شرح المحرر - كتاب الصيام - 02
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم
بسم الله
والحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لنا، ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين.
قال الإمام ابن عبد الهادي --رحمه الله تعالى-- في كتابه المحرر:
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الوصال، فقال رجل من المسلمين: فإنك يا رسول الله تواصل؟ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((وأيكم مثلي؟ إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني)) فلما أبو أن ينتهوا عن الوصال واصل بهم يومًا، ثم يومًا، ثم رأوا الهلال، فقال: ((لو تأخر الهلال لزدتكم)) كالمنكل لهم حين أبوا أن ينتهوا" متفق عليه، واللفظ لمسلم.
وعنه -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من لم يدع قول الزور، والعمل به، فليس لله تعالى حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)) رواه البخاري.
وعن زيد بن خالد الجهني عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من فطر صائماً كتب الله له أجره إلا أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء)) رواه الإمام أحمد، وهذا لفظه، وابن ماجه وابن حبان والنسائي والترمذي وصححه.
وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقبل وهو صائم، ويباشر وهو صائم، ولكنه كان أملككم لأربه" متفق عليه، واللفظ لمسلم.
وله عنها -رضي الله عنها- قالت: " كان رسول الله يقبل في رمضان وهو صائم".
وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- احتجم وهو محرم، واحتجم وهو صائم. رواه البخاري.
وعن شداد بن أوس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أتى على رجل في البقيع وهو يحتجم، وهو آخذ بيدي لثمان عشرة خلت من رمضان، فقال: ((أفطر الحاجم والمحجوم)) رواه الإمام أحمد وأبو داود، وهذا لفظه، والنسائي وابن حبان والحاكم، وقال: هذا حديث ظاهرة صحته، وصححه أيضاً أحمد وإسحاق وابن المديني وعثمان الدارمي وغيرهم، وقال ابن خزيمة: ثبتت الأخبار عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((أفطر الحاجم والمحجوم)).
وعن أنس -رضي الله عنه- قال: " أول ما كرهت الحجامة للصائم أن جعفر بن أبي طالب احتجم وهو صائم، فمر به النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((أفطر هذان)) ثم رخص النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد في الحجامة للصائم.
وكان أنس يحتجم وهو صائم. رواه الدارقطني، وقال: كلهم ثقات، ولا أعلم له علة، وفي قوله نظر من غير وجه. والله أعلم .
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه)) متفق عليه، وهذا لفظ مسلم، وللبخاري: ((فأكل وشرب)) وللدارقطني والحاكم وصححه: ((من أفطر في رمضان ناسياً فلا قضاء عليه ولا كفارة)).
وعنه -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من ذرعه القيء فلا قضاء عليه ولا كفارة، ومن استقاء فعليه القضاء)) رواه أحمد وأبو داود وقال: سمعت أحمد يقول: ليس من ذا شيء، والنسائي وابن حبان وهذا لفظه، والترمذي وقال: حديث حسن غريب، وقال محمد -يعني البخاري-: لا أراه محفوظًا، والدارقطني وقال في رواته: كلهم ثقات، والحاكم وقال: صحيح على شرطهما، ورواه النسائي أيضاً موقوفاً، وقد روي عن أبي هريرة أنه قال في القيء: "لا يفطر".
يكفي.
حسبك.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى- بعد أن ذكر فيما تقدم أن الأمة لا تزال بخير ما لم تؤخر الفطر، فالمستحب تعجيل الإفطار، بمجرد التأكد من غروب الشمس.
هنا يقول في حديث "أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الوصال" وهو صوم يومين فأكثر دون إفطار بينهما، يعني مواصلة الصيام ليلاً وناراً "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الوصال" ولأن هذا شاق، والدين يسر ((ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه)) فالوصال اقتران يومين أو ثلاثة أو أكثر دون فطر بينها في الليل هذا هو الوصال، فثبت النهي عنه عن النبي -عليه الصلاة والسلام- على خلاف بين أهل العلم هل النهي للتحريم كما هو مقتضاه؟ إذا أطلق ما لم يوجد صارف فالنهي للتحريم، وإذا وجد ما يصرفه عن التحريم فإنه يكون للكراهة، وقد يوجد النهي ولا يقتضي هذا ولا هذا إذا كان الملاحظ فيه مصلحة المنهي، ما نهاهم عن الوصال إلا للإبقاء عليهم، يعني خشية المشقة عليهم، ولذا واصل بهم كما في هذا الحديث يومين، ولو تأخر الهلال لزادهم، ولهذا يقول بعض العلماء: إن الوصال جائز، وبعضهم يرى أنه محرم كما هو مقتضى النهي، ومنهم من يقول: هو مكروه، وما جاء في وصاله -عليه الصلاة والسلام- بهم صارف للنهي عن التحريم إلى الكراهة، والذي يقول: إنه مباح، وقد فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- بنفسه وبأصحابه، وإذا كان النهي ملاحظ فيه المكلف فإنه ليس على ظاهره، كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام- لعبد الله بن عمر: ((اقرأ القرآن في سبع ولا تزد)) وابن عمر جاء بنفسية عالية وهمة يريد أن يقرأ القرآن في كل ليلة، قال: لا، ((اقرأ القرآن في شهر)) فقال: إني أطيق أكثر من ذلك، ((قال: اقرأ القرآن مرتين في الشهر، ثلاث في الشهر)) ثم قال له: ((اقرأ القرآن في سبع ولا تزد)) هذا النهي ما فهم منه أحد من أهل العلم أنه لا تجوز قراءة القرآن في أقل من سبع، بل استحبوا قراءة القرآن في ثلاث، واختلفوا فيما دون الثلاث؛ لأنه جاء في الحديث، في السنن: ((أنه لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث)) وثبت عن بعض الصحابة كعثمان -رضي الله عنه- أنه كان يقرأ في ليلة، وثبت عن الأئمة كذلك، وخيار هذه الأمة ما فهموا أن قوله: ((ولا تزد)) يفيد الكراهة ولو على أقل الأحوال، المقصود أن الوصال فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- ونهى عنه، حتى قال بعضهم: إن الوصال من خصائصه -عليه الصلاة والسلام-، والعلة تدل على ذلك.
"نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الوصال، فقال رجل من المسلمين: فإنك يا رسول الله تواصل؟" يعني بعض الناس إذا قيل له شيء قال: وأنت، يعني بعض الناس عنده شيء من الجرأة على مثل هذا الكلام، ولا يظن بهذا الصحابي إلا أنه يريد أن يستوثق من الحكم، ويتأكد، وعنده شبهة في وصال النبي -عليه الصلاة والسلام- "فقال رجل من المسلمين: فإنك يا رسول الله تواصل؟ ليس من باب المعاندة أو من باب المواجهة بما لا يريده النبي -عليه الصلاة والسلام-.
