التعليق على تفسير سورة القمر من تفسير الجلالين (02)
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فيقول المفسر -رحمه الله تعالى- في قوله: {كذبت عاد} [(18) سورة القمر] {كذبت عاد} "نبيهم هودا" يعني فعندما ذكر من الأنباء التي فيها المزدجر والادكار والاتعاظ ذكر منها قصة نوح مع قومه، وكيف أهلكهم الله -جل وعلا- بالغرق؟ أتبع ذلك بعاد قوم هود، وقصص القرآن في غاية الأهمية، معرفتها في غاية الأهمية بالنسبة لطالب العلم؛ لأنها ما سيقت من أجل المتعة ولا على أساس أنها قصص تاريخية واقعية يتسلى بها الناس، وإنما كما قال الله -جل وعلا- في أخر سورة يوسف:{لقد كان في قصصهم عبرة} [(111) سورة يوسف] لكن عبرة لمن {أولي الألباب} فطالب العلم وهو بصدد دراسة قصص القرآن عليه أن يجمع هذه القصص من القرآن، بدأ من قصة آدم -عليه السلام- فيجمعها من جميع المواطن في القرآن، قصة آدم يجمعها من القرآن كله، والحافظ ابن كثير -رحمه الله تعالى- في أول "البداية والنهاية " صنع ذلك.
قد يكتفي ببعض المواطن عن بعض التي يرى أنه ليس فيه زيادة وهذا الاكتفاء ليس بجيد، بل على طالب العلم أن يجمع أطراف القصة الواحدة من جميع القرآن؛ لأن هذه القصة تأتي مختصرة في موضع، تأتي مطولة في موضع أخر، تأتي متوسطة في موضع ثالث وهكذا، فالتصور التام لهذا القصة وتمام الإفادة من عبر هذه القصة إذا تصورت في المواطن كلها، والربط بين هذه المواضع في القصة الواحدة لا شك أنه ينير الطريق لطالب العلم، فيبدأ بقصة آدم وما حصل له من مبدأ خلقه إلى نهايته، يتصور تصوراً كاملاً لهذه القصة ويقرأ ما كتبه أهل العلم من الثقات كالحافظ ابن كثير مثلاً في هذه القصة؛ لأنه يجمع إلى ما جاء في القرآن ما جاء في الحديث والأثر، فقصص القرآن للحافظ ابن كثير مهم جداً بالنسبة لطالب العلم، مع أن طالب العلم عليه أن يستخلص هذه القصة في مواطنها المتعددة من القرآن بنفسه ولا يعتمد على أحد، وهذا أمر متيسر يعني القرآن يمكن الإحاطة به بآياته، وهو يقرأ يصنف القصص ما يتعلق بآدم يضعه في موضع واحد، ما يتعلق بنوح يضعه في موضع واحد، هود كذلك، صالح كذلك إلى آخره ليكون تصوره دقيق، ولا يقع فيما وقع فيه بعض من علق على فتح الباري، البخاري وقع فيه بالنسبة لقصص الأنبياء تقديم وتأخير، والحافظ ابن حجر يذكر عن أبي الوليد الباجي أن نسخة البخاري في هذا الموضع كانت غير محبوكة يعني غير مجلدة-أوراق-، فسقطت بعض الأوراق ووضعت في غير محلها وحصل التقديم والتأخير.
الذي علق على فتح الباري طبعة الكليات الأزهرية قال: وقدم البخاري قصة مدين نسيت والله بالضبط ليبين أن شعيباً هو نبي ثمود، يعني التقديم والتأخير الذي حصل؛ لأنه ذكر قصة شعيب بعد عاد، والأصل أن تكون متأخرة عنها يعني بعد عاد ثمود فقال: ليبين -رحمه الله- أن شعيباً هو نبي ثمود، وفي القرآن {وإلى ثمود أخاهم صالحا} [(73) سورة الأعراف] يعني يقع في مثل هذا الوهم الذي لا يقع فيه صبي، كله بسبب أنه ما تصور القصص على وجهها، وإلا في مثل هذا الخطأ لا يقع فيه أحد، نعم أوقعه في هذا الخطأ ما استصحبه من دقة الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في النظر والاستنباط والتحرير والترتيب، لكن مع ذلك هو بشر يعني كونه يقدم ويؤخر لا يعني أنه يقضى بكلامه على القرآن، أقول طالب العلم يجمع هذه القصص من جميع المواطن.
هناك كتاب اسمه: "تفصيل آيات القرآن" جمع فيه النظائر إلى بعض، لكنه الرجل ليس بمسلم وهذا الجمع إنما هو على حسب فهمه، فيه أيضاً لبعض المسلمين محاولات جمع للنظائر في القرآن، وموضوعات القرآن، لكن مع ذلك أنا لا أرتضي لطالب علم يريد المتابعة في هذا الطريق والسير على هذه المحجة أن يعتمد على غيره لا في القرآن ولا في السنة ولا في غيرها من العلوم، -يعني إذا تأهل لذلك- أم طالب المبتدئ لا يمكن أن يصنع شيئاً حتى يتأهل، لكن أنا أخاطب طلبة متأهلين لمثل هذا فما المانع أن يمشي على القرآن من أوله إلى آخره، يسجل هذه القصص في كراس، أو في أوراق ما يتعلق بآدم يجعله على حدة في جميع القرآن، ما يتعلق بنوح يجعله على حدة وهكذا إلى أن ينتهي من الأنبياء المسمين وغير المسمين، هذا بالنسبة للقصص، وقصص غير الأنبياء كثير في القرآن، ثم يأتي إلى الأمثال وأهميتها لطالب العلم؛ لأن الله -جل وعلا- قال: {وما يعقلها إلا العالمون} [(43) سورة العنكبوت]، لابد أن نعقل هذه الأمثال عن الله -جل وعلا- يأتي إلى هذه الأمثل ويصنفها، يأتي إلى أقسام القرآن، يأتي إلى أنواع كثيرة في القرآن لابد أن يكون طالب العلم على معرفة تامة بها؛ لأنه إن لم تكن العناية بكتاب الله فبأي شيء تكون، يستفيد أيضا من قصص القرآن فيما كتبه أهل العلم الثقات من المؤرخين، وأيضاً ما جاء في السنة يعني البخاري -رحمه الله تعالى- ذكر هذه القصص، ذكر الأنبياء، وذكر أحوال الأمم الماضية وأبدع في ذكرها، والاستنباط منها، والتراجم عليها -رحمه الله- إلا ما حصل من التقديم والتأخير الذي أشرنا إليه، -والله المستعان-.
الطبعة السلفية من فتح الباري رقموا الأبواب حسب التسلسل التاريخي، فتجده مثلاً قال: واحد، اثنين، ثلاثة، سبعة عشر؛ لأن هذا الباب متأخر جداً عن الذي بعده، ثم رجع إلى أربعة، خمسة، ثم رجع إلى ثمانية عشر، إلى آخره، يعني هذا الترتيب ينبغي أن يعتني به طالب العلم؛ لأن هذا على حساب الترتيب التاريخي، يعني كون طالب العلم يجهل هذه الأمور لا شك أنه نقص وخلل في تحصيله، نعم كثير من طلاب العلم يعتني بالأحكام الحلال والحرام وهي محل عناية؛ لأنه لا يستطيع أن يعبد الله -جل وعلا- على الوجه المأمور به حتى يعرف الحلال من الحرام.
العقائد أيضا رأس المال الفقه الأكبر يعتني بها طلاب العلم، ولله الحمد والعناية واضحة، السنة أيضا لها أهل ولها وجود، ولها من يعتني بها في متونها، وأسانيدها، وشروحها، التفقه منها هذا واضح ولله الحمد، لكن العناية بكتاب الله ليست على المستوى المطلوب اللآئق بكتاب الله، نعم يوجد من يتخصص بكتاب الله، ومن يتخصص بعلوم القرآن، لكن القرآن قاسم مشترك لجميع طلاب العلم، ما يقول: أنا والله متخصص بالسنة ما لي علاقة بالقرآن، هذا ما يمكن أن يقوله طالب علم أو العكس طالب علم متخصص بالقرآن يقول: ما لي علاقة بالسنة، ما يمكن أن يفهم القرآن إلا من خلال السنة، فالعلوم الشرعية متكاملة مترابطة، لما انتهى من قصة نوح مع قومه وما حصل من إغراقهم إهلاكهم بالغرق.
قال:{كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر} [(18) سورة القمر] يقول المفسر: {كذبت عاد} "نبيهم هودا فعذبوا" يعني هل يتصور أن طالب علم تخرج في الجامعة من كلية شرعية ما يعرف أن هود هو نبي عاد؟ يوجد لأنه الآن يخرج طلاب يحفظون هذه المذكرات التي كتبها الأساتذة، وفيها خير وفيها علم، لكن ليست متكاملة، الأستاذ يعطى منهج، والمنهج فيه مفردات، قد تكون هذه المفردات على طريقة هذا الشيخ تحتاج إلى سنوات وهذا الشيخ عرف بالتطويل والاستطراد، لكنه لا يأتي على نصف المنهج، هذا الشيء مررنا به، ومر به غيرنا أحيانا ما نستطيع أن ننجز ولا ثلث المنهج، طالب العلم لا يعرف شيء، ويتخرج ويمكن نصف أو أكثر من نصف المناهج ما مرت عليه، ولا شك أن هذه الطريقة طريقة التعليم، وترك الأساتذة كل على منهجه، كل على طريقته، من الأساتذة من أنجز المنهج في شهر وجاء إلى القسم يسأل يقول: ماذا نصنع انتهينا من المنهج، وهو مقرر لثلاثة أشهر؟ قالوا: أنت أنهيته على سبيل الإيجاز فأعده على سبيل البسط ما في إلا هذا الكلام، ويش قال: نعم لا شك أن مثل هذا التدريس ناقص، أيضا بالمقابل بعض الأساتذة يستطرد فيأخذ في الحديث خمس محاضرات، ست محاضرات ثم يأتي في نهاية الفصل وقد شرح خمسة أحاديث أو ستة أحاديث والبقية ما شرحت، أو عشرة أحاديث بقي عشرين، أو ثلاثين حديث ما شرح، هذا أيضا خلل يعني الطريقة المناسبة جداً للموازنة بين الوقت والمنهج أن يتخذ كتاباً معيناً، وليكن شرحه مختصراً ما في إشكال، ثم يضيف إلى هذا الشرح المختصر ما يفتح الله به عليه من علمه، أو من مراجعته للكتب هذا مناسب جداً؛ ليوازن بين الوقت والزمن، وهذا الذي جعلنا نعتمد هذا التفسير وإلا بالإمكان أن نأخذ آية نستطرد فيها ثم ينتهي الوقت وما سوينا حاجة، ولذلك أقول قد يتخرج الطالب في الجامعة من كلية شرعية ويخفى عليه مثل هذا؛ لأنه لا يحفظ القرآن، وما مر عليه التفسير كامل -مر على بعض الآيات- وما مر عليه في قصص القرآن إلا نتف يسيرة، مثل هذا ما يحسن شيئاً يتخرج في كثير من الأبواب جاهل، نعم يعرف شيئاً مما مر عليه ومما ذاكره للامتحان يعرف.
