بلوغ المرام - كتاب الصلاة (23)

"وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل)) أخرجه مسلم".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في أبواب: صلاة التطوع:

"وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل))" صلاة الليل تشمل قيام الليل وتشمل الوتر، وكون صلاة الليل أفضل من صلاة النهار تطوعاً؛ لأنه أقرب إلى الخشوع، وأهدأ وأسكن للقلب، وأبعد عن رؤية الناس، فالليل من طبيعته السكون والظلام والهدوء والبعد عن رؤية الآخرين، هذا الأصل في الليل أنه سكن، والناس فيه في الغالب نيام، وهذا لما كانت الناس على الفطر، أما الآن فالحاصل العكس، هو وقت الانتشار الآن، الليل وقت الانتشار بخلاف النهار، النهار مقسومٌ بين كون الناس في أعمالهم، وهذا وقت غفلة لمن لم يكن لديه عمل، وأيضاً بقية النهار يستغل في الهدوء والراحة بعد عناء العمل في أول النهار، ثم ينتشر الناس في الليل، وهذا على خلاف الأصل، وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- يكره الحديث بعد صلاة العشاء، يكره النوم قبلها والحديث بعدها، فانقلبت حياة الناس فصار الانتشار في الليل، والهدوء والسكون في نصف النهار الثاني بعد نهاية الدوام.

فعلى طالب العلم أن يعنى بالرجوع إلى ما دلت عليه النصوص من كراهية الحديث بعد صلاة العشاء إلا إذا ترجحت المصلحة من علمٍ يفوت، أو مصلحة عامة تعم المسلمين، فالسمر في طلب العلم ترجم به الإمام البخاري -رحمه الله- في صحيحه في أبواب العلم، وأهل العلم يقسمون ليلهم بين نوم ومطالعة وتصنيف وصلاة هذه حياتهم، وهذا دأبهم، وهذا ديدنهم.

من المؤسف أن نرى طلاب العلم ليلهم كغيرهم، يصرف في القيل والقال، وفيما لا ينفع، وعليهم تبعة ومسؤولية، ولو عنوا بذلك لقلدهم الناس، الناس تبعٌ لأهل العلم، لو أن أهل العلم استغلوا الليل بالنوم في أوله كما كان النبي -عليه الصلاة والسلام- ينام ويقوم، وداود -عليه السلام- كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام نصفه، وهذا أفضل القيام كما وجه إليه النبي -عليه الصلاة والسلام-، وما ثبت أن النبي وما حفظ عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قام ليلةً بكاملها، كل الليل قائم، ولا في عبادة، اللهم إلا ما ذكر عنه في العشر الأخير من رمضان، في العشر الليالي الأخيرة من رمضان كان يشد المئزر -عليه الصلاة والسلام-، وما عدا ذلك ينام ويقوم.

((أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل)) لما ذكرنا، وفي الليل لا سيما في جوفه الآخر الثلث الأخير، وقت النزول الإلهي، فالرب -جل وعلا- ينزل في آخر كل ليلة في الثلث الأخير، ويقول ما يقول، ويمن على من يمن من عباده بالمغفرة، وإجابة السؤال، إجابة الدعوة، فلا نحرم أنفسنا من هذا، إذا ابتلي الإنسان بسهر، أو حصل له ظرف من الظروف، أو جاءه ضيف، أو سهر من أجل العلم وغلب جانب المصلحة، مصلحة العلم وسهر من أجله لا يحرم نفسه من التعرض لنفحات الله -جل وعلا-، لا سيما في الثلث الأخير في وقت النزول الإلهي، والله المستعان.

نعم الحديث الذي يليه..

"وعن أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الوتر حق على كل مسلم، من أحب أن يوتر بخمس فليفعل، ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل، ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل)) رواه الأربعة إلا الترمذي، وصححه ابن حبان، ورجح النسائي وقفه".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الوتر حق على كل مسلم))" حق يعني متأكد، فهو من آكد النوافل، وإن لم يكن واجباً، حق يعني متأكد، كما تقول لفلان من الناس: لك علي حق، يعني متأكد، ولا يلزم من هذا أن يكون واجباً، ولهذا جمهور أهل العلم على أن الوتر ليس بواجب، والأدلة على ذلك كثيرة يأتي بعضها ((هل علي غيرها؟)) لما ذكر الصلوات الخمس قال: ((لا، إلا أن تطوع)) فدل على أن الوتر ليس بواجب، وأوجبه أبو حنيفة -رحمه الله- استدلالاً بمثل هذا الحديث، وحمل الحق على الواجب الذي يجب أداؤه، وهنا عامة أهل العلم على أن الحق المتأكد وإن لم يكن واجباً.

((الوتر حقٌ على كل مسلم)) سواءً كان ذكراً أو أنثى، كبيراً أو صغيراً إذا بلغ حد التكليف ((من أحب أن يوتر بخمس فليفعل)) خمس ركعات، وظاهره أنها بسلام، وقد ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه أوتر بخمس بسلامٍ واحد ولا يجلس بينها ((ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل، ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل)) وكون الإنسان يحال إلى مشيئته ومحبته وإرادته يدل على أن هذا الأمر ليس بواجب، كونه من أحب أن يفعل فليفعل ((من أحب أن يوتر بواحدة)) وهذا أقل ما يتصور فيه الوتر، وأدنى الكمال الثلاث، وأكثره إحدى عشرة كما سيأتي.

أوتر النبي -عليه الصلاة والسلام- بـ...، صلى إحدى عشرة كما سيأتي في حديث عائشة، وثلاث عشرة، وأوتر بتسع يجلس في الثامنة ويسلم على التاسعة، وأوتر بسبع بسلامٍ واحد، وأوتر بخمس وأوتر بثلاث، وجاء النهي عن تشبيه الوتر بالمغرب، التسع يجلس بعد الثامنة يتشهد ثم يقوم إلى التاسعة يتشهد بعدها ثم يسلم، وأما الثلاث فجاء النهي عن تشبيهها بالمغرب، بمعنى أنه لا يجلس بعد الثانية، ثم يأتي بالثالثة ويسلم لا، يسردها سرداً، أو يفصل بينها بسلام لا بأس.

((من أحب أن يوتر بواحدة فليفعل)) لم يثبت من فعله -عليه الصلاة والسلام- أنه أوتر بواحدة، نعم ثبت من فعل معاوية -رضي الله عنه-، وصوبه ابن عباس، ودل عليه هذا الحديث إن صح رفعه، وإلا "رجح النسائي وقفه" على أبي أيوب -رضي الله عنه-.

