تعليق على تفسير سورة البقرة (44)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
قال الإمام ابن كثير -رحمه الله تعالى-:
"قوله تعالى: { وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [سورة البقرة:125-128] قال الحسن البصري: قوله: {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ} [سورة البقرة:125] قال: أمرهما الله أن يطهراه من الأذى والنجَس، ولا يصيبه من ذلك شيء.
وقال ابن جريج: قلت لعطاء: ما عهده؟ قال: أمره.
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ} [سورة البقرة:125] أي أمرناه، كذا قال، والظاهر أن هذا الحرف إنما عدي بإلى؛ لأنه في معنى تقدمنا، وأوحينا.
وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس قوله: {أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ} [سورة البقرة:125] قال: من الأوثان.
وقال مجاهد وسعيد بن جبير: {طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ} [سورة البقرة:125] إن ذلك من الأوثان والرفث وقول الزور والرجَس.. "
والرجْس
"وقول الزور والرِّجْس.
قال ابن أبي حاتم: وروي عن عبيد بن عمير وأبي العالية وسعيد بن جبير ومجاهد وعطاء وقتادة: أن طهرا بيتي أي بلا إله إلا الله من الشرك."
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
كلام المفسرين في قوله -جل وعلا-: {وعهدنا} يدور حول الأمر والوحي، ولذا عُدِّيَ بإلى {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا} [سورة البقرة:125] يعني أمرناهما بأن طهرا، والأمر يكون بالوحي، والوحي يعدى بإلى، فكان معنى عهدنا مضمَّنًا معنى أوحينا، ولذلك عُدِّيَ بإلى.
{أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ} [سورة البقرة:125] طهراه من النجاسة، والنجاسة تكون حسية بالأقذار، وتكون معنوية، وهي أشد، وهي الشرك، هذه النجاسة المعنوية لا بد من تطهير البيت منها، وجميع بيوت الله تطهَّر، وجميع أرض الله تُطهَّر من الشرك، ولا شك أن تنظيف المساجد وتطهيرها مما يدنسها من الأقذار مطلوب، وأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- ببناء المساجد في الدور، وأن تطهَّر وتُطيَّب، ولا تترك ملعبة للصبيان، ومن في أحكام الصبيان.
ويوجد بعض الناس يدخلون المساجد بعد مزاولة الأعمال، وفي ثيابهم ما يدنس هذه المساجد ويقذرها وإن لم يكن نجسًا، لكن لا بد أن تطهر وتطيب وتنظف، كما أمر النبي -صلى الله عليه وسلم-، هذا بالنسبة للنجاسة المعنوية، وتطهير البيت من هذه النجاسة، أعني النجاسة الحسية في عصرنا هذا لا مزيد عليه، ونحن نرى العمال عمال النظافة في كل لحظة، ولا يخلو منهم بقعة في البيت الحرام يخلو منها من عامل نظافة، ويتتبعون ما يلقى فيه من أشياء وإن لم تكن نجسة، والحمد لله، العمل قائم على أتم حال وأكمل وجه.
لكن الأهم من ذلك تطهير هذا البيت الحرام وغيره من بيوت الله من النجاسة العظمى، وهي الشرك، ونسمع من بعض المبتدعة الغلاة منهم ما يكون فيه نوع شرك، فلا بد من ملاحظة هؤلاء، ولا بد من منع هؤلاء من مزاولة شركهم في أقدس البقاع، وفي غيرها من البقاع، لكن الكلام بصدد البيت الحرام {أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ} [سورة البقرة:125]، وإضافة البيت لله -جل وعلا- إضافة تشريف وتكريم، تشريف وتكريم، بيتي أضافه إلى نفسه -جل وعلا- للتشريف والتكريم. والله المستعان.
طالب: ..........
يعني أوحينا.
طالب: ..........
أمرنا إلى؟ كذا؟
طالب: ..........
عهدنا إلى، إذا كان معناه الأمر ما يتعدى بإلى، وهم متفقون على أن معناه الأمر.
طالب: ..........
حتى ما يوازي أمرنا بحيث لا يحتمل معنى غيره، لا بد أن يضمَّن، لا بد أن يضمَّن، وعلى كل حال تضمين الأفعال ماشٍ، ما فيه شيء، وهو أولى من تضمين الحروف عند شيخ الإسلام.
طالب: ..........
لكن إذا كان موازيه تمامًا فهو بمعناه.
طالب: ..........
الطائف سيأتي أنه إما آفاقي، ويرد على هذا البيت ويطوف لحج أو عمرة ويمشي، أو مقيم في البيت، وحينئذ الآفاقي لا شك أنه غير مقيم، ويحتاج إلى أن يقضي نهمته من البيت ويمشي، وهو أحق بلا شك، ويبقى أنه هل الأولى الطواف أو الصلاة في البيت؟ المسألة خلافية بين أهل العلم، وسيأتي الكلام فيها.
"وأما قوله تعالى: {لِلطَّائِفِينَ} [سورة البقرة:125] فالطواف بالبيت معروف، وعن سعيد بن جبير أنه قال في قوله تعالى: {لِلطَّائِفِينَ} [سورة البقرة:125] يعني من أتاه من غربة {وَالْعَاكِفِينَ} [سورة البقرة:125] المقيمين فيه، وهكذا روي عن قتادة والربيع بن أنس أنهما فسرا العاكفين بأهله المقيمين فيه، كما قال سعيد بن جبير."
