تعليق على تفسير سورة البقرة (79)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نعم.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسانٍ على يوم الدين.
قال الإمام ابن كثيرٍ –رحمه الله تعالى-: "{وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [البقرة:224-225].
يقول تعالى: لا تجعلوا أيمانكم بالله تعالى مانعةً لكم من البر وصِلة الرحم إذا حلفتم على تركها، كقوله تعالى: {وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النُّورِ:22] فالاستمرار على اليمين آثم لصاحبها من الخروج منها بالتكفير، كما قال البخاري: حدَّثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن همام بن مُنبِّه، قال: هذا ما حدَّثنا أبو هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «وَاللَّهِ لَأَنْ يلجَّ أَحَدُكُمْ بِيَمِينِهِ فِي أَهْلِهِ آثمُ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ أَنْ يُعطي كَفَّارَتَهُ الَّتِي افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ».
وهكذا رواه مسلمٌ، عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق به، ورواه أحمد عنه به.
ثم قال البخاري: حدَّثنا إسحاق بن منصور، قال: حدَّثنا يحيى بن صالح، قال: حدَّثنا معاوية، هو ابن سلام، عن يحيى، وهو ابن أبي كثير، عن عكرمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «مَنِ اسْتَلَجَّ فِي أَهْلِهِ بِيَمِينٍ، فَهُوَ أَعْظَمُ إِثْمًا، لَيْسَ تُغْنِي الْكُفَّارَةُ»".
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد...
ففي قول الله –جلَّ وعلا-: {وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأيْمَانِكُمْ} [البقرة:224] هذه الآية فيها النهي عن الاستمرار باليمين إذا كان غيرها خيرًا منها، كما في الحديث المتفق عليه «إنِّي واللهِ لا أحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ، فأجد غيرها خَيرًا مِنْهَا إِلا كَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي، وَأَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ» فإذا كان الذي هو خير أفضل مما حلف عليه فالتكفير أفضل، وحينئذٍ يدفع الكفارة، ويأتي الذي هو خير، أو يأتي الذي هو خير، ثم يُكفِّر عن يمينه؛ لأنه جاء الحديث بهذا وبهذا، فسواءً كان التكفير بدفع الكفارة قبل الحنث أو بعده جاء ما يدل على هذا وهذا.
وهو موافقٌ للقاعدة عند أهل العلم أنه إذا وجِد سبب ووقت فإنه لا يجوز فعل الشيء قبلهما، لا يجوز أن تدفع كفارة، وتقول: إذا حلفت فيما بعد تكون هذه الكفارة لهذه اليمين؛ لأنه قبل السبب والوقت، ويجوز فعلها بين السبب والوقت، فإذا انعقدت اليمين وأردت أن تأتي الذي هو خير على خلاف ما حلفت عليه يجوز لك أن تبذل الكفارة ثم تأتي الذي هو خير، ويجوز أن تؤخِّر الكفارة عنهما عن السبب واليمين، وهذه قاعدة قررها أهل العلم ولها نظائر، يعني لها مسائل كثيرة منها هذا.
كون اليمين تعترض طريقك وتمنعك من فعل الخير هذا موضع النهي {وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا} [البقرة:224] فعلى المسلم أن يأتي الأبر والأتقى لله ولو اقتضى ذلك أن يُخالف ما حلف عليه بعد أن يُكفِّر.
{أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ} [البقرة:224] كل هذا خير، فعلى هذا مخالفة ما حلف عليه إذا كان هو الأبر والأتقى لله، ويتضمن الصلح بين الناس وهو خير {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء:128] كما قال الله- جلَّ وعلا-.
{وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة:224] سميع لأقوالكم، عليمٌ بأفعالكم ونياتكم، وقد يأتي الإنسان ويُظهر للناس أنه حلف على هذا اليمين بما يُظهر للناس أنه مريدٌ للخير، لكن الله أعلم بنيته، يحلف ما يذهب إلى زواج فلان من الناس من أقاربه، ويعتذر بما قد يُوجد أنه ليس بمُحقق أنه يُوجد شيء فيه مخالفة أو شيء من ذلك، وهو في حقيقة الأمر بينه وبين صاحب الزواج أو بينه وبين أبيهم منافسة أو شيء من أمور الدنيا، فهو لم يترك الذهاب إليه من أجل ما يُخشى من مُنكر، وإنما ترك الذهاب إليه؛ لما هو في نفسه على أصحاب المناسبة والعُرس شيء لاسيما إذا كانوا أقارب، الحضور صِلة، إجابة الدعوة واجبة في الأصل ما لم يكن ثَمَّ مُنكر، وهي أيضًا صلة رحم.
