن ما يجلد؟ نعم؟
طالب:......
لا، لا اللي رجحناه أمس أنه يجلد، وعلي -رضي الله عنه- جلد شراحة يوم الخميس، ورجمها يوم الجمعة، حديث عبادة صحيح مفسر ما فيه أدنى إشكال، ما فيه إجمال، ولا إبهام ولا...، جلد مائة والرجم، يعني كون الجلد لم يذكر في الوقائع لا يعني أنه لم يقع، فإذا ثبت الحكم بدليل شرعي لزم القول به، كونه لا يذكر في قصص أخرى ما يلزم يا أخي.
يقول: "اعترف على نفسه بالزنا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فدعا له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني طلب من أجله "دعا له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بسوط، فأتي بسوط مكسور" يعني لا يؤثر في المجلود "فقال: ((فوق هذا)) فأتي بسوط جديد لم تقطع ثمرته" يعني قوي، لم تقطع ثمرته يعني جديد، فيه عقده لم تذهب هذه العقد من الاستعمال، كأنه قطع من الشجرة الآن، وقد روي بالماء، هكذا يقول الشراح، لكن الذي يغلب على الظن أن قوله: "لم تقطع ثمرته" مبالغة في جدته، كأن ثمرته عليه، مبالغة في جدته كأنه أخذ من الشجرة الآن، فرق بين سوط يابس، وبين سوط رطب، الرطب لا شك أنه أنكى، وأشد في الضرب، وعلى كل حال بين هذين الوسط "فأتي بسوط جديد لم تقطع ثمرته، فقال: ((دون هذا))" يعني كأنه لم تقطع ثمرته "فقال: ((دون هذا)) فأتي بسوط قد ركب به ولان" ركب به يعني ركوب كل شيء بحسبه، واستعمال كل شيء بحسبه، ولبس كل شيء بحسبه، يعني أنه مستعمل، الاستعمال أعم من الركوب، وقد يقال: إنه ركب به الدابة، وضربت به، ركب به يعني اصطحب في ركوب الدابة، واستعمل في ضربها فيكون مستعملاً، وقد يطلق الفعل ولا يراد حقيقته، إنما يراد ما هو أعم من ذلك، فركب استعمل، والحصير لبس يعني جلس عليه، ولبس كل شيء بحسبه.
"قد ركب به ولان، فأمر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجلد، ثم قال: ((أيها الناس))" خطب بهم وقال: "((أيها الناس قد آن لكم أن تنتهوا))" والعادة في مثل هذه المناسبة أن يحمد الله -جل وعلا-، ويثني عليه، ثم يقول: أما بعد: ((أيها الناس قد آن لكم أن تنتهوا عن حدود الله)) وهذا اختصار، أو لعله ذكر هذا لبيان الجواز أنه يجوز أن تكون الخطبة بمراسمها الشرعية المعتادة، وقد يكون هذا مجرد تنبيه على أمر من الأمور دون خطبة، ((أيها الناس قد آن لكم أن تنتهوا عن حدود الله)) آن لكم: حان قوت الانتهاء عن حدود الله؛ لأن الشرائع قد كملت، والحجة قد بلغت، ولم يبق لأحد عذر، قد آن لكم أن تنتهوا عن حدود الله، {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} [(16) سورة الحديد] وإذا خشعت قلوبهم لذكر الله انتهت عن حدود الله.
((من أصاب من هذه القاذورات)) أي القبائح، كل ما يستقبح من قول أو فعل قاذورات، لكن هذه التي فيها الحدود، وهو المناسب لكتاب الحدود، أو يقال: أعم من ذلك مما يقتضي الحد أو التعزير، ((من هذه القاذورات شيئاً فليستتر بستر الله، فإنه من يبدي لنا صفحته)) يعني لا يستتر، بل يفضح نفسه، ويأتي إلينا، وإن كان محموداً؛ لأنه قد تاب وأناب، والتوبة تهدم ما كان قبلها، والحدود كفارات، ((فإنه من يبدي لنا صفحته)) يعني يظهر لنا فعلته ((نقم عليه كتاب الله)) نقم عليه الحد.
قال: "حدثني مالك عن نافع أن صفية بنت أبي عبيد" زوج عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-، وهي أخت المختار ابن أبي عبيد الذي ادعى النبوة "أن صفية بنت أبي عبيد أخبرته أن أبا بكر الصديق أتي برجل قد..." قد يقول قائل، هاه؟
طالب:......
إيش فيه؟
طالب:......
لا، ما هو موصول لكنه معروف يعني، هو الآن مرسل، والمرسل حجة عند الإمام مالك -رحمه الله-، وهو موصول من طرق.
على كل حال الوسط معمول به في الشرع في جميع الأمور، التوسط في الأمور مطلوب في جميعها.
"أن صفية بنت أبي عبيد" قلنا: إنها أخت المختار بن أبي عبيد الذي ادعى النبوة، وهي زوج العبد الصالح عبد الله بن عمر، قد يقول قائل: هذا ابن عمر على شدة تحريه يتزوج هذه المرأة التي أخوها، وخال أولاده يدعي النبوة؟! فلا ضير علينا أن نبحث عن الزوجة مهما كانت أسرتها، أو مهما كان وضعها، أو مهما كانت تربيتها، نقول: لا يا أخي، ادعاؤه النبوة طارئ، ولا شك أن الخال مؤثر، وأهل الزوجة لهم أثر على الأولاد، وعليك أن تنتقي من الأسر أطيبها، ومن النساء أفضلها، ((فاظفر بذات الدين تربت يداك)) لكن إذا كانت دينة صينة، وأهلها أقل من المستوى التي ترغبه وترتضيه، ووجد دونها في الديانة، ومستوى أهلها أشد، أو أقرب إلى شرطك، فلا شك أن ذات الشأن هي الزوجة نفسها، وأهلها مطلوب صلاحهم وحياطتهم وسترهم وصيانتهم، لكن صاحبة الشأن هي المرأة، وبعض الناس يقول: ما دام ابن عمر تزوج هذه المرأة وأخوها يدعي النبوة ما لنا شأن أننا نتزوج المرأة التي يقع الاختيار عليها، والدعوة بابها مفتوح، لكن ليعلم القائل: إن عمران بن حطان كان على المنهج السليم المستقيم، ثم بعد ذلك تزوج امرأة من الخوارج فدعته فاستجاب فصار من دعاتهم نسأل الله العافية، فيحتاط الإنسان لدينه، والزوجة من أعظم من يؤثر على الزوج، كما أن الزوج له أثر عظيم في حياة الزوجة، المسألة مغالبة الذي يغلب ينتصر على صاحبه، فإذا كان لديها شيء مما يغري هذا الزوج مما يجعله يتنازل، أقول: إذا كان في الزوجة ما يغريه بها، ويفتنه بها، ويعلق قلبه بها لا شك أنه يتنازل، وقد شوهد هذا من تأثير الزوجات على الأزواج والعكس، إذا كانت عندها ما تستطيع التأثير عليه، ولو كان دونها في المستوى لا شك أنه مع الوقت تحصل له الهداية بإذن الله، وقد يستمر ويتمادى في ظلمه وطغيانه لنفسه ولغيره، وعلى كل حال الهداية بيد الله -جل وعلا-، لكن على الإنسان أن يحرص على ذات الدين، فهي وصية النبي -عليه الصلاة والسلام- لتعينه على أمر دينه ودنياه.