"فإنك يا رسول الله تواصل؟" يريد أن يكشف هذه الشبهة "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((وأيكم مثلي؟ إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني))" هذا الطعام وهذا الشراب الذي يطعمه الله -جل وعلا- نبيه -عليه الصلاة والسلام- قال بعضهم: إنه طعام وشراب حقيقي يستفيد منه البدن كما يستفيد من الطعام والشراب، لكن لو كان هذا الطعام والشراب حقيقياً هل يثبت حكم الوصال حينئذٍ؟ يعني إذا كان الجواب أنا لا أواصل؛ لأني آكل وأشرب، لكنه يواصل بالفعل، أقرهم على الوصال، ولا يأكل -عليه الصلاة والسلام-، قال بعضهم: إن هذا من طعام الجنة وشراب الجنة، طعام الجنة وشراب الجنة لا يفطر الصائم قالوا، ((أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني)) ولا شك أنه مشكل؛ لأنه إن كان طعاماً وشراباً حقيقياً فإنه لا يثبت معه حكم الوصال، وإن لم يكن طعاماً وشراباً حقيقياً فإنه لا يوجد في الحقائق الشرعية ولا العرفية ولا اللغوية طعام معنوي، هل يصح أن تقول: شربت وأكلت وأنت ما أكلت ولا شربت على سبيل الحقيقة لا اللغوية ولا الشرعية ولا العرفية؟ هل تستطيع أن تقول: طعمت وشربت وأنت ما أكلت ولا شربت طعاماً حقيقياً؟ إلا على ضرب من المجاز، أو قل إن شئت وهو أولى: المشاكلة، سماه طعاماً وشراباً من باب المشاكلة؛ لأنه ينتفع به، بهذا الغذاء المعنوي، كما ينتفع بالطعام والشراب، يعني كما قال القائل:
قالوا: اقترح شيئاً نجد لك طبخه |
|
قلت: اطبخوا لي جبة وقيمصاً |
فإما أن نقول: هذا مشاكلة ومجانسة، وهم لا يرون ما ينتفع به إلا الحقيقي الطعام والشراب، النبي -عليه الصلاة والسلام- كما قال ابن القيم: يفيض عليه الله -جل وعلا- من العلوم والمعارف بسبب التجاءه إليه في هذه الليالي المباركة، يفيض إليه من هذه العلوم والمعارف وهي معنوية ما يغنيه عن الطعام والشراب، ما يغنيه ويقوي بدنه على العبادة، وهذا يغنيه عن الطعام والشراب، فإما أن نقول: إن هذه العلوم وهذه المعارف وهذا الغذاء المعنوي حقيقة الطعام الشرعية، حقيقة للطعام شرعية، مثل الطعام والشراب المحسوس، فيكون للطعام حقيقتان شرعيتان، كما قلنا في المفلس، حقيقة للطعام الحسي، وهذا هو الأصل، وحقيقة شرعية في الطعام المعنوي، ويدل له هذا الحديث، فإما أن نقول: للطعام حقيقتان شرعيتان، وإما أن نقول: إن إطلاق الطعام على ما يتقوى به -عليه الصلاة والسلام- من الأمور المعنوية، من باب المشاكلة، مجانسة، تنزل في التعبير {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا} [(40) سورة الشورى].
قالوا: اقترح شيئاً نجد لك طبخه |
|
قلت: اطبخوا لي جبة وقيمصاً |
فإما هذا وهذا وحينئذٍ لا إشكال، إذا قلنا: مشاكلة ما في إشكال؛ لأنه لا يرد على حقيقة الوصال أنه يأكل ويشرب.
"فلما أبو أن ينتهوا عن الوصال واصل بهم يومًا، ثم يومًا، ثم رأوا الهلال، فقال: ((لو تأخر الهلال لزدتكم)) كالمنكل لهم" المعاقب لهم على اعتراضهم، المعاقب لهم على إلحاحهم واعتراضهم وإلحاحهم على نهيه -عليه الصلاة والسلام-، لا يظن بهم الاعتراض على الحكم الشرعي، وإنما هو سببه الرغبة في الخير، وإنما سببه الرغبة في المزيد من الخير، كما تذاكر الثلاثة عبادات النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال أحدهم: إنه يقوم ولا ينام، وقال بعضهم: يصوم ولا يفطر، وقال بعضهم: لا ينكح النساء، فبلغ ذلك النبي -عليه الصلاة والسلام-، هذا لا شك أن الباعث عليه هو الرغبة في الخير، لكن كم مريد للخير لا يصيبه، هذا خلاف سنة النبي -عليه الصلاة والسلام-، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- يقوم وينام، ويصوم ويفطر، ويتزوج النساء، قال: ((فمن رغب عن سنتي فليس مني)) النبي -عليه الصلاة والسلام- لما نهاهم عن الوصال وراجعوه في الوصال، قالوا: إنك تواصل، وأصروا على ذلك، أبوا أن ينتهوا عن الوصال لمزيد رغبتهم في الخير "واصل بهم يومًا، ثم يومًا، ثم رأوا الهلال" ولو لم يروا الهلال لزادهم في الوصال، لزادهم ثالث ورابع، حتى ينقطعوا عن اعتراضهم، وحتى يعرفوا أن ما دلهم النبي -عليه الصلاة والسلام- هو الأكمل، فلا خير إلا دل الأمة عليه، ولا شر إلا حذرهم منه.
"كالمنكل لهم" معاقب لهم -عليه الصلاة والسلام- "حين أبوا أن ينتهوا" متفق عليه، واللفظ لمسلم".
وبناءً على هذا النبي -عليه الصلاة والسلام- نهى عن الوصال، قال بعضهم: إن الوصال محرم؛ لأنه هو الأصل في النهي إذا أطلق، ومنهم من قال: إنه مكروه، وليس بمحرم بدليل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- واصل بهم، ولو كان الوصال محرماً لما فعله النبي -عليه الصلاة والسلام-، قد يكون هذا من خصائصه لكن لما واصل بهم، لما أقحمهم في محرم، ولما عاقبهم بمحرم، فقالوا: إن الوصال مكروه، ومنهم من يقول: إنه ما دام الوصال سببه الشفقة عليهم، والإبقاء عليهم فإنه لا يصل إلى حد الكراهة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((فمن كان منكم مواصلاً فليواصل إلى السحر)) فالوصال إلى السحر جائز، لكن يبقى أنه خلاف الأولى، فالأولى أن يبادر بالفطر إذا تحقق من مغيب الشمس.