ومن أهل العلم من يصححه مرفوعاً، ومنهم من يقول: ولو لم يثبت رفعه فإن له حكم الرفع؛ لأن هذه الأعداد أعداد الصلوات توقيفية، لا يمكن أن يقوله الصحابي من تلقاء نفسه ومن اجتهاده، ولا مسرح للاجتهاد في هذا، فالأعداد مردها إلى الشارع، وحينئذٍ يكون الوتر بواحدة مشروع، وبثلاث مشروع، وبخمس مشروع، ثم ما عدا ذلك بسبع من فعله -عليه الصلاة والسلام-، وبتسع، وبالإحدى عشر على ما سيأتي.

"وعن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: "ليس الوتر بحتم كهيئة المكتوبة، ولكن سنة سنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" رواه النسائي والترمذي وحسنه، والحاكم وصححه".

هذا من أدلة الجمهور حديث علي -رضي الله عنه- قال: "ليس الوتر بحتم كهيئة المكتوبة، ولكنه سنة سنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"، "ليس الوتر بحتم" يعني ليس بواجب، وهذا من أدلة الجمهور وإن كان الحديث فيه مقال؛ لأن فيه عاصم بن ضمرة تكلم فيه غير واحد من أهل العلم، وحسنه الترمذي وصححه الحاكم، لكنه لا يسلم من مقال، وعلى كل حال هو من أدلة الجمهور على عدم الوجوب.

"وعن جابر -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قام في شهر رمضان، ثم انتظروه من القابلة فلم يخرج، وقال: ((إني خشيت أن يكتب عليكم الوتر)) رواه ابن حبان".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن جابر" بن عبد الله -رضي الله عنهما- "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قام في شهر رمضان، ثم انتظروه من القابلة فلم يخرج، وقال: ((إني خشيت أن يكتب عليكم الوتر)) هذا الحديث "رواه ابن حبان" وهو حديثٌ ضعيف، لكن ثبت في الصحيح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى بهم في رمضان، صلى فاجتمع له أناس فصلوا بصلاته، ثم في الليلة الثانية اجتمع أكثر منهم، ثم انتظروه في الثالثة فلم يخرج إليهم، وقال: ((إني خشيت أن تكتب عليكم)) يعني صلاة الليل تفرض، خشي أن تكتب عليهم، وإذا كتبت عليهم قد يعجزون عنها، فترك الصلاة بهم في ليالي رمضان جماعة لا نسخاً لها، ولا عدولاً عنها، وإنما خشيت أن تفرض عليهم.

قد يقول قائل: إن الصلاة فرضت خمس في العدد وخمسين في الأجر في كتاب لا يبدل، هن خمسٌ عن خمسين لا يبدل القول لدي فكيف يخشى أن تفرض؟ أهل العلم لهم أجوبة عن هذا، لكن منها: أن خشية الفرض أن التطوع لا يصح إلا جماعة، يفرض عليهم التجميع في التطوع، لا أن الصلاة هذه تفرض عليهم فتزيد على الخمس المعروفة.

وعلى كل حال هذا الحاصل، صلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وصلوا وراءه في ليلة، ثم الليلة الثانية كذلك زاد العدد، ثم في الثالثة امتلأ المسجد ولم يخرج إليهم -عليه الصلاة والسلام-, وعلل بذلك "خشية أن تفرض عليهم" فتركه -عليه الصلاة والسلام- للصلاة جماعة في رمضان لا عدولاً عنها ولا نسخاً لها، ولذا لما أمن..، أمنت هذه الفرضية بوفاته -عليه الصلاة والسلام- جمعهم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- على إمامٍ واحد، جمعهم على إمام، خرج وهم يصلون أوزاعاً، كلٌ يصلي لنفسه فجمعهم على إمامٍ واحد، ثم خرج في ليلة وكأنه أعجبه صنيعهم، فقال -رضي الله عنه وأرضاه- كما في الصحيح: "نعمت البدعة هذه"، "نعمت البدعة هذه".

البدعة في الأصل: ما عمل على غير مثالٍ سابق، هذا الأصل في البدعة أنها مع عمل على غير مثال سابق، وفي الشرع: ما أحدث في الدين مما لم يسبق له شرعية من كتاب ولا سنة، عمر -رضي الله عنه- سمى صلاة التراويح بدعة، وهذا الكلام في الصحيح صحيح البخاري "نعمت البدعة هذه" الشارح -الصنعاني- تكلم بكلام لا يليق بأمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه-، ولا شك أن هذا من تأثير البيئة التي عاش فيها، وقال بعضهم: إنه لم يسلم من شوب التشيع، وله أكثر من موضع يسيء فيه مثل هذه الإساءة، والبدعة مرفوضة ولو كانت من عمر يقول مثل هذه، وليس في البدع ما يمدح، وكل بدعة ضلالة، نعم كل بدعة ضلالة، لكن مثل هذا يقال في الخليفة الراشد أمرنا بالاقتداء به؟! إذا قال مثل هذا في عمر -رضي الله عنه- في هذا العمل الذي له شرعية سبقت شرعيته من فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- فماذا يقول عن عثمان -رضي الله عنه- في أمره بالأذان الأول يوم الجمعة؟! وقد تكلموا فيه من سلك هذا المسلك بكلامٍ لا يليق بخيار الأمة وساداتها.

إذاً إذا لم تكن هذه بدعة لا لغوية ولا شرعية فما معنى قول عمر -رضي الله عنه-: "نعمت البدعة" عرفنا أن البدعة في الأصل -يعني في اللغة-: ما عمل على غير مثالٍ سبق، وصلاة التراويح جماعة في ليالي رمضان عملت على مثالٍ سبق، صلاها النبي -عليه الصلاة والسلام- ليلتين جماعةً، فليست بدعة لغوية؛ لأن لها مثال سابق، وشيخ الإسلام -رحمه الله- ويقلده كثير من أهل العلم أنها بدعة لغوية، لكن البدعة اللغوية: ما عمل على غير مثالٍ سابق، وهذه لها مثال سابق فعلها النبي -عليه الصلاة والسلام- جماعةً، كونه تركها لعلة لا يعني أنه تركها رغبة عنها، ولا نسخاً لها؛ لأنها لو نسخت ما يكفي أن يقال مثل هذا الكلام، ولا يسوغ لأحدٍ أن يعمل بمنسوخ إلا من جهل أنه منسوخ، وليست ببدعة شرعية؛ لأنها سبقت شرعيتها من سنة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وليست من قبيل المجاز؛ لأن المجاز لا يعرف في لغة العرب بالمعنى الذي يفسره به من يقول به، استعمال اللفظ في غير ما وضع له لا يعرف.