فالله –جلَّ وعلا- عليم بما يُكنه في نفسه؛ ولذا قال: {وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} [البقرة:224-225] لا يؤاخذكم الله باللغو لغو اليمين فيما يقوله الإنسان كما قالت عائشة: كقول الرجل: لا والله، وبلى والله، يُكثر من هذه الأيمان، لكن عليه أن يحفظ يمينه، ويحترم اليمين، ويُعظِّم الرب –جلَّ وعلا- ويُعظِّم اليمين بالله، لكن إذا لم يكن قاصدًا لهذه اليمين، وقلبه لم يكسب هذا اليمين، وقلبه لم يُعقِّد هذا الحلف فإنه لا يؤاخذ عليه، لكن إذا كان ذلك عهده وديدنًا له كل شيء باليمين، جميع أفعاله، فهذا لا ينبغي، هذا امتهان لاسم الله –جلَّ وعلا-، والأصل أن اليمين إنما شُرِعت لتعظيم الله {وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [البقرة:225].
يقول: "كقوله تعالى: {وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ} [النُّورِ:22]" نزلت في أبي بكر لما حلف ألا يُنفق على مِسطح بن أُثاثة الذي وقع فيما وقع فيه من حديث الإفك، فكان أبو بكر يُنفق عليه؛ لقرابته، فحلف أبو بكر ألا يُنفق عليه، وأبو بكر أي إنسان يحصل منه مثل هذا قدح في العِرض، يعني جِبلة مجبول عليها الإنسان أن يحصل في نفسه شيء من هذا، وإذا كان مُحسنًا عليه، ويُنفق عليه، وحلف ألا يُنفق عليه، لكن ماذا؟ تقديم مراد الله –جلَّ وعلا- على مراد النفس، وحظ النفس لا شك أن هذا هو الأتقى لله.
{وَلا يَأْتَلِ} [النُّورِ:22] ولا يحلف يعني الألية: اليمين {أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ} [النُّورِ:22] أبو بكر- رضي الله عنه- {أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ} [النُّورِ:22] مثل مِسطح {وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} [النُّورِ:22] يعني إذا قدمت ما يُريده الله –جلَّ وعلا- على ما تُريده نفسك وهواك ولو كان هناك مُبرر خالف النفس والشيطان واعصهما {أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} [النُّورِ:22] قال أبو بكر: بلى والله، نُريد أن يغفر الله، وأعاد النفقة على مِسطح.
يعني في موضوعٍ حساس مثل هذا فيه قذف، النفس البشرية لا تُطيق مثل هذا إلا بمشقة وإيمان قوي، ويحصل لهذا نظائر في حياة الناس، فالأمر ليس بالسهل، ولكن إيمان أبي بكر فوق ذلك -رضي الله عنه وأرضاه-.
"فالاستمرار على اليمين آثم لصاحبها من الخروج منها بالتكفير، كما قال البخاري" ثم قال: "حدَّثنا إسحاق بن إبراهيم" وهو الحنظلي المعروف بابن راهويه.
"قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمرٌ" وهو ابن راشد "عن همام بن مُنبِّه" والحديث المذكور من صحيفة همام بن مُنبِّه المشتملة على أكثر من مائة وثلاثين حديثًا هي جُمل وسيقت مساقًا واحدًا هذه الجُمل في مُسند الإمام أحمد في موضعٍ واحد؛ لأنها مرتبة على المسانيد في مُسند أبي هريرة، لكن البخاري ومسلم وغيرهما من الأئمة الذين يُصنفون على الأبواب، ويُريدون أن يستدلوا من كل جملةٍ بما تُفيد عليه من حكم فرَّقوها وضعوا كل جملة في مكانها المناسب، كل جملة من هذه المائة والثلاثين جملة فأكثر في مكانها المناسب.
وهنا يقول: "عن همام بن مُنبِّه قال: هذا ما حدَّثنا أبو هريرة عن النبي- صلى الله عليه وسلم-" وطريقة البخاري أن يأتي بالجملة الأولى من هذه الصحيفة، ثم يعطف عليها ما يُريد.
ومسلم يقول: فذكر أحاديث منها كذا وكذا، فيذكر ما يُريده.
"قال: «نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ»" يعني محمد وأمته، الآخرون بالنسبة للزمان، السابقون المتقدمون على غيرهم يوم القيامة «السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
"وقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-" هذا ما يُريده البخاري من هذه الصحيفة «وَاللَّهِ لَأَنْ يلجَّ أَحَدُكُمْ بِيَمِينِهِ» يستمر «بِيَمِينِهِ فِي أَهْلِهِ آثمُ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ أَنْ يُعطي كَفَّارَتَهُ الَّتِي افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ» فكونه يُكفِّر أفضل، فكونه يلج ويستمر ولا يُكفِّر ويصر على يمينه هذا آثم له عند الله؛ لأنه قد يكون المحلوف عليه خيرًا أو واجبًا من الواجبات أو فعل محظور من المحظورات لا شك أن هذا آثم.
طالب:........
ماذا؟
طالب:.......
كما قال البخاري.
طالب:........
لا لا "كما قال البخاري: حدَّثنا"
طالب:........
نعم هذا كلام ابن كثير، لكن "كما قال البخاري" يعني: قول البخاري متعلق فيما سيأتي لا فيما مضى.
طالب:........
