كتاب الرضاع من المحرر في الحديث
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نعم.
"بسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين يا رب العالمين.
قال المؤلف -رحمه الله-:
كتاب الرضاع
عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا تحرم المصةُ والمصتان».
وعنها -رضي الله عنها- أنها قالت: كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهي فيما يقرأ من القرآن.
وعنها -رضي الله عنها- أن سهلة بنتِ سهيل.."
بنتَ..
أحسن الله إليكم.
"أن سهلة بنتَ سهيل بن عمرو جاءت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله، إن سالمًا مولى أبي حذيفة معنا في بيتنا، وقد بلغ ما يبلغ الرجال، وعلم ما يعلم الرجال، قال: «أرضعيه تحرمي عليه». أخرجها مسلم.
وعنها -رضي الله عنها- قالت: دخل عليَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعندي رجل قاعد، فاشتد ذلك عليه، ورأيت الغضب في وجهه، قالت: فقلت: يا رسول الله، إنه أخي من الرضاعة، قالت: فقال: «انظرن أخوتكن من الرضاعة، فإنما الرضاعة من المجاعة».
وعنها -رضي الله عنها- أن أفلح أخا أبي قيس أخا أبي القَعيس.."
أخا أبي القُعَيْس..
أحسن الله إليك.
"أن أفلح أخا أبي القُعَيْس جاء يستأذن عليها وهو عمها من الرضاعة بعد أن أُنزِل الحجاب، قالت: فأبيت عليه أن آذن له، فلما جاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخبرتُه بالذين صنعت، فأمرني أن آذن له عليه.
وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أريد على ابنة حمزة فقال: «إنها لا تحل لي؛ إنها ابنة أخي من الرضاعة، ويحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب».
وفي لفظ: «ما يحرم من الرحم». متفق عليه، واللفظ لمسلم.
وعن أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يحرم من الرضاعة إلا ما فتق الأمعاء في الثدي، وكان قبل الفطام». رواه الترمذي وصححه، وروى ابن حبان أوله. وعن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا رضاعة إلا ما كان في الحولين». رواه الدارقطني وقال: لم يَسنده عن ابن.."
يُسنده..
أحسن الله إليك.
"لم يُسنده عن ابن عيينة غير الهيثم بن جميل، وهو ثقة حافظ، وقال ابن عدي: غير الهيثم يوقفه على.. غيرُ الهيثم يوقفه على ابن عباس، قلتُ: وهو الصواب."
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد،
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "كتاب الرضاع"، الرضاع يقال بفتح الراء وكسرها، ومثله الرضاعة بالفتح والكسر، والمراد بالرَّضاع حصول اللبن، والمراد بالرضاع حصول اللبن، لبن المرأة المرضعة في جوف الصبي، في جوف طفل في الحولين، هذا عند من يقول بالمعنى، معنى الرضاع وهو انتفاع الطفل بهذا اللبن على أي وجه كان تناوله إياه إما مصًّا من الثدي، وهذا هو الأصل، أو أن يحلب في إناء فيشربه الصبي، أو على أي وجه كان بحيث يصل إلى جوفه بالقدر المحدد في الوقت المحدد. ومنهم من يقتصر على اللفظ المراد في الأصل أن الرضاع مص اللبن من الثدي، ولا يقوم مقامه حصول اللبن في الجوف من غير مص للثدي، وهذا يقول به أهل الظاهر، وهذا هو اللائق بمذهبهم من حيث اللفظ، وأما من حيث المعنى، فكما يكون حصول اللبن في الجوف بواسطة مص الثدي مباشرة، يكون أيضًا بوصوله بأي وسيلة سواء كان بإناء أو كان عن طريق الأنف كما يحصل عن طريق الفم والأنف لا شك أنه موصل إلى الجوف كما هو مشاهَد في تغذية المرضى، يدخلون الليات مع الأنف، ويصل اللبن وغيره إلى الجوف، فمن وقف على اللفظ قال: لا يمكن إلا بمص الثدي، ومن نظر إلى المعنى، وأن المراد انتفاع الطفل بهذا اللبن من هذه المرأة جوَّز أن يكون بأي وسيلة يصل.
وهل يشترط أن يكون اللبن باقيًا على اسمه؟ وهل تحرم مشتقاته؟ مثلاً لو أن لبن امرأة صنع منه جبن أو أقط يحرِّم أم ما يحرِّم؟
طالب: ..........
ماذا؟
طالب: ..........
نعم، يؤكل أكلًا، ما يُشرب، ولا يُمص، لكن مسألة الانتفاع بالفرع كالانتفاع بالأصل، مسألة الانتفاع بالفرع إلا أنه لا يمكن أن يكون جبنًا إلا وقد أضيف إليه شيء، إلا وقد أضيف شيء يجعله يتجمد، وأما كونه أقطًا فيمكن أن يكون من غير إضافة.
على كل حال الأصل في الرضاع مص الثدي، وانسياب اللبن من الثدي إلى الجوف، ومن ينظر إلى المعنى يتوسع، والعلماء يختلفون في مقدار هذا التوسع.
