كتاب الصيام من تقريب الأسانيد (04)
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً يا كريم، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين.
قال الحافظ الزين الدين عبدا لرحيم ابن الحسين العراقي الأثري -رحمه الله-: باب ليلة القدر.
عن سالم عن أ بيه رأى، عن سالم عن أ بيه رأى رجل أن ليلة القدر ليلة سبع وعشرين أو كذا وكذا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أرى رأياكم قد تواطأت فلتمسوها في العشر البواقي في الوتر منها)).
وعن نافع عن ابن عمر أن رجالاً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "رأو ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: ((إني أرى رؤيا كم قد تواطأت في السبع الأواخر فمن كان متحريها فل يتحرها في السبع الأواخر)).
وعن أبي سلمة أن أبا هريرة أخبره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: ((من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه))، ((ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر ما تقدم من ذنبه)).
وقال البخاري: "من صام رمضان:. وزاد أحمد في ذكر الصيام: ((وما تأخر)، وإسناده حسن.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب ليلة القدر. باب ليلة القدر يعني: ما جاء فيها من فضل، وما اختصت به من كونها تعدل بل خير من ألف شهر، والألف الشهر أكثر من ثمانين سنة، بليلة واحدة، وذكر في سبب ذلك أن النبي - عليه الصلاة و السلام- بلغه: "أن رجل من الأمم السابقة حمل السيف ألف شهر" مع علمه أن أعمار أمته من الستين إلى السبعين فأُعطي ليلة القدر، وجاء عند الحاكم وغيره: أن النبي - عليه الصلاة و السلام-: "أعطي هذه الليلة في مقابل حكم بني أميه"، وهذا الخبر صححه بعضهم، لكن الواقع يرده، وكونه من وضع الرافضة واضح، الواقع يرد حكم بني أميه ألف شهر؟ من سنة أربعين إلى مائة واثنين وثلاثين اثنين وتسعين شهر، اثنين وتعسين سنة، اثنين وتسعين سنة في اثنا عشر أكثر من ألف شهر، أكثر من ألف شهر، ولا شك أن النكارة ظاهرة عليه وعلامات الوضع تلوح مثل الشمس، وذكره الحافظ بن كثير في تفسير ليلة القدر ورده -رحمه الله- مع أن منهم من صححه، لكن بطلانه ظاهر، ويذكر لألا يغتر به أن يذكر مثل هذا المقام لألا يغتر به، المقصود أن: ليلة القدر أفضل ليلة على الإطلاق، وهي من خصائص هذه الأمة المحمدية إذ لم تكن في غيرها ومن خصائصها أنه أنزل فيها القرآن ويكون فيها التقدير، وسمية بليلة القدر إما لعظم قدرها كما جاء في النصوص، أوعظم قدر من يوفق لها أو لما يحصل فيها من التقدير، من التقدير لي الآجل والأرزاق، {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [سورة الدخان:4]، ليلة القدر هذه شأنها عظيم، فإذا قامها الإنسان ووفق لها إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، غفر له ما تقدم من ذنبه على أنها تعدل ألف شهر، والألف شهر أكثر من ثلاثة وثمانين سنة في ليلة واحدة، قد يقول قائل: إن الإنسان إذا قام، إذا قام ليلة واحدة يحصل له هذا الأجر العظيم والعلماء يقررون أن من علامة ضعف الخبر أو عدم ثبوته ترتيب الأجر العظيم على العمل اليسير، نقول أولاً: هذا منصوص عليه في القرآن إضافةً إلى ما جاء في صحاح السنن، وهذه القاعدة التي يذكرها أهل العلم إنما تسري على أحاديث لا إسناد لها، أو لها إسناد مركب، أما ما صح إسناده ووجد في دواوين الإسلام المعتبرة وصححه أهل العلم فإنه لا تطبق عليه هذه القاعدة، وكم من عمل يسير رتب عليه من الأجور العظيمة مالا يخطر على البال: ((من قال سبحان الله وبحمده مائة مرة حطت عنه خطاياه وإن كنت مثل زبد البحر))، وهذه تقال مائة مرة في دقيقة ونصف، هل يستطيع أن يقول قائل: أن حديث ضعيف لأنه قاعدة التي قعدها أهل العلم أنها تنطبق عليه، والحديث في الصحيحين، نقول: القاعدة هي إمارة وعلامة مرجحة لعدم ثبوت الخبر الذي لا يذكر له إسناد، ولا يذكر في دواوين الإسلام بأسانيد تثبت وليلة القدر فضلها ثابت في الكتاب وصحيح السنة، باب ليلة القدر، فضلها على ما ذكرنا وأنها تعدل ألف شهر، ومن قام ليلة القدر غفر له من تقدم من ذنبه وقيامها فرع عن قيام الليل، عن قيام الليل في رمضان وفي غيره، وهو دأب الصالحين وهو شأنهم في جميع الأمم ((عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم)) ((ونعم الرجل عبد الله لو كان يقوم من الليل))، {كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [سورة الذاريات:17]، {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ}[سورة السجدة:16]، {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ} [سورة الزمر:9] ثم قال بعد ذلك:{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [سورة الزمر:9] مما يدل على أن أهل العلم هم أهل القيام، وأن الذي لا يقوم من الليل هذا ليس من أهل العلم، :{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [سورة الزمر:9] لا يستوون فقيام الليل شأنه عظيم، وجاء فيه أحاديث وآيات كثيرة لا يمكن حصرها، ولكن من الذي يعان على قيام الليل؟ من الذي يعان على قيام الليل؟ كثير من الناس يتقطع حسرة وأسى إذا أصبح ولم يقم من الليل، ثم الليلة القادمة يكون كذلك، والتي بعدها يكون كذلك، من الذي يمنعه من قيام الليل؟ تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة، بعض الناس يحرص على قيام الليل ويعتكف العشر الأواخر ويتعرض لنفحات الله لكنه قد لا يخرج سالماً وهو معتكف لماذا؟ لأنه لم يتعرف على الله في الرخاء، العبادات عليه ثقيلة وما كان يزاوله قبل الاعتكاف، يزاوله في الاعتكاف وهذا شيء معروف ومجرب، حتى أنه وجد من يعتكف ويصحب معه الآلات، يصحب معه الإنترنت، وقد يحضر له جرائد، وسمار عنده في كل ليلة، ويقول إنه معتكف لماذا؟ لأن هذا ديدنه طوع العام، لا يعان ولا يستطيع أن يصبر عن أصحاب ولا ليلة واحدة، والعمر قصير، ولا بد أن يستغل في ما يرضي الله -جل وعلا-، ويسوف يندم الإنسان إذا مات وكل ميت سيندم، أما المحسن ندمه على أنه لم يزدد مما يقربه من الله -جل وعلا-، وأما المسي فلا تسأل عنه ولا عن حاله، بعض الناس يقول: أنه إذا دخل رمضان وتجده من محرم وإذا قيل له لماذا لا تفعل كذا، لماذا لا يقول برمضان إن شاء الله، ثم يأتي رمضان والحال لم يتغير منها شيء، العمر كله ينقضي بالقيل والقال، ولا يعني هذا أن الإنسان يسكت بطول وقته، أو لا يفتر عن الذكر، نعم مطلوب ألا يفتر عن الذكر وأن يكون لسانه رطب بذكر الله، وأن يكون ديدنه الذكر، لكن لا يعني أنه لا يمزح مع أهله وإخوانه ويؤنس ضيفه ليس المطلوب هذا بل هذا على خلاف الهدي النبوي لكن بعض الناس تجده يفعل هذه، بعض الناس تجده يفعل هذا، يحزم نفسه حزماً أكثر من المطلوب، لأنه يعرف أنه إذا انفلت قليلاً ما ملك الزمام، بعض الناس يقول: والله أنا ما ودي أجتمع مع الإخوان في كل ليلة رعب ساعة نصف ساعة لكن ما يقدر، لأنه جلس نصف ساعة جلس ساعة، وإن جلس ساعة زادة فيما بعد، بعض الناس ليس عنده من الحزم ما يحدد به ويفصل به بين المباح وغيره، فتجده يحسم المادة، إذا صلى العشاء ذهب البيت ونام ولا التقى بأحد، حتى لو كلمه أحد من أهله ما التفت إليه، ودين الله -جل وعلا- وسط بين الغالي والجافي لكن إذا خشيت على نفسك فخذ بالعزيمة وإلا فلأصل أنه النبي - عليه الصلاة و السلام-، يسمر كما تقدم مع أبي بكر وعمر، ويمزح ويتلطف بضيفه وجاره والسائل وهكذا، لأن بعض الناس إذا سمع مثل هذا الكلام يظن أن المسألة الدنيا كلها ما فيها أنس، لا الدينا كلها بالنسبة للعابد المخلص كلها أنس، ولا أعظم من الأنس بالله -جل وعلا-، ورؤي بعض شيوخنا بعد مماته -رحمه الله- فقيل له، فذكر أنه بخير وأنه في الجنة وهكذا، ثم قال: كيف عجبت لمن يشبع من قول لا إله إلا الله، وآخر يقول: كيف تغيب الشمس على مسلم لا يفتح فيه مصحفه، ولا يقرأ بكتاب الله ولا ينظر في عهد الله، كل هذا لا شك أنه موجود في صفوف المسلمين، وأنهم يمر عليهم الأيام ما قراء القرآن ثم إذا جاء رمضان وجاء وقت المضاعفات، وجوار في بيت الله الحرام في العشر الأواخر يريد أن يستغل الوقت في الذكر وقراءة القرآن، لكنه لا يستطيع، إلا إذا كان ممن تعرف على الله -جل وعلا- في الرخاء، طول العام روحات وجيات واستراحات، وقيل وقال ثم بعد ذلك يريد أن يحسم المادة بالكلية، ويقبل على كتاب الله بحيث لا يتلفت إلى أحد هذا لا يمكن أن يصير، لا يستوي هذا مع من حفظ الوقت قبل رمضان، وسمع وهو معتكف يغتاب الناس لماذا؟ لأنه ديدنه الغيبة في وقت الرخاء، كثير من الناس إذا سمع: ((من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه))، وأقول: الحج أربعة أيام، لو أن الإنسان يغلق على نفسه باب ولا يلتقي بأحد أمكنه ذلك لأن المسألة أربعة أيام، لكنه من خلال الواقع والتجربة لن يستطيع ذلك مهما بذل ورينا من يجلس في العصر إلى وقت الفطور في مسجده أو في المسجد الحرام أو في المسجد النبوي وفي مثل هذه الأيام يمكنه أن يقرأ عشرة أجزءا لكن إذا سألته كم قرأت؟ كم قرأت؟ تجد ما قرأ ولا جز واحد يجلس يستند على عمود يتلفت، لعل أحد يجي إذا ما جاءه أحد وتأخر عليه الوقت قام هو بنفسه يبحث عن أحد،{جَزَاء وِفَاقًا} [سورة النبأ:26] هذا علمه هذه ديدنه، هذا ما كسبت يداه، سمعنا من يوجه كلمة للمعتكفين من خلال وسائل الإعلام وعجبت من كلامه يقول: لا تقول يا أخي أنت معتكف ثم كم قرأت نصف جز أو جزء ثم فيقول له إقراء جزأين أو ثلاثة ..........ويش يضر، الناس مقامة يعني ما، معتكف يقرأ جزأين أو ثلاثة ويش يسوي بباقي الوقت، يعني من نظر في سير السلف الصالحين وجدهم في العشر يختمون كل يوم، كثير منهم يختم يومياً وبعضهم يختم في النهار ويختم بالليل، بعضهم يقول: هذا مستحيل نقول: لا ليس بمستحيل هذا كلام الثقات وهذا مجرب عند كثير من أهل العلم، أما ختمتين فيها شيء من الصعوبة أما الواحدة فيذكر لنا من جربها أنها سهلة وميسرة، وواحد من الشباب جلست أنا وإياه بعد صلاة الصبح إلى أن انتشرت الشمس في المسجد الحرام وخرجت كعادتي أنام إلى الظهر، ثم رجعت صلاة الظهر إذا به قد ختم القرآن، جالس في مكانه ما تحرك من مكانه، هذا عمره كله في القرآن هذا شاب مقبل على الله ويستغل العمر كله في قراءة القرآن، الذي جالس الواحد ساعة ساعتين ثارة عليه الأوجاع، لماذا لأنه ما يعان على الجلوس وعمره كله في القيل والقال، - والله المستعان-، على كل حال من أراد أن يرجع إلى ربه فمن الآن لا يقول إذا دخل رمضان من اليوم يجرب يشوف يتعرف على الله في الرخاء قبل رمضان، والله المستعان، باب ليلة القدر يقول -رحمه الله تعالى-: عن سالم عن أبيه رأى رجلاً يعني: في الرؤيا، رأى رجل رؤيا لأن رأى الفعل واحد تبع للمعاني، فيقال رأى رؤيا يعني في المنام رأى رأياً يعني في العلم ورأى رؤية يعني بالبصر، هذا رأى رؤيا أن ليلة القدر ليلة سبع وعشرين، قد يقول قائل الرؤى لا يترتب عليها أحكم شرعية، لا يترتب عليها أحكم شرعية، الرؤى إنما تكتسب الشرعية بالإقرار من النبي - عليه الصلاة و السلام - كما رأى عبد الله بن زيد الآذان في الرؤيا وأقره النبي - عليه الصلاة و السلام - عليه، فصار شرعاً متبعاً، وأما الرؤى فبمفردها لا يثبت بها شرعاً، رأى رجالاً أن ليلة القدر، ليلة سبع وعشرين، أو كذا وكذا، ليش سبع وعشرين من أرجى الليالي التي تلتمس فيها ليلة القدر وبعضهم يرجحها، بل بعض الصحابة يحلف عليها، وهو الراجحة عند الحنابلة ليلة سبع وعشرين، هذه الرؤيا عرضة على النبي - عليه الصلاة و السلام - فلم ينكرها، واكتسبت الشرعية من إقراره -عليه الصلاة و السلام - لكنه أقره على سبيل العموم، تبعاً للمصلحة الشرعية النافذة عن هذا التعميم والإبهام، لأنه جاء في ليلة القدر أحاديث كثيرة وفي التماسها، ونظراً لكثرة الأحاديث واختلافها، اختلف أهل العلم في تحديدها على ما يقرب من خمسين قولاً، على ما يقرب من خمسين قولاً، ذكرها الحافظ بن حجر في فتح الباري، وذكر الحافظ العراقي صاحب طرح التثريب الحافظ ولي الدين أبو زرعة ابن الحافظ العراقي، ذكر ثلاثةً وثلاثين قولاً، كل هذا من أجل ما ورد فيها من أحاديث مختلفة، وجلها صحيح، جلها صحيح وهذا الاختلاف مع هذه الصحة لا يؤثر في هذه الأخبار اضطراب، لأن المضطرب من الحديث: ما يروى على أوجه مختلفة ومتساوية، كثير من هذه الأحاديث في الصحيحين، هل نقول أن هذا الاختلاف في هذه الأحاديث يؤثر فيها فتكون مضطربة؟ لا كلها صحيحة أما على قول ما يقول: إن ليل القدر تتنقل بين الليلي المنصوص عليها فهذا لا إشكال فيه، قد يكون في ليلة في سنة ليلة سبع وعشرين، وفي سنة ليلة تسع وعشرين، وفي ليلة إحدى وعشرين، كما حصل له - عليه الصلاة و السلام-:" حينما رأى أنه يسسجد في ماء وطين وكان ذلك في ليلة إحدى وعشرين"، والحديث في الصحيح، على القول بأنه متنقلة وهذا هو الذي يظهر من خلال مجموع النصوص هذا لا إشكال في كون مرة يقول: ((التمسوها في العشر الأواخر التمسوها في السبع))، ((التمسوها في الأوتار))، ((التمسوها لسابعة تبقى لخامسة تبقى لثلاثة تبقى)) إلى أخره، كل هذه كل واحدة له مدلول غير مدلول الحديث الآخر، والتأكيد على الأوتار لا ينفي أن تكون أيضاً في الأشفاع استدلال بما جاء من الأحاديث التي تنص على الباقي من الشهر في النظر إلى آخره فسابعة تبقى إذا كان الشهر ناقص فهي ليلة ثلاثة وعشرين، وإذا كان الشهر ثلاثين فهي ليلة أربع وعشرين وهذه الليلة يرجحها أنس ابن مالك والحسن البصري، وعموم عباد البصرة على أنها ليلة أربعة وعشرين، فكونه يأتي مثل هذا الإبهام الذي لا يستطيع أن يقف العالم أمامه حائراً في ترجيح ليلية بعينها، إلا إذا جزم جرى على أن يرجح مع صحة الباقي،لأنه لا يستطيع أن يضعف الأحاديث الباقية، الحنابلة حينما يرجحون ليلة سبعة وعشرين، أو أنس والحسن وأهل البصر حينما يرجحون ليلة أربعة وعشرين، هم يعترفون بصحة الأحاديث الأخرى، لكنه مجرد ترجيح ونظرٍ إلى أن الحق لا يتعدد وأنها في نهاية ثابتة، أما على القول بأنها في متنقلة بين ليالي العشر هذا ما في إشكال لأنها قد تكون هذه السنة ليلة واحد وعشرين، والسنة القادمة ليلة خمسة وعشرين، والسنة القادمة ليلة خمسة وعشرين والسنة الماضية ليلة أربعة وعشرين وهكذا والسبب في إبهامه السبب في إبهام ليلة القدر،الاستكثار من التعبد، الاستكثار من التعبد؛ ليقوم الإنسان ليالي العشر كلها،من العرفة بعينها، لم يقل سواها، يقول: ماذا تصنع تسع ليالي أقوم واحدة وأترك الباقي ويكفيني ألف شهر، بلا تسع ليالي، مع أن النبي -عليه الصلاة والسلام- غفر له ما تقدم من ذنبه وما وتأخر وقام - عليه الصلاة و السلام - حتى تفطرت قدماه، شكراً لله -جل وعلا-، ((أفلا أكون عبداً شكورا))، فلو قام الإنسان عمره كله لما كان كثيراً في مقابل النعم التي يتقلب فيها من لله -جل وعلا-، التي كل واحدة منها لو قام عمره ما قام بشكرها.
على كل حال من أهل العلم من يرى أنها ثابتة في ليلة واحدة فمنهم من يرجح ليلة أحدى وعشرين كالشافعية ومنهم من يرجح ليلة ثلاثة وعشرين وله من ينصره وله أدلته، ومنه من يرجح أربعة وعشرين كما سمعتم، ومنهم من يرجح خمسة وعشرين، والحنابلة على أنها ليلة سبعة وعشرين، ومنهم من يقول: إنها أخر ليلة من رمضان، لا سميا إذا كانت ليلة تسعة وعشرين، ومنهم من يرجح الوتر إذا وافق ليلة جمعة، إذا وافق ليلة جمعة، وعلى كل حلا على الإنسان أن يحرص فيما ينفعه، وأن يقوم ليالي العشر لأن لها شأن عند الله -جل وعلا-، وكان النبي - عليه الصلاة و السلام-، إذا دخلت العشر شد المأزر واعتزل أهله وقام ليله، مع أنه لم يحفظ عنه أنه قام ليلة كاملة، لكنهم من يقول: أنه يقوم العشر كاملة، ومنهم من يقول: إنه يرتاح قليلاً وعلى كل حال الراحة هذه القليلة اليسيرة لا تؤثر إذا قصد بها الاستعانة على قيام بقية الليل أو الراحة من التعب الذي حصل له بسبب طول القيام، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: ((أرى رأياكم قد تواطأت))، أرى يعني أعلم أن رؤيا كم قد تواطأت، يعني: توافقت على شيء معين، ((فلتسموها في العشر البواقي في الوتر منها))، ما قال: التمسوها في ليلة سبع وعشرين، التي رائها الصحابي، ما قال: ((التمسوها في ليلة سبع وعشرين))، ولا قال: ((الزموا ليلة إحدى وعشرين))، مع أنه كان قال - عليه الصلاة و السلام-: ((ليلة تسع وعشرين إني أرى أني أسجد في صبيحتها في ماء وطين))، فجاء المطر ووكف المسجد، ورؤيا أثر الماء والطين على وجهه - عليه الصلاة و السلام - لما انصرف من صلاة الصبح يوم واحد وعشرين.
فلتمسوها في العشر البواقي، في العشر البواقي يعني من رمضان الذي تبدأ بغروب الشمس يوم عشرين، وقد يقول قائل: أنه لا مانع من أن تدخل في العشر البواقي ليلة عشرين، لاسيما إذا كان الشهر ناقصاً، لكن معروف أن العشر الأواخر تبدأ من ليلة إحدى وعشرين بغروب الشمس يوم عشرين وأما ليلة عشرين فهي من العشر الأواسط، فالتمسوها في العشر البواقي في الوتر منها هذا بدل بعض من كل، بدل بعض من كل، والتنصيص على الأوتار باعتبار أنها أرجى من الأشفاع، لأن الله وتر يحب الوتر أرجى من الأشفاع.
قال -رحمه الله-: عن نافع عن ابن عمر أن رجالاً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "رأو ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر، في السبع الأواخر"، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: ((إني أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر))، يعني: يترك ليلة إحدى وعشرين؟ وليلة اثنين وعشرين، يبدأ من ليلة ثلاثة وعشرين أو من ليلة أربعة وعشرين، هذا من ضمن الأحاديث التي جاءت بإبهام ليلة القدر، وقبله ((فالتمسوها في العشر البواقي))، وهنا في السبع الأواخر وجاء ما يدل على ليلاٍ بعينها، كل هذا تعمية لهذه الليلة وإبهام لها من أجل أن يستكثر المسلم من العبادة، وظن أنه لو عرف هذه الليلة بعينها لما حرص على قيام بقية الليالي.
فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر، جاء في الحديث الصحيح أيضاً: أن النبي - عليه الصلاة و السلام - خرج ليخبر بليلة القدر وهذا في الصحيح، قال: ((فتلاحى فلان وفلان فرفعت))، تلاحى فلان وفلان فرفعت ولذا قال: من قال: بأنه رفعت ليلة القدر، فلا شيء اسه ليلة قدر الآن، وهذا من شؤم الخلاف، لكن هذا القول لا يعرف عند أهل السنة، بل أهل السنة كلهم مجموعون أن ليلة القدر باقية، وغيرهم من الطوائف مع عدا الروافض هم الذين يقولن رفعت إذاً قوله فرفعت يعني: رفع تحديدها وتعيينها في ليلة واحدة، وعسى أن يكون خيراً كما جاء في الحديث، رفعها بالكلية احتمال أن يكون خير؟ أبداً لا يكون خير لا احتمال في رفع ليلة القدر بالكلية، أما عدم تعيينها فاحتمال أن يكون خير، وهذا هو الخير الذي اختاره الله -جل وعلا- لهذه الأمة، يعني عدم التعيين ليجتهدوا ويكتسبوا من الأعمال الصالحة ما يقربهم إلى الله -جل وعلا- في ليلة القدر وغيرها.
