شرح أبواب الطهارة من سنن الترمذي (27)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الإمام الترمذي -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في كم تمكث النفساء؟
حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال: حدثنا شجاع بن الوليد أبو بدر عن علي بن عبد الأعلى عن أبي سهل عن مسة الأزدية عن أم سلمة قالت: كانت النفساء تجلس على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أربعين يوماً فكنا نطلي وجوهنا بالورس من الكلف.
قال أبو عيسى: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث أبي سهل عن مُسة الأزدية عن أم سلمة واسم أبي سهل: كثير بن زياد.
قال محمد بن إسماعيل: علي بن عبد الأعلى ثقة وأبو سهل ثقة، ولم يعرف محمد هذا الحديث إلا من حديث أبي سهل، وقد أجمع أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- والتابعين ومن بعدهم على أن النفساء تدع الصلاة أربعين يوماً إلا أن ترى الطهر قبل ذلك فإنها تغتسل وتصلي، فإذا رأت الدم بعد الأربعين فإن أكثر أهل العلم قالوا: لا تدع الصلاة بعد الأربعين، وهو قول أكثر الفقهاء، وبه يقول سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق، ويُروى عن الحسن البصري أنه قال: إنها تدع الصلاة خمسين يوماً إذا لم تطهر.
إذا لم ترَ الطهر.
عفا الله عنك.
ويروى عن الحسن البصري أنه قال: إنها تدع الصلاة خمسين يوماً إذا لم ترَ الطهر.
ويروى عن عطاء بن أبي رباح والشعبي ستين يوماً.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في كم تمكث النفساء؟" يعني مدة النفاس بعد الولادة، والنفاس والنفساء أصله من النفس، وجمعها نفوس، إما لخروج هذه النفس الذي هو الولد، أو يراد بالنفس الدم، كما يقول الشاعر:
تسيل على حد الضبات نفوسنا ج |
|
................................... |
يعني دماؤنا، ويقول الفقهاء: ما لا نفس له سائلة فهو طاهر، يعني ما لا دم له، والغالب أن النفساء مع الولادة، وبعد الولادة يخرج منها الدم الذي هو النفس، إذا خرج منها الدم بعد الولادة لزمها ما يلزم الحائض، وإذا ولدت بدون دم لا يلزمها المكث بل يجب عليها أن تصلي وتصوم، ولا حد لأقل النفاس؛ لأنه وجد من ولدت بغير دم، ووجد من قطع دمها في اليوم الأول، وبعد ذلك كثير، المقصود أنه لا حد لأقله، وأما أكثره فهو محل الخلاف الذي فيه حديث الباب، فجماهير أهل العلم على أن أكثر النفاس أربعون يوماً وعليه يدل الحديث، ومنهم من يقول: خمسون، ومنهم من يقول: ستون، وجاء فيه ما جاء، ومنهم من يقول: بالنظر إلى الوجود ما وجد أكثر من سبعين، ومثل هذا لا يصحح جميع ما ورد في الباب، وإنما نظر إلى الواقع، فقال: أكثر ما وجد الدم بعد الولادة سبعون يوماً، فهذا أكثر النفاس، لكنه لا يدل عليه دليل، وحديث الباب صالح للاحتجاج، وأغرب ابن حزم حيث زعم أن النفاس كالحيض، أكثره سبعة أيام، أكثر النفاس سبعة أيام مثل الحيض، وهذا لا شك أنه قول غريب لا حظ له من النظر ولا الأثر.
قال -رحمه الله-: "حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال: حدثنا شجاع بن الوليد أبو بدر" كوفي صدوق "عن علي بن عبد الأعلى" التغلبي الكوفي صدوق أيضاً "عن أبي سهل" كثير بن زياد البرساني، وهو ثقة "عن مُسة الأزدية" مُسَّة أم بُسَّة يعني اسمها وكنيتها من الغرائب، وهي مقبولة على ما قال أهل العلم، مقبولة والمقبول مثلما ذكرنا في الليِّن أمس، القاعدة تفيد كما قال ابن حجر: إنه ليس له من الحديث إلا القليل، ولم يثبت في حقه ما يترك حديثه من أجله فإن توبع فمقبول وإلا فليِّن، فهل توبعت مُسة الأزدية على هذا الحديث ليكون حديثها مقبولاً أو تبقى ليِّنة كما لو في حالة ما إذا لم تتابع، هي متابعة، ولذلك وصفت بأنها مقبولة، وإذا نظرنا إلى السند وجدناه قابل للتحسين بذاته "عن أم سلمة قالت: كانت النفساء تجلس" تجلس يعني بعد الولادة "على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أربعين يوماً" إذا قال الصحابي: كنا نفعل فهو مرفوع، حكمه حكم المرفوع لا سيما إذا أضافه إلى عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- مع أن منهم من يقول: إذا قال: كنا نفعل ولو لم يضفه إلى عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- فهو مرفوع، لكن الآن تقول: على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهو مرفوع بلا تردد "أربعين يوماً" وهذا في وقت التنزيل، ولو كان شيئاً لا يقر عليه شرعاً لما أقره النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولما أقره الرب -جل وعلا-، وأنزل فيه ما أنزل، ولذا يقول جابر: "كنا نعزل والقرآن ينزل" ولو كان شيئاً ينهى عنه لنهى عنه القرآن، فمثل هذا يفعل على عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- "قالت: فكنا نطلي" يعني نلطخ "وجوهنا بالورس" نبت أصفر، له لون وله رائحة، ينبت باليمن "من الكَلَف" الكلف لون بين السواد والحمرة فيكون في الوجه، وكأنه حبوب وبثور تخرج في الوجه يكون لونها بين السواد والحمرة.
"قال أبو عيسى: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث أبي سهل" كثير بن زياد البرساني، وهو ثقة، ويقبل تفرده "عن مسة الأزدية عن أم سلمة" وأخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والدارقطني والحاكم، وله شاهد من حديث أنس عند ابن ماجه، فالحديث حسن صالح للحجية.
قال الترمذي: "واسم أبي سهل كثير بن زياد" على ما ذكرنا، وهو ثقة "قال محمد بن إسماعيل: علي بن عبد الأعلى ثقة وأبو سهل ثقة" إذاً ما عندنا إلا شجاع ومسة، هما الذين ينزلان عن درجة الثقة، لكن حديثهما في حيز القبول فهو حسن "ولم يعرف محمد هذا الحديث إلا من حديث أبي سهل" ولذا قال: غريب لا نعرفه إلا من حديث أبي سهل، لكن هل سهل هذا وهو ثقة عند أهل العلم..؟ يقولون: أبو سهل ثقة، يقوله البخاري -رحمه الله- وغيره يوثقه، هل هذا ممن يحتمل تفرده أو لا يحتمل؟ نعم يحتمل تفرده إذا جاء بحديث لا يُخالف عليه، لا يخالفه من هو أوثق منه فتفرده مقبول.