وتقديم الطائفين القادمين والوافدين من غربة على العاكفين؛ لأن البيت يستوي فيه المسلمون سواء العاكف فيه والباد، سواء العاكف المقيم في البيت، أو البادي الذي جاء من البادية ليطوف بالبيت أو ليصلي في المسجد هو والعاكف المقيم واحد؛ لأن بعض الناس وهو من أهل البيت وساكنه يرى أن له مزية على غيره في البيت، مزية نحن أهل البيت، كما تقول قريش، فيرون له مزية.
الله -جل وعلا- يقول: {سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} [سورة الحـج:25]، ونرى بعض الناس من أهل البيت في زماننا هذا يأتون إلى البيت وقد يسلطون أتباعهم على من هو في مكانٍ مناسب ومريح على عمود أو على شيء يضيقون عليه أو.. من أجل أن يقولوا: أنت تريد أن تمشي، ما أنت بجالس، لا، هو مثلك كلكم سواء {سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} [سورة الحـج:25]، ولذا قال بعد ذلك: {وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [سورة الحـج:25] معناه أنك أنت يا صاحب البيت والمقيم عند البيت والعاكف فيه لو تعرضت لشخص يريد أن يصلي فرضًا واحدًا وضايقته فهذا إلحاد، ولذلك تعُقِّبَت التسوية بين البادي والمقيم بقوله -جل وعلا-: {وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ} [سورة الحـج:25].
وكثيرًا ما نسمع الأصوات ترتفع والحجز والتقديم والتأخير، وأحيانًا يصل إلى المشاجرة، وسمعنا في آخر لحظة من رمضان قبيل غروب الشمس من آخر يوم يتشاجرون ويتضاربون عند مكان، هذا مكاني، أنا حاجز المكان، وأنا وأنا، لكن إذا غابت الشمس فميعادك عرفة يطلعون عن الحرم حتى يتضاربوا! الآن هؤلاء جاؤوا لأي شيء؟! يطلبون الأجر من الله والثواب منه -جل وعلا-، فيصل الأمر إلى هذا الحد! هذا يدل على خلل في النيات، هذا خلل في النية بلا شك، والذي جاء يطلب الأجر والثواب من الله -جل وعلا- لا يُعرِّض نفسه، لا يُعرِّض نفسه لما ينقض هذا الثواب وهذا الأجر، بل يأثم به.
إضافة إلى أن الذين يحسنون على الناس بتفطيرهم في رمضان وفي غيره تجدهم يوكِّلون أناسًا لا أخلاق لهم، لا أخلاق لهم، فتجدهم يضايقون الناس، ويقيمونهم من أماكنهم، ويقطعون عليهم تلاوتهم وصلاتهم؛ من أجل مد السماط.
طالب: ..........
نعم قبل ساعة ونصف، ساعتين من صلاة العصر وهم يؤذون الناس، ويكفيهم من ذلك نصف ساعة، ومع ذلك إذا رأى الإنسان أن هؤلاء المحسنين يريدون أن يمدوا سماطهم ما يشدون ولا.. يكف رجليهم أو يقوم من المكان أو.. يساعد، يعني وكل إنسان مخاطَب بما يخصه من نصوص الشرع، هذا الذي يفطِّر الناس ويحسن إليهم يبحث عن أناس عندهم أخلاق، ويعرفون كيف يتعاملون مع الناس، والرجل الجالس في هذا المكان إذا رأى أن الحاجة تستدعي أن يقوم من المكان يقوم من غير إثارة، ومن غير شجار، ومن غير رفع أصوات.
طالب: ..........
الشيخ الأمين الشنقيطي سماه إلحادًا في الحرم، سماه إلحادًا في الحرم وقال: من الإلحاد فيه التصوير.
طالب: ..........
أذى لمن يحرمه أيضًا أشد، أذىً لمن يحرمه أشد، نسأل الله العافية.
"وقال وكيع عن أبي بكر الهُذَلي عن عطاء عن.. وقال يحيى بن القطان، وقال يحيى بن القطان عن عبد الملك- هو ابن أبي سليمان- عن عطاء في قوله.."
أين وكيع؟ كما قال سعيد بن جبير..
وقال يحيى بن القطان..
طالب: ..........
ماذا؟
طالب: ..........
ماذا؟
طالب: ..........
نعم رجع.. عندنا يحيى القطان، وفي بعض النسخ مصوَّب ابن القطان، علق عليه بشيء؟ ابن؟
يقول: من (ك) من واحدة من النسخ من (ك).
ولا راجعه؟ لا لا لا، تشال ابن، يحيى القطان، الإمام يحيى بن سعيد.
"وقال يحيى القطان عن عبد الملك هو ابن أبي سليمان عن عطاء في قوله: {وَالْعَاكِفِينَ} [سورة البقرة:125] قال: من انتابه من الأنصار فأقام عنده وقال لنا ونحن مجاورون: أنتم من العاكفين.
وقال وكيع عن أبي بكر الهذلي عن عطاء عن ابن عباس قال: إذا كان جالسًا فهو من العاكفين، وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي قال: حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد بن سلمة قال: حدثنا ثابت قال: قلت لعبد الله بن عبيد بن عمير: ما أراني إلا مكلِّم الأمير أن امنع الذين ينامون في المسجد الحرام، فإنهم يجنبون ويحْدِثون. قال: لا تفعل، فإن ابن عمر سئل عنهم فقال: هم العاكفون.
