شرح الموطأ - كتاب النكاح (4)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا حي يا قيوم.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-: باب جامع النكاح:
حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا تزوج أحدكم المرأة، أو اشترى الجارية فليأخذ بناصيتها، وليدع بالبركة، وإذا اشترى البعير فليأخذ بذروة سنامه، وليستعذ))
ذِروة، بكسر الذال بذِروة
أحسن الله إليك.
وإذا اشترى البعير فليأخذ بذروة سنامه، وليستعذ بالله من الشيطان الرجيم))
وحدثني عن مالك عن أبي الزبير
عندك الرجيم، عندك الرجيم، الرجيم موجودة عندك؟
أنا قلت الرجيم، نعم.
أحسن الله إليك.
المكي
وحدثني عن مالك عن أبي الزبير أن رجلاً خطب إلى رجل أخته فذكر أنها قد كانت أحدثت فبلغ ذلك عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه-، فضربه، أو كاد يضربه ثم قال: "ما لك وللخبر".
وحدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن القاسم بن محمد وعروة بن الزبير كانا يقولان في الرجل يكون عنده أربع نسوة، فيطلق إحداهن البتة: أنه يتزوج إن شاء، ولا ينتظر أن تنقضي عدتها.
وحدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن القاسم بن محمد وعروة بن الزبير أفتيا الوليد بن عبد الملك عام قدم المدينة بذلك، غير أن القاسم بن محمد قال: طلِقها
طلَقها.
قال: طلَقها في مجالس شتى.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال: "ثلاث ليس فيهن لِعْب
لَعِب.
أحسن الله إليك.
"ثلاث ليس فيهن لَعِب النكاح والطلاق والعتق".
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن رافع بن خديج أنه تزوج بنت محمد بن مسلمة الأنصاري، فكانت عنده حتى كبرت فتزوج عليها فتاة شابة، فآثر الشابة عليها فناشدته الطلاق فطلقها واحدة، ثم أمهلها حتى إذا كادت تحل راجعها، ثم عاد فآثر الشابة، فناشدته الطلاق فطلقها واحدة ثم راجعها، ثم عاد فآثر الشابة فناشدته الطلاق، فقال: "ما شئت إنما بقيت واحدة، فإن شئت استقررت على ما ترين من الأثرة، وإن شئت فارقتك؟" قالت: بل أستقر على الأثرة، فأمسكها على ذلك، ولم ير رافع عليه إثماً حين قرت عنده على الأثرة".
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب جامع النكاح:
يعني الأحكام التي لا تجتمع ولا تنطوي تحت الأبواب السابقة، أحاديث متفرقة لا يجمعها باب واحد.
قال -رحمه الله-: حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مرسل، والأمام مالك لا يلتفت إلى مسألة الوصل والإرسال؛ لأن المرسل عنده حجة، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا تزوج أحدكم المرأة، أو اشترى الجارية فليأخذ بناصيتها، وليدع بالبركة، وإذا اشترى البعير فليأخذ بذروة سنامه، وليستعذ بالله من الشيطان)).
إذا اشترى أو تزوج المرأة، اشترى جارية، يأخذ بناصيتها، ويدعو الله -جل وعلا- أن يهيئ له ويرزقه من بركتها، ويسأل الله -جل وعلا- أن تكون مباركة له، ويستعيذ بالله من شرها، إن كانت جبلت على شيء من الشر، يأخذ بناصيتها ويدعو بالبركة، وهذا أمر معروف جاءت به الآثار، ((وإذا اشترى البعير فليأخذ بذروة سنامه)) يعني أعلى سنامه، الذروة الأعلى، كما أن ذورة سنام الإسلام الجهاد في سبيل الله.
((فليأخذ بذروة سنامه وليستعذ بالله من الشيطان)) مناسبة الاستعاذة للإبل ظاهرة باعتبار أنها فيها شيء من الشيطنة، ولذلك نهي عن الصلاة في مباركها.
لما سئل، يعني جاء في الخبر أنه لما سئل عن الفرق بين مرابض الغنم، ومبارك الإبل، قال: ((صلوا في مرابض الغنم)) ما فيها إشكال، ولا يخشى شرها، بينما الإبل فيها شيء من الشيطنة، جاء في خبر ((أنها جن خلقت من جن))، ولذا يتوضأ من لحمها، بخلاف اللحوم الأخرى، وعلى كل حال يستعيذ بالله من شرها؛ لأنها جبلت على شيء من ذلك، والقصص والحوادث كثيرة في هذا الباب.