من أهل العلم من يرى أن ليلة القدر في جميع ليالي العام، يعني: ليلة من ليالي العام في رمضان وفي غيره، وهذا يذكر عن ابن مسعود بأنه قال: "من قام العام أدرك ليلة القدر"، من قام العام أدرك ليلة القدر، وليس هذا بنص صريح بأن ابن مسعود يرى أن احتمال أن تكون ليلة القدر في شعبان في شوال في محرم في صفر؟ لا ليس بمتعين أن يكون رأي ابن مسعود أنها في غير رمضان، لكنه من قام العام كما انه من قام رمضان أدرك ليلة القدر وهي ليلة واحدة، فهي ليلة من ليالي العام، من قام العام كاملاً أدرك ليلة القدر وفي هذا حث على القيام لابن سعود -رضي الله عنه-، في رمضان وفي غير رمضان لكن لا يعني أنه يرى أن ليلة القدر احتمال أن تكون في غير رمضان، وعامة أهل العلم على أنها في رمضان فمنهم من يرى أنها في جميعه، ومنهم من يقول هي في العشر الأواخر وهو أرجح وأقوى، ومنهم من يرى أنها ليلة سبعة عشرة، ليلة السابع عشر، لأنها ليلة الفرقان ليلة البدر، ليلة بدر، وهي ليلة فرقان لا سميا إذا وافقت ليلة جمعة، ومنهم من يقول: ويذكر عن علي -رضي الله عنه-:" أنها ليلة التاسع عشر"، وعلى كل حال كل هذه الأقوال والتي استوعبها ابن حجر تقرب من خمسين قولاً كلها تدل على أنها غير معينة، والحكمة ظاهرة، ساعة الجمعة جاء فيها أيضا شيء من الإبهام وإن كانت أقل، منهم من يقول: أن ساعة الجمعة، في يوم الجمعة، من طلوع فجره إلى مغيب شمسه وجاء ما يدل على أنها من دخول الإمام إلى أن يفرغ من الصلاة وهذا صحيح لا إشكال فيه، وجاء أيضاً أن أخر ساعة من يوم الجمعة كل هذا من أجل أن يجتهد المسلم ويتعرض لنفحات الله في سائر الأوقات.
قال -رحمه الله-: وعن أبي سلمة أن أباء هريرة أخبره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: ((من قام رمضان، من قام رمضان إيماناً واحتساباً)) من قام الأصل في القيام الصلاة في الليل هذا أصل القيام، ويضاف الذكر والتلاوة، يعني من جلس ليقرأ القرآن في رمضان في الليل وخلط بين القراءة والذكر والصلاة هذا قام رمضان، وكذلك في سائر العام يعني لا يلزم أن يكون القيام كله مستوعباً في الصلاة، هذا ما قرره النووي وغيره أن القيام يشمل الصلاة والتلاوة والذكر،{وَبِالْأَسْحَارِهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [سورة الذاريات:18] وهذا من القيام المقصود أن هذا قول معتبر عند أهل العلم ومنهم من يخص القيام بمعناه الحقيقي وهو نصب القدمين في منجاة الله -جل وعلا- بالصلاة فقط وأما القراءة......... تكون بالقعود كما هو المعتاد لكن إذا قرأ في صلاته جمع بين التلاوة وإذا أكثر من الذكر في صلاته حصل المطلوب، من قام رمضان هذا فيه دليل على جواز قول رمضان من غير إضافة شهر،وهو قول عامة أهل العلم وترجم عليه البخاري - رحمه الله تعالى- وأورد هذه الأحاديث وإن كان قد أثر عن بعض السلف أنه يكره إفراد رمضان من غير إضافة شهر، وسبق أن تكلمنا في هذا.
من قام رمضان إيماناً، أي تصديقاً بوعد الله -جل وعلا- واحتساباً طلباً لثواب وتعرضاً للجزاء من الله - جل وعلا- غفر له ما تقدم من ذنبه، غفر له ما تقدم من ذنبه و((من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه))، من قام رمضان يحصل القيام بصلاة الصبح وصلاة العشاء في جماعة والقيام مع الإمام حتى ينصرف مع أنهم يختلفون في صلاة قيام رمضان التي يسميها أهل العلم التراويح، يختلفون هل الأفضل أن تصلى جماعة أو تصلى فرادا؟ فيذهب مالك وجماعة من أهل العلم إلى أنها تصلى فراداً أفضل في البيوت، أنها تصلى في البيوت فرادا أفضل، و((أفضل صلاة المرأ في بيته إلا المكتوبة)) والجمهور على أن قيام رمضان الذي يسمونه بالتراويح، وبعده التهجد كله في المسجد جماعة أفضل؛ لأن النبي - عليه الصلاة و السلام - صلى بهم ثلاث ليالي صلى الناس ازدحم المسجد لم يخرج إليهم - عليه الصلاة و السلام - مع علمه بهم خشية أن تفرض عليهم، خشية أن تفرض عليهم، يعني: لا عدولاً عنها ولا نسخ لها وإنما العلة خشية أن تفرض، ولو فرضة صلاة التراويح لشق ذلك على الأمة، المقصود أن تركه لها خشية أن تترك فمكث الناس على هذا بقية مدته - عليه الصلاة و السلام - وخلافة أبي بكر وصدر من خلافة عمر -رضي الله عنه-، ثم رأى عمر أن يجمع الناس على إمام واحد، فجمعهم على أوبي ابن كعب تميم الداري فكانوا يصلون بهم عشرين ركعة، جمعهم على هذه الصلاة وخرج إليهم في ليلة من الليالي كما في الصحيح، وهم يصلون التراويح فقال: "نعمة البدعة هذه"، "نعمة البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل منها" يعني: صلاة أخر الليل، فجمعهم على إمام وسماها بدعة مع أنه جاء في الحديث الصحيح: ((كل بدعة ضلالة))، فكيف يقول عمر: لأمرٍ يأمر به ويقول: بدعة؟ شيخ الإسلام بن تيمية -رحمه الله- يقول: إن هذه بدعة لغوية وليست بدعة شرعية، بدعة لغوية وليست بدعة شرعية، والبدعة ما عمل على غير مثالٍ سابق، هذه هي البدعة: ما عمل على غير مثال سابق، هذه البدعة في اللغة وفي الشرع: ما عمل مما يتعبد به من غير أصلاً شرعي من كتاب ولا من سنة، يعني: ما يتعبد به الإنسان مما لا أصل له في الكتاب والسنة هذه بدعة عند أهل العلم، فهل صلاة التراويح بدعة لغوية علمت على غير مثال سابق؟ نعم؟
طالب:...........
لا لها مثال سابق وقد فعل النبي - عليه الصلاة و السلام - بجمع من أصحابه ليلتين أو ثلاث، فلها مثال سابق وليست ببدعة شرعية لأن النبي - عليه الصلاة و السلام - صلاها هكذا جماعة فليست ببدعة لا لغوية ولا شرعية، إذاً كيف يقول عمر -رضي الله عنه- عن هذا الصلاة التي أمر بها وجمع الناس عليها:" نعمة البدعة" إذا كانت ليست ببدعة لغوية ولا شرعية، والذين يقولون بالمجاز يقولون: هذا مجاز لأنه تعبير بلفظ في غير ما وضع، في غير ما وضع له فهو مجاز، والصواب: أنه ليس بمجاز وليس ببدعة لا لغوية ولا شرعية وإنما هي من باب المشاكلة، أطلق عليها عمر بالبدعة من باب المشاكلة والمجانسة في التعبير كأن قائل قال: ابتدعه يا عمر، الرسول - عليه الصلاة و السلام - تركها وأبو بكر ما أمر بها، وأنت ابتدعتها، كأن قائل له قال ذلك الكلام فقال: "نعمت البدعة"، والمشاكلة عند العلماء في مباحث البديع، فيمباحث البديع يقولون: إنه مشاكلة اللفظ ومجانسته له حقيقة أو تقديراً، يعني: هنا تقدير ما قال أحد لعمر مثل ذاك، لكن خشية أن يقال ابتدعت فقال:" نعمة البدعة" من باب المشاكلة والمجانسة في التعبير {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا} [سورة الشورى:40] الجناية سيئة بلا شك لكن معاقبة الجاني ليست بسيئة حسنة، بل هي من باب المجانسة والمشاكلة في التعبير.
