شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح (233)
المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلمَ وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، أيها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلًا بكم إلى حلقة جديدة في برنامجكم شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح.
مع مطلع هذا الحلقة يسرنا أن نرحب بصاحب الفضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير فأهلًا ومرحبًا بكم فضيلة الشيخ.
حياكم الله وبارك فيكم الإخوة المستمعين.
المقدم: توقفنا في حديث أبي بن كعب عند قوله -سبحانه وتعالى- فيما ساقه المصنف في الحديث: {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} [الكهف: 69] أنهينا الحديث عن هذا الموضع لعلنا نستكمل أحسن الله إليكم.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،
المقدم: اللهم صلِّ وسلم.
تقدم بعض الكلام عن الرُشد والرَشد.
المقدم: نعم.
وأنه يقابل أن الرُشد يقابل الغي، والرَشد يقابل الضلال، يعني في تفريق الليث
المقدم: نعم.
ابن مظفر في آخر الحلقة الماضية وفي تفسير البيضاوي {مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} [الكهف:66]، أي علم ذا رشد وهو إصابة الخير، وقرأ البصريان بفتحتين رشدا وهما لغتان كالبُخل والبَخَل، وهو مفعول، {تُعَلِّمَنِى} [الكهف:66] ومفعول علمت العائد المحذوف، {مِمَّا عُلِّمْتَ} ومفعول {عُلِّمْتَ} نعم {مِمَّا عُلِّمْتَ} [الكهف:66] العائد المحذوف وكلاهما منقولان من علم الذي له مفعول واحد، ويجوز أن يكون علة لأتبعك أو مصدرًا بإضمار فعله، ولا ينافي نبوته وكونه صاحب شريعة، ولا ينافي نبوته وكونه صاحب شريعة أن يتعلم من غيره ما لم يكن شرطًا في أبواب الدين، نعم ما يتعلم غيره هو نبي في أبواب الدين الذي أمر بتبليغه، لاسيما ممن أرسل إليهم، هذا بالنسبة لتعلم موسى من الخضر {مِمَّا عُلِّمْتَ} يقول: ولا ينافي نبوته وكونه صاحب شريعة أن يتعلم، أو ولا ينافي نبوته، وكونه صاحب شريعة أن يتعلم لتعلمه من غيره ما لم يكن شرطًا في أبواب الدين، فإن الرسول ينبغي أن يكون أعلم ممن أرسل إليه فيما بعث به من أصول الدين وفروعه لا مطلقًا، يعني ما يحتاج إليه مَن بعث إليهم وإلا فمعلوم أن موسى لم يبعث إلى الخضر، لم يبعث إلى الخضر، وقد راعى في ذلك غاية التواضع والأدب، فاستجهل نفسه واستأذنه أن يكون تابعًا له وسأل منه أن يرشده، وينعم عليه بتعليم بعض ما أنعم عليه.. بعض ما أنعم الله عليه، انتهى كلام البيضاوي في تفسيره، وفي روح المعاني معروف تفسير البيضاوي تفسير شهير يعني منذ تأليفه طارت به الأفاق وقد عددت مما كتب عليه من الحواشي أكثر من مائة وعشرين حاشية، الناس اهتموا به اهتمام بالغ تفسير مختصر وعلى كل حال هو عناية بالصناعة اللفظية، وأما بالنسبة للأثر فصفر؛ لأنه يذكر في نهاية كل سورة قطعة من الخبر الموضوع المكذوب عن النبي -عليه الصلاة والسلام - في تفسير هذه السورة وفي فضلها، نعم لكن الناس باعتباره تفسير متقن محرر مضبوط إلا أنه لا يكتفي به طالب العلم يعني يفيد منه من حواشيه، حواشيه كتب عليه من الحواشي مثل ما ذكرت آنفًا ما يقرب من عشرين حاشية، وقل من أن توجد أو تأتي نسخة من تركيا، أو من مصر، أو من الشام مخطوطة، أو مطبوعة إلا وكتب عليها التعليقات، وتداولها المشايخ وطلاب العلم بالقراءة والتدريس، والإقراء، والتعليق فحصل لهم من الحظو، مما لم يكتب على غيره من التفاسير؛ لأنه تفسير لطيف خفيف يعني.