قال: "ولم يعرف محمد هذا الحديث إلا من حديث أبي سهل" ولا يضر الحديث تفرد أبي سهل به لأنه ثقة، يقول: "وقد أجمع أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- والتابعين ومن بعدهم على أن النفساء تدع الصلاة أربعين يوماً إلا أن ترى الطهر قبل ذلك فإنها تغتسل وتصلي" إجماعاً، يعني إذا رأت الطهر بعد أسبوع، بعد أسبوعين، بعد شهر يلزمها أن تغتسل وتصلي، متى رأت الطهر، ولا يقال: إن هذه معتادة أو غير معتادة يعني جاءت بخمسة أولاد كلهم يستوعبون الوقت أربعين يوماً، أو كلهم تطهر لشهر، ثم بعد ذلك زادت عن الشهر في الولد السادس أو السابع، نقول: ما زاد عن العادة حكمه حكم الحيض لا، هو نفاس حتى تطهر ما دامت في حيِّز الأربعين، فإذا تمت الأربعون ولم تطهر صار البقية دم فساد لا تجز إلا إذا صادف وقت العادة، إذا صادف وقت عادتها أو لون عادتها فنقول: إن هذه عادة.
يقول: "تدع الصلاة أربعين يوماً إلا أن ترى الطهر قبل ذلك فإنها تغتسل وتصلى، فإذا رأت الدم بعد الأربعين فإن أكثر أهل العلم يقولون: لا تدع الصلاة بعد الأربعين، وهو قول أكثر الفقهاء" الآن يقول: أجمع أهل العلم، أجمع وهنا يقول: فإن أكثر أهل العلم قالوا: لا تدع الصلاة بعد الأربعين، وهو قول أكثر الفقهاء كيف يكون إجماع ثم يكون قول أكثر الفقهاء؟ هل نقول: إن هذا تساهل في نقل الإجماع أو أن نقول: إن الترمذي -رحمه الله تعالى- يرى أن الإجماع قول الأكثر لا قول الجميع؟ كما عرف ذلك من مذهب الطبري -رحمه الله-، الإجماع عند الطبري قول الأكثر، لا يلزم أن يتفق عليه جميع المجتهدين، إذا قال به الأكثر هذا إجماع عنده، ولذلكم في تفسيره في كثير من الآيات، في القراءات في الأحكام في التوجيهات العربية وغيرها كلها يذكر الإجماع ويذكر مخالف، يقول: وقد اختلف القرأة في قراءة كذا والأكثر..، أو وقرأ فلان وفلان وفلان على كذا، وقرأ فلان بكذا، والصوب عندنا في ذلك القول الأول أو من قراءه على كذا لإجماع القرأة على ذلك، فهو يرى أن الإجماع قول الأكثر، ولعل الترمذي ينحو هذا المنحى.
طالب:.......
نعم أي بعد الأربعين، هنا يقول: قد أجمع أنها تدع الصلاة أربعين.
طالب:.......
إيه يعني هذه مسألة ثانية أيضاً، مسألة ثانية، وهي: هل الأخذ بالأقل يعد إجماعاً أو لا يعد؟ نعم لو عرفنا أن لزيد على عمرو مبلغ من المال دين، وإحنا عشرة، قلت أنا: الدين ألف ريال، قال الثاني: ألف ومائة، قال الثالث: ألفين، قال الثالث: ثلاثة ألاف، قال كذا، الإجماع كله اتفق على الألف، كلهم يتفقون على الألف، والخلاف فيما زاد مثل مسألتنا، وهذه مسألة خلافية، هل يعد إجماع الأخذ بالأقل أو لا يعد مع وجود المخالف؟ الأكثر على أنه لا يعد إجماعاً، حتى من هذه الحيثية لا يعد إجماعاً، وهذا مسألة أيضاً ينبغي العناية بها؛ لأنها مسألة تمر في كتب الأصول ما يلقي لها بال طالب العلم وهي في غاية الأهمية، ولها فروع كثيرة.
"وهو قول أكثر الفقهاء، وبه يقول سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق" وهو قول الحنفية أربعون يوماً، قال الشوكاني: والأدلة الدالة على أن أكثر النفاس أربعون يوماً متعاضدة، بالغة إلى حد الصلاحية والاعتبار فالمصير إليها متعين "ويروى عن الحسن البصري أنه قال: إنها تدع الصلاة خمسين يوماً إذا لم تر الطهر" إذا لم تر الطهر خمسين يوماً، وكأن الحسن لم يطلع على هذا الحديث أو لم يثبت عنده، ورأى من النساء من يستمر معها الدم إلى الأربعين؛ لأنه أذا لم يوجد نص إذا لم يوجد دليل يدل على التحديد فالمرجع في ذلك إلى العرف والعادة، فإذا وجدت من تمكث خمسين يوماً مثل ما قال الحسن تمكث خمسين يوماً، منهم من قال: ستين وأكثر ما قيل سبعين، وهذا أكثر ما وجد، فعلى كل حال بعد ثبوت هذا الخبر يتعين المصير إليه، ولا عذر لأحد على القول به إلا من رأى أنه لا يثبت عنده، يعني لو لم يثبت هذا الخبر قلنا: يرجع فيه إلى العادة، والعادة متفاوتة، من النساء من تجلس أقل القليل يوم واحد أو لا تكمل اليوم، ومنهن من تجلس أكثر من ذلك أسبوع، شهر أكثر، وأكثر ما وجد قالوا: سبعون يوماً، وهذا الأكثر عند بعضهم.
"ويروى عن عطاء بن أبي رباح والشعبي: "ستين يوماً" وهو قول الإمام الشافعي، وكل هذا نظراً إلى عادة النساء، وجد من تجلس ستين يوماً ينزل معها الدم ستون يوماً قالوا: أكثره ستون يوماً، وقيل: سبعون يوماً، وهو أكثر ما وجد على ما ذكرنا.
سم.
عفا الله عنك.
قال -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في الرجل يطوف على نسائه بغسل واحد
حدثنا بندار -محمد بن بشار- حدثنا أبو أحمد حدثنا سفيان عن معمر عن قتادة عن أنس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يطوف على نسائه في غسل واحد.
قال: وفي الباب عن أبي رافع.
قال أبو عيسى: حديث أنس حديث حسن صحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يطوف على نسائه بغسل واحد، وهو قول غير واحد من أهل العلم منهم الحسن البصري أن لا بأس أن يعود قبل أن يتوضأ، وقد روى محمد بن يوسف هذا عن سفيان، فقال: عن أبي عروة عن أبي الخطاب عن أنس وأبو عروة هو معمر بن راشد وأبو الخطاب قتادة بن دِعامة.
قال أبو عيسى: ورواه بعضهم عن محمد بن يوسف عن سفيان عن ابن أبي عروة عن أبي الخطاب وهو خطأ والصحيح عن أبي عروة.