"وعنه -رضي الله عنه-" يعني عن أبي هريرة، راوي الحديث السابق "وعنه -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)) رواه البخاري.
الله -عز وجل- طلب من عباده أن يعبدوه، وخلقهم لذلك، فتحقيق العبودية هي الحكمة من وجود الثقلين، طلب منهم أن يعبدوه، وأراد منهم ذلك على الوجه الذي جاء عنه، وعن نبيه -عليه الصلاة والسلام-، لكن إذا كانت هذه العبادة على غير مراد الله، وعلى غير مراد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، هل تكون مطلوبة؟ إذا كان فيها مخالفة، أما إذا كانت المخالفة مضادة لأصل المشروعية فالعمل باطل، وإذا كانت المخالفة في أمر خارج عن أصل المشروعية عن ذات المطلوب، أو شرطه أو جزئه المؤثر، فالعبادة تصح ويسقط بها الطلب، لكن يبقى الإثم كما هنا ((من لم يدع قول الزور)) هذا صائم، ومع ذلك يتكلم في أعراض الناس، ويزاول ما حرم الله -جل وعلا- من آفات اللسان، كالكذب وشهادة الزور والغيبة والنميمة، وما أشبه ذلك، هذا كله زور لازوراره وميله عن الحق، ومن عظائم الأمور، بل من الموبقات التي كررها النبي -عليه الصلاة والسلام- شهادة الزور، ولا يلزم أن تكون شهادة الزور في الأمور المادية، هذا هو أصلها، وهو أوضح ما توجد فيه، لكن قد توجد شهادة الزور في أمور معنوية، و((المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور)).
((من لم يدع قول الزور)) من لم يترك، وهذه المادة التي هي الودع، بمعنى الترك استعمل المصدر فيها، الأصل: ((لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات)) يعني عن تركهم، وهنا ((من لم يدع)) من لم يترك، ((دع ما يريبك)) يعني اترك، يقول أهل العلم: إن الماضي من هذه المادة قد أميت، ما استعمل، ودع بمعنى ترك، استغني عنه بترك، وأما ما يذكر من قراءة "ما ودعك ربك" هذه قراءة شاذة.
((من لم يدع)) يعني من لم يترك ((قول الزور)) القول الباطل المنهي عنه الذي لا يقرب إلى الله، بل يبعد من الله -جل وعلا-، وهو من آفات اللسان؛ لأنه قال: ((وهل يكب الناس على وجوههم -أو قال-: على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم)) هذا الذي يستعمل اللسان في القيل والقال، في المباح والمحظور، السلف -رضوان الله عليهم- كانوا يحفظون الصيام بالمكث في المساجد؛ لئلا ينجروا إلى الكلام من الكلام المطلوب من الذكر والتلاوة إلى الكلام المباح في القيل والقال، والذي لا يتورع في مثل هذه الظروف عن الكلام المباح يجره إلى الكلام المكروه؛ لأن اللسان له ضراوة إذا اعتاد شيئاً ما استطاع أن يتركه، لا يستطيع أن يتركه.
((من لم يدع قول الزور والعمل به)) يعني بمقتضى هذا القول كان كلاماً ثم بعد ذلك جره ذلك إلى العمل، أو يقال: إن قول الزور هو في الحقيقة عمل، عمل اللسان، والعمل به.
((فليس لله تعالى حاجة)) يعني لا تدخل تحت مراد الله -جل وعلا- الذي من أجله خلق الخلق، وهو تحقيق العبودية، هذه العبودية ليست تحت مراد الله -جل وعلا-، فإن الله -جل وعلا- لا يريد مثل هذا العمل، وإلا فالله -جل وعلا- غني عن عبادات العابدين ((لو أن إنسكم وجنكم)) ((لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً)) الله -جل وعلا- غني عن عبادات الخلق، لا تضره المعصية، ولا تزيده الطاعة، لكنه يفرح ويريد إرادة شرعية وكونية أن يعبد.
((فليس لله تعالى حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)) وليس معنى هذا أن الصيام يبطل، لا، قد يكون ثواب الصيام مقاوماً بقول الزور، فلا يترتب عليه أثر، والصيام الذي لا يحقق العلة التي من أجلها شرع الصيام، لا ينتفع به الإنسان، نعم قد يسقط به الطلب، ولا يؤمر بالإعادة، لكن الذي لا يحقق التقوى هذا تترتب عليه آثار، ((من صام يوماً في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً)) ((ورمضان إلى رمضان كفارة لما بينهن)) لكن الصيام الذي لا يحقق العلة لا تترتب عليه هذه الآثار {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [(183) سورة البقرة] الذي لا يؤثر فيه صيامه ويقوده إلى التقوى هذا لا ينفع، كما أن الصلاة التي لا تؤدى على وجهها فإنها لا تترتب عليها آثارها لا من حيث الأجر، ولا من حيث الانتفاع في الواقع العملي {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ} [(45) سورة العنكبوت] كثير من الناس يصلي ولا تنهاه صلاته؛ لأنها لم تقع على مراد الله -جل وعلا-، ومراد رسوله -عليه الصلاة والسلام-، وهكذا الصيام.
فكما أن المصلي قد يخرج من صلاته وليس معه شيء من الأجر، أو معه شيء يسير كالعشر، هذه الصلاة يقول شيخ الإسلام: إن كفرت نفسها فبها ونعمت، يكفي أن تكفر نفسها، لا أن تكون كفارة لما بينها وبين الصلاة الأخرى، وكذلك الصيام، وكذلك الحج وسائر العبادات، فعلى المسلم أن يحرص أن تكون عباداته كلها مؤثرة في واقعه، مقربة إلى ربه "رواه البخاري".
"وعن زيد بن خالد الجهني عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من فطر صائماً كتب الله له مثل أجره))" من فطر صائماً ولو على شيء يسير، على تمرة، على جرعة ماء، ومذقة لبن، لا يلزم أن يفطره بما يشبعه، المقصود أنه ينقله من حال الصيام إلى حال الإفطار بالطعام.
"((من فطر صائماً كتب الله له مثل أجره))" والدال على الخير كفاعله، فضل الله واسع، الذي يتسبب في تفطير الناس ولو لم يكن من ماله يكتب له من الأجر مثل أجر المفطر؛ لأن الدال على الخير كفاعله.