ورواه عبد بن حميد عن سليمان بن حرب عن حماد بن سلمة به."
هذه مسألة أخرى، ينام بعض الناس بعد صلاة الصبح في المسجد الحرام، وفي رمضان، وفي العشر الأواخر يكثرون، والمسجد يحتاج إلى شيء من التنظيف وتغيير الفرش، ثم يوقَظون، لكن على من يتولى التنظيف أن ينظر في الأوقات المناسبة التي لا تؤثر على هؤلاء الذين قدموا لهذا البيت؛ ليرتاحوا ويتقووا بذلك على العبادة في بقية يومهم وليلتهم، فالمسألة تسديد ومقاربة، المكان يحتاج إلى تعاهد في التنظيف والتطهير، لكن مع ذلك ملاحظة الناس والرفق بهم هو المطلوب.
"قلت: وقد ثبت في الصحيح أن ابن عمر كان ينام في مسجد الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهو عزب، وأما قوله تعالى: {وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [سورة البقرة:125] فقال وكيع عن أبي بكر الهذلي عن عطاء عن ابن عباس: {وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [سورة البقرة:125] قال: إذا كان مصليًا فهو من الركع السجود."
لأنه لا يوجد صلاة بدون ركوع ولا سجود، المقصود بالركع السجود المصلون؛ لأن الصلاة تشتمل على ركوع وسجود، وأما الركوع والسجود بدون قيام ولا قراءة ولا.. فهذه ليست صحيحة إلا فيما يتعلق بسجود التلاوة وسجود الشكر. على كل حال معروف أنه لا صلاة إلا بركوع أو سجود.
"وكذا قال عطاء وقتادة، وقال ابن جرير -رحمه الله-: فمعنى الآية: وأمرنا إبراهيم وإسماعيل بتطهير بيتي للطائفين والتطهير الذي أمرهما به في البيت هو تطهيره من الأصنام وعبادة الأوثان فيه ومن الشرك، ثم أورد سؤالاً فقال: فإن قيل: فهل كان قبل بناء إبراهيم عند البيت شيء من ذلك الذي أُمر بتطهيره منه؟ وأجاب بوجهين:
أحدهما: أنه أمرهما بتطهيره مما كان يُعبَد عنده زمان قوم نوح من الأصنام والأوثان؛ ليكون ذلك سنة لمن بعدهما؛ إذ كان الله تعالى قد جعل إبراهيم إمامًا يقتدى به كما قال عبد الرحمن بن زيد: {أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ} [سورة البقرة:125] قال: من الأصنام التي يعبدون، التي كان المشركون يعظِّمونها.
قلتُ: وهذا الجواب مفرَّع على أنه كان يعبد عنده أصنام قبل إبراهيم -عليه السلام-، ويحتاج إثبات هذا إلى دليل عن المعصوم محمد -صلى الله عليه وسلم-."
هذا الجواب الذي ذكره متفرع عن أصلين:
الأول: ما ذكره المؤلِّف، كان يعبد أو أنه كان يعبد عنده أصنام قبل إبراهيم -عليه السلام-، الأمر الثاني..
الأصل الثاني: أن البيت أول من بناه.. يحتاج إلى تطهير قبل إبراهيم، يعني قبل بناء.. طهرا بيتي بعد بنائه من قِبَل إبراهيم وإسماعيل، أو قبل بنائه، وقد بني قبله وعرف مكانه من قِبَل الملائكة أو آدم على ما سيأتي الخلاف فيه، والمرجَّح أن الذي بناه إبراهيم -عليه السلام-، وما جاء من روايات فيه أن الملائكة بنوه قبله، وأن آدم بناه قبله هذه كلها روايات إسرائيلية لم يثبت فيها من شرعنا بشيء.
"الجواب الثاني: أنه أمرهما أن يخلصا في بنائه لله وحده لا شريك له، فيبنياه مطهَّرًا من الشرك والرِّيَب.. من الشرك والرَّيْب."
نعم الشك نعم.
"كما قال -جل ثناؤه-: {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ} [سورة التوبة:109]، قال: فكذلك قوله: {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا} [سورة البقرة:125] على طهر من الشرك بي والرَّيْب."
لا لا، {طَهِّرَا بَيْتِيَ} [سورة البقرة:125] أي ابنيا بيتي على طُهْر من الشرك بي {أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ} [سورة البقرة:125] أي ابنيا بيتي على طُهْر من الشرك بي والرَّيْب.
طالب: متأخرة، جاء بها عندنا متأخرة، فيه تقديم وتأخير.
ماذا عندك؟
أن طهرا بيتي على طهر من الشرك بي والريب، كما قال السدي..
لا لا، أي ابنيا بيتي على طُهْر من الشرك بي والرَّيْب.
يقول: كما قال السدي أن طهرا بيتي: ابنيا بيتي للطائفين.
لا، هذه ثانية، ثانية ذي، أي ابنيا بيتي على طُهْر من الشرك بي؛ لأنه مبني على الكلام الذي قبله، فذلك قوله أي أمرهما أن يخلصا في بنائه لله وحده لا شريك له، فيبنياه مطهَّرًا من الشرك والرَّيْب، طهِّرا: ابنيا على طُهْر، هذا الكلام، هذا مبني على الأول.