يقول الإمام الترمذي -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في الرجل يطوف على نسائه بغسل واحد" يعني من غير فاصل، لا يفصل بين الجماعين بغسل، وليس فيه ذكر للوضوء، هل كان يتوضأ أو لا يتوضأ؟ وهل كان يتوضأ وضوء شرعياً أو لغوياً على ما سيأتي؟
"باب: ما جاء في الرجل يطوف على نسائه بغسل واحد"
قال: "حدثنا بندار -محمد بن بشار- حدثنا أبو أحمد" الزبير بن محمد بن عبد الله الزبيري، من الثقات "حدثنا سفيان" وهو الثوري "عن معمر" بن راشد الصنعاني المعروف "عن قتادة" بن دعامة السدوسي "عن أنس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يطوف" يعني يُجامع "يطوف على نسائه" هنا فائدة تتعلق بالعربية والتضمين "كان يطوف على نسائه" إيش معنى يطوف؟ إما أن نقول: يقع أو يجامع، لكن كثير من أهل اللغة يرى أن الفعل لا يضمَّن معنى فعل إلا إذا كان هذا الفعل مثله، فإن كان لازماً يضمَّن فعل لازم، إذا كان متعدياً يضمن فعل متعدي بنفس الحرف؛ لأن عندنا تضمين حروف وتضمين أفعال، فنحتاج أحياناً إلى تضمين الفعل، وأحياناً نحتاج إلى تضمين الحرف، وشيخ الإسلام يرى أن تضمين الفعل أولى من تضمين الحروف، لمسألة يعاني منها مسألة عقدية شيخ الإسلام -رحمه الله- بيّن ذلك في مقدمة التفسير، على كل حال لو قلنا: يطوف ويش معناها؟ معناها يجامع، يجامع نساءه ما يحتاج إلى حرف متعدي بنفسه، وإذا قلنا: يطوف، يطوف نساءه لا، ما تصلح، فلا بد أن نضمِّن على هذا القول الفعل المتعدي بالفعل المتعدي، والفعل اللازم بالفعل اللازم، المتعدي بنفسه يُعدى بفعل متعدي بنفسه، والفعل المتعدي بالحرف يعدى بفعل متعدي بالحرف ليكون في معناه من كل وجه، لكن ما نرى أهل العلم حينما يضمِّنون يلتزمون هذا الأمر أبداً يعني {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [(71) سورة طـه] يعني ما المضمن هنا الفعل وإلا الحرف؟ الأكثر على أنهم يضمنون الحرف بمعنى (على) أصلبنكم على جذوع النخل، ومنهم من يقول: لا، أصلبنكم نضمنه فعل يصلح لأن يتعدى بـ(في) فكأنه قال من شدة الصلب انحفرت هذه الجذوع فدخلوا فيها، كأنه قال: لأدخلنكم في جذوع النخل، هذه مبالغة في الصلب على جذوع النخل.
على كل حال طالب العلم يجعل هذه المسائل في ذهنه وإذا مر عليه يجمع النظائر إلى نظائرها ويستفيد -إن شاء الله تعالى-.
"كان يطوف على نسائه في غسل واحد" يعني فيغتسل غسلاً واحداً، إذا فرغ وكان نساؤه أعدادهن متفاوتة، لكن أقلهن التسع، تسع في أخر الأمر التي توفي عنهن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تسع، اجتمع عنده إحدى عشرة، المقصود أنه يطوف على جميع هؤلاء النسوة بغسل واحد، فقيل لأنس: أو يطيق ذلك؟! قال: "كنا نحدث أنه أعطي قوة ثلاثين" فالحديث دليل على أن الغسل بين الجماعين ليس بواجب وعليه الإجماع، أجمع العلماء على أنه لا يجب أن يغتسل بين الجماعين.
وفي هذا الحديث ما يدل على أن القسم ليس بواجب عليه -عليه الصلاة والسلام-، غسل واحد يجمع هذه الوقائع بغسل واحد، وكل واحدة في يومها وإلا في يوم واحد بل في ساعة واحدة؟ هي في ساعة واحدة في ليل أو نهار والغالب أنها العصر، والغالب أنها العصر فإذا لم يتيسر له العصر فبعد صلاة المغرب، هذا المعروف عنه -عليه الصلاة والسلام-، والقسم كما هو معلوم بالنسبة للمعدد واجب، والميل محرم، فلا بد من العدل، والذي لا يستطيع أن يعدل عليه بالواحدة، على أن العدل من كل وجه ليس بالمقدور لكل أحد، بل ليس بالمقدور لأي أحد {وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ} [(129) سورة النساء] والذي يميل إلى إحدى زوجاته دون الأخريات هذا يأتي يوم القيامة وشقه مائل كما في سنن أبي داود، القسم واجب، ومثل هذا الذي يحصل منه -عليه الصلاة والسلام- لا شك أنه على قول من يقول: القسم ليس عليه بواجب، وهذا ظاهر ما فيه إشكال، وعلى من يقول: إن القسم واجب يقول: إن هذا بالاتفاق، إذا اتفق مع جميع الزوجات الأمر لا يعدوهن، حتى لو شخص وجد عنده أربع نسوة وقال: العصر ما هو لأحد أبا أمر على الجميع أجلس عند كل واحدة نصف ساعة ووافقوا كلهم على ذلك الأمر لا يعدوهن، لكن لو خالفت واحدة وقالت: أنا لا أرضى يلزمه أن يبقى عندها في نوبتها ولا يمر على أحد من نسائه، وإن اتفق الثلاث فالأمر بينهن يسير ويبقى الرابعة، لكن إن اتفق الجميع برضا الجميع فالأمر لا يعدوهن، قد يكون كما يقول أهل العلم: عمدة القسم الليل، وعلى هذا فالنهار لا يلزمه أن يقسم بين نسائه، لكن لا يجوز له أن يخصص بعض النساء بمرور أو مجيء أو نوم في النهار، ويقول: هذا من حقي لا ليس من حقك، من حقك أن تنام في المسجد، من حقك أن تذهب للنزهة، من حقك أن تسير من شئت، لكن ليس من حقك أن تذهب إلى ضرة؛ لأن بعض الناس قد يصنع مثل هذا، وبعض الناس قد يتذرع بالأولاد يقول: أنا ما أروح للمرأة أنا أروح لأولادها، لا، لا يجوز لك أن تفعل ذلك، فالقسم واجب والعدل فيه متعين إلا فيما لا يملك، فالذي يقول: إن القسم ليس عليه بواجب عليه -عليه الصلاة والسلام- وهو قول معروف عند أهل العلم يقول: يصنع ما شاء يصرف الوقت لمن شاء، والذي يقول: إن القسم عليه واجب لكنه برضا الجميع، وهذا يصوغ له -عليه الصلاة والسلام- ولغيره بالرضا، بعضهم يقول: إن هذا يحصل منه -عليه الصلاة والسلام- عند قدومه من سفر، يعني قبل أن تتحدد صاحبة النوبة، هذا الوقت الذي جاء به من السفر ما هو لأحد فيمر على الجميع، وهذا لمجرد توجيه الحديث مع وجوب القسم، وهذا قاله ابن عبد البر -رحمه الله-، والمسألة ظاهرة يعني إذا كانت برضا فلا إشكال، وإن كان لا يجب عليه القسم فهذا أيضاً من خصائصه -عليه الصلاة والسلام- كما قيل.
قال -رحمه الله-: "وفيه عن أبي رافع" عند أبي داود وابن ماجه.
