شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح (219)
المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، طابت أوقاتكم جميعًا بكل خير، وأهلاً بكم إلى حلقة جديدة في برنامجكم شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح، وهو مختصر صحيح الإمام البخاري.
مع بداية هذه الحلقة يسرنا أن نرحب بصاحب الفضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير، فأهلاً ومرحبًا بكم فضيلة الدكتور.
حياكم الله، وبارك فيكم وفي الإخوة المستمعين.
المقدم: لازلنا في الفوائد التي تتفضلون بذكرها في حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
فالفوائد ذكرت على سبيل الإجمال وتفصيلها في الأطراف، تفصيلها في الأطراف.
هذا الحديث خرجه الإمام البخاري في تسعة عشر موضعًا، في تسعة عشر موضعًا:
الأول: هنا في كتاب العلم: باب السمر في العلم قال -رحمه الله تعالى-: حدثنا آدم قال: حدثنا شعبة قال: حدثنا الحكم قال: سمعت سعيد بن جبير عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: «بت في بيت خالتي ميمونة بنت الحارث فذكره». والمناسبة سبق بيانها.
والثاني: في كتاب الوضوء، باب التخفيف في الوضوء، باب التخفيف في الوضوء قال -رحمه الله-: حدثنا علي بن عبد الله، قال حدثنا سفيان عن عمروٍ قال: أخبرني كريب عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نام حتى نفخ، ثم صلى»، «نام حتى نفخ، ثم صلى»، وربما قال: «اضطجع حتى نفخ ثم قام فصلى» الحديث، وفيه: «ثم أتاه المنادي فآذنه بالصلاة، فقام معه إلى الصلاة، فصلى ولم يتوضأ».
قلنا لعمروٍ: إن ناسًا يقولون: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تنام عينه ولا ينام قلبه، قال عمرو: سمعت عبيد بن عمير يقول: رؤيا الأنبياء وحي، ثم قرأ: { إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ }[الصافات:102].
لأنها في حكم اليقظة؛ لأنها في حكم اليقظة؛ لأنه نام حتى نفخ، فقام إلى الصلاة ولم يتوضأ، الشاهد قوله في أثناء الحديث: «فتوضأ من شن معلق وضوءًا خفيفًا»؛ لأن الترجمة باب التخفيف في الوضوء، في أثناء الحديث قال: «فتوضأ من شن معلق وضوءًا خفيفًا، يخففه عمرو ويقلله» والمناسبة ظاهرة.
الموضع الثالث: كتاب الوضوء، باب قراءة القرآن بعد الحدث وغيره، كتاب الوضوء، باب قراءة القرآن بعد الحدث وغيره، وقال منصور عن إبراهيم: لا بأس بالقراءة في الحمام، لا بأس بالقراءة في الحمام، والمراد بالحمام...
المقدم: مكان الوضوء.
مكان الاستحمام الذي هو الغسل والوضوء وغيرها، ولكن ليس محل قضاء الحاجة؛ لأن قد يسمع السامع هذه الكلام...
المقدم: فيعتقد أنه مكان قضاء الحاجة.
فيعتقد أنه مكان قضاء الحاجة، للتوحيد بينهما عند كثير من الناس، كثير من الناس مكان قضاء الحاجة هو الحمام، يقول: باب قراءة القرآن بعد الحدث وغيره، وقال منصور عن إبراهيم: لا بأس بالقراءة في الحمام.
ويكتب الرسالة على غير وضوء. وقال حماد عن إبراهيم: إن كان عليهم إزار فسلم وإلا فلا تسلم.
إن كان عليهم إزار فسلم وإلا فلا تسلم، من يعني؟ الذين في الحمام.
المقدم: يتوضؤون نعم.
إن كان عليهم إزار فسلم وإلا فلا تسلم. لماذا يقال مثل هذا الكلام؟
المقدم: يعني هذه توقع أن يمر عليهم وهم لا يلبسون الإزار؟
يحصل التساهل في الحمامات لاسيما بعد الصحابة وبعد أهل التحري، وقال حماد عن إبراهيم: إن كان عليهم إزار فسلم؛ لأنه في الحمامات يحتاجون إلى التخفف من الثياب.