((من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)) بهذا القيد إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ((ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه))، وجاء البخاري أيضاً: ((من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم)) وفعله ما تقدم من ذنبه، شريطة أن يكون فعله ذلك إيماناً وتصديقاً بالله -جل وعلا- واحتساباً للأجر والثواب عنده.
((ما تقدم من ذنبه، غفر له ما تقدم من ذنبه))، ما من صيغ العموم، ما من صيغ العموم، حتى قال بعضهم: أنه يشمل الكبائر والصغائر، ما تقدم من ذنبه يشمل الصغائر والكبائر، وفيه مما يدل على العموم " ما " وهي من صيغ العموم إذا كانت موصولة، الذي تقدم من ذنبه’ وفي أيضا المفرد المضاف فيشمل جنس الذنب يشمل جنس الذنب وهذا قال به جمع من أهل العلم أنه يشمل الكبائر والصغائر، وأن الذي عليه الجمهور: أن هذا لا يشمل الكبائر بل الكبائر لا بد فيها من التوبة أو من رحمة أرحم الراحمين وأما هذا الأعمال قيام رمضان، صيام رمضان، قيام ليلة القدر، الصلوات الخمس، الجمعة إلى الجمعة، رمضان إلى رمضان، العمرة إلى العمرة، كلها ((كفارات لما بينهما ما لم تغشى كبيرة))، كما جاء في بعض الأحاديث، ما اجتنبت الكبائر فهذا خاص بالصغائر عند الجمهور، ما تقدم من الصغائر، قد يقول قائل: إذا كان غفران الذنوب في الصيام فقط فلماذا نقوم؟ وإذا كان في الصيام والقيام لماذا لا نتعرض لليلة القدر وهو مغفور لنا؟ والصيام مثلاً والقيام، المسلم إذا اجتنب الكبائر{إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} (31) [سورة النساء:31]، فبمجرد اجتناب الكبائر المكفر لبقية الذنوب من الصغائر، هذه المفكرات الكثيرة التي تتظافر على ذنوب المسلم لا شك أن لها أثر، فإذا كفرت الصغائر ولم تبقى صغيرة عنده لا شك أنه يخفف عنه من تبعات الكبائر، يخفف عنه من تبعات هذه الكبائر وما يترتب عليها، وقال البخاري: "من صام رمضان"، وزاد أحمد في ذكر الصيام وما تأخر: ((من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر)) وما تأخر يعني: جاء في صيام يوم عرفة ((احتسبُ على الله أن يكفر السنة الماضية والباقية)) ، يعني يكفر سنتين وتكفيره للماضي يعني متصور لكن تكفيره للاحق، يعني تبقى هذه السيئات التي يعملها مكفرة بسبب سابق، منهم من يقول إنه يحال بينه وبين الأعمال بين السيئات في السنة اللاحقة، لكن هنا وما تأخر إذاً متى؟ ((من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر))، هذا مفتوح سابق كله لكن وما تأخر إلى وفاته، أو إلى رمضان القادم، يعني في صيام يوم عرفة: ((احتسب على الله أن يكفر سنتين سنة ماضية و سنة لاحقة))، واضح يعني إلى مثله من قابل، لكن صيام رمضان وما تأخر إلى متى إلى أخر عمره أو إلى رمضان اللاحق؟ نعم؟
إلى آخر عمره.
وما تأخر يعني إلى وفاته؟ أو إلى رمضان فقط بحيث يكون ما تأخر عن رمضان الثاني مكفر بصيام رمضان الثاني، أو يقال أن هذه من نصوص الوعد وفضل الله واسع ولا يحد، ويبقى أن هذه كله في صغائر الذنوب عند جمهور أهل العلم والله -جل وعلا- رحمته فوق كل شيء، رحمة أرحم الراحمين فوق كل شيء، فوق ذلك كله.
لابن حجر كتاب اسمه" الخصال المكفرة" "الخصال المكفرة للذنوب المتقدمة والمتأخرة" ذكر فيها عدة أحاديث فيها تكفير الذنوب السابقة واللاحقة، وتكفير الذنوب على أمور يسيرة، الصلوات الخمس كفارات لما بينها، رمضان إلى رمضان كفارة لما بينهما، العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، الجمعة إلى الجمعة يعني: فماذا يبقى من الذنوب إلا بالنسبة للشخص كتبت عليها الشقاوة، فإذاً هذه المكفرات والله -جل وعلا-: ((يبسط يده بالليل ليتوب مسي النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسي الليل)) فماذا بقي من الحجة من حجة الخلق على الخالق؟ لا حجة لأحد معا أن فيا الأصل الحسنة بعشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة والسيئة سيئة واحدة، ذكرنا من قال من أهل العلم: أنه قد خاب وخسر من فاقت آحاده عشراته، يعني: إذا عمل حسنة يعمل في المقابل عشر سيئات، فكيف يعمل إحدى عشرة أو اثنتا عشرة سيئة في مقابل حسنة واحدة وهذه مضاعفة وهذه ليست مضاعفة، ممن يجدر التنبيه عليه ما جاء في آخر سورة الفرقان {إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} [سورة الفرقان:70] يبدل الله سيئاتهم حسنات يعني يتوب عليهم ويمحوا أثر السيئات والزلات والذنوب والخطايا كلها تمحى بالتوبة، وتبدل هذه السيئات حسنات، وأي فضل أعظم من هذا؟ وأي ترغيب في التوبة أشد من هذا؟ ومع ذلك نجد من يصر على الجرائم على الذنوب على المعاصي، وكما قال الله -جل وعلا-: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [سورة الليل:4]، هذه السيئات التي كانت سيئات ثم بدلت حسنات يرد فيها سؤال يذكره ابن القيم وشيخ الإسلام وغيرهم يقول: " لو افترضنا أن شخصين بلغا من العمر سبعين سنة ثمانين سنة، أحدهما ليست له صبوة، ولما كلف لزم التعبد ولم يعصي، إلى أن بلغ الثمانين ومات على هذه الحال وهو صوام قوام ملازم للطاعات، مجتنب للسيئات والآخر العكس ما ترك شيء إلا فعل من الجرائم والمعاصي والذنوب، بلغ الثمانين ثم تاب توبة نصوحاً ثم مات، أيهما أفضل عند الله؟" هاذاك سيئاته مكتوبة سيئاته أصلية، والثاني حسناته أصلية، الأول حسناته أصلية ومكتوبة له ومثبته في ديوانه، والثاني أثبت في ديوانه هذه السيئات ثم بدلت وغيرت حسنات، أيهما أفضل؟
طالب:..........
الأول لماذا؟
طالب:...........
نعم؟ حسناته كثيرة والثاني
سيئاته كثيرة.
سيئاته كثيرة صارت حسنات.
مضاعف.........