المقدم: طبع شيء من حواشيه يا شيخ؟
طبع منها الشهاب،
المقدم: نعم
حاشية نفيسة جدًا
المقدم: مع التفسير
مع التفسير شهاب الخفاجي مع التفسير، وطبع منها القونوي مع التفسير حاشية مبسوطة بسط يعني طبعت في ثماني، أو تسع مجلدات أسفار كبار، ثم طبع في ثلاثين مجلد نعم ، وطبع حاشية ابن التمجيد، وطبعت حاشية زادة، والتي يقول المترجمون أنها أفضل الحواشي، وإن كان الشهاب لا فيه نفائس العلوم، وطبعت حاشية الكازروني، هذه حواشي مطبوعة وهناك حواشي قلمية موجودة على النسخ التي تأتينا من تركيا، أو من مصر، أو الشام شيء لا يخطر.. عناية الناس بهذا الكتاب، شيء مدهش.
المقدم: ويتعرضون لمسألة ضعفه في الآثار يا شيخ.
ضعفه في الآثار وأيضًا يعني كلامه في العقائد أيضًا عليه ما عليه.
المقدم: لكن هل تعرَّض أصحاب هذه الحواشي؟
هو الكتاب خرجت أحاديثه، المناوي خرج أحاديثه فتح السماوي في تخريج أحاديث البيضاوي.
المقدم: نعم
ومعروف كتب المصطلح كلها تنص على هذه التفاسير التي تذكر هذه الأخبار الموضوعة، وحاول أن يذكرون الزمخشري يذكر هذه الأحاديث، البيضاوي، الثعلبي يذكرون هذه الأحاديث الموضوعة لكنهم يذكرونها مجرد ذكر؛ لكن إسماعيل حقي البروسوي، له تفسير اسمه فتح البيان أسفار كبار، طبع بأربعة مجلدات كبار وطبع في ستة، وطبع في عشرة، كلها كبار تفسير مبسوط نعم هذا يبرر رواية هذه الأحاديث الموضوعة عمله أسوأ من عملهم يقول، إن كان هذه الأحاديث صحيحة فبها ونعمت، وإن لم تثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- فمن باب قول القائل إننا لم نكذب عليه وإنما كذبنا له ضلال نسأل الله السلامة والعافية.
المقصود أن مثل هذه التفاسير يستفاد منها لكن على حذر طالب العلم المتوسط لا ينبغي أن لا يعرج عليها، يكتفي بالتفاسير الموثوقة.
في روح المعاني وهو أيضًا تفسير مبسوط للألوسي نعم، وجمع فيه من التفاسير ومن كتب اللغة وكتب الكلام وكتب يعني من الكتب المتنوعة نقول غريبة، ونادرة وعزيزة قد لا تتوفر لغير الألوسي؛ ولكنه مع ذلك ليس من أهل التحقيق، ولذلك تجده يقول: قال الإمام المحقق ابن القيم، وأحيانًا يقول: قال الإمام محي الدين قدس سره، يعني ابن عربي ينقل من هذا وينقل من هذا نعم، وفيه أيضًا وله أعني الألوسي عناية بالتفسير الإشاري تفسير الصوفية نعم، ولاشك أن هذا لا ينبغي إدخاله فيه أو تفسير كلام الله -جل وعلا- فيه نعم، في روح المعاني الرُشد إصابة الخير، وقرأ أبو عمرو والحسن والزهري وابن محيصن ويعقوب أبو عبيد واليزيدي رشدًا، بفتحتين وأكثر السبعة بالضم والسكون، وهما لغتان كالبخل، والبخَل قال الخضر عليه السلام إنك يا موسى، {إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} [الكهف: 75]، فإني أفعل أمورًا ظاهرها مناكير وباطنها لم تحط به قال القرطبي: أي إنك يا موسى لن تطيق أن تصبر على ما ترى، إنك يا موسى لن تطيق أن تصبر على ما تراه من علمي؛ لأن الظواهر التي هي علمك لا تعطيه، لا تعطيه هذا الصبر؛ لأنه في شرعك لا يجوز القتل نعم، وفي شرعك لا يجوز خرق السفينة، وهذه الظواهر معروفة التي دلت عليها الشرائع كما تقدمت الإشارة إليه نعم، هذا ما دلت عليه الشرائع، لكن إذا كانت هناك مصلحة راجحة، نعم الذي لا يعرف هذه المصلحة ينكر، ومن حقه أن ينكر كما فعل موسى، لكن الذي يعرف هذه المصلحة كما فعل الخضر لا من تلقاء نفسه ولذلك يقول: {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} يدل على أنه بوحي، فمثل هذا لم يصبر موسى -عليه السلام-، وكما قال الخضر: وكيف تصبر على ما تراه خطًأ؟ ولم تُخبر بوجه الحكمة فيه ولا طريق الصواب؟ وهو معني قوله تعالى{وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا} [الكهف: 68]، والأنبياء لا يُقَرون على منكَر، ولا يقِرون أيضًا، ولا يجوز لهم التقرير، فتقرير النبي حديث يرفع إليه حديث يرفع إليه، ينسب إليه، نعم لأنه جاء في تعريف الحديث ما أضيف إلى النبي من قول، أو فعل، أو تقرير، نعم أو وصف، فالتقرير ينسب إلى النبي؛ لأنه لا يجوز له أن يقر على خطأ، كما أنه لا يقر على خطأ، غيره مهما علت منزلته، أو مرتبته التقرير لا ينسب إليه؛ لأنه قد يسكت عن إنكار هذا المنكر لمصلحة راجحة، ولذا من يستدل بسكوت بعض العلماء عن بعض الأمور، أنه يستدل على جوازها هذا ليس بصحيح، ليس بصحيح؛ لأنهم ليسوا معصومين، وأيضًا قد يدركون من المصالح المترتبة على السكوت أعظم من المصالح المترتبة على الإنكار، فتقريرهم لا يستدل به ولذا تجد في كلام بعض من يتولى، أو يتصدر للفتوى أننا كنا عند فلان نعم وسمع كذا أو قيل في مجلسه كذا، وما أنكر هذا ليس دليل يا أخي، العبرة بكلام النبي -عليه الصلاة والسلام- فضلًا عن قول العامة درجنا على هذا، وعلمائنا كلهم على هذا لا يكفي، فالعبرة بقال الله وقال رسوله، والأنبياء لا يُقَرون ولا يجوز لهم التقرير على منكر، أي لا يسعك السكوت جريًا على عادتك وحُكمك، جريًا على عادتك وحكمك، يا موسى إني على علم من علم الله علمنيه الجملة من الفعل والفاعل والمفعولين أحدهما ياء المفعول، علمني والثاني الضمير الهاء، نعم الراجع إلى العلم صفة لعلم على علمٍ علمنيه وقال العيني: فإن قلت ما موقعها من الإعراب؟ قلت الجر؛ لأنها صفة العلم وكذلك قوله: لا تعلمه أنت فالأول من الصفات الإيجابية، والثاني من الصفات السلبية؛ لأن الأول مثبت والثاني منفي، ومن في قوله من علم الله تبيعضية كما في العين والذي يظهر إنها ابتدائية نعم؟
المقدم: يظهر أنها تبعيضية كان في شيء غير كدا؟
إيش؟ مقدر التبعيض،
المقدم: يعني واضح في السياق
الذي عندي بعض علم الله -جل وعلا-
المقدم: بعض مما أعطاني الله عز وجل من العلم
بعض من علم الله -جل وعلا-، وكونها ابتدائية هذا العلم صادر من الله -جل وعلا- لي، أحيانًا يصير فيه تداخل بينهما نعم، كما أنه يكون تداخل بين الـ من التبعيضية والبيانية نعم، خاتم من حديد، تبعيض والا بيان؟
المقدم: بيان؟
هم يقولون: تبعيضية؛ لأن الخاتم بعض من الحديد، ولا يمنع أن تكون أيضًا
المقدم: بيانية
بيانية، وأنت يا موسى على علم مبتدأ، وخبره معطوف على السابق أنت يا موسى على علم، أنت على علم؛ يعني الخبر متعلق الجار والمجرور وخبره معطوف على السابق علمك الله، هذه الجملة كالسابقة، لكن الثاني محذوف، يعني المفعول الثاني محذوف تقديره علمك الله إياهُ، وفي فرع اليونينية علمكه الله بهاء الضمير الراجع إلى العلم، لا أعلمه صفة أخرى، يعني مثل ما تقدم صفة نعم إيجابية، وصفة..