"قال أبو عيسى: حدث أنس حديث حسن صحيح" وأخرجه الجماعة، الجماعة السبعة، البخاري ومسلم وأبي داود الترمذي، النسائي، ابن ماجه، أحمد، صحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يطوف على نسائه بغسل واحد، وسليمان -عليه السلام- طاف على تسع وتسعين امرأة، طاف على تسع وتسعين امرأة، وقال: إنه يطوف لتأتي كل واحدة منهن -وأقسم على ذلك- بولد يجاهد في سبيل الله فلم يستثنِ؛ ما قال: إن شاء الله فلم تأتِ واحدة منهن بشيء إلا واحدة بشق ولد، نصف ولد فالأمور كلها معلقة بالله -جل وعلا-، ولا يدل الإنسان بعلمه أو بعمله ويقول: إنه وصل لحد أنه يقسم على الله لا، عليه أن يكون دائماً متهماً لنفسه هاضماً لحقه، والله المستعان.
"وهو قول غير واحد من أهل العلم منهم الحسن البصري ألا بأس أن يعود قبل أن يتوضأ" والحديث ليس فيه ذكر للوضوء، بل فيه نفي للغسل وسيأتي الأمر بالوضوء، والحديث ليس فيه نفي للوضوء فيه نفي للغسل، "وقد روى محمد بن يوسف" الفريابي "هذا عن سفيان فقال: عن أبي عروة عن أبي الخطاب عن أنس" عن سفيان عن أبي عروة عن أبي الخطاب، وهنا عن سفيان عن معمر عن قتادة عن أنس لا اختلاف بينهما، ليس في هذا خلاف "فأبو عروة هو معمر بن راشد" الذي صُرح به في الرواية الأولى "وأبو الخطاب هو قتادة بن دعامة" لكن معمر عرف باسمه وقتادة عرف باسمه، والتكنية بالنسبة لمن عرف بالاسم من باب الإغراب، وبعضهم يفعلها تدليساً لا سيما إذا كان الراوي ضعيفاً فيكنيه من أجل ألا يعرف، وهنا أبو الخطاب يندر من يعرف أن كنية قتادة أبو الخطاب، وكذلك معمر بن راشد من يعرف أنه أبو عروة؟ فالمشهور باسمه يُذكر باسمه، المشهور بكنيته يذكر بكنيته، المشهور بهما يذكر بهما، المشهور بوصفه كالأعمش والأعرج والمعروف بمهنته كالسمان والزيات والخلّال يذكر بما عرف به، فإذا ذكر بما لا يعرف به هذا يسمونه تدليس الشيوخ.
"وأبو عروة هو معمر بن راشد وأبو الخطاب هو قتادة ابن دعامة"، قال أبو عيسى: ورواه بعضهم..." يعني ابن الترمذي -رحمه الله- ما ساق هذا على أنه وجه من وجوه الاختلاف، هذا مو باختلاف الرواة هم هم ما تغيروا، فلم يختلف فيه رواته على أحدهم لكنه أغرب في هذه الكنى التي لا يعرفون بها.
"قال أبو عيسى: ورواه بعضهم عن محمد بن يوسف الفريابي عن سفيان عن ابن أبي عروة عن أبي الخطاب" ابن أبي عروة ولا شك أن هذا كما قال الترمذي: خطأ، والصحيح أنه عن أبي عروة، وهي كنية معْمر بن راشد والحديث مخرج في الصحيح وغيرهما، نعم.
عفا الله عنك.
قال -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في الجنب إذا أراد أن يعود توضأ
حدثنا هناد حدثنا حفص بن غياث عن عاصم الأحول عن أبي المتوكل عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ بينهما وضوءاً» قال: وفي الباب عن عمر.
قال أبو عيسى: حديث أبي سعيد حديث حسن صحيح، وهو قول عمر بن الخطاب، و قال به غير واحد من أهل العلم، قالوا: إذا جامع الرجل امرأته ثم أراد أن يعود فليتوضأ قبل أن يعود، وأبو المتوكل اسمه: علي بن داود وأبو سعيد الخدري اسمه: سعد بن مالك بن سنان.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في الجنب إذا أراد أن يعود" يعود إلى موجب الجنابة وهو الوطء، إذا أراد أن يعود مرة ثانية أو ثالثة أو حسب ما يطيق، عرفنا أنه لا يلزمه الغسل بالإجماع، فهل يلزمه الوضوء أو لا يلزمه وضوء أيضاً؟
يقول -رحمه الله تعالى-: "حدثنا هناد حدثنا حفص بن غياث عن عاصم الأحول عن أبي المتوكل" هناد بن السري معروف من شيوخ الأئمة، وحفص بن غياث أيضاً كذلك ثقة، وعاصم بن سليمان الأحول ثقة عن أبي المتوكل الناجي على بن داود أو ابن دؤاد ثقة أيضاً، الناجي من بني ناجية، قبيلة معروفة، وهناك من يعرف بالناجي وله تعليق على الترغيب والترهيب، وليس من بني ناجية، ليس من بني ناجية، إنما هو انتقل من مذهب الإمام أحمد إلى مذهب الشافعي فقيل له: الناجي؛ لأنه نجا على حد زعم القائل يعني من تشديدات الحنابلة، وما زال في القديم والحديث ينبز بالتحنبل، فإذا رأوا شخصاً متشدداً قالوا: هذا حنبلي، حتى الآن موجود في بعض الأقطار، وما ذلكم إلا لأن المذهب التزم السنة ظاهراً وباطناً، إمام المذهب إمام أهل السنة، فمن ينتسب إليه ينسب إلى التشديد، مع أنه في كثير من المسائل هو مشترك مع الأئمة الأربعة، وبعضها يخالف قد يكون قوله أشد لكن يوافقه مالك، قد يكون قوله أشد يوافقه الشافعي، قد يكون قوله أخف، قد يكون قوله... إلى أخره المقصود أنه كغيره من المذاهب، لكن قد يلاحظ الملاحظ أن هناك شدة تحري وتثبت في إتباع السنة، من هذه الحيثية وصف هذا المذهب بالتشدد، وقيل: إنه نجا بانتقاله من مذهب الإمام أحمد إلى مذهب الشافعي.
