شرح الموطأ - كتاب الجنائز (5)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العاملين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أسئلة الإنترنت كثيرة:
نعم.
باب: جامع الجنائز:
حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن عباد بن عبد الله بن الزبير أن عائشة -رضي الله تعالى عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبرته أنها سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل أن يموت وهو مستند إلى صدرها وأصغت إليه يقول: ((اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى)). وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما من نبي يموت حتى يخير)) قالت: فسمعته يقول: ((اللهم الرفيق الأعلى)) فعرفت أنه ذاهب.
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار، يقال له: هذا مقعدك حتى يبعثك الله إلى يوم القيامة)).
وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((كل ابن آدم تأكله الأرض إلا عجب الذنب منه خلق وفيه يركب)).
يقول -رحمه الله تعالى-:
"باب: جامع الجنائز"
الأحاديث التي لا تدخل في الأبواب السابقة.
"حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن عباد بن عبد الله بن الزبير -بن العوام- أن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبرته أنها سمعت -صلى الله عليه وسلم- قبل أن يموت وهو مستند إلى صدرها" لأنه -عليه الصلاة والسلام- استأذن نساءه أن يمرض في بيت عائشة "وأصغت إليه" أمالت سمعها، فإذا به يقول -عليه الصلاة والسلام- في آخر ما نطق به: ((اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى)) مشروعية الدعاء حتى في آخر لحظة، فإذا كان النبي -عليه الصلاة والسلام- أفضل الخلق وأشرف الخلق وأكمل الخلق غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر يقول هذا عند موته: ((اللهم اغفر لي وارحمني)) فكيف بالصحيح الشحيح المحمل من الذنوب والآثام والمعاصي والجرائم؟! لا شك أن هذا في حقه آكد، في البخاري: فجعل يقول: ((في الرفيق الأعلى)) حتى قبض ومالت يده -عليه الصلاة والسلام-، ولأحمد فقال: ((بالرفيق الأعلى مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين)) إلى قوله: {وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [(69) سورة النساء] فعلى هذا يكون المراد بالرفيق من ذكر في الآية: {مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [(69) سورة النساء] هذا قول الأكثر، يقول الحافظ ابن حجر: وهذا المعتمد، قال بعض المغاربة: يحتمل أن يراد بالرفيق الأعلى الله –عز وجل-؛ لأن من أسمائه الرفيق، إذا كان المراد في قول الأكثر المراد بالرفيق هؤلاء كلهم {مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [(69) سورة النساء] وقال -عليه الصلاة والسلام-: ((بالرفيق الأعلى)) ما قال: رفقاء، الرفيق واحد، وهؤلاء أربعة، أجناسهم أربعة، فضلًا عن أعدادهم، أولًا: رفيق صيغة ماذا؟ فعال ومفعال وفعيل صيغة مبالغة تلزم حالة واحدة في الإفراد والجمع والتذكير والتأنيث {إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ} [(56) سورة الأعراف] فالرفيق يشمل الواحد والاثنين والذكر والأنثى، كله رفيق، هذا من جهة كما في قوله -جل وعلا-: {إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ} [(56) سورة الأعراف] ومنهم من قال في نكتة الإفراد: الإشارة إلى أن أهل الجنة يدخلونها على قلب رجل واحد، وهذا نبه عليه السهيلي، في الجنة يدخلون على قلب رجل واحد، فكأنهم واحد.
"وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عائشة قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما من نبي يموت))"، ما من نبي: يخرج الرسول أو النبي والرسول يشتركان في مثل هذا؟ نعم ((ما من نبي يموت حتى يخير)) يعني بين البقاء والموت بين الدنيا والآخرة "فسمعته يقول" يعني في مرضه الذي مات فيه: ((اللهم الرفيق الأعلى)) فعرفت أنه ذاهب" ذاهب يعني وتاركنا، يعني مختار الرفيق الأعلى، خير فاختار الرفيق الأعلى، وهذا الحديث -كما ترون- بلاغ عند الإمام مالك، وهو موصول في الصحيح في البخاري ومسلم.
"وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر قال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي))" "بالغداة والعشي" يقول ابن التين: يحتمل أن يراد بالغداة والعشي غداة واحدة وعشية واحدة، يعرض عليه مرة واحدة، مرة واحدة بالغداة ومرة واحدة بالعشي، ولا يكرر ذلك كل غداة وكل عشي، ويحتمل أن يريد كل غداة وكل عشي، وهو محمول على أنه يحيا في هذا الوقت ليدرك، يعني الاحتمال الأول أو الثاني؟ غداة واحدة وعشية واحدة، وهذا..، أو الثاني كل غداة وكل عشية؟ كما قال الله –جل وعلا- في حق فرعون وقومه: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا} [(46) سورة غافر] يعني كل يوم، نسأل الله العافية {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} [(28) سورة الكهف] يعني مرة واحدة؟ في أعمارهم مرة واحدة وإلا كل غداة وكل عشي؟ هذا الذي يظهر، وهو المتبادر، ومحمول على أنه يحيا ليدرك ذلك، وهذا غير ممتنع بالنسبة للقدرة الإلهية، يقول القرطبي: يجوز أن يكون العرض على الروح فقط، والمراد بالغداة والعشي وقت الغداة ووقت العشي، وإلا فالموتى لا صباح عندهم ولا مساء، ظلام في ظلام ((إن كانوا من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كانوا من أهل النار فمن أهل النار)) يعرض على هذا ويعرض على هذا، هذا مقعده من الجنة وهذا مقعده من النار، نسأل الله السلامة والعافية، وهذا في حق النوعين المؤمن والكافر واضح، لكن في حق المخلط يعرض عليه مقعده من الجنة؛ لأن مآله إلى الجنة أو يعرض عليه مقعده من النار لا سيما إن كان ممن كتب الله له أن يدخل النار؟ المخلط تحت المشيئة إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه، فهل يقال لمن كتب الله له أن يعذب: يعرض عليه مقعده من النار الذي يعذب فيه أو تعرض عليه الجنة أو يتوقف في أمره؟ والتوقف هو الأحوط؛ لأن الحديث في حق من كان من أهل الجنة ومن كان من أهل النار، وهذا متوقف فيه تحت المشيئة، فيتوقف في حكمه، ثم الحديث مخصوص بغير الشهداء؛ لأنهم أحياء وأرواحهم تسرح في أجواف طير خضر، تسرح في الجنة.
وفي الحديث إثبات عذاب القبر، وأن الروح لا تفنى بفناء الجسد؛ لأن العرض -كما يقول أهل العلم- إنما هو على الروح ولا يعرض إلا على حي، وهذا يرجح قول القرطبي، والقول الآخر أنه يحيا بدنه في هذا الوقت، لكن كأن الثاني كلام القرطبي أظهر.
"وحدثني عن مالك عن أبي الزناد -عبد الله بن ذكوان- عن الأعرج -عبد الرحمن بن هرمز- عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((كل ابن آدم))" يعني ما عدا الأنبياء والشهداء، وزاد بعضهم: الصديقين والعلماء العاملين، والمؤذن المحتسب، وحامل القرآن العامل به، والمرابط، والميت بالطاعون صابرًا محتسبًا، والمكثر من ذكر الله –عز وجل-، والمحبين لله، نقول: فتلك عشرة كاملة، لكن هذه تحتاج إلى أدلة، كل واحد منها يحتاج إلى دليل، المسألة مسألة غيب يقتصر فيها على ما ورد ((كل ابن آدم تأكله الأرض)) وهذا أيضًا معارض لعموم هذا الحديث، فإخراج أمثال هؤلاء من هذا العموم يحتاج إلى دليل ((تأكله الأرض)) أي تأكل جميع جسده وينعدم بالكلية ((إلا عجْب الذنب)) بفتح العين وسكون الجيم الموحدة، ويقال بالميم، سكون الجيم وبالموحدة، يعني بالباء، ويقال بالميم: عجم الذنب وهو العصص، معروف هذا أسفل العظم الهابط من الصلب فإنه قاعدة البدن هذا لا تأكله الأرض ((إلا عجب الذنب منه خلق)) أي ابتدأ خلقه ((وفيه يركب)) يركب خلقه عند قيام الساعة، وهذا أظهر من القول أنه ركب منه في بدء خلقه، ابتداء تركيبه منه، هل يعارض مثل هذا الحديث ما جاء في قول الله -جل وعلا-: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [(26-27) سورة الرحمن]؟ نعم؟ هو يقول: يبقى، يعني فاني يموت، وبقاء هذا الجزء اليسير من البدن ليس بأشد من بقاء البدن كاملًا للأنبياء والشهداء يعني مسألة المعارضة يقول:
ثمانية حكم البقاء يعمها |
|
من الخلق والباقون في حيز العدم |
أحسن الله إليك.
"وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك الأنصاري أنه أخبره أن أباه كعب بن مالك -رضي الله عنه- كان يحدث أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إنما نسمة المؤمن طير يعلق في شجر الجنة حتى يرجعه الله إلى جسده يوم يبعثه)).
وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((قال الله -تبارك وتعالى-: إذا أحب عبدي لقائي أحببت لقائه، وإذا كره لقائي كرهت لقائه)).
وحدثني عن ملك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((قال رجل لم يعمل حسنة قط لأهله: إذا مات فحرقوه ثم ذروا نصفه في البر ونصفه في البحر، فو الله لئن قدر الله عليه ليعذبنه عذابًا لا يعذبه أحدًا من العالمين، فلما مات الرجل فعلوا ما أمرهم به فأمر الله البَرّ فجمع ما فيه، وأمر البحر فجمع ما فيه، ثم قال: لِمَ فعلت هذا؟ قال: من خشيتك يا رب وأنت أعلم، قال: فغفر له)).
وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه كما تناتج الإبل من بهيمة جمعاء هل تحس فيها من جدعاء)) قالوا: يا رسول الله أريت الذي يموت وهو صغير؟ قال: ((الله أعلم بما كانوا عاملين)).
وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول: يا ليتني مكانه)).
وحدثني عن مالك عن محمد بن عمرو بن حلحلة الديلي عن معبد بن كعب بن مالك عن أبي قتادة بن ربعي أنه كان يحدث أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مُـر عليه بجنازة فقال: ((مستريح ومستراح منه)) قالوا: يا رسول الله ما المستريح والمستراح منه؟ قال: ((العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله، والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب)).
وحدثني عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما مات عثمان بن مظعون -رضي الله عنه- ومُر بجنازته: ((ذهبت ولم تلبس منها بشيء)).
وحدثني مالك عن علقمة بن أبي علقمة عن أمه أنها قالت: سمعت عائشة -رضي الله عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- تقول: قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات ليلة فلبس ثيابه ثم خرج، قالت: فأمرت جاريتي بريرة تتبعه فتبعته حتى جاء البقيع فوقف في أدناه ما شاء الله أن يقف ثم أنصرف فسبقته بريرة فأخبرتني فلم أذكر له شيئًا حتى أصبح ثم ذكرت ذلك له فقال: ((إني بعثت إلى أهل البقيع لأصلي عليهم)).
وحدثني عن مالك عن نافع أن أبا هريرة -رضي الله عنه- قال: "أسرعوا بجنائزكم، فإنما هو خير تقدمونه إليه، أو شر تضعونه عن رقابكم".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك الأنصاري أنه أخبره أن أباه كعب بن مالك -السلمي- الأنصاري" وهو أحد الثلاثة الذين خلفوا ثم تاب الله عليهم -رضي الله عنه وأرضاه- "كان يحدث أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إنما نسمة المؤمن))" روحه، النسمة الروح، وقيل: النسمة عبارة عن الروح والبدن جميعًا، إذا قيل: البلد الفلاني يقطنه ألف نسمة هل المقصود الأرواح فقط؟ لا المقصود البدن والروح الكل ((إنما نسمة المؤمن طير يعلق في شجر الجنة)) لكن المراد بالنسمة في الحديث لا شك أنه الروح، طير يعلق.... نعم؟
طالب:.......
هذا قول معروف عندهم، قول في المسألة.
((يعلق في شجر الجنة)) ((طير يعلق)) هذه صفة، صفة لطير؛ لأنه نكرة بحاجة إلى صفة، ولو كان معرفة لكان الفعل بجملته حالاً، في شجر الجنة لتأكل من ثمارها، وقيل: تأوي إليها، إن كان أخذ العلقة منها فهي تأكل، وإن كان من التعلق بها فهي تأوي إليها، ((حتى يرجعه الله إلى جسده يوم يبعثه)) هذا يدل على أن المراد بالنسمة الروح، هي التي ترجع إلى الجسد ((إلى جسده يوم يبعثه)) يعني يوم القيامة، يقول ابن عبد البر في الاستذكار: قد ظن قوم أن هذا الحديث يعارضه حديث ابن عمر المتقدم، الذي تقدم قريبًا؛ لأنهم قالوا: إذا كان الروح تسرح في الجنة ويأكل منها فهو في الجنة بجميع أحيانه فكيف يعرض عليه مقعده بالغداة والعشي وروحه في الجنة؟ يقول ابن عبد البر -رحمه الله-: وهذا عندي ليس كما ظنوا؛ لأن حديث كعب -حديث الباب- في الشهداء خاصة، وحديث ابن عمر في سائر الناس، والدليل على ذلك أن سفيان رواه: ((أرواح الشهداء طير يعلق في شجر الجنة)) فهذه الرواية مفسرة تدل على أن المراد الشهداء فقط، وعلى كل حال الحديث صحيح.
"وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((قال الله -تبارك وتعالى-))" هذا يسمى عند أهل العلم حديث قدسي، والحديث القدسي: ما يضيفه النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى الله -جل وعلا-، حديث قدسي أو حديث إلهي، أو حديث رباني، المقصود أن هذا الحديث منها، وقد ألف في الأحاديث القدسية مصنفات. ((قال الله -تبارك وتعالى-: إذا أحب عبدي لقائي أحببت لقائه، وإذا كره لقائي كرهت لقائه)) يقول أبو عبيد في معنى هذا الحديث: هذا الحديث مخرج في البخاري، يقول أبو عبيد: معنى هذا الحديث عندي ليس وجهه عندي أن يكون الإنسان يكره الموت وشدته؛ لأن كراهية الموت شيء جبل عليه الإنسان، كذلك كراهية الشدائد يتعرض عليها الإنسان جبل عليها الإنسان وإن كان مما ترفع بها الدرجات، يقول: ليس وجهه عندي أن يكون الإنسان يكره الموت وشدته؛ لأن هذا لا يكاد يخلو منه أحد، لا نبي ولا غيره، كل إنسان يكره الموت إما طلبًا للزيادة من الأعمال الصالحة، أو طلبًا لتلافي ما فرط من أمره، فكل إنسان يكره، يقول: لكن المكروه من ذلك إيثار الدنيا والركون إليها، وكراهية أن يصير إلى الله تعالى والدار الآخرة، ويريد المقام في الدنيا، كما قال عمر بن عبد العزيز لأبي حازم: ما بالنا نحب الحياة ونكره الموت؟ فأجابه أبو حازم وهو يجيب عمر بن عبد العزيز، في خلافته حاله معروف، قال: لأنا عمرنا الدنيا ولم نعمر الآخرة، فنكره أن ننتقل من الإعمار إلى الخراب، تصور شعور الإنسان ومن تحت كفالته من نساء وأطفال وبنين وبنات إذا أراد النقلة من بيت قديم إلى بيت جديد، تصور شعورهم يكادون أن يطيرون فرحًا، والعكس لو قدر عليه أنه سكن قصير منيف كبير، ثم اضطر لنقص في دنياه أن يرجع إلى دونه لا شك أنه يعلوهم الهم والغم والكآبة، والله المستعان، فكيف بالحياة الأبدية السرمدية التي يعرف الإنسان من نفسه أنه ما قدم شيئًا يستحق أن يذكر مقابل ما أعد الله من خير لأوليائه، والله المستعان.
