شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح - كتاب الصوم (عام 1427 هـ) - 27
المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده، ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلًا ومرحبًا بكم إلى حلقة جديدة ضمن برنامجكم شرح كتاب الصيام من كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح. مع مطلع هذه الحلقة يسرنا أن نرحب بصاحب الفضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير. فأهلًا ومرحبًا بكم فضيلة الدكتور.
حياكم الله، وبارك فيكم، وفي الإخوة المستمعين.
المقدم: توقفنا في باب ما يُذكر من صوم النبي -صلى الله عليه وسلم- وإفطاره في حديث أنس-رضي الله عنه- برقم تسعمائة وثمانية وثلاثين في المختصر، وألف تسعمائة وثلاثة وسبعين في الأصل عند لفظة: «ولا عبيرة».
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلمَ وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد،
ففي قوله في الحديث: «وَلاَ شَمِمْتُ مِسْكَةً وَلاَ عَبِيرَةً أَطْيَبَ رَائِحَةً مِنْ رَائِحَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم». مضى الكلام في المسك، وبدأنا في الكلام على العبير فقولهُ: «ولا عبيرة» بالموحدة المكسورة، والتحتية الساكنة. يضبطون بمثل هذا بالموحدة المكسورة، والتحتية الساكنة، عبيرة الموحدة التي هي الباء، والتحتية التي هي الياء الساكنة. أليست الباء تحتية؟
المقدم: بلى.
لماذا يقولون: الياء التحتية؟ ولا يقولون: الباء التحتية.
المقدم: قد تختلط بالباء فيجعلون هذه التحتية التي هي الياء، وقد يقال: إن الياء تشبهها التاء.
نعم فوقية.
المقدم: فوقية، وإلا فالباء قد تشبهها النون أحيانًا.
تشبهها النون.
المقدم: أحيانًا. نعم.
وهل نحن بحاجة إلى أن نقول: مكسورة، وبعدها ياء؟ يعني لو تريد ضبط قال، أنت بحاجة أن تضبط القاف بالفتحة؟
المقدم: لا ما دام بعدها ألف.
نعم. وهنا هل نحن بحاجة إلى أن نضبط الباء، وبعدها ياء؟
نعم بحاجة.
المقدم: إذا لم تكن ساكنة.
أين؟ نحن بحاجة أن نضبط الباء؛ لأن الياء قد تتحرك معها أو قد تسكن معها الباء. الألف ملازمة للسكون.
المقدم: نعم.
لكن الياء قد تتحرك. نعم لأنه لو لم تضبط بها الضبط قال: ولعنترة مثلًا.
المقدم: نعم.
ممكن.
المقدم: صح.
يضبطون بالحروف كما هنا، ولا يكتفون بالحركات، لا يكتفون بالحركات، ويضبطون أيضًا بالنظير، وبالضد نعم. مثلًا حرام بن عثمان ضد الحلال.
المقدم: ضد الحلال، نعم.
الحكم بن عتيبة تصغير عتبة الدار مثلًا. المقصود أنهم يضبطون مثل هذا كل هذا من أجل ألا يخطئ القارئ، وهذا من عنايتهم بالسنة.
قالوا: العبير طيبٌ معمولٌ من أخلاط، ولابن عساكر: ولا عنبرة، ولا عنبرة بنون ساكنة فموحدة مفتوحة فموحدةٍ مفتوحة. القطعة من العنبر المعروف قاله: القسطلاني، وفي المصباح: العبير مثل كريم أخلاط تُجمع من الطيب، والعنبر فنعل طيبٌ معروف يُذكر، ويُؤنث ويقال: هو العنبر، وهي العنبر، انتهى. في زاد المعاد يقول ابنُ القيم -رحمه الله-: وأما العنبر الذي هو أحد أنواع الطيب، فهو من أفخر أنواعه بعد المسك، وأخطأ من قدمه على المسك، وجعله سيد أنواع الطيب، وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال في المسك: «هو أطيب الطيب»، وهو طيب الجنة، والكثبان التي هي مقاعد الصديقين هناك من مسك لا من عنبر. إذا كان ترابها المسك، إذا كان ترابها المسك يعني الجنة. فماذا عن كنزها؟ كنز الجنة.
المقدم: سيكون أعظم.
أعظم، وأعظم، وهل هذا الكنز يصعب حصوله؟ أو يحصل بقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.