المقدم: لكن قصده حتى لا يردوا عليك وهم بهذا الوضع يقول: وعليكم السلام ورحمة الله.
إما لهذا لأن الوضع غير مناسب للذكر، نعم، أو لأنهم ارتكبوا معصية، ومرتكب المعصية لا يسلم عليه.
من باب تعزيره وردعه، وهذا يحتاج إليه كثير في هذه الأوقات؛ لأنك أحيانًا تمر على شخص وهو يدخن مثلًا وتقول: السلام عليكم، أو من باب زجره وردعه تتركه دون سلام؟
المقدم: يختلف هذا يا شيخ باختلاف الأوقات والأزمان.
وأيضًا ما يقع ما يقر في القلب من الأثر المترتب على ذلك، يعني إن كان سلامك عليه يجعله يستحيي، ويقلع عن هذه المعصية فسلّم، بلا شك، وإن كان عدم سلامك عليه وتعزيرك إياه بترك السلام عليه يردعه، فلا تسلم.
المقدم: مثل ما هو حالهم المعروف منهم.
نعم، فالمقصود أن مثل هذا يستفاد منه؛ لأن بعض الناس يمر على صاحب المعصية ويهجره من غير نظر في العواقب؛ لأنه أحيانًا قد يعاند ويصر، ويترك ما هو أعظم، أحيانًا يكون في طريقك إلى المسجد يكون في طريقك إلى المسجد وبيده الدخان مثلًا، وفي وقت صلاة، هل تهجره وتقول: لا تسلم علي وأنت تحتاج إلى أمره بالصلاة أو نهيه عن هذا الدخان، أو تحتاج إلى مقدمة بأن تدخل إلى قلبه فتقول: السلام عليك يا أخي؛ لأنه ما زال في دائرة الإسلام ممن يسلم عليه، فتسلم عليه وتقول له: هذا الدخان يضرك، وتأتي بـ وتقول: إن أهل العلم يفتون بتحريمه، ومع ذلك الآن الصلاة تقام، مثل هذا الأسلوب ينقاد، لكن لو لم تسلم عليه...
المقدم: يزداد كره.. واستمرأ هذا العمل.
فلابد من مراعاة الأحوال.
قال -رحمه الله-: حدثنا إسماعيل قال: حدثني مالك عن مخرمة بن سليمان عن كريب مولى ابن عباس- رضي الله عنهما- أن عبد الله بن عباس أخبره: «أنه بات ليلة عند ميمونة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي خالته، فاضطجعت في عرض الوسادة يقول: فاضطجعت –ابن عباس-: فاضطجعت في عرض الوسادة، واضطجع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأهله في طولها، اضطجع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأهله في طولها» فذكر الحديث بطوله مفصلًا.
والمناسبة فيه للترجمة في قوله: «استيقظ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجعل يمسح النوم عن وجهه بيده ثم قرأ العشر الآيات الخواتم من سورة آل عمران، ثم قام إلى شنٍ معلقةٍ فتوضأ منها فأحسن وضوءه، ثم قام يصلي». الشاهد «جعل يمسح النوم عن وجهه بيديه ثم قرأ العشر الآيات» فقرأ القرآن قبل الوضوء، بعد الحدث قبل الوضوء.
المقدم: لكنه في المكان الذي يتوضأ فيه.
ثم قام إلى شن معلقة.
المقدم: إذن كيف يكون الترجمة هنا؟
الترجمة باب قراءة القرآن بعد الحدث وغيره، فكونه -عليه الصلاة والسلام- قرأ العشر الآيات ثم توضأ يدل على أن المحدث يقرأ القرآن، يقرأ القرآن وهذه غير مسألة مس المصحف. إنما يقرأه عن ظهر قلب.
المقدم: والقراءة في الحمام التي جاءت في آخر الترجمة.
لا بأس بالقراءة في الحمام هذا قول إبراهيم النخعي؛ لأن الحمام الأصل فيه أنه مكان طاهر، وليس محل قضاء الحاجة.