"قال: فكذلك قوله: {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا} [سورة البقرة:125] أي ابنيا بيتي على طهر من الشرك بي والرَّيْب، كما قال السدي، أن طهرا بيتي: ابنيا بيتي للطائفين، وملخَّص هذا الجواب أن الله تعالى أمر إبراهيم وإسماعيل -عليهما السلام- أن يبنيا الكعبة على اسمه وحده لا شريك له للطائفين به، والعاكفين عنده، والمصلين إليه من الركَّع السجود، كما قال تعالى: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لاَّ تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [سورة الحـج:26].
وقد اختلف الفقهاء أيهما أفضل: الصلاة عند البيت، أو الطواف؟ فقال مالك: الطواف به لأهل الأمصار أفضل من الصلاة عنده. وقال الجمهور: الصلاة أفضل مطلقًا، وتوجيه كلٍّ منهما يُذكَر في كتاب الأحكام."
كتاب الأحكام للمؤلف، الحافظ ابن كثير، وهذا مبني على أن المضاعفة الصلاة، ثبت فيها النص أن الصلاة بالبيت الحرام بمائة ألف صلاة.
بقية العبادات من الصوم والزكاة والطواف وغيرها المضاعفة بهذا المقدار لم يرد فيها شيء، لكن لا شك أنها أفضل منها في غير مكة وفي غير البيت الحرام، فإذا قلنا: إن المضاعفة بمائة ألف صلاة، فيكون الفرض الواحد بكم؟ بخمس وخمسين سنة، خمس وخمسين سنة، الله المستعان، وإذا كان الفرض الواحد في مقام خمس وخمسين سنة من الصلوات.
الصحابة -رضوان الله عليهم- تبعًا لمحمد -عليه الصلاة والسلام- الرسول الكريم، أمروا بالهجرة منها إلى المدينة، وسيأتي في الخلاف أن الجمهور على أن مكة أفضل من المدينة، وبعد ذلك لما توفي النبي -عليه الصلاة والسلام- تفرق الصحابة في الأمصار وذهبوا إلى بلدان تستوي، وأنها لا مضاعفة فيها إلا بقدر إخلاص العامل وبذله لدينه، تفرقوا من أجل فتح البلدان، والدعوة إلى الله، وتعليم الناس العلم، فهل هذا مبرِّر لأن تُترَك هذه المضاعفات، أو نقول: إن الدعوة وبذل العلم أفضل من هذه المضاعفات؟
طالب: ..........
ماذا؟
طالب: ..........
نعم هذا نفع متعدٍّ.
طالب: ..........
هو في الغالب أفضل، وإلا فالصلاة أفضل من الزكاة، والزكاة متعدٍّ، وهذا لازم، لكن الحكم في الغالب.
على كل حال ما فعله الصحابة لا شك أنه أكمل وأتم، ويبقى أن تنوُّع العبادات والقيام بأمور الدين مفرَّقًا موزَّعًا على المسلمين، لا شك أن الدعوة فرض كفاية، التعليم فرض كفاية، لكن إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين، وإذا لم يقم به أحد أثموا، ولا شك أن القيام بهذه الأمور من فروض الكفايات من أهم المهمات، وإسقاط الواجب عن بقية الناس له فضله وأجره عند الله -جل وعلا-، ولذلك آثر الصحابة أن ينتقلوا من بلاد الحرمين إلى غيرها من البلدان؛ لنشر الدين، وإعلاء كلمة الله بالجهاد، وتعليم العلم؛ ليُعبد الله على بصيرة، هذا هو المبرر لتفرق الصحابة. الآن لو أن شخصًا تيسرت له وظيفة وفيها نفع من قضاء أو تعليم أو دعوة في مكة أو المدينة، ثم أخذ يطالِب إلى أن نقل إلى بلد آخر ليس فيه مضاعفة.
طالب: ..........
ماذا نقول؟
طالب: ..........
يكون مثل فعل الصحابة، والأمور بمقاصدها الأمور بمقاصدها.
طالب: ..........
لكنه مضعَّف الحديث، فيه كلام، الحديث فيه ضعف.
طالب: ..........
موقوف على ابن عباس، هذا اجتهاده؛ لأنه فيه شبه من الصلاة اللغوية، فيه دعاء، ولكنه ليس فيه، وأيضًا هم استدلوا بالحديث على شرطية الطهارة للطواف؛ لأنه صلاة، وعلى كل حال هذه أمور تفصيلها في مناسباتها.
طالب: ..........
مسافر؟ ابن عمر يقول: لو كنت متنفِّلا لأتممت، هل يشمل النافلة أم خاص بالفريضة؟
طالب: ..........
لأن صلاته في بيته أفضل، يعني في المدينة النبي -عليه الصلاة والسلام- ذكر حديث المضاعفة للصلاة بألف صلاة، وصلاة المرء في بيته أفضل إلا المكتوبة، مع أنه في بيته ما فيه مضاعفة، المضاعفة خاصة بالمسجد، فكل نوع من أنواع العبادات له فضله ومزيته بحسب النصوص واتباعها.
طالب: ..........
لا، الحرم كله، بالنسبة لمكة الحرم كله.