((من فطر صائماً)) صائماً: نكرة في سياق الشرط، فتعم، لا يلزم أن يكون الصيام صيام الفرض، بل جميع أنواع الصيام ((له مثل أجره)) له مثل أجره، هل للإنسان أن يقول: أنا أبحث عن صائم أجره كامل من عباد الله الصالحين الأخيار الأتقياء؛ ليكون لي مثل أجره، أو يكفيني صيام أي مسلم، ولو كان من النوع السابق الذي خرق صيامه بقول الزور؟ هذا يجعل الإنسان يحرص على أن يفطر الصالحين؛ ليكون له مثل أجورهم، يعني فرق بين أن تفطر رجل صالح أجر صيامه كامل تام، وبين أن تفطر شخص وإن كان فيه أجر، ولك أجر بقدر نيتك، لكن فرق بين من يقول الزور ويعمل به، وبين من يغتاب وينم بين الناس، وبين من حفظ صيامه عن هذا كله.
((فله مثل أجره، إلا أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء)) وبعض الناس لا يحرص على أن يأكل من فطور غيره؛ ليدخر الأجر لنفسه كاملاً، نقول: يا أخي لا تبخل على أخيك، أنت أحضر طعامك، وكل من طعام أخيك، ودع أخاك يأكل من طعامك؛ لتنال أجره، وينال أجرك، أما بعض الناس أبداً أول ما يأكل من طعامه ثم يأكل من طعام الآخرين، هذا بخل، كل من طعام أخيك، ولا ينقص من أجرك شيء، ودع أخاك يأكل من طعامك، تبادلوا مثل هذا الشعور لتحصل لكم عظائم الأجور ((إلا أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء)) بعض الناس تجده يحضر تمرة في جيبه ثم يجلس مع الناس، هذا صاحب الطعام فرح بهذا الرجل الذي جاء ليفطر من طعامه، ثم يخرج هذه التمرة يأكلها، ثم يأكل من طعام الآخرين، هذا بخيل هذا، قد يقول: أنا لا أطيق المنة، نقول: يا أخي إذا كنت لا تطيق المنة أحضر طعامك ليعرف أنه لا منة لأحد عليك، ودع الناس يأكلون من طعامك لتنال مثل أجورهم، وأفطر من طعام أخيك الذي أراد إكرامك، وحرص على أن يحصل على مثل أجرك.
"رواه الإمام أحمد وهذا لفظه، وابن ماجه وابن حبان والنسائي والترمذي وصححه" لكنه لا يصل إلى حد الصحيح، إنما هو حسن.
قال -رحمه الله-: "وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقبل وهو صائم ويباشر وهو صائم" يقبل، التقبيل معروف "وهو صائم، ويباشر" المباشرة مس البشرة من غير حائل، لا يفهم منها أنه يفعل مع امرأته كما يفعل وهو مفطر، لكنه لا يجامع، إنما يباشرها، يعني أنه يمس بشرتها من غير حائل، وهو صائم.
تقول عائشة: "ولكنه كان أملككم لأرَبه" يعني لحاجته، وضبط أيضاً لإرْبه، يعني عضوه، لا شك أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يملك هذه الأمور، فلا يحصل في عبادته ما يخدشها، بخلاف غيره الذي قد يسترسل في مثل هذا الأمر، وقد لا يكون من النوع الذي يضبط نفسه، فلا يملك إربه، أو أربه، فيحصل في صيامه الخدش والنقص، ولا بد من ملاحظة ما ذكرته عائشة -رضي الله عنها-، إذ ليس كل إنسان يباح له مثل هذا الفعل، يعني بعض الناس يسمع مثل هذا الخبر، ويقول: الرسول يقبل وهو صائم، إذاً لماذا لا نقبل؟ بل قد قال بعضهم: إنه يستحب له ذلك اقتداءً بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، غافلاً أو متغافلاً عما ذكرته عائشة -رضي الله عنها- "ولكنه كان أملككم لأربه" يعني لحاجته وشهوته، فلا يحصل في صيامه ما يخدشه، نعم قد يوجد من بعض الناس من هو كذلك، يملك أربه، ولا يخرج منه شيء بسبب التقبيل والمباشرة، وبعض الناس لا يملك، فالذي يغلب على ظنه أنه لا يملك أربه مثل هذا لا يجوز له أن يستعمل شيئاً من ذلك.
جاء في خبر أن النبي -عليه الصلاة والسلام- سأله سائل عن القبلة فرخص له، وسأله آخر فلم يرخص له، فإذا بالأول شيخ، وإذا بالثاني شاب، يعني لا شك أن الشيخوخة مظنة لضعف الشهوة، وأن الشباب مظنة لقوة الشهوة، لكن مع ذلك العلة من كانت متحققة فيه "ولكنه كان أملككم لأربه" فله أن يفعل ما فعله النبي -عليه الصلاة والسلام-، وإذا لم يتحقق فيه ذلك فليس له أن يفعل، وبعض الناس يكون حديث عهد بزواج، شاب يتزوج شابة، وينامان في نهار رمضان في لحاف واحد، ثم بعد ذلك يعرض نفسه للإثم بإبطال صيامه، ثم يقول: لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، أنا والله ما استطعت، نقول: يجب عليك أن تبتعد عن زوجتك، إذا كنت غير مالك لإربك، يجب عليك أن تبتعد؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به والصيام إلى غروب الشمس واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وكم من إنسان وقع في مثل هذا، كم من إنسان على ما سيأتي في حديث الأعرابي وقع في مثل هذا، مثل هذا لا يجوز له أن ينام مع زوجته في نهار رمضان؛ لأنه لا يتم الواجب وهو إتمام الصيام إلى غروب الشمس إلا بابتعاده عن زوجته، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
"متفق عليه، واللفظ لمسلم".
"وله عنها -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله يقبل في رمضان وهو صائم" على ما تقدم؛ لأنه كان -عليه الصلاة والسلام- أملك لإربه، يملك شهوته، فلا يحصل منه ما يخدش الصيام.
ثم قال -رحمه الله-:
"وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- احتجم وهو محرم، واحتجم وهو صائم" وفي بعض الروايات: "احتجم وهو صائم محرم" لم يثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه صام حال إحرامه، إلا ما حصل في يوم عرفة أنه صام في يوم عرفة، ثم أفطر لما رأى الناس، فإن كانت حجامته في ذلك اليوم قبل فطره -عليه الصلاة والسلام- اتجه، وإلا فالرواية شاذة.