المقدم: يحصل.
لكن هذا الحرمان، وإلا مثل هذا الكلام لمن كان له قلب، يقف عنده. ما يمره يعني من كثبان المسك من تراب الجنة. فإذا نظرنا إلى أن التراب الذي يُداس بالأقدام المسك. فماذا عن الكنز؟ «ولا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة».
يقول: والكثبان التي هي مقاعد الصديقين هناك من مسكٍ لا من عنبر، والذي غرّ هذا القائل أنه لا يدخُلهُ التغير على طول الزمن. فهو كالذهب، وهذا لا يدل على أنه أفضل من المسك. فهو بهذه الخاصية الواحدة لا يقاوم ما في المسك من الخواص، وبعد فضروبهُ كثيرةٌ، وألوانه مختلفة، فمنه الأبيض، والأشهب، والأحمر، والأصفر، والأخضر، والأزرق، والأسود، وذو الألوان، وأجودهُ الأشهب ثم الأزرق ثم الأصفر، وأردؤه الأسود، وقد اختلف الناس في عنصرهِ. فقالت طائفةٌ: هو نباتٌ ينبت في قعر البحر فيبتلعُهُ بعض دوابهِ. فإذا ثملت منه قذفتهُ. فإذا ثملت منه قذفتهُ رجيعًا، كيف ثملت؟
المقدم: سكرت يعني.
ما فيه شك أن السكران يثمل إذا سكر. لكن هل هنا معنى ثملت يعني سكرت؟ أو امتلأت مثلًا.
المقدم: تغير طبعها مثلاً أو امتلأت.
أو تغير مزاجه. المقصود أنها تقذفه رجيعًا فيقذفهُ البحرُ إلى ساحلهِ، وقيل: طلٌّ ينزل من السماء في جزائر البحر فتلقيه الأمواجُ إلى الساحل، وقيل: روث دابةٍ بحرية تُشبهُ البقرة، وقيل: بل هو جثاءٌ من جُثاءِ البحر أي زَبَدُهُ، الخلاف في المحسوسات في مثل هذا. يعني أقوال كثيرة في أصلهِ. ألا يمكن الوصول إلى الحقيقة؟ يمكن الوصول.
المقدم: بلى خصوصًا في الوقت الحاضر.
وحتى في السابق ممن هو..
المقدم: أهل خبرة، ومعرفة.
يعني في بلد البحر مثلًا يعني نظير ما اختلفوا في الجراد. هل هو بري أو بحري؟ وترتب عليه فداؤهُ بالنسبة في الحرم أو المحرم. يعني جاء عن بعض الصحابة بأسانيد صحيحة أنه: بحري، وأنهُ نثرة حوت، وهل يؤيدهُ الواقع أو يخالفه؟ يعني مثل هذه الوصول فيها إلى الحقيقة ممكنة. فالاختلاف في مثل هذا حقيقًة مع أنه جاء عن الصحابة، لكن الذي يظهر أن من ذُكر عنه من الصحابة إنما تلقاهُ عن أهل الكتاب.
قال صاحب القانون، من صاحب القانون؟
المقدم: ابن سينا.
ابن سينا نعم، هو فيما يظن ينبع من عينٍ في البحر، والذي يقال: إنه زَبدُ البحر أو روثُ دابةٍ بعيد انتهى. صاحب القانون عرفنا أنه ابن سينا يقول: هو فيما يظنُّ ينبعُ من عين في البحر، والذي يقال: إنه زَبدُ البحرِ أو روثُ دابة بعيد انتهى.
المقدم: كتابه هذا في الطب يا شيخ.
نعم كتاب مطبوع في أوروبا، وفي مصر في مطبعة بولاق قديم مطبوع، والناس اعتنوا به عناية غير المسلمين اعتنوا به أكثر من المسلمين، والمسلمون لهم عناية به؛ لأنهُ في بابه أصل. يعتبرونه أصلًا في الطب، لكن مع ذلك انظر إلى القلوب النظيفة يؤثر فيها، النووي يقول: إنه أدخل القانون، ونظر فيه فتغير قلبه، وساء حفظهُ، وفهمهُ.
المقدم: رحمهُ الله.
وما عادت إليه طبيعته حتى أخرجهُ من بيتهِ، ويوجد في بيوت طلاب العلم، وعندنا منه نسخة أو أكثر، وننظر فيه، وكأن شيئًا لم يكن، والله المستعان.