مضاعفة إلى عشر أقل الأحوال إلى الحسنة بعشرة أمثالها إلى سبع مائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، الثاني تضاعف الحسنات وإلا ما تضاعف؟ شيخ الإسلام - رحمه تعالى -: "يرى أنها تضاعف"، يرى أنها تضاعف صارت حسنات والحسنة بعشرة أمثالها، ولكن العدل الإلهي لا يجعل هذا مثل هذا، والأمر الثاني: أن البدل له حكم المبدل، يعني: تقرر في الشرع أن البدل له حكم المبدل، والمبدل السيئة بواحدة، والبدل الحسنة بواحدة،وهذا هو اللائق بعدل الله -جل وعلا- وإن كان فضله لا يحد، لكن لا يستوي هذا وهذا {أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لَّا يَسْتَوُونَ} [سورة السجدة:18].
استغفر الله.
قيام رمضان جاء فيه عن النبي - عليه الصلاة و السلام - حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: "ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسن وطولهن، ثم يصلي أربعن فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يوتر بثلاث"، رأى بعضهم أنه لا تجوز الزيادة على الإحدى عشرة،وأن الزيادة عليها بدعة، وهذا قول مشتهر في صفوف المتعلمين، لكن عامة أهل العلم على أنه ليس للتحديد، وقد جاء من فعله - عليه الصلاة و السلام - ما هو أكثر من إحدى عشرة، ثبت في الصحيحين وغيره: "أنه كان يصلي ثلاثة عشر"، من حديث ابن عباس وغيره، وثبت أكثر من ذلك وجاء أيضاً أحاديث مطلقة: ((صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشيت الصبح فصلي واحد توتر لك ما قد صليت)) ما يدل على الزيادة على الإحدى عشرة، وقال الذي طلب مرافقته في الجنة قال: ((أعني على نفسك بكثرة السجود))، مما يدل على أن كثرة السجود مطلوبة فلا تحد بإحدى عشرة، الأمر الثاني يصلي أربعاً يعني: بسلامين، لحديث: ((صلاة الليل مثنى)) صلاة الليل مثنى مثنى يصلي أربعاً يعني بسلامين، لكنها جمعت هذه الأربع لأنها متواصلة، يسلم ثم يكبر، ثم يصلي أربعاً يفصل بين الأربع الأولى، والأربع الثانية براحة، ولذا قيل لها صلاة التراويح يرتاحون بين كل تسليمتين أخذ من هذا الحديث: ((صلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن)) يفصل بين كل أربع تسليمات، جاء عنه - عليه الصلاة و السلام -: أنه أوتر بخمس بسلام واحد، وأوتر بسبع لا يجلس بينها، وأوتر بتسع لا يسلم بينها وإنما يجلس بعد الثامنة ثم يقوم إلى التاسعة بدون سلام، وهذا مخصوص بالوتر، خارج عن قوله: ((صلاة الليل مثنى مثنى)) صلاة الليل مثنى مثنى في الصلاة المطلقة، وصلي ركعتين ركعتين حسبما يتيسر ثم يوتر بعد ذلك، ثم يوتر بعد ذلك، سوا أوتر بواحدة لا سميا إذا خشي طلوع الصبح أو أوتر بثلاث وهو أدنى الكمال أو بخمس، أو بسبع، أو بتسع، لكن إن زاد على ذلك فليسلم من كل ركعتين، كان يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطيبهن، ثم يصلي أربعاً ثم يوتر بثلاث، فيه أيضاً قراءة القرآن في صلاة التراويح، يعني: جرت عادة سلف هذه الأمة إلى زماننا أن الإمام يسمع الناس القرآن، يسمع الناس في القرآن في هذه الصلاة في قيام رمضان من أوله إلى أخره، وكان الناس يختمون أقل شيء مرتين مرة في التراويح ومرة في التهجد، وبعضهم يختم ثلاثاً، يقرأ القرآن ثلاث مرات، وبعضهم يزيد على ذلك، لأن الزمان يستوعب، كانت التسليمة بجزء من القرآن إلى أن تساهل الناس وتراخوا فصاروا ينتهي رمضان وما ختموا، بل بعضهم ما نتصف في القرآن ويكتفي بصلاة التهجد بورقة، وأما في صلاة الترويح فكثر السؤال عن آية الدين هل تقسم أو لا تقسم، والتراخي والتساهل هذا لا نهاية، يعني: النفس لو أعطيت مجال ما انتهت إلى حد، لا تنتهي إلى حد، فسئل عن آية الدين هل يجوز قسمها أو لا يجوز لأنهم صار لا يطيقونها الإمام يقرأ آيتين ثلاث وآية الدين مقابل عشرة آيات، لا بد أن يكون في تسليمه أو تسليمتين وهذه سببه التساهل، نعم قد يقول قائل: إن نمط القراءة وكيفية الأداء اختلف عند بعض القراء، يعني: كانوا يختمون مرتين ثلاث لكنهم كانوا يسرعون في القراءة لا سميا من أدركناهم وهم من أهل العلم والعمل والعبادة فيما نحسب والله حسيبهم، ثم بعد ذلك جاء هؤلاء الشباب الذين حفظوا وضبطوا وجودوا تجدهم يقرؤون الآية أحياناً والآيتين، ولا يزيدون عن نصف وجه نصف صفحة في الغالب، وبعضهم أقل من ذلك لكنهم مع شيء من تحسين الصوت وتزيينه والتجويد، كلٌ على خير لكن يبقى أن التساهل لا نهاية له، فيصل إلى حد أن ينتصف رمضان،ينتهي رمضان وهو في منتصف القرآن هذا ليس بمناسب أصلاً لاسيما في هذه الأيام التي على المسلم أن يغتنمها سواء كان ذلك في خاصة نفسه، أو بجماعته ومن خلفه، فإذا أسمع الناس القرآن ومر القرآن على عوام الناس مما لا يستطيعون قرأته بأنفسهم لا شك أن هذه ينفعهم كثيراً وبعضهم يسأل عن هذا حتى بعد رمضان، فتجده يقرأ في الصلوات الجهرية قراءة متتابعة يبدأ بالفاتحة وينتهي بالناس، وهذا لا يظهر فيه ما يمنع إذا كان يريد بذلك أن يستذكر بنفسه وقد جاء ما يدل عليه، وإذا أراد أن يسمع الناس القرآن لكن لو أخل بهذا الترتيب أحياناً، وقرأ مثلاً في فجر الجمعة {الم} السجدة، وسورة الإنسان، وقرأ في يوم آخر غير هاتين السورتين وأخل بهذا الترتيب المضطرد كان أولى وإلا فلا يظهر فيه شيء والعلم عند الله -جل وعلا-.
إذا كان المسجد في صلاة قيام رمضان يتولى الصلاة أكثر من إمام وجاء في الحديث: ((من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة)) فيصلي مع الإمام الأول وينصرف معه يقول: هذا الإمام انصرف أنصرف معه، نقول: لا هذان الإمامين حكماً في مقام إمام واحد، لأن صلاة أحدهم مكملة لصلاة الإمام الثاني، فهم في الحكم بمثابة إمام واحد، فلا ينصرف حتى ينصرف الثاني، كما أن الإمام الأول لا ينصرف حتى ينصرف الإمام الثاني، ليكتب له قيام ليلة ليكتب له قيام ليلة، لأن حكمهما حكم الإمام الواحد، صلى الترويح وانصرف ولم يحضر لتهجد يقول: انصرف الإمام، نقول الصلاتين حكمهما حكم الصلاة الواحدة، فلا بد أن يصلي التهجد ليكتب له القيام، فإذا انصرف الإمام بعد التراويح وإن انصرف الإمام بعد التراويح ثم جاء غيره.
في شيء يتعلق بقيام رمضان وإلا؟ ها، شيء يتعلق بقيام رمضان.