المقدم: سلبية
سلبية كما تقدم قال القسطلاني: هذا لا بد من تأويله، هذا لابد من تأويله؛ لأن الخضر كان يعرف من علم الشرع ما لا غنى للمكلف عنه، وموسى كان يعرف من علم الباطن مالا بد كما لا يخفى، إيش معنى هذا الكلام؟ مقتضي قول الخضر أنا على علم
المقدم: علمنيه الله
علمنيه الله لا تعلمه، وأنت على علم علمك الله إياه
المقدم: لا أعلمه أنا
لا أعلمه أنا، موسى علمه ظاهر، نعم حسب ما يقتضيه الشرائع ظاهر، في الظاهر من الأوامر والنواهي، وعلم الخضر ظاهر ولا باطن؟
المقدم: باطن.
هل يمكن أن يقال أن الخضر مختص بعلم الباطن لا يعلم شيئًا من علم الظاهر؟
المقدم: لا، وكذلك موسى
وكذلك موسى عنده علم الظاهر، لكن هل يقال أنه لا يعرف عن علم الباطن شيء؟ ولذلك قال القسطلاني: هذا لابد من تأويله؛ لأن الخضر كان يعرف من علم الشرع مالا غنى للمكلف عنه وموسى كان يعرف من علم الباطن مالا بد منه كما لا يخفى، يعني نظير ذلك حينما يقال: فلان مفسر وفلان محدث هل معنى هذا أنه لا يعرف من الحديث شيء المفسر؟
المقدم: أبدًا.
لا هذا تخصص يعني ظهر من أفعاله واهتمامه أنه يعنى بالتفسير، وذلك بالحديث، هذا التنظير مطابق لما معنا، وفيه شرح ابن بطال لم يسأله موسى عن شيئًا من دينه؛ لأن الأنبياء لا تجهل شيئًا من دينها، الذي تعبدت به أمتها، وإنما سأله عن ما لم يكن عنده علمه مما ذكر في السورة، يقول: لم يسأله موسى عن شيء من دينه، يعني ما سأل الخضر عن شيء مما يحتاج في تبليغه إلى قومه؛ لأن هذا ينزل عليه به جبريل الوحي نعم، وإنما سأله عن أشياء مما لم تتعبد به أمته، يعني هل تعبدنا بما فعل الخضر؟ لا، هل لإنسان كائنًا من كان أن يرى غلام يلعب في السوق فيقتله؟ لا، لا يمكن بحال وكذلك خرق السفينة، لكن مسألة خرق السفينة هل يمكن أن يترجح فيها الخرق على الإبقاء؟
المقدم: في حلقة مضت كأنكم أشرتم إلى هذا يا شيخ يعني ضربت بهذا مثل قلت لو ترجح عند شخص معين سيأتي مثلًا لصوص ويأخذون هذا الشيء وأنت قمت بإعطابه، أو شيء من هذا.