لذلك التعليم النظامي مثل ما قلنا مراراً إنه لا يخرج علماء، نعم يخرج طالب علم هذا المتميز من هؤلاء الطلاب، يخرج طالب العلم يستطيع التعامل مع الكتب بحيث يستطيع أن يتابع التحصيل بنفسه، ولذلك كثير من طلاب العلم لما تخرجوا من الكليات الشرعية وباشروا الأعمال وجاء المحك والامتحان وجدوا أنفسهم محرجين، يسألونهم الموظفين في هذه الدائرة، والطلاب في المدارس، وكذا الجماعة في المسجد هذا تخرج من كلية الشرعية هذا شيخ، ثم بعد ذلك لا شيء، ما عنده شيء ، يعني شيء يذكر مما يسأل عنه وإلا قد يكون عنده شيء، لكن ما يسأل عنه ثم بعد ذلك يحبط في نفسه ويتحسر، فإما أن يبدأ الطلب من جديد أو يقول: بلاش من العلم الذي أمضينا فيه بضعة عشرة سنة ثم لا شيء النهاية، فعلى الإنسان أن يهتم بنفسه، ويؤصل نفسه، ويقرأ الكتب كاملة، ويحضر شرح الكتب كاملة عند أهل العلم، ولا يقتصر على الدراسة النظامية، وإن كان بعض الناس ينتقد كلمة نظامية للمدارس والجامعات الرسمية ينتقد كونها نظامية؛ لأنه يفهم من ذلك أن دروس المساجد فوضوية.
إذا كانت هذه منظمة ونظامية فمفاد هذه الكلمة أن الدروس في غير المدارس والجامعات فوضوية؛ لأن النظام والأصل فيه الانتظام وما عدا الانتظام فوضى، وهذا لا يفهم لا من قريب ولا من بعيد، لكن أبداه بعض الناس فينبه عليه لا، لا الانتظام في دروس المساجد أكثر؛ لأنه يبدأ فيها الكتب من أولها إلى أخرها، ما يترك فيها فجوات كما هو في الدارسات الرسمية؛ لأنها غير محدودة بوقت، نعم قد يكون من طبائع بعض الشيوخ شيء من عدم الانتظام، قد يكون في طبيعة بعض الطلاب شيء من عدم الانتظام هذا موجود، لكن الأصل في دروس المساجد ما تحدد بوقت، فتكمل الكتب ولا يقال: والله هذا وقت ضاق علينا فنترك هذا الباب، لا لأنه ما في وقت محدد، قد يمر هذا في الدراسات الرسمية لكن في الدراسات أو في الدروس المساجد لا.
كذبت عاد نبيهم هوداً {فكيف كان عذابي ونذر} {فكيف كان عذابي} هذا السياق مختصر جداً، وفيه طي وحذف قدره المؤلف بقوله: " فعذبوا " {فكيف كان عذابي ونذر} هذا إجمال "أي إنذاري"
{فكيف كان عذابي ونذر} "أي إنذاري لهم بالعذاب قبل نزوله أي وقع موقعه" {فكيف كان عذابي ونذر} يعني تصور أيه المسلم كيف عذب قوم هود!، كيف عذبوا؟ عليك أن تبحث كيف عذبوا مما في هذا السورة، وفي غيرها من السور، وما جاء في السنة، وما تناقله المؤرخون الثقات من اجل إيش؟ ما الفائدة؟ نعم، تعتبر تزدجر، تعرف سبب العذاب فتجتنب لئلا يحل بك ما حل بهم، إنذاري {فكيف كان عذابي} الذي وقع بهم بسبب المخالفة، بسبب التكذيب، بسبب الكفر {ونذر} "أي إنذاري لهم بالعذاب قبل نزوله".
الله -جل وعلا- ما ترك لأحد حجة أنذرهم، ورسولهم بينوا وبلغوا البلاغ المبين "أي وقع موقعه وقد بينه بقوله": {إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصراً} [(19) سورة القمر] "أي شديدة الصوت" {فأقبلت امرأته في صرة} [(29) سورة الذاريات] يعني في صوت {صرصراً} شديدة الصوت، ويأتي الصر صر والصر بمعنى البرد الشديد، فهي شديدة الصوت ويصاحبها برد شديد، ريح باردة شديدة مصوتة مدوية {في يوم نحس} "شوم".
هذا يقول: ألا يوجد تعارض بين قوله: {في يوم نحس} وبين نهي النبي -عليه الصلاة والسلام- عن الطيرة أو التشاؤم من الأيام التي تحصل فيها مكروه للعبد؟
لكن هذا في القرآن، والنصوص لا يضرب بعضها ببعض، الله -جل وعلا- سمى ذلك اليوم نحس، الذي أهلك فيه عاد قوم هود سماه نحس -يعني شوم عليهم-، وسمي لملابسة وقوع العذب فيه لا لذاته، وإنما الشؤم الحقيقي في فعلهم الذي أوقعهم في هذه المصيبة وهذه البلية، لكن باعتبار الملابسة صار هذا اليوم ظرفاً لهذا العذاب صار بالنسبة لهم نحس شؤم، لكنه بالنسبة لهود مثلاً لا، بالنسبة لهود خير، وهكذا لا يعارض ما ورد فيه النص من تسميته نحس ونحسات، لا يعارض بهما، ورد عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من الطيرة والتشاؤم وما أشبه ذلك؛ لأن الطيرة فيها معارضة للقدر، ومناقضة للقدر، والتشاؤم كذلك كل شيء يرد من غير ما يدل عليه، قد يكون هذا اليوم الذي تراه شؤم أو تتطير فيه ويمنعك من حاجتك قد يكون يمن بالنسبة لك، هذا الذي حصل لك تقول: والله خرجت إلى الدوام فحصل لي حادث فتتشاءم في هذا اليوم حيث وقع لك في أوله ما وقع، ألا تدري أن الله -جل وعلا- قد يكون ادخر لك من أجر هذه المصيبة ما يكفر به سيئاتك أو يرفع به درجاتك فيكون هذا خير لك، وليس بنحس ولا شؤم، لا تدري أن الله -جل وعلا- قد دفع عنك من الشر أضعاف ما وقعك لك فيكون هذا الحادث خير لك، وما الذي يدريك أنه نحس وما الذي يدريك أنه شؤم، لكن الله -جل وعلا- حكم على هذا اليوم بأنه نحس، لكن أنت ليس لك أن تحكم ولو حصل لك فيه ما حصل، أنت افترض أنك خرجت لصلاة الفجر فعثرت في حفرة وانكسرت رجلك ذهبت للمستشفى وجبرت، ثم جئت على العربة لصلاة الظهر فحصل لك ما حصل استطدام بسيارة مثلاً، أو انزلاق من درج ..... حصل لك أكثر، وكذلك في صلاة العصر تقول: خلاص لا أصلي؛ لأن الصلاة صارت شؤم ونحس بالنسبة لي، كل ما خرجت أصلي وقد قالها بعضهم: والله ما عمري طلعت المسجد إللي اصدم، يا أخي هذا كيف تحكم على؟ مثل هذا، أمر أوجبه الله عليك وكلفك به وما يدريك لعل الله -جل وعلا- يرفعك بهذه الأمور دراجات لا تستطيع أن تصل إليها بعملك.
فالمخلوق ليس له أن يسمي إلا ما سماه الله -جل وعلا- أ"وجاءت تسميته بالنص، أما هو لا يدري أين الخيرة حصل له في هذا اليوم ما حصل لكن يمكن دفع عنه من الشر أعظم، ورفع به منازل، وحطت عنه خطايا، وهكذا هذا شأن المصائب، وأشد الناس بلاء الأنبياء فلا يجوز لإنسان أن يتشاءم أو يتطير {إنا أرسلنا عليهم ريح صرصراً} "أي شديدة الصوت" {في يوم نحس} "شؤم" {مستمر} في يوم هل عذاب عاد في يوم واحد، أو في سبع ليالي وثمانية أيام؟ نعم ثمانية أيام من الأربعاء إلى الأربعاء ثمانية أيام، وهنا قال: {في يوم} إما أن يراد باليوم الوقت الذي عذبوا به طال أو قصر كما يقال: فتحدثا ساعة، الساعة هذه ليس المراد به الساعة الفلكية التي هي ستون دقيقة، وإنما هي وقت قد يكون ساعتين، ثلاث، وقد يكون نصف ساعة أو ربع ساعة فلكية، المقصود أن اليوم يطلق والساعة تطلق ولا يراد بها حقيقة الزمن المحدد المقدر كما في قوله في الحديث الصحيح: ((فما رأينا الشمس سبتا)) يعني أسبوعاً من الجمعة إلى الجمعة ليس المراد به السبت فقط، وإنما المراد به الأسبوع الكامل من دعائه -عليه الصلاة والسلام- بالمطر إلى أن دعاء برفعه.