"والمراد من ذلك الرد على المشركين الذين كانوا يشركون بالله عند بيته المؤسَّس على عبادته وحده لا شريك له، ثم مع ذلك يصدون أهله المؤمنين عنه، كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [سورة الحـج:25] ثم ذكر أن البيت إنما أُسِّس لمن يعبد الله وحده لا شريك له إما بطواف أو صلاة، فذكر في سورة الحج أجزاءها الثلاثة قيامها وركوعها وسجودها، ولم يذكر العاكفين؛ لأنه تقدم {سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} [سورة الحـج:25] وفي هذه الآية الكريمة ذكر الطائفين والعاكفين، واجتزأ بذكر الركوع والسجود عن القيام؛ لأنه قد عُلم أنه لا يكون ركوع وسجود إلا بعد قيام، وفي ذلك أيضًا رد على من لا يحجه من أهل الكتابين اليهود والنصارى؛ لأنهم يعتقدون فضيلة إبراهيم الخليل وعظمته، ويعلمون أنه بنى هذا البيت للطواف في الحج والعمرة وغير ذلك، وللاعتكاف، والصلاة عنده، وهم لا يفعلون شيئًا من ذلك، فكيف يكونون مقتدين بالخليل وهم لا يفعلون ما شرع الله له، وقد حج البيت موسى بن عمران وغيره من الأنبياء -عليهم السلام- كما أخبر بذلك المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى.
وتقدير الكلام إذًا: وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أي تقدمنا بوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع والسجود، أي طهراه من الشرك والريب، وابنياه خالصًا لله معقلاً للطائفين والعاكفين والركع السجود، وتطهير المساجد مأخوذ من هذه الآية، ومن قوله تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ} [سورة النــور:36].
ومن السنة من أحاديث كثيرة من الأمر بتطهيرها وتطييبها، وغير ذلك من صيانتها من الأذى والنجاسات وما أشبه ذلك، ولهذا قال -صلى الله عليه وسلم-: «إنما بنيت المساجد لما بُنيت له»، وقد جمعتُ في ذلك جزءًا على حدة، ولله الحمد والمنَّة.
وقد اختلف الناس في أولِ من بنى الكعبة، فقيل: الملائكة قبل آدم، وروي هذا عن أبي جعفر الباقر محمد بن علي بن الحسين، ذكره القرطبي، وحكى لفظه، وفيه غرابة.
وقيل: آدم -عليه السلام- رواه عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء وسعيد بن المسيب وغيرهم أن آدم بناه من خمسة أجبل من حراء وطور سيناء وطور زيتاء وجبل لبنان والجودي، وهذا غريب أيضًا.
وروي نحوه عن ابن عباس وكعب الأحبار وقتادة، وعن وهب بن منبه: أن أول من بناه شيث -عليه السلام-، وغالب من يذكر هذا إنما يأخذه من كتب أهل الكتاب، وهي مما لا يصدَّق ولا يكذَّب، ولا يعتمَد عليها بمجردها، وأما إذا صح حديث في ذلك فعلى الرأس والعين."
لا شك أنه إذا صح الحديث فليس لأحد كلام، لكن كل ما ذُكر في الباب إنما هو متلقَّى عن أهل الكتاب، وعندنا النصوص من القرآن والسنة تدل على أن من بناه هو إبراهيم {اجْعَلْ هَذَا} [سورة البقرة:126]، يعني هذا المكان {اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً} [سورة البقرة:126] اجعل هذا يعني ما بعدُ صار بيتًا، وقوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً} [سورة البقرة:126] يعني اجعل هذا المكان الخالي الذي ما فيه أثر للبناء، اجعله بلدًا آمنا، وارزق أهله من الثمرات من آمن..
نعم، ماذا؟
طالب: ..........
{بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ} [سورة إبراهيم:37] بعد بنائه.
طالب: ..........
ماذا؟
طالب: ..........
أو في مكانه عند مكان بيتك المحرم قبل بنائه.
طالب: ..........
مكان البيت؛ لأنه يقول: اجعل هذا يعني بلد ما فيه شيء، مستوي، اجعله بلدًا آمنًا.
طالب: ..........
سيأتي ذكر القواعد.
طالب: ..........
ما فيه البيت، فيه الصفا والمروة فقط.
"وقال فخر الدين الرازي: الأكثرون من أهل الأخبار على أن البيت كان موجودًا قبل إبراهيم على ما روينا فيه من الأحاديث، واحتجوا بقوله تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ} [سورة البقرة:127] فدل على وجود القواعد قبل ذلك، وفيما قاله نظر، فإنه لم يرد شيء من الأحاديث المرفوعة تدل على ما ذكره، وفي الاستدلال على ما ذكره من الآية نظر؛ إذ لا يلزم وجود القواعد قبل ذلك، والله أعلم.
وقوله تعالى.."
هذا النقل عن الرازي ليس موجودًا في أكثر النسخ. طبعة طيبة موجود؟
طالب: موجود يا شيخ...
معك؟
طالب: دار طيبة..
نعم، السلامة.
طالب: موجود
موجود؟
النقل عن الرازي؛ لأنه ما هو موجود عندنا..
حتى ولا هذه، ما فيه..
على كل حال إذا عرفنا أن هذا التفسير ألَّفه الحافظ ابن كثير في أول الأمر إملاءً في الدرس، وكان ما كُتب إنما هو إلقاءً في الدرس، بدأ في الكتابة من سورة الأنعام -رحمه الله-، ثم بعد ذلك أعاد النظر فيه وصار يزيد نقولاً، مر بنا عن القرطبي كثير، وقد ينقل عن الزمخشري، وقد ينقل عن الرازي، وكل هذه النقول لا توجد في العرضة الأولى للكتاب التي هي عبارة عن النسخة الأزهرية، وعنها طبعة دار الشعب، هي من النسخة الأزهرية،.. وجميع هذه النقول لا توجد فيها، لكن أخذ الحافظ يزيد -رحمة الله عليه-، يراجع الكتاب ويزيد فيه نقولًا من الكتب كالرازي والزمخشري والقرطبي وغيرهم، وهذا منها، وقد يوجَد في بعض النسخ ما لا يوجد في بعضها، تكون هذه النسخة على العرضة الأولى، وهذه النسخة على العرضة الثانية، وهذه على الثالثة، وهكذا حتى ما فيه زيادات تجد فيه نقصًا عن بعض النسخ الأخرى التي أضيف إليها آخرًا، ومنها مثل هذا النقل لا يوجد في بعض النسخ، ويوجد في بعضها، مع أن النسخ التي لا يوجد فيها موجود فيها نقول أخرى بعد العرضة الأولى.