البخاري هذه طريقته يأتي بالجملة الأولى؛ ليُبين لك أن ما سيأتي به من هذه الصحيفة المُصدَّرة بهذه الجملة.
من الطرائف ما قاله بعد الشُّراح «نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ» أن أول ما يوضع هذه الأمة آخر من يُدفن في الأرض، وأول من يُبعث، يقول: مثل ما تضع في إناء أشياء فآخر ما تضعه هو أول ما تأخذ، هذا الكلام صحيح، هم مدفونون بعضهم فوق بعض حتى تأخذ الأول؟ كلام غريب.
طالب:........
هو كما قال البخاري قال هكذا، ولو قال: كما في الصحيحين من غير ذكر الموضع نفسه وإرادة الموضع الذي هو من صحيفة همام لجاء بما يُريد.
طالب:........
ماذا؟
طالب:........
لا لا.
"وقال علي بن طلحة، عن ابن عباسٍ في قوله تعالى: {وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأيْمَانِكُمْ} [البقرة:224] قال: لا تجعلن عُرضةً ليمينك ألا تصنع الخير، ولكن كفِّر عن يمينك واصنع الخير".
طالب:........
أين «لَيْسَ تُغْنِي الْكُفَّارَةُ»؟
طالب:........
ثم قال البخاري؟
طالب:........
«مَنِ اسْتَلَجَّ فِي أَهْلِهِ بِيَمِينٍ، فَهُوَ أَعْظَمُ إِثْمًا، لَيْسَ تُغْنِي الْكُفَّارَةُ» كيف ليس تغني الكفارة؟
طالب:........
في بعض النسخ يعني في خاء يعني.
طالب:........
ماذا؟
طالب:........
النسخة الثانية عندك تُغني؟ كأن المراد ليس تُغنيه الكفارة إذا لم يبذلها وأمسكها واستمر في يمينه واستلج في يمينه، هذه الكفارة التي هي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم إلى آخر ما ذُكِر من خصالها ليست تُغنيه إذا أمسكها.
طالب:........
ماذا؟
طالب:........
لا، ليست تُغنيه يعني إذا قال: ما أنا مُكفِّر عن يميني، أبذل مائة ريال حتى أكفِّر عن يميني؟ لماذا أدفع مائة ريال؟ خلني على يميني، فهذه ليست تُغنيه، هذا المراد.
طالب:........
سريع.
طالب:........
المعنى أن الكفارة لا تُغني عن ذلك، وهناك روايةٌ أخرى «فهو أعظم إثمًا» ليبر يعني: الكفارة وهي من البر والمعنى ليترك اللجاج ويبر، ثم فسَّر البر بالكفارة.
يقول ابن حجر: "المراد أنه يترك اللجاج فيما حلف، ويفعل المحلوف عليه، ويحصل له البر بأداء الكفارة عن اليمين الذي حلفه إذا حنث"، ويرى ابن حجر أن هذه الرواية أوضح من (فتح الباري)، لكن كلامه الأول يعني أن الكفارة لا تُغني من ذلك، كيف ما تغني من ذلك؟ ليس له معنى.
طالب:........
ليس لها معنى، نعم.
"وكذا قال مسروق".
طالب:........
في أنها...
طالب:........
يعني كلام مُستأنف، تُغني الكفارة كلام مستأنف لا ارتباط له بالسابق.
على كل حال المعنى واضح.
"وكذا قال مسروقٌ، والشعبي، وإبراهيم النخعي، ومجاهد، وطاووس، وسعيد بن جبير، وعطاءٌ، وعكرمة، ومكحولٌ، والزهري، والحسن، وقتادة، ومقاتل بن حيان، والربيع بن أنس، والضحاك، وعطاءٌ الخراساني، والسُّدي –رحمهم الله- ويؤيد ما قاله هؤلاء الجمهور ما ثبت في الصحيحين، عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «إِنِّي وَاللَّهِ -إِنْ شَاءَ اللَّهُ -لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إِلَّا أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَتَحَلَّلْتُهَا»، وثبت فيهما أيضًا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لعبد الرحمن بن سمرة: «يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ، لَا تَسْأَلِ الْإِمَارَةَ، فَإِنَّكَ إِنْ أُعْطِيتَهَا مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا، وَإِنَّ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا، وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ خَيْرًا مِنْهَا فَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ»".
في البخاري أيضًا: «لَا تَسْأَلِ الْإِمَارَةَ فَإِنْها حَسْرَةٌ وَنَدَامَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَنِعْمَ المُرْضِعَةُ وبِئْسَتِ الفاطِمَةُ».
"وروى مسلم، عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ، وَلْيَفْعَلِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ».
وقال الإمام أحمد: حدَّثنا أبو سعيدٍ مولى بني هاشم، قال: حدَّثنا خليفة بن خياط، قال: حدثني عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَتَرْكُهَا كَفَّارَتُهَا».