قال: وحدثني عن مالك عن أبي الزبير أن رجلاً خطب إلى رجل أخته، عن أبي الزبير أن رجلاً، الزبير محمد بن مسلم بن تدرس المكي، وهو مدلس، أن رجلاً خطب إلى رجل أخته فذكر أنها قد كانت أحدثت، يعني قاربت أو قارفت الفاحشة، قارفت الفاحشة، يعني زنت، فذكر أنها كانت قد، أنها قد كانت أحدثت، فبلغ ذلك عمر بن الخطاب، فضربه، أو كاد يضربه ثم قال: "ما لك وللخبر".
فدل على أن الإنسان يستر على نفسه، إذا فعل شيئاً من المنكرات يستتر بستر الله، وأن المرأة إذا حصل لها شيء من ذلك أنها لا تخبر الخاطب، وكذلك ولي أمرها لا يخبر الخاطب، ولا شك أن هذا يشتمل على شيء من الغش، لا يسلم من الغش؛ لأنه لو علم ولو بعد حين، ولو بعد حين، لا بد أن يحصل له ما يحصل من كدر أو فراق، سوف تتكدر عليه حياته، والغالب أن النساء ما تمسك السر، النساء لا بد أن ينفلت من لسانها شيء، ولو كان في هذا الأمر العظيم الذي فيه ضرر بالغ عليها.
على كل حال هذه المسألة مسألة واقعة، والسؤال عنها كثير، لا سيما مع كثرة الوقائع والحوادث، والفواحش في بلدان المسلمين، وهي أيضاً مسألة محرجة، وهي مترددة بين أمرين أحلاهما مر، فإن كتمت وكتم وليها عن الخاطب، فماذا عنه فيما إذا علم بعد، بعد الإنجاب، وعير بها، وعير أولاده بها؟ وإن أخبرت حرمت من الزواج، لن يقدم عليها إلا شخص إما افتتن بها، أو لا يهتم لمثل هذه الأمور، أو شخص عنده شيء من التبصر في أموره، ويقول: من تاب تاب الله عليه، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، لكن يبقى أن الأمور المتعلقة بالعرض لا يقدم عليها كثير من الناس، كثير من عقلاء الناس وأسويائهم، ولو حصلت التوبة، التوبة تهدم وتجب أثر المعصية، وقد تبدل السيئات حسنات، كما جاء في آية الفرقان، منها الزنا والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر، ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون، ومن يفعل ذلك يلق أثاماً يضاعف له العذاب إلا من تاب، إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات، ومن الفاحشة، لكن عموم الناس لا سيما من بقي على فطرته لا يقبل مثل هذه ولو تابت.
المقصود أن المسألة في غاية من الحرج، والتردد في الفتوى بالإخبار وعدم الإخبار لكل منهما آثاره السيئة، وما يترتب عليه، إن أخبرت جلست دون الزواج، وقد تعرض لفتنة، ومادام حصل منها هذا، ولن يقدم عليها أحد بزواج شرعي، وأيضاً الفتن كثيرة في هذا الزمان، قد لا تصبر عن مقارفة أخرى وثانية وثالثة، كما هو موجود في بعض من قارف هذا الأمر مرة أو مرتين يستمر عليه، هذا كثير فيمن حصلت منه هذه الفاحشة، فإن أخبرت حصل لها هذا، وإن لم تخبر صار في ذلك غش للزوج، وأيضاً فيه استمراء لهذه الفاحشة، إذا كانت تستر على نفسها، ويستر عليها وليها، ولا كأن شيئاً حصل، لا شك أن هذا يهون من أمر ارتكاب الفاحشة، لكن لو ألزم الناس بالإخبار، وجلس عدد من النسوة بهذه المثابة؛ لأنها قارفت عقوبة لها، وعقوبة لولي أمرها الذي لم يحفظها، صار في هذا شيء من الردع؛ لأنها إذا أرادت أن تقدم على الفاحشة قالت: لن أتزوج خلاص.
لكن هل من حصل منها هذا الشيء، أو من وليها لعظم المصيبة والداهية هل ينتظر فتوى في مثل هذا، حتى لو قيل له: لا تخبر، حتى لو قيل له: أخبر؟ قد لا ينتظر فتوى، يبي يسكت، وتسكت إن مشت الأمور وإلا طلق، وقيل بعد ذلك المرأة ثيب مطلقة، على كل حال هذه المسألة محرجة، ومسألة نازلة وقائمة، ومن المشايخ من يفتي بهذا، ومنهم من يقول: لا بد من الإخبار؛ لأنه غش، وأيضاً يحد من انتشار الفاحشة وشيوعها، فإذا تظافر هذا عدم الإخبار مع سهولة الإجهاض، مع سهولة الترقيع على ما يقولون، ما صار هناك رادع، فبعضهم يحزم في هذا الباب.