إي لكن لا يترتب عليه هلاك الجميع السفينة، يمكن يغرقون، يمكن أن يغرقوا فالمسألة مسألة المصالح والمفاسد المدرَكة هذه للنظر فيها مجال، أما ما لا يدرك ليس فيه مجال يعني لو مثلًا جاء الحديث الإسرائيلي في مسألة في القرض في صحيح البخاري، سيقت مساق المدح الذي اقترض من شخص دنانير ذهب نعم
المقدم: وضعها في،
ثم بعد ذلك خرج إلى الساحل يبحث عمن يوصلها إلى صاحبها في الوقت المحدد ما وجد
المقدم: فوضعها في لوح
فوضعها في لوح ورمى بها في البحر، هل ممكن أن يفعل مثل هذا
المقدم: أبدًا
مثل هذه الأمور؟ لاشك أن في شرع من قبلنا وسيقت مساق المدح، لكن مهما قوي التوكل نعم، لو أن شخصًا عنده طفل يريد أن يبعثه إلى أمه في بلد آخر دونه ودونها البحر، هل يمكن أن يجعله في صندوق، ويرميه مثلما فعلت أم موسى؟ ليذهب به أمواج البحر إلى أمه؟ مثل ما بلغ في الإسرائيلي من التوكل غايته، والاعتماد على الله -جل وعلا-، ثم بعد ذلك ألقى بهذه الدنانير في البحر، ثم بعد ذلك وصلت إلى صاحبها، مثل هذه الأمور لا تدرك
المقدم: صحيح
في شرعنا لا يجوز أن يفعل مثل هذا {قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا} [الكهف:69]، أي سأصبر بمشيئة الله قاله القرطبي، [وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا} [الكهف: 69] أي قد ألزمت نفسي طاعتك، أي قد ألزمت نفسي طاعتك، وقد اختلف في الاستثناء إن شاء الله هل هو شامل لقوله {وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا} أم لا.
وقد اختلف في الاستثناء هل هو يشمل قوله: {وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا} [الكهف: 69] أم لا؟ فقيل يشمله، وقيل استثنى في الصبر فصبر وما استثني في قوله: {وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا} فاعترض، وسأل كذا في القرطبي، وقال القرطبي: قال علماؤنا: إنما كان ذلك منه؛ لأن الصبر أمر مستقبل ولا يدري كيف يكون حاله معه، ونفي المعصية معزوم عليه حاصل في الحال، فالاستثناء فيه ينافي العزم عليه، ويمكن أن يفرق بينهما بأن الصبر ليس مكتسبًا لنا، بخلاف فعل المعصية وتركها، فإن ذلك كله مكتسب لنا -والله أعلم.
وقال القسطلاني: {قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا}، معك غير منكر عليك، وانتصاب صابرًا مفعول ثان لتجدني -وإن شاء الله- اعتراض بين المفعولين، بين المفعولين {وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا} عطف على صابرًا أي ستجدني صابرًا، وغير عاصٍ.
قال القاضي: وتعليق الوعد بالمشيئة إما للتيمن أي التبرك، وإما لعلمه بصعوبة الأمر، فإن الصبر على خلاف المعتاد شديد، وفيه تفسير ابن كثير قال أي موسى: {قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا} على ما أرى من أمورك {وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا}، أي ولا أخالفك في شيء فعند ذلك شارطه الخضر -عليه السلام- قال: {قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ}،أي ابتداءً {حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا}،أي حتى أبدأك به، حتى أبدأك أنا به قبل أن تسألني {فَانطَلَقَا}، أي موسى والخضر على الساحل حال كونهما يمشيان ولم يذكر فتى موسى وهو يوشع؛ لأنه تابع غير مقصود بالأصالة نعم، على ساحل البحر ليس لهما سفينة.