{مستمر} يعني "دائم الشؤم أو قويه" كما تقدم من المرة، وهي القوة ذوي مرة يعني ذي قوة، "وكان يوم الأربعاء أخر الشهر" ومعلوم أن عذابهم وهذه الريح التي أرسلها الله عليهم من الأربعاء إلى الأربعاء ثمانية أيام وسبع ليال.
{تنزع الناس} [(20) سورة القمر] "تقلعهم من حفر الأرض المندسين فيها وتصرعهم على رؤوسهم فتدق رقابهم فتبين الرأس عن الجسد" {تنزع الناس} يعني هم حفروا حفر ولجؤوا إلى الشعاب، وتصدى لأفواه الشعاب رجال من أشدائهم وأقويائهم؛ ليردوا عن النساء والصبيان والضعاف هذه الريح، لكن أول ما بدأت بهؤلاء الشداد، وبعضهم حفر لنفسه حفرة فقتلعته واجتثه من هذه الحفرة، ورفعته ونكسته على رأسه فبان رأسه عن جسده، وبهذا يتم التصوير الدقيق {كأنهم أعجاز نخل منقعر} يعني إذا انتزعت النخلة من مكانها ما الذي يبقى في الأرض؟ حفرة، فيه أصل هذه النخلة، عجز هذه النخلة، عروق هذه النخلة هم أيضاً اجتثوا من الأرض ورفعوا عنها كما تصور رفع النخلة بالشياول والرافعات، لكن هذا الأمر أشد، ريح اجتثتهم من أصولهم إلى أن رفعتهم فنكستهم على رؤوسهم فدقت رؤوسهم وفصلتها عن أجسادهم، {تنزع الناس} "تقلعهم من حفر الأرض المندسين فيها وتصرعهم على رؤوسهم فتدق رقابهم فتبين الرأس عن الجسد" {كأنهم} "وحالهم ما ذكر" يعني وما حل بهم ما صور {أعجاز} "أصول" نخل منقعر، أصول أصل النخلة في قعر من الأرض -ومن أصعب الأمور قلع النخل-، يعني الأشجار الأخرى أسهل منها؛ لأنها راسية ثابتة شديدة، وتشبيههم بالنخل لطولها وقد تميزت عاد بالطول، يقول بعض المفسرين: إن طولهم يبلغ إلى اثني عشر ذراعاً -ستة أمتار-، وإن كان بعضهم ينازع في هذا ويقول: نحن رأينا بعض القبور في ديارهم قبور عادية يعني تصل إلى ثلاثة أذرع مثلاً كغيرهم، أربعة أذرع يعني من المترين فما دون، لكن يشهد لما يقوله المفسرون من أن آدم خلق طوله ستون ذراع، وما زالت ذريته تنقص حتى وصلت إلى ما نشاهد، ولذا أهل الجنة الطول طول أبيهم الطول -ستون ذراعا- صح هذا في الصحيحين وغيرهما طول أبيهم.
على كل حال تشبيههم بالنخل من عدة وجوه:
ومنها ثبات النخل، وشدة وصعوبة اجتثاثها وخلعها صاروا مثلها، بحيث حفروا لأنفسهم وثبتوا أنفسهم بالأرض ومع ذلك نزعتهم هذه الريح.
{أعجاز}، أصول نخل منقعر، هنا يقول في هذا الطبعة منقطع ومنقلع، إيش عندكم في أحد معه تفسير الجلالين منقلع، منقطع نعم هو الأصل منقلع من القلع وهو الإزالة.
{أعجاز نخل منقعر} والتعبير بمنقعر دليل على أنهم وصلوا في حفرهم إلى مبلغ يثبتهم "وقعر الشيء: منتهاه " قعر الشئ منتهاه "منقطع ساقط على الأرض، وشبهوا بالنخل لطولهم، شبهوا بالنخل لطولهم وذكر هنا وأنث في الحاقة" {كأنهم أعجاز نخل خاوية} [(7) سورة الحاقة] هنا قال: أعجاز نخل منقعر وهناك قال في الحاقة {نخل خاوية} فذكر هنا منقعر، ما قال منقعرة وأنث في الحاقة، ما قال خاوي يقول المفسر: "مراعاة للفواصل في الموضعين" يعني مراعاة لرؤوس الآي، والنخل إن نظر إلى مفرده نخلة فهو مؤنث، وإن نظر إلى الجمع فهو مذكر، والجمع أيضاً يذكر ويؤنث، أعني جمع التكسير يذكر ويؤنث، يذكر باعتبار الجمع ويؤنث باعتبار الجماعة، {فكيف كان عذاب ونذر} يعني كما تقدم، {فكيف كان عذاب ونذر} يعني تأملوا، اعتبروا، تفكروا فيما حل بهم {فكيف كان عذاب ونذر} كيف كان عذابي لهم بهذا الطريقة، وهل تتحملون ما حل بهم، وكيف كان إنذاري إياهم بالآيات البينات، بالعظات البالغات على لسان أفصح قومه؟ وحصل لكم ما حصل من النذر بما لا يدع لأحد أي حجة.
{ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر} [(17) سورة القمر].
وهذا يقول: من المعلوم أن تكرار الآية للتذكير والتنبيه، لكن ما مناسبة تكرار قوله:
{ولقد يسرنا القرآن} بين كل قصة وأخرى، مع أن القصص على الأمة السابقة؟
الخطاب هنا ليس للأمم السابقة، الأمم السابقة كلها مضت، ولم يرد بهذا الخطاب سوانا فكوننا يكرر لنا قوله -جل وعلا-: {ولقد يسرنا القرآن للذكر} نعم الأخبار والقصص للأمم السابقة، وانتهت الأمم، ومضت الأمم السابقة، بقي دورنا {ولقد يسرنا القرآن} المشتمل على هذه القصص وعلى غيرها مما ينفع المكلف في دنياه وأخراه، لكن هل من مدكر؟ هل من متعظ؟.
كذبت ثمود بعد ذلك ثلث بقصة ثمود، قوم صالح -عليه السلام- {كذبت ثمود بالنذر} [(23) سورة القمر] "جمع نذير بمعنى منذر، أي بالأمور التي أنذرهم بها نبيهم صالح إن لم يؤمنوا به ويتبعوه" {كذبت ثمود بالنذر} "جمع نذير بمعنى منذر" والمنذر كما يطلق ويراد به من جاء بالنذارة، يطلق ويراد به النذارة نفسها، لأنها تنذر وتحذر، جمع نذير بمعنى بمنذر أي بالأمور التي أنذرهم بها نبيهم صالح، النذر إذا أردنا به الأنبياء الذين أنذروا وحذروا أرسل إليهم صالح، لكن من كذب صالح كذب غيره من الأنبياء؛ لأنه من كذب نبيا واحدا فقد كذب سائر الأنبياء، ولذا قال: {بالنذر} أو كذبوا بما أنذرهم به صالح -عليه السلام- من الأساليب المتعددة التي أنذرهم بها إن لم يؤمنوا به ويتبعوه {فقالوا} [(24) سورة القمر] كان ردهم أن قالوا{فقالوا ابشرا} "منصوب على الاشتغال" يفسره الفعل نتبعه فالتقدير فقالوا: أنتبع بشرا منصوب على الاشتغال {منا واحدا} صفات، أو "صفتان لبشرا" أين الصفتان؟ {منا} هذه صفة؛ لأنها جار ومجرور متعلق بمحذوف تقديره: " كائنا منا" متعلق بمحذوف صفة، {واحدا} صفة ثانية، الآن بشر نكرة حاجته إلى الوصف أكثر من حاجته إلى الحال وصف بكونه منهم، فهل هو بحاجة إلى وصف ثاني؟ أو حاجته إلى بيان حاله، أولى من وصفه؟ بعضهم يقول: {واحدا} حال مقدر، أو مؤولاً بمنفردا -يعني حال كونه منفرداً-، وعلى كل حال النكرة حاجته إلى الصفة والنعت أولى من حاجته إلى بيان الحال، لكن كونه بيُن وصفه بكونه منهم يعني يستوي فيه قوله: {واحدا} أنه وصف له أو بيان لحاله {نتبعه} "مفسرا للفعل الناصب له، مفسراً للفعل الناصب له والاستفهام بمعنى النفي" والاستفهام إنكاري بمعنى النفي، كيف نتبعه ونحن جماعة كثيرة وهو واحد منا وليس بملك، أو ليس بملَك أي لا نتبعه؟ "بمعنى كيف نتبعه ونحن جماعة كثيرة وهو واحد منا يعني منفرد؟ وليس بملًك من غيرنا أي لا نتبعه" ما له وصف يميزه، ما الذي يميزه علينا بأن يدعي ما ادعاء أو يخص من بيننا بالرسالة {إنا إذا} إنا أصلها إننا {إذا} يعني "إن اتبعناه" {لفي ضلال} لفي ضلال يقول المفسر: "ذهاب عن الصواب" ، الضلال ضد الهدى إن اتبعنا واحد ليس له ما يميزه إذا نحن ضالون ولسنا بمهتدين؛ لأنهم يزعمون أن الواحد شاذ، والرأي إنما هو مع الجماعة فكوننا نتبع وآحاد ونترك الجماعة هذا ضلال، هذا على حسب تقديرهم.