وعلى كل حال مثل ما قلنا: الأصل وصول اللبن إلى الجوف.
وهل يشترط في هذا اللبن أن يكون قد ثاب عن حمل أو لا؟ هل يشترط أن يكون في هذا اللبن المحرِّم أن يكون قد ثاب عن حمل، كما يذكره بعض أهل العلم في الحد، مص لبن ثاب عن حمل، يعني تكون من حمل، فإذا وجد اللبن في امرأة من غير حمل يحرِّم أو لا يحرِّم؟
من يقيده بقوله: ثاب عن حمل يقول: لا يحرِّم، ووجد في الواقع من النساء من وُجد اللبن في ثديها من غير حمل لاسيما إذا كانت كبيرة، وانقطع عنها الحمل، وقد تكون مطلَّقة أو متوفى عنها. يكثر السؤال عن هذا أنها لما حملت الصبي ووضعته على صدرها درَّ اللبن فأرضعته، هل يحرم أو لا يحرم؟
على الخلاف، الذي يشترط أن يكون ثاب عن حمل يحرِّم، وعلى كل حال إذا كان لبنًا طبيعيًّا بخصائصه وفوائده ومنافعه، يعني إذا حُلِّل فوجد كاللبن الذي ثاب عن الحمل، فما المانع أن يكون محرِّمًا؟ لا يوجد ما يمنع أن يكون محرِّما، وحينئذ يكون له أم من الرضاعة، وليس له أب من الرضاعة مادام ما ثاب عن حمل ليس له أب
"عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا تحرم المصة والمصتان»" الرضعة الواحدة والرضعتان لا تحرِّم، وللعلماء أقوال يختلفون في القدر المحرِّم من الرضاع، والحديث دليل على أن المصة الواحدة والمصتان لا تحرِّم، وأخذ بمفهومه من يقول: إن المصات الثلاث تحرِّم مفهوم الحديث أنه إذا كانت المصة والمصتان لا تحرمان فإن الثلاث تحرِّم، وقال بهذا جمع من أهل العلم، ومنهم من يقول: الرضاع يحرِّم قليله وكثيره؛ لأن الآية أطلقت، ما قيدت بعدد {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ} [سورة النساء:23] إلى أن قال: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ} [سورة النساء:23]، فالرضاعة مطلقة ليس فيها عدد سيأتي في حديث: «أرضعيه تحرمي عليه»، وإن كان فيه تقييد بالخمس في بعض الروايات.
والحديث الذي يليه حديث "عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: كان فيما أنزل من القرآن: عشر رضعات معلومات يحرمن. كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن" يعني الرضاع ما فيه تحريم إلا إذا كان عشرًا، "ثم نسخن بخمس معلومات. ثم نسخن بخمس معلومات" هذا فيما أنزل من القرآن، "فتوفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهن" في النسخة، وهي يجوز هذا وهذا وهي يعني الآيات، "وهن فيما يقرأ من القرآن" الخمس وهن فيما يقرأ من القرآن.
قد يقول قائل: لماذا لا توجد في المصحف الآن؟ وهل يمكن النسخ بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام-؟
قال أهل العلم: إن كون بعض الصحابة يقرأ هذا بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام-؛ فلأنه لم يبلغ الناسخ، ناسخ التلاوة، رافع التلاوة، وهذه الآية المذكورة في الخبر المذكور مما نُسِخ لفظه وبقي حكمه العشر الرضعات نسخ لفظها وحكمها، والخمس نسخ لفظها وبقي حكمها، وهذا قليل من نادر، ومثله والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة، فارجموهما ألبتة، هذا أيضًا مما نسخ لفظه وبقي حكمه، وقد ينسخ اللفظ والحكم معًا، وقد يبقى الناسخ والمنسوخ، وقد ينسخ الحكم ويبقى اللفظ، وهذا كثير.
المقصود أن هذا مما نسخ لفظه وبقي حكمه، واستمر بعض الصحابة يقرؤونه بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه لم يبلغهم الناسخ.
والحديث حجة لمن يقول بأنه لا يحرم من الرضاع إلا الخمس الرضعات، الخمس الرضعات، عرفنا قول من يقول بالثلاث، وقول من يقول بالإطلاق، وهذا القول هو قول أكثر العلماء، وهو المعروف عند الحنابلة والشافعية أنه لا يحرم إلا خمس رضعات، والحنفية، وهو قول مالك يرون الإطلاق، أنه مجرد الرضاع ولو لم يبلغ هذا العدد يحرِّم، ولكن الحديث نص، وأما الحديث السابق وقد قال به، من أهل العلم من يقول: إن الثلاث تحرِّم، مستنده مفهوم الحديث، والقول الثاني أن الخمس تحرم دليله منطوق، ولا شك أن المنطوق مقدم على المفهوم، والمفهوم عند أهل العلم معتبَر، المفهوم معتبر عند أهل العلم، ما لم يعارَض بما هو أقوى منه، بالمنطوق مثلاً {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [سورة التوبة:80] مفهومه أنه لو استغفر لهم واحدًا وسبعين مرة أنه يغفر لهم، هذا المفهوم مفهوم المخالفة، وهو معتبر عند أهل العلم، وإن اختلفوا في مفهوم العدد، مسألة ثانية، لكن هذا المفهوم معارَض بقوله -جل وعلا-: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ} [سورة النساء:48]، وهو مخالَف بمنطوق آية أخرى: كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات.