المقدم: لكن ما أخذها من هذا الحديث؟
لا.
المقدم: قد يكون من أثره.
لا، البخاري -رحمه الله- يذكر الآثار عن الصحابة والتابعين لأدنى مناسبة، ويحشد في الترجمة ما يستفيد منه القارئ، وأما بالنسبة للتحرير والتحقيق فهو للأخبار المرفوعة إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولذلك تجده كثيرًا ما يذكر هذه الآثار معلقة.
المقدم: ما فيه تعارض بين تحسين الوضوء وتخفيفه.
ما فيه أبدًا.
المقدم: قد يكون خففه وقد أحسنه -صلى الله عليه وسلم-.
أحسنه إذا توضأ مرة واحدة مرة مرة، المقصود أنه وضوء مجزئ.
المقدم: مجزئ؛ لأنه هنا قال: أحسن الوضوء.
أحسنه ولو مرة مرة ما يلزم أن يكون ثلاثًا ثلاثًا.
والرابع: في كتاب الأذان، باب يقوم عن يمين الإمام بحذائه سواء. يقوم عن يمين الإمام بحذائه سواء يعني المأموم يقوم عن يمين الإمام بحذائه سواءً إذا كانا اثنين. إذا كانا اثنين.
قال: حدثنا سليمان بن حرب قال: حدثنا شعبة عن الحكم قال: سمعت سعيد بن جبير، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: «بت في بيت خالتي ميمونة..» الحديث.
والمناسبة في قول ابن عباس: «فجئت فقمت عن يساره، فجعلني عن يمينه».
قال ابن حجر: بحذائه يعني في الترجمة أي بجنبه، فأخرج بذلك من كان خلفه أو مائلًا عنه، أو مائلًا عنه وقوله: سواء أخرج به من كان إلى جنبه، لكن على بعد عنه، لا يكون بحذائه سواء.
إذا كان بعيدًا عنه صف عن يمينه بعيدًا عنه، كذا قال الزين بن المنير، والذي يظهر أن قوله: بحذائه يخرج هذا أيضًا، يعني ما يحتاج إلى قوله سواء.
يخرج من كان ليس بحذائه متأخرًا عنه إما خلفه أو عن يمينه متأخرًا عنه.
وأما قوله: سواء؛ أي لا يتقدم ولا يتأخر، لا يتقدم ولا يتأخر، يقول ابن حجر: وفي انتزاع هذا من الحديث الذي أورده بعدٌ، لماذا؟ بحذائه سواء، هذا فيه بعد أن يكون بحذائه لا يتقدم ولا يتأخر، ليس فيه بعد، لكن ابن حجر مذهبه شافعي، شافعي يقول: وفي انتزاع هذا من الحديث الذي أورده بعدٌ، وقد قال أصحابنا: يستحب أن يقف المأموم دونه قليلًا، وكأن المصنف أشار بذلك إلى ما وقع في طرقه بلفظ: «فقمت إلى جنبه»، إلى جنبه يدل على أنه محاذٍ سواء بسواء، والمحاذاة سواء تدل على هذا، لكن ابن حجر أثر فيه المذهب هنا.
أثر فيه المذهب.
المقدم: وعرف عنه -رضي الله عنه- ضبط مثل هذه الألفاظ يعني لو كان متأخرًا لأشار بالتأخر، ولو كان يسيرًا.
بلا شك، يقوم عن يمين الإمام بحذائه سواء إذا كانا اثنين، لكن لو كانت صفوف، وجاء الصفوف متراصة المتأخر، وصلى بحذاء الإمام بجانبه سواء، لم يجد مكانًا في الصف يصلي بجانب الإمام، وصلاته صحيحة، صحيحة إذا كان عن يمينه، وهل صلاته بجانب الإمام أفضل من الصف الأول باعتباره متقدمًا عليه؟
المقدم: لا.