ورواه أبو داود من طريق أبي عبيد الله بن الأخنس، عن عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «وَلَا نَذْرَ وَلَا يَمِينَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ، وَلَا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَلَا فِي قَطِيعَةِ رَحِمٍ، وَمَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَدَعْهَا، وَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، فَإِنَّ تَرْكَهَا كَفَّارَتُهَا»".
هذا مخالف لما تقدم من الأمر ببذل الكفارة للخروج من هذه اليمين، اللهم إلا إذا حُمِل على أنه لا نذر فيما لا يملك ابن آدم أنه يترك هذا النذر من غير كفارة، أو حلف على شيءٍ لا يستطيعه، أو على معصية تركها كفارتها.
طالب:........
عبد الله بن عمرو بن العاص؛ لأنه صرَّح به في مواضع، في أربعة مواضع أو خمسة في سُنن النسائي وغيره، قال: عن جده عبد الله بن عمروٍ، وإن كان الاحتمال قائمًا في هذه الضمائر تحتمل هذا وهذا، لكن المرجَّح أنه عبد الله بن عمرو؛ لأنه صُرِّح به، هذا عبد الله بن الأخنس أو عبيد الله بن الأخنس.
"ورواه أبو داود من طريق عبيد الله بن الأخنس، عن عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" إلى آخره.
هكذا في جميع النُّسخ؟
طالب: أبي عبيد الله.
أبي عبيد الله لا لا، عُبيد الله بن الأخنس، وهو من رواة البخاري، وذكرناه في مناسبات في الدرس أنه مما اختلف فيه قول ابن حجر في (فتح الباري) مع قوله في (التقريب).
قال في (التقريب): صدوقٌ، وقال ابن حبان: يُخطئ، وفي (فتح الباري) قال: ثقة، وشذَّ ابن حبان، فقال: يُخطئ، فرق بين الحكمين.
طالب:........
عبيد الله بن الأخنس.
طالب: أبي عبيد.
لا لا، عُبيد الله بن الأخنس.
طالب:........
نعم ولا في قطيعة رحم.
طالب:........
على كل حال الأحاديث المُحكمة في الصحيحين وغيرهما «فليُكفِّر عن يمينه، وليأتِ الذي هو خير».
وما قلنا في عبيد الله بن الأخنس واختلاف قول ابن حجر، ابن حجر وهو يتكلم عليه في (فتح الباري) ويقول: ثقة وشذَّ ابن حبان فقال: يُخطئ؛ لأنه بصدد الحديث على سندٍ في صحيح البخاري، ابن حجر في (فتح الباري) يتكلم على رجلٍ في سندٍ في صحيح البخاري، وحينما يتكلم عنه في (التقريب) يتكلم عنه في عموم روايته، لا في صحيح البخاري بالذات، لكن الفرق بين قوله: قال ابن حبان: يُخطئ بالجزم كذا، وبين قوله: وشذ ابن حبان، فقال: يُخطئ.
أما كونه يُوثَّق في سياق حديثٍ رواه الإمام البخاري يُوثَّق هذا هو الأصل، وكونه يُحكَم على جملة مروياته التي تُوبِع عليها، والتي لم يُتابع عليها، والتي عُرِف أنه حفظها وضبطها، والأحاديث التي حصل فيها منه ما حصل من خطأ، إذا نظرنا إلى هذا المجموع، وكونه يُحكَم عليه بأنه صدوق في جملة مروياته لا فيما رواه في صحيح البخاري فقط ما فيه ما يمنع أبدًا، هو على الراوي في (التقريب) وفي (الفتح) مقرونًا بروايته في صحيح البخاري، فرق بين هذا وهذا.
طالب:........
تكلم على الراوي مستحضرًا هذه الرواية التي أتقنها وضبطها.
طالب:........
أنا أقول: هذا الإشكال في كلام ابن حبان كونه يجزم قال ابن حبان: يُخطئ، وفي هذا الموضع يقول: شذ ابن حبان وقال: يُخطئ، هذا محل الإشكال، أما كونه يحكم عليه بأنه ثقة بصدد ما رواه في صحيح البخاري وصدوق في عموم مروياته ما فيه إشكال.
وضعَّف ابن لهيعة في مواضع من (فتح الباري) وقال عنه في (التقريب): صدوق، وحسَّن حديثًا رواه الإمام أحمد وفي سنده ابن لهيعة، يعني هو مثل ابن حجر على سعة اطلاعه على مرويات الراوي وإن كان من المتأخرين ويحكم بقواعدهم، لكن مع ذلك لديه استحضار، وهو ليس بمعصوم، قد يذهل.
طالب:........
وأنا قلت لك: أنه صدوق في جملة مروياته التي في البخاري، والتي في أبي داود، والتي عن عمرو بن شُعيب عن أبيه عن جده، والتي عن جميع مروياته مستحضرًا ما ضبطه وأتقنه وما تُوبِع عليه مع أحاديث أخرى كثيرة حصل فيها غفلة، وحصل فيها خلل ولم يُتابع عليها، فهذا مع هذا يُنتج هذه النتيجة، لا تستعجل.