المقدم: لكن نفس الكتاب يا شيخ فيه سوء يعني نفس..
فيه سوء الخواص مثل ما ذكرنا في الحلقة السابقة.
المقدم: نعم.
الخواص، وهو لشخصٍ عُرف بانحرافه.
المقدم: طيب معروف.
نعم هو شخص عُرف بانحرافه فمثل هذا الاعتماد على كتبهِ مشكل يعني يُغرر به.
المقدم: لكن يا شيخ يبدر في مثل هذه القضية الفرق بين الاعتماد، والقبول، يعني لو أدخل طالب العلم في مكتبته كتابًا علميًّا يحتاج إليه، ومؤلفه مُلحد كافر.
يوجد في مكتبات المسلمين، وباللغة العربية كتب بالطب ألفها يهود.
المقدم: طيب هل هذا إذا كان في مجاله، وتخصصه مفيد؟
وفيه ابن الدّيان متطبب يهودي في زمن شيخ الإسلام، يحضر دروس الحديث، وترددوا في كتابة اسمه في الطباق ممن حضر، من أجل الرواية، والإجازة، وما أشبه ذلك. نعم الكافر له أن يسمع. لكن قبول روايته، وقبول أدائه إنما يكون بعد...
المقدم: إسلامه.
إسلامه، ولا بد مثل جبير بن مطعم لما جاء فداء أسرى بدر قبل أن يُسلم، وسمع النبي -عليه الصلاة والسلام- يقرأ في صلاة المغرب في سورة الطور، مخرج في الصحيحين، وسمعه قبل إسلامه شيخ الإسلام قال: أثبتوا سماعه والعهدة علي، فكانت النتيجةُ أن أسلم، وروي عنه، ومترجم في الدرر الكامنة، وغيرها.
المقدم: شيخ الإسلام يقول: أثبتوا سماعه.
أثبتوا سماعه نعم. فيمن سمع.
المقدم: نعم.
أثبتوا ما المانع سمع، لكن هل يعتمد على روايته؟ ما اعتمد علي روايته إلا إذا أسلم تحقق فيه الشرط.
المقدم: هو أسلم قبل شيخ الإسلام.
لا، ما أسلم قبل شيخ الإسلام، فكلام شيخ الإسلام قبل أن يسلم.
المقدم: جبير بن مطعم.
لا ابن الدّيان اليهودي.
المقدم: دخلت قصة جبير أنا استغربتها.
لا جبير بن مطعم صحابي.
المقدم: أي هذا هو.
المقدم: أنا استغربت كيف.
لالا ابن الديان. أستغفر الله وأتوب إليه. لا ما يظن.
المقدم: طيب.
ما يمشي على آحاد الطلاب هذا، المقصود أن في مكتبات المسلمين باللغة العربية أُلف كتب بالطب من يهود، ومن يزاول مهنة الطب من المسلمين اعتمد عليها، وهم في الأصل أُخذت عن المسلمين، وترجمت إلى اللغات وأُستفيد منها، فهي في بابها، لكن للعالم يعني مثل النووي شخص أو من في منزلته ممن له عناية بالعلم، والعمل يترك مثل هذه الأمور لغيره. يعني طالب العلم يعني يستفيد من مثل زاد المعاد الذي فيه مجلد كامل في الطب النبوي الجزء الثالث، الجزء الرابع.
من زاد المعاد في الطب النبوي ابن القيم إمام محقق، وكلامه من كلام أهل السنة، وعليه نور يستفاد منه، وعلى كل حال هذه المسألة قد لا يدركها الإنسان العادي أمثالنا لا يدركها؛ لأن القلوب قد ران عليه ما ران فلا يؤثر فيها مثل هذه الأمور، والله المستعان، ويقول ابن القيم: ومزاجهُ يعني العنبر حارٌّ يابس مقوي للقلب، والدماغ، والحواس. مقوي للقلب، والدماغ، والحواس، وأعضاء البدن نافعٌ من الفالَج، ما الفالج؟
المقدم: المرض النصفي.
الشلل.
المقدم: نعم النصفي.