"أن صفية بنت أبي عبيد أخبرته أن أبا بكر الصديق أتي برجل قد وقع على جارية بكر فأحبلها، ثم اعترف على نفسه بالزنا، ولم يكن أحصن" أحصن نفسه، ولا أحصن زوجة، لم يطأ بنكاح صحيح فهو بكر.
"فأمر به أبو بكر فجلد الحد -مائة جلدة- ثم نفي إلى فدك" أتي برجل يعني حر، فأقيم عليه الحد مائة جلدة ونفي، غرب سنة، فالرجل يقال له: أحصن، ولذا قال: محصنين غير مسافحين، وأما بالنسبة للمرأة فهي محصنة، ولذا قال: محصَنات، وما قال محصِنات، وما سيأتي في الرواية التي تلي هذا، ولم تحصِن بإسناد الإحصان إليها، باعتبار أن كل واحد من الزوجين يحصن الآخر تكون به حصانة الآخر، ومع ذلك فالأصل أن الذكر هو المحصِن، والمرأة محصَنة، وبذلك جاءت النصوص.
"قال مالك في الذي يعترف على نفسه بالزنا" نعم؟
طالب:......
يقال: أحصنت، لكن يأتي في الباب الذي يليه، سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصِن، وإلا فالأصل لم تحصَن؛ لأن اللائق بالمرأة اسم المفعول، محصنات، واللائق بالرجل اسم الفاعل محصنين.
"قال مالك في الذي يعترف على نفسه بالزنا".
طالب: أحسن الله إليك، حديث زيد بن أسلم.... مصلحة الستر أعظم من مصلحة إقامة الحد؟
لا، هو على حسب إذا كان يغلب على ظنه أنه لا يعاود المعصية، وأن حاله سوف تتبدل من هذا السيئ إلى أحسن يكون الاستتار بستر الله أفضل له، لكن إذا غلب على ظنه أنه يعاود هذه المعصية، وأنه لا يكون حاله أفضل، فلا شك أن إقامة الحد عليه تطهير.
طالب: من حيث السياسة الشرعية.... هل يقال: إن مصلحة الستر أفضل؟
مصلحة الستر من الشخص على نفسه؟
طالب: لا...
على غيره؟
طالب: يعني خلاف الحسبة....
هذا ذكرناه فيما سبق قلنا: إن من وقعت عليه هفوة أو زلة مرة واحدة مثل هذا من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، أما أصحاب الجرائم، أصحاب السوابق مثل هؤلاء لا بد من تطهيرهم، وإلا فتركهم والستر عليهم يفضي إلى تعطيل الحدود.
"قال مالك -رحمه الله- في الذي يعترف على نفسه بالزنا، ثم يرجع عن ذلك ويقول: لم أفعل، وإنما كان ذلك مني على وجه كذا وكذا" يعتذر بشيء يذكره، يذكر عذراً مقبولاً "إن ذلك يقبل منه" إذا أبدى عذراً مقبولاً يقبل منه، يتذرع به، ولو كان كاذباً في نفس الأمر، المقصود أن الناس ما لهم إلا الظاهر، هذا إذا اعتذر عن اعترافه السابق لا يقام عليه حد، وإن ثبت عليه أقيم عليه حد "وإنما كان ذلك مني على وجه كذا وكذا لشيء يذكره" يعني لعذر يقبله، يذكره "إن ذلك يقبل منه" توكل سريرته إلى الله -جل وعلا-.
"ولا يقام عليه الحد، وذلك أن الحد الذي هو لله لا يؤخذ إلا بأحد وجهين" يعني الزنا لا يثبت إلا بأحد أمرين: "إما ببينة عادلة تثبت على صاحبها" من قيام أربعة شهداء يشهدون بأنه زنا الزنا الكامل الحقيقي الإيلاج، "وإما باعتراف يقيم عليه" ولا شك أن ثبوت الزنا بالبينة في غاية الصعوبة، ولذلك أكثر القضايا وجل القضايا، بل جميع القضايا التي حصلت في عصره -عليه الصلاة والسلام- كانت بالاعتراف "وإما باعتراف يقيم عليه" يعني يثبت عليه ولا يرجع عنه "حتى يقام عليه الحد، فإن أقام على اعترافه أقيم عليه الحد" يعني إن ثبت على اعترافه يقيم عليه الحد.
"قال مالك: الذي أدركت عليه أهل العلم أنه لا نفي على العبيد إذا زنوا" لماذا؟ لأن هذا إضرار بالسيد، وقطع للمنافع المتعلقة بالرقيق، نعم؟
طالب:......
على كل حال التحاليل هذه قرائن ما هي...، ما تثبت به، هذه قرائن، ما في إلا بينة واعتراف، ((بينة وإلا حد في ظهرك)) نعم؟
طالب:.... ما هو الأصل هل يقال: الأصل الستر...؟
والله الأصل على حسب ما يحتف بهذا الرجل، وما يحيط بالمجتمع، إذا كانت الجرائم كثيرة، والناس لا يردعهم إلا إقامة الحدود، فالراجح أن يقام عليه الحد، ليرتدع غيره، وإذا كان الغالب في الناس الصلاح والاستقامة وهذه الهفوات نادرة يغلب الستر، نعم؟
أحسن الله إليك.
باب: جامع ما جاء في حد الزنا
حدثني مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن، فقال: ((إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم بيعوها ولو بضفير)).
قال ابن شهاب: لا أدري أبعد الثالثة أو الرابعة؟
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: والضفير الحبل.
وحدثني مالك عن نافع أن عبداً كان يقوم على رقيق الخمس، وأنه استكره جارية من ذلك الرقيق، فوقع بها فجلده عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ونفاه، ولم يجلد الوليدة لأنه استكرهها.
وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد أن سليمان بن يسار أخبره أن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي قال: أمرني عمر بن الخطاب في فتية من قريش فجلدنا ولائد من ولائد الإمارة، خمسين خمسين في الزنا.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
بابُ جامع، أو بابٌ جامع، أو بابُ جامعٍ ما جاء في حد الزنا:
قال: "حدثني مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن" قلنا: إن الأصل في النساء، واللائق بهن اسم المفعول، فيقال: لم تحصَن، لكن باعتبار أنها صارت سبباً في إحصان الزوج نسب إليها، وإلا فالنص محصنات، وفي الرجال: محصنين، فهذا هو اللائق بالرجال اسم الفاعل، واللائق بالنساء اسم المفعول.