وكونه روى في البخاري حديثًا ضبطه وأتقنه ووافق عليه الحُفاظ، ويحكم عليه بالثقة لروايته لهذا الأحاديث مقرونًا بهذا الحديث، هذا ما فيه إشكال من هذه الحيثية.
طالب:........
لا، ليس فيما بعد.
طالب:........
لا لا (التقريب) بعد الفتح، لكن في (التقريب) يحكم على عموم المرويات، وفي (الفتح) يحكم على الراوي وهو يستحضر هذه الرواية التي ضبطها وأتقنها، وخُرِّجت في الصحيح أصح الكتب، وطالب العلم لا بُد أن يُلم بهذه الأمور، لا بُد أن ينظر في هذه الأمور.
طالب:........
«لَا نَذْرَ وَلَا يَمِينَ» هنا في الحديث.
طالب:........
كذلك «فَإِنَّ تَرْكَهَا كَفَّارَتُهَا» على هذا الحديث، على هذا الحديث «فَإِنَّ تَرْكَهَا كَفَّارَتُهَا».
طالب:........
على نفس الحديث؟
طالب:........
الحكم واحد.
طالب:........
اثنين وعشرين.
يقول: "حسنٌ إلا قوله: ومن حلف فهو مُنكر" هذا حكم الألباني في الضعيف، والحديث في سُنن أبي داود، كتاب الأيمان والنذور، باب من حلف على طعامٍ لا يأكله.. الحديث عن المنذر بن الوليد، عن عبد الله بن بكار، عن عبيد الله بن الأخنس به، يعني الجملة الأخيرة منكرة، يعني ضعفها شديد، وينبغي أن يكون الأمر هكذا؛ لأنها معارضة لما في الصحيحين.
طالب:........
نعم «إِنِّي وَاللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ» يعني كونه استثنى.
طالب:........
هي تُستثنى في اليمين ما يلزمه الكفارة؛ لأنه إن فعل فقد شاء الله، وإن لم يفعل فالله –جلَّ وعلا- لم يشأ.
طالب:........
لا لا، مجرد الترك كفارة، وهناك «إِلا كَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي» لا، فيه فرق.
طالب:........
"ثم قال أبو داود: والأحاديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- كلها: «فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ» وهي الصحاح".
هذا تضعيف لهذه الرواية؛ لأن "وهي الصحاح" حصر، فمفهومه أن ما عداها ليس بصحيح، وما يتعلق بابن حجر والتقريب، ابن حجر أحكامه اجتهادية ينظر في مجموع ما قيل في الراوي مع النظر في أحاديثه، ثم يُصدر حكمًا منه، لو تنظر في الأقوال التي قيلت في الراوي عشرة أقوال أو أكثر من يُوثِّق، ومن يُضعِّف، ومن يتوسط وكذا، تجد ابن حجر ما يأخذ ولا قولًا من هذه الأقوال، إنما يعصرها وينظر فيها مُجتمعة، فيخرج بقول هو نتاج لجميع الأقوال بخلاف الذهبي في (الكاشف) وهو بقدر حجم التقريب، الذهبي لا، ما يقول هكذا، الذهبي ينظر في الأقوال، وينظر أنسب الأقوال لحال الراوي فينتقيه ويختاره من أقوال الأئمة.
طالب:........
هو كلٌّ له نصيب، يعني إذا أردنا التنظير عندنا تفسير الشيخ عبد الرحمن بن سعدي –رحمه الله- هو ينظر فيما قيل في معنى الآية أو معنى الكلمة من أقوال أهل العلم، ويصوغ بأسلوبه وطريقته ما فهمه من مجموع الأقوال كطريقة ابن حجر في (التقريب)، وإذا نظرنا إلى تفسير الشيخ فيصل بن مبارك (توفيق الرحمن) فإذا به ينتقي لفظًا مما قيل في الآية أو في لفظها كنظير قول الحافظ الذهبي في (الكاشف).
"وقال ابن جرير: حدَّثنا علي بن سعيدٍ الكندي، قال: حدَّثنا علي بن مِسهر، عن حارثة بن محمد، عن عمرة، عن عائشة قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ حَلَفَ عَلَى قَطِيعَةِ رَحِمٍ أَوْ مَعْصِيَةٍ، فَبِرُّهُ أَنْ يَحْنَثَ فِيهَا، وَيَرْجِعَ عَنْ يَمِينِهِ» وهذا حديث ضعيف؛ لأن حارثة هذا هو ابن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن، متروك الحديث، ضعيفٌ عند الجميع.
ثم روى ابن جريرٍ عن ابن عباسٍ، وسعيد بن المسيب، ومسروقٍ، والشعبي: أنهم قالوا: لا يمين في معصيةٍ، ولا كفارة عليها.
وقوله: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة:225] أي: لا يعاقبكم ولا يلزمكم بما صدر منكم من الأيمان اللاغية، وهي التي لا يقصدها الحالف، بل تجري على لسانه عادةً من غير تعقيدٍ ولا تأكيد".