نعم؛ لأن هذا الصف حاجة، وليس صفًّا أصلًا، بل هذا المكان أفضل منه آخر الصفوف؛ لأن هذا إنما يلجأ إليه يلجأ إلى مصافة الإمام عند الحاجة.
المقدم: عند الحاجة والضرورة.
نعم، الموضع الخامس: في كتاب الأذان أيضًا: باب إذا قام الرجل عن يسار الإمام فحوله الإمام إلى يمينه لم تفسد صلاتهما.
إذا قام الرجل عن يسار الإمام فحوله الإمام إلى يمينه لم تفسد صلاتهما، قال -رحمه الله-: حدثنا أحمد- يعني بن صالح المصري- قال: حدثنا ابن وهب، قال: حدثنا عمروٌ عن عبد ربه ابن سعيد عن مخرمة بن سليمان عن كريب مولى ابن عباس عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: «نمت عند ميمونة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- عندها تلك الليلة فتوضأ ثم قام يصلي فقمت عن يساره، فأخذني فجعلني عن يمينه..» الحديث.
قال ابن حجر: وجه الدلالة أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يبطل صلاة ابن عباس، مع كونه قام عن يساره أولًا.
وعن أحمد: تبطل لأنه -صلى الله عليه وسلم- لم يقره على ذلك، والأول هو قول الجمهور، بل قال سعيد بن المسيب: إن موقف الإمام الواحد يكون عن يسار الإمام، ولم يتابع على ذلك.
الآن يقول: وجه الدلالة باب إذا قام الرجل عن يسار الإمام فحوله الإمام إلى يمينه لم تبطل صلاتهما، هو صف في أول الأمر عن يسار الإمام، وصحَّح النبي -عليه الصلاة والسلام- صلاته، لم يقل له أعد أو كبِّر من جديد.
ثم قام يصلي، فقمت عن يساره فأخذني فجعلني عن يمينه، يقول ابن حجر: وجه الدلالة أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يبطل صلاة ابن عباس، مع كونه قام عن يساره أولًا.
وعن أحمد: تبطل؛ لأنه لم يقره على ذلك، لا شك أن من صلى عن يسار الإمام صلاته.. إذا لم يكن عن يمينه أحد صلاته باطلة، لكن بمثل هذا العمل اليسير: كبر فأداره النبي -عليه الصلاة والسلام-.
المقدم: هل يبطل هذا الجزء؟ ما يبطل.
ما يبطل، لماذا؟ لأنه شيء يسير نظير الركوع دون الصف. إذا ركع الإنسان دون الصف قلنا: هذا فذ صلى خلف الإمام خلف الصف، صلى كبر ثم لحق بالصف، وهذا كبر عن يسار الإمام ثم نقل إلى يمينه.
والموضع السادس: في كتاب الأذان أيضًا: باب إذا لم ينوِ الإمام أن يؤم، إذا لم ينو الإمام أن يؤم ثم جاء قوم فأمهم. إذا لم ينو الإمام أن يؤم، وهذا يحصل كثيرًا يأتي المسبوق ثم يكبر للصلاة ثم يلتحق به من يدخل بعده،
قال: حدثنا مسدد قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن عبد الله بن سعيد بن جبير عن أبيه عن ابن عباس قال: «بت عند خالتي، فقام النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي من الليل، فقمت أصلي معه».
قال ابن حجر: لم يجزم -يعني البخاري- بحكم المسألة، لأنه قال إيش؟ باب إذا لم ينو الإمام أن يؤم ثم جاء قوم فأمهم، ما قال: صحت صلاتهم.
المقدم: وهذا يستخدمه البخاري كثيرًا.
ولم يقل: لم تصح، يقول ابن حجر: لم يجزم -يعني البخاري- بحكم المسألة؛ لما فيه من الاحتمال؛ لأنه ليس في حديث ابن عباس التصريح بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم ينو الإمامة، لم ينو الإمامة كأن.. احتمال أن يكون النبي -عليه الصلاة والسلام- علم أن ابن عباس يصلي خلفه فنوى الإمامة؛ لأنه ليس في حديث ابن عباس التصريح بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم ينو الإمامة، كما أنه ليس فيه أنه نوى، لا في ابتداء صلاته ولا بعد أن قام ابن عباس معه. هل تحتاج إلى نية؟
المقدم: أبدًا.