"فقال: ((إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم بيعوها ولو بضفير))" هذا الحديث متفق عليه، في الصحيحين ((إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحد، ولا يثرب عليها)) يعني لا يزيد على الحد ولا بالكلام، الحد رادع، ((ثم إن زنت فليجلدها الحد ولا يثرب عليها، ثم إن زنت...)) إلى آخره.
يقول ابن شهاب: "لا أدري أبعد الثالثة أو الرابعة؟" يعني قوله: ((ثم بيعوها ولو بضفير)) إذا تكرر منها الزنا صارت غير مرغوبة، ونزلت قيمتها، ولا يمكن أن تصل قيمتها إلى الضفير إلا بإخبار المشتري بالعيب، هي بيعت لعيب شرعي، وهو تكرر الزنا منها، وبهذا يستدل جمع من أهل العلم على أنه لا بد من بيان العيب، بيان العيب للمشتري بالنسبة للأمة، والخاطب بالنسبة للحرة، إذا وقع منها هذا مثلها لا بد أن يخبر الخاطب، وأن عدم إخباره غش له، ولا شك أن المسألة ينتابها أمران عظيمان:
إخبار الخاطب لا شك أنه يجعل هذه المرأة تجلس بدون زوج، إذ لا يقدم على الزواج بها إلا شخص متنازل عن أمر مهم، يهتم به أهل الصيانة والديانة، وعدم إخباره أمر عظيم أيضاً وهو غش له، وغش لولده من بعده، والنساء السر عندهن ضعيف، مهما كان السر عندها، وإن كان متعلقاً بها، ولو كان في...، يترتب عليه مصيرها يمكن أن تتحدث في يوم من الأيام وتفلت منها كلمة في وقت أنس تتكدر حياته، وتنقلب سعادته إلى شقاء؛ لأن الناس لا يطيقون مثل هذا.
وعلى كل حال جمع من أهل العلم يرون أنه لا بد من الإخبار اعتماداً على هذا الحديث؛ لأن الأمة مثل الزوجة موطوءة، وعرض الرجل في أمته مثل عرضه في زوجته، عرضه معلق بالموطوءة، سواءً كانت أو زوجة، وعلى هذا لا يمكن أن يصل الثمن إلى هذا الحد، الضفير الحبل المضفور، حتى يخبر عن العيب، ومنهم من يقول: إن قوله: ((ولو بضفير)) يعني أنك لا بد تتخلص منها بأي قيمة كانت، ولا يلزم من ذلك الإخبار؛ لأنه ينافي الستر، وعلى كل حال هم القولان محل الاجتهاد، وعلى كل من الأمرين يترتب أمر عظيم، والأسئلة تكثر من النساء عند الخطبة، إذا خطبت هل تخبر أو لا تخبر؟ وبعضهن راضية مطاوعة، وبعضهن مكرهة مغتصبة، وبعضهم مصرة، وبعضهن تائبة.
على كل حال التوبة لا بد منها، والإخبار أمر اجتهادي، والحديث دليل على أنه يخبر، وأيضاً السكوت غش -نسأل الله السلامة والعافية-، وغش عظيم بالنسبة للخاطب، وبعض الناس ولو نزل عن شرطها الذي تريده، أو نزل أبوها عن شرطه الذي يريده، لا شك أنه يتنازل عن بعض الأمور؛ لأمر يحتاجه أو يخطط له، أو ما أشبه ذلك.
امرأة تقول: إنها اغتصبت في صباها، ثم بعد ذلك يطرق الخطاب الباب وتردهم، خشية من هذا، ولا تستطيع أن تخبر، ولا تريد أن تغش، إلا أنه اتصل بها شخص ليس من أهل البلد، ويريد منها أن تكفله ليقيم في البلد وكذا، وشيء من هذا، وأخبرته فقبل، لكن أباها رفض، قال: ما أزوج واحد ما هو من البلد، وهو لا يدري الأب، ما يدري عن شيء، فمشكلة الإحراج من جميع الجهات، إحراج يعني الضرائب المترتبة على هذه الجريمة يعني أمور لا تطاق، يعني كم من إنسان أصيب ببلاء بمرض عضال بسبب مثل هذه التصرفات، فعلى الأولياء أن يحفظوا من تحت أيديهم من بنات ومن زوجات، ومن أولاد حتى الخادمات، هذه أمانة في عنقه، لا يجوز أن يفرط فيها، وكذلك على الشباب والشابات أن يتحصنوا، ولا يتورطوا في مثل هذه الأمور التي لا يمكن تصحيحها، فالأمر عظيم وخطير جداً، ولا شك أن بعض الناس إما أن يصاب بانهيار أو تتدهور صحته، أو يصاب بمرض عظيم عضال، وهذا حصل من بعض من حصل منهم بعض التفريط، ويتركون المجال لأولادهم وبناتهم يسرحون ويمرحون مع من يشاءون، هذا ما هو بصحيح، هذه أمانة في عنقك، نعم قد يقول القائل: إن إغلاق الأبواب الآن ليس بالممكن، وإذا كان الأب مشغول بعلمه، بوظيفته، بتعليمه، بعلمه، ثم بعد ذلك هل هو يستطيع أن يقفل الأبواب كلما خرج؟ لكن إذا شدد الرقابة، وعرف هؤلاء أن وراءهم من يتفقدهم أعين على ذلك، يعان على ذلك، الإشكال في الإهمال والتفريط.
وإذا حصل شيء بعد الاحتياط ذمته تبرأ، إذا عمل جميع الوسائل التي تقي أولاده وبناته من هذا الضرر هو تبرأ ذمته، والله المستعان.
طالب:......
يعني في نظر الناس والآثار المترتبة عليه وإلا بذاته؟
طالب:......
نظر الشارع، النصوص تدل على أن الربا أعظم، حرب لله ورسوله، هذا حرب لله ورسوله، وآكل الربا يبعث يوم القيامة مجنون، نسأل الله السلامة والعافية.
طالب:......
ويش فيهم؟
طالب:......
عذاب عظيم -نسأل الله السلامة والعافية، ويعذبون في...، كما جاء في حديث الرؤيا أنهم في تنانير -نسأل الله العافية-، يعذبون في النار، الأمر ليس بالسهل، لكن أيضاً ما جاء في الربا، وأن درهم الربا أشد من ثلاثين أو ست وثلاثين زنية، وقد يقال: إن هذا للتنفير؛ لأن الناس بصدد التساهل والتعامل في الربا، بينما الأعراض يحتاطون لها، لكن لا شك أن كلاهما خطير ومن الموبقات الذنوب نسأل الله العافية، من الكبائر.
طالب:......
محسن عند أهل العلم.
طالب:......
إي نعم محسن، إيه.
