التعارض في النصوص إنما هو في الظاهر، إذ لا يوجد نصوص كلها صحيحة متعارضة في الباطن في حقيقة الأمر إلا إذا كان منها ما هو متقدِّم منسوخ ومنها ما هو متأخر ناسخ، أما النصوص المحكمة التي ليست من باب الناسخ والمنسوخ فإن التعارض فيها إنما يكون في الظاهر لا في الباطن، وإذا وُجد هذا التعارض في الظاهر فهناك قواعد لأهل العلم يتعاملون بواسطتها مع هذه النصوص، بحيث يتم إزالة هذا التعارض، فإن أمكن حمل بعضها على بعض من حيث العموم والخصوص والإطلاق والتقييد تعيَّن للعمل بالنصين، وإذا لم يمكن حَمْل بعضها على بعض بأن تكون كلها عامة أو كلها خاصة فإن عُرف المتقدمُ من المتأخر عُمل بالمتأخر وتُرك المتقدم، وهذا من النوع المعروف بالناسخ والمنسوخ، وإذا لم يُعرف التاريخ ولا نستطيع أن نجمع بينها ولا نوفق بينها بحمل بعضها على بعض من حيث العموم والخصوص والإطلاق والتقييد فإن هناك مرجحات كثيرة جمعها بعضهم كالحافظ الحازمي في مقدمة (الاعتبار) فأوصلها إلى خمسين وجهًا من وجوه الترجيح، والحافظ العراقي في حاشيته (التقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح) أوصلها إلى ما يقرب من مائة وجه، لكن أصولها ثمانية، وبقية الأنواع تدخل في هذه الثمانية، وحَصَرَها السيوطي في (تدريب الراوي). وما يتعلق بالقرآن أيضًا هو محل عناية من أهل العلم ومبين وموضح، فإذا لم يمكن دفع هذا التعارض واستوت هذه النصوص من كل وجه من حيث الثبوت ومن حيث المعنى، فحينئذٍ يتوقف المجتهد، ولا يرجح بعضها على بعض إلا بمرجح، والله المستعان.
السؤال
ما هو العمل الأمثل عند تعارض النصوص؟ وكيف العمل إذا لم يمكن الترجيح بين النصوص التي ظاهرها التعارض؟
الجواب