إذاً، إذا لم تكن لا بدعة لغوية ولا شرعية ولا مجاز إذاً ماذا تكون؟ على ماذا يحمل قول عمر: "نعمت البدعة"؟ يعني استدل بقول عمر من يقسم البدع إلى بدع حسنة وبدع سيئة، بل قسم بعضهم البدع إلى خمسة أقسام تبعاً للأحكام الخمسة التكليفية، فجعل من البدع ما هو واجب، بدع واجبة، وبدع مستحبة، وبدع مباحة، وبدع مكروهة، وبدع محرمة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((كل بدعة ضلالة)) كيف يكون في البدع ما يمدح؟ وكيف يكون من البدع ما هو واجب وما هو مستحب والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((كل بدعة ضلالة))؟

إذاً ماذا نقول عن قول عمر -رضي الله عنه-: "نعمت البدعة"؟ تجوز يعني مجاز؟ وإلا توسع في العبارة؟

طالب:.......

إيه، ما يمسى تجوز هذا، هذا ما يسمى تجوز، لكن هل قيل له: إنها بدعة يعني حقيقةً وإلا تقديراً؟ يعني هل يوجد من قال: إنها بدعة فقال عمر: "نعمت البدعة" ثم إذا قيل ذلك بم يسمى هذا الأسلوب؟ نعم؟

طالب:.......

المحافظة عليها إذاً بدعة، إذاً نقر أنها بدعة، تصير بدعة شرعية وإلا إيش؟

طالب:.......

ما ينفع، إذا قلنا: إن المحافظة عليها..، النبي -عليه الصلاة والسلام- ما حافظ، فمن حافظ مبتدع، إذاً من حافظ عليها جماعة مبتدع، والبدع كلها ضلالة نعم، إيه.

طالب:.......

إذاً من البدع ما يمدح، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((كل بدعة ضلالة)) فهل من الضلال ما يمدح؟

طالب:.......

إيه، يحومون حولها، يحوم بعضهم حول الحمى.

طالب:.......

ويش هو؟ أمنت الفرضية.

طالب:.......

لا، عمر وقف على فعله، وعرف أنه فعل -عليه الصلاة والسلام- جماعة، لكنه ترك خشية أن تفرض، لكن..

طالب:.......

طيب يعني سن في الإسلام سنة حسنة يبتدع ويكون سنة حسنة؟ أحيا سنة قد ماتت، يعني هذه سنة تركت فأحياها عمر فيكون سنة سنة، إذاً كيف يقول: بدعة؟ هو الإشكال من تسميتها بدعة، هاه؟ إذاً كيف يقول عمر: نعمت البدعة؟ نعم؟

طالب:.......

إذاً ويش تصير؟ ما في تكون؟

طالب:.......

يعني صلاة التراويح في ليالي رمضان، صلاة النفل، قيام رمضان ((من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)) الحث عليها حاصل، كونها صليت جماعة النبي -عليه الصلاة والسلام- صلاها جماعة، كونه ترك لا نسخ ولا عدولاً عنها إنما خشيت أن تفرض، فتشريعها باقي مع أمن ما خشيه النبي -عليه الصلاة والسلام- من كونها تفرض.

طالب:.......

هو الذي جمع، هو الذي أمرهم بذلك.

طالب:.......

من إيش؟ المجانسة والمشاكلة، بعضهم أشار إليه، لكن ما جاؤوا باللفظ اللي هو المطلوب، في قوله -جل وعلا-: {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا} [(40) سورة الشورى] الجناية سيئة بلا شك، لكن معاقبة الجاني سيئة وإلا حسنة؟ معاقبة الجاني سيئة وإلا حسنة؟ حسنة، سميت في الآية سيئة، من باب المشاكلة والمجانسة في التعبير، من باب المشاكلة، البيت المشهور في المشاكلة:

قالوا: اقترح شيئاً نجد لك طبخه

 

قلت: اطبخوا لي جبةً وقميصاً

هذه مشاكلة مجانسة، وباب المشاكلة والمجانسة معروف في علم البديع، له أمثلة كثيرة، وهنا لما خرج إليهم عمر ورأى هذا المنظر الذي أعجبه، وقد استند فيه إلى فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- ولم يبتدع، فخشي -رضي الله عنه- أن يقال: ابتدعت يا عمر، كأنه قيل له: ابتدعت يا عمر، فقال: "نعمت البدعة" على سبيل المشاكلة والمجانسة في التعبير، وإلا فليست بدعة لا لغوية ولا شرعية.

وحينئذٍ من يتكلم في عمر -رضي الله عنه-، وقد أمرنا بالاقتداء به، وقد اقتدى بالنبي -عليه الصلاة والسلام- في فعل هذه الشعيرة، وقيام الليل جماعةً حتى في غير رمضان له أصل، صلاها النبي -عليه الصلاة والسلام- وصلاها معه ابن عباس جماعة، صلى معه ابن مسعود، المقصود أن صلاة الليل مشروعة جماعات فرادى، أما ما يعامل به عمر -رضي الله عنه- بمثل أسلوب الصنعاني فلا شك أن هذا سوء أدب مع هذا الخليفة الراشد -رضي الله عنه وأرضاه-، "والبدعة مذمومة ولو كانت من عمر!" عمر يبتدع؟! ولا شك أن هذا من تأثير البيئة، فقد عاش الصنعاني ومثله الشوكاني في بيئة يغلب عليها التشيع، وإلا مثل هذا لا يصدر من عالم يقدر الصحابة قدرهم، وحصل منه بعض الشيء مع معاوية -رضي الله عنه وأرضاه-، ومع عثمان حينما أمر بالأذان الأول يوم الجمعة، المقصود أنه يحصل من هؤلاء، ومن الشوكاني حصل بعض الأشياء.

"وعن خارجة بن حذافة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله أمدكم بصلاة هي خير لكم من حمر النعم)) قلنا: وما هي يا رسول الله? قال: ((الوتر، ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر)) رواه الخمسة إلا النسائي، وصححه الحاكم.

وروى أحمد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده نحوه".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن خارجة بن حذافة" العدوي، ولي القضاء بمصر لعمرو بن العاص، ولما اتفق الخوارج الثلاثة على قتل علي -رضي الله عنه- ومعاوية وعمرو بن العاص، علي -رضي الله عنه- قتل، وعمرو بن العاص كلف خارجة بالصلاة عنه فقتل خارجة، ومعاوية تناوله من وكل به بالسيف فأصاب شيء منه ولم يقتل، في هذا يقول القائل:

وليتها إذ فدت -يعني المنية-..