"قال ابن شهاب: لا أدري أبعد الثالثة أو الرابعة؟" لا يعني هذا أننا نرى تساهل الناس في الربا، وننظر إلى من تساهل في عرضه أنه أمره أخف أو أهون لا، لا شك أن الآثار العملية المترتبة على الزنا أعظم بكثير من الآثار المترتبة على الربا، لكن شأن الربا خطير في الإسلام، ((لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه)) وأيضاً: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} [(275) سورة البقرة] {فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ} [(279) سورة البقرة] أمور عظيمة، ليست بالسهلة، ومع ذلك جاء في الزنا حيث قرن بالشرك والقتل، {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ} [(68) سورة الفرقان] كلها من عظائم الأمور هذه، لكن لا شك أن الآثار المترتبة على الزنا أعظم، لذلك بعض الوعاظ قال كلمة ضحك منها الحاضرون وهي في الحقيقة لها دلالتها، هو قال -هو واعظ أقرب ما يكون إلى العامي- قال: يا الإخوان ترون الدخان أسهل من الربا، الدخان إذا انتهيت تمضمض وانتهى الإشكال، واستغفر وتب، والتوبة تهدم ما قبلها، ولا تعد إلى ذلك، لكن الربا الذي بنيت عليه جسدك، وبنيت منه بيتك، ونشأت عليه أولادك، هذا ويش يحله؟ فالأمور على حسب الآثار المترتبة عليها، ((وكل جسد نبت على سحت فالنار أولى به)) نسأل الله العافية، وشأن الزنا عظيم، ليس بالسهل يعني، لا يقال: والله نشوف الناس يتساهلون بالربا وهو أعظم من الزنا، إذا..... نتساهل لا لا أبداً.
طالب:......
والله كل معصية لها غريزة تدفعها، فقد يكون هذا غريزته بالمال، وهذا غريزته تدفعه إلى الشهوة والجنس، وما أشبه هذا، المقصود -نسأل الله السلامة والعافية-.
"قال ابن شهاب: لا أدري أبعد الثالثة أو الرابعة؟" يعني قال: ((ثم بيعوها ولو بضفير)).
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: والضفير الحبل" الضفير الحبل المضفور المجدول، والحبل إذا أدخل بعضه في بعض ثم صار كضفيرة المرأة، يجدل مثل ضفيرة المرأة ليستعمل.
ثم قال: "وحدثني مالك عن نافع أن عبداً كان يقوم على رقيق الخمس" السبايا "وأنه استكره جارية من ذلك الرقيق، فوقع بها، فجلده عمر بن الخطاب ونفاه" جلده عمر الحد نصف حد المحصن خمسين جلدة، ونفاه، وقلنا فيما تقدم: إن الرقيق لا ينفى؛ لأن الضرر يلحق سيده، ولا شك أن مثل هذا من عمر -رضي الله عنه- سياسة، كما نفى غيره من المعاصي التي دون الزنا، عمر -رضي الله عنه- ينفي تعزيراً؛ لئلا يفتتن أو يفتتن به "ونفاه ولم يجلد الوليدة؛ لأنها مستكرهة" والمستكره لا حد عليه، والاستكراه أثره معفو عنه، والمرأة يتصور منها الاستكراه على الزنا، يتصور من المرأة الإكراه على الزنا، لكن هل يتصور من الرجل أن يكره على الزنا؟ يتصور وإلا ما يتصور؟
طالب:......
المسألة خلافية بين أهل العلم، منهم من يقول: إنه لا يتصور؛ لأنه إذا أكره هو بالفعل مكره، لا ينتشر، الأمر بيده، ومنهم من يقول: لا، إذا رأى بارقة السيف وحصل له ما حصل وخشي على نفسه، قال: أنا مكره، واستصحب هذا الإكراه والإثم معفو عنه، يمكن.
على كل حال المكره لا شيء عليه، الله عفا عن أمتي.... وما استكرهوا عليه.
"حدثني مالك عن يحيى بن سعيد أن سليمان بن يسار أخبره أن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي قال: أمرني عمر بن الخطاب في فتية من قريش فجلدنا ولائد من ولائد الإمارة، خمسين خمسين في الزنا" الولائد جمع وليدة وهي الإماء، الوليدة الأمة، فجلدوها نصف ما على المحصنات، خمسين خمسين، وهذا نص القرآن.
"أمرني عمر بن الخطاب في فتية من قريش فجلدنا ولائد من ولائد الإمارة" لماذا لا يجلد النساء النساء، كما يقال: إنما يطب النساء النساء، يطب الرجال الرجال، لماذا عمر جعل الفتية يجلدون هؤلاء الإماء؟ نعم؟
طالب: الحسبة من عمل الرجال.
نعم؛ لأن الحسبة من عمل الرجال، التنفيذ والنيابة عن الإمام إنما هو من عمل الرجال، نعم؟
أحسن الله إليك.
باب: ما جاء في المغتصبة
قال مالك -رحمه الله-: الأمر عندنا في المرأة توجد حاملاً ولا زوج لها، فتقول: قد استكرهت، أو تقول: تزوجت، إن ذلك لا يقبل منها، وإنها يقام عليها الحد، إلا أن يكون لها على ما ادعت من النكاح بينة، أو على أنها استكرهت، أو جاءت تدمى إن كانت بكراً، أو استغاثت حتى أتيت....
أُتيت، أو استغاثت....
أحسن الله إليك.
أو استغاثت حتى أتيت وهي على ذلك الحال، أو ما أشبه هذا من الأمر الذي تبلغ فيه فضيحة نفسها، قال: فإن لم تأتِ بشيء من هذا أقيم عليها الحد، ولم يقبل منها ما ادعت من ذلك.
قال مالك -رحمه الله-: والمغتصبة لا تنكح حتى تستبرئ نفسها بثلاث حيض، قال: فإن ارتابت من حيضتها فلا تنكح حتى تستبرئ نفسها من تلك الريبة.
تَنكح أو تُنكح ما في إشكال.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في المغتصبة
يعني المستكرهة.
"قال مالك: الأمر عندنا" يعني في بلده وعلماء بلده، المدينة "في المرأة توجد حاملاً ولا زوج لها" تقدم في قول عمر: "أو كان الحبل أو الاعتراف" توجد حاملاً دليل على أنها زانية، إذا وجدت حاملاً ولا زوج لها، سواءً كانت مختارة أو مكرهة، أو موطوءة بشبهة، فتقول: قد استكرهت، أو تقول: تزوجت "إن ذلك لا يقبل منها" يعني الدعاوى المجردة لا تكفي في تعطيل الحدود، نعم إذا دل دليل على ذلك، وقامت قرينة تدل على صدقها لا يقام عليها الحد "إن ذلك لا يقبل منها، وإنها يقام عليها الحد، إلا أن يكون لها على ما ادعت من النكاح بينة" يؤتى بالشهود، إقامة البينة على أنها تزوجت، تقبل معها البينة بالشهود "أو على أنها استكرهت" تأتي ببينة على أنها استكرهت، أو تأتي بقرينة، يقولون: القرنية أنها إذا استغاثت، أو جاءت تشتكي لن تقدم على فضيحة نفسها، وهي طائعة مختارة، لن تقدم إلا إذا كانت بالفعل مكرهة؛ لأن الفضيحة لا شك أنها تكون بانتشار الخبر، وعلى هذا لو حصل إكراه مثلاً، وترتب على الإخبار فضيحة، وإذا سكتت ما علم عنها، سواءً كانت من الذكور أو من الإناث، بعض الناس يستروح إلى أنه إذا حصل ما حصل فالستر في هذا أولى، لا سيما إذا كان الفاعل المكره غير مقدور عليه؛ لأنه ما في فائدة، فعل وهرب، ولا يعرف من هو، ولا...، فمثل هذا هل يقال: إنها تشتكي، ترفع أمرها إلى الوالي، أو نقول: تستتر والأثر المترتب على ذلك يعني من الفضيحة أعظم؟ وتتوب إن كانت اقترفت شيئاً من ذلك، أما بالنسبة للمكرهة لا ذنب عليها؛ لأن الذنب عنها مرفوع، لكن مسألة الستر هل هو أفضل أو الفضيحة؟ تكشف وتشتكي وتطالب.