التعقيد هنا عقد القلب عليها، وعقد القلب عليها بمعنى أن يقصدها، إذا قصدها وعقد القلب عليها هنا يؤاخذ.
طالب:........
أين؟
طالب:........
"ثم روى ابن جريرٍ عن ابن جُبير".
طالب:........
عن ابن جبير، سعيد بن جُبير، وسعيد بن المسيب، ومسروق، والشَّعبي.
طالب:........
القصد، قصده يقصد هذه اليمين.
"كما ثبت في الصحيحين من حديث الزُّهري، عن حُميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «مَنْ حَلَفَ فَقَالَ فِي حَلِفِهِ: وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى، فَلْيَقُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» فهذا قاله لقومٍ حديثي عهد بجاهلية".
يعني أخذت ألسنتهم على هذه اليمين بآلهتهم السابقة التي عاشوا عليها، وتداولتها ألسنتهم، فسهل عليهم أن يحلفوا باللات والعُزى؛ لأنهم حديثي عهد، في مقابل ذلك يقولون: لا إله إلا الله تكفر هذه اليمين.
لكن مسلم عاش في بلاد المسلمين، وما سمع كفارًا، ولا سمع أيمانًا، ولا سمع شيئًا يقول: واللات والعزى! أعوذ بالله، ما يكفي هذا عليه أن يتوب إلى الله –جلَّ وعلا- ويُقلع فورًا ولا يعود، ويندم على ما فعل؛ لأن الأمر خطير.
طالب:........
«لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ» جاء في الحديث الصحيح.
طالب:........
لا لا.
طالب:........
يقول: لا إله إلا الله، ولا يعود إلى ذلك، لكن ما هو بمثل من حلف باللات والعزى.
طالب:........
نعم، لكن ما عُذِروا في الجاهلية، ما عُذِورا أن يقول: ... مثل ما يدعيه بعض الناس أنه والله هذا شيء ما نقصده، ويحلفون بآبائهم، ويحلفون بأمورٍ أخرى، كما هو معلوم أمرهم أخف؛ لأنهم مسلمون، ومن يحلفون به قد يحلفون بأمرٍ مُعظَّم، يحلفون بالنبي –مُعظَّم شرعًا- يحلفون بالكعبة ما هم مثل من يحلف بصنم –نسأل الله العافية-، ومع ذلك شِرك أن يحلف بأبيه أو بالكعبة أو بالرسول، شِرك، والذي يُمثِّل دور كافر مثلاً، يُمثِّل دور كافر، وبناءً على ذلك يصنع ما يصنعه الكافر.
طالب:........
يُمثلون بأقواله وأفعاله –نسأل الله العافية- خطرٌ عظيم لا يجوز بحال، وإن كان ناقل الكفر ليس بكافر، لكن هذا ينقله وينسبه لنفسه متقمصًا شخصية هذا الكافر، هذا أمره عظيم، نسأل الله العافية.
طالب:........
ماذا؟
طالب:........
التمثيل بالتمثيلية يعقدون أو أن هذا الممثل يتزوج ممثلة ثانية أو كذا؟
طالب:........
هذا عبث بالأحكام الشرعية، نسأل الله العافية.
طالب:........
من هو؟
طالب:........
الذي ذهب إلى الكفار وفرَّق بينهم، هذا بإذنه –عليه الصلاة والسلام- بإذن الرسول –عليه الصلاة والسلام- مُشرِّع، لكن مع ذلك إذا كانت مصلحة راجحة في مثل هذا الأمر، رجحانها كبير على ما مفسدتها، فما فيه شك أن مثل هذا ينبغي ألا يكون به بأس.
طالب:........
وقع في النبي –عليه الصلاة والسلام-، ذم الرسول -عليه الصلاة والسلام-.
طالب:........
أذن له أن يتكلم فيه -عليه الصلاة والسلام-.
"فهذا قاله لقومٍ حديثي عهد بجاهلية قد أسلموا، وألسنتهم قد ألفت ما كانت عليه من الحلف باللات من غير قصد، فأُمِروا أن يتلفظوا بكلمة الإخلاص، كما تلفظوا بتلك الكلمة من غير قصد؛ لتكون هذه بهذه؛ ولهذا قال تعالى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [البقرة:225] كما قال في الآية الأخرى في المائدة: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأيْمَانَ} [المائدة:89].
قال أبو داود: باب لغو اليمين: حدَّثنا حُميد بن مسعدة الشامي، قال: حدَّثنا حسان -يعني ابن إبراهيم- قال: حدَّثنا إبراهيم -يعني الصائغ - عن عطاءٍ في اللغو في اليمين، قال: قالت عائشة: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «اللغو في اليمين هُوَ: كَلَامُ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ: كَلَّا وَاللَّهِ وَبَلَى وَاللَّهِ» ثم قال أبو داود: رواه داود بن الفرات، عن إبراهيم الصائغ، عن عطاءٍ، عن عائشة موقوفًا.