طالب: ........
المصة هي الرضعة، المصة هي الرضعة، وضابطها أن يأخذ الطفل بالثدي ويجعل في فمه، ثم يمصه حتى يتركه رغبة عنه، ولا يتركه لعارض إما تنفس أو عطاس أو ما أشبه ذلك، إذا تركه رغبة عنه هذه رضعة.
طالب: ........
بقدرها، بقدر ما يشبع الطفل عادة، بقدر ما يشبع الطفل عادة.
"وعنها" يعني عن عائشة "رضي الله عنها، أن سهلة بنت سهيل بن عمرو جاءت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله، إن سالمًا مولى أبي حذيفة معنا في بيتنا" نشأ عندهم، وكان مولى له، فنشأ عندهم في بيتهم، "وقد بلغ ما يبلغ الرجال" كبر، كبر وكُلِّف، صار يعرف.
"وعلم ما يعلم الرجال" صار ينتبه ويفهم، وهو مكلَّف، فلا شك أن هذا لا يجوز الدخول على النساء إلا لمحارمه، تضرروا بدخوله وبقائه عندهم، "فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: «أرضعيه تحرمي عليه»"، أرضعيه يعني هذا الحل والمَخرَج من هذا الضيق والحرج الذي حصل لهم بسبب وجوده بينهم، لو لم يكن هناك مخرَج فلا بد أن يُخرَج من البيت؛ لأنه بلغ مبلغ الرجال، وعلم ما يعلم الرجال، فمثل هذا لا يجوز دخوله على النساء، فلا بد أن يُخرَج، "قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: «أرضعيه تحرمي عليه». أخرجها مسلم" يعني الأحاديث الثلاثة السابقة أخرجها مسلم.
طالب: ........
ماذا؟
طالب: ........
الآن نتكلم عليها، مسألة كبيرة، ما هي بسهلة هذي.
ورضاع الكبير سيأتي ما يمنع منه؛ «فإنما الرضاعة من المجاعة، فإنما الرضاعة من المجاعة»، «ولا يحرم من الرضاعة إلا ما فتق الأمعاء» إلى غير ذلك، معناه أنه في وقت الرضاعة، ما كان في وقت الرضاعة يحرِّم، وما بعد وقت الرضاعة فيما بعد الحولين وبعد الفطام فإنه لا يحرِّم عند جمهور أهل العلم، جمهور أهل العلم يرون أن ما بعد الحولين لا يحرم، ومنهم من يقول: ما كان بعد الفطام، ما كان بعد الفطام سواء كان قبل الحولين أو بعد الحولين «فإنما الرضاعة من المجاعة»، هذا قول جماهير أهل العلم الأئمة الأربعة وأتباعهم.
وعائشة -رضي الله عنها- راوية الحديث ترى أن رضاع الكبير يحرِّم، ترى أن رضاع الكبير يحرِّم، والجمهور وعامة أهل العلم يرون أنه لا يحرِّم، ويرون أن هذه القصة، قصة سالم مولى أبي حذيفة خاصة به، خاصة به، وشيخ الإسلام -رحمه الله- يرى أن رضاع الكبير ينفع ويحرِّم عند الحاجة كما في هذا الحديث، الجمهور يقولون: لا يحرم مطلقًا ولو وجدت الحاجة؛ لأن الرضاعة من المجاعة، الرضاعة من المجاعة، وعائشة تقول: يحرِّم مطلقًا؛ استدلالاً بهذا الحديث، وشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يرى أنه إذا كانت هناك حاجة مثل حاجة أبي حذيفة وزوجته إلى سالم فإنه يحرِّم، فإن العبرة بالمعنى.
الجمهور يقولون: ما وجد ما يدل على.. ممن يقول: إنه يحرم مطلقًا كعائشة -رضي الله عنها- ومن يقول بقولها يقولون: ما وجد ما ينص على التخصيص أو يدل عليه، ولو كان خاصًّا بها بهذه القصة بهذه القضية لأشار إليه النبي -عليه الصلاة والسلام-، كما جاء في التضحية بالصغير من المعز في قصة أبي بردة حينما ضحى بالصغير من المعز قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: «ضحِّ بها، ولن تجزئ عن أحد بعدك، ولن تجزئ عن أحد بعدك»، ولو كان هذا خاصًّا بسالم مولى أبي حذيفة لوجد ما يدل عليها.
وعلى كل حال الجمهور لهم أدلة أخرى، ولا شك أن في القصة ما يوحي بأن المسألة مسألة ضرورة، حاجة ملحَّة.