لا شك أن النظر من جهتين: مصلحة عامة، ومصلحة خاصة، يترتب على مثل هذا مصلحة عامة ومصلحة خاصة متعارضتان، إن اشتكت حتى لو أقيم الحد على المكره، هل يقاوم هذا الحد فضيحتها بين أهلها ومجتمعها؟ نعم؟ ما يقام ولو أقيم الحد عليه، لكن المصلحة العامة لا شك أنها في إقامة الحد على هذا المغتصب، يعني حصل بعض القضايا بحيث جعلت ولي الأمر مع جميع أسرته يتركون البلد بالكلية ينتقلون إلى بلد آخر؛ لأن الفضيحة والفعلة انتشرت ولو كانت مكرهة أو مغتصبة، فهل يقدم في مثل هذا المصلحة العامة أو الخاصة؟
يعني إذا قيل: إن هذا الولد أو هذه البنت اغتصبت ولا إثم عليها، ولا حيلة لها، ولا، والفاعل نفترض افتراضاً أنه معروف مثلاًً، هل يقال: يشتكى ومن أجل أن يردع ويردع غيره أو يترك من أجل الفضيحة للمصلحة الخاصة؟ نعم؟
طالب:......
كيف؟
طالب:......
افتراض أنه أقل الأحوال يعزر، أو يقرر فيعترف، لا سيما إذا كان مع الأمر إكراه واغتصاب؛ لأن هذا شأنه عظيم في الشرع، يعني إذا كانت مطاوعة هذه جريمة من الطرفين، لكن إذا ترتب على ذلك امرأة عفيفة تكره على الزنا، ويفجر بها -نسأل الله العافية- هذا الأمر خطير، نعم؟
طالب:......
إي والله إذا اقتضى نظر ولي الأمر ذلك يقتل، إيه، وقد حصل، حصل قضايا قتل، يعني اغتصاب يقتل به، في بلدنا ولي الأمر اقتضى نظره القتل فقتل.
طالب:......
ولا شك أن المصلحة العامة الحق العام مترتب بالمصلحة العامة، لكن إذا رأى ولي الأمر أن هذه يعني نفترض أنها رفعت الأمر وما تابعوا، ستراً على أنفسهم، يعني أعطوا المسئولين خبر، وتركوا الموضوع يسري بنفسه، وما تابعوه، على ولي الأمر أن يتابع في هذا، لا سيما إذا كان مع استكراه؛ لأن انتشار الجريمة كارثة، إذا عرف هذا أنه يترك ولا يطالب، مثل هذا يغريه فعله هذا على أن يتعدى شره، ويكرر جريمته، وإذا أوقف عند حده من أول الأمر، انقطع دابره، ودابر من يقتدي به.
طالب:......
لا هو افترض أنه بكر، غير محصن، فقتله على كل حال تعزير.
طالب:......
نقول: مثل هذا الأمر ينتابه أمران: الستر، وفيه مصلحة خاصة، والإشهار والرفع إلى ولي الأمر لردع هذا الجاني لا شك أنها مصلحة عامة، فهل نقدم هذه أو هذه؟ أو هذا يختلف باختلاف الأشخاص؟ نعم؟
طالب:......
لا شك أن الناس يقدرون مصالحهم، ويختلف أيضاً بمسألة القدرة عليه، ومعرفة الجاني وعدم معرفته، يعني هل يحسن أن يقال لامرأة اغتصبت ويقال لها: من الذي اغتصبك؟ وتقول: والله لا أدري واحد هرب ولا أعرفه، ولا أدري ويش اسمه؟ ولا...، نعم؟ هل يقال لها: ارفعي أمرك على ولي الأمر؟ نعم؟ مثل هذه إلى الله المشتكى، يعني لا دليل يدل عليه بحيث يؤخذ الحق منه، ويؤطر على الحق، أما إذا عرف واشتهر بالجرائم وكذا، لا يمكن أن يستر عليه، تغلب المصلحة العامة، ولا شك أن مثل هذه إذا حسنت نيتها بالقضاء على دابر الفساد وأهله أن هذه تُعان بقية حياتها، ولا يكون الأثر الذي تتوقعه.
"أو جاءت تدمى إن كانت بكراً، أو استغاثت حتى أتيت وهي على ذلك الحال، أو ما أشبه هذا" هذه قرائن تدل على صدقها "أو ما أشبه هذا من الأمر الذي تبلغ فيه فضيحة نفسها" لأنها لن تفضح نفسها وهي مطاوعة، قال: "فإن لم تأتِ بشيء من هذا أقيم عليها الحد، ولم يقبل منها ما ادعت من ذلك" لأن الدعاوى المجردة لا يلتفت إليها.
"قال مالك: والمغتصبة لا تنكح حتى تستبرئ نفسها بثلاث حيض" قال: "فإن ارتابت من حيضتها فلا تنكح حتى تستبرئ نفسها من تلك الريبة" يعني تتأكد حتى تحيض ثلاث مرات.
يقول الموفق -رحمه الله- في المقنع: عدة الموطوءة بشبهة عدة المطلقة، كذلك عدة المزني بها، يعني عدة المطلقة تكون إيش؟ ثلاث حيض، ويقول: عدة الموطوءة بشبهة عدة المطلقة، وكذلك عدة المزني بها، وعنه أنها تستبرأ بحيضة، وعنه أنها تستبرأ بحيضة، في الحاشية حاشية المقنع للشيخ سليمان بن عبد الله قوله: وعدة الموطوءة بشبهة، يعني ثلاث حيض كالمطلقة، هذا المذهب، وهو من مفرداته، قاله في الإنصاف، وكذلك الموطوءة في نكاح فاسد.
واختار الشيخ تقي الدين أن كل واحدة منهما تستبرأ بحيضة؛ لأن هذا ليس بطلاق، وإنما هو للعلم ببراءة الرحم، استبراء.
قوله: وكذلك عدة المزني بها، وهذا المذهب وبه قال الحسن والنخعي، وهو من مفردات المذهب، وعنه تستبرأ بحيضة أيضاً، وهو قول مالك، واختاره الحلواني، والشيخ تقي الدين؛ لأن المقصود بها براءة الرحم.