واللقوة، والأمراض البلغمية، وأوجاع المعدة البالغة، والرياح الغليظة ومن السُّدد إذا شُرب أو طُلي به من خارج، وإذا تبُخر به نفع من الزكام، والصداع، والشقيقة الباردة، ونعيد ما ذكرناه سابقًا من أن هذه الأحكام التي تُعطى لهذه الأدوية من قبل الأطباء، وتوجد في كتب الطب معناه.
المقدم: بناء علي تجربة.
أنها جربت جربت، ونفعت لكن كونها تنفع لزيد قد لا تنفع لعمرو. لوجود مانع في بدنه أو لأن بدنه أقوى من أن يتأثر بهذه الأمور أو أضعف فهم يبنون على..، عندنا نسخة من تذكرة داود كانت من مقتنيات لواحد من أهل العلم توفي من أربعين أو خمسين سنة. عليه تعليقات له، عمي فلان أُصيب بضربة مسمار في رجلهِ فانتفخت رجلهُ فوضع عليها لبخة، قال: لبخة، اللبخة هذه تطحن.
المقدم: أخلاط يعني أخلاط مطحونة.
نعم من المشروبات هذه مثل الملوخية، وشبهه فعوفي بإذن الله، وفلان أصابته كدمةٌ في أُصبعه من حصاة وضع عليها عجين، عجين الدقيق. من هذه التجارب أنها قد تنفع مثل ما في الكتاب الأصل لأنها تجارب. لكن مع ذلك لابد أن تكون هذه التجارب ناتجة عن الاستقراء، يعني لأكثر من حالة، ولأكثر من شخص متفاوتين في طباعهم، وفي أجسامهم.
«أطيب رائحة من رائحة رسول الله-صلي الله عليه وسلم-» وللكشميهني من ريح رسول الله-صلي الله عليه وسلم- قال ابن بطال: هذا يدل على كمال فضائل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- خلقًا، وخُلقا، وأما طيب رائحته فإنما طيبها الله لمباشرتهِ الملائكة، ومناجاته لهم. قال ابن حجر: وفي حديثي الباب يعني حديث ابن عباس «ما صام النبي -صلى الله عليه وسلم-».
المقدم: صلي الله عليه وسلم.
«شهرًا كاملاً قط غير رمضان ويصوم حتى يقول القائل: لا، والله لا يفطر، ويفطر حتى يقول القائل: لا، والله لا يصوم». مع حديث أنس المشروح في حديثي الباب حديث ابن عباس مع حديث أنس الذي نتولى شرحهُ الآن.
المقدم: لكن ليس في الباب هذا يا شيخ حديث الباب الذي قبله.
حديثي الباب.
المقدم: لا في حديث الباب الذي قبله يا شيخ.
نعم لا في نفس الباب ما يذكر من صوم النبي –عليه الصلاة والسلام- إفطاره.
المقدم: نعم أعاد الحديث يعني.
لا هو في الحديث هو بنفس الباب في الأصل في البخاري بنفس الباب.
المقدم: في باب ما يذكر من صوم النبي.
نعم حديث ابن عباس، وفي حديث أنس.
المقدم: حديث ابن عباس في الباب الذي يليه يا شيخ، وحديث عائشة أليس في باب صوم شعبان، وذكر في صوم النبي -صلي الله عليه وسلم- شهرًا كاملًا؟
المقصود أن ابن حجر، وهو يشرح الأصل، وحديث ابن عباس في الباب قالوا: في حديثي الباب، كون البخاري ذكرهُ قبله أو بعده هذا ما يؤثر، لا يُحيل على المتقدم، والحديث بين يديه في الباب بنفسه. في حديثي الباب استحباب التنفُّل بالصوم في كل شهر، وأن صوم النفل المطلق لا يختص بزمان. إلا ما نُهي عنه، وأنه-صلي الله عليه وسلم- لم يصم الدهر ولا قام الليل كله، وكأنه ترك ذلك؛ لئلا يقتدى به فيشق على الأمة، والحديث أخرجه الإمام البخاري في أربعة مواضع.
الأول: في كتاب التهجد في باب قيام النبي -عليه الصلاة والسلام- بالليل، ونومه، وما نسخ من قيام الليل، في كتاب التهجد في باب قيام النبي -عليه الصلاة والسلام- بالليل ونومه، وما نسخ من قيام الليل، ما الذي نسخ من قيام الليل؟
المقدم: قيام كل الليل {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَىٰ مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ}[المزمل:20].