لما بلغ ذلك عمر -رضي الله عنه- ضربه أو كاد يضربه، ثم قال: "مالك وللخبر" وفي الحديث الصحيح: ((من أصاب من هذه القاذورات شيئاً فليستتر بستر الله)) ((فليستتر بستر الله، فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله)) وهذا فيه دليل لمن يقول بالاستتار، والستر، وعدم بيان ذلك للخاطب، وقيل: لا بد من الإخبار لما يتضمنه الكتمان من الغش، ويستدل من يقول بهذا، وهذا كلام لبعض المتقدمين، يستدل على ذلك بحديث: ((إذا زنت أمة أحدكم فليضربها الحد، فليجلدها الحد ولا يثرب عليها، ثم إذا زنت فليجلدها الحد ولا يثرب عليها)) ثم قال في الثالثة أو في الرابعة: ((فليبعها ولو بظفير)) لو بحبل، يبعها ولو بحبل، ولن تصل قيمتها إلى هذا الحد إلا إذا أخبر بعيبها، إذا أخبر مشتري بعيبها، لن تصل إلى هذا الحد، فدل على أن من حصل منه هذا الأمر منزلته تضعف عند الناس، ولا يلتفت إليه، لا في الزواج ولا في الشراء بالنسبة للإماء، والأمة مثل الزوجة؛ لأنها موطوءة، وعرضها عرض لسيدها، فبهذا الحديث يستدل من يقول: إنه لا بد من الإخبار، لا بد من الإخبار، يعني أيهما أسهل على الإنسان أن يتزوج المرأة فيجدها عمياء أو يجدها قارفة الفاحشة؟ عمياء أسهل، قد يصبر عليها ولا يرى في ذلك أدنى غضاضة، لكن لو علم بما حصل منها لا شك أنه الحياة سوف تكون مرة، وعلى كل حال المسألة اجتهادية، المسألة اجتهادية، يعتريها هذا وهذا، ولكل من القولين مصالحه، ومفاسده، فمن ترجحت عنده مصالح الكتمان لا سيما إذا صلحت المرأة، واستقام أمرها، فمثل هذه لو كتمت، أما امرأة ما تغير من وضعها شيء وسوف تبتلي زوجها بعد ذلك، قد تتزوج بشخص لا يعفها، لا يعفها، قد يتنازل ولي أمرها إلى أن يزوجها شخصاً لا يعفها، فيبتلى بها، نعم.
طالب:....
كيف؟
طالب:....
بالغش؟
طالب:....
لا شك أنه يرجع، مغشوش، هذا أشد من الغش بالعيوب.
قد يقول قائل: بالنسبة، هذا بالنسبة للمرأة، لكن ماذا عن الرجل؟ إذا حصل منه شيء هل يخبر من يخطب منهم أنه سبق أن قارف شيئاً أو لا يخبر؟ النساء شقائق الرجال، فإذا غش غش المخطوب منهم بنفسه، فنقول: الطرف الثاني له أن يغش، هل هناك من فرق بين الرجل والمرأة؟ نعم؟
طالب:....
الأصل أنه لا فرق، الأصل أنه لا فرق، لكن يبقى أن هناك فروق دقيقة، وهي أن العار اللاحق بالنسبة للمرأة اشد من العار اللاحق بالنسبة للرجل، هذه نظرة عموم الناس، وسائر المجتمعات.
الأمر الثاني أن الرجل قد يعيش مع المرأة العقود ولا يتكلم بكلمة، ولا يتكلم بكلمة، أما بالنسبة للمرأة فإذا استدرجت أخبرت، يعني هي أقل حفظ للسر من الرجل، المقصود أن مثل هذه اجتهادية، وكل مسألة يحكم عليها بما يحتف بها، وهما قولان بالنسبة لي متعادلان.
وكنت أصر على الإخبار؛ لأن شأنه عظيم يعني إذا علم الزوج وعلم أولاده، المسألة خطيرة جداً يعني، هذه أمور لا يحتملها كثير من الناس، كثير من الناس إذا، يعني أقول: بعض الناس إذا حصل لعرضه أدنى خدش اختل عقله، يعني لو وجد ابنته أو ابنه أو زوجته مع أحد يفعل بها الفاحشة، هذه كارثة بالنسبة لكثير من الرجال، فأمرها عظيم.