قال: وعدة المطلقة ثلاث حيض المقصود بها أن يعلم براءة الرحم بحيضة، لكن التكرار ثلاث مرات إنما هو لتطويل المدة من أجل الرجعة، لكن أورد على هذا في البائن، طلاق البائن المطلقة ثلاثاً، يقول: يكفي حيضة واحدة؟ لا؛ لأنها مطلقة والنص يتناولها.
على كل حال الاستبراء هو الأصل، أنها ليست بمطلقة، والمقصود من ذلك معرفة براءة الرحم، وأنها ليست بحامل، وعلى هذا يظهر قوة قول من يقول: إن الحامل لا تحيض، إذ لو كانت الحامل تحيض لما كان الحيض دليلاً على براءة رحمها، لو كانت تحيض ما كان الحيض دليل على براءة رحمها.
طالب:......
من إيش؟
طالب:......
لا ما يكفي لا بد من الاستبراء، نعم.
أحسن الله إليك.
باب: الحد في القذف والنفي والتعريض
حدثني مالك عن أبي الزناد أنه قال: جلد عمر بن عبد العزيز عبداً في فرية ثمانين، قال أبو الزناد: فسألت عبد الله بن عامر بن ربيعة عن ذلك فقال: أدركت عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان والخلفاء كلهم جرا.
هلم جراً.
أحسن الله إليك.
أدركت عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان والخلفاء هلم جراً، فما رأيت أحداً جلد عبداً في فرية أكثر من أربعين.
حدثني مالك عن زريق بن حكيم الأيلي أن رجلاً يقال له: مصباح استعان ابناً له فكأنه استبطأه، فلما جاءه قال له: يا زان، قال زريق: فاستعداني عليه، فلما أردت أن أجلده، قال ابنه: والله لئن جلدته لأبوءن على نفسي بالزنا، فلما قال ذلك أشكل علي أمره، فكتبت فيه إلى عمر بن عبد العزيز وهو الوالي يومئذٍ، أذكر له ذلك، فكتب إلى عمر أن أجزه عفوه.
أن أجز عفوه.
أحسن الله إليك.
فكتب إلى عمر أن أجز عفوه، قال زريق: وكتبت إلى عمر بن عبد العزيز أيضاً: أرأيت رجلاً افترى...
افتري، افتري.
أحسن الله إليك.
أرأيت رجلاً افتري عليه أو على أبويه وقد هلكا أو أحدهما، قال: فكتب إلي عمر إن عفا فأجز عفوه في نفسه، وإن افتري على أبويه وقد هلكا أو أحدهما فخذ له بكتاب الله، إلا أن يريد ستراً.
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: وذلك أن يكون الرجل المفترى عليه يخاف إن كشف ذلك منه أن تقوم عليه بينة، فإذا كان على ما وصفت فعفا جاز عفوه.
حدثني مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال في رجل قذف قوماً جماعة: إنه ليس عليه إلا حد واحد.
قال مالك -رحمه الله-: وإن تفرقوا فليس عليه إلا حد واحد.
حدثني مالك عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن بن حارثة بن النعمان الأنصاري ثم من بني النجار عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن أن رجلين استبا في زمان عمر بن الخطاب، فقال أحدهما للآخر: والله ما أبي بزان، ولا أمي بزانية، فاستشار في ذلك عمر بن الخطاب فقال قائل: مدح أباه وأمه، وقال الآخرون: قد كان لأبيه وأمه مدح غير هذا، نرى أن تجلده الحد، فجلده عمر الحد ثمانين.
قال مالك -رحمه الله-: لا حد عندنا إلا في نفي أو قذف أو تعريض، يرى أن قائله إنما أراد بذلك نفياً أو قذفاً، فعلى من قال ذلك الحد تاماً.
قال مالك -رحمه الله-: الأمر عندنا إذا نفى رجل رجلاً...
أنه، أنه.
أحسن الله إليك.
قال مالك -رحمه الله-: الأمر عندنا أنه إذا نفى رجل رجلاً من أبيه فإن عليه الحد، وإن كانت أم الذي نفي مملوكة فإن عليه الحد.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: الحد في القذف
القذف بالزنا الصريح.
والنفي والتعريض
النفي أن يكون فلان ابناً فلان، والتعريض غير التصريح من الكنايات ونحوها، أو الكلام الذي لازمه وقوع الفاحشة.
قال: "حدثني مالك عن أبي الزناد أنه قال: جلد عمر بن عبد العزيز عبداً في فرية ثمانين" فحد القذف ثمانين {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [(4) سورة النــور] لكن هل ينصف على العبد أو لا ينصف كالزنا؟
عمر بن عبد العزيز جلد عبداً في فرية ثمانين فلم ينصف، ولعله جلده الأربعين والأربعين الأخرى تعزير كما قيل في الخمرِ.
"قال أبو الزناد: فسألت عبد الله بن عامر بن ربيعة عن ذلك فقال: أدركت عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان والخلفاء هلم جراً" ابن الأنباري في الزاهر ذكر أصل هذه الكلمة، وهو أن الإبل المحملة يجر بعضها بعضاً، ويسوق بعضها بعضاً؛ لكونها متتابعة، يعني تتابع الخلفاء على هذا الأمر.
"فما رأيت أحداً جلد عبداً في فرية أكثر من أربعين" لأن هذا تنصيف، وهو مقتضى {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [(25) سورة النساء] فهل يقاس الحدود بعضها على بعض؟ وأبو ثور يقول: لو سبقني أحد إلى رجم العبد إذا زنا لقلت به؛ لأن النص في الأمة، {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [(25) سورة النساء] وإلحاق الذكر بالأنثى إنما هو من باب القياس لعدم الفارق عند الجمهور، وهنا يقول: فما رأيت أحداً جلد عبداً في فرية في قذف أكثر من أربعين.
وهذا هو مقتضى التنصيف، نعم.
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"حدثني مالك عن زريق بن حكيم الأيلي أن رجلاً يقال له: مصباح استعان ابناً له" يعني أرسله في أمر يعينه بإحضاره، أو ما أشبه ذلك، فكأنه استبطأه، أو طلبه ليعينه على أمر بين يديه "فكأنه استبطأه، فلما جاءه قال له: يا زان، قال زريق: فاستعداني عليه" الولد استعدى زريقاً على أبيه، فلما أردت أن أجلده ليقيم عليه الحد، زريق هذا ويش موقعه؟ إيش قال عنه؟ نعم؟
طالب:......
كيف؟
طالب:......
ما ذكر شيء، الشرح.
"فلما أردت أن أجلده، قال ابنه: والله لئن جلدته لأبوءن على نفسي بالزنا" يعني لأعترف بالزنا، ثم بعد ذلك تجلد لأنك جلدته وتعديت عليه، قال: "فلما قال ذلك أشكل علي أمره" لأنه سمع، قامت الحجة على من لزمه الحد وهو الأب، هذه شهادة لا بد من أدائها، لكن حد القذف يملكه المقذوف، حق للمقذوف إن طالب به بالبينة أقيم، وإلا فالأمر لا يعدوه.