قال ابن عبد البر: الذي أقول في معنى هذا الحديث ما شهدت به الآثار المرفوعة وذلك -والله أعلم- عند معاينة الإنسان ما يعاينه عند حضور أجله فإذا رأى ما يكره عند قبض الروح لم يحب الخروج من الدنيا ولا لقاء ما عاين مما يصير إليه، وإن رأى ما يحب أحب لقاء الله والإسراع إليه؛ لحسن ما يعاين من ذلك، هذا مشاهد في حياة الناس، الرجل المخلص في عمله، المتقن له، الذي يحبه المسئول ويقدره قدره ويحترمه ويجله هذا دافع له على أن يقول: متى يأتي بس وقت الدوام ليلتقي بهؤلاء الذين يقدرونه قدره ويحترمونه، والرجل المسيء في دوامه الذي يكرهه المسئول ويذمه ويسبه مثل هذا يتمنى بس الإجازات ومتى ينتهي الدوام؟ لا شك أن المحسن يترقب الجزاء والمسيء يترقب الجزاء، وكل على حسب جزائه، المحسن يرجو ثواب عمله ويتمنى الوصول إلى هذا الثواب، والمسيء لا شك أنه لا يتمنى أن يصل إلى هذا الثواب، تصور عبد آبق من سيده جيء به إلى سيده قهرًا منه، هل يرغب في مقابلة هذا السيد؟ لا يرغب أبدًا، لو بشر بموته وهو في الطريق من أعظم الأمور عنده، ومن أعظم البشارات، فعلى الإنسان أن يعمل في وقت السعة، أن يعمل من يسره أن يلقاه من عمل، سواء كان عملاً بدنيًّا أو لسانًا أو كتابة أو تأليفًا.
فلا تكتب بكفك غير شيء |
|
يسرك في القيامة أن تراه
|
فعلى الإنسان إن يعنى بذلك، إذا كان الناس يحرصون على أن تزيد أرصدتهم من حطام الدنيا فكيف بالرصيد الذي ينفعه فيه دار الإقامة؟!
"وحدثني عن مالك عن أبي الزناد... نعم؟
طالب:.......
يرغب إياه ومع ذلك إذا عاين هو يرغب في الازدياد، لكن مع إذا عاين ماذا يرى وراءه؟ نعم؟ إذا عاين ما أعد له يوم القيامة، ما هو متصور الذي عاين، وليس بمطمئن لما قدمه؛ لأنه خائف وجل إلى وقت المعاينة، فإذا عاين طار شوقًا إلى ما عاين، والله المستعان، نعم؟
طالب:.......
نعم، بلا شك، {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا} [(30) سورة فصلت] أما كراهية الموت فهو أمر جبلي معروف لا يريد الموت لا نبي ولا غيره، موسى -عليه السلام- لما جاءه ملك الموت صكه، فقأ عينه في الحديث الصحيح.
"وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((قال رجل لم يعمل حسنة قط)) هذا الرجل كما قيل اسمه: جهينة، قاله الحافظ وغيره ((لم يعمل حسنة قط إلا التوحيد)) كما في بعض الروايات، يقول: إن هذا الرجل هو آخر من يخرج من الجنة من النار، جاء في بعض الأخبار، حتى يقول أهل الجنة: عند جهينة الخبر اليقين، آخر واحد يعطيكم جميع الأخبار.
طالب:.......
اسمه، ليس من القبيلة، هو من بني إسرائيل، ليس من هذه الأمة، لكن هذا الرجل من الأمم السابقة، ليس من هذه الأمة ((لم يعمل حسنة قط إلا التوحيد))؛ لأنه لو لم يكن عنده توحيد يحصل له ما حصل؟ فغفر له {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ} [(48) سورة النساء] وصرح بذلك في بعض الروايات: أنه لم يعمل إلا التوحيد.
((قال رجل قط لم يعمل حسنة واحدة لأهله: إذا مت فحرقوه)) الأصل أن يقال هو المتحدث الآن، لكن الراوي والناقل يكره أن ينسب هذا الكلام له، وهذا من باب الأدب في الحديث، إذا كان الكلام مما لا ينبغي ذكره لا ينسبه الإنسان لنفسه، كما في حديث وفاة أبي طالب "فكان آخر ما قال: هو على ملة عبد المطلب" الأصل أن ينسب ذلك إلى نفسه، ومثل هذا لا يترتب على التصريح به فائدة، وإلا لو توقفت الفائدة عليه لا بد من التصريح، يعني في قصة ماعز الرواة كلهم يقولون: قال ماعز: يا رسول الله، إني زنيت، ما قالوا: إنه زنا؛ لأنه لا بد من الإقرار الصريح ونسبت الأمر لنفسه؛ ليثبت عليه الحد، هذا من أدب الخطاب ((إذا مات فحرقوه، ثم أذروا نصفه في البر ونصفه في البحر)) يعني يحرق ويسحق ويذر نصفه في البر ونصفه في البحر؛ ليكون حسب تصوره أبعد في إمكان جمعه، يعني لو جمع جميع حرق وذر في مكان واحد يعني أقرب إلى أن يقال له: يجمع فيجتمع، لكن إذا كان نصفه في البحر ونصفه في البر على حسب تصور هذا الرجل ((فو الله لئن قدر الله عليه)) المتبادر من اللفظ أنه من القدرة، وفي هذا شك من هذا بالقدرة الإلهية، كأنه شك في قدرة الله على جمعه، وقد اختلف العلماء في معنى قوله: ((لئن قدر الله عليه)) فقال بعضهم: هذا رجل جاهل بقدرة الله تعالى وعذر بجهله، والحديث في الصحيحين عذر بجهله، وقال بعضهم: قدر بمعنى قدّر من القدر، المراد فيه القضاء، لا من القدرة والاستطاعة، يعني لئن كان الله قدر علي أن يعذبني ليُعذبني عذابًا لا يعذب به أحدًا من العالمين من القدر، وقال بعضهم: لئن قدر الله علي من القَدْر وهو التضيق والتعسير، {وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} [(7) سورة الطلاق] يعني ضيق عليه، إن ضيق الله علي ليعذبني، {فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ} [(87) سورة الأنبياء] المقصود أن مثل هذه اللفظة اختلف فيها، على ما سمعنا قدِر من القدرة، قدر مخفف من قدّر، وقَدَر أي ضيق، والسياق يدل على الأول ((فلما مات الرجل فعلوا من أمرهم به، فأمر الله البَر فجمع ما فيه، وأمر البحر فجمع ما فيه، ثم قال: لِمَ فعلت هذا)) وفي هذا دليل أنه ينبغي أن يُسأل الجاني لِمَ فعلت، فقد يبدي عذرًا يعذر به، وقد يبدي شيئًا خفي على من اعتبره جاهلاً ((لِمَ فعلت هذا قال: من خشيتك)) نحن نقول: عذر بجهله، جهل القدرة، ((فقال: من خشيتك)) أولًا في هذا ما يدل على أنه مؤمن بالله -جل وعلا-، نعم أنكر القدرة أو جهل القدرة، مع أن بعض أهل العلم يقول: إنه عالم، هذا الرجل من العلماء، ويأخذ هذا من قوله: من خشيتك: و{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} [(28) سورة فاطر] فيقولون: هو من العلماء، ((من خشيتك يا رب وأنت أعلم، قال: فغفر له)) لكن في الخبر ما يدل على جهله، يعني إنكار القدرة الإلهية دليل على جهل عظيم، يعني كيف يتصور الرب -جل وعلا- بما يدل عليه من آيات وعبر، وكل ما يرى ويسمع يدل على قدرته -جل وعلا-؟ كيف يتصور منه أن يكون من العلماء ويجهل هذا القدرة؟ فإما أن يقال: هذا عذر بجهله واغتفر له وشفعت له الخشية العظيمة التي دعته إلى هذا، قد يقول قائل: إن هذا في شرع من قبلنا، وأما في شرعنا فلا يصوغ مثل هذا، يعني لو أن شخصًا من الجهال زاول معصية في غرفة مظلمة في جوف الليل ولا يراه أحدًا بعيدًا عن الناس ولو في برية مثلًا وقال: من يطلع علي وأنا في هذا المكان؟ هذا جاهل، هل يعذر من هذا الكلام؟ طيب من الذي دعاك إلى أن تنفرد عن الناس بعيدًا وتفعل هذا؟ قال: خشية الله -جل وعلا-، أنا أروح مكانًا بحيث لا يراني، هذا نظير ما في الباب، هذاك جهل العلم، وهذا جهل القدرة، أما من أنكر العلم فهذا لا شك في كفره عند أهل العلم، يبقى أنه هل يعذر في مثل هذه المسائل أو لا يعذر؟ الحديث دليل على العذر بالجهل في مثل هذه المسألة، وإن كانت المسائل عظامًا، فهل يعذر في مثل هذا؟ الحديث في آخره: ((فغفر له)) عذره، يعذر وإلا ما يعذر؟ الحديث دل على أنه غفر له، لكن الآن لو أنكر شخص أمرًا معلومًا من الدين بالضرورة القدرة الإلهية أحد يستطيع أن ينكر القدرة؟ أحد يستطيع أن ينكر إحاطة الله تعالى بجميع ما يمكن دخوله في حيز العلم؟ يعني الفلاسفة الذين قالوا: إن الله يعلم الكليات ولا يعلم الجزئيات، كفار باتفاق، كفروا بهذا، الشافعي يقول: ناظروهم بالعلم إن أنكروا كفروا، و إن أقروا به خصموا، إذا قلنا: إنه لا يعذر في مثل هذا مع غير الخشية، قلنا: إنه لا يعذر من الخشية؛ لأن وجود عمل صالح لا يشفع في عمل مكفر مهما كان، يعني لو كان شخص من أبذل الناس للمال في وجوه الخير، وعنده مكفر ما ينفعه {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [(65) سورة الزمر] المقصود أن الحديث دليل صريح على العذر بمثل هذا، نعم؟
طالب:.......