{لفي ضلال} "ذهاب عن الصواب" {وسعر} أي "جنون" إما أن يكون مفردا أو جمع سعر، إما جمع السعير أو يكون مفرداً ومعناه الجنون، والمادة تدل على هذا التفسير يعني أصلها ومشتقاتها تدل على هذا فيقال: "سَعَر" و"انسعر" الفعل المطاوع إذا أصيب بالجنون أو ما يشبه الجنون، إذا أصيب بالجنون انسعر، وما يشبه الجنون من الافتتان بشيء لا يستحق، إما وراء دنيا ينسعر بها، ويتبعها نفسه، وتهيمن وتسيطر عليه على جميع أركانه وعلى تفكيره هذا انسعار، وهذا شبيه بالجنون، يعني إذا آثر ما يضر وترك ما ينفع هذا تصرف المجانين فقالوا: {إنا إذا} "إن اتبعناه" وليس له ما يميزه فنحن مجانين، انسعرنا وراءه تركنا عقولنا؛ لأن الذي ينسعر بالشيء، ويهتم له ويمشي وراءه من غير تفكير يكون قد ألقى عقله وراء ظهره، وهذا الشيء مشاهد يعني بعض الناس يلهث وراء هذه الدنيا، وتستولي عليه بجميعه بمجموعه بكليته فيتصرف تصرف المجانين، وإلا ماذا يستفيد الشخص إذا جمع مئات الملايين، بل زاد على ذلك، وأمضى وقته كله؟ هذا موجود في مشاهدة الشاشات والبورصات، وينظر ارتفع الذهب نزلت الفضة، ارتفع الدولار نزل الين، إذا ارتفع شيء أكل الحبة حبة الضغط، إذا نزل شيء أكل حبة السكر، إذا كذا وتارك جميع ملذات الدنيا لمشاهدة هذه الشاشات، بالله عليكم هل هذا عاقل وإلا مجنون؟ يعني أولاً ترك ما خلق لأجله وهو تحقيق العبودية لله -جل وعلا-، ترك الأنس بالأهل والأموال والأصحاب، ترك جميع ملذات الدنيا، هل هذه حياة؟ هل هذا عقل؟ يعني يملك ما يكفيه، ويكفي ولده العاشر من بعده إلى الطبقة العاشرة، أو إلى العشرين وهذه حياته، يطلع الفجر وهو على هذه الحالة، هذا انسعار، هذا ضرب من الجنون، ومن الناس من انسعر بأمور أخرى في متابعة النساء، في مشاهدة الأفلام، في كذا وكذا فيما يضر، هذا انسعار، هذا ضرب من الجنون.
ولذا أهل العلم يقولون: لو أوقف شخص وقفاً وقال: تصرف غلته للعقلاء هل ينظر في الأسواق أيهم أكثر كسباً؟ هؤلاء هم العقلاء، لا ينظر إلى العباد هؤلاء هم العقلاء الذين سعوا فيما يخلصهم من عذاب الله -جل وعلا-، الذين حققوا ما خلقوا من أجله، هؤلاء هم العقلاء حقيقة، أما من عداهم فكل بحسبه على حسب ما يسيطر عليه {إنا إذا} "إن اتبعناه" {لفي ضلال} "ذاهب عن الصواب" {وسعر} "جنون".
{أؤلقي الذكر عليه} [(25) سورة القمر] أؤلقي يقول: "بتحقيق الهمزتين، أؤلقي بتحقيق الهمزتين وتسهيل الثانية" أؤلقي، كيف تنطق أؤلقي، إيه بتسهيل الثانية "وإدخال ألف بينهما" بين الهمزتين أاؤلقي "على الوجهين" يعني على التحقيق والتسهيل "وتركه" فتكون القراءات أربعاً، {الذكر} "الوحي"، {عليه من بيننا} يعني كيف وقع الاختيار على هذا الشخص من بين المجموعة؟ إذا لم يوح إليه قال: "لم يوحَ إليه" {بل هو كذاب} "في قوله أنه أوحي إليه ما ذكر" يعني ما في ما يميزه من بين جماعته بحيث يوحي إليه، إذا "لم يوح إليه" {بل هو كذاب} "في قوله أنه أوحي إليه ما ذكر" {أشر} "متكبر بطر"، {بل هو كذاب أشر} يعني إذا كان يدعي ما لا دليل عليه حينئذ يكون كذاباً يعني كما نقول: لو قام واحد وقال: هو عيسى بن مريم مثلاً ماذا نقول له؟: كذاب، لو قام أخر وقال: أنا هارون الرشيد نقول: كذاب، لو قال: أنا ويدعي صفة نجزم بكذبه يكذب، لكن هل عندهم من الأدلة ما يجزمون بكذبه؟ ليس عندهم من الأدلة ما يدلهم على كذبه بل عندهم ما يدل على صدقه؛ لأن الأنبياء إنما هم خيار قومهم، خيار قومهم فهو أولاهم بهذه المهمة.
{بل هو كذاب} في قوله: إنه أوحي إليه، {أشر} "بطر متكبر" يعني يدعي وصفا يتميز به عن غيره هذه صفة المتكبر، لو ادعى شخص وصف قال: إنه يحمل ثلاث مائة كيلو مثلاً ادعى هذا الوصف، ما الذي دعاه إلى هذه الدعوى؟ ما يدعوه إلا إرادة التميز على غيره والتكبر والأشر عليهم، وإلا فالمتواضع لو كانت حقيقته كذلك ما يقول هذا.
قال تعالى:{سيعلمون غدا} [(26) سورة القمر] يعني "في "الآخرة" {من الكذاب الأشر}، {سيعلمون غدا} ويطلق الغد ويراد به الآخرة، {اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد} [(18) سورة الحشر] {ما قدمت لغد} يعني ليوم القيامة، وقد يراد بالغد هنا يوم العذاب الآتي ذكره.
{سيعلمون غدا} "في الآخرة" {من الكذاب الأشر} "وهو هم الذين كذبوا فيما زعموه أنه كذاب بأن يعذبوا على تكذيبهم نبيهم صالحا"، {سيعلمون غدا من الكذاب الأشر} "وهو هم الذين كذبوه وكذبوا عليه وكذبوا على مرسله فهم أهل الكذب بأن يعذبوا على تكذيبهم نبيهم صالحا".
{إنا مرسلو الناقة فتنة لهم} [(27) سورة القمر] ابتلاء اختبار هم طلبوا، قالوا: ما دام تدعي هذه الدعوة فلك إله ولنا آلهة، نطلب من آلهتنا وتطلب من إلهك، الذي يتحقق له ما يطلب هو الإله الحق، الذي يحقق الطلب هو الإله الحق، قالوا: ماذا تريدون؟ قالوا: نريد ناقة عُشَراء وبراء فطلبوا من آلهتهم ما حصل شيء، فطلب من الله -جل وعلا- فأخرج لهم هذه الناقة العشراء الوبراء من صخرة من هضبة.
{إنا مرسلو الناقة} "مخرجوها من الهضبة الصخرة كما سألوا" قالوا: تخرج لنا من هذا الصخرة، من هذه الهضبة ناقة عشراء وبراء فخرجت، هذه معجزة لهذا النبي الكريم لكن كما قال الله -جل وعلا-: {وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون} [(101) سورة يونس] {فتنة} محنة وابتلاء واختبار لهم لنختبرهم ما الذي حصل؟ كذبوا استمروا على تكذيبه، وفي النهاية قتلوها، {فارتقبهم} "يا صالح أي انتظر ما هم صانعون وما يصنع بهم"، ارتقب انتظر، انتظر ما هم صانعون، هل يصدقونك ويؤمنون بك، أو يكذبونك ثم بعد ذلك انتظر النتيجة ماذا يصنع بهم؟ وما لهم؟ {واصطبر} "الطاء بدل من تاء الافتعال أي أصبر على آذاهم"، أصلها أصتبر "تاء الافتعال تقلب طا صارت " اصطبر " أي اصبر على آذاهم لا بد من الصبر، لابد من التحمل هذه سبيل الأنبياء، وهذه طريقهم، لا بد من الدعوة إلى الحق ولابد من الصبر على الأذى فيه، أي اصبر على آذاهم.
{ونبئهم} أخبرهم أن الماء{قسمة} يعني مقسوم بينهم وبين الناقة فيوم لهم ويم لها.
{ونبئهم أن الماء قسمة بينهم} [(28) سورة القمر] يعني "مقسوم" {بينهم} "وبين الناقة فيوم لهم ويوم لها" السياق يحتمل أن الماء يكون مقسوم بينهما فقط هم من غير ذكر للناقة هنا، لكن في موضع أخر {لها شرب} نعم، نعم.
فالآية الأخرى تفسر ما هنا {ونبئهم أن الماء قسمة} يعني "مقسوم" {بينهم} "وبين الناقة فيوم لهم ويوم لها" والجمع، بجمع المذكر لوحظ فيه تغليب الناس مقسوم بينهم وبين الناقة فيوم لهم ويوم لها {كل شرب} "نصيب"، الشرب النصيب، والشرب المصدر، مصدر شرب يشرب أو يشرب "نصيب من الماء" {محتضر} يعني محضور، ليس معناه من الحظر الذي هو المنع لا، إنما هو من الحضور محتضر "يحضره القوم يومهم والناقة يومها" يعني يحضره القوم، يعني قوم صالح في يومهم ونوبتهم، وتحضرها الناقة في يومها ونوبتها، فتمادوا على ذلك"، يعني في يوم يشربون من هذا الماء، في اليوم الثاني تشرب الناقة ويشربون من لبنها، يعني حرمانهم من الماء في اليوم الثاني إلى بدل أفضل منه، فالمتوقع من أناس كرام عقلاء يقدرون الأمور قدرها أن يؤمنوا ويشكروا هذا النعمة، لكن ما الذي حصل؟ فتمادوا على ذلك يعني مشوا عليه مدة ثم ملوه فهموا بقتل الناقة، ولا شك أن هؤلاء قوم لئام هموا بقتل الناقة.
{فنادوا صاحبهم} [(29) سورة القمر] قدار بن سالف أشقى القوم، "قدارا ليقتلها" {فتعاطى}-يعني "تناول السيف"- {فعقر} "به الناقة"، يعني ضربها في الأول مع رجلها بالسيف أو بسهم، يقولون: فرغت وبركت ثم جاء فأجهز عليها بالسيف،{إذ انبعث أشقاها} [(12) سورة الشمس] أشقى القوم، أشقى القبيلة الذي باشر، وإلا فالعقر نسب إليهم جميعهم؛ لأنهم أمروا به ورضوا به فالفعل ينسب إلى المباشر كما ينسب إلى المتسبب، وينسب إلى الراضي به ومن أعان عليه، ولذا جاء {فعقروها} [(157) سورة الشعراء] وهنا {فتعاطى فعقر} "أي قتلها موافقة لهم" فنسب إليه؛ لأنه هو المباشر، ونسب إليهم؛ لأنهم أمروا بذلك وأقروه ورضوا به، فالفعل ينسب إلى الجميع، ولذا نزل العقاب عليهم بعامة -نسأل الله العافية-.