نعم قد يكون النسخ في وجوبه على النبي -عليه الصلاة والسلام- كان واجبًا عليه.
المقدم: نعم.
قال -رحمه الله-: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله قال: حدثني محمد بن جعفر عن حميدٍ أنه سمع أنسًا -رضي الله عنه- يقول: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُفْطِرُ مِنَ الشَّهْرِ حَتَّى نَظُنَّ أَنْ لَا يَصُومَ مِنْهُ» الحديث بنحوه، والمناسبة ظاهرة في قوله: وكان لا تشاء أن تراه مصليًا إلا رأيته، ولا نائمًا إلا رأيته، مناسب لقيام النبي-عليه الصلاة والسلام-، والموضع الثاني، والثالث: في كتاب الصيام باب ما يذكر من صوم النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإفطاره. يعني ذكره مرتين في هذا الباب نعم. قال -رحمه الله-: حدثني عبد العزيز بن عبد الله قال: حدثني محمد بن جعفر عن حميدٍ أنه سمع أنسًا -رضي الله عنه- يقول: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «يُفْطِرُ مِنَ الشَّهْرِ حَتَّى نَظُنَّ أَنْ لَا يَصُومَ مِنْهُ، وَيَصُومُ حَتَّى نَظُنَّ أَنْ لَا يُفْطِرَ مِنْهُ شَيْئًا ، وَكَانَ لَا تَشَاءُ أَنْ تَرَاهُ مِنَ اللَّيْلِ مُصَلِّيًا إِلَّا رَأَيْتَهُ، وَلَا نَائِمًا إِلَّا رَأَيْتَهُ» في السندين قال: حدثني عبد العزيز بن عبد الله قال: حدثني محمد بن جعفر عن حُميد أنه سمع أنسًا -رضي الله عنه- يقول: هذا تكرار باللفظ اللهم إلا اختلافًا يسيرًا في المتن، وعرفنا أن البخاري فيما تقدم من حلقات أنه لا يكرر حديثًا بإسناده، ومتنه إلا نادرًا، نادرًا بدون زيادة، ولا نقصان إلا في نحو عشرين موضعًا، وهذا تقدم، وقال: سليمان عندنا في الأصل يقول: وقال: سليمان عن حُميدٍ أنه سأل أنسًا في الصوم ح قال: حدثني محمدٌ قال: أخبرنا أبو خالد الأحمر قال: أخبرنا حميد، قال: سألتُ أنسًا -رضي الله عنه-عن صيام النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال: «مَا كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَرَاهُ مِنَ الشَّهْرِ صَائِمًا إِلاَّ رَأَيْتُهُ، وَلاَ مُفْطِرًا إِلاَّ رَأَيْتُهُ» فذكرهُ، والمناسبة ظاهرة، وقد تقدمت الكرماني في قول: وقال: سليمان عن حُميد، الكرماني يقول: هو سليمان أبو خالد الأحمر ضد الأبيض، يعني هذا حتى موضح في الرواية الثانية، وقال سليمان عن حميد أنه سأل أنسًا في الصوم، ح وحدثني محمدٌ قال: وحدثنا أبو خالد الأحمر، أخبرنا حميد، الكرماني يقول: سليمان هو أبو خالد الأحمر ضد الأبيض، وقال ابن حجر: كنت أظن سليمان هذا هو ابن بلال، ووقف على كلام الكرماني، نعم كنت أظنُ أن سليمان هذا هو ابن بلال، لكن لم أرهُ بعد التتبع التام من حديثه. يعني من حديث سليمان ابن بلال. فظهر لأنه سليمان بن حيان أبو خالد الأحمر. يعني ما قلد الكرماني مباشرة. إنما غلب على ظنه أنه ابن بلال. ثم بعد التتبع التام ما وجده من حديث سليمان بن بلال.
المقدم: فغلب على ظنه.
فظهر له يعني ترجح عندهُ أنه سليمان بن حيان أبو خالد الأحمر الآن، ونحن نقرأ في الأسانيد يأتينا اسم مُهمل يعني يهجم على الذهن تعيينه بفلان ابن فلان.
المقدم: صح.