نعم، بلا شك، هنا شفعت له، لو كان العمل مكفرًا مثلًا هل ينفعه برهنه بهذه الخشية، أقول: توجه بهذه الخشية.
طالب:.......
أين؟
نعم، لكن أقول: لو كان هذا العمل مكفرًا مثلًا هل ينفعه ولو معتبرًا؟ دلنا هذا الحديث لنفع هذا القيد أن هذا العذر يعذر به، أن هذا الجهل يعذر به، وإلا لو كان لا يعذر به والأمر مكفر ما نفعه شيء، نعم؟
طالب:.......
نعم، هذا في حق مَن؟
طالب:.......
نبي من الأنبياء، {وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ} [(87) سورة الأنبياء] أهل العلم حملوه على أنه من التضييق لا نفي القدرة، نعم؟
طالب:.......
نعم، لكن القدرة وما في حكمها مما نفيه كفر.
يقول: "وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((كل مولود يولد على الفطرة))" كل حديث من أحاديث اليوم يحتاج إلى درس لكن نجمل –إن شاء الله تعالى- "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((كل مولود))" يعني من بني آدم، وإلا مقتضاه يشمل غيرهم، وقد اختلف السلف -كما قال ابن حجر- في المراد بالفطرة في هذا الحديث على أقوال كثيرة، وأشهر الأقوال أن المراد بالفطرة الإسلام، قال ابن عبد البر: وهو المعروف عند عامة السلف، وأجمع أهل التأويل على أن المراد بقوله تعالى: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [(30) سورة الروم] الإسلام، قال ابن القيم: ليس المراد بقوله: ((يولد على الفطرة)) أنه خرج من بطن أمه يعلم الدين؛ لأن الله يقول: {وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا} [(78) سورة النحل] نعم يعني هل الإنسان إذا خرج من بطن أمه يذكر العهد والميثاق {أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ} [(172) سورة الأعراف]؟ حتى ولو كبر يتذكر هذا؟ لا يتذكر هذا، ومثله هذه الفطرة لكنها شيء موجود في النفوس، ولكن المراد أن فطرته مقتضية لمعرفة دين الإسلام ومحبته، فالمراد أن كل مولود يولد على الإقرار بالربوبية، فلو خلي وعدم المعارض لم يعدل عن ذلك إلى غيره، وقيل: المراد بالفطرة أصل الخلقة، وهذا رجحه ابن عبد البر، لكن عامة أهل العلم على أن المراد بها الإسلام بدليل المقابل، يولد على الفطرة يعني على الإسلام، ثم بعد ذلك ((فأبواه يهودانه أو ينصرانه)) وفي رواية: ((يمجسانه)) وفي حديث عياض بن حمار: ((خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين)) ((فأبواه يهودانه)) أي يجعلانه يهوديًا ((أو ينصرانه)) يجعلانه نصرانيًا ((كما تناتج)) تناتج بالألف أي تولد، وفي البخاري: ((كما تنتج البهيمة)) قال ابن حجر: قال أهل اللغة: نتجت الناقة على هذا البناء على صيغة ما لم يسم فاعله، تنتج وأنتج الرجل ناقته إنتاجًا، فصيغته صيغة المبني للمجهول ((كما تناتج الإبل من بهيمة جمعاء)) مجتمعة لم يذهب من أجزائها شيء، وافية الأطراف ((هل تحس فيها من جدعاء؟)) مقطوعة الأنف أو الأذن أو شيء من الأطراف، جدع منها شيء؟ ما فيه، "قالوا: يا رسول الله أريت" يعني أخبرنا عن "الذي يموت وهو صغير" يعني لم يبلغ الحلم "قال: ((الله أعلم بما كانوا عاملين))" يقول الحافظ ابن حجر: الضمير لأولاد المشركين كما صرح به في السؤال، وأما أطفال المسلمين فنقل النووي الإجماع -إجماع من يعتد به من علماء المسلمين- أنهم من أهل الجنة، وتقدمت الإشارة إلى ذلك في حديث: ((ما من مسلم يموت له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله الجنة)) هذا تقدم يعني إذا كان بسببهم دخل الجنة فكيف يدخل بسبب من يدخل النار؟! وهذا تقدم.
"وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول: يا ليتني مكانه))" أي ميّتًا، قال ابن بطال: يغبط أهل القبور ويتمنى الموت، متى؟ عند ظهور الفتن، يقول: وإنما ذلك لخوف ذهاب الدين، وغلبت الباطل وأهله، وظهور المعاصي والمنكرات، الله المستعان، وهذا الحديث لا يعارض حديث النهي عن تمني الموت، فالنهي من أجل الضر الذي أصابه في بدنه أو من أجل تحسر على أمور الدنيا، هذا منهي عنه ((لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به)) أما إذا خيف على الدين فلا، فالفتنة أشد من القتل، والدين أهم من الحياة، يقول النووي: لا كراهة في التمني حينئذٍ، بل فعله خلائق من السلف، منهم عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز وغيرهما، فعلوا ذلك حينما خشوا على أنفسهما، فكيف بمن أحدقت به الفتن من كل جانب؟!
يقول -رحمه الله تعالى-: "وحدثني عن مالك عن محمد بن عمرو بن حلحلة الديلي عن معبد بن كعب بن مالك -هناك عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك وهنا معبد بن كعب بن مالك- عن أبي قتادة بن ربعي -وقتادة الأنصاري الحارث بن ربعي- أنه كان يحدث أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مُرّ عليه" يعني على الرسول -عليه الصلاة والسلام- بالبناء للمجهول، قال ابن حجر: ولم أقف على اسم المار ولا الممرور بجنازته "مُرّ عليه بجنازة فقال: ((مستريح ومستراح منه))" الواو هذه بمعنى (أو) التي للتقسيم.