{فكيف كان عذابي ونذر} [(21) سورة القمر] "أي إنذاري لهم بالعذاب قبل نزوله أي وقع موقعه" والسنن الإلهية لا تتبدل ولا تتغير ولا تتحول، سنن مضطردة من أول الناس إلى أخرهم هذه عاقبة المكذبين، ولم يستثنى من ذلك إلا قوم يونس، لما رأوا العذاب أمنوا فكشف عنهم، أما بالنسبة لمن عداهم فالسنن واحدة والخشية من هذه السنن؛ لأن من ارتكب ما ارتكبوا عذب بما عذبوا به جزاء وفاقا "وبينه بقولهم: {إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتظر} [(31) سورة القمر] أي الذي يجعل أو الذي يجعل المحتظر "هو الذي يجعل لغنمه حظيرة من يابس الشجر والشوك يحفظهن فيها من الذئاب والسباع وما سقط من ذلك فداسته يسمى الهشيم" فعيل بمعنى مهشوم مفعول؛ لأنه هشم هشمته هذه التي حظر عليها ومنع من دخول ما يؤذيها ومنعة من الخروج أيضا؛ لأن راعي الغنم وراعي الإبل وراعي المواشي يضع لها حظيرة إما من خشب وهذا كثير غالب، أو بسور مثلا، وفي البادية قد لا يتيسر لهم شيء من ذلك، فيضعون أشجاراً وأشواكاً وما أشبه ذلك تمنعها من الخروج، وتمنع من دخول غيرها إليها، ما يتساقط من هذا المواد التي احتظر بها تدوسه هذه الماشية، فإذا جاءته الريح ذرته هشيم تذروه الرياح، يطير.
{فكانوا}، {إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتظر} [(31) سورة القمر] وما زال العامة في مزارعهم يضعون أو يجعلون شيئاً يسمونه حضار من هذا الباب،ـويتساقط منه أشياء وهو هشيم تذروه الرياح إذا جاءت الرياح طارت به، كناية على رقته وخفته وضعفه، يقول الشاعر:
ولكن البلاد إذا اقشعرت | وصوح نبتها رعي الهشيم |
يعني إذا ما بقي إلا هو إلى الله المشتكى، يعني كما يكون في بعض البلدان، في بعض الأزمان، يعني يحتاج الناس إلى أصغر طلاب العلم يسألونه، يعني يأتي مفتي مثلاً من بلاد من البلدان البعيدة تجده ما يعادل طالب علم صغير والأمة كلها متعلقة به؛ لأن البلاد اقشعرت وصوح نبتها ما فيها إلا هذا، لكننا نجد بعض أهل العلم الكبار يصدرون الفتوى بمثل هذا ا لبيت، يعني وجدنها في فتوى كثيرة من أهل العلم كبار كبار بالفعل، علماء ربانيين يسأل فيصدر الفتوى بهذا البيت يعني من باب التواضع، وإلا قد يلجأ الناس إلى مثل من يتصف بهذا الوصف إذا ما وجد في البلد غيره، ولذا على طالب العلم أن يسعى جاهداً في خلاص نفسه وخلاص غيره، خلاص نفسه يكون بالعلم المؤسس المبنى على أساس متين من نصوص الوحيين، وفهم لكلام أهل العلم، واطلاع على أقوال فقهاء الأمة من أجل ألا يأتي بأقوال شاذة فلا يكون هشيما يتصف بهذا الوصف؛ لأن الناس قد يثقون بشخص ويسألونه ثم بعد ذلك إذا تتابع الناس عليه وتداركوا عليه اضطر أن يفتي بعلم وبغير علم، وهذا يوجد بكثرة في مثل هذه الأيام كما جاء في الحديث الصحيح ((إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من صدور العلماء، وإنما يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤساء جهال، فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا)) وهذا موجود الآن يعني الوسائل تعددت، وكثير ممن يقول: ابن اعرفوني يتصدر لمثل هذا الأمور، بينما لو قرأنا في سير السلف وجدناهم يتدافعون الفتي، قد يتردد الشخص بين عشرة لا يجد من يفتيه والمسألة الاحتياط فيها صعب، والتحري فيها أيضاً مع منازعة النفس حظوظها فيه أيضاً ما فيه، فعلى الإنسان أن يسعى في خلاص نفسه، إذا كان العلماء الأئمة الكبار يصدرون الفتوى أنا وقفت عليها كثيراً ما هو بافتراض هذا إذا إيش البيت:
ولكن البلاد إذا اقشعرت | وصوح نبتها رعي الهشيم |
فهو يعتبر نفسه هشيم، وبعض طلاب العلم الصغار يعتبرون أنفسهم أئمة، لاشك أن مثل هذا منذر بخطر، ونسمع من يفتي بالفتاوى الشاذة المخالفة للنصوص، والمخالفة لما عليه صنيع الأئمة، ويبادر قد يسأل غيره في المجلس، يسأل شيخ كبير وهو حاضر فيبادر بالجواب قبله، تبي عافية لأن هذ مسؤولية وعليها تبعة؛ لأن الذي يفتي بغير علم هذا يكذب على الله -جل وعلا- {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ} [(116) سورة النحل] هذا كذب على الله -جل وعلا- ويدخل مثل هذا دخول أوليا في قوله -جل وعلا-:{وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ} [(60) سورة الزمر] فالإنسان يحرص على ألا يتعجل في مثل هذه الأمور، نعم إذا احتيج إليه واضطر إليه ما في البلد غيره، ولا يمكن الاتصال بغيره، المسألة ضاق وقتها يجتهد إذا كان من أهل الاجتهاد، وإذا كان يحفظ فتوى لأهل العلم يقول: أنا أحفظ لفلان، أنا أحفظ قول لفلان، لا يكلف نفسه ولا يحمل نفسه ما لا يطيق {فكانوا كهشيم المحتضر}.
{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} [(17) سورة القمر] كررت مراراً ولقد يسرنا القرآن للذكر للتذكر سهل ولله الحمد، وهذه الأمة أناجيلها في صدوها، لكن لمن يدكر، لمن يتذكر لا لأهل الغفلة، لا لأهل الأماني {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} [(17) سورة القمر].
{كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ} [(33) سورة القمر] انتهى من قوم نوح وعاد وثمود، ثم ذكر قوم لوط {كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ} [(33) سورة القمر] "أي بالأمور المنذرة لهم على لسانه" على لسان لوط وهو ابن أخي إبراهيم -عليهم الصلاة والسلام-، {كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ} "أي بالأمور المنذرة لهم على لسانه" قوم لوط تكثر النسبة لمن يفعل الفاحشة نسبته إلى لوط فيقال: لوطي مثلاً نسبة إلى هذا النبي الكريم، ويفعل الفاحشة الفعلة يقال: لها لواط يعني فإذا قيل الفاحشة أما زنا أو لوط، والقذف الرمي بالزنا أو باللواط، فإذا قيل: فلان لوطي بمعنى أنه يرتكب هذه الفاحشة، فهل هذه النسبة لوطي إلى النبي لوط أو إلى الفعلة الخبيثة اللواط؟ يعني من فعل الفاحشة ينسب إلى لوط أو إلى الفاحشة نفسها؟ الفاحشة بلا شك، كما يقال: "زاني" يقال: " لوطي " بالنسبة إلى هذه الفاحشة، بعض الناس يستنكر هذه النسبة؛ لأن لوطي أضيفت ياء النسب إلى لوط فانتسب إليه كما يستنكر أيضا النسبة إلى المسيح، فالنصارى الذين بدلوا وحرفوا لا ينسبون إلى المسيح، فلا يقال: فلان مسيح؛ لأن ديانته اختلفت عن ديانة المسيح بالتحريف والتبديل والتغيير، فالمخالفة لا تنسب إلى الأنبياء فيقال: نصراني، ولا يقال: مسيحي، وهنا ماذا نقول بالنسبة لمن ارتكب هذه الفاحشة وهذه الفعلة الشنيعة المخالفة للفطر؟ حتى قال الوليد بن عبد الملك: لولا أن الله ذكر هذه الفاحشة في كتابه ما توقعت ولا صدقت أن ذكراً يعلوا ذكراً، فطر سليمة، فهل يقال لوطي، أو الأولى أن يقال: لواطي نسبة إلى الفعل لواط يعني أصل التسمية باللواط، لا شك أن يعني التسمية فيها شيء من اسم هذا النبي الكريم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والتسليم، فيها وإلا ما فيها، لكن لواط اسم منحوت من فعلت قومه، من فعلت قومه فهل الأولى النسبة لهذه الفعلة الفاحشة أن يقال: لوطي باعتبار أن المسالة الفعلة نحتت من اسمه، أو نقول: لواطي نسبة إلى الفعلة نفسها، مع أن الألف قد تحذف في النسب، وقد تزاد في النسب فالنسب أمر فيه سعة قد تحذف منه الألف وقد، يعني النسائي والنسئي، يماني ويمني تحذف وتزاد، مسألة النسب أمرها فيه سهولة، ومن هذه الحيثية كثر التعبير بالنسبة إلى هذا اللفظ، وإلا فالأصل أن النسبة إلى الفعل لواطي حذفت الألف تخفيفاً في النسبة.
{كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ} "أي بالأمور المنذرة لهم على لسانه".
{إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا} [(34) سورة القمر] يعني عذابهم بهذا {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا} "ريحاً ترميهم بالحصباء وهي صغار الحجارة الواحد دون ملء الكف فهلكوا" ريحاً {حَاصِبًا} ريحاً لأن حاصب اسم فاعل، الحاصب الفاعل للحصب وهو الرمي بالحصباء، فالذي ترميهم بالحصباء هي الريح، "ريح ترميهم بالحصباء وهي صغار الحجارة الواحد دون ملء الكف فهلكوا".
