شرح الموطأ - كتاب العقول (3)
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا وللسامعين يا حي يا قيوم.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:
باب: عقل الجراح في الخطأ
حدثني مالك أن الأمر المجتمع عليه عندهم في الخطأ أنه لا يعقل حتى يبرأ المجروح ويصح، وأنه إن كسر عظم من الإنسان يد أو رجل أو غير ذلك من الجسد خطأ فبرأ وصح وعاد لهيئته فليس فيه عقل، فإن نقص أو كان فيه عثل ففيه من عقله بحساب ما نقص منه.
قال مالك -رحمه الله-: فإن كان ذلك العظم مما جاء فيه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- عقل مسمى فبحساب ما فرض فيه النبي -صلى الله عليه وسلم-، وما كان مما لم يأتِ فيه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- عقل مسمى، ولم تمض فيه سنة، ولا عقل مسمى فإنه يجتهد فيه.
قال مالك -رحمه الله-: وليس في الجراح في الجسد إذا كانت خطأ عقل إذا برأ الجرح وعاد لهيئته، فإن كان في شيء من ذلك عثل أو شين فإنه يجتهد فيه إلا الجائفة فإن فها ثلث دية النفس.
قال مالك -رحمه الله-: وليس في منقلة الجسد عقل، وهي مثل موضحة الجسد.
قال مالك -رحمه الله-: الأمر المجتمع عليه عندنا أن الطبيب إذا ختن فقطع الحشفة إن عليه العقل، وأن ذلك من الخطأ الذي تحمله العاقلة، وأن كل ما أخطأ به الطبيب أو تعدى إذا لم يتعمد ذلك ففيه العقل.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: عقل الجراح في الخطأ
يعني دية الجراح في الخطأ غير العمد، قال -رحمه الله-: حدثني مالك إن الأمر المجتمع عليه عندهم في الخطأ أنه لا يعقل حتى يبرأ المجروح ويصح" لماذا؟ لأن السراية لها حكم الأصل، فيخشى أن يزيد ويسري ويتجاوز الموضع إلى غيره، فلا يتقرر العقل إلا بعد أن يثبت الأمر، إما أن يبرأ، أو يأتي على شيء آخر، وقد يأتي على النفس بكاملها، فإذا جرح جرحاً مؤثراً ينتظر فيه حتى يبرأ، وقد يأتي على بقية النفس، فيموت منها، من هذا الجرح إذا كان مما يموت منه، فتلزم الدية حينئذٍ، وقد يبرأ فلا يثبت فيه ما قرر له، وإنما ينتظر فيه حتى يبرأ المجروح ويصح، وإذا برئ المجروح وصح، ماذا يكون فيه؟ "أن الأمر المجتمع عليه عندهم في الخطأ أنه لا يعقل حتى يبرأ المجروح ويصح" ينتظر فيه حتى يبرأ خشية أن يسري ويتعدى مكانه، فإذا قرر فيه ما يقرر من عقل قرر في هذه الجراحة، أو في هذا الكسر عشر من الإبل، مثل عُشر الدية، ثم بعد ذلك سرى وتعدى موضعه، ويكون المعتدى عليه، قد استلم وقبض العقل فكيف في حالة ما إذا زاد الجرح؟ هل يطلب من الجاني زيادة على ما دفع أو لا؟ المسألة الأصل أن ينتظر، فإذا أُنتظر فيه، وأمنت السراية، وبرء المجروح وصح حينئذٍ يقدر بقدره.
"وأنه إن كسر عظم من الإنسان يد أو رجل أو غير ذلك من الجسد خطأ فبرأ وصح وعاد لهيئته فليس فيه عقل" معروف اليد نصف الدية، الرِجل نصف الدية، وهكذا، لكن متى؟ إذا تلفت وعطبـت وذهبت منفعتها، لكنها إذا برئت وصحت وعادت لهيئتها من غير نقص فإنه حينئذٍ ليس فيها عقل، وهل يبرأ المعتدي من كل وجه؟ لا يبرأ، وإنما يلزمه ما يلزمه مما تسبب فيه من تعطيل لهذا المجروح، أو هذا المكسور، من عمله وكسبه لنفسه ولأولاده، وما تسبب فيه من ألمه، كل هذا يقدر فيه حكومة، ولا يقدر فيه القدر المقرر لليد أو الرجل، أو ما أشبه ذلك، لو أن شخصاً اعتدى على شخص في عينه، وذهب بصرها، الأصل أن عليه نصف الدية، لكن لو عالج، وعاد إليه البصر، هل يعفيه من عقل العين أو لا يعفيه؟ صح وبرئ، يقول: ومن برئ وصح وعاد لهيئته فليس فيه عقل، أو نقول: يلزمه تكاليف العلاج، وما تسبب له بالنسبة لهذا المعتدى عليه من تعطيل من كسب، وما آثره ذلك من ألم، كل هذا يقدر بقدره ويدفع إليه؟ لأن الإمام هنا يقول: "فبرأ وصح وعاد لهيئته فليس فيها عقل" ليس فيه الدية، لو اعتدى على شخص وأذهب بصره بالكلية تلزم فيه الدية كاملة، هذا الأصل، لكن إن عاد وبرئ وصح وعاد لهيئته فإنه حينئذٍ ليس فيه عقل، وإنما يكون فيه حكومة، تقدر بقدرها مما تسبب فيه، والأضرار الناتجة عن هذا الاعتداء لا شك أنه يضمنها.
طالب:.......
نعم لو أنه عالج البصر بما هو أكثر من قيمة دية الإنسان، سوى عملية في عينه، أو أكثر من عملية، أو زرع شبكية وقرنية وما أدري إيش؟ وقال له: مائتين ألف، بدل ما هي بمائة وعشرين صارت بمائتين، هل يلزم الجاني بمائتين أو لا يلزم إلا الدية؟ لا يلزم إلا بالدية، نعم؟
طالب:.......
من المتسبب؟ الجاني هو المباشر ما هو المتسبب، هو الجاني المباشر، ما نقول: متسبب، مباشر للاعتداء، لكن أكثر ما يكون عليه الدية، افترض أنه عالج في جميع أنحاء العالم وما أبصر، وش يلزم الجاني؟ يلزمه الدية، لا يلزمه أكثر من الدية، ولا هي المسألة مسألة مقايضة أو مسألة بيع وشراء؛ لأن الإنسان لو قيل له: أصبعك بمليون؟ قال: لا، نعم؟
طالب:........