وليتها إذ فدت عَمراً بخارجة

 

فدت علياً بمن شاءت من البشرِ

على كل حال هي المقادير، ولا راد لقضاء الله -عز وجل-.

هذا خارجة بن حذافة يقول: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله أمدكم بصلاة هي خير لكم من حمر النعم)) يعني زادكم صلاةً على ما افترضه عليكم ((هي خيرٌ لكم من حمر النعم)) (أمد) الفعل (مدّ) الثلاثي و(أمدّ) الرباعي؛ لأن الحرف المضعف بحرفين كما هو معروف، يختلف مدّ عن أمدّ وإلا ما يختلف؟ المعنى واحد وإلا يختلف؟

طالب:.......

طيب ومدّكم؟ لو جاء في الحديث: "إن الله مدّكم بصلاة هي خيرٌ لكم من.." الفعل مدّ وأمدّ ما بينهم فرق؟ لو استعرضنا ما جاء في القرآن من مدّ وأمدّ {وَأَمْدَدْنَاكُم} [(6) سورة الإسراء] {وَنَمُدُّ لَهُ} [(79) سورة مريم] هذا في الخير وهذا في الشر، أمدّ في الخير ومدّ في الشر.

((إن الله أمدّكم)) وهذا من باب الخير، ولذا جاء بـ(أمدّ) ((أمدكم بصلاةٍ هي خيرٌ لكم من حمر النعم)) المقصود بها الإبل الحمر التي هي أنفس أموال العرب " قلنا: وما هي يا رسول الله? قال: ((الوتر)) الوتر من آكد الصلوات، ولذا كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يحافظ عليها سفراً وحضراً ((ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر)) هذا وقت الوتر، لا يصح الوتر قبل صلاة العشاء، وإذا طلع الفجر انتهى وقت الوتر، انتهى وقته، وهو مربوطٌ بصلاة العشاء، فلو جمعت إلى المغرب جمع تقديم ما بين صلاة العشاء يعني سواءً كانت في وقتها في أوله، في أثنائه، في آخره، قبل وقته إذا جمعت العشاء مع المغرب، أوله من صلاة العشاء بعد الفريضة والراتبة يأتي الوتر، يستمر وقته إلى طلوع الفجر، فإذا طلع الفجر فلا صلاة إلا ركعتي الفجر.

يقول: رواه أحمد والأربعة "إلا النسائي" بعض النسخ: "رواه الخمسة إلا النسائي" والمعنى واحد "وصححه الحاكم، وروى أحمد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.." وعرفنا مراراً الكلام على هذه السلسلة، والخلاف فيها قبولاً ورداً، وسبب الخلاف، والراجح في ذلك "عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده" والخلاف في مرجع الضمير في جده هل يعود إلى عمرو أو إلى شعيب؟ والمراد بالجد هو محمد أو عبد الله بن عمرو بن العاص تقدم مراراً، فعندنا "عمرو بن شعيب عن أبيه" شعيب "عن جده" عن جد الأب أو عن جد عمرو؟ يحتمل، فإذا قلنا: "عن جده" أي جد عمرو المراد به محمد بن عبد الله بن عمر بن العاص وهو تابعي، وعلى هذا تكون الأخبار المروية بهذه السلسلة على هذا الاعتبار مرسلة، وإذا قلنا: الضمير في جده يعود إلى الأب "عن أبيه عن جده" يعني جد الأب وهو أقرب مذكور قلنا: المراد بالجد عبد الله بن عمرو بن العاص، وحينئذٍ يكون..، ينتفي الإرسال، لكن يبقى النظر في شعيب هل سمع من جده عبد الله بن عمرو أو لم يسمع؟ مسألة خلافية، وقد جاء التصريح به في بعض الأسانيد عند أحمد والنسائي وغيرهما عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو، التصريح بذلك.

وجمعٌ من أهل العلم يرون أن هذه السلسلة ضعيفة للخلاف الذي ذكر، وبعضهم يقول: صحيحة والجد معروف، وشعيب سمع من جده، والتوسط في أمر هذا أن يقال: هي من قبيل الحسن، ومر ذلك مراراً.

"وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الوتر حق، فمن لم يوتر فليس منا)) أخرجه أبو داود بسند لين، وصححه الحاكم.

وله شاهد ضعيف عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عند أحمد".

يقول -رحمه الله تعالى-: "وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الوتر حق، فمن لم يوتر فليس منا)) أخرجه أبو داود بسند لين" يعني فيه ضعف؛ لأن في إسناده عبيد الله بن عبد الله العتكي مضعف عند أهل العلم، وإن صححه الحاكم "وله شاهد ضعيف" أيضاً "عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عند أحمد" فالأصل لين والشاهد ضعيف، والحاكم وصححه على عادته في تساهله في ترقية مثل هذا الحديث بالشاهد المذكور، ويصححه مثل ابن حبان، وقبله الترمذي بالشاهد، فالسند اللين يعني ضعفه غير شديد، يمكن أن ينجبر، فإذا وجد له شاهد يقويه ولو كان ضعيفاً إن لم يكن الضعف شديداً فإنه حينئذٍ ينجبر، ولو قيل: بأن الحديث حسن لغيره لما بعد.

((الوتر حقٌ فمن لم يوتر فليس منا)) هذا من حيث الإسناد لو قيل: إنه حسنٌ لغيره ما بعد؛ لأن ضعف الأصل ليس بشديد، ووجد الجابر على القاعدة يمكن أن يرتقي، لكن متنه فيه ما فيه.

((الوتر حق)) مقبول، يعني ليس بباطل ((فمن لم يوتر فليس منا)) النكارة هنا ((من لم يوتر فليس منا)) والأدلة تدل على أن الوتر ليس بواجب، فلا يمكن أن يأتي ((من لم يوتر فليس منا)) مع أن الوتر ليس بواجب إلا إذا تجوزنا في العبارة قلنا: إن ((ليس منا)) ليس على طريقتنا وهدينا وسنتنا في هذه المسألة، في الوتر، يعني ترك سنتنا، وترك هدينا، وترك طريقتنا في الوتر، وهذا محمولٌ على الرجل الذي يترك الوتر بالكلية، ولذا يقول الإمام أحمد -رحمه الله-: "من ترك الوتر رجل سوء ينبغي أن لا تقبل شهادته" وهو محمولٌ على من تركه واستمر على تركه، لا أنه يوتر..، لا أنه تركه مرة أو مرتين هذا لا يؤثر؛ لأن الوتر عند الجمهور سنة.