قال: "فلما قال ذلك أشكل علي أمره، فكتبت فيه إلى عمر بن عبد العزيز وهو الوالي يومئذ" هل هو الوالي على المدينة أو الوالي العام؟ كان والياً على المدينة قبل أن يتولى الخلافة "فكتبت فيه إلى عمر بن عبد العزيز وهو الوالي يومئذ أذكر له ذلك، فكتب إلي عمر أن أجز عفوه" لأن الحق له لا يعدوه، لا سيما وأن القاذف الأب، فإقامة الحد على الأب من أجل الابن لا شك أن فيه نوع عقوق إذا طالب الابن، وهو حق شرعي على كل حال، لكن الأمر لا يعدو المقذوف لأنه له.
ينتابه أمران، لكن إذا رفع الحد، إذا رفع الأمر إلى ولي الأمر وبلغ السلطان، وإن كان حقاً للمخلوق يجوز يتنازل وإلا ما يجوز؟
طالب:......
لكن الأصل أن الحد هو للمقذوف، وفيه حق لله -جل وعلا- الذي شرع هذا الحد، فإذا وصل الحد للسلطان فإنه لا يجوز له العفو، وهذا داخل في عموم: ((أتشفع في حد من حدود الله؟)) وهذا حد، لكن هنا ما رفع إلى السلطان، إنما رفع على أساس أنه فتوى، نعم؟
طالب:......
يعني إذا تنازل المسروق منه، والحق لا يعدوه، ممكن؟ ما يمكن، هلا قبل أن تأتيني في رداء صفوان، صفوان سرق رداءه في المسجد تحت رأسه، فلما اتجه إقامة الحد بقطع يد السارق قال: لا، عفوت عنه، قال: ((هلا كان قبل أن تأتي)).
طالب:......
ويش هو؟
طالب:......
إيه هذا قصاص، هذا حق محض.
طالب:......
إلا.
طالب: ثم تراجع.
ثم تراجع قبل أن يصل إلى السلطان.
"قال زريق: وكتبت إلى عمر بن عبد العزيز أيضاً: أرأيت رجلاً افتري عليه، أو على أبويه، وقد هلكا أو أحدهما" يعني قذف الميت هل يأخذ حكم قذف الحي؟ يعني قذف الميت، يعني إذا قال لشخص حي: يا زان، خلاص يجلد الحد، إذا قال: يا ابن الزاني.
قال: "أرأيت رجلاً افتري عليه، أو على أبويه، وقد هلكا أو أحدهما، قال: فكتب إلي عمر إن عفا فأجز عفوه في نفسه، وإن افتري على أبويه وقد هلكا أو أحدهما فخذ له بكتاب الله، إلا أن يريد ستراً" يعني يريد يتنازل؛ لأن العار اللاحق بالقذف إنما يلحق الحي، الآن قذف شخص بعينه، إذا قال: زيد بن فلان بن فلان زاني، أو قذف أهل بلد، أيهما أشد التخصيص وإلا التعميم؟
طالب:......
والله الظاهر ما في نتيجة، واحد يقول: التخصيص، وواحد يقول: التعميم.
أيهما أشد؟ لو قال: أهل البلد الفلاني زناة؟
طالب:......
نعم؟
طالب:......
لا، وعموماً إذا جاء النص العام هو أضعف من الخاص، لما يقال: أهل البلد الفلاني زناة، يعني ما يتجه إلى كل واحد بعينه، وإذا قيل: فلان زان لا شك أن الاتهام بالقذف متجه إلى شخصه، نعم هذا واحد في مقابل جماعة أيضاً من هذه الحيثية يكون القذف الجماعي أشد، ويمكن أن يرجع في تأصيل هذه المسألة إلى الفرق أيهما أشد إمراً أو نكراً؟ إمراً أشد من نكراً؟ الآن قتل شخص محقق قيل فيه: نكراً، وتعريض جمع من الناس للهلاك قيل فيه: إمراً، هذا شخص واحد وهؤلاء جماعة عرضوا للهلاك، لكن ما هلكوا، أيهما أشد؟ احتمال أنهم يهلكون، فيكون أعظم من قتل واحد، واحتمال أن ينجوا فيكون قتل الواحد أشد من تعريضهم للهلاك، ولذا يختلف أهل العلم أيهما أشد قوله: نكراً أو إمراً؟ فإذا كان إمراً أعظم من نكراً قلنا: إن الضرر المظنون لحوقه بالجماعة أشد من الأمر المتحقق وقوعه بالواحد، وإذا قلنا بالعكس قلنا: العكس.
ويمكن أن يخرج على هذا من المسائل الشيء الكثير، أحياناً الإنسان يدرأ مفسدة عظمى لكنها مظنونة بمفسدة أقل منها لكنها متحققة، يدرأ المفسدة العظمى لكن يمكن ما تصير، وقوعها مظنون وليس بمتحقق، بمفسدة محققة الوقوع لكنها دونها، يمكن أن تخرج على هذا، فهل ندفع المظنون بالمتحقق وإن كان أعظم منه، أو نقول: علينا بالمحقق؟ قتل واحد خلاص نكراً، وأولئك عرضوا للقتل لكن ما مات منهم أحد، وأيضاً ندرأ المفسدة المحققة وإن ترتب على درأها تعريض لمفسدة أعظم منها، لكنه مظنون، يمكن يقع أو لا يقع، ويخرج عليه قذف الواحد وقذف الجماعة بلفظ واحد؛ لأن اللفظ العام لا يفيد قطع، لكن إذا قال: فلان زنا، هل يحتمل؟ ما في احتمال، وإذا قال: أهل البلد الفلاني زنوا هذا تعميم والتعميم ضعيف، ما هو مثل التخصيص، نعم؟
طالب:......
فيه قوة من وجه، وضعف من وجه نعم، يعني نظير ذلك تعارض المفهوم الخاص مع المنطوق العام، هذا له وجه قوة ووجه ضعف، وهذا أيضاً كذلك.
طالب:......
عاد هذا يخفف قليلاً؛ لأن الله وصفهم بأنهم يقولون ما لا يفعلون.
طالب:......
إيه، عاد مسألة الثبوت والاستمرار عاد هذه أمور خارجة عن أصل المسألة، وإلا لقلنا: إن القذف المكتوب أعظم من القذف المنطوق؛ لأن هذا كلام يطير به الهواء، وهذا مكتوب مسجل مسطر، لا، هذه أمور هذه عوارض هذه ليست من أصل المسألة، هذه عوارض.
طالب:......
يهجو قبيلة نعم؛ لأنهم كلهم عرضهم للكلام، كلهم تكلم فيهم، نعم؟
طالب:......
على كل حال قذف الجماعة أمره عظيم، ولذلك تركيب النكت على البلدان هذا ليس بالسهل، يعني تعريض لمجموعة من الناس قد يكون فيهم من أذكياء العالم، وتتهمهم...، يعني ركب على بعض الجهات أشياء غير مقبولة أصلاً، وفاعلها ينبغي أن يعزر، والله المستعان.