خيّر أبح قسم بـ(أو) وأبهمِ |
|
................................... |
ثم قال:
................................... |
|
وربما عاقبت الواو................. |
يعني جاءت مكانها، فهنا الواو بمعنى (أو) ومعناها التقسيم، لكن ألا يمكن أن يكون شخص واحد مستريحًا ومستراحًا منه، يؤذي ويؤذى، مؤذي استراح الناس منه، يؤذى استراح هو، لكن استراح إلى ماذا؟ لأن الراحة نسبية؛ لأن المستريح من يستريح إلى الجنة، أما من يستريح إلى معاقبته بأذى هذا ليس بمستريح، "قالوا" يعني الصحابة يقول ابن حجر: ولم أقف على اسم السائل منهم بعينه "يا رسول الله ما المستريح والمستراح منه؟ قال: ((العبد المؤمن يستريح من نصب الدينا))" يعني تعبها، وفي رواية: ((من أوصاب الدنيا)) والأوصاب: جمع وصب، وهو دوام الوجع، وهو النصب أيضًا، بلفظه ومعناه، يعني بوزنه ومعناه، "العبد المؤمن" يقول ابن التين: يحتمل أن يريد بالمؤمن التقي خاصة، ويحتمل كل مؤمن، والفاجر يحتمل أن يراد به الكافر، ويحتمل أن يدخل فيه العاصي، قال الداوودي: أما استراحة العباد فلما يأتي به من المنكر، واستراحة البلاد فما يأتي به من المعاصي، فإن ذلك مما يحصل به الجدب فيقتضي هلاك الحرث والنسل، ((المؤمن يستريح من نصب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله -جل وعلا-)) وأذاها من عطف العام على الخاص، الأذى أعم من النصب والتعب ((والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب)) بفجوره لا شك أنه ينقطع أو يتأخر القطر من السماء الذي بسببه يجهد الناس، وتجهد الدواب فيستروحون من هذا، العبد المؤمن يستريح بنفسه، لكن الناس بحاجته، بحاجة إلى نفعه فهو مستريح، وأما الثاني الفاجر مستراح منه من أذاه سواءً كان المحسوس أو الذي يؤول إلى الحس.
"وحدثني عن مالك عن أبي النضر -سالم بن أبي أمية- مولى عمر بن عبيد الله -القرشي- أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما مات عثمان بن مضعون" بن حبيب القرشي الجمحي "ومُر بجنازته عليه -عليه الصلاة والسلام-: ((ذهبت ولم تلبس منها بشيء))" يعني مت ولم تتلبس من أمور الدنيا أو من أعراضها بشيء؛ لأن من تلبس منها بشيء لا بد أن يقع منه شيء، وفيه مدح الزهد في الدنيا، وذم الاستكثار منها، والثناء على المرء بما فيه، قد يقول قائل: إن بعض الصحابة تلبس بشيء من الدنيا، من ولي الولايات، ابن عباس -رضي الله عنهما- كما في صحيح مسلم لما جاء السائل يسأل ابن عمر وجهه إلى ابن عباس قال: ذلك رجل مالت به الدنيا ومال بها، لكن لا يعني أنها من كل وجه، قد يكون ميلان الدينا به شيء لا يذكر في جانب الحسنات، لا شك أن الزهد هو المطلوب وهو الأولى، لكن {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} [(32) سورة الأعراف] من أراد أن يستعمل المباحات له ذلك {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا} [(29) سورة البقرة] لكن لا يمنع أن يكون الزهد أكمل، لأن الإنسان لا يضمن نفسه.
هذا الحديث كما ترون عن أبي النضر أنه قال: قال: رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد وصله ابن عبد البر عن عائشة من طريق يحيى بن سعيد عن القاسم عن عائشة.
يقول: "وحدثني مالك عن علقمة بن أبي علقمة" بلال المدني مولى عائشة "عن أمه مرجانة" مولاة عائشة "أنها قالت: سمعت عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- تقول: قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات ليلة" يعني من عندها من فراشها "فلبس ثيابه ثم خرج، قالت: فأمرت جاريتي بريرة تتبعه" يعني من الشراح من قال: لتستفيد منه علمًا، قالت لبريرة: اتبعيه تستفيد منه علمًا، هذا قاله بعضهم، وقال آخرون: أرسلت الخادمة مخافة أن يمر ببعض حجر نسائه، يعني غيرة الضرات تقتضي هذا، نعم هو الظاهر، يعني في أثناء الليل تبغي توقظ الجارية: روحي استفيدي علمًا، يعني فيه بُعد، ما يلزم عائشة -رضي الله عنها- ليست معصومة, وإن ظنت بالنبي -صلى الله عليه وسلم- هذا الظن من غيرتها، ومثل هذا الباب يغتفر فيه ما لا يغتفر في غيره، إذا كان الباعث عليه الغيرة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- لم ينكر هذا؛ لأنه من حقها في نوبتها، وحصل من أزواجه -عليه الصلاة السلام- ما يحصل من الضرات "فأمرت جاريتي بريرة أن تتبعه، فتبعته حتى جاء البقيع فوقف في أدناه" الأقرب إلى بيوته -عليه الصلاة والسلام- "ما شاء الله أن يقف، ثم انصرف فسبقته بريرة فأخبرتني -نعم هذا يرجح المعنى الثاني- فلم أذكر له شيئًا حتى أصبح" لأنه ما صار مما تخافه شيء "ثم ذكرت ذلك له، فقال: ((إني بعثت إلى أهل البقيع لأصلي عليهم))" والصلاة كما قال ابن عبد البر: يحتمل أنها بالمعنى اللغوي الدعاء والاستغفار، وأن يكون صلاة شرعية كالصلاة على الأموات خصوصية لهم.
يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع أن أبا هريرة قال: أسرعوا" بقطع الهمز "بجنائزكم" يعني أسرعوا يحتمل أن يكون المشي بها لدفنها، فيمشى بها فوق المشي المعتاد بحيث لا يشق على المشيعين فهذا احتمال، ويحتمل أيضًا أن يكون الإسراع بها بجميع ما يتعلق بها من الإسراع في تجهيزها، يعني المبادرة بها، وقد جاء الأمر بذلك، تجهيزها والصلاة عليها، والمشي بها والدفن "أسرعوا بجنائزكم فإنما هو خير تقدمونه إليه" يعني تقدمون الميت إليه، أو تقدمونها الجنازة وهذا هو الأقرب والأقيس، لكن الخبر صحيح بهذا، فالمراد تقدمونه يعني الميت "إليه" أي إلى الخير "إن كانت صالحة، أو شر تضعونه عن رقابكم إن تكن سوى ذلك" يعني غير صالحة، والأمر عند الجمهور يعني للاستحباب عند جماهير أهل العلم، ونقل الاتفاق عليه، وصرح ابن حزم بوجوبه، بوجوب الإسراع، الحديث يقول: إن أبا هريرة قال: أسرعوا، هذا لفظه لفظ الموقوف، وله حكم الرفع، وقد صرح برفعه، مرفوع في الصحيحين، مصرح برفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، وفي الحديث ندب المبادرة بدفن الميت، لكن بعد تحقق موته، لا يجوز الإسراع ولا المبادرة به إذا كان فيه أدنى احتمال لحياته، ويذكر بعض القصص والحوادث أنهم أسرعوا في تجهيز بعض الناس فرأوه يتحرك في كفنه، ومنهم من وجد في الثلاجة يتغير الوضع، فمثل هذا لا يجوز بحال أن يبادر بالحكم عليه بالموت حتى يقع اليقين بموته، يقول ابن حجر: وأما مثل المطعون والمفلوج والمسبوت -يعني المصاب بغشية- فينبغي ألا يسرع بدفنهم حتى يمضي يوم وليلة فيتحقق موتهم، نبه على ذلك ابن بزينة، يعني لا شك أن بعض الأموات تكون موتته احتمال يعني يغلب على ظن الطبيب يأتي بالآلات ويقيس النبض، ويقيس ما يطلب قياسه فيحكم بذلك، لكن يتبين أن الأمر على خلاف ذلك، فمثل هذا إذا قام الاحتمال لا يجوز الإسراع بدفنه، الإسراع بتجهيزه، حددوا يوم وليلة لكن الشيخ ابن باز -رحمه الله- في تعليقه على فتح الباري يقول: التحديد باليوم والليلة فيه نظر، والأولى عدم التحديد، بل يرجع إلى العلامات الدالة على الموت، فمتى ما وجد منها ما يدل على يقين الموت اكتفي بذلك وإن لم يمض يوم وليلة، والله أعلم.