نعم تلقائية لا تحتاج إلى أن يقال: نوى أو لم ينوِ إذا صف بجانبه وأداره في مثل هذه الصورة، أو رفع صوته بالتكبير مثلًا أو بالركوع أو التسميع وما أشبه ذلك عرفنا أنه نوى الإمامة، ولا يحتاج أن يلفظ بها لا سرًّا ولا جهرًا، فالإمامة النية تحدث تلقائيًّا، كما أنه ليس فيه أنه نوى لا في ابتداء صلاته، ولا بعد أن قام ابن عباس معه فصلى معه، لكن في إيقافه إياه منه موقف المأموم ما يشعر بالثاني، أنه نوى، وأما الأول فالأصل عدمه، الأصل أنه لم ينوِ؛ لأنه يصلي وحده.
لكن هل تنفع النية مع احتمال أن يأتي؟ يعني إذا قلنا إن النبي -عليه الصلاة والسلام- عرف أن ابن عباس سيلتحق به ويصلي معه، فنوى الإمامة، هل تنفع هذه النية؟ احتمال ما يصلي معه، وعلى هذا نقول: من دخل المسجد ووجد الناس قد صلوا...
المقدم: فعليه أن ينوي.
فنوى الإمامة لمن دخل معه بعد ذلك.
المقدم: ولم يأت أحد.
وهو ما يعرف أنه يأتي أو لا يأتي، ما تنفع. ما تنفع هذه النية، لكن مع ذلك نقول: مثل هذه النية لا تلزم أصلًا نية الائتمام.
يقول: وهذه المسألة مختلف فيها والأصح عند الشافعية: لا يشترط لصحة الاقتداء أن ينوي الإمام الإمامة.
أن ينوي الإمام الإمامة، وذهب أحمد إلى التفرقة بين النافلة والفريضة، فشرط أن ينوي في الفريضة دون النافلة.
وفيه نظر؛ لحديث أبي سعيد أن النبي -عليه الصلاة والسلام- رأى رجلًا يصلي وحده فقال: «ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه..» الحديث مخرج في السنن، وهو صحيح، «ألا رجل يتصدق على هذا..»
فهذا الرجل الذي صف وحده بعد أن فاتته الصلاة لم ينو الإمامة، ثم قام رجل فتصدق عليه فطرأت عليه النية، وهذا في الفريضة، هذا في الفريضة، فالتفريق بين النافلة والفريضة فيه ما فيه.
والموضع السابع: في كتاب الأذان: باب إذا قام الرجل عن يسار الإمام وحوله الإمام خلفه عن يمينه تمت صلاته، إذا قام الرجل عن يسار الإمام وحوله الإمام خلفه عن يمينه تمت صلاته، قال -رحمه الله-: حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا داود عن عمرو بن دينار عن كريب مولى ابن عباس عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: «صليت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ذات ليلة فقمت عن يساره، فأخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- برأسي من ورائه فجعلني عن يمينه» الحديث.
قال ابن حجر: تقدم أكثر لفظ هذه الترجمة، قبل بنحو من عشرين بابًا، هناك في الموضع الخامس.
المقدم: باب الأذان.
في الموضع الخامس الذي تقدم قبل السادس، وهذا السابع: إذا قام الرجل عن يسار الإمام فحوله الإمام إلى يمينه لم تفسد صلاتهما، وهنا يقول: إذا قام الرجل عن يسار الإمام وحوله الإمام خلفه عن يمينه تمت صلاته، وهناك لم تفسد صلاتهما.
المقدم: هي هي.