الإنسان ما يطيع وهو في عشر الدية كما تقدم، لكن المسألة مسألة شرع، نعم؟
طالب: لو ذهب جمالها وبقي بصرها حكومة؟
إيه تقدر بقدرها.
"فإن نقص أو كان فيه عثل ففيه من عقله بحساب ما نقص منه" فإن نقص أو كان فيه عثل، يعني أثر، تشويه "ففيه من عقله بحساب ما نقص منه" مثل هذا يقدر بقدره.
"قال مالك: فإن كان ذلك العظم مما جاء فيه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- عقل مسمى فبحساب ما فرض فيه النبي -عليه الصلاة والسلام-" يعني يوقف عند النص، بمعنى أنه لا يزاد عليه، ولا ينقص منه، "وما كان مما لم يأت فيه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- عقل مسمى، ولم تمض فيه سنة ولا عقل مسمى فإنه يجتهد فيه" يعني ما وجدنا فيه نص من كتاب ولا سنة، ولا حكم به الخلفاء الراشدون، ولا حكم به أحد ممن يعتد بقوله فإنه حينئذٍ يجتهد فيه.
"قال مالك: وليس في الجراح في الجسد إذا كانت خطأ عقل، إذا برئ الجرح وعاد لهيئته" إذا برئ الجرح عاد لهيئة، هل نقول للجاني: اذهب لا شيء عليك؟ لا، ليس فيه العقل المقرر لمثل هذا الجرح، فإنما عليه بحسابه "فإن كان في شيء من ذلك عثل أو شين -تشويه- فإنه يجتهد فيه إلا الجائفة فإن فيها ثلث دية النفس" على ما تقدم.
"قال مالك: وليس في منقلة الجسد عقل" منقلة الرأس فيها عقل وإلا ما فيها؟ التي تنتقل فيها العظام عن أماكنها، يعني هل هي أشد من الموضحة أو أقل؟ ننظر في حديث عمرو بن حزم، نعم؟
في الجائفة مثلها، في المأمومة ثلث الدية، في الموضحة خمس، نعم، وفي المنقلة؟ ما تقدم الكلام فيها؟ التي تنتقل فيها العظام عن أماكنها، نعم؟
طالب:.......
ما تقدمت، تقدمت الجائفة والمأمومة والموضحة، كلها تقدمت، لكن المنقلة أعظم من الموضحة، فإن فيها ما يزيد عليها.
يقول -رحمه الله-: "قال مالك: وليس في منقلة الجسد عقل، وهي مثل موضحة الجسد" وإن كانت أشد منها، يعني فرق بين الموضحة التي توضح العظم فقط، ولا تكسره، ولا تهشمه، ولا تنقل شيء من عظامه، والمنقلة التي تنقل بعض العظام عن أماكنها، بمعنى أنها تكسر شيء من العظام فتنتقل عن أماكنها، ولا شك أنها أشد من مجرد الموضحة.
"قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا أن الطبيب إذا ختن فقطع الحشفة أن عليه العقل، وأن ذلك من الخطأ الذي تحمله العاقلة، وأن كل ما أخطأ به الطبيب أو تعدى إذا لم يتعمد ذلك ففيه العقل" والمقصود بذلك الطبيب المشهود له بالخبرة، ما هو بالمتطبب الذي يتعلم في أبدان الناس، لا، هذا خطأه عمد، نسأل الله العافية، لكن الطبيب المشهود له بالخبرة إذا أخطأ فإنه حينئذٍ عليه العقل، لكن ما يقاد به، والعقل على عاقلته، تحمله العاقلة، طيب إذا اجتهد الطبيب وقرر عملية فمات منها؟ نعم؟ على كلام الإمام -رحمه الله- يقول: "الأمر المجتمع عليه عندنا أن الطبيب إذا ختن فقطع الحشفة أن عليه العقل، وأن ذلك من الخطأ الذي تحمله العاقلة، وأن كل ما أخطأ به الطبيب أو تعدى إذا لم يتعمد ذلك ففيه العقل" وقل مثل هذا في خطأ القاضي مثلاً، أخطأ في حكمه فقتل بسبب الحكم شخص لا يستحق القتل، نقول: هل الدية في هذه المسألة على العاقلة أو على بيت المال؟
طالب: بيت المال، القاضي؟
أما بالنسبة للقاضي فلا شك أنه في بيت المال؛ لأنه مولى من قبل ولي الأمر، أما الطبيب فالدية على عاقلته لأنه متسبب.
طالب: هل اليوم يا شيخ نقول: وزارة الصحة تتكفل به؛ لأنها هي التي أذنت له، ورخصت له، وزكته، هي التي تكفله، مثل الآن ما يسمونها الهيئة الطبية العليا، وهي التي تدفع ديته؟
أما إذا كان معروف بالخبرة، وأجرى عمليات كثيرة ونجحت، وأخفق في هذه العملية، لا شك أن مثل هذا بالنسبة للمريض هذا أجله، وهل يكفي في مثل هذا أن يكتب اعتراف وإقرار أن الطبيب برئ من ذلك ويؤخذ توقيع المريض أو توقيع ولي أمره؟ هم يفعلون هذا الآن، يفعلون هذا، وهل يملك التنازل عن ديته أو لا يملك؟ على كل حال كل هذه من المسائل المختلف فيها، ومر شيء منها، يعني هل الدية مما يملكها المعتدى عليها أو هي حق الورثة باعتبار أنها ما ثبتت إلا بالموت؟ وذكرنا في الدرس الماضي علاقة الدية بالوصية، فعلى كل حال مثل هذا خطأ الطبيب على ما قرره الإمام تحمله العاقلة، أما إذا كان قد بين للمريض أن احتمال نجاح العملية كذا، وأقدم عليها بطوعه واختياره، وهو حر مكلف رشيد فلا شيء على الطبيب، وهناك ممن يزعم الطب وليس بطبيب، والهيئة التي أشار إليها الشيخ يكتشفون من الشهادات المزورة الشيء الكثير، لكن مثل هؤلاء ينبغي أن يزاد في عقوبتهم، لا يكتفى بالعقوبات القائمة أنه يلغى عقده، أو يسفر إلى بلده، ما يكفي شيء من هذا، بل لا بد من أن ينكل به؛ ليكون عبرة لمن خلفه، يشرد به من خلفه؛ لئلا يدعي أحد مثل ما أدعى؛ لأنه يعرض أبدان الناس إلى الخطر، نعم؟
طالب:......
لا لا هو ما يجوز له أن يقدم على هذا ما لم يغلب على الظن السلامة، لا يجوز له أن يقدم، نعم؟
طالب:......