المقدم: لكن ذكر هناك لما كان له هدفًا في الذكر
نعم، وسيأتي على ساحل البحر ليس لهما سفينة، فمرت بهما سفينة، فكلموهم، دخل هنا أي موسى والخضر، ويوشع كلموا أصحاب السفينة قال ابن حجر: ضم يوشع معهما؛ لأن الكلام لأهل السفينة، ضُم يوشع معهما في الكلام لأهل السفية؛ لأن المقام يقتضي كلام التابع؛ لأنه كلهم لو تكلم موسى والخضر فقط، ترك يوشع؛ لأنه ما طلب، فتكلم الثلاثة كلهم فقال هنا:
المقدم: فكلموهم
فكلموهم أي؛ لأن يحملوهما، أي لأجل حملهم إياهما فعرف الخضر فحملوهما، أي الخضر وموسى، قال ابن حجر: يقال فيهما ما قال فيهم يمشيان، حملوهما وهذا تابع معهما،
المقدم: معهما
ويحتمل أن يكون يوشع لم يركب معهما؛ لأنه لم يقع له ذكر بعد ذلك؛ لأنه لم يقع له ذكر بعد ذلك، وفي شرح الكرماني، وفي بعضها يعني في بعض الروايات فحملوهم، كذا في الكرماني، وفيه شرح القسطلاني، وفي رواية بفرع اليونينية كهيَ فعرف الخضر فحملوهم، بالجمع وهو يقتضي الجزم بركوبه معهما في السفينة، فإن قلت هم ثلاثة، وقال كلموهم، بلفظ الجمع ثم قال: هما مثني قلت يوشع تابع فاكتفى بذكر الأصل عن الفرع، ولفظ عرف إنما مجهول من المعرفة بغير نول، أي بغير أجر.
والنول والنوال العطاء، قال في النهاية: أي بغير أجرِ ولا جُعل، بغير أجرِ ولا جُعل، وهو مصدر ناله ينوله إذا أعطاه، ناله ينوله إذا أعطاه فجاء عصفور.
المقدم: هو من المناولة يا شيخ؟
لا لا، ما هي مناولة، هو النول الذي هو العطاء إنما يتم بالمناولة،
المقدم: بالمناولة
لكن الأصل أنه المناول ليست المناولة نفسها، النول هو المناول المعطى الأجر، وإن كان لا يتم إلا بمناولة لكن هو المناول،
المقدم: أي نعم
فجاء عصفور بضم أوله، وحكى ابن رشيق في كتاب الغرائب فتحه قال: قيل: وسمي به؛ لأنه عصى وفرَّ؛ لأنه عصى وفر، قاله الدميري.
كيف عصفور أصلها (عصى) (وفرّ)؟ مثل ما قيل عن فرعون (فر) (عون)، يعني مُركب من كلمتين، لكن لو..؛ .
لأنه عصى وفر مثلما قيل أيضًا في الذباب، أنه من ذب فآب، أي طرد فرجع، نعم ذباب على كل حال هذا يقوله أهل العلم، ويأتون بمثل هذا وهو من مليح العلم لا من متينه.
أن يقول: تعرف عصفور من عصى وفر أو فرعون أو الذباب أو شيء من هذا،
المقدم: من الطرف في العلم
أينعم ملح العلم، فجاء عصفور بضم أوله، وحكى ابن رشيق في كتاب الغرائب فتحه قيل وسمي به؛ لأنه عصى وفرـ قاله الدميري: هذا في حياة الحيوان
المقدم: الحيوان
سبق الحديث عنه، وقيل إنه الصُرد، وقيل إنه الصرد، بضم المهملة وفتح الراء، وفي الرحلة للخطيب إنه الخطّاف، إنه الخطّاف انتهى من فتح الباري وإرشاد الساري، الرحلة للخطيب، الرحلة في طلب الحديث للخطيب البغدادي ذكر فيه نماذج
المقدم: رحلات
رحلات العلماء في طلب الحديث على وجه الخصوص.
المقدم: أحسن الله إليكم، لعلنا إن شاء الله نستكمل ما تبقى من ألفاظ هذا الحديث في حلقة قادمة وأنتم على خير أيها الإخوة والأخوات بهذا نصل وإياكم إلى ختام هذه الحلقة من شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح، لقاؤنا بكم يتجدد في حلقة قادمة وأنتم على خير، شكرًا لطيب متابعتكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.