طيب إذا وجد سائق عند أسرة، واحتاجوا إليه حاجة شديدة، وليس من محارمهم كما هو شأن السائقين، أو وجدت حاجة لخادمة في بيت، وفي البيت أولاد شباب وصاحب المنزل ويخشى عليها منهم، مثل هذه حاجة، هذه حاجة، لكن حاجتهم في هذا الوقت ليست كحاجة أبي حذيفة مع امرأته مع سالم، سالم يريد أن يبقى عندهم ولدًا لهم إلى أن يموت، هذا نظام الاستقدام والكفالات وكذا في سنتين، في كل سنتين ترضع واحدًا؟!
يمكن أن يقال بمثل هذا في كل سنتين ترضع لها واحدًا وينتشر أولادها في الآفاق؟ الوضع لا شك أنه يختلف، وإن كان بعضهم يقول: لا مانع من أن يُرضَع السائق أو الخادمة؛ لينتفي الحرج من وجودها بلا محرم، أو إن خشي عليها من الأولاد، وكذلك إن خشي على الأولاد والبنات من هذا السائق، ويذكر في الواقع أشياء من المآسي التي تحصل بسبب الخدم والسائقين، فلا شك أن الأمر خطير جدًّا، يعني اختلاط الأجانب بالعوائل والخلوة بهم لا شك أنه له آثار، وذكرت قصص يندى لها الجبين.
وعلى كل حال إذا وجد مثل هذا الرضاع، وسببه الخشية من وقوع، أو سببه من أجل وجود المحرمية بينه وبينهم، ولا شك أن رضاع مثل هذا إذا لم يكن هناك دين يحمي الرضيع والمرتضع والمرضع فالرضاعة أثرها ضعيف، يعني إذا وجدت في مجتمع مثل مجتمع الصحابة لا شك أنه له أثره، وله نفعه، لكن الخدم الوافدين من بلدان كثرت فيها الفواحش، وكثرت فيها المعاصي، واستمرأها الناس، واستمروا عليها، ووجد التساهل من بعض العوائل، فأثر هذا الرضاع فيما يبدو- والله أعلم- ضعيف، وإذا وجدت الفتنة وخشيت فإنه لو وجد الرضاع فلا يمكن من الدخول عليها كما قالوا في ولد الزوج، ولد الزوج يقولون: إذا خُشِيَ على امرأة أبيه منه فإنه يمنع من الدخول عليها؛ لأن مداره على الفتنة وجودًا وعدمًا.
وعلى كل حال قول الأئمة الأربعة وأتباعهم أن رضاع الكبير لا يؤثر، وأنه لا يحرم إلا إذا كان في الحولين.
طالب: ........
اللقيط وبعض من يصنع المعروف في الأيتام يذهب إلى دور الرعاية ويأخذ طفلًا، ويربيه عنده في بيته، وينشأ ويشب ويكبر عندهم، يعني لو أرضعته امرأته، وفي الغالب أن مثل من يرعى الأيتام لا يكون عندهم أولاد، وحينئذ لا يوجد لبن يرضع منه، فتجعل إحدى أخواته أو من تسري محرميتها إليها ترضعه، فتجعل أختها ترضعه، ولا شك أن مثل هذا مادام صغيرًا ترضعه، ولا إشكال في ذلك، ويكون ولدًا لها أو ابنًا لأختها وما أشبه ذلك.
طالب: ........
أعظم.
طالب: ........
لأن اليتيم الذي جاءت النصوص بالعناية به له أعمام، وقد يكون له إخوان، ومعروف النسب، وقد يكون وارثًا، أما اللقيط فحاجته أشد من اليتيم، حاجته أشد من اليتيم؛ لأنه غير معروف النسب، ولا يعرف له أعمام ولا أخوال، فحاجته أشد من حاجة اليتيم، ولا يعنى هذا أننا نقلل من شأن اليتيم والعناية به؛ لأن اليتيم جاءت به النصوص، لكنه يدخل في هذا دخولاً أوليًّا اليتيم من فقد أباه قبل البلوغ، وهذا فقد ما ينطبق عليه التعريف؟
إلا..
طالب: ........
عدد الرضعات كل الشروط لا بد منها.
طالب: ........
لكن ما الذي يشبع الكبير؟ القدر الذي يشبع الكبير؟! إذا قلنا حتى يشبع فمعناه أنه يحتاج إلى أن تُصَرَّى..
طالب: ........
شرط لوجوب الحج على المرأة وجود المحرَم.
طالب: ........
لا، هذه ليست حاجة، ليست حاجة تعقد عليه ما يخالف، أما هذه فليست حاجة تبيح رضاع الكبير.
طالب: ........
خاص عند أهل العلم خاص.
قول الأئمة الأربعة وأتباعهم يعني عامة أهل العلم على أنه لا يحرم رضاع الكبير، يعني أشكل عليهم قصة سالم مولى أبي حذيفة قالوا: هذه خاصة به، ولا يوجد لها نظير في السنة، لا يوجد لها نظير في السنة.
طالب: ........
نعم أم سلمة كل أمهات المؤمنين ردوا على عائشة، ورأوا أن رضاع الكبير لا يحرِّم، كل أمهات المؤمنين أم سلمة صرحت بهذا كما في الصحيح وغيره.