"احتجم -عليه الصلاة والسلام- وهو محرم" نعم هذا في الصحيح، رواه البخاري ولا كلام "واحتجم -عليه الصلاة والسلام- وهو صائم" وهو كذلك في البخاري، وإن قال بعضهم: إن هذه الرواية شاذة؛ لما يعارضها من الأحاديث التالية، نعم فيه تعارض بين احتجامه -عليه الصلاة والسلام- وهو صائم، في الحج سيأتي حكم الحجامة للمحرم، وما يترتب عليها من قطع لشعر، وما أشبه ذلك، هذا سيأتي، لكن الذي عندنا "واحتجم وهو صائم" وهذا في البخاري، وهو من حديث ابن عباس.
والذي يليه من حديث "شداد بن أوس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أتى على رجل في البقيع وهو يحتجم، وهو آخذ بيدي" يقول شداد بن أوس: "وهو آخذ بيدي لثمان عشرة خلت من رمضان فقال: ((أفطر الحاجم والمحجوم))" هناك تعارض بين حديث ابن عباس وهو أن النبي -عليه الصلاة والسلام- احتجم وهو صائم، حتى قال بعضهم: إن هذه الرواية غير محفوظة، هي مخرجة في الصحيح، نعم احتجم وهو صائم محرم حكم عليها جمع من الحفاظ بأنها شاذة، أما رواية احتجم وهو محرم، واحتجم وهو صائم، يعني الإحرام على حدة، والصيام على حدة هذه مسألة أخرى، وبعضهم قال: هي كسابقتها غير محفوظة، وقال بأن الحجامة تفطر الصائم، على ما جاء في حديث شداد بن أوس.
حديث شداد بن أوس متقدم على حديث ابن عباس كما قال الإمام الشافعي، وقرره الإمام الشافعي بأن حديث ابن عباس ناسخ لحديث شداد بن أوس، إذاً على هذا الحجامة لا تفطر الصائم؛ لأن حديث ابن عباس متأخر عن حديث شداد، وهذا ما قرره الشافعي، وهو قول جمهور العلماء، أن الحجامة لا تفطر الصائم، وحديث شداد بن أوس لا سيما إذا حكمنا على حديث ابن عباس بأنه غير محفوظ، وحديث شداد محفوظ، ((أفطر الحاجم والمحجوم)) قال به الإمام أحمد، وقال: إن الحجامة تفطر الصائم.
وهذا ما يرجحه شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم، ويفتي به كثير من أهل العلم الآن، والجمهور على أن الحجامة لا تفطر الصائم، وأن حديث شداد بن أوس منسوخ بحديث ابن عباس.
ومما قالوه في الباب، وهو من كلام ابن عباس أن الفطر مما دخل لا مما خرج، والوضوء مما خرج لا مما دخل، الفطر مما دخل لا مما خرج، فعلى هذا الحجامة والقيء لا تفطران الصائم، والوضوء مما خرج لا مما دخل، طيب هذا لا يستقيم طرداً ولا عكساً، الوضوء من لحم الإبل مما دخل وإلا مما خرج؟ مما خرج، لكن قد يقول قائل: إن القائل لا يقول بنقض الوضوء من لحم الإبل، ولا يقول بالفطر بسبب الحجامة ولا القيء، فيكون مستقيم على رأيه، كلامه مستقيم على رأيه.
"أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أتى على رجل في البقيع وهو يحتجم، وهو آخذ بيدي لثمان عشرة خلت من رمضان، فقال: ((أفطر الحاجم والمحجوم)) رواه الإمام أحمد وأبو داود وهذا لفظه، والنسائي وابن حبان والحاكم، وهو حديث ظاهرة صحته" نعم ((أفطر الحاجم)) لماذا؟ أفطر الحاجم لأنه قد يتسرب إلى جوفه شيء مما يخرج من الدم فيفطر به، والمحجوم أن الحجامة تضعفه، وإذا قلنا بمثل هذا التعليل قلنا: إن الحجامة مظنة للفطر، لكنها ليست مفطرة لذاتها، مظنة للفطر؛ لأن من فعل ذلك يؤول أمره إلى الفطر إذا لم يحتط لنفسه، لا سيما الحاجم فإنه سوف يفطر بما يتسرب إلى جوفه من الدم، والمحجوم يؤول أمره إلى الفطر؛ لأن إخراج الدم سوف يضعفه ثم يحمله ذلك إلى الفطر، فيكون مظنة، والمظنة إذا كانت غالبة تنزل منزلة المئنة، كما يقول أهل العلم، يعني مثل النوم، النوم مظنة للحدث وليس بحدث، ومع ذلك يقرر أهل العلم أنه ناقض للوضوء بالشروط التي ذكروها، والقيود التي اعتبروها، وهذا مثله.
منهم من يقول: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((أفطر الحاجم والمحجوم)) لأنه مر على رجلين أحدهما يحجم الآخر، وهما يغتابان الناس، فقال: ((أفطر الحاجم والمحجوم)) ابن خزيمة في صحيحه انتقد هذا الكلام، يقول: هذا القائل هل يقول بفطر المغتاب؟ هل يقول: إن الغيبة تفطر الصائم؟ ((أفطر الحاجم والمحجوم)) لأنهما يغتابان الناس، طيب هل يقول قائل هذا الكلام: بأن الغيبة تفطر؟ استدرك عليه ابن خزيمة، المغتاب آكل، شاء أم أبى، آكل لحم أخيه ميتاً، كما جاء النص على ذلك في القرآن، والآكل مفطر، وقد يكون الفطر حقيقي، وقد يكون معنوياً، فقوله: ((أفطر)) لأنه أكل لحم أخيه، ولا يلزم من الأكل إذا لم يكن حقيقياً الفطر الحقيقي الذي يبطل الصيام، فهو مفطر باعتباره آكل لحم، كما جاء ذلك في القرآن {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا} [(12) سورة الحجرات] فهو آكل لعرض أخيه، آكل للحم أخيه، فهو مفطر بهذا الاعتبار، فالأكل معنوي والفطر معنوي ليس بحقيقي.