وعلى كل حال من يستفتى في هذه المسألة يتق الله -جل وعلا- وينظر في واقع الحال، وينظر أيضاً المصالح والمفاسد المترتبة على هذا، لا سيما وأن المسألة في كثير من البلدان التي تنتسب إلى الإسلام يعني صارت ظاهرة، يعني مما وقائع، مثل ما حصل في العهد النبوي خمس وقائع فقط لا تزيد، الآن يقع في الساعة نسال الله العافية، والفطر تغيرت، يعني ليلة سبعة وعشرين يوقف على أناس يزاولون الفاحشة من رمضان، يعني ما في رادع، لا دين، ولا، حتى ولا حزم من قبل من ولي الأمر على هذا، المسألة جد خطيرة.
قال: وحدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن القاسم بن محمد وعروة بن الزبير كانا يقولان في الرجل يكون عنده أربع نسوة، فيطلق إحداهن البتة: أنه يتزوج إن شاء، يتزوج إن شاء، يعني متى شاء، ولا ينتظر أن تنقضي عدتها.
لأنه في هذه الحالة ليس عنده إلا ثلاث، لكن لو كان الطلاق رجعياً انتظر حتى تنقضي العدة، وبعض الناس يتحايل لتقصير العدة فيخالع، يخالع واحدة منهن، فتستبرأ بحيضة ولا تحتاج أن تنتظر ثلاث حيض.
وعلى كل حال إذا كان الخلع بهذا القصد وبهذا الهدف يعني حيلة لإبطال العدة فإنها تعتد بثلاث حيض كما قال شيخ الإسلام -رحمه الله-.
قال: وحدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن القاسم بن محمد وعروة بن الزبير أفتيا الوليد بن عبد الملك عام قدم المدينة بذلك، بذلك يعني أنه لا ينتظر، أنه لا ينتظر؛ لأنه طلق البتة، غير أن القاسم بن محمد قال: طلَقها في مجالس شتى.
طلقها البتة في مجالس شتى، وعروة قال: طلقها البتة، هذا الفرق بينهما، وإذا كانت المرأة مبتوتة، أعني بائن بينونة كبرى لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، أو خرجت من عدتها بينونة صغرى، بأن تمت عدتها، له أن يتزوج، وله أن يتزوج قبل تمام عدتها إذا كان، إذا كانت البينونة كبرى، يعني ومثله الوفاة، إذا توفيت الرابعة يتزوج متى شاء، إذا طلقها البتة يتزوج متى شاء، إذا طلقها طلاقاً رجعياً ينتظر حتى تنقضي عدتها؛ لأنها ما زالت زوجة، لها أحكام الزوجة.
قال: وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال: "ثلاث ليس فيهن لَعِب" ليس فيهن هزل، كلهن جد، كما جاء في الخبر المرفوع، "النكاح والطلاق والعتق" وبعض الروايات: والرجعة، وجاء في هذا حديث مرفوع مخرج في السنن، وفي كلام لأهل العلم، فإذا قال الولي لشخص في مجلس على سبيل الهزل والمزح: زوجتك ابنتي، وقال ذاك: قبلت، خلاص ثبت النكاح؛ لأن العقود مبنية على الظاهر اللهم إلا إذا حصل أو دلت القرائن القوية أنه لا يقصد، أو أكره على ذلك، هذه مسألة أخرى، لكن إذا قال بطوعه واختياره: زوجتك، وقال: قبلت، ثبت النكاح، يعني يثبت موقوفاً على رضاها، لا بد أن ترضى، وكذلك الطلاق وإذا قال لعبده: أنت حر أو عتيق، ثم قال: أنا أمزح، ولست بجاد، كذلك، والحديث المرفوع لا يسلم من كلام لأهل العلم، وعلى كل حال ينبغي للإنسان أن يحفظ لسانه من أن يفوت عليه أمر لا يريده.
قال: وحدثني عن مالك عن ابن شهاب
وهذه أيضاً من القضايا العملية.
قال: وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن رافع بن خديج أنه تزوج بنت محمد بن مسلمة الأنصاري، هذه يحتاجها أهل التعدد، لا سيما إذا تقدم به السن، أو تقدم بزوجته السن، يقول: فكانت عنده حتى كبرت، ولا شك أن المرأة إذا كبرت قلة الرغبة فيها، قلة الرغبة فيها، وإن لم تقل رغبتها هي، لكن الرغبة فيها تقل.