"وعنها -رضي الله عنها- قالت: دخل عليَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعندي رجل قاعد، دخل علي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعندي رجل قاعد، فاشتد ذلك عليه". لا شك أن هذا مقتضى الغيرة على المحارم أن يغضب الإنسان إذا وجد عند أهله أحدًا، ويغار عليهم، بل يشتد غضبه، لكن لا يتصرف حتى يستفصل.
"فاشتد ذلك عليه، ورأيت الغضب في وجهه، قالت" بادرت ما انتظرت حتى يسأل، "فقلت: يا رسول الله، إنه أخي من الرضاعة، فقال: «انظرن إخوانكن من الرضاعة»،" يعني تأكدن، لا بد من التأكد والتثبت، «فإنما الرضاعة من المجاعة»، يعني هل رضع وهو صغير؟ «وإنما الرضاعة من المجاعة»، هل يشمل رضاع الكبير إذا جاع؟ لماذا؟ من المجاعة واضح أن العلة الجوع، وهذا يشمل الكبير والصغير.
طالب: ........
ماذا فيه؟ كبير وجاع كاد أن يموت من الجوع، فعطفت عليه امرأة فأرضعته، يدخل في الحديث أم ما يدخل؟
طالب: ........
لا يدخل، لا يدخل؛ لأن النصوص الأخرى مفسِّرة، «الرضاعة من المجاعة»، بحيث لا يأكل، ولا يستقيم، ولا يشبع إلا من اللبن، «انظرن من إخوانكن»، أو «انظرن إخوانكن» أو «إخوتكن» كلها ألفاظ ثابتة، يعني تأكدن منه، تأكدن منه، يعني لو جاء واحد وطرق الباب وقال: أنا أخ لزوجتك من الرضاعة، تقول: تفضل؟ تأخذ اسمه، وتتثبت منه، وتدخل على زوجتك وتسألها: هل هذا الكلام صحيح أو غير صحيح؟
مع انتفاء الريبة، مع انتفاء الريبة؛ لأنه قد يتذرع بهذا بعض الفساق من الرجال والنساء، فإذا وجدت خلوة بين رجل وامرأة، وتمكن أهل الحسبة من الوقوف عليهم ثم قالوا: بيننا رضاع، يكفي هذا؟
هذا ما يكفي إلا إذا ظهرت علامات الصدق، إلا إذا ظهرت علامات الصدق. وعلى كل حال في زماننا هذا مع وجود وسائل الاتصال يجب الاحتياط، الرسول يقول لعائشة، وهي أم المؤمنين: «انظرن من إخوانكن»، تأكدن، فكيف بزماننا الذي كثرت فيه الفواحش، وقلت فيه الغيرة، وسهلت هذه الوسائل اتصال الرجال بالنساء غير المحارم، وحصل ما حصل من القصص التي يعرفها رجال الحسبة ومن له صلة بهم؟
«انظرن من إخوانكن من الرضاعة؛ فإنما الرضاعة من المجاعة»، وبالمقابل على أهل الحسبة أن يحتاطوا لأنفسهم؛ لأنه وجد تصرفات كيدية من بعض الفساق، تصرفات كيدية من بعض الفساق، يأتي ويحمل أخته أو زوجته، فإذا رأى أهل الحسبة تصرَّف تصرُّف الفساق مع الفاسقات، تجده يتصرَّف تصرُّفًا مريبًا يجعل أهل الحسبة يشكون فيه، ثم بعد ذلك يكون مصيدة لهم، عليهم أن يتأكدوا، ويحتاطوا لأنفسهم؛ لأنه وُجد مثل هذا، تجده إذا رأى السيارة، سيارة الحسبة هرب بسرعة شديدة، وتصرف مثل ما يتصرف الفسقة، هؤلاء من حرصهم على أعراض المسلمين يتبعونهم، ثم في النهاية يظهر الإثبات أنها زوجته أو أخته، وهذا حاصل، فنقول لهذا الذي تصرف ومعه زوجته أو أخته: اتق الله، فإنك بصدد معاداة أولياء الله، وفي الحديث الصحيح يقول: «من عادى لي وليًّا فقد بارزني بالمحاربة»، نسأل الله العافية، هؤلاء حراس لأعراض المسلمين، فبدلاً من أن تكون عونًا لهم تكون عونًا للشيطان عليهم، وعلى إخواننا المحتسبين أن يحتاطوا لأنفسهم، ولا يقعوا فريسة لمثل هذه التصرفات من هؤلاء الفسقة، والله المستعان.
"وعنها -رضي الله عنها- إن أفلح أخا أبي القُعَيْس جاء يستأذن عليها، إن أفلح أخا أبي القُعَيْس جاء يستأذن عليها، وهو عمها من الرضاعة، وهو عمها من الرضاعة بعد أن نزل الحجاب، بعد أن نزل الحجاب"، وفي قصة الإفك تقول: وكان -يعني صفوان- يعرفني قبل الحجاب، كان يعرفني قبل الحجاب، مقتضى هذا أنها كانت متحجبة بعد نزول الحجاب، والوسيلة للمعرفة وعدم المعرفة الوجه، فإن كان مكشوفًا عُرِفَت قبل نزول الحجاب أو بعده كما هو معلوم، ولا يمكن أن تنتهي المعرفة إلا بالحجاب الذي هو ستر الوجه، وهذا من أدلة القول الصحيح على أن الحجاب تغطية الوجه وجميع البدن.