يرى أنه لا يعقل حتى يبرأ، فإذا برئ شاف.
طالب: الحديث؟
وين؟
طالب: الرجل الذي....
فمات؟
آتي به، أحضره، نعم.
إذا كان المريض في طوعه واختياره، وتمام عقله ورشده، وأقدم على العملية بعد أن يقول الطبيب: إن السلامة غلبة ظن، أما إذا كانت غلبة الظن على العطب ما يجوز للطبيب أصلاً.
طالب:......
يأخذ إقرار، لكن وش يأخذ إقرار والنسبة ضعيفة؟ ما يمكن، لا بد أن يبين، على كل حال إذا تنازل بطوعه واختياره، وهو حر مكلف رشيد عاقل ما فيه إشكال، الطبيب يبرأ من ذلك، لكن لا يجوز له أن يخفي على المريض، نسوي لك عملية، وتكتب إقرارك، والإقرار عند كثير من الناس روتيني يعني؛ لما يرون من غلبة السلامة، نعم؟
طالب:.......
نعم كثير من الأطباء يصرف دواء ثم لا يكون مناسباً لهذا المريض، فيزداد مرضه أو يموت بسببه، على كل حال يفرق بين الطبيب الماهر، وبين المتطبب الذي يتعلم في أبدان الناس.
طالب:.......
كيف؟
طالب:.......
الآن إذا كان احتمال، شوف بقوة الاحتمال إذا كان نجاح العملية غلبة ظن لا مانع، إذا كان الوفاء والهلاك غلبة ظن ما يجوز لأحد، لا للطبيب ولا للمريض ولا لأوليائه، ما يجوز بحال أن يعجل به، نعم.
أحسن الله إليك
باب: عقل المرأة
وحدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول: تعاقل المرأة الرجل إلى ثلث الدية، أصبعها كأصبعه، وسنها كسنه، وموضحتها كموضحته، ومنقلتها كمنقلته.
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب، وبلغه عن عروة بن الزبير أنهما كانا يقولان مثل قول سعيد بن المسيب في المرأة إنها تعاقل الرجل إلى ثلث دية الرجل، فإذا بلغت ثلث دية الرجل كانت إلى النصف من دية الرجل. قال مالك: وتفسير ذلك أنها تعاقله في الموضحة والمنقلة، وما دون المأمومة والجائفة وأشباههما مما يكون فيه ثلث الدية فصاعداً، فإذا بلغت ذلك كان عقلها في ذلك على النصف من عقل الرجل.
وحدثني عن مالك أنه سمع ابن شهاب يقول: مضت السنة أن الرجل إذا أصاب امرأته بجرح أن عليه عقل ذلك الجرح، ولا يقاد منه.
قال مالك: وإنما ذلك في الخطأ أن يضرب الرجل امرأته فيصيبها من ضربه ما لم يتعمد، كما يضربها بسوط فيفقأ عينها، ونحو ذلك.
قال مالك في المرأة يكون لها زوج وولد من غير عصبتها ولا قومها فليس على زوجها إذا كان من قبيلة أخرى من عقل جنايتها شيء، ولا على ولدها إذا كانوا من غير قومها، ولا على أخوتها من أمها إذا كانوا من غير عصبتها ولا قومها، فهؤلاء أحق بميراثها، والعصبة عليهم العقل منذ زمان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى اليوم، وكذلك موالي المرأة ميراثهم لولد المرأة، وإن كانوا من غير قبيلتها، وعقل جناية الموالي على قبيلتها.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: عقل المرأة
يعني دية المرأة في النفس وما دونها، معروف أن ديتها بالنسبة للنفس على النصف من دية الرجل، ويقول -رحمه الله-: "حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول: تعاقل المرأة الرجل إلى ثلث الدية، أصبعها كأصبعه، وسنها كسنه، وموضحتها كموضحته، ومنقلتها كمنقلته" يعني ثلاثة أصابع من الرجل فيها كم؟ ثلاثون من الإبل، والمرأة كذلك، لكن الأربعة من الرجل فيها أربعون، ومن المرأة عشرون؛ لأنه زاد على الثلث، زادت على الثلث، فما الحكمة في ذلك؟ يعني الثلث حد فيما تتساوى فيه المرأة مع الرجل، لكن لو قال: إن قطع أربعة أصابع أسهل من قطع ثلاثة أصابع، الجناية على أربعة أصابع أسهل من الجناية على ثلاثة أصابع، ولو قلنا: إن ستة أصابع تعادل ثلاثة، ماشي مع الحكمة والتعليل وإلا ما هو بماشي؟ نعم؟ لا يمشي مع الحكمة والتعليل، لماذا؟ لأنه لا يمكن أن يقول عاقل: إن ستة من الأصابع تعادل ثلاثة من المرأة نفسها، يعني لو قطع منها ثلاثة أصابع كم فيها؟ ثلاثون من الإبل كالرجل سواء بسواء، فإذا زيد على ذلك صارت على النصف، الأربعة فيها عشرون، الخمسة فيها خمسة وعشرون، الستة فيها ثلاثون كالثلاثة، هذا ما يدل على أن الشرع فيه ما تدرك حكمته وعلته وهو الكثير الغالب، وفيه ما يجب له التسليم من غير نظر في حكمة ولا علة، ولا تثبت قدم الإسلام -كما يقول أهل العلم- إلا على قنطرة التسليم، نعم؟
طالب:........
يجي مع بقية الكلام.
"وحدثني عن مالك عن ابن شهاب وبلغه عن عروة بن الزبير أنهما كانا يقولان مثل قول سعيد بن المسيب في المرأة أنها تعاقل الرجل إلى ثلث دية الرجل، فإذا بلغت ثلث دية الرجل كانت إلى النصف من دية الرجل" لحديث عمرو بن حزم: "وفي كل أصبع مما هناك عشر من الإبل، وفي السن خمس" عشر من الإبل من غير استفصال هل هي للرجل أو للمرأة؟ ما قيل: عشر الدية لتنسب إلى أصل الدية، وإنما في الأصبع عشر من الإبل؛ لكنها إذا زادت على الثلث فلا شك أنها قد تصل إلى الدية كاملة، لو قلنا: إن المرأة يستمر عقل أصابعها كعقل أصابع الرجل زادت أصابعها على دية النفس كاملة، وإن كان ما دون ذلك من الثلث فأقل مما يندرج في حديث عمرو بن حزم: "في الأصبع عشر من الإبل" فإذا زادت بحيث تزيد على ديتها فإنها ترجع إلى التنصيف.