تقدمت بها السن فتزوج عليها فتاة شابة، ما في مقارنة، تزوج عليها فتاة شابة، فآثر الشابة عليها، هذا أمر عادي جبلي هذا، يعني ما يردع عنه إلا الدين، وإلا النفس لا شك أنها تميل مع الشابة دون الكبيرة، فناشدته الطلاق فطلقها واحدة، لها أولاد، فتطلب الطلاق في هذه الصورة لا شك أن الغيرة توصلها إلى هذا الحد، ولا تصبر على مثل هذا التصرف، فطلقها واحدة، ثم أمهلها حتى إذا كادت تحل راجعها، لما بقي مدة يسيرة وتنقضي العدة راجعها؛ لأن المصلحة في بقائها، مصلحته هو، ومصلحتها هي في بقائها في عصمته، في بيتها عند أولادها، ثم عاد فآثر الشابة، ثم عاد فآثر الشابة، فناشدته، الأولى الطلاق فطلقها واحدة ثم راجعها كذلك، لما قربت العدة، هو يتركها حتى تقرب العدة لكي تراجع بنفسها، وتتنازل بطيب نفس منها، فإذا كادت العدة أن تنتهي راجعها مرتين، بقيت طلقة واحدة، ثم راجعها، ثم عاد فآثر الشابة، للمرة الثالثة، فناشدته الطلاق، فقال، الآن ما في خيار، ترى ما في رجعة، فقال: "ما شئت" تريدين الطلاق يكتب الآن، تريدين البقاء مع الأثَرة، أو الأثْرة يجوز هذا وهذا، فقال: ما شئت إنما بقيت واحدة، فإن شئت استقررت على ما ترين من الأثرة، وإن شئت فارقتك؟" اختاري، الآن ما في عاد مجال، انتهت الفرص، قالت: بل أستقر على الأثرة، ولا شك أن هذا من مصلحتها، إن لم تتأثر في دينها؛ لأن بعض النساء تتأثر، الغيرة عندها تصل إلى حد، إلى حد تأثم فيه، تخشى على دينها، فمثل هذه إذا فارقت أنسب لها، فقالت: بل أستقر على الأثرة، فأمسكها على ذلك، الآن خيرها بين أمرين يملك أحدهما، خيرها بين أمرين يملك أحدهما، ولم ير رافع عليه إثماً حين أقرت عنده على الأثرة" والتخيير شرعي، النبي -صلى الله عليه وسلم- خير نسائه، فإذا اختارت البقاء على هذه الحالة التي فيها شيء من عدم التعديل بين النساء، الأصل وجوب التعديل، الأصل وجوب التعديل فيما يملك مع أن الميل لا يمكن أن ينفك عنه، ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل.
إذا أراد أكثر من هذا، إذا قال: والله ما في قسم، تبي تجلسين في البيت، وعند أولادك، والنفقة والكسوة، والسكن وكل شيء على ما كان عليه، لكن ما في قسم، تجلسين وإلا الفراق؟ إذا قالت: أجلس خلاص ما عليه إثم، هذا بطوعها واختيارها، وهو يملك الخيار الثاني، يملك الخيار الثاني، ما الذي يلزمه بإبقائها، فإذا اختارت أن تبقى لا جناح عليه، لا جناح عليه حينئذ، قد يقول قائل: إن هذا ليس من العشرة بالمعروف، وهذا ليس من المروءة، وهذا، هذه أمور أخرى، لكن الكلام في الحكم هل يجوز أو لا يجوز؟ يجوز، وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً..... سودة لما رأت أن النبي عليه الصلاة والسلام كاد أن يطلقها، أو أراد أن يطلقها وهبت ليلتها لعائشة، بمجرد أن تبقى، فالمرأة الكبيرة التي أخذت من عمر زوجها، ومن شبابه، ومن فتوته، عليها أيضاً أن تقتنع، عليها أن تقتنع، لكن لها أيضاً أن تطلب الفراق، لها أن تطلب الفراق إذا كانت لا تطيق ذلك.
هذا في جانب الرجل قد يقول قائل: إن هذا ليس من المروءة، وهذا الخاتمة ليست بطيبة بين الزوجين بعد عشرة العقود، وامرأة قالت لزوجها بعد أربعين سنة: تصنع هذا؟ قال: والله لا أرى فيك عيب إلا الأربعين، العشرة أربعين سنة هي العيب.
على كل حال قد يحصل من المرأة مثل نظير هذا أو أشد، إذا ضعف الرجل أو افتقر لا شك أنها تضغط عليه، وتوجد، وتشترط عليه من الشروط ما كان بريء منها، فالمسألة من الطرفين، المسألة عرض وطلب، إذا زادت أسهم المرأة اشترطت، وإذا انخفضت اشترط هو، وعلى كل حال هذه مسألة معروفة، والآية كالصريحة في الباب، والخبر صريح.