"بعد أن أنزل الحجاب قالت: فأبيت عليه" يستأذن، طرق الباب بعد نزول الحجاب، فرفضت، "فأبيت عليه أن آذن له"، فقال: أرضعَتْكِ زوجة أخي، أرضعَتكِ امرأة أخي، يعني فأنا عمك، فكان من جوابها أن الذي أرضعها المرأة وليس الرجل، إنما أرضعتني امرأة أخيك، ولا شك أن اللبن الذي ثاب عن حمل المرضعة أم، وزوجها صاحب اللبن أب، وزوجها صاحب اللبن أب، "قالت: فأبيت عليه، فأبيت عليه أن آذن له، فلما جاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخبرته بالذي صنعت، فأمرني أن آذن له عَلَيّ"، صار عمًّا، إذا ثبت الرضاع من امرأة أخيه صار عمًّا لها، فأمرها النبي -عليه الصلاة والسلام- أن تأذن له.
"وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أُرِيْد على ابنة حمزة، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أريد على ابنة حمزة"، يعني رُغب فيها، رُغِّب فيها، ابنة حمزة بن عبد المطلب ابن عمه، والذي رغبه فيها علي بن أبي طالب، علي بن أبي طالب رغبه في ابنة حمزة.
"فقال، «إنها لا تحل لي، إنها ابنة أخي من الرضاعة، إنها ابنة أخي من الرضاعة»" أرضعت النبي -عليه الصلاة والسلام- وأرضعت حمزة ثُوَيْبَة مولاة لأبي لهب، مولاة لأبي لهب، أرضعتهما ثُوَيْبَة، فحمزة أخ للنبي -عليه الصلاة والسلام- من الرضاعة، وهو عمه من النسب، فتكون ابنته ابنة أخيه، ابنة أخيه، وابنة أخيه لا تحل له.
فقال: «إنها لا تحل لي؛ إنها ابنة أخي من الرضاعة، ويحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب»، ثويبة أرضعت النبي -عليه الصلاة والسلام- وأرضعت حمزة، ويقال: أإن أبا لهب أعتقها لما بُشِّر بالنبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه ابن أخيه، بُشِّر بالنبي -عليه الصلاة والسلام- فأعتق ثويبة، وجوزي وكوفئ بأي شيء؟ بأن يُسْقَى بالنُّقْرَة، النقرة أين هي؟ النقرة التي بين الإبهام والسبابة، ويصير فيها مجال، لكنه يسير جدًّا، نسأل الله العافية، بالنقرة، وهل النقرة نقرته في الدنيا أو نقرته في النار؟ متى يسقى في النار، وأمور غيبية لا يمكن تفصيلها والدخول فيها، لكن إذا تصورنا أن ضرس الكافر مثل الجبل الكبير وبين عاتقه ومنكبه مسيرة كذا، هذه التفصيلات لا داعي لها، لكن جاءت بها النصوص، وهذا من باب المكافأة؛ لأنه صنع أمرًا محمودًا، حيث أعتق هذه المولاة لما بشر بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، وإلا فهو في النار، نسأل الله العافية؛ {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ }[سورة المسد:1-2].
وفي لفظ: «ما يحرم من الرحم»، «إنها ابنة أخي من الرضاعة، ويحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب»، كل ما يتصور تحريمه من النسب فنظيره من الرضاعة محرَّم، كل المحرمات من النسب يحرم نظيرها من الرضاعة، «يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب»، وهل يحرم بالرضاعة ما حَرُمَ بالمصاهرة؟ أخت الزوجة من الرضاعة، أم الزوجة من الرضاعة، عمة الزوجة من الرضاعة يحرم؟
لأنه قال: «يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب» ما قال: من المصاهرة، هذا قول جماهير أهل العلم أن الرضاعة كالنسب، فيحرم بها ما يحرم من النسب، وأيضًا المصاهرة، المصاهرة لها حكم تحرِّم كما يحرِّم النسب، شيخ الإسلام ابن تيميِّة في قول له جزم بأن الرضاعة لا تحرِّم ما تحرمه المصاهرة، وفي موضع تردَّد، توقَّف، ولا شك أن الراجح في هذا قول الجمهور في هذا، قول الجمهور، ولو لم يكن فيه إلا الاحتياط، ولو لم يكن فيه إلا الاحتياط.
"وفي لفظ" يعني لمسلم «ما يحرم من الرحم، ما يحرم من الرحم»، وهو النسب؛ للاشتراك في الرحم، وهذا بالنسب.
"متفق عليهن، واللفظ لمسلم، متفق عليهن، واللفظ لمسلم.