لا شك إذا وصل الأمر إلى حد اليقين، ما الداعي إلى الانتظار؟ وعلى هذا ينبغي أن يوكل تحديد الوفاة والقطع بها إلى لجنة، ما يترك الأمر لواحد؛ لأن بعض الناس من طبعه العجلة، يجزم من غير دليل على الجزم، فإذا كانت لجنة جزموا بأنه مات فقد مات، إذا وجدت العلامات القطعية، نعم؟
طالب:.......
شر تضعونه عن رقابكم نعم، وهو منصوص عليه في الحديث، نعم؟
طالب:.......
القتال، يعني يجهز ويدفن؟ هو الإشكال.... نعم؟
طالب:.......
نعم، تجهيزه؟ على كل حال الدفن في القتال له ظروفه سواء كان من المسلمين أو من الكفار له ظروفه، القتال قد لا يتمكن المسلمون من دفن قتلاهم، وقد لا يتمكن الكفار من دفن قتلاهم، هذه أمور تترك لظروفها، لكن في الظروف العادية الإسراع مطلوب.
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أولًا: ليس في البدع ما يستحسن، والحديث جاء بأن كل بدعة ضلالة، ما الذي جاء في آخر الحديث؟ ما فيه إلا حديث التهليل.
طالب:.......
لا ما يقصد هذا، ما يقصد شيء جاء في الروايات، لا هو يقصد في حديث التهليل، لعله يقصد في حديث التهليل وجاء فيه أو زاد، هذا هو موجود آخر شيء، مثل هذا لو لم يرد تقريره من النبي -عليه الصلاة والسلام- لقلنا: إنه غير مشروع في هذا الموطن، وإن كان ذكرًا صحيحًا أو حديث صحيحًا، لكن تخصيص الموطن يدل على عدم المشروعية، لكن اكتسب المشروعية من إقرار النبي -عليه الصلاة والسلام-، هو له أن يستند إلى حديث أو زاد، يمكن الذي يشكل على قوله: أو زاد.
طالب:.......
من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له... إلى آخره، كانتا حرزًا من الشيطان، ولم يأتِ أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك، هذا الذي يشكل على الأذكار المحددة، هل معنى هذا من قال: "سبحان الله وبحمده مائة مرة حطت عنه خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر، وإن زاد كان أفضل، يعني مثل ما جاء في معنى لا إله إلا الله؟ أو نقول: هذا خاصة بلا إله إلا الله والأذكار محددة بعدد محدد أو بوقت معين أو في مكان أو في موضع لا يتعدى ما وضع له شرعًا؟ هذا هو الأصل، لكن في حديث: ((من قال: لا إله إلا الله)).. وفي آخره: ((إلا أحد عمل أكثر من ذلك)) يدل على أن الزيادة لا شك أنها استكثار من الخير وهي أفضل في مثل هذا الموضع، على ألا يظن الإنسان أن ما عمله أكمل وأفضل مما وجه به النبي -صلى الله عليه وسلم-، لعلنا نكتفي بهذا.
طالب:........
"ولوالديه" ما وردت في هذا الموطن، فينبغي ألا تقال، لكن إن دعا لهم في السجود أو بعد الاستعاذة بالله من أربع تخير من المسألة ما شاء، ودعا لنفسه ولوالديه ما أحب فالأمر فيه سعة، لكن بين السجدتين يقتصر على الوارد؛ لأنه ليس مواطن الدعاء المطلق مثل السجود وقبل السلام.
هذه العلة التي من أجلها حرم الخمر {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ} [(91) سورة المائدة] إذا توافرت هذه العلل فهي محرمة.
على كل حال من جاء إلى الصلاة قاصدًا إليها وكبر تكبيرة الإحرام هذه النية، قاصدًا الصلاة، ما يحتاج يقول: نويت صلاة الظهر، نويت كذا أبدًا.
طالب:.......
هو مميز لها نعم إذا خطر بباله خلاف الفرض القائم لا بد من الإعادة؛ لأنه ليس له إلا ما نوى، الكلام إذا نوى خلاف الفرض الذي هو بصدده، جاء مثلًا لصلاة المغرب وفي ذهنه أنه قد صلى المغرب، نعم واهمًا ثم دخل مع الإمام على أساس أنه يصلي العشاء وقد صلى المغرب على وهمه وهو ما صلى المغرب، أو العكس هو ما صلى المغرب وجاء والإمام في صلاة العشاء وهذه واقعة هو صلى المغرب، ونسي أنه صلى المغرب، فجاء والإمام يصلي العشاء فظنه يصلي المغرب، فلما قام إلى الرابعة جلس، هذه نيته خلاف الفرض المطلوب، فعلى هذا لا بد أن يعيد الصلاة، ما نقول: إذا سلم الإمام ثم إذا تذكرت تأتي بركعة، المسألة متصورة؟ هذا صلى المغرب ونسي أنه صلى المغرب، وهذا يحصل أحيانًا، ثم جاء والإمام يصلي العشاء فظنه يصلي المغرب فدخل معه، لما قام إلى الرابعة الإمام جلس مُصِر إلا أنها المغرب، وهذه واقعة، فجلس مع سلام الإمام تذكر أنها العشاء، هل يأتي بركعة أو يأتي بالصلاة كاملة؟ يأتي بالصلاة كاملة.
على كل حال هو مطالب بأن يكرههم وأن يبغضهم بغضًا شرعيًّا، كونه يحب الزوجة التي أباح الله له نكاحها محبة جبلية هذا لا ينافي المحبة الشرعية، توجد المنافاة لو أمرته بشيء يعوقه عن تحقيق أمر الله -جل وعلا-، أو أمرته بشيء يتضمن معصية أو نهيته عن طاعة، فإن قدم رضاها على رضا الله -جل وعلا- يكون قد أحبها حبًّا محرمًا، أما كونه يميل إليها الله الذي جعل بين الزوجين مودة ورحمة.
على كل حال مثل هذه العلاقات المشبوهة وسائل لما وراءها من محرمات، فعلى الإنسان أن يقطع هذا الباب ويوصده بالكلية.
القصد من التحية السلام، فكأنه قال: سلامي.
لا بأس بها -إن شاء الله تعالى- لأنها تحجب ما وراءها، وتحدد موضع المصلي، يُعرف أنه يصلي، فلا بأس في ذلك -إن شاء الله تعالى-، ما لم تكن هذه المصاحف وضعت على هيئة أو فيها رسوم ونقوش وكذا بحيث تشغل المصلي، فإذا سلمت من ذلك فلا بأس -إن شاء الله تعالى-، المقصود أنه لا يكون فيها وجه.
طالب:.......
لا، إذا صور حرام، ارتكب محرمًا، لا يصور الوجه أصلًا، ولو طمسه، ما فيه شك أن الطمس إقلاع عن الذنب، لكنه ارتكبه، لا يجوز له أن يرتكب ذنبًا وإن كان في نيته أن يقلع عنه.