ذكرنا فيما سبق ختم القرآن وأن الإمام أحمد كان يستحبه في التراويح، وقيل لماذا لا يكونك في الوتر؟ قال: ليكون لنا في ذلك دعائان، بل دعاء واحد يكون دعاء في أول الليل ودعاء في أخره، دعاء في التراويح في أوله ودعاء في آخره في الوتر، وأما بالنسبة للأصل الشرعي الذي يستند إليه فيما مثل هذا فلا أعلم حديث صحيحاً صريحاً يدل على هذا الفعل، وحينئذٍ يكون لا أصل له، وعلى الإنسان أن يلتزم بما له أصل شرعي، بما له أصل شرعي، والقنوت وقد مر السؤال عنه كثيراً وإطالته وسجعه وترتيله، وترتيل القرآن إذا جاء الدعاء بأية قرآنية أما ترتيل القنوت والدعاء حتى يضاها به كتاب الله وعلى قواعد قراءته فهذا لا يجوز، وأما التغني به بحيث يؤثر في السامع على غير قواعد قراءة القرآن بحيث يؤثر في السامع، ولا شك أن السامع يتأثر تبع لصوت، فنقول أن هذا التأثر مستحب ولا يتم التأثر إلا به فلا شك أنه يكون مطلوباً حينئذٍ ولا يمنع ما لم يصل إلى حدٍ يكون التغني فيه يخرجه عن مقصوده ويزيد في حروفه وما أشبه ذلك.
إطالة القنوت لا شك أنه على خلاف الأصل فلم يحفظ عنه - عليه الصلاة و السلام - أنه قنت قنوت طويلاً، بل يقنت ويدعوا بقدر الحاجة، بقدر الحاجة وتجد عوام المسلمين كثير منهم تبعاً لتصرف بعض الأئمة تأثره بالقنوت أكثر من تأثره بالقرآن، أكثر من تأثره بالقرآن، ولذلك تجدونهم ليلة الختم يتأهبون قبل الدخول في الصلاة لختم القرآن، يعني: تجد الإنسان يجمع نفسه ويعرف أن الليلة ليلة ختمه ويختلف وضعه قبل صلاة العشاء بين العشاءين يختلف وقد تجده في العصر أيضاً متأثر لهذه الختمة تجد الوضع يختلف، وهذا لا أصل له شرعاً، بل ينبغي أن يكون التأثر والتذكير بالقرآن{فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ}[سورة ق:45] تجد الناس يسمعون قراءة القارئ خلال الشهر كاملاً وكثيرٌ منهم لا يبكي ولا يتأثر بالقرآن وكأنه لا يسمع شيءً، ثم إذا جاء الختم تجده يهئ نفسه للبكاء قبل الدخول في الصلاة، يعني استشعار نفسي من أجل أن لأن هذه الختمة أعطيت هالة وهيبة وشيء من أضفي عليها شيء من الهيبة أكثر مما اعتاده الناس لكلام الله -جل وعلا- مع أن كلام الله -جل وعلا- بالنسبة للسائرالكلام، لسائر الكلام كفضل الله على خلقه هو الكلام الذي من قام،
هو الكتاب الذي من قام يقرأه |
| كأنما خاطب الرحمن بالكلم |
يعني كأنك تخاطب الله -جل وعلا-، وتسمعه كما تسمع أي: كلام يعني تسمع القارئ كما تسمع نشرة الأخبار، بل تصغي للأخبار أكثر مما تصغي لقراءة القراء وهذا موجود في حال كثير من المسلمين وما هذا إلا لبعدهم عن القرآن والتلذذ بالقرآن ومعرفة قدر القرآن {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ} [سورة الزخرف:44] القرآن شرف لهذه الأمة ولنبيها - عليه الصلاة و السلام-. والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
"شهر رمضان فرصة لا تعوض للمسلم عموماً، ولطالب العلم على وجه الخصوص، طالب العلم عليه أن يستغل هذه الفرصة وهذه الموسم العظيم الذي تضاعف فيه الأعمال وتكتسب فيه الحسنات ويتعرض فيه للنفحات؛ وسيأتي شيء منه عند قيام رمضان وقيام ليلة القدر إن شاء الله – تعالى-.
إذا دعت الحاجة ومست الحاجة إليه في شدة الحر فلا يظهر أدنى ما يمنع من ذلك على ألا يكون من مال الميت ولا من أهله، يكون من متبرع خارجي يريد بذلك التخفيف من وطأة الحر والظمأ الناشأ بسببه فلا يظهر ما يمنع إن شاء الله – تعالى-، وإن وضع برادات خارج المقبرة بحيث أن من احتاج إلى الشرب يخرج إلى هذه البرادات ويشرب فهو أحوط.
أدركنا وأدرك غيرنا من كان همه وديدنه القرآن وما زال ولله الحمد الأمر موجود حتى في كبار العلماء الذين شغلوا بالأعمال, وبالأمور العامة نصيبه من القرآن وافر، قد لا يرى طالب العلم أن فلان من أهل العلم يقرأ أمام الناس ويجلس في المسجد أو شيء من هذا، لكنه له نصيبه من قيام الليل ووردهم وافي فيما نعلمه ومنهم من يختم في ثلاث مع كثرة الأعمال والمشاغل، ومنهم من يقرأ القرآن في سبع ولا استبعد أن بعضهم لكثرة ما أراه يقرأ القرآن أنه يختم في كل يوم، - والله المستعان-.
المردان كلام السلف في حكمهم كثير، وأنه لا يجوز النظر إليهم، كالنساء وبعضهم يرى ذلك بإطلاق كالنووي، وبعضهم من يقيد ذلك بشهوة، بعضهم يقيد ذلك لا يجوز النظر بشهوة ومنهم من يحرمه مطلقاً، كالنساء هذا مجرد النظر، فماذا عن ما وراء ذلك لا شك أن هذا التقبيل أمره أشد، أمره أشد فضلاً عن تكرير النظر وما يحدث بسبب ذلك فقد يكون في أول الأمر لا يتأثر الإنسان لكن مع الوقت لا شك أن له أثر بالغ وكبير في النفس، في النفس ويظهر أثره على أعمال الشخص وعباداته، وطلبه للعلم ومحفوظاته لا شك أن هذا مؤثر أثر بالغاً، - الله المستعان-.
على كل حال الذي لا يرى يقول: من رأى عدم الإجزاء، يعني: أن السعي لا يصح في هذا المسعى الجديد، وحسب ما يرى في السعي فإن كان يراه ركن فلا داعي أن يدخل في نسك بطوعه واختياره وهو لا يستطيع الخروج منه، وإن كان يراه واجبًا وقد صد عنه، يفتدي بدم، وإن كان يراه غير واجب هذا عاد أمر سهل، لكن القول المحقق والمحرر أن السعي ركن من أركان الحج والعمرة.
ابن سحمان هو الذي يقول:
وقد برأ المعصوم من كل مسلم يقيم بدار الكفر غير مصارم
هذا كلام ابن سحمان -رحمه الله- ومعتمد على الحديث الذي فيه النهي عن الإقامة بدار الكفر ولا تتوارى ناراهما يعني لا يقرب أحدٌ من أحد لأن مجالسة الكفار مضرة بدين الإسلام ويخشى على الإنسان وعلى ولده وعلى النشء والنساء والذراري أكثر وأعظم، فعلى هذا لا يجوز الإقامة بدار الكفر مهما كان السبب، بعضهم يبيح ذلك لضرورة وغيرها لكن الأمر خطير جداً، يعني: ولا شيء ألزم على الإنسان من دينه، وأما التحاكم إلى من يحكم بالطاغوت بغير ما أنزل الله فحكمه واضح وظاهر في القرآن: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [سورة النساء:65] قد يقول: أنه لا وسيلة ما عندهم إلا هذا نقول: هذا الأمر بين يديك هذا دينك وهذه دنياك، فأيهما تؤثر!