{إِلَّا آلَ لُوطٍ} يعني عذابهم حصل بأن جبريل -عليه السلام- رفع القرى، قرى قوم لوط إلى عنان السماء حتى سمع الملائكة صياح ديكتهم ونباح كلابهم، ثم نكسها فأتبعوا بالحجارة، وبهذا قال جمع من أهل العلم: إن فاعل هذه الفعلة الشنيعة يفعل به هكذا، يرمى من شاهق ويتبع بالحجارة، وقال بعضهم: إنه يرجم على أي حال؛ لأنهم أهلكوا بهذا الحاصب {إِلَّا آلَ لُوطٍ} "وهم ابنتاه معه" لما جاء الملائكة إلى لوط بعد مرورهم بإبراهيم -عليه السلام- وإكرامه لهم، جاءوا إلى لوط فامرأة لوط أخبرت القوم بأن عنده أضياف على أحسن صورة، فجاءوا إلى لوط طرقوا الباب فلم يفتح لهم حاولوا الاقتحام يعني على ما جاء في التفاسير فقال جبريل: دعهم افتحوا الباب فطمست أعينهم كما سيأتي، طمست أعينهم فلم يروهم وقالوا للوط: رأيناهم دخلوا فأين ذهبوا؟ فأين ذهبوا؟ -الله المستعان-.
فهؤلاء في طغيانهم يعمهون -نسأل الله السلامة والعافية- وهذا شأن من ابتلي بهذه الشهوة، تجده لا ينظر إلى من أمامه، لا ينظر إلى شهوته، ولذلك يقولون: من ابتلي بهذه الشهوة سواء كانت بالنسبة للنساء أو للذكور تجده لا ينظر ما أمامه عقوبة من الله، وتجده سهل من السهل جداً أن يعثر عليه يعمى عما أمامه، {إِلَّا آلَ لُوطٍ} "وهم ابنتاه معه".
{نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ} بسحر من الأسحار، قال من الأسحار لماذا؟ ليبين أن لفظ سحر هنا نكرة؛ لأنه لو كان معرفة لمنع من الصرف لقيل{نجيناهم بسحرَ} بسحر "من الأسحار أي وقت الصبح من غير يوم معين"، يقول: {إِلَّا آلَ لُوطٍ} "وهم ابنتاه معه" وأما النسبة لامرأته فقد ضرب الله بها مثلاً للذين كفروا مع امرأة نوح، وهما ابنتاه معه {نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ}، بسحر يعني من الأسحار ليبين أنه نكرة في أي وقت الصبح من يوم غير معين؛ لأنه كان في يوم معين صار معرفة، معروف فيمنع من الصرف، يقول: "لو أريد من يوم معين لمنع من الصرف؛ لأنه معرفة معدول عن السحر، لأن حقه أن يستعمل في المعرفة بأل" وإذا كان معدول عن المعرفة فيمنع للعدل كما في عمر معدول عن عامر، والعدل من العلل كما هو معروف، أي: وقت الصبح الأصل في السحر أنه ما بين في أخر الليل قبل طلوع الصبح، لكن جاء في موضع آخر موعدهم الصبح وليس الصبح بقريب.
طيب لو كان يوم معين صار معرفة ومنع من الصرف، يعني مثل مصر إذا أريد به المصر المعروف وقال: {وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ} [(21) سورة يوسف] منع من الصرف، وإذا كان مصر أي مصر من الأمصار فإنه يصرف كما في قوله تعالى
طالب ...............
هاه.
{اهْبِطُواْ مِصْراً} [(61) سورة البقرة] يقول: وهل أرسل الحاصب على آل لوط أو لا؟ {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آلَ لُوطٍ نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ} [(34) سورة القمر] هذا الاستثناء هل يدل على أنه أرسل إليهم الحاصب كقوم لوط؟ أو أن الاستثناء إلا آل لوط لم يرسل عليهم؟ أو أرسل عليهم لكن {نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ} الذي يظهر أنهم نجوا بسحر قبل الصبح الذي وقت حلول العذاب، ولذا يقول المؤلف: "وهل أرسل الحاصب على آل لوط أو لا؟ قولان" والذي يظهر أنه لم يرسل إليهم، نجاهم الله -جل وعلا- بالسحر قبل أن يحل هذا العذاب على قوم لوط في الصبح، "وعبر عن الاستثناء على الأول بأنه متصل"، يعني أرسل إليهم فالاستثناء متصل المستثنى من جنس المستثنى منه، كلهم أرسل إليهم "وعبر عن الاستثناء عن الأول بأنه متصل وعلى الثاني" على الأول بأنه متصل "وعلى الثاني بأنه منقطع" أنهم لم يرسل إليهم، لأنهم ليسوا من جنسهم، هم من جنسهم على كل حال، هم من الجنس على كل حال من الجنس البشري فهو متصل، اللهم إلا إذا قلنا إن من كذب جنس ومن آمن جنس قلنا استثناء منقطع، "وعلى الثاني بأنه منقطع وإن كان من الجنس تسمحاً" ، هو من الجنس يعني باعتبار الجنس البشري، وباعتبار الموافقة والمخالفة من غير الجنس، وعلى كل حال آله الذين أمنوا به نجوا معه {إِلَّا آلَ لُوطٍ} ويدخل لوط في آله دخولاً أولياً، يدخل لوط في آله يعني هل يقال: إنه نجا آله وما يدرى عن مصيره ، نجا من باب أولى والشخص يدخل في آله دخولاً أولياً كما في قوله تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [(46) سورة غافر] وهو معه بل هو يقدمهم نسأل الله العافية.
{نِعْمَةً} "مصدر، أي إنعاماً" {مِّنْ عِندِنَا}، { إلا آل لوط نجيناهم بسحر* نِعْمَةً مِّنْ عِندِنَا} [(35) سورة القمر] "مصدر، أي أنعاما من عندنا" {كَذَلِكَ} "أي مثل ذلك الجزاء" {نَجْزِي مَن شَكَرَ} "أنعمنا وهو مؤمن"، الشاكر هل نحتاج أن نقول وهو مؤمن، أو من أمن بالله ورسوله وأطاعهما، يعني هل يمكن أن يكون الشكر من كافر، { كَذَلِك َنَجْزِي مَن شَكَرَ} الشكر من شرطه، صحة الشكر من شرطه الإيمان، أي مثل ذلك الإيمان {نَجْزِي مَن شَكَرَ} "أنعمنا وهو مؤمن أو من أمن بالله ورسوله وأطاعهما"؛ لأن الإيمان شرط لقبول الأعمال التي منها الشكر.
{وَلَقَدْ أَنذَرَهُم} [(36) سورة القمر] "خوفهم لوط" {بَطْشَتَنَا} أي: "أخذتنا إياهم بالعذاب" {وَلَقَدْ أَنذَرَهُم} "خوفهم لوط -عليه السلام-" {بَطْشَتَنَا} أي: "أخذتنا إياهم بالعذاب" {فَتَمَارَوْا} "تجادلوا وكذبوا"، تماروا من المراء والامتراء وهو الجدال، أو من المرية وهي الشك، شكوا في ذلك {بِالنُّذُرِ} أي: "بإنذاره".
{وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ} [(37) سورة القمر] {وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ} قومه راودوا لوط عن ضيفه أي: "أن يخلي بينهم وبين القوم الذين أتوه في صورة الأضياف ليخبثوا بهم، وكانوا ملائكة"، ملائكة جاءوا من أجل تنفيذ ما أمر الله به -جل وعلا- من عذابه، مروراً بإبراهيم حين أكرمهم ثم بلوط -عليه السلام-، هؤلاء جاءهم الخبر أن لوطاً عنده أضياف على صور شباب في غاية من الحسن والبهاء والجمال، جاءوا فراودوه يعني تفاوضوا معه وكرروا ذلك "أن يخلي بينهم وبين القوم الذين أتوه في صورة الأضياف ليخبثوا بهم"، يعني ليفعلوا بهم هذا العمل الخبيث الشنيع "وكانوا ملائكة" {فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ} "أعميناهم وجعلناها بلا شق كباقي الوجه" طمس مسح ما في فتحات للعيون، ومنهم من يقول: إنهم أخذت أبصارهم وبقية عيونهم قائمة.
{فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ} "أعميناهم وجعلناها بلا شق كباقي الوجه بأن صفقها جبريل بجناحه"، {فَذُوقُوا} "فقلنا لهم ذوقوا"، "فقلنا لهم ذوقوا" وكثيراً ما يقدر القول {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم} [(106) سورة آل عمران] يعني فيقال لهم: أكفرتم وهنا {فَذُوقُوا} "فقلنا لهم ذوقوا" {عَذَابِي وَنُذُرِ} "أي إنذاري وتخويفي أي ثمرته وفائدته" هذه النتيجة، ذوقوا هذه النتيجة المرة؛ لأن الذوق يبين الطعم {فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ} "أي إنذاري وتخويفي أي ذوقوا ثمرته وفائدته" فالثمرة هي التي تذاق.
{وَلَقَدْ صَبَّحَهُم بُكْرَةً} [(38) سورة القمر] "وقت الصبح من يوم غير معين" للعلة السابقة في سحر، {عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ} "دائم متصل بعذاب الآخرة" {مُّسْتَقِرٌّ} "دائم متصل بعذاب الآخرة" يعني مستقر، يعني متواصل على أن هلكوا جميعهم، ومباشرة بوشروا بعذاب البرزخ الذي يتلوه عذاب النار -نسأل الله السلامة والعافية- {فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ} [(39) سورة القمر] كما تقدم.
{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} [(40) سورة القمر].
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين .....
"إذا أتم ركعة كاملة، الركعة الكاملة تسمى صلاة، وإذا كان إتمامه للركعتين لا يفوت عليه الركعة فإن هذا يتمها خفيفة، أما إذا لم يكمل ركعة كاملة فإنه لم يمض منه حينئذ صلاة أقل من ركعة لا تسم صلاة، فيقطعها.