يعني هذه الترجمة داخلة في الترجمة السابقة، يقول ابن حجر: تقدم أكثر لفظ هذه الترجمة، قبل بنحو من عشرين بابًا يعني في الأصل، لكن ليس هناك لفظ: خلفه، هنا وحوله الإمام خلفه في الترجمة السابقة حوله الإمام إلى يمينه وليس فيه خلفه. هل لهذا الاختلاف اليسير أثر في الترجمة؟
يقول: ليس هناك لفظ خلفه وقال هناك: لم تفسد صلاتهما، بدل قوله: تمت صلاته، تمت صلاته ولم ينبه أحد من الشراح على حكمة هذه الإعادة. ولم ينبه أحد من الشراح على حكمة هذه الإعادة.
بل أسقط بعضهم الكلام على هذا الباب، ما تكلم عليه؛ لأنه داخل في الباب السابق، بل أسقط بعضهم الكلام على هذا الباب، والذي يظهر لي أن حكمهما مختلفٌ؛ لاختلاف الجوابين، يعني جواب الشرط في البابين؛ لأنه هناك باب إذا قام الرجل، إذا قام الرجل عن يسار الإمام فحوله الإمام جوابه: لم تفسد صلاتهما.
وجواب الشرط في الباب الذي معنا: تمت صلاته، لاختلاف الجوابين فقوله: لم تفسد صلاتهما أي بالعمل الواقع منهما، يعني بوضع اليد والإدارة والتحول بالإدارة من المأموم، لم تفسد صلاتهما أي بالعمل الواقع منهما؛ لكونه خفيفًا، وهو من مصلحة الصلاة أيضًا، وقوله: تمت صلاته أي المأموم ولا يضره وقوفه عن يسار الإمام أولًا نعم ولا مع كونه في غير موقعه، ولأنه معذور بعدم العلم بذلك الحكم، فجعل ابن حجر الترجمة تلك غير هذه الترجمة. وهذا كلام نفيس جدًّا. ويحتمل أن يكون الضمير للإمام يعني تمت صلاته، يحتمل أن يكون الضمير للإمام وتوجيهه أن الإمام وحده في مقام الصف، أن الإمام وحده في مقام الصف ومحاولته لتحويل المأموم فيه التفات ببعض بدنه. ولكن ليس تركًا للإمامة، ولكن ليس تركًا لإقامة الصف للمصلحة المذكورة، فصلاته على هذا لا نقص فيها من هذه الجهة، والله أعلم، قلتُ: وأنا الذي يظهر أن الضمير في قوله: تمت صلاته يعود إلى الرجل المذكور في الترجمة إذا قام الرجل تمت صلاته.
الذي يظهر أن الضمير في قوله: تمت صلاته يعود إلى الرجل وهو المأموم الذي قام عن يسار الإمام فتتم صلاته وإن وقف في غير موقفه؛ لأنه يسير يعفى عنه كما يعفى عن المأموم إذا ركع قبل الصف ثم دخل فيه؛ لحديث أبي بكرة، وإن كانت الصلاة خلف الصف غير صحيحة لحديث: «لا صلاة لمنفرد خلف الصف». والموضع الثامن.
المقدم: قبل إذا أذنت يا شيخ أحسن الله إليك، أشار -رحمه الله- إلى الخلاف في مسألة تمت ولم تفسد، لكنه ما أشار إلى خلفه هنا قال...
هو يبين الفرق بين الترجمتين.
المقدم: لكن هنا زاد فيه خلفه، وهناك ما أتى بها في الموضع السادس
ما لها أثر؛ لأنها موجودة.
المقدم: لكن ما هي موجودة في الموضع السادس خلفه.
لكن هذا من بيان الفروق، فروق الألفاظ ثم بين فروق المعاني.
المقدم: وهل يستقيم قوله: خلفه؟
من ورائه يعني أداره من ورائه، ما فيه إشكال.
المقدم: لكن ما صلى خلفه، لكنه ما صلى خلفه.
ما صلى خلفه، أداره خلفه.
المقدم: نسمع ممكن الترجمة يا شيخ نتبينها، الله يحسن إليك.
يقول: إذا قام الرجل عن يسار الإمام وحوله الإمام خلفه عن يمينه ..
المقدم: حوله خلفه عن يمينه، يعني مرره.
تمت صلاته يعني مروره من خلفه لا من أمامه؛ لأن أمامه يكون دونه ودون السترة.