"وحدثني عن مالك عن ابن شهاب وبلغه عن عروة بن الزبير أنهما كانا يقولان مثل ذلك" مثل قول سعيد بن المسيب "في المرأة أنها تعاقل الرجل إلى ثلث دية الرجل، فإذا بلغت ثلث دية الرجل كانت إلى النصف من دية الرجل".
"قال مالك: وتفسير ذلك أنها تعاقله في الموضحة والمنقلة، وما دون المأمومة والجائفة وأشباهها مما يكون فيه ثلث الدية فصاعداً، فإذا بلغت ذلك كان عقلها في ذلك النصف من عقل الرجل".
"وحدثني عن مالك أنه سمع ابن شهاب يقول: مضت السنة أن الرجل إذا أصاب امرأته بجرح أن عليه عقل ذلك الجرح ولا يقاد منه" الآن فيما تقدم من أنها تعاقل الرجل إلى الثلث؛ لئلا تصل إلى النصف الذي يبلغ ديتها كاملة، وما لم يبلغ النصف -نصف الدية- الذي يعادل دية المرأة كاملة يندرج في النصوص السابقة، فهو من هذه الحيثية كلامه متجه، وإذا قلنا: إن ما ذكر في حديث عمرو بن حزم خاص بالرجل الذي ديته مائة من الإبل، كما نص عليه بذلك، وش يقول؟ "أن في النفس مائة من الإبل" هل يقول قائل: إن هذا في الرجل والمرأة؟ "وفي الأنف إذا أوعي جدعاً مائة من الإبل" هذا بالنسبة للرجل، النفس بالنسبة للرجل، في المأمومة ثلث الدية، الإجمال مثل هذا يدخل فيه المرأة، لكن ليس ثلث دية..، لا يلزم من ذلك أن يكون ثلث دية الرجل "وفي الجائفة مثلها، في العين خمسون" هذا بالنسبة لإيش؟ للرجل "وفي اليد خمسون للرجل، وفي الرجل خمسون بالنسبة للرجل" لأنها نصف الدية "وفي كل أصبع مما هنالك عشر من الإبل، وفي السن خمس، وفي الموضحة خمس" هذا بالنسبة.. كأن الحديث يشير إلى الرجل فقط بغض النظر عن المرأة بجميع التفاصيل، وإذا قلنا بهذا لا شك أن المرأة تخالف الرجل، فإذا خالفت الرجل في الدية الكاملة فلئن تخالفه في الأبعاض من باب أولى، لكن ماذا عن سن المرأة؟ إذا كان في سن الرجل خمس فماذا يقال عن سن المرأة؟ يقال فيه: اثنين ونصف، نعم؟
طالب:......
مثله على ما قرره المؤلف هنا، أنها تعاقل الرجل إلى الثلث، ثم بعد ذلك تكون على النصف؛ لئلا تبلغ دية الأجزاء والأبعاض دية النفس كاملة، إذا قلنا: إن حديث عمرو بن حزم خاص بالرجل والمرأة على النصف صار كل شيء بحسابه، لكن الذي عليه الأئمة الفقهاء من التابعين الذين ذكرهم سعيد بن المسيب وابن شهاب وعروة بن الزبير، وهم من الأئمة الفقهاء السبعة، كلهم يقولون: إنها تعاقل الرجل إلى الثلث، نعم؟
أحسن الله إليك: تقدير الدية الآن بمائة وعشرين ألف مع أنه لا توجد إبل بألف ومائتين.
هذا ذكرناه في الدرس الماضي، وأن المسألة تقدير اجتهادي، يعني لو قيل: إن متوسط الإبل الآن بألف وخمسمائة الرديء يمكن تجد بألف ومائتين، يمكن تجد بألفين صارت مائة وخمسين، ولو قدرت ألف وستمائة صارت مائة وستين وهكذا، وأهل الاجتهاد من أهل العلم مرد الأمر إليهم، فإذا زادوا لهم ذلك، نعم؟
طالب:.......
لا، لا، حتى أهل العلم يعايون بهذا، يعني يلغزون، يقولون: أربعة أصابع أسهل من ثلاثة، هذا معروف عندهم، لكن هل نقول: إن في هذا مبرر أن الجاني إذا قطع ثلاثة يزيد رابع من أجل أن تنقص عليه التكاليف؟ مثل ما ذكرنا في أنه بالإمكان أن يؤخذ للإنسان ممن جنى عليه ثمان من الديات، وهل في هذا مبرر أن يجهز عليه ليأخذ دية كاملة؟! هو مع أخذ ثمان ديات منه الإثم باعتباره قتل خطأ، أو جنايات خطأ ما عليه إثم، نعم، لكن لو أجهز عليه دخل في الآية الثانية التي تليها في سورة النساء، قتل عمد نسأل الله العافية، قتل عمد، أيهما أسهل أن يقتل عمداً أو يؤخذ منه ثمان ديات؟ نعم إذا قتل عمد يقتل به، وإثمه وجرمه عند الله عظيم، والله المستعان.
الشرح موجود مع أحد؟
وش قال على هذا؟
إيه.
طالب:........
يعني من قول سعيد "هي السنة" والأئمة إيش قالوا؟ ما في نقل للمذاهب؟
طالب:.......
هاه؟
طالب:.......
كيف يجمع بينهما؟
طالب:.......
ولذا قال سعيد: "من السنة" فالثلث فما دون يخرج بالسنة، وما عدا ذلك يبقى على الأصل أن المرأة على النصف من الرجل.
قال: "وحدثني عن مالك أنه سمع بن شهاب يقول: مضت السنة أن الرجل إذا أصاب امرأته بجرح أن عليه عقل ذلك الجرح، ولا يقاد منه".
"قال مالك: وإنما ذلك في الخطأ" لكن لو كان متعمداً؟ يقاد، إن لم تتنازل فإنه يقاد "فإنما ذلك في الخطأ أن يضرب الرجل امرأته فيصيبها من ضربه ما لم يتعمد، كما يضربها بصوت فيفقأ عينها ونحو ذلك" هو لا يريد العين إنما يريد أن يؤدبها بالأمر الذي جاء به النص، الضرب الذي جاء به النص، بحيث لا يتعدى هذا، فأصاب منها ما يتلفه السوط كالعين مثلاً، فإنه حينئذٍ لا يقاد منه.