غير المدخول بها تبين بواحدة، وليس له عليها عدة إذا كانت مرة واحدة، وإخباره بأنه طلقها منشأ بذلك الطلاق، أو أنشأه ويخبر عنه؛ لأنه قد يقول إنه طلقها وهو يكذب لأن هذا خبر وليس إنشاء، إذا أراد بالخبر الإنشاء وقع، وإذا أوقعه قبل ذلك ثم أخبر عنه يكون الطلاق حينئذ واقع، والواحدة تبين غير المدخول بها هذا إذا كانت واحدة، أما إذا كررها فالخلاف معروف، وعلى كل حال إذا كانت واحدة وأراد أن يرجع إليها فبعقد جديد ونكاح جديد ومهر جديد.
الذي يظهر لعموم الناس وهو المتبادر أنه ما يوجد في الجبين من أثر للسجود، لكن القرطبي -رحمه الله- وكثير من أهل التفسير لا يرون مثل هذا؛ لأنه قد يوجد في أفسق الناس؛ لأنه قد يوجد في بعض المنافقين، وبعض الناس يتعمد ويصنعه في نفسه، -يعني يضع على جبينه مادة تحول لونه إلى شيء من هذا الأثر-، ولا شك أن مثل هذا كون الإنسان يقصد إلى أن يوجد هذا الأثر في جبينه هذا مناقض مناقضة تامة للإخلاص، فأهل العلم يقولون: إن {سيماهم في وجوههم} نور يرى في وجه المؤمن المسلم المصلي ولو لم يكن له أثر يميزه عن بقية الوجه، يعني ما يلزم أن يكون في الجبين، أو في طرف الأنف الذي هو مباشر للسجود، المقصود أنه نور ينبعث وترى بعض الناس من أبيض الناس وجها ًثم بعد ذلك ترى عليه الكآبة والظلمة وهو أبيض الوجه، ومنهم من وجهه أقل بياضاً لكن وجهه مشرق من أثر الطاعة والعبادة .
أهل العلم ينصون على أن ما يتعلق باللباس أمر عرفي إلا ما ورد فيه نص من الحث عليه أو المنع منه، وما عدا ذلك فهو أمر عرفي تابع للعرف، ما تعارف عليه الناس يلبس، وما تعارف الناس على تركه وما أوجد مخالفة أو شهرة فإنه يمنع حينئذ، والأزارير من هذا النوع إذا كانت جرت العادة بأنها تفتح تفتح، وإن جرت العادة بأنها تزر وتغلق تزر، وجاء الأمر بالزر ((زره ولو بشوكه))، وجاء فتح الأزارير على كل حال على حسب عادة الناس في ذلك.
يعني عندنا هذا الأمر مستغرب جداً، يعني يوجد بقرة عند شخص مربوطة مستغرب تعرفون أنتم الآن البلديات تمنع وجود هذه البهائم في البيوت؛ لأنها تنبعث منها روائح، وتجتمع عليها الحشرات، وما زال المسلمون على مر العصور عندهم من هذه الحيوانات ما عندهم، عندهم وسائل النقل الحمر مربوطة في البيوت، وعندهم البقر، وعندهم الغنم الحمد الله أمور جرت عليه، ولذلك لما قرأت السؤال!
يقول: عندي بقرة مربوطة بحبل منذ سنين كالعادة في ربط البهائم، وجدتها في أحد الأيام قد ماتت، يقول: مكتوية بالحبل أو ملتوية نعم ملتوية بالحبل، هل علي شيء؟
لا شيء عليك إذا كان ربطها ربطًا عاديًا،، مضى على ذلك سنين فهذا أجلها وهذا حتفها، هل عليه شيء يقصد من الإثم في كونه صار سبباً لتعذيبها؟ وإلا معروف أنه لا كفارة ولا دية إنما لو أساء إليها وعذبها، لا شك أنه أثم لكنه في هذه الحالة لا شيء عليه.
أفضل كتب التفسير المختصرة معروف أن هذا التفسير تفسير الجلالين تكلمنا عليه في مناسبات كثيرة، وأيضا تفسير الشيخ ابن السعدي مناسب جدا لطالب العلم المبتدئ ولعموم الناس، وللمتعلمين من غير المتخصصين في العلم الشرعي أيضا ينفعهم كثيرا؛ لأنه سهل وواضح وليس فيه تعقيد، تفسير الشيخ فيصل بن المبارك توفيق الرحمن لدروس القرآن مختصر من الطبري والبغوي وابن كثير فليحرص عليه طالب العلم.
من حيث أنشأت العمرة، إذا أنشأت العمرة من الجنوب فميقاتك ميقات الجنوب، وإن أنشأتها من جدة فمن حيث أنشأت.
الطلاق يقع بلفظه الصريح، وبالكناية إذا صاحبتها النية ولو لم يشهد على ذلك، كما أن البيع يقع بدون شهادة، نعم الشهادة إنما تطلب عند المقاضاة، -يعني لو ادعى أنه لم يطلق وادعت أنه طلق تطلب الشهادة-، وأما ماعدا ذلك فالمسألة مسألة ديانة بين العبد وبين ربه.
يقول: وقد سمعنا قبل ذلك فتوى غريبة من الأزهر، والسؤال هل يعد هذا تراجع في مكانة الأزهر العلمية، وما توجيهكم في مثل هذه الأمور؟
على كل حال الأزهر له مكانة على مر العصور منذ ألف عام مكانة في علوم معينة، يعني في الفقه، في أصوله، في علوم العربية، في التفسير من نواحي معينة، العناية بالتفاسير التي تهتم بالصناعة اللفظية هذا معروف دور الأزهر في مثل هذا.
أما دوره في الحديث فضعيف، دوره في العقيدة يقرر عقيدة الأشاعرة والماتريدية وغيرهم من العقائد، ولا يعني أن أفراد هذه المؤسسة كلهم بهذه المثابة، لكن في الجملة يعني خلال ألف عام هذه مقرراته، يعني اهتمامه بالفقه، أصول الفقه، علوم العربية بفروعها، أيضا له عناية بالتفسير، لكنه من حيث الصناعة اللفظية أما من تفسير الأثر فعنايتهم به ليست على مستوى الجوانب الأخرى.
العقائد المقررة فيه معروفة يعني هم يقررون المذاهب السائدة في بلدانهم مذهب الأشاعرة، والمذاهب الأخرى مما فيه مخالفة لمذهب السلف، والأزهر كغيره من المؤسسات العلمية تقوى في وقت، وتضعف في وقت، وهناك مؤثرات وضغوط أيضاً، ومعروف المؤسسات العلمية كلها عليها شيء من الضغط، ولو لم يكن في ذلك إلا الانفتاح، انفتاح الدنيا على أهلها يعني كان الأزهر يشترطون لدخوله حفظ القرآن، ما يلتحق طالب بالأزهر إلا حافظ للقرآن، ثم بعد ذلك نجد في الكتب المطبوعة في مصر قبل ستين وسبعين سنة، "شرح الكفراوي" مقرر على أولى ابتدائي -الأجرومية شرح متين ليس بالسهل مقرر على أولى ابتدائي كامل-، شرح القطر على ثاني ابتدائي كامل، شرح شذور الذهب على ثالث ابتدائي كامل، شرح ابن عقيل على الألفية للرابع ابتدائي كامل، لكن تصور أنه عند الدخول يشترط حفظ القرآن والقرآن ييسر جميع العلوم، يسهل على طالب العلم كل العلوم، يعني إذا تأهل لحفظ القرآن فهو أهل لهذه الكتب ولغيرها، لكن هذه أمثلة من مقررات الأزهر، ثم دخله ما دخل غيره من التغيير، تغيير المناهج فصار كغيره من المؤسسات التعليمية العامة التي لا تخرج عالماً، وإنما تخرج إذا كان متميزاً طالب علم يمكن أن يواصل تعليمه من خلال القراءة في الكتب، كما هو وضع التعليم النظامي في كثير من البلدان الإسلامية.
الذي يقرأ القرآن على الوجه المأمور به بالتدبر، والترتيل، والتخشع، وتحسين الصوت وتزيينه، هذا لا شك أن مثل هذا يؤثر لاسيما إذا كان هذا القارئ معروف بصلاحه في الظاهر والباطن -يعني مشهود له-، والتأثر بالقراء لا شك أنه أمر نسبي يختلف من شخص إلى أخر، ولذلكم تجدون الأقوال المتباينة في نظرات الناس إلى القراء، يعني لو وجدت عشرة من طلاب العلم في مجلس وسألتهم من الذي يؤثر فيك من القراء؟ قد لا تجد اثنين متفقين ابدأ يختلفون، هذا يقول فلان، وهذا يقول فلان، وهذا يقول فلان، وهذا في وزن فلان لا شيء، وهذا في وزن فلان كل شيء؛ لأن المسألة مسألة أذواق، يعني كما يختلفون في الألوان، يختلفون في الأشكال، يختلفون في مثل هذا، الأصوات تجد مثلاً من يرجح القارئ الفلاني، وهذا هو القارئ المفضل عنده، والثاني يرجح القارئ الفلاني وهكذا، فالذي يؤثر فيك إلزمه، إلزمه.
يعني التنزه والفرجة والسياحة في أماكن المعصية، هذه أماكن معصية ليست أماكن طاعة لا يجوز إلا على جهة الاعتبار والاتعاظ وشكر النعمة أن خلقه بين أبوين مسلمين وأوجده بينهما، وملتزم للإسلام ظاهراً وباطناً حسب استطاعته أما مجرد زيارة للفرجة فلا.
على كل حال قبل انتشار الأقوال، والترخص بفعل بعض الصحابة ما عرف هذا بين الناس، والنبي -عليه الصلاة والسلام- كان كث اللحية، وتعرف قراءته من خلفه باضطراب لحيته، وجاء الأمر بإعفاء اللحى، وإكرام اللحى، وتوفير اللحى، وليس لأحد مع هذا كلام ألبتة.
يقول وهل العنفقة من اللحية؟
نعم أهل العلم ينصون على ذلك.
العلماء قالوا: إن الجراد المنتشر هذا يعرف غايته، يذهب إلى غاية معينة، والفراش المبثوث لا غاية له، فكأنه في أول الأمر كالفراش المبثوث لا غاية لهم، ثم إذا دعاهم الداعي اتجهوا إليه فتحددت غايتهم.