المقدم: جيد جيد.
والموضع الثامن في كتاب الأذان: باب ميمنة المسجد والإمام، باب ميمنة المسجد والإمام، قال: حدثنا موسى وهو ابن إسماعيل التبوذكي قال: حدثنا ثابت بن يزيد قال: حدثنا عاصم عن الشعبي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: «قمت ليلة أصلي عن يسار النبي -صلى الله عليه وسلم- فأخذ بيدي أو بعضدي حتى أقامني عن يمينه، وقال بيده من ورائه» باب ميمنة المسجد والإمام.
قال ابن حجر: وهو موافق للترجمة، أما الإمام فبالمطابقة ميمنة الإمام بمعنى أن المأموم يقف عن يمين الإمام فبالمطابقة، وأما للمسجد فباللزوم فباللزوم.
كيف؟ موافقة الترجمة أما للإمام فبالمطابقة؛ لأن ابن عباس صف عن يساره -عليه الصلاة والسلام-، ثم أداره النبي -عليه الصلاة والسلام- من خلفه فجعله عن يمينه، هذا ما فيه إشكال بالمطابقة، وأما للمسجد فباللزوم.
وقد تعقب من وجه آخر، وهو أن الحديث إنما ورد فيما إذا كان المأموم واحدًا، القصة في المسجد أم في البيت؟
المقدم: في البيت.
فكيف يقول ميمنة المسجد.
المقدم: لأن بيته في المسجد.
لا البيت بيت، والمسجد مسجد ما دخل في المسجد، يقول: وقد تعقب من وجه آخر، وهو أن الحديث إنما ورد فيما إذا كان المأموم واحدًا، أما إذا كثروا فلا دليل فيه على فضيلة ميمنة المسجد.
وكأنه أشار إلى ما أخرجه النسائي بإسناد صحيح عن البراء قال: «كنا إذا صلينا خلف النبي -صلى الله عليه وسلم- أحببنا أن نكون عن يمينه»، ولأبي داود بإسناد حسن عن عائشة مرفوعًا: «إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف».
فميمنة المسجد مأخوذة من أدلة أخرى، من أدلة أخرى، أما حديث ابن عباس فلا يدل عليها. كأنه أخذه من هذه الأدلة، وأما ما رواه ابن ماجه عن ابن عمر قال: «قيل للنبي -صلى الله عليه وسلم- إن ميسرة المسجد تعطلت فقال: من عمر ميسرة المسجد كتب له كفلان من الأجر» هذا مخرج عند ابن ماجه، وفي إسناده مقال، وإن ثبت فلا يعارض الأول؛ لأن ما ورد لمعنى عارض يزول بزواله.
قلت: في إسناده عمرو بن عثمان الكلابي ضعيف كما في التقريب، وفيه أيضًا الليث بن أبي سُليم وقد قال ابن حجر في التقريب: صدوق اختلط أخيرًا ولم يتميز حديثه فترك، وضعفه الحافظ في الفتح في الجزء الرابع صفحة ثلاثة وستين وثلاثمائة، وفي الخامس صفحة خمسة وسبعين وثلاثمائة، وفي الحادي عشر صفحة أربعة وتسعين وخمسمائة.
المقصود أن الحديث ضعيف، وأيضًا لو ثبت كان له مناسبة؛ لئلا يترك شمال الصف، ولو كانت الميامن أفضل مطلقًا، بمعنى أن آخر شخص في يمين الصف أفضل من أول صف أو أفضل من أول شخص في يسار الصف لتعطل يساره ولقلنا: إن الإمام موقفه في أقصى اليسار؛ ليكون الجميع عن يمينه.
المقدم: أقصى اليسار ليكون الجميع عن يمينه.
لكن هذا لم يقل به أحد، بل يتوسط الإمام ويحرص المأموم أن يكون عن يمين الإمام، لكن إذا كثروا بحيث لم يتوسط الإمام يعمر ميسرة الصف.
المقدم: نعم...في حلقة قادمة بإذن الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..