"قال مالك في المرأة يكون لها زوج وولد من غير عصبتها ولا قومها" امرأة من قريش أو من تميم تزوجت من هذيل مثلاً، والدية على العاقلة، والعاقلة هم العصبة، فليس هؤلاء من عصبتها ولا من قومها لا الزوج ولا أولاده منها، فإنه لا يلزمهم شيء من عقلها "فليس على زوجها إذا كان من قبيلة أخرى من عقل جنايتها شيء، ولا على ولدها إذا كانوا من غير قومها" يعني من أولاد هذا الزوج الذي ليس من قبيلتها "ولا على إخوتها من أمها إذا كانوا من غير عصبتها" يعني هذه أمها تزوجت برجلين واحد من قريش وواحد من تميم، إخوانها من الأم الذين هم من تميم لا يعقلون عنها "إذا كانوا من غير قومها، ولا على إخوتها من أمها إذا كانوا من غير عصبتها ولا قومها، فهؤلاء أحق بميراثها" هؤلاء أحق بميراثها، زوجها وأولادها أحق بميراثها، وما يبقى من ذلك فهو لعصبتها، الذين هم قومها "فهؤلاء أحق بميراثها، والعصبة عليهم العقل منذ زمان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى اليوم، وكذلك موالي المرأة ميراثهم لولد المرأة، وإن كانوا من غير قبيلتها وعقل جناية الموالي على قبيلتها" موالي المرأة يعني عبيدها أو هي أمة عندهم؟ يعني موالي من أعلى أو من أسفل؟ يعني الموالي هؤلاء هم الأرقاء، والمرأة حرة، ميراثهم لولد المرأة، يعني يورثون هم؟ نعم؟ ميراثهم لولد المرأة، وإن كانوا من غير قبيلتها، نعم؟
طالب:.......
يقول: "وكذلك موالي المرأة ميراثهم لولد المرأة".
طالب:.......
هي أعتقتهم، لكن إذا كانت موجودة هي؟ نعم؟ ترثهم هي؛ لأنها هي التي منت بعتق الرقبة، لو قدر أنها ماتت يرثهم أولادها، وإن كانوا من غير قبيلتها، وعقل جناية الموالي على قبليتها، إرثهم لولدها، وعقلهم على قبيلتها، يعني نظير ما تقدم في زوجها وولدها، أن إرثها لولدها وزوجها، وعقلها على قبيلتها، واضح كلامه، مطرد، نعم.
أحسن الله إليك
باب: عقل الجنين
وحدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن امرأتين من هذيل رمت إحداهما الأخرى فطرحت جنينها، فقضى فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بغرةٍ عبد أو وليدة.
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قضى في الجنين يقتل في بطن أمه بغرة عبد أو وليدة، فقال الذي قضي عليه: كيف أغرم ما لا شرب ولا أكل، ولا نطق ولا استهل، ومثل ذلك بطل؟! فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنما هذا من إخوان الكهان)).
وحدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه كان يقول: الغرة تقوّم بخمسين ديناراً، أو ستمائة درهم، ودية المرأة الحرة المسلمة خمسمائة دينار، أو ستة آلاف درهم.
قال مالك -رحمه الله تعالى-: فدية جنين الحرة عشر ديتها، والعشر خمسون ديناراً أو ستمائة درهم.
قال مالك: ولم أسمع أحداً يخالف في أن الجنين لا تكون فيه الغرة حتى يزايل بطن أمه، ويسقط من بطنها ميتاً.
قال مالك: وسمعت أنه إذا خرج الجنين من بطن أمه حياً، ثم مات أن فيه الدية كاملة.
قال مالك: ولا حياة لجنين إلا بالاستهلال، فإذا خرج من بطن أمه فاستهل، ثم مات ففيه الدية كاملة، ونرى أن في جنين الأمة عشر ثمن أمه.
قال مالك: وإذا قتلت المرأة رجلاً أو امرأة عمداً والتي قتلت حامل لم يقد منها حتى تضع حملها، وإن قتلت المرأة وهي حامل عمداً أو خطأ فليس على من قتلها في جنينها شيء، فإن قتلت عمداً قتل الذي قتلها وليس في جنينها دية، وإن قتلت خطأ فعلى عاقلة قاتلها ديتها، وليس في جنينها دية.
وحدثني يحيى سئل مالك عن جنين اليهودية والنصرانية يطرح، فقال: أرى أن فيه عشر دية أمه.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: عقل الجنين
الجنين: الحمل الذي في بطن أمه، والجنين معروف أن له أطوار، والأحكام إنما ترتب على الجنين بعد نفخ الروح، الأحكام المتعلقة به بعد نفخ روحه، فإذا أعتدي عليها قبل نفخ الروح، وبعد نفخ الروح له حكم، أحكام الأم تتعلق بالتصوير، يعني إذا وجد فيه ما يدل على أنه إنسان، شيء من خلق الإنسان تتعلق به أحكام الأم، فتخرج به من العدة إلى غير ذلك من الأحكام المتعلقة بها، الأحكام المتعلقة بالجنين تثبت بنفخ الروح به، فإذا سقط قبل نفخ الروح فإنه حينئذٍ لا يكفن ولا يغسل ولا يصلى عليه، وكذلك ما يجب فيه.
يقول -رحمه الله تعالى-: "وحدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة أن امرأتين من هذيل رمت إحداهما الأخرى فطرحت جنينها، فقضى فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بغرة عبد أو وليدة" يعني يعطى في مقابله عبد أو وليدة، أو يقوّم، تقوّم هذه الغرة بعشر دية الأم، يعني خمس من الإبل.
قال: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قضى في الجنين يقتل في بطن أمه بغرة عبد أو وليدة، فقال الذي قضي عليه" اعترض الذي قضي عليه، يعني هذا قضاء من النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو من المتفق عليه صحيح، كسابقه، متفق عليه، فاعترض المقضي عليه "فقال الذي قضي عليه: كيف أغرم ما لا شرب ولا أكل، ولا نطق ولا استهل، ومثل ذلك بطل؟!" يعني يذهب هدراً، أو يطل، يعني يترك بدون مقابل "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنما هذا من إخوان الكهان))" في رواية: ((هذا من سجع الكهان)) ولا شك أن الاعتراض بمثل هذا الكلام المسجوع لا قيمة له، بل مخالفة واضحة وصريحة، ومصادمة للنص بكلام لا قيمة له.
طالب: هذا من شيوخ العقلانية -أحسن الله إليك- في هذا الزمن.
هذا مثلهم "كيف أغرم ما لا شرب ولا أكل؟!" بالمقابل قد يقول قائل: كيف أقبل خمس من الإبل عشر دية في مقابل حمل انتظره سنين طويلة؟! لأنه قد يكون أمه وأبوه ينتظرانه عشر سنين أو أكثر، ثم بعد ذلك ما يعطى إلا خمس من الإبل، لو يعطى خمسمائة ما قبل، لو كان الدين بالرأي، لكن لا هذا ولا هذا، المسألة شرع، وعلى الجميع أن يرضى ويسلم حتى لا يجد في نفسه شيء من هذا الحكم.
"فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنما هذا من إخوان الكهان))" لأن كلامه يشبه كلامهم؛ لأنهم يعتنون بالأسجاع، ويعارضون بها الشرع، نعم؟
طالب:........
لا ما يذم السجع والشعر ما يذم، والبيان عموماً لا يذم ((إن من البيان لسحراً)) على حسب ما يستعمل فيه، فإن استعمل في نصر الحق فهو حق، وإن استعمل في نصر الباطل فهو باطل.
قال: "وحدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه كان يقول: الغرة تقوم خمسين ديناراً، أو ستمائة دينار" لماذا؟ لأن الدية ألف دينار، واثني عشر ألف درهم، هذه دية الرجل، دية المرأة على النصف، فتكون خمسمائة دينار، أو ستة آلاف درهم قال: "ودية المرأة الحرة المسلمة خمسمائة دينار أو ستة آلاف درهم" وعشر الخمسمائة دينار كم؟ خمسون ديناراً، وعشر الستة آلاف درهم؟ ستمائة درهم.
"قال مالك: فدية جنين الحرة عشر ديتها" دية جنين الحرة عشر ديتها، والعشر خمسون ديناراً، أو ستمائة دينار، لو قدر أن جنين الحرة من عبد، زوجها عبد، نعم يتبع أمه حرية ورقاً، فدية جنين الحرة عشر ديتها، والعشر خمسون ديناراً أو ستمائة ردهم.
"قال مالك: ولم أسمع أحداً يخالف في أن الجنين لا تكون فيه الغرة حتى يزايل" يعني ينفصل "يزايل بطن أمه" يعني ينفصل منه "ويسقط من بطنها ميتاً" لأنه إن سقط حياً الحكم يختلف، نعم إذا سقط حياً ثم مات فالحكم يختلف، فالدية كاملة، نعم؟
طالب:.......
الجناية تقدر، الجناية تقدر بقدرها، تقدر بقدرها، هي جناية على كل حال.
طالب:.......
وين؟
طالب:.......
أهل العلم يقولون بالجواز قبل الأربعين بدواء مباح.....
هنا يقول: في المنقلة خمسة عشرة من الإبل كما في كتاب النبي -عليه الصلاة والسلام- لعمرو بن حزم، قال وهو مجمع عليه، خمس عشرة من الإبل.
يقول -رحمه الله تعالى-: "قال مالك: ولم أسمع أحداً يخالف في أن الجنين لا تكون فيه الغرة حتى يزاول بطن أمه، ويسقط من بطنها ميتاً".
"قال مالك: وسمعت أنه إذا خرج الجنين من بطن أمه حياً، ثم مات أن فيه الدية كاملة" لأنه إذا انفصل منها حياً صارت الجناية عليه جناية على نفس معصومة كاملة، ففيه الدية كاملة.
"قال مالك: ولا حياة للجنين إلا بالاستهلال" فإذا استهل ثبتت الأحكام، ويرث حينئذٍ "فإذا خرج من بطن أمه فأستهل، ثم مات ففيه الدية كاملة، ونرى أن في جنين الأمة عشر ثمن أمه" هناك عشر دية أمه في الحرة، وفي الأمة عشر ثمن أمه "قال مالك: وإذا قتلت المرأة رجلاً".
طالب:.......
وين؟
طالب:.......
يعني على حسب ما تستحق أمه، عشر ثمن أمه.
"قال مالك: وإذا قتلت المرأة رجلاً أو امرأة عمداً والتي قتلت حامل لم يقد منها حتى تضع حملها" يعني كما تقدم في الحدود أنها لا تقام عليها الحدود حتى تضع حملها "وإن قتلت المرأة وهي حامل عمداً أو خطأ فليس على من قتلها في جنينها شيء" لأن مات تبعاً لها من غير قصد للقاتل "فإن قتلت عمداً قتل الذي قتلها، وليس في جنينها دية، وإن قتلت خطأ فعلى عاقلة قاتلها ديتها، وليس في جنينها دية" لأنه ما انفصل، ما سقط، مات وهو في بطن أمه "ولو اعتدى عليه فمات في بطنها" في الحديث السابق: "رمت إحداهما الأخرى فطرحت جنينها" وفي الذي يليه: "أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قضى في الجنين يقتل في بطن أمه بغرة" لكن إذا جني عليه تبعاً لأمه لم يقصد بالجناية، يعني الجناية ما وقعت عليه استقلالاً، إنما وقعت على الأم، فصارت تبعاً لها، على كلام الإمام مالك أنه ليس فيه شيء، والأقيس أنه كالمستقل، نعم، هذه جناية وهذه جناية، كمن قتل اثنين، ويقصد واحد، لكن هل الحمل قبل انفصاله تثبت له الأحكام أو لا تثبت؟ هو لو قتل قبل انفصاله في بطن أمه وجب فيه عشر دية أمه، فإذا قتل تبعاً لها فكلام الإمام -رحمه الله تعالى- يدل على أنه لا شيء فيه، وإنما يكفي عقل أمه، دية أمه كاملة، ويثبت تبعاً لها، ولا شك أن الأقيس أن تثبت دية الأم ودية الجنين.
"وحدثني يحيى قال: سئل مالك عن جنين اليهودية والنصرانية يطرح، قال: أرى أن فيه عشر دية أمه" ودية اليهودي والنصراني محل خلاف بين أهل العلم، والأكثر على أنها على النصف، على النصف من دية المسلم، في تبعيض الجناية سواء كانت التبعيض للدية أو للكفارة.
هذا سؤال طرح في الدرس الماضي.
وهنا يقول: قال في الكافي: وأما شبه العمد فتجب فيه الكفارة؛ لأنه أجري مجرى الخطأ، وفي نفي عقوبته، وتحمل العاقلة ديته؛ لأنه أجري مجرى الخطأ في نفي عقوبته، وتحمل عاقلته ديته وتأجيلها، فكذلك في الكفارة؛ ولأنه لو لم تجب الكفارة لم يلزم القاتل شيء؛ لأن الدية تحملها العاقلة، وتجب الكفارة في مال الصبي والمجنون إذا قتل وإن تعمدا؛ لأن عمدهما تجب الكفارة في مال الصبي والمجنون إذا قتلا وإن تعمدا؛ لأنه تقدم أن عمد الصبي والمجنون كخطأ المكلف؛ لأن عمدهما أجري مجرى الخطأ في أحكامه وهذا من أحكامه، وتجب على النائم إذا انقلب على شخص فقتله، وعلى من قتلت بهيمته بيدها.