ثم بعد ذلك يتبين أنه غيره. ابن حجر ما قلد الكرماني، ولذلك عتب عليه العيني، وقال العيني: قال بعضهم: كنت أظن أن سليمان هذا هو ابن بلال لكن لم أره بعد التتبع التام من حديثه. فظهر أنه سليمان بن حيان أبو خالد الأحمر. انتهى. قلتُ: يعني العيني، هذا الكرماني قال: هو سليمان هو ابن خالد الأحمر ضد الأبيض من غير ظنٍّ، ولا حسبان. جزم به فهو يعتب على ابن حجر لماذا ما قلدهُ.
المقدم: نعم.
ولو قال مثل ما قاله يعني لو أن بعضهم هذا الذي هو ابن حجر قال مثل ما قاله يعني الكرماني لم يحوجه شيءٌ إلى ما قالهُ، ولكنه كأنه لما رأى كلام الكرماني لم يعتمد عليه لقلة مبالاته به. ثم لما تفتش بتتبعٍ تام. ظهر له أنه الذي قاله الكرماني هو هو، وفي جملة الأمثال ”خبزُ الشعير يؤكل، ويذم”.
ما في شك أنهم اعتمدوا على الكرماني، واستفادوا منه فائدة عظيمة. كل من جاء منه استفاد منه. لكن إذا زل هم له بالمرصاد.
المقدم: نعم.
نعم فأتمنى أنهم مع ردودهم عليه منه يثنون عليه على الأقل، ويدعون له هو صحيح بالفعل كلهم استفادوا منه لكنه فيه أوهام. نعم يمدح في موضع المدح، وينتقد في موضع النقد الآن العيني يُنتقد الحافظ ابن حجر أنه لا يعتمد كلام الكرماني.
المقدم: نعم.
فيقول: لماذا يعني أنه هو من الأصل ينقل عن الكرماني في مواضع، ويؤيده، ويعارضه. لماذا؟ ما قالوا: ابن خالد الأحمر مباشرة قلت: وأنا أقول: كون ابن حجر لا يعتمد على كلام الكرماني لأنه محقق. ابن حجر ما يقلد في مثل هذا لاسيما مثل الكرماني. لكثرة أوهامه في هذا الباب أعني باب الأسماء.
المقدم: صحيح.
وابن حجر إمامٌ محقق يعتمد في نتائجه على بحثه بنفسه. لا على غيره إلا إذا كان المتقدم من أئمة هذا الشأن يعني لو جزم الكلباذي أو غيره ممن له عناية بمبهمات الصحيح، والُمهمل، وأبو على الجياني والغساني يعني لو كان من هؤلاء يعتمده. إلا إذا كان يخالفه أما الكرماني فابن حجر لا يعتمد عليه في هذا الباب، ولا يلام ابن حجر أنه بحث.
المقدم: صحيح.
لا يلام أنه بحث.
الموضع الرابع: في كتاب المناقب في باب صفة النبي -صلي الله عليه وسلم- قال: حدثنا سليمان بن بلال قال: حدثنا حماد عن ثابت عَنْ أَنَسٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ:
«مَا مَسِسْتُ حَرِيرًا وَلَا دِيبَاجًا أَلْيَنَ مِنْ كَفِّ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَا شَمِمْتُ رِيحًا قَطُّ أَوْ عَرْفًا قَطُّ أَطْيَبَ مِنْ رِيحِ أَوْ عَرْفِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-» والمناسبة ظاهر أنها في صفة النبي -عليه الصلاة والسلام-.
المقدم: والعجيب المختصر ما أشار إلى المواضع، ولم يذكر حتى لا المناقب.
أي لأن الحديث مُخرج سابقًا.
المقدم: ما قال: أنظر فقط.
نعم، يرجعك للموضع الذي فيه الإحالات.
المقدم: نعم جيد، جزاكم الله خيرًا.
فذكرنا الإحالات هنا، والأصل أن تذكر في الموضع الأول لقلتها، وإلا ففي الحديث الذي يليه لن نتعرض للمواضع؛ لأنها تسعة عشر موضعًا تحتاج إلى حلقات.
المقدم: صح تأتي في بابها.
نتركها في الموضع الأول على ما جرينا عليه، إن شاء الله تعالى.
المقدم: جزاكم الله خيرًا و أحسن إليكم ونفع بعلمكم.
أيها الإخوة والأخوات، بهذا نصل وإياكم إلي ختام هذه الحلقة من شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح لقاؤنا بكم بإذن الله في حلقتنا القادمة وأنتم على خير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.