"أخرجه أبو داود بسند لين" وقد يقال في بعض الرواة: فلان لين، ويقال في الحديث: سنده لين، أو الحديث لين، يعني فيه ضعف، فمتى يقال للراوي: لين؟ إذا كان حفظه فيه ضعف، نقول: في قاعدة تضبط، يعني إذا لم يكن له من الحديث إلا القليل، ولم يثبت فيه ما يترك حديثه من أجله فإن توبع فمقبول وإلا فلين، هذا اللين، "وصححه الحاكم، وله شاهد ضعيف عن أبي هريرة عند أحمد" الشاهد مرّ بنا بالأمس، الشاهد: أن يأتي حديث بلفظه أو بمعناه من طريق صحابي آخر، فإن اتحد الصحابي فهو المتابع، وإن اختلف الصحابي فهو الشاهد.

لكن قول الحافظ: "وله شاهد ضعيف" هل يكفي أن يقال: ضعيف وفي رواته من هو منكر الحديث أو لا بد أن يقول: ضعيف جداً؟ في إسناده الخليل بن مرة وهو منكر الحديث، يكفي أن نقول: ضعيف؟ يعني ينبغي أن يقول: جداً، ينبغي أن يقول الحافظ -رحمه الله-: جداً، ضعيفٌ جداً.

"وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "ما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً، قالت عائشة: فقلت: يا رسول الله أتنام قبل أن توتر? قال: ((يا عائشة إن عيني تنامان ولا ينام قلبي)) متفق عليه.

وفي رواية لهما عنها: "كان يصلي من الليل عشر ركعات ويوتر بسجدة، ويركع ركعتي الفجر فتلك ثلاث عشرة".

وعنها -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة، يوتر من ذلك بخمس لا يجلس في شيء إلا في آخرها".

في حديث "عائشة -رضي الله عنها- قالت: ما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة" ثبت من حديثها أنه صلى إحدى عشر، ومن حديث أبي هريرة وغيره أنه زاد على الإحدى عشرة، لكن هذا على حسب علمها، كما أخبرت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه ما كان يصوم من العشر ذي الحجة، وثبت عن غيرها أنه كان يصوم، فكونه يترك ويفعل ما لم تطلع عليه لا يعني عدم الوجود.

"قالت: ما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة" هذا غالب فعله -عليه الصلاة والسلام-، وهذا ديدنه، لا يزيد على ذلك "يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن" والأربع هذه يحتمل أن تكون بسلامٍ واحد، ويحتمل أن تكون بسلامين، إلا أن الحديث السابق ((صلاة الليل مثنى مثنى)) ينفي الاحتمال الأول "يصلي أربعاً" يعني بسلامين لحديث: ((صلاة الليل مثنى مثنى))، "يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن" ما يحتاج أن تسأل، حسنهن وطولهن مشهور، لا يسأل عنه، أو "لا تسأل عن حسنهن وطولهن" لأنني لا أستطيع أن أصف هذا الحسن وهذا الطول، لا أستطيع حقيقةً أو لأنك ومثلك لا يحتمل مثل هذا الوصف؛ لأن بعض الناس ينظر إلى الناس ويقيس فعلهم على فعله، يعني لو قيل لواحد من الناس من أوساطنا أنه يمكن قراءة القرآن بيوم قال: مستحيل، يمكن أن يصلي الإنسان في اليوم والليلة ثلاثمائة ركعة قال: مستحيل، لماذا؟ لأنه ما يحتمل هذا العمل، يقيس الناس على نفسه.

بالمقابل من سهلت له العبادة يستغرب أن يوجد شخص يستثقل بعض العبادات أو بعض الأعمال؛ لأنها ميسرة، هذا بالنسبة له، ولذا نقل البخاري في كتاب البيوع من صحيحه عن حسان بن أبي سنان يقول: ما رأيتُ شيئاً أهون من الورع ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)) هذا الذي عجز عنه الخواص فضلاً عن العوام، يقول: "ما رأيت شيء.." لأنه يتحدث عن نفسه، ونحن إذا قيل لنا: إن فلان من الناس يقرأ القرآن في ثلاث أو في يوم قلنا: مستحيل؛ لأننا نقيس الناس على أنفسنا، وهنا تقول: "لا تسأل عن حسنهن وطولهن" لأنك ما تستوعب؛ لأنه ثبت في الصحيح أنه قرأ بالبقرة، ثم النساء، ثم آل عمران، وقراءة النبي -عليه الصلاة والسلام- مد، يقرأ خمسة أجزاء في ركعة واحدة، وقراءته كانت مداً -عليه الصلاة والسلام-، يعني الهذ والقراءة مع الهذ والسرعة الشديدة الخمسة تحتاج إلى ساعة، ومع الترتيل لا يكفيها ساعتين، إذا أضفنا أنه ركع ركوعاً طويلاً نحو قيامه، سجد سجوداً نحو ركوعه قريباً من ركوعه، كم تكون التسليمة بهذه الصفة؟ كم؟ تحتاج إلى ساعات، ولذا قالت: "فلا تسأل عن حسنهن وطولهن".

مثل ما ذكرنا عن قياس الناس على النفس طرداً وعكساً، نُقل عن بعض علماء المغرب وهذا يستغرب في الوقت الحالي، في...... السابع، نقل عنه أن الخلاف في كفر تارك الصلاة خلاف نظري، خلاف نظري لا حقيقة له في الواقع لماذا؟ لأنه لم يتصور أن من ينتسب إلى الإسلام يترك الصلاة، العلماء افترضوا هذه المسألة وإلا لا وجود لها، هذا وين يشوف؟ يندر أن يوجد بيت من بيوت المسلمين ما يوجد فيه واحد إما يؤخر الصلاة عن وقتها من ذكر أو أنثى، أو ما يصلي بالكلية، ابتلي الناس بمثل هذا، ويقول: هذه مسألة افتراضية ما يمكن، احتمال أن يكون في وقت شرار الناس بعد الدجال بعد كذا يمكن، لكن في أوقات استقامة الأحوال ما يمكن، افتراضية هذه، هذا شخص يتحدث بقدر ما عنده، والله المستعان.