طالب: يعني الشيخ حذف أشياء..؟
لا، ما حذف، هو يزيد، ما ينقص، هو يزيد، ولا ينقص، وقلت مرارًا في مناسبات: إن النسخة الأزهرية هي أقدم النسخ، وما فيها صحيح، بل يعتبر أصح؛ لأنها أول نسخة ظهرت للكتاب وفي عصر المؤلِّف، والشيخ الشيخ أحمد شاكر يثني عليها كثيرًا، وصوَّرها وجلدها واعتنى بها، ورقَّمها وعلَّق عليها، لكن الشيخ محمد رشيد رضا لما طبع الكتاب، تفسير ابن كثير ومعه البغوي ذم هذه النسخة وقال: نسخة سقيمة وليست صحيحة، وفيها خروم، وفيها أسقاط، هي ما هي أسقاط، لكنها زيادات زيدت في النسخ الأخرى، وتبقى صحتها بما فيها، ما فيها يعتبر من أصح ما يوجد من النسخ، ويمثِّل هذه النسخة طبعة دار الشَّعب كما ذكرنا مرارًا، ولذلك إذا قال المحققون: هذا لا يوجد في (ز) يعني الأزهرية، فهو ليس موجود قطعًا في دار الشعب.
"وقوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} [سورة البقرة:126] قال الإمام أبو جعفر بن جرير: حدثنا ابن بشار قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا سفيان عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن إبراهيم حرَّم بيت الله وأمَّنه، وإني حرمت المدينة ما بين لابتيها، فلا يصاد صيدها، ولا يُقطَع عضاهها»، وهكذا رواه النسائي عن محمد بن بشار عن بُندار به، وأخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة، وعن.."
السند لا كلام فيه، ورجاله كلهم ثقات، ما فيه إلا عنعنة أبي الزبير في روايته عن جابر، وهو مدلِّس.
"وأخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد، كلاهما عن أبي أحمد الزَّبِيري.."
الزُّبَيري.. الزُّبَيري..
"عن أبي أحمد الزُّبَيري عن سفيان الثوري، وقال ابن جرير أيضًا: حدثنا أبو كريب وأبو السائب قالا: حدثنا ابن إدريس، وحدثنا أبو كريب قال: حدثنا عبد الرحيم الرازي قالا جميعًا: سمعنا أشعث عن نافع عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن إبراهيم كان عبد الله وخليله، وإني عبد الله ورسوله، وإن إبراهيم حرَّم مكة، وإني حرمت المدينة ما بين لابتيها عضاهها وصيدها، لا يُحمَل فيها سلاح لقتال، ولا يُقطع منها شجرة إلا لعلف بعير». وهذه الطريق غريبة ليست في شيء من الكتب الستة، وأصل الحديث في صحيح مسلم من وجه آخر عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: كان الناس إذا رأوا أول الثمر جاؤوا به إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فإذا أخذه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «اللهم بارك لنا في ثمرنا، وبارك لنا في مدينتنا، وبارك لنا في صاعنا، وبارك لنا في مُدِّنا، اللهم إن إبراهيم عبدَك وخليلَك ونبيَّك..»."
عبدُك.
"«اللهم إن إبراهيم عبدُك وخليلُك ونبيُّك، وإني عبدك ونبيك، وإنه دعاك لمكة، وإني أدعوك للمدينة بمثل ما دعاك لمكة ومثله معه»، ثم يدعو أصغر وليد له فيعطيه ذلك الثمر. وفي لفظ: بركة مع بركة، ثم يعطيه أصغر من يحضره من الولدان، هذا لفظ مسلم."
.. تفضَّل.
طالب: ........
أين؟
طالب: ........
نعم ليست في شيء من الكتب الستة.
طالب: ........
وهذه الطريق.. نعم أهل الحديث عمومًا يؤنثون الطريق، ولهذا الحديث طريق أخرى.
طالب: ........
وهذه.. لا.. وفي القرآن التذكير {طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً} [سورة طـه:77] ما قال: يابسة.
طالب: ........
لا، هذه على كل حال يُذكَّر ويؤنَّث، وأهل الحديث أكثرهم على التأنيث من طريق أخرى.
"ثم قال ابن جرير: حدثنا أبو كريب قال: حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا بكر بن مضر عن ابن الهادي عن أبي بكر بن محمد عن عبد الله بن عمرو بن عثمان عن رافع بن خديج قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن إبراهيم حرَّم مكة، وإني أحرم ما بين لابتيها» انفرد بإخراجه مسلم، فرواه عن قتيبة عن بكر بن مضر به، ولفظه كلفظه سواء.