يعني: بالمجاهدة وما يسميه بعضهم الرياضة قد يصل الأمر إلى ذلك، ويذكر الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء: أن منهم من يستطيع أن يواصل إلى أكثر من ذلك، لكن أكثر ما يوجد هذا عند المبتدعة، لا عند أهل السنة، لا يوجد مثل هذا عند أهل السنة، إنما أكثر ما يوجد عند المبتدعة، حتى إنهم إذا واصلوا إن صدقوا في أنهم لا يأكلوا خلال الأربعين أنهم تتكشف لهم أمور، وتتضح لهم أشياء فيحصل لهم مكاشفات فيقول الحافظ الذهبي: "إن هذه هلوسة سببها شدة الجوع".
أنا لا أجرأ أن أقول بدعة مع أن أئمة عرفوا بالعلم والعمل قالوا بها مثل الإمام أحمد وغيره، لكن أكتفي أن أقول لا أصل لها.
في ليله ونهاره.
ذكرنا أنه بقدر ما يؤثر ويحرك القلوب لا بأس به وما زاد على ذلك فلا.
نعم تعطيه من الزكاة لأنه محتاج، ومن أهل الزكاة، لكن لا تأخذ من هذا الذي أعطيته شيئاً.
إذا كان المقصود به في آخر ركعة مما يقرأ به القرآن فهما أخر القرآن تقرآن في آخر ركعة، أما آخر ركعة فيما نعلم بالنسبة للصلاة الليل هي {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [سورة الإخلاص:1] في الوتر.
لا، يكفي غسل واحد يرفع الحدث الأكبر.
أولاً: هذا الدين إن كان على ملي فإنك تسدد كل ما حال عليه الحول، تزكيه إذا حال عليه الحول، وتزكي ما في ذمته لأنك تقول يسدد أقساط شهرية، فهو ينقص، كل ما حال عليه الحول وهو ملي لكن الملي بالنسبة للأقساط الشهرية لا يمكن أخذ المال منه قبل حلوله، فمثل هذه الأقساط الأولى أن تسدد كل قسط تقبضه فوراً هذا أبرأ للذمة وأسهل، أما كونه تتركه حتى يحول عليه الحول فقد يحول عليه الحول وقد زاد وقد نقص وقد تغير، وقد اشتريت به سعلة ثانية ثم بعد ذلك تضطرب زكاتك فلا تستطيع ضبطها، ولا تخرج من عهدتها بيقين؛ فأنت كل ما قبضت منه ثمانية ألاف أخرج زكاتها، والزكاة هي مأتين ريال ما تضر.
يقول: أنا رجل مؤذن لا أستطيع الحضور للصلاة على الجنازة في المسجد، ولكن أصلي عليها في المقبرة ثم بعد الصلاة عليها أذهب لسيارتي وأجلس فيها؛ لأن حرارة الشمس قوية وأنا أشاهد الجنازة تدفن، ثم إذا أهيل عليها التراب انصرفت، فهل أكون ممن شيع الجنازة؛ لأن ببعض الزملاء قال: اجلس معنا هنا ولا تذهب السيارة.
إذا كانت حرارة الشمس لا تطاق، لا تطيقها فلك أن تستظل وإذا كنت قريباً من الناس بحيث تعد معهم وبينهم فلا يظهر مانع إن شاء الله – تعالى-، أما إذا كنت بعيداً والسيارة بعيدة عن الناس فأنت لست منهم ولست معهم.
هذا جعفر بن محمد، جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العادين بن الحسين سبط رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بن علي بن أبي طالب، هذا جعفر بن محمد أكثر الروايات المفتراة عند الشيعة من طريقة،ومع ذلكم هو ثقة عند أهل السنة.
فقد يقول قائل من أهل السنة: ما دام أكثر معول الرافضة عليه كيف نقبل روايته فنبه القحطاني - رحمه الله تعالى- على أن روايته صحيحة ومقبولة ومخرجة في الصحاح عند أهل السنة، ولا يضره ما كذب عليه، فالخلق افتروا على الخالق وافتروا على المصطفى - عليه الصلاة و السلام- ولا يضيرهم ذلك، فكونه يفترى عليه عند قومٍ لا خلاق لهم وهم الرافضة ومعولهم في أكثر أعمالهم على الرواية عنه، وكله كذب وفرية، وهو ثقة عند أهل السنة وروايته مخرجة في الصحيح، وحديث جابر الطويل في صفة حج النبي- عليه الصلاة و السلام- من طريقه مروية فهو ثقة عند أهل العلم، لكن ينبه على مثله لألا يظن بعض الجهال من أهل السنة أن للكذب عليه أثراً في رد روايته، ونظير ذلك من المرفوع قوله - عليه الصلاة و السلام-: ((لا تفضلوني على يونس))، ((لا تفضلوني على يونس))، مع أنه سيد ولدي آدم - عليه الصلاة و السلام - وهو أفضل الأنبياء وأشرف المرسلين، وأفضل الخلق على الإطلاق، يقول: ((لا تفضلوني على يونس))؛ لأنه قد يخشى من بعض من ينتسب إلى الإسلام ويقرأ أو غير الإسلام من أهل الكتاب ويقرأ ما جاء في قصة يونس أنه يتنقصه فأراد النبي عليه الصلاة و السلام دفع هذا التنقص بقوله: ((لا تفضلوني على يونس)).
أولاً: هذا السفر لا بد فيه من إذن الوالدين، لابد فيه من إذن الوالدين، فإذا أذنا لك والسفر مباح والحاجة داعية فلا مانع حينئذ من السفر والسلام يرفع الهجرة كما قرره أهل العلم، فإذا لم يتسنى الحضور لأدى هذا السلام فالجوال كافي، ويبقى أن تلاحظ الوالدين فيما يرضيهما، أو فيما يغضبهما فإذا كان هذا لا يكفي في نظرهما فلا بد من الحضور.
أنا أقول: الدنيا كلها لا تقوم مقام لعن الدافع، والأخذ، والواسطة.
هذا تكلمنا عنه مراراً ولا داعي لإعادة الكلام فيه.
الأفضل هو الأنفع، هو الأنفع والأحظ لمن يحتاج إليها من الفقراء، والمساكين، وكونها يوزع منها، وتصدق منها، ويؤكل منها هذه هي السنة، فعلى الإنسان أن يفعل الأرفق بالناس من الفقراء وغيرهم.
عند اختلاف العلماء عليه أن يعتمد إذا كان من أهل النظر والاستدلال يعتمد على الدليل، وإن كان ليس من أهل النظر ولا الاستدلال فهذا فرضه تقليد أهل العلم.
إذا كان غير مستقيم فلا توافقي، لأن النصوص الثابتة المحكمة أن الظفر بذات الدين كما أن المرأة عليها أن تظفر بصاحب الدين، لأنه لا يؤمن أن يحرفها عن دينها، لا يؤمن أن يحرفها عن دينها، كما أن المرأة لا يؤمن أن تحرف هذا الزوج عن دينه ولو قال ما قال، ولو كان مقامه في العلم والدعوة من أفضل المقامات هذا لا يكفي، بل على الخاطب أن يظفر بذات الدين وعلى المخطوبة أن تتلمس ذات الدين لأنه لا يؤمن عليها أن يفتنها، وإذا كان عمران بن حطان، من رؤوس الخوارج ومن دعاتهم وهو الذي مدح قاتل علي كان من خيار المسلمين، خطب امرأة فأثر الجمال وهي من الخوارج فقال: "إن استقامتها تأتي بالدعوة"، خطبها بهذه النية ثم بعد ذلك ما لبث أن صار من رؤوس الخوارج، - نسأل الله السلامة والعافية-.
وهذه الرؤيا يستأنس بها فيما لا نص فيه، أو فيما له أصل من النصوص، فيما له أصل أو ما لا يوجد له أصل يستأنس بها أما كونها يعتمد عليها ويعول عليها في مقابلة النصوص فلا، فلا عبرة بهذه الرؤى.