كيف؟
وتجب على النائم إذا انقلب على شخص فقتله، يعني أروش الجنايات كلها تثبت في حق من رفع عنه القلم، من الصبي والمجنون والنائم، هؤلاء رفع عنهم القلم، لكن إثبات التبعات عليهم في مثل هذا إنما هو من باب ربط الأسباب بالمسببات، لا من باب التكليف، وإنما هو من باب الحكم الوضعي.
وتجب على النائم إذا انقلب على شخص فقتله، وعلى من قتلت بهيمته بيدها أو فمها إذا كان قائدها أو راكبها أو سائقها؛ لأن حكم القتل لزمه، يعني كأنها صارت آلة بيده، فقتلت فصارت هي المباشرة وهو المتسبب، لا يقال: قتل عمد، لكن قاتل بهذه الآلة التي هي الدابة.
وعلى من قتلت بهيمته بيدها أو فمها إذا كان قائدها أو راكبها أو سائقها؛ لأن حكم القتل لزمه، فكذلك كفارته. الفقهاء يقولون: لو رمى قشر موز مثلاً فوطئه شخص فسقط فمات يلزمه، لو بالت دابته في الطريق فسقط أحد فمات يلزمه، ولا شك أن المسألة خلافية بين أهل العلم، لكن هذا القول قول معروف عندهم.
إلى أن قال: ومن عجز عن الكفارة بقيت في ذمته؛ لأنها كفارة تجب بالقتل فلا تسقط بالعجز، ككفارة قصد الصيد الحرمي، والكفارة كما هو معروف عتق رقبة مؤمنة، أو صيام شهرين متتابعين، وليس فيها إطعام.
يقول: في حاشية الدسوقي على الشرح الكبير: حكم كفارة القتل خطأ وأنها واجبة ومرتبة كما في الآية الكريمة، فقال: وعلى القاتل الحر لا العبد لعدم صحة عتقه المسلم لا الكافر؛ لأنه ليس من أهل القرب، وإن كان صبياً أو مجنوناً؛ لأن الكفارة من خطاب الوضع كعوض المتلفات، أو كان القاتل شريكاً لصبي أو مجنون أو غيرهما، فعلى كلٍ كفارة كاملة، ولو كثر الشركاء.
يعني لو اجتمع عشرة في قتل واحد، اجتمعوا في قتله، الدية تتبعض، لا يلزم إلا دية واحدة، كل واحد عليه العشر، لكن الكفارة؟ على كلامه، فعلى كلٍ كفارة كاملة ولو كثر الشركاء، هل معنى هذا أنه يعتق عنه عشرة، ويصام عنه عشرون شهر؟ نعم؟ هذا مفاد كلامه، يقول: وذكر صاحب المغني أن الكفارة لا تتبعض، والكفارة على غير المكلف من باب الحكم الوضعي، لكن هل تبقى في ذمته لعدم الاستطاعة، أو تسقط عنه قياساً لمن أسقط الكفارة على من جامع في نهاية رمضان؟ مع العلم أن العاقلة لا تتحمل عنه إلا الدية، وذلك في أنواع القتل الثلاث.
يقول الكاتب: وعند أبي حنيفة وجماعة من العلماء أنه لا كفارة على الصغير والمجنون، قالوا: إن الكفارة حق لله، وليست حقاً مالياً محضاً؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((رفع القلم عن ثلاثة)) ومنهم الصغير والمجنون، ومثل هذا الزكاة في مال الصبي والمجنون، الجمهور على أنها تجب، باعتبار أنها من باب حكم الوضع، لا من باب حكم التكليف، فلا يفيد فيها رفع القلم عنه، وعند أبي حنيفة لا تجب الزكاة في مال الصبي والمجنون؛ لأنهما غير مكلفين.
قال: فلا تلزمهما الكفارة؛ لأنهما ليسا من أهل التكليف، وذهب الجمهور إلى وجوب الكفارة على الصغير والمجنون؛ لأن الله أوجب الكفارة في القتل الخطأ، فدل ذلك على عدم اشتراط القصد، وإنما يشترط التكليف في العبادات من أجل القصد الصحيح، والصغير والمجنون لا قصد لهما، والقول الأول مال إليه، يقول الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-، يعني قول أبي حنيفة.
يعني ومثل هذا في الصغير إذا أدخل في الإحرام، يعني أحرم له أبوه، الجمهور على أنه يلزمه الإتمام، وتترتب التبعات عليه، ولا يرفض إحرامه بحال من الأحوال، أبو حنيفة يقول: ما هو بمكلف متى رفض قبل رفضه، وهو من هذا الباب.
يقول: مسألة تبعض الكفارة من شارك في القتل...
طالب: وهذا..... يا شيخ في قضية الحج؟
لا أبد، مثل غيره، ما دام دخل، أدخله بطوعه واختياره تلزمه جميع التبعات، مثل جناياته ومثل متلفاته. مسألة تبعض الكفارة من شارك في القتل فعليه الكفارة، وعليه وعلى شريكه دية واحدة، فالدية واحدة، والكفارة متعددة؛ لأن الكفارة لا تتبعض فإنه قد يقال: إذا كان التكفير بالعتق فيمكن تبعضه بأن يشتركا في شراء رقبة ويعتقاها، وهذا ممكن، لكن في حقيقة الأمر أن كل واحد منهما أعتق نصف رقبة فقط، وكل واحد منها قاتل بالمشاركة، وكذلك يقال في الصيام، يعني لو أنهما قتلاه عمداً ألا يقتلان به؟ فكل واحد كأنه مستقل بالجناية، نعم ولو قلنا بالتبعض لقلنا أيضاً: القتل ولو كان عمداً يتبعض، فيكون على هذا نصف وهذا نصف، فما داما يقتلان به في حال العمد، ولا يبعض القتل، فكذلك البدل عنه، فيما لو تنازلوا عن قاتل العمد إلى الدية، وعلى خلاف في الكفارة، هل تلزم قاتل العمد أو لا تلزمه؟ على كل حال يقول: من شارك في القتل فعليه الكفارة، وعليه وعلى شريكه دية واحدة، فالدية واحدة، والكفارة متعددة؛ لأن الكفارة لا تتبعض، فإنه قد يقال: إذا كان التكفير بالعتق فيمكن تبعضه بأن يشتركا في شراء رقبة ويعتقاها وهذا ممكن، لكن في حقيقة الأمر أن كل واحد منهما أعتق نصف رقبة فقط، وكل واحد منها قاتل بالمشاركة، وكذلك يقال في الصيام، يعني ما يقال: كل واحد يصوم شهر، إنما كل واحد يصوم شهرين متتابعين.