وعلى كل حال عامة أهل العلم على أن الحجامة لا تفطر، طيب إذا احتاط الحاجم لنفسه، وحجم بآلات كهربائية ما يسمى حاجم؟ هل نستطيع نقول: أفطر؟ هل يمكن أن يقال: أفطر وهو احتجم بآلات كهربائية؟ ولو احتجم بآلات تقليدية، وجزم على بأنه لم يصل إلى جوفه شيء يكون أفطر وإلا ما أفطر؟ ما أفطر حقيقة، وإذا جرى هذا الاحتمال بالنسبة للحاجم فليجرِ الاحتمال بالنسبة للمحجوم، قد يكون الدم المأخوذ منه مما يزيده نشاطاً، إذا كان السبب في كون الحجامة تضعف، فقد تكون الحجامة مما تزيده نشاطاًَ، منهم من يفرق بين من تضعفه الحجامة وبين من لا تؤثر فيه الحجامة، فالذي تضعفه الحجامة يحكم بفطره؛ لئلا يستمر في صيامه فيحصل له نوع من الضرر، والذي لا تضعفه الحجامة يستمر في صيامه؛ لأنه لا يتضرر بذلك، وعلى كل حال مثلما ذكرنا، عامة أهل العلم أن الحجامة لا تفطر، والمذهب عند الحنابلة أنها تفطر، ويختاره شيخ الإسلام وابن القيم، ويفتي به كثير من أهل العلم، ولا شك في ظهور مذهب الجمهور.
"رواه الإمام أحمد وأبو داود، وهذا لفظه، والنسائي وابن حبان والحاكم، وقال: هذا حديث ظاهرة صحته، وصححه أيضاً أحمد وإسحاق وابن المديني وعثمان الدارمي وغيرهم، وقال ابن خزيمة: ثبتت الأخبار عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((أفطر الحاجم والمحجوم))" نعم هو مروي من طريق بضعة عشر صحابياً، حتى أوصله بعضهم إلى حد التواتر، لكن الذي قرره أهل العلم من حيث النظر أن حديث ابن عباس متأخر عنه فهو ناسخ، وهذا ما قرره الإمام الشافعي، وأيضاً الكلام في متن حديث: ((أفطر الحاجم والمحجوم)) أنه يحتمل أن يكون الفطر حسياً، ويحتمل أن يكون معنوياً.
"وعن أنس -رضي الله عنه- قال: أول ما كرهت الحجامة للصائم أن جعفر بن أبي طالب احتجم وهو صائم، فمر به النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((أفطر هذان))" يعني الحاجم والمحجوم "ثم رخص النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد في الحجامة للصائم.
وكان أنس يحتجم وهو صائم" أما أنس فهو ثابت عنه أنه كان يحتجم وهو صائم، وأما الخبر قال "رواه الدارقطني، وقال: كلهم ثقات، ولا أعلم له علة" يعني الحديث لا يوجد إلا عند الدارقطني، يعني لا يوجد في دواوين الإسلام، لا الصحاح ولا السنن ولا المسانيد ولا المعاجم ولا المصنفات ولا الموطئات، لا يوجد إلا عند الدارقطني، ومعلوم أن ما يتفرد به الدارقطني أنه ضعيف، الدارقطني على سبيل الانفراد من مظنة الأحاديث الضعيفة، من مظنة الضعيفة، كما ينسب إلى العقيلي وابن عساكر وابن عدي، وما أشبه ذلك، هذه مظنة للضعيفة.
الأمة بأمس الحاجة لمثل هذا الحديث؛ لأنه نص في النسخ "ثم رخص النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد في الحجامة للصائم" يعني ما نحتاج إلى الكلام الذي تقدم، إلى الكلام كله، مع وجود هذا النص، قال: "كلهم ثقات، ولا أعلم له علة، وفي قوله نظر من غير وجه" أولاً: خلو دواوين الإسلام كلها من هذا الحديث علامة على ضعفه، وجعل أهل العلم من الأدلة والأمارات على وضع الخبر أن يفتش عنه في دواوين الإسلام فلا يوجد، إضافة إلى أن متنه منكر؛ لأن هذه القصة كما جاء في بعض طرقها أنها في الفتح، في فتح مكة، وكان قتل جعفر قبل ذلك بمؤتة، وكان قتل جعفر قبل ذلك في غزة مؤتة، ويكفي مثل هذا لتعليل الخبر، إضافة إلى أنه لا يوجد في شيء من دواوين الإسلام المعتبرة إلا الدارقطني الذي هو مظنة للضعيف إذا تفرد، وسنن الدارقطني أشبه ما تكون بكتاب العلل؛ لأنه إمام معلل، إنما يذكر من الأحاديث ما فيه علة غالباً، فإذا تفرد بالخبر فالذي يغلب على الظن عدم صحته، إضافة إلى ما جاء من نكارة متنه، ولو صح لكان نصاً في الباب أن حديث شداد بن أوس منسوخ، على ما قرره الإمام الشافعي.
قال -رحمه الله-: "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه)) متفق عليه، وهذا لفظ مسلم، وللبخاري: ((فأكل وشرب)) وللدارقطني والحاكم وصححه: ((من أفطر في رمضان ناسياً فلا قضاء عليه ولا كفارة)).
"عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: من نسي" الناسي يرتفع عنه الإثم، لا إثم عليه إجماعاً {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [(286) سورة البقرة] ثم ما يفعله الناسي حال نسيانه فالنسيان ينزل الموجود منزلة المعدوم، لكنه لا ينزل المعدوم منزلة الموجود، الإثم يرتفع في الحالتين، نسي فزاد شيئاً في صلاته، صلى الظهر خمساً، النسيان ينزل الموجود منزلة المعدوم، هذه الركعة كأنها معدومة، فلا تؤثر في الصلاة، بخلاف ما لو زادها متعمداً فإن الصلاة تبطل، ولكن النسيان لا ينزل المعدوم منزلة الموجود، لو نسي وصلى الظهر ثلاثاً، هل له أن يقول: ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، ويمشي ويترك تكميل الصلاة؟ لا ليس له ذلك، لا بد أن يأتي برابعة، وإن طال الفصل يعيد الصلاة، هذا النسيان، وهذا ما قرره أهل العلم، الإثم مرتفع اتفاقاً وأما بالنسبة ما يزاد فهذا الزائد مع النسيان حكمه العدم، فينزل الموجود منزلة المعدوم، لكنه لا ينزل المعدوم منزلة الموجود.
صلى ناسياً بغير وضوء، تصح صلاته وإلا ما تصح؟ لا تصح صلاته، لا تصح صلاته؛ لأن النسيان لا ينزل المعدوم منزلة الموجود، أكل من لحم الإبل وصلى ناسياً، لم يتوضأ وهو يرى أن لحم الإبل ينقض الوضوء، نقول: لا بد من أن يتوضأ ويعيد الصلاة؛ لأن النسيان لا ينزل المعدوم منزلة الموجود.
نسي النية في الصيام، نسي، يصح صومه وهو فرض؟ لا يصح؛ لأن النسيان لا ينزل المعدوم منزلة الموجود، لكن نسي وأكل بعد صلاة الصبح أو بعد صلاة الظهر النسيان ينزل الموجود منزلة المعدوم.