وفي الصحيحين عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأبي طلحة: «التمس لي غلامًا من غلمانكم يخدمني». فخرج بي أبو طلحة يردفني وراءه، فكنت أخدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كلما نزل. وقال في الحديث: ثم أقبل حتى إذا بدا له أحد قال: هذا جبل يحبنا ونحبه، فلما أشرف على المدينة قال: «اللهم إني أحرم ما بين جبليها مثل ما حرم به إبراهيم مكة اللهم بارك لهم في مدهم وصاعهم»، وفي لفظ لهما: «اللهم بارك لهم في مكيالهم وبارك لهم في صاعهم وبارك لهم في مدهم»، زاد البخاري: يعني أهل المدينة.
ولهما أيضًا عن أنس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ما جعلت بمكة من البركة»، وعن عبد الله بن زيد بن عاصم -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إن إبراهيم حرم مكة ودعا لها، وحرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة، ودعوت لها في مدها وصاعها مثل ما دعا إبراهيم لمكة» رواه البخاري، وهذا لفظه، ومسلم ولفظه: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن إبراهيم حرم مكة ودعا لأهلها، وإني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة، وإني دعوت لها في صاعها ومدها بمثلي ما دعا إبراهيم لأهل مكة»، وعن أبي سعيد -رضي الله عنه-.."
لحظة.. في بعض النسخ: بمثل، والصواب بمثلَي، ماذا عندك؟
طالب: ........
شف بمثل؟ شف الشعب.
طالب: ........
بمثل بماذا معلِّق؟
طالب: ........
لكن العبرة بما في الأصل، العبرة بما في الأصل، يُنظَر صحيح مسلم، لكن هو مثل ما قال المحقِّق إنه لولا الاختلاف بين لفظ البخاري ومسلم ما أعاد لفظ مسلم.
طالب: ........
ما يتبين عند كثير منهم الفرق بين الضعف والضعفين.
طالب: ........
ماذا؟
طالب: ........
والله الضعف المثلان معروف، الضعف المثلان، وإذا قال: ضعفي، كثير منهم يقول: لا فرق، يعني مثلَي.
طالب: ........
طيب والبخاري ما فيه إلا مثل حتى إذا كان هناك في البخاري مثل، وفي مسلم بمثل ومثلين، فإفراد رواية مسلم من أجل الرواية من أجل اللفظ الثاني الذي يختلف..
طالب: ........
لكن فيه مثل وفيه مثلين.
طالب: ........
خلاص.
طالب: ........
نعم، كونه يوجَد مثل كما في البخاري ما فيه إشكال، لكن العبرة بالرواية التي تختلف عن رواية البخاري، وأفردها هنا، يصير له وجه الإفراد.
طالب: ........
على كل حال مادامت موجودة في الصحيح فما فيه إشكال.
"وعن أبي سعيد -رضي الله عنه-.."
لحظة..
طالب: ........
لا، المضاعَفة أقل، ليست بمثل في المضاعفة في المدينة، لكن البركة البركة بمثلَي مثل ما..
طالب: ........
أين؟
طالب: ........
مثله لكن ما.. أما بالنسبة للمضاعفة لم تكن مثل ولا مثلَين المضاعفة بمكة أكثر، بهذا ثبتت السنة.
طالب: ........
هذه بركة.
طالب: ........
على كل حال، هو ما أفرد رواية مسلم إلا ليبين الاختلاف في اللفظ.
"وعن أبي سعيد -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «اللهم إن إبراهيم حرم مكة فجعلها حرامًا، وإني حرمت المدينة حرامًا ما بين مأزميها ألا يُهراق فيها دم، ولا يُحمل فيها سلاح لقتال، ولا يُخبط فيها شجرة إلا لعلف، اللهم بارك لنا في مدينتنا، اللهم بارك لنا في صاعنا، اللهم بارك لنا في مدنا، اللهم اجعل مع البركة بركتين» الحديث رواه مسلم.
والأحاديث في تحريم المدينة كثيرة، وإنما أوردنا منها ما هو متعلق بتحريم إبراهيم -عليه السلام- لمكة؛ لما في ذلك من مطابقة الآية الكريمة، وتمسك بها من ذهب إلى أن تحريم مكة إنما كان على لسان إبراهيم الخليل، وقيل: إنها محرمة منذ خلقت مع الأرض، وهذا أظهر وأقوى، وقد وردت أحاديث أخر تدل على أن الله تعالى حرم مكة قبل خلق السموات والأرض، كما جاء في الصحيحين عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم فتح مكة: «إن هذا البلد حرام حرمه الله يوم خلق السموات والأرض، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي، ولم يحل لي إلا ساعة من نهار، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يعضد شوكه، ولا ينفَّر صيده، ولا تلتقط لقطته إلا من عرفها، ولا يختلى خلاها» فقال العباس: يا رسول الله إلا الإذخر، فإنه لقينهم ولبيوتهم. فقال: «إلا الإذخر»، وهذا لفظ مسلم، ولهما عن أبي هريرة نحو من ذلك، ثم قال البخاري بعد ذلك: وقال أبان بن صالح عن الحسن بن مسلم عن صفية بنت شيبة: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- مثله، وهذا الذي علَّقه البخاري رواه الإمام أبو عبد الله بن ماجه عن محمد بن عبد الله بن نمير عن يونس بن بُكير عن محمد بن إسحاق عن أبان بن صالح عن الحسن بن مسلم بن ينَاق.."
يَنَّاق.