واختصم اثنان -هذه من الطرائف- في ولد، كل واحد منهما يدعيه، فاحتكما إلى مغفَّل، فأحدهما من بني ناجية أو بني طفاوة نسيت الآن، والثاني من بني راسب، فقال هذا المغفل: ارموه في البحر إن نجا فهو من بني ناجية، وأن رسب يعني دخل..، يعني غرق في البحر فهو من بني راسب، أظنه من بني طفاوة يقولون: انطفى يعني ارتفع فهو منكم، وإن رسب وغرق فهو من بني راسب، هذه القصة تذكرنا بقصة سليمان مع المرأتين؛ لأنه مع الأسف كتب عنها في الصحف على أنها خرافة، لما جاءت له المرأتان التي تختصمان في ولد، كل واحدة منهما تدعيه كبرى وصغرى، فقال لهما بعد أن أصرّتا على الدعوى قال: نأتي بسكين ونشقه نصفين، نشقه بنصفين فكل واحدة نعطيها نصف وينتهي الإشكال، ماذا تقولين؟ يقول للكبرى قالت: افعل، فقال للصغرى: ماذا تقولين؟ قالت: هو لها، ما دام يشق هو لها، فحكم به للصغرى؛ لأن الذي جادت به أن يشق نصفين هذه ليست أم، قطعاً ليست أم، بينما التي تمسَّكت وقالت: يبقى حي ولو لم يكن لي أسهل هذه هي الأم الحقيقية، كتب عنها واحد في الصحف على أنها خرافة، وهي ثابتة، وهذا من فهم سليمان الذي فهمه الله -جل وعلا-، فهذا الطفل الذي اختصم فيه بنو طفاوة وبنو راسب، لو قُضي فيه بقضاء سليمان -عليه السلام- عرف الحق من الباطل، مع أن فيه حكمنا دلالات وقرائن تدل على صاحب الحق من القيافة وغيرها.
"عن أبي المتوكل" وهو ثقة "عن أبي سعيد الخدري عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذ أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ بينهما» يعني بين الوطئين «وضوءاً» كوضوء الصلاة، وحمله بعضهم على الوضوء اللغوي، وقال المراد به غسل الفرج، ورد عليه ابن خزيمة بما أخرجه في هذا الحديث: «فليتوضأ وضوءه للصلاة» ولا شك أن وضوء الصلاة يخفف الجنابة، والأمر فليتوضأ للاستحباب عند جمهور أهل العلم، وقال الظاهرية: يجب، وقال أبو يوسف: لا يستحب، أقوال متباينة بين قول من يجب وقول لا يستحب، وهذا يذكرنا في قول السعيدين، سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير، يقول سعيد بن المسيب: إذا جاوز الميقات فلا شيء عليه، ويقول سعيد بن جبير: إذا تجاوز الميقات فلا حج له، أقوال متباينة مثل هنا يقول الظاهرية: يجب، ويقول أبو يوسف: لا يستحب، والجمهور..، لأن هذا الأمر ثابت مخرج عند الجماعة كلهم إلا البخاري، فأقل أحواله الاستحباب، استدل الجمهور على الاستحباب بما رواه الطحاوي عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يجامع ثم يعود ولا يتوضأ، واستدل ابن خزيمة على عدم الوجوب بالعلة، العلة: "فإنه أنشط للعود" يعني هذا رفقًا بالمكلف أنشط له فلا يكون مثل هذا واجباً عليه، وفي العارضة -عارضة الأحوذي- قال: زعم بعضهم أنه منسوخ، أمر به إذ كان الجنب لا يذكر الله، وذهب إليه الطحاوي ليس بصحيح، فإن ذلك لم يكن ولا روي، يعني أن الجنب لا يذكر الله إلا إذا كان المقصود بالذكر القرآن.
قال: "وفي الباب عن عمر" وابنه قال الشارح: لم أقف على من أخرج حديثهما "قال أبو عيسى: حديث أبي سعيد حديث حسن صحيح" ومثل ما ذكرنا مخرج عند مسلم وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه "وهو قول عمر بن الخطاب، وقال به غير واحد من أهل العلم قالوا: إذا جامع الرجل امرأته ثم أراد أن يعود فليتوضأ قبل أن يعود، وأبو المتوكل اسمه: علي بن داود" بتقديم الألف على الواو، ويقال: دواد، بتقديم الواو على الألف "وأبو سيعد الخدري اسمه: سعد بن مالك بن سنان" الخدري الأنصاري الخزرجي، خدرة أو خدارة بطنان من الأنصار كما هو معروف.
سم.
نعم؟
طالب:.........
لا هذاك ما في ذكر لا ذكر ولا..، عدم الذكر ليس بذكر، لا يلزم، يعني عدم الذكر ليس بعدم للوجود، لأن هذا ليس بصارف، لكن العلة تصرف، إذا عرفنا أن الشارع أمرنا بهذا رفقاً بنا عرفنا أنه لا يطلبه تديناً تشرعاً، نعم.
سم.
طالب:........
ويش هو؟
طالب:........
طيب؟ يغتسل يغتسل من كل...، بعدد.. ما يوجد هنا إنما هو في بيان الجواز وإلا الأصل أن يغتسل، يعني مثل ما يقال: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [(6) سورة المائدة] الأصل أنه كلما قمت إلى الصلاة تتوضأ، لكن صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم الفتح الصلوات بوضوء واحد، نعم.
عفا الله عنك.
قال -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء إذا أقيمت الصلاة ووجد أحدكم الخلاء فليبدأ بالخلاء:
حدثنا هناد بن السري حدثنا أبو معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الأرقم قال: أقيمت الصلاة فأخذ بيد رجل فقدمه وكان إمام قومه، وقال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إذا أقيمت الصلاة ووجد أحدكم الخلاء فليبدأ بالخلاء».
قال: وفي الباب عن عائشة وأبي هريرة وثوبان وأبي أمامة.
قال أبو عيسى: حديث عبد الله بن الأرقم حديث حسن صحيح، هكذا روى مالك بن أنس ويحيى بن سعيد القطان وغير واحد من الحفاظ عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الأرقم، وروى وهيب وغيره عن هشام بن عروة عن أبيه عن رجل عن عبد الله بن الأرقم، وهو قول غير واحد من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- والتابعين، وبه يقول أحمد وإسحاق قالا: لا يقوم إلى الصلاة وهو يجد شيئاً من الغائط والبول، وقالا: إن دخل في الصلاة فوجد شيئاً من ذلك فلا ينصرف ما لم يشغله، وقال بعض أهل العلم: لا بأس أن يصلي وبه غائط أو بول ما لم يشغله ذلك عن الصلاة.
يقول المؤلف -رحمه الله-: "باب: ما جاء إذا أقيمت الصلاة ووجد أحدكم الخلاء فليبدأ بالخلاء" إذا وجد أحد الأخبثين يدافعه ويضغط عليه، بعض الناس يقول: نتحمل ونصبر ونصلي مع الناس، ولا يفوتنا شيء، وبعد ذلك نقضي الحاجة، مع أنه ثبت في الصحيحين وغيرهما: «لا صلاة في حضرة طعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان» والسبب في ذلك أن هذا يشغل عن الصلاة، وأقل الأحوال أنه يذهب الخشوع، ومنه ما هو شديد بحيث لا يعقل من صلاته شيء، ومنه ما هو متوسط، ومنه ما هو خفيف، فإذا لم يشغله عن صلاته فليصل، وإذا شغله عن صلاته فليبدأ به.
يقول: «إذا أقيمت الصلاة ووجد أحدكم الخلاء فليبدأ بالخلاء» يعني يقضي حاجته ثم يرجع وهو عذر في هذه الحالة في ترك الجماعة، يعني لو اعتبرنا أنه سمع الإقامة وذهب المسجد وهو على طهارة ثم أحس بأحد الأخبثين يدافعه، ثم ذهب ليقضي حاجته ويتوضأ ثم فاتته الصلاة ما يلام على هذا، ما يقال: أنت تركت واجب.
