في حديث ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب –رضي الله عنها- ابنة عم النبي -عليه الصلاة والسلام- لما أمرها بالاشتراط قالت: إني أريد الحج وأجدني شاكية، فقال لها: «حجي واشترطي، وقولي: اللهم محلي حيث حبستني» [البخاري: 5089]، هذا اللفظ في الصحيح، والإمام البخاري –رحمه الله- أغرب كل الإغراب في إيراد الخبر، فإنه لم يرد في أي باب من الأبواب المتعلقة بالحج. ولذلك كثير ممن نفى رواية البخاري لهذا الحديث؛ أنهم بحثوا في كتاب الحج من أوله إلى آخره ولم يجدوا الحديث. والبخاري الذي يكرر بعض الأحاديث في عشرين موضعًا، لم يكرر هذا الحديث ولم يذكره إلا في موضع واحد. والبخاري -رحمه الله- له أنظار دقيقة تخفى على كثير من الناس، فقد أورد الحديث في كتاب النكاح، باب الأكفاء في الدين، ثم قال في نهاية الخبر: (وكانت تحت المقداد –رضي الله عنه- وهو مولى)، يعني أن الكفاءة إنما تكون في الدين لا في النسب. ولو أن الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- كرر الحديث وجعله في الحج، وفي النكاح، وجعله في المواضع الذي يحتاج إليها كغيره، لكان هو الأصل، لكن الكمال لله، والعصمة لرسله.