نأتي إلى مسألتنا:
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: وذلك أن يكون الرجل المفترى عليه يخاف إن كشف ذلك منه أن تقوم عليه بينة" لو قال: يا زاني، قال: خلاص أنا أرفع أمرك، أنت قذفت، قال: ارفع، أنا عندي شهود على ما أقول، يقول: "وذلك أن يكون الرجل المفترى عليه يخاف إن كشف ذلك منه أن تقوم عليه بينة، فإن كان على ما وصفت فعفا جاز عفوه" يعني بدلاً من أن يكون قذف يكون إيش؟ زنا محقق بالبينة.
"حدثني مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال في رجل قذف قوماً جماعة: إنه ليس عليه إلا حد واحد.
قال مالك: وإن تفرقوا فليس عليه إلا حد واحد" يعني ما دام قذفهم بلفظ واحد يكفي حد واحد، لكن لو قال: فلان زاني، وفلان زاني، وفلان زاني، وعدد الجماعة، يكفي حد واحد؟ نعم؟ أو نقول: حدود تتداخل؟
طالب:......
نعم هذه حقوق المخلوقين مبنية على المشاحة، وكل واحد له حقه إن طالب به حد عنه.
"حدثني مالك عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن بن حارثة بن النعمان الأنصاري ثم من بني النجار عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن أن رجلين استبا في زمن عمر بن الخطاب، فقال أحدهما للآخر: والله ما أبي بزان" نعم؟
طالب:......
"قال مالك: وإن تفرقوا فليس عليه إلا حد واحد" ذكرنا هذه.
"رجلين استبا في زمن عمر بن الخطاب، فقال أحدهما للآخر: والله ما أبي بزان، ولا أمي بزانية، فاستشار في ذلك عمر بن الخطاب فقال قائل: مدح أباه وأمه" مدحهما بالعفة "وقال آخرون: قد كان لأبيه وأمه مدح غير هذا" يعني المدح بمثل هذا الأسلوب لا شك أنه ذم بما يشبه المدح، يعني هل يكفي أن يقول الشخص في حق أبيه: إنه ليس بزان؟ نعم؟ لأنه كأنه ينفي ما اتهم به، وهو ما حصل اتهام، يعني إذا مدحت الكبير بمدح دونه بكثير هذا قدح، يعني إذا قيل: السيف أمضى من العصا، ينقص قدره، وإذا قيل: فلان العالم الفلاني يحفظ الفاتحة، من مناقبه أنه يحفظ الفاتحة، يعني من الطرائف ترجم لشخص يعلم الناس الخير التفسير وكتب السنة والعقائد منذ ستين سنة يعلمهم، ترجم له في كراسة فذكر من أول مناقبه أنه مأذون أنكحة، ومن مناقبه أيضاً أنه يبدأ بخطبة الحاجة، يعني ما هو بافتراض هذا حقيقة واقع، ومن مناقبه قول فلان، يعني من صغار الطلاب، يعني بدون مبالغة طالب ما أظنه جامعي، لكن أقل، إن فلاناً قال فيه: إنه بقية السلف، هذه كلها تحط من قيمة الرجل، يعني هذه ترجمة اطلعت عليها، بمثل هذا يترجم لهذا الرجل، هذا مدح وإلا ذم؟ هذا ذم، يعني إذا ما وجد فيه إلا هذا الأمر معناه خلو من المناقب، ما عنده شيء، فمثل هذا الكلام لا شك أنه يزري بالممدوح.
الحين أبوه مات وقد يكون من خيار الناس يقول في مجلس: إن أبوه ليس بزاني، يعني اللي ما انتبه ينتبه، أمور تجعل في النفس أحاسيس ومشاعر تجاه هذا الأب، يمكن يريد أن ينفي تهمة حاصلة، ومن باب: كاد المريب أن يقول: خذوني، فلا شك أن هذا قدح وليس بمدح، نعم؟
طالب: يعني كأن يقول عن نفسه: أبي وأمي ليسا بزانيين كأنه يقول: أبوك أنت....
لا، هو إذا فهم هذا له حكمه، لكن الآن اللي عنده اللي حاضرين اختلفوا.
طالب: استخدام التعريض أثناء النزاع.... يعني التعريض؟
التعريض إذا قصد بذلك الحط من خصمه، وفهم الحاضرون هذا الأمر، ودلت القرائن على أنه يقصد صاحبه، لا شك أن مثل هذا له حكمه، لكن الحاضرين قال قائل: مدح أباه وأمه، وقال آخرون: قد كان لأبيه وأمه مدح غير هذا، يعني مثلما قلنا في حق هذا العالم، يعني ما عنده إلا إنه مأذون ينكح، يا أخي كونه يعلم الناس خمسين سنة هذا منقبة عظيمة هذا، تكفيه عن كونه مأذون.
"قد كان لأبيه وأمه مدح غير هذا، نرى أن تجلده الحد، فجلده عمر الحد ثمانين" يعني هذا تصريح وإلا تعريض؟ تعريض وليس بتصريح "فجلده عمر الحد ثمانين" لماذا جلده ثمانين؟ لعظم حق الوالد.
"قال مالك: لا حد عندنا إلا في نفي" يقول: لا أبداً لست بولد لفلان، يعني من لازمه أنه ولد زنا "إلا في نفي أن قذف" يعني صريح "أو تعريض، يرى أن قائله إنما أراد بذلك نفياً أو قذفاً، فعلى من قال ذلك الحد تاماً" يعني التعريض إذا أفهم السامع ما يفهمه اللفظ الصريح فالحد فيه تام، وإذا لم يكن مفهماً مثل ما يفهم القذف الصريح فإنه لا يكون تاماً.
"قال مالك: الأمر عندنا أنه إذا نفى رجل رجلاً من أبيه فإن عليه الحد" يعني إذا استفاض بين الناس أن فلان ابن فلان، والاستفاضة كافية في مثل هذا "إذا نفى رجل رجلاً من أبيه فإن عليه الحد، وإن كانت أم الذي نفي مملوكة فإن عليه الحد" يعني لا أثر للأم سواءً كانت حرة أو مملوكة، نعم؟
طالب: هناك ولد لفلان....
يعني مثلما يقول الأب في بعض الحالات أنت ما أنت بولد لي، أنا ما أنا أب لك، لا يريد بذلك النفي، وإنما يريد أن يستثير العاطفة عنده.
طالب: لكن لو قيل في مجلس..... هل يقام الحد عليها وإلا....؟
وين؟
طالب: قد يفهم منها.....
على كل حال إذا وجد من يفهم يعاقب عليها، إذا لم يوجد فالأمر لا يعدو صاحبه، قد يفهم الذي قيل في حقه مثل هذا أنها سب له، وقد يفهم أنها مدح لأبيه من غير تعرض لسبه هو.
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك....
"