ورواه الزهري، وعبد الملك، ومالك بن مغول، كلهم عن عطاء، عن عائشة، موقوفًا أيضًا.
قلت: وكذا رواه ابن جريج، وابن أبي ليلى، عن عطاءٍ، عن عائشة موقوفًا.
ورواه ابن جرير، عن هنادٍ، عن وكيعٍ، وعبدة، وأبي معاوية، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة في قوله: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [المائدة:89] لا والله، وبلى والله.
ثم رواه عن محمد بن حُميد، عن سلمة، عن ابن إسحاق، عن هشامٍ، عن أبيه، عنها. وبه، عن ابن إسحاق، عن الزهري، عن القاسم، عنها. وبه، عن ابن إسحاق، عن ابن أبي نجيح، عن عطاءٍ، عنها".
وبه عن سلمة عن ابن أبي نجيح.
طالب:........
وبه عن سلمة، عن ابن أبي نجيح، عن عطاءٍ، عنها.
طالب:........
في نسخة: وعن إسحاق بدون ابن.
طالب:........
والذي عندنا عن سلمة.
طالب:........
ماذا؟
طالب:........
يقول: في خاء إسحاق، وهنا: وبه عن سلمة، عن ابن أبي نجيح، عن عطاءٍ، عنها، كأن الذي في الأصل الذي هو الطبري: سلمة وليس إسحاق.
طالب:........
الطبري.
طالب:........
هذا الكلام المخطوط عن إسحاق، وفي الطبري عن سلمة، هذا الكلام.
"وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عروة عن عائشة في قوله: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة:225] قالت: هم القوم يتدارؤون في الأمر، فيقول هذا: لا والله، بلى والله، وكلا والله يتدارؤون في الأمر لا تعقد عليه قلوبهم".
يعني يتدافعون الأمر، واحد يقول: جاء فلان؟ قال: لا والله ما جاء، قال الثاني: والله جاء، وهكذا يتدافعونه ويتدارؤونه بينهم، هذا من لغو اليمين لا يقصدون ما يترتب على ذلك.
طالب:........
هذا يُسمونه يمين الإكرام، يمين الإكرام لا كفارة فيه؛ لأن الأضياف حلفوا الأيمان لا يأكلون؛ حتى يأكل أبو بكر، وأبو بكر حلف ألا يأكل، فما أوجب عليهم الرسول –عليه الصلاة والسلام- لا هذا ولا هذا، ما أوجب عليهم كفارة، قالوا: يمين الإكرام التي يُقصد بها إكرام الطرف الآخر ما فيها كفارة، مثل الآن والله تأكل، والله ما آكل.
طالب:........
لكن لا إكرام.
طالب:........
لا لا، قالوا: ما فيها كفار يمين الإكرام ما فيها كفارة.
"وقد قال ابن أبي حاتم: حدَّثنا هارون بن إسحاق الهمداني، قال: حدَّثنا عبدة -يعني ابن سليمان-عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة في قول الله: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة:225] قالت: هو قول الرجل: لا والله، وبلى والله.
وحدَّثنا أبي، قال: حدَّثنا أبو صالح كاتب الليث، قال: حدثني ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة قال: كانت عائشة تقول: إنما اللغو في المزاحة والهزل، وهو قول الرجل: لا والله، وبلى والله. فذاك لا كفارة فيه، إنما الكفارة فيما عقد عليه قلبه أن يفعله، ثم لا يفعله.
ثم قال ابن أبي حاتم: وروي عن ابن عمر، وابن عباسٍ في أحد قوليه، والشعبي، وعكرمة في أحد قوليه، وعطاءٍ، والقاسم بن محمد، ومجاهدٍ في أحد قوليه، وعروة بن الزبير، وأبي صالح، والضحاك في أحد قوليه، وأبي قلابة، والزهري، نحو ذلك.
الوجه الثاني: قرئ على يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني الثقة، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة: أنها كانت تتأوَّل هذه الآية -يعني قوله: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة:225] وتقول: هو الشيء يحلف عليه أحدكم، لا يريد منه إلا الصدق، فيكون على غير ما حلف عليه.
ثم قال: وروي عن أبي هريرة، وابن عباسٍ في أحد قوليه، وسليمان بن يسار، وسعيد بن جبيرٍ، ومجاهد في أحد قوليه، وإبراهيم النخعي في أحد قوليه، والحسن، وزرارة بن أوفى، وأبي مالكٍ، وعطاءٍ الخراساني، وبكر بن عبد الله، وأحد قولي عكرمة، وحبيب بن أبي ثابت، والسُّدي، ومكحولٍ، ومقاتلٍ، وطاووس، وقتادة، والربيع بن أنس، ويحيى بن سعيدٍ، وربيعة، نحو ذلك.
وقال ابن جرير: حدَّثنا محمد بن موسى الحوشي.."
الحَرَشي.