((من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه)) هذا بالنسبة للأكل والشرب، وهل يطرد ذلك في جميع المفطرات؟ صلى الفجر ونام مع زوجته ونسي أنه صائم فوقع عليها، يفطر وإلا ما يفطر؟ ((من نسي وهو صائم فأكل أو شرب)) منهم من يقول: الحكم واحد، النسيان ينزل الموجود منزلة المعدوم، سواءً أكل أو شرب أو جماع، ومنهم من يرى أن الجماع مفطر؛ لأنه لا يتصور النسيان في هذه المدة كلها، وإن نسي هو ما نسيت الزوجة، لكن المسألة على افتراض النسيان، وقد تكون مدة الأكل والشرب أطول من مدة الجماع، مدة الأكل، الأكل أحياناً يحتاج إلى نصف ساعة، والشرب إذا كان المشروب حاراً كالشاي مثلاً يحتاج إلى وقت، فالقول بأن المدة تعينه على التذكر بالنسبة للجماع، والجماع أمره عظيم بالنسبة للصيام، نقول: الحكم واحد، والمسألة ديانة بين العبد وبين ربه ((الصوم لي وأنا أجزي به)).
الذي يتناسى ويأكل ويشرب أو يجامع هذا حسابه عند ربه، حسابه على الله -جل وعلا-، الذي لا تخفى عليه خافية، الذي يعلم السر وأخفى، فالحكم حينئذٍ واحد.
"((من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه)) متفق عليه، وهذا لفظ مسلم، وللبخاري: ((فأكل وشرب)) وللدارقطني والحاكم وصححه: ((من أفطر في رمضان ناسياً فلا قضاء عليه ولا كفارة))" فلا قضاء عليه ولا كفارة، وهذا مذهب الجمهور أنه لا يقضي ولا يكفر، وعند المالكية أن من أكل أو شرب ناسياً فعليه القضاء دون الكفارة، ومن أكل أو شرب متعمداً فعليه القضاء والكفارة، والحديث حجة عليهم، والمرجح ما قاله الجمهور استدلالاً بهذا الحديث: ((فلا قضاء عليه ولا كفارة)) يعني من أكل متعمداً ((من أفطر يوماً من رمضان لم يقضه صيام الدهر وإن صامه)) قال بعض أهل العلم: لا يقضي، إذا أفطر متعمداً فإنه لا يقضي، وهو ما يفهم من الحديث: ((لم يقضه صيام الدهر وإن صامه)) وجماهير أهل العلم وعامتهم على أنه يقضي، وإن أفطر متعمداً، وأما ((لم يقضه صيام الدهر)) يعني لم يكفر الإثم الذي ارتكبه ما لم يتب، يعني لو يصوم الدهر وقد أفطر متعمداً يوماً من رمضان فإن إثمه باقٍ، ولا يقابله صوم الدهر، ولا يجبه إلا التوبة، يعني نظير ذلك ما قيل فيمن ترك الصلاة عمداً حتى خرج وقتها، يقضي وإلا ما يقضي؟ هذه من غرائب المسائل التي نقل الإجماع على طرفيها، ابن حزم نقل الاتفاق على أنها لا تقضى، وغيره نقل الإجماع على أنها تقضى، على كل حال الأئمة الأربعة وأتباعهم كلهم يقولون: يجب عليه القضاء مع التوبة، يعني ولو أخرها متعمداً، ولو أفطر يوماً من رمضان متعمداً، يجب عليه أن يتوب ويقضي ما أخل به.
"وعنه -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من ذرعه القيء))" يعني سبقه، بادره، فلم يستطع رده، ((من ذرعه القيء فلا قضاء عليه)) لأنه مغلوب، ليس أمره بيده، كما لو احتلم وهو نائم هذا الأمر ليس بيده، فلا يفطر به، ولا قضاء عليه ((ومن استقاء فعليه القضاء)) ومن استقاء يعني طلب القيء، السين والتاء للطلب، طلب القيء، وتعمد القيء فعليه القضاء، عليه أن يقضي، إذا طلب القضاء وتعمده.
"رواه أحمد وأبو داود قال: سمعت أحمد يقول: ليس من ذا شيء" إيش معنى "ليس من ذا شيء؟" ليس من ذا شيء يعني يثبت "والنسائي وابن ماجه، وهذا لفظه، والترمذي وقال: حديث حسن غريب" مع أن المذهب عند الحنابلة أن من استقاء فقاء أفطر، ويلزمه القضاء.
"والترمذي وقال: حسن غريب، وقال محمد -يعني البخاري-: لا أراه محفوظًا" يعني لا أظنه محفوظاً، "والدارقطني، وقال في رواته: كلهم ثقات، والحاكم وقال: صحيح على شرطهما، ورواه النسائي أيضاً موقوفاً، وقد روي عن أبي هريرة أنه قال في القيء: ((لا يفطّر))" أو لا يفطِر، يعني مقتضى قول من يقول أن الفطر مما دخل لا مما خرج أن القيء لا يفطر كالحجامة، ومن يصحح هذا الحديث وهو قابل للتصحيح قال: إذا تعمد القيء فإنه يفطر، أما من ذرعه القيء وسبقه القيء وغلبه القيء فإنه لا قضاء عليه، ولا يفطر بذلك، والحديث مختلف فيه.
"قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: ليس من ذا شيء" يعني لا في حال الغلبة ولا في حال الاستدعاء، مع أن المعروف في مذهبه أن القيء بل طلب القيء واستدعاء القي مفطر.
الترمذي قال: حسن غريب، وفي الغالب وبعضهم يطرد ذلك، لكنه ليس بمطرد في الغالب، أنه إذا قال في حديث: "حسن غريب" يعني ضعيف، وهذا أغلبي، وليس بكلي، كما يقول بعضهم.
"وقال: قال محمد -يعني البخاري-: لا أراه محفوظًا، والدارقطني وقال في رواته: كلهم ثقات، والحاكم وقال: صحيح على شرطهما، ورواه النسائي موقوفاً" يعني على راويه وهو أبو هريرة، كيف البخاري -رحمه الله تعالى- لا يثبت عنده الخبر ويثبت عند غيره من يرجح؟
طالب:........
من الأئمة كأحمد مثلاً؟
طالب:........
كيف؟
طالب:........
يعني لو افترضنا أن البخاري قال: هذا حديث ليس بصحيح، وصححه أحمد، أو صححه غيره من الأئمة المعتبرين.
طالب:........
والله ما أدري ويش أنت تقول؟ انقلوا كلامه يا الإخوان؟
طالب:........