قال: "حدثنا هناد بن السري حدثنا أبو معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه،عن عبد الله بن الأرقم قال عروة: أقيمت الصلاة فأخذ" عبد الله بن الأرقم "بيد رجل فقدمه" ليؤم الناس لأن الضمائر قد توقع في شيء من اللبس، عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الأرقم قال: أقيمت الصلاة فأخذ بيد رجل من القائل؟ لو قلنا: إنه أقرب مذكور؟ قلنا: إن المراد عبد الله بن الأرقم، قال عبد الله بن الأرقم: أقيمت الصلاة فأخذ من الذي أخذ؟ المفترض أن يقول: فأخذت بيد رجل فقدمت وكنت إمام قومي، لكن ما دام قال فالمراد عروة: أقيمت الصلاة فأخذ عبد الله بن الأرقم بيد رجل فقدمه ليؤم الناس، "وكان" عبد الله بن الأرقم "إمام قومه" ولو انتظروه لما كان كثير أن يُنتظر الإمام، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- دخل المسجد فأقام بلال، فقاموا في الصف فتذكر أن عليه غسل فذهب واغتسل ورجع وهم على قيامهم، كثير من الناس يقولون: هذا النبي يستحق أن ينتظر وغيره؟ الناس كثير، لكن إمام الحي الراتب له شأن حتى قال بعض أهل العلم: أنه لو أقيمت الصلاة بدون إذنه ما صحت الصلاة يعيدونها، لكن صحة الصلاة ما فيه إشكال، لكن يبقى أنهم آثمون إذا افتأتوا عليه فهو أحق بالإقامة ولو تأخر ينتظر، لكن الناس الآن ما يطيقون مثل هذه الأمور، ولذلك تجد الإمام يضطر أن يقول للمؤذن: إذا مضى دقيقة أو دقيقتين أقم لا تنتظرني؛ لأن الجماعة لا يحتملون الصبر مع أنهم على خير ينتظرون الصلاة فهم في صلاة، والذي بيده مصحف يزيد عشرة آيات عشرين آية وأجر عظيم، والذي يتنفل يصلي ركعتين خير من الدنيا، لكن مع ذلك الناس لا يطيقون مثل هذا والله المستعان، فإمام الحي الإمام الراتب له شأن في الشرع، لا يفتأت عليه فتقام الصلاة بدونه ولو انتظر ما لم يشق على المأمومين فهذا من حقه.
"وقال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إذا أقيمت الصلاة»"... وبالمقابل أيضاً الإمام اختلف وضعه في العصر الحاضر كان الإمام في المسجد أو في بيته المجاور للمسجد تجده دائماً حول المسجد، أما الآن فتجد المؤذن يؤذن وهو عن المسجد عشرين كيلوا، ثلاثين كيلوا في أقصى حي في بلد ثاني ثم بعد ذلك يأتي مهرع يهرع إلى صلاته، يمشي بسيارته أكثر من السرعة المطلوبة، وقد يتسبب في حوادث كل هذا لأنه فرّط وأبعد عن مسجده، ويتساهلون في هذا كثير لا سيما الشباب، الشباب تجده ما يهتم لكونه قرب الصلاة في بيته، والله المستعان.
"قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إذا أقيمت الصلاة ووجد أحدكم الخلاء»" يعني الحاجة إليه، إلى قضاء الحاجة «فليبدأ بالخلاء» ولو فاتته الصلاة، وهذا أفضل له؛ لأن بعض الناس يقول: أنا والله يصعب عليّ أني بروح للخلاء ثم ارجع ثانية وأصلي والناس قد طلعت، أطلع مع الناس والحمد لله، وبعضهم يجد في نفسه تأثم في أن الناس يصلون وهو تفوته الصلاة، لا سيما إذا كان مما يشار إليه، يعني إما عالم أو طالب علم، يقول: والله ما هو مناسب أني أذهب ثم بعد ذلك أجي وأقضي بعض الصلاة أو كل الصلاة، مع أن التوجيه الشرعي هو الأصل، نعم عليك أن تحتاط لهذا الأمر وتجهز نفسك قبل الصلاة، وهذا يحصل كثيراً عند بعض الناس إذا كان صائم مثلاً والمعدة خالية، ثم بعد ذلك أكثر من الأكل أو الشرب لا سيما السوائل بعد الأذان فإذا جاء لصلاة المغرب تجده يحتاج إلى الدورة، يحتاج إلى الدورة يصير عنده شيء من الإسهال، فمثل هذا يقول: لا، أصلي مع الناس وأطلع مرة واحدة، نقول: لا يا أخي «ولا وهو يدافعه الأخبثان» أنت لا تعقل من صلاتك شيء قد لا تعقل من صلاتك شيء، وهذا نفعله أحياناً، نسأل الله أن يعفو ويسامح ويتجاوز، لكن التوجيه الشرعي مثلما جاء في أيضاً: «إذا سمعتم الإقامة فلا تأتوها وأنتم تسعون...، عليكم السكينة والوقار» تجد الإنسان تلقائياً يسرع من أجل أن يدرك الركعة، ولا شك أن إدراك بعض الصلاة مع التزام الأدب النبوي أفضل من إدراكها كلها مع الإخلال بهذا التوجيه.
قال: "وفي الباب عن عائشة وأبي هريرة".... في قوله: «إذا سمعتم الإقامة» يدل على أن الإقامة تسمع، وأنه لا مانع أن يقيم المؤذن في المكبر، وفي هذا إعانة للناس، قد يقول قائل: إن هذا يعين أهل الكسل، خل وليعين أهل الكسل يا أخي، يدرك شيء من الصلاة أحسن مما لا يدرك شيء، والكسلان كسلان يعني سمع أو ما سمع بيتأخر؛ لأن عدم سماعه بيحثه على التبكير؟ لا أبداً لن يحثه على التبكير، من كتب الله عليه التأخير بيتأخر وما زال يتأخر حتى يؤخره الله، مثل هذا بيتأخر سمع أو ما سمع، لكن كونك تقيم بالمكبر ليسمع ويدرك بعض الصلاة أفضل من أن تترك الإقامة بالمكبر فإذا دخل فإذا بالصلاة قد انتهت، وفي قوله: «إذا سمعتم الإقامة» يدل على أن الإقامة تسمع.
قال: "وفي الباب عن عائشة" وهو عند مسلم "وأبي هريرة" وهذا لم يقف عليه الشارح "وثوبان" عند الترمذي وأبي داود "وأبي أمامة" عند أحمد وابن ماجه.
"قال أبو عيسى: حديث عبد الله بن الأرقم حديث حسن صحيح" وأخرجه مالك وأبو داود والنسائي بنحوه.