"يصلي أربعاً -عليه الصلاة والسلام- فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً" هذه إحدى عشرة ركعة، من أراد أن يقتدي به -عليه الصلاة والسلام- بالكيفية والكمية فهذا هو المتبع، لكن من قال: أنا أقتدي به في الكمية أصلي إحدى عشرة، كل ركعة بدقيقة مجزئة...... تسمى ركعة صحيحة بدقيقة، إحدى عشر دقيقة، اثنا عشر دقيقة وهو منتهي من الوتر، ومع ذلك يقول مثل هذا: إن الزيادة على الإحدى عشر بدعة؛ لأن النبي ما كان يزيد -عليه الصلاة والسلام- على الإحدى عشرة، نقول: الذي لم يزد وعرفنا صفة صلاته -عليه الصلاة والسلام- هو الذي قال: ((صلاة الليل مثنى مثنى)) يعني استمر تصلي مثنى مثنى هل حدد؟ ما حدد، إنما قال: ((فإذا خشيت الصبح فصل واحدة توتر لك ما قد صليت)) فإطلاق هذا الحديث يدل على أنه لا عدد محدد، لا تحديد للعدد، ولذا من يقول: إن الزيادة بدعة نقول: لا، قوله مردود، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- أطلق ولم يحدد ((صلاة الليل مثنى مثنى)) لو تصلي عشرين ثلاثين تسليمة داخل في حديث: ((صلاة الليل مثنى مثنى)) لكن إذا خشيت الصبح تصلي واحدة.

كونه -عليه الصلاة والسلام- ما زاد ثبت أنه زاد، لكن هذا على حد علمها -رضي الله عنها وأرضاها-، وقد يصلي ولا تراه، ولها ليلة من تسع ليال، لكن يمكن عندها ما زاد، مع أنها نقلت أنه صلى ثلاثة عشرة، وجاء في المسند أنه صلى خمس عشرة، وأوتر بثلاث، أوتر بخمس، أوتر بسبع، أوتر بتسع، المقصود أن العدد ليس مراد ولا محدد ((صلاة الليل مثنى مثنى)) نعم، إن أردت أن تقتدي به -عليه الصلاة والسلام- فتصلي إحدى عشرة على الصفة التي جاءت عنه على الكيفية والهيئة التي ثبتت عنه -عليه الصلاة والسلام- بهذا يتم الاقتداء، أما تأخذ ما يروق لك من عدد وتترك الكيفية هذا ما يجي.

"فقلت: يا رسول الله أتنام قبل أن توتر? قال: ((يا عائشة إن عيني تنامان ولا ينام قلبي))" هذا الغالب من حاله -عليه الصلاة والسلام-، تنام عيناه، وينفخ في نومه، وله خطيط -عليه الصلاة والسلام-، ومع ذلكم قلبه يقظ، قد يقول قائل: النبي -عليه الصلاة والسلام- تنام عيناه ولا ينام قلبه فكيف نام عن صلاة الصبح حتى أيقظه حر الشمس؟ أين قلبه -عليه الصلاة والسلام- عن الفريضة؟ نام حتى أيقظه حر الشمس؟ نقول: في هذه اللحظة نام قلبه، نام قلبه، وإلا لو كان القلب يقظ ما ترك الفريضة، ونام قلبه -عليه الصلاة والسلام- في هذه اللحظة من أجل المصلحة، مصلحة التشريع، كما أنه نسي سها للتشريع، أيضاً نام عن صلاة الصبح للتشريع، وقلنا: إن هذا تشريع، وهذا أيضاً فيه تسلية لأتباعه -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه لو لم يحصل منه هذا النوم الذي بسببه خرج وقت الصلاة لتقطعت القلوب أسىً قلوب من تفوته الصلاة من أهل الحرص يتقطع قلبه أسىً، لكن في ذلك تسلية وليس في هذا مستمسك للمفرطين، كونه يحصل منه -عليه الصلاة والسلام- مرة واحدة لا يعني أن الإنسان ينام ويقول: الرسول نام -عليه الصلاة والسلام-، لكن مع الحرص الشديد، ومع الاحتياطات، وبذل الأسباب وانتفاء الموانع نام الحمد لله، ليس في النوم تفريط، أما يكون عادته وديدنه النوم عن صلاة الصبح أو عن غيرها من الصلوات نقول: لا يا أخي، "من نام..." أو ((من فاتته العصر فكأنما وتر أهله وماله)).

"فقلت: يا رسول الله أتنام قبل أن توتر؟ فقال: ((يا عائشة إن عيني تنامان ولا ينام قلبي)) إذا صلى الأربع ثم الأربع واضطجع قبل أن يوتر، وسمع له الخطيط، ثم أوتر بعد ذلك لا ينتقض وضوؤه؛ لأن قلبه يقظ، وذكروا من خصائصه -عليه الصلاة والسلام- أن نومه لا ينقض الوضوء.

"متفق عليه، وفي رواية لهما عنها: "كان يصلي من الليل عشر ركعات ويوتر بسجدة" والمراد بالسجدة هنا إيش؟ الركعة، وقلنا: إن في النصوص جاءت السجدة ويراد بها الركعة، ومثال ذلك ما جاء في الصحيح: ((من أدرك سجدة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح)) والسجدة إنما هي الركعة، يعني بهذا الحديث، كما أنه جاء إطلاق الركوع ويراد به السجود، كما في قوله تعالى: {وَخَرَّ رَاكِعاً} يعني ساجداً {وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ} [ص:24] يعني ساجداً.

"ويوتر بسجدة، ويركع ركعتي الفجر فتلك ثلاث عشرة" يعني المجموع، عشر وواحدة إحدى عشر، وركعتين ثلاث عشرة.

الحديث الذي يليه: "وعنها -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة، يوتر من ذلك بخمس لا يجلس في شيء إلا في آخرها" يعني أنه -عليه الصلاة والسلام- يصلي ثمان ركعات على الصفة المشروحة سابقة، "يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطوله، ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن" ثم يوتر بخمس، فثبت أنه زاد على الإحدى عشر، وهي تقول -رضي الله عنها وأرضاها-: "ما زاد... لا في رمضان ولا في غيره" وهنا وهو مخرج في صحيح مسلم، وإن قال الحافظ: إنه متفق عليه، لكن عزوه للبخاري وهم.

فثبت أنه زاد على الإحدى عشرة، فكونه صلى ثلاثة عشرة لا يعني أن لا يزيد الإنسان إلى خمسة عشرة، إلى سبعة عشرة، إلى تسعة عشرة، هو الذي يشكل في الباب كونه ما زاد "ما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة" هذا الذي يشكل، وهو الذي حمل بعضهم على أن يقول: الثلاثة عشرة بدعة، الخمسة عشرة بدعة، ما زاد على إحدى عشرة كله بدعة.

نقول: الرسول -عليه الصلاة والسلام- صلى ثلاث عشرة، وما دام صلى ثلاث عشرة فالزيادة مطلوبة، ويؤيدها إطلاق الحديث: ((صلاة الليل مثنى مثنى)) فالعدد غير مراد، كونه يغلب عليه -عليه الصلاة والسلام- أنه يصلي إحدى عشرة لا يعني أن العدد ملزم.