على كل حال الفقهاء يستحبون أن يكون عصر الجمعة وفي المسجد؛ لأنه مكان فاضل، وزمان فاضل، لكن لا يلزم أن يكون في المسجد، ولا يعني أنه في المسجد أنه بدعة، الأمر فيه سعة يعني إن عقد في المسجد فلا بأس، وإن عقد خارجه فلا بأس.
لو تأخر الختان إلى قبيل البلوغ كفى -إن شاء الله تعالى-؛ لأنه لا يطالب به قبل وجوب الصلاة عليه، لكن كلما بادر به ليكون أسرع في البرء أولى.
سنة، نعم.
لا ليس له ذلك؛ لأنها هدية، ولا يجوز الرجوع فيها.
هو يقصد للتيمم، فالتيمم باب خاص بالوجه والكفين، وأما المسح على الكفين فباب آخر، يمسحان بالماء وليس بالصعيد، والذي يظهر أنه يريد المسح الذي هو التيمم وأما الخفين فوهم، ذكرهما وهم، لا يتصور أن الخفين يمسحان في التيمم، إنما يسأل عن الجدار هل يعتبر من الصعيد، إذا كان عليه غبار يعلق باليد فلا بأس، وأما إذا كان ليس عليه تراب ولا يعلق باليد منه شيء فالذي جاء في التيمم {وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ} [(6) سورة المائدة] والذي ليس عليه غبار يعلق باليد ولا يعلق باليد جزء من أجزائه لا يتصور أنه مسح الوجه واليدين والكفين منه شيء، فلا بد أن يكون عليه شيء، تصور مثلًا أن يكون ما على وجه الأرض رخام أو سيراميك مغسول ما عليه شيء مثل هذا ما يعلق باليد منه شيء، نعم؟
طالب:.......
الفراش في الغالب يصير منه شيء، أسهل من البلاط المغسول، على كل حال لا بد أن يكون منه شيء، لا بد أن يبقى منه أثر يمسح منه الوجه والكفان.
السائل من فرنسا، وهو من الذين يكفرون الناس والعلماء الذين لا يوافقونهم على هواه؟
تكفير الناس بغير برهان من الله -جل وعلا- ما لم يرتكب أمرًا محرمًا معلومًا تحريمه من الدين بالضرورة أمر خطير جدًّا، نسأل الله السلامة والعافية، فمن قال لأخيه: يا كافر إن كان ليس أهلًا لها صار على خطر عظيم منها، وهذه سيما الخوارج -نسأل الله السلامة والعافية- الذين يكفرون الناس بالذنوب، فعلى الإنسان أن يتقي الله -جل وعلا-.
السائل عليه أن يراجع ما كتبه ابن القيم -رحمه الله تعالى- في مفتاح دار السعادة عن الحكم والفوائد والمصالح العظيمة التي ترتبت على إهباط آدم من الجنة.
تعالجها بالرقية، وإن كان هناك من الأعشاب ما ينفع ثبت نفعه باطراد فهو سبب كالعلاج الطبي الحديث مثله، كلها أسباب.
إضافة أنه يمنع من السفر لا أقول: من دولته بل من محافظته، ويترتب عليه التعب في إيجاد عمل للتكسب منه وبعض المضايقات الكثيرة، فهل يجوز في هذه الحالة حلق اللحية؟
حلق الحية حرام، بل نقل الإجماع على أنه حرام، بل صرح جمع من أهل العلم أنه كبيرة من كبائر الذنوب؛ لأنه مجاهرة بالمعصية، وإصرار، ومخالفة للأوامر الصريحة من التوفير والإعفاء والإكرام للحية فهو حرام، حلقها حرام، لكن يبقى أن المكره معذور، وإذا كان معذورًا على أن يقول: كلمة الكفر تحت التهديد والإكراه {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [(106) سورة النحل] فمن حلقها تحت التهديد والإكراه فمعذور –إن شاء الله تعالى- ولا شيء عليه، لكن لا يعذر نفسه بظنون أو أوهام غير حقيقية، بل إذا غلب على ظنه أن يتعرض لمثل هذه الأمور، بل إذا تعرض لمثل هذه الأمور يكون مكرهًا، وإن ارتكب العزيمة وصبر وتحمل ما يناله بسبب محافظته على هذه الشعيرة فأجره أعظم –إن شاء الله تعالى-، إذا أمكنه أن يدفع مقابل وهذا لا يشق عليه ما يخالف، {لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلًا} [(98) سورة النساء] فإذا وجدت الحيلة للتخلص من فعل المحرم جيد.
الصلاة قبل وقتها لا تصح، الصلاة قبل وقتها باطلة لا تصح بحال، المقصود أنه يقول: عندهم يدخل الوقت ثلاثة عشر وخمسون دقيقة، وتبدأ الدروس قبلهم بثلث ساعة ويريد أن يصلي قبل بدء الدرس؛ لأنه إن أخرها بعد الانتهاء من الدراسة يمكن ما ينتهون إلا المغرب بعد، والله المستعان.
يقول: يبدأ الإخوة في صلاة الجمعة عند الساعة الثانية عشر وثلاثين دقيقة وينتهون منها عند الثالثة عشر وخمس دقائق فبين مكان الصلاة والجامع حوالي عشرين دقيقة فهل صلاة الإخوة....؟
أمر الجمعة أخف، أمر الجمعة أسهل إن صليت قبل الوقت صحت عند جمع من أهل العلم، وإن كان الجمهور على أن وقتها وقت صلاة الظهر، لكن من أهل العلم من يرى أن وقتها يبدأ بارتفاع الشمس مثل صلاة العيد، يعني تصح قبل الزوال، قبل وقت صلاة الظهر، فالجمعة أمرها أسهل لا سيما وقد قال به جمع من أهل العلم، أما بالنسبة للظهر فلا يجوز تقديمها عن وقتها بحال، لا يجوز تقديمها عن وقتها، ولا تضيع الصلاة من أجل دراسة أو لأي عذر من الأعذار، لا يمكن تضيعها إلا عذر قاهر من نوم طارئ، النائم مرفوع عنه القلم إذا بذل الأسباب واستبعد الموانع يعذر، مرض نعم يعذر، والمريض يصلي على حسب حاله، لكن الدراسة ليست بعذر في تقديم الصلاة ولا تأخيرها، هذا إذا تجاوزنا مسألة الإقامة في بلاد الكفر، بين ظهراني الكفار، أمور يعني ظلمات بعضها فوق بعض.
الاستخارة صلاتها مقصودة لذاتها فلا تدخل في الراتبة، وإن كان مقتضى قوله: من غير الفريضة مقتضى ذلك أنها تدخل، لكن هي مقصودة لذاتها.
الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- وعلى سائر الأنبياء على سبيل الاستقلال مشروع، ومن عدا الأنبياء إن كان على طريق التبع فلا بأس به، تقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وعلى صحبه لا بأس به، لا بأس على سبيل التبع، أما على سبيل الاستقلال فالمسألة خلافية بين أهل العلم، وعامة أهل العلم على أنه لا يصلى على غير الأنبياء، والعرف عند أهل العلم يخص الرب -جلا وعلا- بسبحانه أو جل وعلا أو عز وجل، فلا يقال للنبي -عليه الصلاة والسلام-: عز وجل، وإن كان عزيزًا جليلًا، لكن المسألة عرف، خص العرف العلمي الترضي بالصحابة والترحم على من بعدهم.
إن كانت الصور كاملة بالوجه هذا لا إشكال في تحريمها إضافة إلى كونه مـحدث يشتمل على محرم وهو تصوير ذوات الأرواح أما إذا خلا عن الوجه .. والصورة هي الوجه كما هو معروف، ما عدا ذلك ما له حكم تصور اليد تصور الرجل لا إشكال في ذلك، الصورة هي الوجه إذا خلا عن ذلك فلا شك أن التعليم باب من أبواب التحصيل وله أصل في السنة النبي عليه الصلاة والسلام علم الصحابة وأمرهم أن يصلوا كما رأوه فإذا أمكن بالتطبيق المباشر من المعلم فهو الأصل إذا لم يمكن فمثل هذه الوسيلة لا بأس بها إن شاء الله تعالى إذا خلت عن الوجه إذا خلت عن الوجه
حتى أنه أحيانًا يسلم الإمام ويلتفت للمأمومين وهو لا يزال في التشهد، فهل له في هذه الحالة أن يسلم ولو لم يقرأ التشهد علمًا أنه يغلب على ظنه أنه إذا فعل هذا فإن هذا الوسواس سينقطع ويخف عنه؟ ويطلب الدعاء من الجميع.