يقول: فالمذهب أنه إذا شارك ولو في جزء واحد من مائة جزء، يعني اشترك مائة في قتله فعليه كفارة، ولهذا لو اجتمع مائة على قتل شخص فعليهم مائة كفارة، وعلى كل واحد كفارة، وهناك وجه آخر لأصحاب أحمد أنهم يشتركون في الكفارة، يعني كاشتراكهم في الدية، وعلى كل حال المسألة مثل ما أشرنا سابقاً أنها محل خلاف، والنظر يقتضي أنها إذا كانت متعلقة بالمال...
طالب: فهم يشتركون.
فهم يشتركون كالدية، وإذا كانت عبادة بدنية فلا يشتركون فيها كالصيام، نعم.
أحسن الله إليك.
باب: ما فيه الدية كاملة
حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول: في الشفتين الدية كاملة، فإذا قطعت السفلى ففيها ثلثا الدية.
وحدثني يحيى عن مالك أنه سأل ابن شهاب عن الرجل الأعور يفقأ عين الصحيح، فقال ابن شهاب: إن أحب الصحيح أن يستقيد منه فله القود، وإن أحب فله الدية، ألف دينار أو اثنا عشر ألف درهم.
وحدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن في كل زوج من الإنسان الدية كاملة، وأن في اللسان الدية كاملة، وأن في الأذنين إذا ذهب سمعهما الدية كاملة، اصطلمتا أو لم تصطلما، وفي ذكر الرجل الدية كاملة، وفي الأنثيين الدية كاملة.
وحدثين يحيى عن مالك أنه بلغه أن في ثديي المرأة الدية كاملة.
قال مالك: وأخف ذلك عندي الحاجبان وثديا الرجل.
قال مالك: الأمر عندنا أن الرجل إذا أصيب من أطرافه أكثر من ديته فذلك له إذا أصيبت يداه ورجلاه وعيناه فله ثلاث ديات.
قال مالك في عين الأعور الصحيحة إذا فقئت خطأ: إن فيها الدية كاملة.
نعم يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما فيه الدية كاملة
يعني مائة من الإبل، أو ما تقوم به من ألف دينار، أو اثني عشر ألف درهم.
يقول -رحمه الله-: "حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول في الشفتين: الدية كاملة" الشفتين كلتيهما؛ لأن هذا مما في الإنسان منه شيئان، فإذا استأصلا فيهما الدية كاملة، وكذلك العينان واليدان والرجلان والأنثيان، وكل شيء، كل ما في الإنسان منه شيئان، ففيهما مجتمعتين الدية كاملة، الدية كاملة في الاثنين، وما في الإنسان منه واحد فيه الدية كاملة، وما في الإنسان منه ثلاثة في كل واحد منها ثلث الدية، وفي الثلاثة دية كاملة، وهكذا، وفي الأصابع باعتبارها عشرة، في كل واحد منها عشر الدية، أصابع اليدين كل واحد عشر الدية، وأصابع الرجلين كل واحد عشر الدية، وهكذا.
"في الشفتين الدية الكاملة، فإذا قطعت السفلى ففيها ثلثا الدية" لماذا؟ لأن الانتفاع بها أكثر، يستقيم له أن يأكل دون الشفة العليا، لكن لا يستقيم له أن يأكل بسهولة مع فقد الشفة السفلى.
"حدثني يحيى عن مالك أنه سأل ابن شهاب عن الرجل الأعور يفقأ عين الصحيح، فقال ابن شهاب: إن أحب الصحيح أن يستقيد منه فله القود" الرجل الأعور يفقأ عين الصحيح العين بالعين، له أن يفقأ عينه، ولو أدى ذلك إلى أن يكون الجاني أعمى "وإن أحب فله الدية ألف دينار" دية كاملة، وهي عين "وذلكم لأن الأعمى ليس عنده إلا عين واحدة ففيها الدية كاملة" كالذكر مثلاً "وإن أحب فله الدية ألف دينار أو اثنا عشر ألف درهم".
طالب:........
نعم؟
طالب: على المقابل تكون العقوبة؟
كيف؟
طالب: يعني مثلاً الحين لو الذي ضربه في عينه مبصر كامل، مو بـ(له) النصف؟
إلا النصف.
طالب: وراه الأعور دية كاملة؟ على المقابل؟
لا باعتبار أنه لو هذا الجاني أعمى..، باعتبار أنه أعور...
طالب: هو على أنه أعور الجاني، إن أحب القود فله القود.
إيه؛ لأنه باعتبار....
طالب: افتدى يعني عينه؟
الآن لو أحب القود كأنه أعمى، كأنه أذهب اثنتين، أذهب الحاسة كاملة، مقابل الحاسة، إيه، مقابل الحاسة الكاملة.
"وحدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن في كل زوج من الإنسان الدية كاملة، وأن في اللسان الدية كاملة" ليس في البدن منه إلا شيء واحد "وأن في الأذنين إذا ذهب سمعهما الدية كاملة، اصطلمتا" أي قطعتا من الأصل، وذهب بسبب ذلك السمع "أو لم تصطلما" لأن الكلام على الانتفاع بالأذنين "وفي ذكر الرجل الدية كاملة" لأنه ليس فيه إلا شيء واحد "وفي الأنثيين الدية كاملة، وفي كل واحد منهما نصف الدية".
"قال مالك: وأخف ذلك عندي الحاجبان، وثديا الرجل" يعني ثديا الرجل ليسا كثديي المرأة، لماذا؟ لأن الاستفادة من ثديي المرأة تختلف عن الإفادة من ثديي الرجل، نعم.
"قال مالك: الأمر عندنا أن الرجل إذا أصيب من أطرافه أكثر من ديته فذلك له، إذا أصيبت يداه ورجلاه وعيناه ثلاث ديات" إن أصيب لسانه رابعة، إن أصيب ذكره خامسة، إن أصيبت أذناه سادسة، إلى أن يبلغ فيما فصلنا في الدرس السابق ثمان أو أكثر من ثمان ديات.
"قال مالك في عين الأعور الصحيح إذا فقئت خطأ: إن فيها الدية كاملة" لأنها تمثل الحاسة كاملة.
اللهم صل وسلم....
"