حدثنا محمد بن موسى الحَرَشي قال: حدَّثنا عبد الله بن ميمون المُرالي، قال: حدَّثنا عوف الأعرابي عن الحسن بن أبي الحسن، قال: مر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقومٍ ينتضلون -يعني: يرمون - ومع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجلٍ من أصحابه، فقام رجلٌ من القوم فقال: أصبت والله، وأخطأت والله".
فرمى رجلٌ.
طالب:........
فرمى رجلٌ من القوم، فقال: أصبت والله.
"فرمى رجلٌ من القوم فقال: أصبت والله وأخطأت والله، فقال الذي مع النبي -صلى الله عليه وسلم- للنبي –صلى الله عليه وسلم-: حنث الرجل يا رسول الله، قال: «كَلَّا أَيْمَانُ الرُّمَاةِ لَغْوٌ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا وَلَا عُقُوبَةَ» هذا مرسلٌ حسنٌ عن الحسن.
وقال ابن أبي حاتم: وروي عن عائشة القولان جميعًا".
لكن مراسيل الحسن معروف أنها أضعف المراسيل.
"قال: حدَّثنا عصام بن رواد، قال: أنبأنا آدم، قال: حدَّثنا شيبان، عن جابرٍ، عن عطاء بن أبي رباح، عن عائشة قالت: هو قوله: لا والله، وبلى والله، وهو يرى أنه صادقٌ، ولا يكون كذلك".
يعني يحلف على غلبة ظنه، والحلف على غلبة الظن لا كفارة فيه، كما هو مقررٌ عند أهل العلم، الذي قال: والله ما بين لابتيها بيت أفقر منا، هو بحث عن البيوت بيت بيت حتى جزم أنهم أفقر من جميع البيوت في المدينة أو أنه على غلبة ظنه وصلوا إلى مرحلةٍ من الفقر يتصور أنه لا يُوجد أفقر منه؟ ولم يُؤمر بكفارة.
"أقوالٌ أُخر: قال عبد الرزاق، عن هشيمٍ، عن مغيرة، عن إبراهيم: هو الرجل يحلف على الشيء ثم ينساه.
وقال زيد بن أسلم: هو قول الرجل: أعمى الله بصري إن لم أفعل كذا وكذا، وأخرجني الله من مالي إن لم آتك غدًا، فهو هذا.
قال ابن أبي حاتم: حدَّثنا علي بن الحسين، قال: حدَّثنا مُسدد بن خالد، قال: حدَّثنا عطاءٌ، عن طاووس، عن ابن عباسٍ قال: لغو اليمين أن تحلف وأنت غضبان".
طالب:........
ابن.
طالب:........
هي عندنا: حدَّثنا مُسدد، قال: حدَّثنا خالد، وفي بعض النُّسخ: ابن خالد.
طالب:........
يدعو على نفسه، المقصود منه الحث والمنع، ما يُقصد به الحلف.
طالب:........
هو الحسن البصري، هو الحسن بن أبي الحسن.
"وأخبرني أبي، قال: حدَّثنا أبو الجماهر، قال: حدَّثنا سعيد بن بشير، قال: حدثني أبو بشر، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ قال: لغو اليمين أن تُحرم ما أحل الله لك، فذلك ما ليس عليك فيه كفارة، وكذا روي عن سعيد بن جبير.
وقال أبو داود: باب اليمين في الغضب.
حدَّثنا محمد بن المنهال، قال: أنبأنا يزيد بن زريع، قال: حدَّثنا حبيبٌ المعلم، عن عمرو بن شعيب، عن سعيد بن المسيب: أن أخوين من الأنصار كان بينهما ميراث، فسأل أحدهما صاحبَه القسمةَ فقال: إن عُدت تسألني عن القسمة، فكل مالي في ريتاج الكعبة. فقال له عمر: إن الكعبة غنيةٌ عن مالك، كفِّر عن يمينك وكلِّم أخاك، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «لَا يَمِينَ عَلَيْكَ، وَلَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ الرَّبِّ -عَزَّ وَجَلَّ-، وَلَا فِي قَطِيعَةِ الرَّحِمِ، وَلَا فِيمَا لَا تَمْلِكُ»".
«وَفِيمَا لَا تَمْلِكُ».
"وقوله: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} [البقرة:225] قال ابن عباسٍ، ومجاهد وغير واحد: هو أن يحلف على الشيء وهو يعلم أنه كاذب، وقال مجاهد وغيره: وهي كقوله تعالى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأيْمَانَ} الآية [المائدة:89]".
هذه يمينٌ غموس عند جمع من أهل العلم إذا حلف وهو يعلم أنه كاذب، اليمين الغموس عند أهل العلم لا كفارة فيها، وبعضهم يقول: لا تكون غموسًا حتى يقتطع بها مال امرئٍ مسلم، أما يحلف على شيءٍ ليس به اقتطاع مال امرئٍ مسلم ولو كان يعلم أنه كاذب هذه لا تُسمى غموسًا.
"{وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [البقرة:225] أي: غفور لعباده، حليمٌ عليهم".
اللهم صلِّ على محمد وعلى آله وصحبه.