الله يصرف عنا وعنكم كل سوء، التشهد الأخير ركن عند أهل العلم، الصلاة على النبي ركن عند الحنابلة، التعوذ بالله من أربع سنة عند جماهير أهل العلم أوجبها بعضهم، لكن يبقى أنه التشهد الذي هو الركن والصلاة على النبي لا من الإتيان به قبل أن يسلم ولو تأخر بعد تسليم الإمام، إذا سلم الإمام صار في حكم المنفرد وأكمل التشهد وصلى على النبي –عليه الصلاة والسلام-، وتعوذ بالله من أربع وسلم؛ لأنه بهذا ينوى الانفراد عن الإمام ويكمل تشهده؛ لأن هذه أركان .
أما إذا عجز لأن بعض الناس يستطيع أن يصلي مأمومًا ولا يستطيع أن يصلي منفردًا، بحيث إذا نوى الانفراد وفصل عن الإمام لم يستطع أن يفعل شيئًا بالكلية، وهذا شيء مشاهد ممن ابتلي بهذا الداء، يطلب أحد أن يصلي به؛ لأنه لا يستطيع أن يصلي وحده، فمثل هذه الحالة إذا كان لا يستطيع يسقط عنه، لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها.
لا ليس لهذا، الملائكة لا تدخل هذه الأماكن، الكلام العادي يعني، أما الذكر معروف أنه لا يجوز في هذه الأماكن؛ تنزيهًا لله ولأسمائه، لا يجوز الذكر في هذه الأماكن، أما مجرد الكلام العادي فإن احتاج إليه فلا بأس، وإن لم يحتج إليه فأهل العلم صرحوا أنه يكره أن يتكلم وهو يقضي حاجته.
ليس لها أن تدخل المسجد، وقد جاء في الحديث الصحيح: "وليعتزل الحُيّض المصلى" هذا في الصحيحين من حديث أم عطية, وإن كان بعضهم وقفت على كلام لبعض أهل العلم يقول: إنها لئلا تضيق على المصلي، غير مطالبة بالصلاة فلا تضيق على المصلين، الأصل أنها تعتزل المصلى، نحن يهمنا هذا الأمر، وعلينا الامتثال.
معروف أن المذهب عند متأخري الحنابلة ما يتفق عليه الإقناع والمنتهى، فإذا اختلفا فالمنتهى أقعد بالمذهب.
يقول: أم يرجع للغاية؟ غاية المنتهى في الجمع بين الإقناع والمنتهى؟
صاحب الغاية له اختيارات وله توجيهات يتفرد بها، لكن لا شك أن المنتهى هو الأمتن في الباب، والأقعد في المذهب، فالذي تميل إليه النفس عندهم تقديم المنتهى عند الاختلاف.
على كل حال المسحور مصاب وهذه مصيبة له أجرها إن صبر واحتسب، وعليه بحلها بالطرق المشروعة بالأدعية والرقى المعروفة الجائزة، وأما حلها من قبل السحرة فلا يجوز؛ لأنه تعاون على الشرك، الساحر لن يحل هذا السحر إلا بشرك، لن يصل إلى ما يريد إلا بشرك، ولن يخدم أحدًا إلا بتقديم الشرك له، وعلى هذا لا يجوز التعاون معه على شركه؛ لأنه تعاون على الإثم والعدوان، فإذا كان مجرد تصديقه كفر، فكيف بالتعاون معه على هذا العمل الذي هو الشرك؟! بل عليه أن يصبر ويحتسب ويسلك الأسباب المشروعة.
الأصل في موقف المرأة مع الرجل أنها خلفه، خلف الرجل ولو كانت واحدة هذا هو الأصل، لكن لو صلت بجواره صحت صلاتها -إن شاء الله تعالى-.
هذا كلام صحيح.
-
كفارتها التوبة والاستغفار والإقلاع والندم.
إذا علم بأنها زائدة لا يجوز له أن يتابعه، ولو تابعه لبطلت صلاته، فعليه أن يجلس ثم يأتي بالركعة التي فاتته؛ لأن الركعة الزائدة لا يدرك بها شيء؛ لأنها ركعة باطلة.
طالب:.......
إذا لم يعلم لا بأس -إن شاء الله-، إذا نوى الانفراد عن الإمام يقوم يأتي بما فاته، لكن الأصل أنه في الصلاة الصحيحة أنه يجلس للتشهد مع الإمام، فهل ينتظر الإمام حتى يجلس لتشهده، فإذا سلم جاء ليكمل صلاته؟ أو نقول له: انوِ الانفراد من الآن ما دام الإمام قام إلى ركعة زائدة باطلة؟ انوِ الانفراد من الآن وبعدين كمّل، لكن الأصل أنه ينتظر سلام الإمام ثم يأتي بما فاته.
طالب:.......
لو انفرد لا بأس، يعني قيام الإمام إلى ركعة باطلة يبرر له القيام، لكن لو شخص ما قام الإمام جلس للتشهد قال: أبغي الانفراد وآتي بالركعة الفائتة نقول له: لا، لا بد أن تجلس حتى يسلم الإمام.
هو موجود يتداوله الإخوة في مكاتب الدعوة يوزعونه، وطبع معه بعض الفوائد من المسائل العقدية والأحكام الفقهية باختصار ما ينفع عامة الناس، وعلى كل حال هو كتاب طيب.
الأصل أن المرأة تبقى مع زوجها في بيت الزوجية هذا هو الأصل، لكن هذا يريد أن ينقلها من بلد أهله مسلمون إلى بلد كفار، فمن هذه الحيثية لو بقيت في البلد الأصلي كان أولى، وإذا كان لا يأمن عليها الفتنة في بلدها الأصلي، ورأى أن ارتكاب سفرها إلى بلد الكفار أخف، ورأى أن المصلحة في انتقالها فارتكاب أخف الضررين مقرر شرعًا.
هذا كبر للإحرام بدون إقامة ثم تذكر فقال بصوت منخفض: لم نقم، من يخاطب؟ من حوله، ثم تذكرت أني قد كبرت فأكملت صلاتي، هذا تكلم في الصلاة إن كان ساهيًا أو غافلًا لا بأس -إن شاء الله تعالى-، وإن كان قاصدًا عامدًا فقد بطلت صلاته، عليه الإعادة.
الإطلاق ((ثم يدعو بما أحب وبما يشاء)) ((أكثروا فيه من الدعاء)) ما فيه تقيد بأمور الدين، فيشمل خير الدنيا والآخرة.
((لا يزال الجهاد حلوًا خضرًا ما قطر القطر من السماء، وسيأتي على الناس زمان يقول القراء منهم: ليس هذا بزمان جهاد، فمن أدرك ذلك الزمان فنعم زمان الجهاد)) قالوا: يا رسول الله أو أحد يقول ذلك؟ قال: ((نعم، من لعنه الله والملائكة والناس أجمعون)) ما صحة هذا الحديث؟
أنا لا أعرف درجته، والغالب أنه ما يتفرد به ابن عساكر أنه ضعيف.
وما نمي لعق وعد وخط وكر
....................................
هذا ابن عساكر.
....................................
ومسند الفردوس ضعفه شهر
هذه مواطن الأحاديث الضعيفة.
لا شيء في ذلك -إن شاء الله تعالى- ما لم يمد مدًّا يزيد فيه حروف زائدة؛ لأن هذه الألفاظ كيفيتها متروكة فكيف أديت صحت.