وعن أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يحرِّم من الرضاعة إلا ما فتق الأمعاء في الثدي، وكان قبل الفطام، لا يحرم من الرضاعة إلا ما فتق الأمعاء في الثدي، وكان قبل الفطام»"، أم سلمة لما ردت على عائشة في قولها بتحريم رضاع الكبير، وأنه يحرم، عندها نص ترد به، قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يحرم من الرضاعة إلا ما فتق الأمعاء في الثدي» فتق الأمعاء أمعاء الطفل في وقت الرضاع في الحولين لا شك أنها صغيرة، وهي في الأصل أصغر، لكن مع الرضاعة وكثرة الرضاعة يحصل فتق الأمعاء وتتوسع، وإذا بدأ في الأكل توسع أكثر.
«إلا ما فتق الأمعاء في الثدي، وكان قبل الفطام، وكان قبل الفطام»؛ لأن الخلاف فيما تقدم أن من أهل العلم من يربط التحريم بالحولين، بالحولين، ومنهم من يربطه بالفطام، وكأن هذا دليله وكان قبل الفطام يعني سواء كان قبل الحولين أو بعد الحولين، كان قبل الحولين أو بعد الحولين، من العلماء من يستثني المدة اليسيرة بعد الحولين، يترك له الفرصة حتى يأخذ على أكل الطعام وينسى اللبن؛ لأنه في الفطام يحتاج إلى وقت، يحتاج إلى وقت، فيقول: مادام يرضع فإرضاعه محرِّم ولو بعد الحولين، {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} [سورة البقرة:233]، {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً} [سورة الأحقاف:15].
وقال بعضهم كقول عند الحنفية: إنه يحرم مادام في الثلاثين شهرًا، وكان قبل الفطام لا شك أن الفطام يحتاج إلى معاناة مع الطفل، ويحتاج إلى وقت؛ ليكون بالتدريج، لكن هذا الوقت غير منضبط، والانضباط يكون في الحولين فقط، فالقول بالزيادة من أجل أن يستمرئ الأكل، ويتدرج في قبوله حتى يُفطَم، هذا لا نهاية له، وأما كان قبل الفطام، الفطام في الغالب والأصل أن يكون في الحولين؛ لقوله -جل وعلا-: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً} [سورة الأحقاف:15] ستة أشهر، وأربعة وعشرون، يقول الناظم:
والنفس كالطفل إن تهمله شب على |
|
حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم |
لو استمرت الأم ترضع ولدها ثلاث سنوات، أربع سنوات، وشب على هذا فما يمكن أن يقبل الفطام إلا بصعوبة، وإن فطمته ينفطم إذا عزم عليه وأكد عليه هذا وحرم من الثد، وإن تفطمه ينفطم، وهكذا النفس إذا نشأت واستمرت على شيء وألفته فإنه يصعب فطامها عنه، يصعب فطامها عنه، وهذا شامل لكل ما يوجد في الحياة، يعني سواء كان الجِد أو الهزل في الأمور أو كان في الأكل والشرب، أو كان في كثرة الكلام وعدمه، أو كان في كثرة النوم وعدمه، النفس على ما تعودت، النفس على ما تعودت، لكن إن فطمت عما كان عليه من التفريط تنفطم بالتدريج كفطام الصبي، يعني الإنسان الذي اعتاد أكلًا معيَّنًا، ولا يستطيع أن يتركه لاسيما إذا كان فيه نوع جاذبية مثل الدخان يصعب عليهم تركه، المدخنون يصعب عليهم تركه، لكن بالتدريج مثل فطام الصبي ينفطم، يخفف شيئًا فشيئًا إلى أن ينتهي بالكلية "«وكان قبل الفطام» رواه الترمذي وصححه، وروى ابن حبان أوله".
وعلى كل حال الحديث صحيح، وله شاهد من حديث عبد الله بن الزبير مرفوعًا بنحوه عند ابن ماجه بسند جيد.
"وعن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابن عباس"، وعن ابن عيينة، سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابن عباس "رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «لا رضاعة إلا ما كان في الحولين، لا رضاعة إلا ما كان في الحولين»". وهذا أيضًا من أدلة الجمهور على قولهم في أن ما بعد الحولين لا أثر له في التحريم.
"رواه الدارقطني وقال: لم يسنده عن ابن عيينة غير الهيثم بن جميل" لم يسنده يعني يرفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، "لم يسنده عن ابن عيينة غير الهيثم بن جميل، وهو ثقة حافظ"، كذا قال الدارقطني. طيب إذا تفرد برفعه وهو ثقة حافظ، إذا تفرد برفعه وهو ثقة حافظ على قواعد المتأخرين الحكم له، فيكون مرفوعًا؛ لأنها زيادة من ثقة، الرفع زيادة من ثقة، ولا يضره ولا يؤثر فيه أن يوقفه غيره.
