الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي (06)
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين.
اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين برحمتك يا أرحم الراحمين.
أما بعد:
قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه الجواب الكافي:
"وفي جامع الترمذي وصحيح الحاكم من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت {أَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [سورة الأنبياء:87] إنه لم يدع بها مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له». قال الترمذي : حديث صحيح.
وفي مستدرك الحاكم أيضا من حديث سعد رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- «ألا أخبركم بشيء إذا نزل برجل منكم أمر مهم، فدعا به يفرج الله عنه؟ دعاء ذي النون».
وفي صحيحه أيضا عنه أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يقول: «هل أدلكم على اسم الله الأعظم؟ دعاء يونس عليه السلام» فقال رجل: يا رسول الله، هل كان ليونس خاصة؟ فقال «ألا تسمع قوله تعالى: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ} [سورة الأنبياء:88] فأيما مسلم دعا بها في مرضه أربعين مرة فمات في مرضه ذلك أعطي أجر شهيد، وإن برئ برئ مغفورا له».
وفي الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقول عند الكرب: «لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات السبع، ورب الأرض، ورب العرش الكريم».
وفي مسند الإمام أحمد من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: علمني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا نزل بي كرب أن أقول: لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله وتبارك الله رب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين.
وفي مسنده أيضا من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ما أصاب أحدا قط هم ولا حزن، فقال: اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك اللهم بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو علمته أحدا من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي؛ إلا أذهب الله عز وجل همه وحزنه، وأبدله مكانه فرحا» فقيل: يا رسول الله، ألا نتعلمها؟ قال: «بلى ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها».
وقال ابن مسعود رضي الله عنه: ما كرب نبي من الأنبياء، إلا استغاث بالتسبيح."
لحظة.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هذا ما ذكره ابن القيم رحمه الله تعالى وهو من تتمة الكلام السابق فيما ورد عنه -عليه الصلاة والسلام- مما ترجى إجابته من الأذكار والأدعية فمثل هذا منه ما يسمى بالاسم الأعظم ومنه من الأذكار ما يقدَّم بين أدعية فيكون محقَّق الإجابة «دعوة أخي ذي النون لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين» يقول: «لم يدع بها مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له» والدليل على ذلك يؤيد هذا يؤيد ما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- قوله {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ} [سورة الأنبياء:88] الإنسان قد يغفل قد يغفل عن حكم منصوص عليه بالقرآن ولذا سأل الصحابي يا رسول الله أليونس خاصة؟ والجواب في القرآن الجواب في القرآن قد يغفل المسلم عما في القرآن وإن كان حافظا للقرآن الآيات التي تدل على وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام- قرأها الصحابة وحفظوها لكنهم غفلوا عنها يوم وفاته -عليه الصلاة والسلام- فلما قرأها أبو بكر كأنهم لم يسمعوها إلا الآن ولذلك قال الصحابي هل كانت ليونس خاصة؟ قال «ألا تسمع قوله تعالى {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ} [سورة الأنبياء:88]» ولذا سمع بعضهم من يقول أن قوم لوط أول من ارتكب هذه الفاحشة قال يا أخي هذه غريزة موجودة في البشر من البداية هذه غريزة في البشر من البداية والجواب في القرآن الجواب ماذا؟ {مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ} [سورة الأعراف:80] الجواب في القرآن لكن قد يغفل الإنسان عما في القرآن ولذا يوصي بعض أهل العلم ألا يكون حفظ القرآن مجردا كيف؟ يحفظ القرآن ومعه ما يعينه على الفهم والاستنباط في آن واحد يحفظ القرآن كل يوم حزب معيَّن ويراجع على هذا الحزب الذي يحفظه ما يعينه على الفهم والاستنباط بحيث يستحضر مع الحفظ ما يستنبط من القرآن وما يعينه على فهم القرآن وتدبر القرآن. في المستدرك يقول «ألا أخبركم بشيء إذا نزل به أمر مهم فدعا به يفرج الله عنه» يعني دعاء ذي النون هذا تقدم أما رواية الحاكم الأخيرة فهي ضعيفة شديدة الضعف. ثم جاء ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى فذكر دعاء الكرب وهو في الصحيحين وغيرهما «لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب العرش لا إله إلا الله رب السموات السبع ورب الأرض ورب العرش الكريم» وله ألفاظ منها ما في المسند «لا إله إلا الله الحليم الكريم» وهناك «العظيم الحليم» «سبحان الله وتبارك رب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين» هذا لفظ من الألفاظ الثابتة في دعاء الكرب واختلافها من اختلاف التنوع على ما سبقت الإشارة إليه أنه ينبغي للمسلم أن يحفظ جميع ما ورد في الباب باختلاف ألفاظها وأن يدعو بها كلها. في المسند أيضا من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «ما أصاب أحد قط هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك ابن عبدك» يعترف بالذل والافتقار إلى الله عز وجل «ابن أمتك ناصيتي بيدك» تتصرف فيَّ كيف شئت «ماضٍ فيَّ حكمك» قد كتبت علَيَّ قدرت علَيَّ وكتبت عليَّ وأنا في بطن أمي بل قبل ذلك التقدير العام «ماضٍ فيَّ حكمك عدل فيَّ قضاؤك أسألك اللهم بكل اسم هو لك» يتوسل إلى الله بأسمائه الحسنى «بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو علمته أحدا من خلقك» سواء بلغنا عن طريقه أو لم يبلغنا «أو أنزلته في كتابك» أو على لسان نبيك -عليه الصلاة والسلام- «أو استأثرت به في علم الغيب عندك» فيه دليل على أن الأسماء الحسنى لا يمكن إحصاؤها لأن منها ما استأثر الله بعلمه وأما حديث «إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا من أحصاها..» إلى آخره فتخصيصه بهذا الحكم لا يعني أنه لا يوجد غيرها ولذا قال «أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي» يعني أنسي آنس به إذا خلوت به آنس كما يأنس الناس بالربيع يتغذى ويتزود القلب منه كما يستفاد من الربيع ونور صدري بحيث يضيء القلب ويستنير بالقرآن بنور القرآن وجلاء حزني «وذهاب همي إلا أذهب الله عز وجل همه وحزنه وأبدله مكانه فرحا» هذا وعد من ممن لا ينطق عن الهوى وعد من الصادق المصدوق قد يقول قائل تنزل بنا الهموم والأحزان ونقول هذا الدعاء ومع ذلك يستمر الحزن والهم لا ينكشف أقول لماذا تخلف الأثر المرتب على هذا الدعاء لوجود مانع والموانع سبقت الإشارة إليها فعلى الإنسان أن يحرص أشد الحرص على أن تكون دعواته غير مصحوبة بموانع تتوافر أسبابها وتنتفي موانعها لتؤدي ثمارها فقيل يا رسول الله ألا نتعلمها؟ قال «بلى ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها» هذا أمر مهم ولا يوجد من من بني آدم من لا يصيبه الهم والحزن فعليه ببذل الأسباب التي جعلها الشرع أسبابًا مع نفي جميع الموانع التي تمنع من ترتب على الآثار على هذه الوعود وقال ابن مسعود ما كُرِب نبي من الأنبياء إلا استغاث بالتسبيح {فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى} [سورة الصافات:143-144] إلى ماذا؟ {إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [سورة الأعراف:14] فاستغاث بالتسبيح وما كُرب نبي إلا استغاث بالتسبيح والله المستعان.
كم..؟ باق وقت وإلا...؟
والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.