حينما سأله أبو بكر وغيره؛ لأنه جاء من طرق أن النبي -عليه الصلاة والسلام- سئل عن شيبه؟ فقال: ((شيبتني هود وأخواتها))، ((شيبتني هود وأخواتها)) مع أن الشيب فيه -عليه الصلاة والسلام- قد نفاه بعض الصحابة، وبعضهم أثبته، وسبب نفيه أنه قليل، يعني أنه من بعد لا يرى، والذي يحدد ويقرب من النبي -عليه الصلاة والسلام- كأنس يثبت مثل هذا، أما البعيد لا يثبته؛ لأن الشعر البياض إذا كان شعرات معدودة، كما قيل: اثنا عشر، أو إلى عشرين بضعة، عشر شعرة هذه لا، إذا كانت متفرقة لا ترى من بين الألوف من الشعر، الحديث مثل به بعض أهل العلم الحديث المضطرب، وحكموا باضطرابه؛ لأنه جاء على طرق مختلفة متساوية، وابن حجر أمكنه الترجيح بين هذه الطرق فحكم بحسنه، ولا شك أن سورة هود وما فيها من القصص للأمم الماضية المكذبة للرسل وما صنع الله بهم يعني أمر يؤثر في قلب المسلم، قلب الحي، القلب السليم، أما قلوبنا التي قد غطاها الران من أثر المكاسب، وأثر الاختلاط الخلطة والتخليط هذا لا شك أن مثل هذا التأثير ضعف، حتى أن الإنسان يقرأ هود، أو يقرأ أي سورة من السور لا فرق، أو يقرأ أو يسمع القرآن أو يسمع الأخبار لا فرق، قد يتأثر من بعض الأخبار وبعض المناظر أكثر مما يتأثر بالقرآن، والله -جل وعلا- يقول:{فذكر بالقرآن من يخاف وعيد} [(45) سورة ق] فعلى الإنسان أن يحضر القلب عند قراءة القرآن، وعند سماع القرآن.
الحسن يقول: تفقد قلبك في ثلاثة مواطن: في قراءة القرآن، وفي الصلاة، والذكر فإن لم تجده فاعلم أن الباب مغلق، يعني اسعى في فتحه من جديد، إذا أغلق الباب بينك وبين ربك ماذا ترجو؟ وماذا تأمل؟ ومن ترجو سواه اسع إلى فتحه.
يقول: وأخواتها فماذا يعني بأخواتها؟
جاء في بعض الروايات الواقعة، إذا الشمس كورت ونظائرها.
هذا يقول أو هذه تقول : تعرفون أن العنوسة أصبحت -من المغرب- يقول: أصحبت منتشرة بشكل رهيب في البلدان العربية، وهذا بسبب تعطيل شرع الله فلماذا لا يكون لكم دور فعال في هذا الأمر، تحرضون الشباب على التعدد الذي هو سنة الأنبياء، فالعانسات والمطلقات أصبحن في هم وكرب عظيم تتمنى الواحدة منهن أن تكون رقم أربعين وليس أربعة، فتجد من يؤنسها ويخفف عنها ألآمها ووحشتها، فنرجوا من فضيلتكم أن تدرسوا الأمر وتجدوا له حلاً؟
الحلول في شرع الله يعني التعدد حل لهذه المشكلة، التعدد حل لهذه المشكلة، وعلى كل حال ليس كل إنسان يطيق التعدد؛ لأنه إذا لم يستطع العدل فواحدة لا يجوز له أن يعدد وهو لا يستطيع أن يعدل، ومع ذلك إذا استطاع النفقة على هذه المرأة إلا إذا تنازلت، كما يوجد الآن ما يسمى بزواج المسيار تتنازل عن جميع حقوقها لتتلافى ما بقي من عمرها، قد تصل إلى الأربعين ثم يكون وقت الإنجاب مدته قصيرة فتتنازل عن كل شيء في مقابل أنها تأتي بولدين أو ثلاثة في هذه العشر السنوات أو ما يزيد عليها قليلا، فلا شك أن المسألة كما يقول الناس في أمورهم العادية: مسألة عرض وطلب، تجد البنت قبل العشرين في رأسها شروط مثاليات، والزوج المرسوم في الذهن يمكن لا وجود له في الواقع، ثم بعد ذلك تتنازل تتنازل إلى أن يصل الحد إلى ألا تطلب شيئا، اللهم إلا مبلغاً يسيراً من أجل وجوب الصداق، ومع ذلك لا تريد قسم ولا نفقة ولا سكنى ولا شيء إنما مسيار، يمر عليها إذا تيسر له في الأسبوع مرة أو في الشهرة مرة من أجل الإنجاب، فعلى جميع الأطراف سواء كانوا أولياء الأمور وسواء كان النساء من صغار وكبار، أو الرجال الراغبين في الزواج من كبار وصغار أن ينظروا إلى هذا الأمر بعناية؛ لأن لا شك أن العنوسة شبح مخيف بالنسبة للنساء، لما يرين في مجتمعهن وفي محيطهن، وبنت في السابعة عشرة من عمرها تتصل على شخص كبير يعني فوق الخمسين تطلب منه أن يتزوجها، فسألها ما الذي دعاك إلى هذا ؟ فقالت: في بيتنا خمس أكبر مني، خمس، والكبرى أربعين، وسبعة وثلاثين، وخمسة وثلاثين، اثنين وثلاثين، يعني أصغرهن ثلاثين، وبينها وبين الصغرى منهن ثلاثة أولاد أو أربعة ذكور، فتقول: أخشي أن يصير مصيري مثل مصيرهن فأبادر في هذا، لاشك أن مثل هذا عقل منها محاولة للحل وكونها تعمد إلى هذا الكبير يعني ما عمدة إلى شاب؛ لأنه قد يتردد الشاب يقول: ما عرضت نفسها إلا لأن فيها شيء، الكبير شبه مضمون؛ لأنه لو بحث عن مثلها قد لا يجد فهي أرادة أن تقطع الطريق على هذا الشبح المخيف، ولا شك أن مثل هذا يحتاج إلى تضافر جهود من الولاة والعلماء والدعاة والمصلحين وأولياء الأمور والنساء والشباب أيضاً، هذا يحتاج إلى أن يجتمع الجميع على همة صادقة وعزم أكيد لحل هذا المشكلة، وهي في المغرب بعض الأنظمة القوانين الوضعية تمنع التعدد، هذه مشكلة، هذه كارثة مما يضطر الإنسان أن يتزوج زوجاً شرعياً في الباطن ويظهر خلافه لهذه الأنظمة، إذا عثر عليه يدعي أنها ليست بزوجه، يعني تصل الغربة إلى هذا الحد، غربة الدين تصل إلى هذا الحد في بلاد ينتشر فيها المسلمون، ويكثر فيها المسلمون -والله المستعان-.
على حسب ما يغلب على الظن، يقول: إن تيسرت لنا يعني هذا التردد إن كان الراجح فيه أنك تعتمر فتحرم من ميقاتك الأصلي، وإن كان الراجح عندك أنك لا تعتمر فتحرم من جدة من حيث أنشأت، وإن ترددت وشككت في ذلك فأحرم من جدة.
إذا فرغ من صلاته ((إذا هم أحدكم بالأمر فليصلي ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل)) يعني بعد السلام.
لا شك أن هذه الآية عامة خصتها آية الشرك {إن الله لا يغفر أن يشرك به}
[(48) سورة النساء] ودخل التخصيص في حقوق العباد المبنية على المشاحة، مبنية على المشاحة فلا تدخل في هذا ولابد من التخلص منها.
قول الحنفية معروف في هذا وأنه تخييل وأنه لا حقيقة له، والجمهور على أن له حقيقة ومنه ما هو خيال، يعني منه ما هو خيال لا حقيقة له، ومنه ما له حقيقة والوقع يشهد بذلك.
لا يجوز له نقله؛ لأنه يعينه إلى المكان الذي يؤويه عن نظر المسئولين.
وما حكم الأجرة إن حمله معه؟
إذا قيل لا يجوز حمله فإن الأجرة حينئذ لا تجوز.
وهل هناك فرق إذا كان الراكب في حالة سكر؟
يعني متلبس بالمعصية، أيضا لا يجوز حلمه إذا كان في حالة سكر، إلا إذا خشي من ضرره على الناس، إذا خشي أن يتعدى ضرره إلى غيره فمثل هذا ينقل إلى مكان بحيث يؤمن هذا الضرر، وإذا بلغ عنه أهل الحسبة هذا هو الأصل، لكن إذا عرف هذا الشخص وأنها هفوة وإلا زلة وأراد الإنسان أن يستر عليه له ذلك، أما إذا كان صاحب سوابق ومدمن فمثل هذا لابد أن يبلغ عنه.
هذا يقول: رئيسه في عمله مديره المباشر من المبتدعة، وعملي مرتبط به ومكتبي في نفس الغرفة، ولكنه لم يبادرني بأي شيء سيئ، بل إنه إذا خرجنا لمهمة وحان وقت الصلاة أوقف السيارة وصلى معنا في المسجد، ويطلب مني الإفطار معه يومياً، ويعطيني الهدايا باستمرار فما حكم الإفطار معه وأخذ الهدايا وتبادلها معه، مع العلم أيضاً أنني نصحته وحاورته ولكنه رفض غير مذهبه، وأنا قليل الخبرة في محاورته بمذهبه؟
على كل حال هذا أسلوب يسلكه هؤلاء المبتدعة من باب الدعوة، هو يدعوك إلى مذهبه بحيث تشعر أو لا تشعر "فالفرار، الفرار" يعني ابحث عن عمل آخر، أو أنتقل عنه أقل الأحوال.
ففزع من في السموات ومن في الأرض شامل لكل أحد.
أم أنه فقط على الكافرين؟
هو شامل لكل أحد.
يعني صلاة النافلة ليس لها وقت محدد، النوافل المطلقة متى ما نشطت تصلى على ألا تتقيد بهذا الوقت، بحيث تتكرر معك في كل يوم تتخذ وقتاً لهذا العبادة الخاصة، أما النوافل المطلقة فليس لها وقت إلا ما جاء النهي عنه.