"وقال ابن عدي: غير الهيثم" يقول عن ابن عباس "يوقفه على ابن عباس" غير الهيثم بن جميل يوقفه على ابن عباس، ولا شك أنهم أكثر وأحفظ، أكثر وأحفظ، فهل الحكم في هذا لمن رفع؛ لأن معه زيادة علم، أو الحكم للأكثر والأحفظ كما هو شأن هذا الحديث في وقفه على ابن عباس، إنما وقفه الأكثر والأحفظ، ولا شك أن هذا قول معتبَر، ولذلك قال المؤلف -رحمه الله تعالى-، وهو محدِّث على طريقة المتقدمين، ما هو على طريقة المتأخرين قال: "قلتُ: وهو الصواب"، يعني بإمكان من ينظر في الحديث بقواعد المتأخرين يقول: أبدًا الحكم للرفع؛ لأن من رفع معه زيادة علم، وهو ثقة حافظ الهيثم بن جميل، زيادة من ثقة، فالحكم لمن رفع، والمؤلف رجح الوقف؛ لأن غير الهيثم ممن هو أكثر وأحفظ وقفه على ابن عباس، وقفه على ابن عباس. وعلى كل حال أحيانًا يرجَّح الوقف، وأحيانًا يرجَّح الرفع تبعًا للقرائن، تبعًا للقرائن، كما هو معلوم في أحكام الأئمة المتقدمين.
ماذا عندك؟
طالب: ............
كيف؟
طالب: ............
هنا فيه مخالفة.
طالب: ............
ماذا؟
طالب: ............
إذا خولف الثقة حكم على حديثه بالشذوذ، الشاذ رواية الثقة مخالفًا لمن هو أوثق منه، لكن هل يمكن أن نقول: هذه مخالفة أم زيادة خفيت على من وقف؟
يعني هل هذا من باب الشذوذ من رواية الثقة مخالفًا من هو أوثق منه أو نقول: هذه زيادة من هذا الثقة خفيت على من وقف، والحكم في زيادات الثقات كالحكم في تعارض الوصل والوقف والإرسال أو الرفع والوقف، الحكم فيها واحد، الأئمة المتقدمون يحكمون بالقرائن، ما يحكمون بحكم عام مطرد، ولذا حكم البخاري على حديث «لا نكاح إلا بولي» أنه موصول، وليس بمرسل، مع أن من أرسله فيهم أئمة كبار مثل شعبة وسفيان، مع ذلك حكم لمن وصل؛ لأن القرائن تدل على أنه موصول.
وذكرنا في أكثر من مناسبة بالنسبة لحديث «لا نكاح إلا بولي» أن فيه دقيقة قد لا ينتبه لها أكثر من يتصدى لتخريج الأحاديث، ويهجم على أسانيدها، فيحكم عليها، فيه دقيقة أشار الترمذي إلى أن رواية شعبة وسفيان في مجلس واحد، فكأنهما راوٍ واحد، وهذا يجعل عند طالب العلم مزيدًا من التحري والتثبت.
وقد يحكم على حديث بالصحة، وحكم عليه بعض الأئمة بالضعف، لا بد أن يراجِع حكمه ولو رأى أن أنه ماشٍ على القاعدة والجادَّة عند أهل العلم، لكن مع ذلك كلام الأئمة لا يأتي من فراغ، وفرق بين إمام في عصر الرواية، وخالط الرواة، وبين من جاء متأخرًا لا يعرف عنهم إلا ما يقرأه في الكتب، مالك يقول: عمر بن عثمان وغيره يقول: عمرو بن عثمان، وكان مالك يقول: هذا بيته، أعرف بيته، فمثل هذا إذا تمرَّن على التخريج ودراسة الأسانيد..
طالب: ............
ماذا؟
طالب: ............
طيب.. كم بقي؟
طالب: ............
فطالب العلم إذا تمرن على التخريج ودراسة الأسانيد، وجرب وأكثر من التمرين، وعرض أحكامه ودراسته على أهل الخبرة والمعرفة فوجد في حكمه ما يخالف أحكام الأئمة فعليه ألا يجرؤ في الحكم على الحديث بالصحة أو الضعف؛ لأن هناك أمورًا تخفى على طالب العلم المتأخر، تخفى عليه مثل معاصرة الرواة، ومعرفة أعيانهم وأفرادهم، ومعرفة ما حفظوا وما أخطئوا فيه، هذا لا يتأتى إلا عن حفظ، حفظ كبير ونظر طويل في أحكام الأئمة النظرية، ومواقع استعمالهم التطبيقية، لا بد أن يجمع بين هذا وهذا، وإلا فسوف يقع في كلامه من الخطأ والوهم وإن مشى على القواعد، لكن يبقى أن القواعد ليست كلية، لا بد أن يطابِق كلامه كلام الأئمة مثل ما قلنا: المتأخر الذي بعد عصور الرواية بألف سنة مشكلته مشكلة إلا أنه إذا أدام النظر في كتب أهل العلم، ونظر في أحكامهم، وطبقها، ونظر مواقع الاستعمال عندهم فلا شك أنه تنفتح له أبواب، وتنفسخ له آفاق، لكن إذا أبعد عنهم حفظ هذه القواعد وأراد أن يطبقها من غير نظر في أقوال الأئمة فلا شك أنه سوف يقع الخطأ في أحكامه.
والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه...
طالب: ............
لا، اجتهاد، وفي الباب ما يغني عنه.