"كان يصلي" (كان) وكان أيضاً تدل على الاستمرار "كان يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة، يوتر من ذلك بخمس" هل معنى هذا أنه يصلي ست ثم يوتر بخمس ثم ركعتي الفجر؟ أو أنه "يصلي أربعاً" كما شرح "فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي أربعاً.." ثم يوتر بخمس، هناك يوتر بثلاث وهنا يوتر بخمس، فصلى ثلاث عشرة ركعة.

"وعنها قالت: "من كل الليل قد أوتر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فانتهى وتره إلى السحر" متفق عليهما".

"متفق عليهما" عرفنا أن عزو الحديث السابق إلى البخاري وهم، وإنما هو من أفراد مسلم.

"وعنها -رضي الله عنها- قالت: "من كل الليل أوتر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني من أوله ومن أثنائه "فانتهى وتره إلى السحر" انتهى وتره إلى السحر يعني آخر الليل، آخر الليل الذي هو وقت الاستغفار، يصلي -عليه الصلاة والسلام- في أول الليل وفي أثنائه وفي آخره "فانتهى وتره إلى السحر" وفي هذا دليلٌ على أن وقت الوتر ينتهي بطلوع الصبح، وإن قال بعض أهل العلم أنه يقضى الوتر بعد طلوع الفجر، وفعله بعض السلف، لكن هذا الحديث وما في معناه مما سبق ((فإذا خشيت الصبح فصل واحدة توتر لك ما قد صليت)) أن وقت الوتر ينتهي بطلوع الفجر.

"وعن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يا عبد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم من الليل فترك قيام الليل)) متفق عليه".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يا عبد الله)) يعني يا عبد الله بن عمرو يخاطبه ((لا تكن مثل فلان كان يقوم من الليل فترك قيام الليل)) متفق عليه" وهذا يدل على أهمية قيام الليل وفضل قيام الليل، ويدل أيضاً على فضل المداومة على العمل، المداومة على العمل الصالح، وأن من عمل عملاً صالحاً عنده فيه حجة شرعية لا ينبغي له أن يتركه؛ لأن الترك نكوص عن الحق، والنبي -عليه الصلاة والسلام- إذا عمل عملاً أثبته، لكن ما يمنع أن يكون الشخص يعمل العمل في وقت نشاط، ثم يفتر عنه، ثم يعود إليه، ولا يمنع أن يتركه إلى أهم منه، قد يلزم الإنسان عمل يداوم عليه من النوافل ثم يرى أن غير هذا العمل أفضل منه، مثال ذلك: لو أن أحداً من أهل العلم لزم عبادة من العبادات، صيام نوافل مثلاً، قيام الليل، صلاة أعداد من الركعات أثناء النهار، ثم رأى أن هذا العمل يعوقه عن تعليم الناس الخير، أو رأى أن مثل هذا العمل يضعفه عن عمله المنوط به، ثم ترك بعضه وخفف، يعني هل الأفضل للعالم مثلاً أن يقرأ القرآن كل يوم، يختم كل يوم، أو يخفف من القراءة ويعلم الناس الخير؟ لو كان ديدنه يقرأ القرآن في ثلاث، لكن قراءته القرآن في ثلاث تعوقه عن بعض الدروس، عن بعض التصدي لقضاء حوائج الناس، لا سيما إن كان ممن يحتاج إليه، أو إفتاء الناس وتوجيههم، ألا يقال له: اقرأ القرآن في سبع وعلم الناس الخير، يقول: يا أخي أنا معتاد سأقرأ في ثلاث، وترك العمل مذموم، نقول: نعم إذا تركته لما هو أفضل منه لا تذم.

أما هنا يقول: ((يا عبد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم من الليل فترك قيام الليل)) نعم قيام الليل دأب الصالحين، وقد قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((نعم الرجل عبد الله -ابن عمر- لو كان يقوم من الليل)) فكان عبد الله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلاً، قيام الليل دأب الصالحين، والله المستعان.

((لا تكن مثل فلان)) فلان ما سمي، في الغالب أن ما يأتي بمثل هذا السياق لا يسمى، ولا يحرص على تسميته ستراً عليه، يعني كتب المبهمات تعنى ببيان مثل هذا، إذا مر فلان شخص مبهم يسمونه، ويبحثون عنه، ويحرصون على جمع الطرق من أجل أن يظهر هذا الاسم، ومعرفة المبهمات لا شك أن لها فوائد، لكن مثل هذا الذي ورد في مثل هذا السياق يستر عليه؛ لأن السياق سياق ذم.

((لا تكن مثل فلان كان يقوم من الليل فترك قيام الليل)) ففي هذا استحباب المداومة على العمل الصالح، وعدم ترك ما اعتاده الإنسان إلا إذا كان تركه إلى ما هو أهم منه وأفضل منه مطلوب و((أحب العمل إلى الله أدومه)) في رواية: ((ما دام عليه صاحبه)) أو ((ما داوم عليه صاحبه)) فالمداومة على العمل والمتابعة أفضل، والانقطاع فعل العمل ثم الانقطاع لا شك أنه يشعر بشيء من الرغبة عن العمل الصالح، فبدلاً من أن يزداد الإنسان ينقص، لا شك أن هذا مذموم شرعاً.

والله أعلم.

 

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

هل يجوز صلاة الوتر أو قيام الليل جماعة في غير رمضان؟ وما الحكم إذا كان مع المداومة؟

أصل المسألة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى بابن عباس، وصلى أيضاً ومعه ابن مسعود، فهذا أصل للجماعة في النافلة لا سيما قيام الليل.

ما الجمع بين قوله: ((صلاة الليل مثنى مثنى)) وبين قول عائشة: ((يوتر من ذلك بخمس))؟

نعم، يوتر بخمس، يوتر بثلاث، يوتر بسبع، يوتر بتسع بسلامٍ واحد، فالوتر غير الصلاة المطلقة، الصلاة المطلقة مثنى مثنى، فإذا أراد الوتر فبسلام واحد.