"ابن يَنَّاق عن صفية بنت شيبة قالت: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب عام الفتح فقال: «يا أيها الناس إن الله حرم مكة يوم خلق السموات والأرض، فهي حرام إلى يوم القيامة، لا يُعضد شجرها، ولا ينفَّر صيدها، ولا يأخذ لقطتها إلا منشد» فقال العباس: إلا الإذخر، فإنه للبيوت والقبور، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إلا الإذخر». وعن أبي شريح العدوي.."
وهذا الاستثناء كان بوحي من الله -عز وجل- على نبيه -عليه الصلاة والسلام- بعد مشورة العباس -رضي الله عنه-؛ لأنه لا ينطق عن الهوى، ما هي استجابة لرغبة عمه مجردة عن الوحي.
"وعن أبي شريح العدوي أنه قال لعمرو بن سعيد، وهو يبعث البعوث إلى مكة: ائذن لي أيها الأمير أن أحدِّثك قولاً قام به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الغد من يوم الفتح سمعته أذناي، ووعاه قلبي، وأبصرته عيناي حين تكلم به، إنه حمد الله، وأثنى عليه ثم قال: «إن مكة حرمها الله، ولم يحرِّمها الناس، فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دمًا ولا..»."
يضعد عندنا..
يعضد يعضد..
"«ولا يعضد بها شجرة..»."
يعني لا يقطع.
"«فإن أحد ترخص بقتال رسول -صلى الله عليه وسلم- فقولوا: إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم، وإنما أذن لي فيها ساعة من نهار، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، فليبلِّغ الشاهد الغائب» فقلت لأبي شريح: ما قال لك عمرو؟"
فقلت أو فقيل؟
فقلت أو فقيل؟ لأبي شريح، ماذا عندك؟
"فقيل لأبي شريح.."
فقيل؟
طالب: ........
نعم.
"فقيل لأبي شريح: ما قال لك عمرو؟ قال: أنا أعلم بذلك منك يا أبا شريح، إن الحرم لا يعيذ عاصيًا ولا فارًّا بدم ولا فارًّا بخَرِبَة. رواه البخاري ومسلم، وهذا لفظه، فإذا عُلِم هذا فلا منافاة بين هذه الأحاديث الدالة على أن الله حرَّم مكة يوم خلق السموات والأرض.."
عمرو بن سعيد الأشدق، ويبعث البعوث إلى مكة لقتال ابن الزبير، أُورد عليه الحديث الصحيح وردَّه، إن هذا البيت لا يعيذ عاصيًا ولا فارًّا بدم، يعني المعنى أنه من ارتكب ما يوجب الحد أنه يقام عليه بالبيت، والبيت لا يعيذه، وعلى كل حال مسألة إقامة الحدود بالبيت هل تنافي ما قُدِّر قدرًا وقضاءً أن من دخله كان آمنًا؟ هذه المسألة خلافية، وتقدم شيء منها.
"وبين الأحاديث الدالة على أن إبراهيم -عليه السلام- حرمها؛ لأن إبراهيم بلَّغ عن الله حكمه فيها وتحريمه إياها، وأنها لم تزل بلدًا حرامًا عند الله قبل بناء إبراهيم -عليه السلام- لها، كما أنه قد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مكتوبًا عند الله خاتَم النبيين، وإن آدم لمنجدل في طينته، ومع هذا قال إبراهيم -عليه السلام-: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ} [سورة البقرة:129] الآية، وقد أجاب الله دعاءه بما سبق في علمه وقدره.
ولهذا جاء في الحديث أنهم قالوا: يا رسول الله، أخبرنا عن بدء أمرك. فقال: «دعوة أبي إبراهيم، وبشرى عيسى ابن مريم، ورأت أمي كأنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام» أي أخبرنا عن بدء ظهور أمرك، كما سيأتي قريبًا، إن شاء الله."
طالب: ........
كيف ما يعرف؟
طالب: ........
حرمة البيت قبل أن يحرمه الله ويخصه بهذا التحريم لا يعرفه أحد إلا إذا بُلِّغ قبل أن يُبَلَّغ به ما يعرف -عليه السلام-.
طالب: ........
لا، العباس -رضي الله عنه- رأى أن من مصلحة الناس أن يستثنى الإذخر، فطلب من النبي- عليه الصلاة والسلام- أن يستثنيه، فجاء الوحي باستثنائه.
طالب: ........
ووفق بذلك.. كثير من أسباب النزول فيها موافقات كثيرة للصحابة، لكن ليس العدد مثل ما حصل لعمر وعرف بذلك من الموافقات الثابتة له -رضي الله عنه- وأرضاه.
طالب: ........
أما دخوله لمكة فمنصوص عليه في آية التوبة معروف، هذا هو متفق عليه، لكن دخوله للمدينة أهل العلم قالوا: إن الأدلة لا تنهض على تحريمها عليه، وأنهم كانوا موجودين في عصر الصحابة.
طالب: ........
لا، في عهد عمر من الذي قتل عمر؟
طالب: ........
نعم، محمد بن بشار هو بُندار، بُندار.
طالب: ........
غندر محمد بن جعفر.
طالب: ........
لا لا، هو بندار.
طالب: يعني تصح العبارة عن غندر..؟
عن غندر، ما أدري عن شيخه من هو، لكن لو حذف عن استقام الكلام.
طالب: ........
هذه ما هي فروق ذي.
طالب: ........
الاختلاف في مثل ومثلَي، هذا الذي يحتاج إلى تنبيه.