هكذا روى مالك بن أنس ويحيى بن سعيد القطان وغير واحد من الحفَّاظ كزهير بن معاوية وابن عيينة وحفص بن غياث عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الأرقم فلم يزيدوا بين عروة وعبد الله بن الأرقم أحد، يعني رواه عروة عن عبد الله بن الأرقم بدون واسطة، وروى وهيب وغيره كأنس بن عياض وشعيب بن إسحاق عن هشام بن عروة عن أبيه عن رجل عن عبد الله بن الأرقم، فزاد هؤلاء بين عروة وعبد الله رجلاً، وفي رواية عبد الرزاق صرح عروة بسماعه من عبد الله بن الأرقم، فإما أن يقال: إن عروة يرويه على وجهين، مرة بدون واسطة، ومرة بواسطة، أو يقال: إن هذا من المزيد في متصل الأسانيد، وهو معروف بحث معروف عند أهل العلم.
"وهو قول غير واحد من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- والتابعين، وبه يقول أحمد وإسحاق قالا: لا يقوم إلى الصلاة وهو يجد شيئاً من الغائط أو البول، وقالا: إن دخل في الصلاة فوجد شيئاً من ذلك فلا ينصرف ما لم يشغله" يعني ما لم يذهب الخشوع، ما لم يذهب عقل صلاته؛ لأنه ليس له من صلاته إلا ما عقل، فإن أذهب الخشوع، والخشوع عند الجمهور سنة صلاته صحيحة، وعند الظاهرية إذا صلى وهو يدافع أحد الأخبثين صلاته باطلة، وابن رجب والغزالي يوجبان الخشوع، فعلى هذا هو آثم، وإن كانت صلاته صحيحة لكنه آثم "وقال بعض أهل العلم: لا بأس أن يصلي وبه غائط أو بول ما لم يشغله عن ذلك" يعني إذا كان لا يشغله عن صلاته بأن كان خفيفاً ليس بشديد الوطأة عليه.
سم.
عفا الله عنك.
باب: ما جاء في الوضوء من الموطأ
حدثنا أبو رجاء قتيبة قال: حدثنا مالك بن أنس عن محمد بن عمارة عن محمد بن إبراهيم عن أم ولد لعبد الرحمن بن عوف قالت: قلت لأم سلمة: إني امرأة أطيل ذيلي وأمشي في المكان القذر فقالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يطهره ما بعده».
قال: وفي الباب عن عبد الله بن مسعود قال: كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا نتوضأ من الموطأ. قال أبو عيسى: وهو قول غير واحد من أهل العلم قالوا: إذا وطِيء الرجل على المكان القذر أنه لا يجب عليه غسل القدم إلا أن يكون رطباً فيغسل ما أصابه.
قال أبو عيسى: وروى عبد الله بن المبارك هذا الحديث عن مالك بن أنس عن محمد بن عمارة عن محمد بن إبراهيم عن أم ولد لهود بن عبد الرحمن بن عوف عن أم سلمة، وهو وهم، وليس لعبد الرحمن بن عوف ابن يقال له: هود؛ وإنما هو عن أم ولد لإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أم سلمة وهذا الصحيح.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في الوضوء من الموطأ" مفعل فيما حققه الشيخ: أحمد شاكر نقلاً عن كتب اللغة، فهو مفعل موطأ وبعض النسخ مضبوطة، موطئ حتى في الأصول العتيقة المخطوطة، موطئ مفعل، والمراد به ما يوطأ في الطريق من الأذى، وأصله الموطوء قاله الخطّابي.
إذا وطئ الإنسان الأذى برجله أو بثوبه أو بخفه الرجل ما ورد فيها نص فلا بد أن تغسل إذا كان نجساً، إذا كان نجساً رطباً، اليابس لا ينجس اليابس لكن إذا كان رطباً لا بد من غسلها، الذيل الثوب فيه حديث الباب، وفيه الكلام الذي يأتي، وإذا وطيء أحدكم الأذى بخفيه فطهورهما التراب، يعني يدلك هذين الخفين فيكفي الدلك ويصلي بهما، يصلي بخفيه؛ لأن هذا تطهيره؛ لأن التطهير الأصل فيه الماء، لكن ما ورد فيه نص يكتفى بالنص، منهم من يقول: الأذى ما هو دون النجاسة، يدلك وخلاص، وأما النجاسة فلا بد من غسلها، كما هو المستفيض في نصوص الطهارة، وعلى كل حال في حديث الباب شيء من التفصيل.
قال: "حدثنا أبو رجاء قتيبة بن سعيد قال: حدثنا مالك بن أنس عن محمد بن عمارة" بن حزم المدني صدوق "عن محمد بن إبراهيم" بن الحارث التيمي، راوي حديث: الأعمال بالنيات، ثقة "عن أم ولد لعبد الرحمن بن عوف" وفي الموطأ وأبي داود: "لأم ولد لإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف" ولا شك أن مال الولد مال لأبيه، فهي ملك لولد الولد لإبراهيم، وكونها تنسب لأبيه لأن الولد وما يملك لأبيه «أنت ومالك لأبيك» "قالت" أم الولد هذه واسمها: حميدة كما جاء في بعض الروايات، تابعية صغيرة مقبولة "قلت لأم سلمة: إني امرأة أطيل" من الإطالة "ذيلي" طرف الثوب الذي يلي الأرض، ومعلوم أن ثوب المرأة لا بد أن يكون طويلاً، واستأذن الناس في إطالة الثوب خشية أن تنكشف العورات، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: «ترخيه شبراً» قالت: إذاً تنكشف أقدامنا، قال: «ترخيه ذارعاً» هذه عادة أهل التحري، أهل الالتزام، أهل الاستقامة، أهل التدين، بخلاف نساء اليوم التي وقعن في تبرج الجاهلة الأولى وضممنا إلى ذلك جاهلية القرن العشرين على ما قالوا.
يقول القرطبي في تفسيره عند قوله: {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [(33) سورة الأحزاب] من مظاهر تبرج الجاهلية الأولى شق القميص من الجانبين، والآن اذهب إلى الأسواق شوف ويش اللي يعرض بالأسواق؟ كلها إلا من ندر مشقوقة من الجانبين، شق القميص من الجانبين، ثم انظر عاد إذا أرادت المرأة أن تركب في السيارة مع هذا الشق الله المستعان، ومع الأسف أنه يوجد من طالبات علم تنتسب إلى العلم الشرعي، وقد يكون زوجها طالب علم، وقد يكون والدها طالب علم ومع ذلك «لتتبعن سنن من كان قبلكم» والصحابية يقول الرسول: «ترخيه شبراً» قالت: لا، تنكشف أقدامنا، قال: «ذراع» وعهدنا النساء إلى قريب من ثلاثين سنة والنساء على هذا، الثوب يسحب ذراع، والآن في أقدس البقاع تجد المرأة تلبس ثوباً رقيقاً كاسية عارية، يظهر ما تحتها أجمل مما لو كانت عارية، والملابس الداخلية كأنها في غرفة النوم ظاهرة، نسأل الله السلامة والعافية، والفتنة إنما تكون بالنساء، فتنة النساء شر من الفتن الأخرى، كثير من الناس يسمع شهوات وشبهات وكذا ويثبت أمام هذه الشهوات وهذه الشبهات، لكن أمام النساء لا يستطيع الثبات، فعلى الإنسان أن يتحمل الأمانة بحق التي حمله الله إياها، ويذكر في مناسبات وأعراس المسلمين شيء لا يطيق الإنسان التحدث به، بل لا يطيق سماعه فضلاً عن مشاهدته، والله المستعان، مع ما جاء أيضاً من الشرور المستطيرة من التصوير وغيره، وكم من عفيفة ابتليت في مثل هذه المناسبات، صُورت وكانت مستترة إلا أنها صورت ودبلجت معها صورة عارية وضغط عليها، وضغط على وليها وحصل من ذلك كوارث نسأل الله السلامة والعافية، فعلى الإنسان أن يحتاط لنفسه ولمن تحت يده.