يعني يرجح قول البخاري أو غيره؟
طالب:........
البخاري؛ لأنه إمام الصنعة، لكن.... هاه؟
طالب:........
لماذا؟
طالب:........
لا، لا، لا تنزل درجة البخاري عن أحمد ولا عن غيره حتى في غير الصحيحين، حتى فيما نقل عنه، لكن قد يقول قائل: إنه ليس من شرط الصحة أن يبلغ شرط البخاري، فقد لا يصل الحديث إلى شرطه وهو صحيح عند غيره، فلا يراه البخاري صحيحاً؛ لأنه لا يصل إلى شرطه، وهو عند غيره صحيح، وهل نحن ملزمون ألا نعمل إلا بما اشترطه البخاري؟ لسنا بملزمين بذلك، يعني إذا صححه إمام معتبر كما لو كان الحديث مخرج في المسند أو في السنن، وبلغ درجة الصحيح، وترجم الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- بما يرد هذا الحديث، نقول: نعم، البخاري لا يثبت هذا الحديث على شرطه، لا يصح على شرطه، لكنه يصح عند غيره، البخاري يقول: لا أراه محفوظاً، يعني على طريقته ونقده، لكن هو صحيح عند غيره، يعني إذا كان البخاري يشترط الدرجة العليا، يعني إذا كان الحديث صحيح على شرط مسلم، ومن يقول بقوله وهم الجمهور بالاكتفاء بالمعاصرة، وصُحح على هذا الأساس، ولم يبلغ شرط البخاري، وليس بصحيح على شرطه، هل نقول: إن الحديث ليس بصحيح؛ لأن إمام الصنعة رده؟ لا.
بقي أن نشير وقد أشرنا مراراً أن البخاري ينسب إليه أقوال وتصحيح أحاديث منها ما هو في صحيحه، ومنها ما هو خارج صحيحه، فما في الصحيح لا يرجح عليه أحد كائناً من كان، يعني حديث ابن عمر في رفع اليدين بعد الركعتين خرجه البخاري، وصححه مرفوعاً، والإمام أحمد لا يراه مرفوعاً، ويصحح الوقف على ابن عمر، هل نوازن بين قول البخاري وقول الإمام أحمد؟ ما في أدنى موازنة بين القولين؛ لأن التصحيح في الصحيح الذي تلقته الأمة بالقبول، وله شأن عند الأمة، فلا يعدل به غيره، لكن لو كان تصحيح حديث ابن عمر من البخاري خارج الصحيح فيما نقله عنه الترمذي أو غيره نظرنا في قول البخاري مع أقوال الأئمة، ووازنا بين القولين؛ لأنه إمام كغيره من الأئمة، أما إذا حكم على صحة حديث وخرجه في صحيحه، هذا ليس لأحد كلام، ولا يعدل بقوله قول أحداً كائناً من كان؛ لأن الأمة مجمعة على ترجيح ما في البخاري على غيره، أما ما ينسب إلى البخاري ولو صح في غير الصحيح فيما ينقل عنه من أقوال في الأحاديث تصحيحاً وتضعيفاً فهذا قوله فيه كغيره من سائر الأئمة.
طالب:........
كيف؟
طالب:........
يعني يزاد يضاف إليه؟
طالب:........
لا، مستحيل هذا.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
"
يرجى ذلك؛ لأنك ملكته، بإعطائه إياك أنت ملكته، وقد يقول قائل وهو متجه: إن المعطي الأول ليس له مثل أجرك؛ لأنك ما أفطرت على طعامه، وإنما له مثل أجر من أفطر على طعامه، وأنت حينئذٍ تكون واسطة ودال على هذا الخير.
جاء التوضيح على شربة ماء، على مذقة لبن، على كذا.
إذا كان الأكل من طعامه يجبر خاطره فالأكل من طعامه مستحب، وقد يجب كما في وليمة العرس، أما كونك تتورع عمن في طعامه شبهة هذا لا إشكال فيه.
يقول: أنا طالب علم ومجتهد في طلبه ومحب للعلم والقراءة والطلب، ولكني أشكو من ملازمة إحدى الكبائر التي تعيقني عن المواصلة وتثبطني، وهي إدمان النظر الحرام في الإنترنت، وهو بلوى ملازم لي من حوالي عشر سنوات، يقول: دلني على الطريق، وادع لي في هذه الساعة المباركة من أن يصرفني عن السوء والفحشاء؟
أول ما يجب عليك أن تتخلص من الإنترنت، فلا تنظر في خيره ولا شره، إذا كان يقودك إلى الحرام، فما عند الله أنت تقول: أنا أنظر فيه لأن فيه ما ينفع، وفيه علم، وفيه ما يقرب إلى الله، نقول: ما عند الله لا ينال بسخطه، فأول خطوة تخطوها أن تتخلص من الإنترنت، ولا تقول: فيه فوائد فيه كذا فيه كذا، لا؛ لأن فيه ضرر عليك، وأنت لا تستطيع أن تتخلص من هذا الضرر إلا بالبراءة منه براءة كاملة، ولا شك أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
على كل حال مثلما ذكرنا، أدلة الجمهور على عدم إفطار الصائم كثيرة.
كون النبي -عليه الصلاة والسلام- يفعل مثل هذه الأمور لا يعني أنها بالنسبة لغيره ولو بنية الاقتداء أنه يؤجر عليها، ولا أنها هي الأولى بالنسبة له، بل قد ينهى عن الشيء ويفعله تشريعاً، فيؤجر عليه -عليه الصلاة والسلام-، وإن كان بالنسبة لغيره يبقى على المنع، قد ينهى عن الشيء -عليه الصلاة والسلام- ثم يفعله صرفاً للنهي من التحريم إلى الكراهة، فيبقى الحكم فيه بالنسبة لغيره مكروهاً، ولا يقال: إن هذا بالنسبة لغيره ولو بالاقتداء بالنبي -عليه الصلاة والسلام- أنه يؤجر عليه، أو أنه هو الأولى له، لا، قد يقال: إن هذا خلاف الأولى.
لا، لا يحتج بها، القراءات الصحيحة غير المتواترة التي يثبت بعضهم بها القرآن، ولا يشترط التواتر، والجمهور على أنه لا يثبت قرآن إلا بالتواتر، منهم من يقول: إن حكمها حكم الحديث النبوي، يستدل بما دلت عليه من حكم، ولا تثبت بها قراءة.
إذا كان الصوم فرض فلا بد من أن يبيت النية من الليل، وإذا لم يبيت النية من الليل فإنه لا يصح صيامه.