يقول: كيف نوفق بين حديث عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما كان يزيد في رمضان إلى آخره.. وحديث: كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يستفتح قيام الليل بركعتين خفيفتين؟

لا تعارض، وعرفنا أن العدد غير مقصود، فأحياناً يزيد ركعتين قبل الإحدى عشرة، وأحياناً بعد الوتر يأتي بركعتين، وأحياناً من قيام، وأحياناً من جلوس، فالأمر فيه سعة.
ما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة، يصلي أربعاً ثم يصلي أربعاً، لماذا قالت: أربعاً ثم قالت أربعاً ولم تقل ثمانية؟ لماذا قالت: أربعاً ثم أربعاً ولم تقل ثمانية؟ ولم تقل ركعتين ركعتين إلى الحد المعلوم ألا يبين أنه كان يصلي الأربع بسلامٍ واحد؟
لا، يصلي أربع بسلامين ثم يفصل، وهذا مقتضى العطف بـ(ثم)، ثم يصلي أربعاً بسلامين من غير فاصل، يسلم من الاثنتين ثم يشرع في الاثنتين الأخريين ثم يفصل، بدليل العطف بـ(ثم)، ومن هذا أخذ أهل العلم اسم صلاة التراويح؛ لأنهم يتروحون بعد كل تسليمتين.
يقول هذا: أم يدل على أنه كان يرتاح بعد كل أربع؟
هذا هو الصحيح.

يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يا عبد الله لا تكن مثل فلان)) هل يستدل به، أو يستدل من هذا الحديث أنه يجوز عند النصيحة المقارنة بشخص معروف لدى المنصوح؟

لا مانع من أن يقال: لا تصير مثل فلان، كان يطلب العلم ففتر ما يمنع، إذا لم يقصد بذلك النيل من فلان، وتنقص فلان، لا سيما إذا كان المتروك سنة، أما إذا كان القصد منه التنقص والازدراء به فلا يجوز.

يقول: هل يصح القول في سجود الشكر: "اللهم أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي"؟

لا، هذه مسائل الأذكار توقيفية، فيقال في السجود سجود التلاوة وفي سجود الشكر ما يقال في سجود الصلاة؛ لعموم ((اجعلوها في سجودكم)) يضاف إلى ذلك ما جاء في سجود التلاوة في السنن وغيرها مما ذكرناه، وهو أيضاً السجود موضع أيضاً للدعاء ((وأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد)) فيسبح سبحان ربي الأعلى ثم يدعو بما شاء.

هنا أسئلة من برا من الإنترنت يقول: كثيرٌ من المشايخ والدعاة خاصة في البلدان الأجنبية كاستراليا يحرمون شراء البضائع اليهودية من الأطعمة، ولكن كيف لنا ألا نشتري منها وهي البضائع الوحيدة التي لها الترخيص الحلال..

هنا أسئلة من برا من الإنترنت يقول: كثيرٌ من المشايخ والدعاة خاصة في البلدان الأجنبية كاستراليا يحرمون شراء البضائع اليهودية من الأطعمة، ولكن كيف لنا ألا نشتري منها وهي البضائع الوحيدة التي لها الترخيص الحلال في هذه البلاد، وسواها يحوي شحوم خنزير، أو شحوم الأبقار والأغنام التي لم تذبح شرعاً، فما الحكم الشرعي في هذه المسألة؟
على كل حال ذبيحة أهل الكتاب حلٌ لنا، فإذا ذبح اليهود ما يجوز لنا أكله من الأنعام فلا شك أن مصلحة المقاطعة ظاهرة، لكنها مصلحة عارضة، يعني ليس تقديمها بأولى من تقديم الكف عن المحرم لذاته، يعني إذا كان لدينا ذبيحة يهودي، وطعام اليهود حلٌ لنا، والمذبوح من أكلنا من بهيمة الأنعام من الإبل والبقر والغنم، ووجد طعام كتابي ليس بيننا وبينهم حرب، وليست بيننا وبينهم مقاطعة، لكن طعامه فيه ما يقتضي تحريمه لذاته، إما أمور محرمة كحول وما كحول ومخدرات ومسكرات، أو شحوم خنزير أو كلاب أو شيء مما حرم علينا أكله، فلا شك أن ما مُنع لطارئ أخف مما منع لذاته، فنأكل من ذبيحة اليهودي ونترك ذبيحة الثاني، وإن لم يكن بيننا وبينه حرب لما يشتمل عليه طعامه من تحريم لذاته،

يقول: من كانت عادته أن يوتر بإحدى عشرة ركعة فقام في أول الليل بالإيتار بسبعٍ على أمل أن يقوم آخر الليل فيصلي أربع تمام الإحدى عشرة فما حكم فعله؟

يأتي بحديث: ((أجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً)) أنه ينبغي أن يكون الوتر بآخر الليل، لكن إذا لم يضمن القيام في آخر الليل وأوتر في أول الليل يأتي أنه يصلي من الليل مثنى مثنى بعد ذلك، والأمر في الأمر بجعل آخر الصلاة وتر هذا أمر إرشاد؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى بعد الوتر.

يقول: نحن نعيش في منطقة يقل فيها طلبة العلم، وقد قام أحد الإخوة بمنع المؤذن أن يؤذن الأذان الأول يوم الجمعة محتجاً بعدم وجود محلات تجارية وأسواق؟

ليس له أن يمنع الأذان الأول من يوم الجمعة الذي سنه الخليفة الراشد، أمرنا باقتفاء أثره، وأقره الصحابة، لم يخالفه ولم يعارضه أحد، وأجمعوا على ذلك، وأطبقت عليه الأمة إلى يومنا هذا، فليس له أن يمنع.

يقول: هل من الحسن أن يصلي الإمام خمساً أو سبعاً أو تسعاً في رمضان إذا أراد أن يصلي الوتر؟

شريطة أن يعرف أن من خلفه يحتمل ذلك ويطيقه بسلامٍ واحد، ولا يوجد منهم من له الانصراف قبل ذلك لا مانع؛ لأن الإيتار بهذه الأعداد شرعي.

يقول: هل الأصل في الوتر إذا كان ركعاته ثلاث صلاتها بتسليمة واحدة أم بتسليمتين؟

له أن يصليها بتسليمة واحدة، وله أن يفصل بين الثلاث بالسلام بعد الثانية ثم يسلم، والأمر فيه سعة.

يقول: لماذا كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يخشى أن تفرض بعض الأعمال إذا داوم عليها؟

النبي -عليه الصلاة والسلام- من رحمته بأمته ورأفته بهم يخشى أن يفرض عليهم ما لا يستطيعون الدوام عليه، فيأثمون بتركه، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- رءوف رحيم بأمته، يشق عليه ما يشق عليهم، فخشيته أن تأثم الأمة بترك ما افترض الله عليهم.

يقول: ذكرت في ليلة البارحة أن الوتر لا يقضى في النهار؟

ما ذكرنا هذا، بل قلنا: إنه يقضى بعد ارتفاع الشمس إلى زوالها، وأن من كانت عادته أن يوتر بثلاث يصلي أربع، ومن كانت عادته يوتر بخمس يصلي ست وهكذا.