"قالت: قلت لأم سلمة: إني امرأة أطيل ذيلي" من الإطالة طرف الثوب الذي يلي الأرض "وأمشي في المكان القذر" والقذر أعم من النجس، قد يكون فيه رطوبة، وقد يكون فيه فضلات أطعمه وما أشبه ذلك، أو أشياء رطبة لكنها طاهرة، وقد يكون فيه نجاسة، وهو أعم من نجس "فقالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يطهره ما بعده»" يعني من الأماكن الطاهرة، لكن المستقر من نصوص الشريعة أن النجاسة لا بد من غسلها، وأن الرطب إذا باشر شيئاً نجساً أو النجاسة رطبة فإنه لا بد من غسلها بالماء.
"فقالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يطهره»" يعني يطهر الذيل ما بعده من الأماكن الطاهرة، قال الخطّابي: كان الشافعي يقول: إنما هو فيما جر على مكان يابس أو على ما كان يابساً لا يعلق بالثوب منه شيء، وأما ما جر على رطب فلا يطهره إلا الغسل، والحديث أخرجه الإمام مالك وأحمد والدارمي وأبو داود، وسكت عنه هو والمنذري، فهو حسن أو صالح على ما سيأتي في شرط أبي داود، وعلى كل حال إذا نظرنا في إسناده وجدنا أنه صالح، يعني ما فيه إلا هذه التابعية المقبولة لا بد من متابعتها، لا بد أن تتابع عليه.
قال: "وفي الباب" يعني له شواهد الحديث "وفي الباب عن عبد الله بن مسعود" عند أبي داود وسكت عنه هو والمنذري وابن ماجه، وصححه الحاكم، قال: كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا نتوضأ من الموطأ، قال الخطابي: إنما أراد بذلك أنهم كانوا لا يعيدون الوضوء، لا نتوضأ من الموطأ، كلام صحيح ولو كان نجساً؛ لأن وطأ النجاسة لا تنقض الوضوء، لا تنقض الطهارة، هذا كلام ما في إشكال، قال الخطابي: إنما أراد بذلك أنهم كانوا لا يعيدون الوضوء للأذى إذا أصاب أرجلهم لأنهم كانوا لا يغسلون أرجلهم ولا ينظفونها إلا من الأذى إذا أصابها، الكلام فيه شوي تقديم وتأخير، قال: إنما أراد بذلك أنهم كانوا لا يعيدون الوضوء، لا يلزم الإعادة من وطيء النجاسة، إنما يجب غسل هذه النجاسة، إنما أراد بذلك أنهم كانوا لا يعيدون الوضوء للأذى إذا أصاب أرجلهم لا أنهم كانوا لا يغسلون أرجلهم ولا ينظفونها من الأذى إذا أصابها.
"قال أبو عيسى: وهو قول غير واحد من أهل العلم قالوا: إذا وطيء الرجل على المكان القذر أنه لا يجب عليه غسل القدم إلا أن يكون رطباً فيغسل ما أصابه" كما تقدم نقله عن مذهب الشافعي، والبيهقي حمل الحديث على النجاسة اليابسة، وأنهم كانوا لا يغسلون الرجل من وطء النجاسة اليابسة، وبوب عليه البيهقي في المعرفة باب: النجاسة اليابسة يطأها برجله أو يجر عليها ثوبه لا تؤثر، يعني لا تأثر فيه.
"قال أبو عيسى: وروى عبد الله بن المبارك هذا الحديث عن مالك بن أنس عن محمد بن عمارة عن محمد بن إبراهيم عن أم ولد لهود بن عبد الرحمن بن عوف عن أم سلمة وهو وهم" يعني غلط "وليس لعبد الرحمن بن عوف ابن يقال له: هود، وإنما هو عن أم ولد لإبراهيم" والذي في حديث الباب عن أم ولد لعبد الرحمن، وسبق توجيهه "عن أم ولد لإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أم عن أم سلمة وهذا الصحيح" على كل حال إذا كانت النجاسة رطبة فالنصوص كلها تدل على أنها تغسل، وحديث الباب يمكنه على القذر دون النجاسة إلا أن قوله: «يطهره» التطهير إنما أن يكون عن حدث أو نجس، لكنه في لغة العرب معناه التنظيف، والتنظيف كما يكون من النجس يكون من الطاهر أيضاً إذا كان يقذِّر.
الدلك بالنسبة للخف لا شك أنه جاء في الخبر «فطهورهما التراب» ويكفي فيه الدلك إذا كان لا يتشرب النجاسة، ولهذا يقول شيخ الإسلام: إن الشيء الصقيل الذي لا تشربه النجاسة يكفي مسحه كالسكين، يعني ما ذكر عنهم أنهم كانوا يغسلون السكاكين بعد الذبح، الدم المسفوح نجس لكن ما ذكر عنهم..، يمسحونه فقط، وما ذكر عنهم أنهم..، فلو وقعت هذه النجاسة على شيء صقيل، يقول: يكتفى بمسحه، إذا وقع على شيء يتضرر بالماء, وقعت نجاسة على كتاب إذا غسلته خلاص انتهى مثلاً، مثل هذا يكتفى بمسحه، إذا وقع على شيء...، شيخ الإسلام يتسمَّح في هذا كثيراً، لا سيما فيما يترتب عليه إتلاف، فإذا وقعت النجاسة على ملح مثلاً ما تصنع؟ تغسل المحل يذوب ينتهي، لكن لا ما نع أن يغسل غسل دون غسل، تخفف هذه النجاسة بقدر الإمكان، وكذلك لو وقع على شيء يتلفه الماء فإنه يتسمح فيه على رأي شيخ الإسلام -رحمه الله-.
سم.
عفا الله عنك.
قال -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في التيمم
حدثنا أبو حفص عمرو بن علي الفلاس حدثنا يزيد بن زريع حدثنا سعيد عن قتادة عن عزرة عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن عمار بن ياسر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمره بالتيمم للوجه والكفين.
قال: وفي الباب عن عائشة وابن عباس.
قال أبو عيسى: حديث عمار حديث حسن صحيح، وقد روي عن عمار من غير وجه، وهو قول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، منهم علي وعمار وابن عباس وغير واحد من التابعين منهم الشعبي وعطاء ومكحول، قالوا: التيمم ضربة للوجه والكفين، وبه يقول: أحمد وإسحاق، وقال بعض أهل العلم منهم: ابن عمر وجابر وإبراهيم والحسن، قالوا: التيمم ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين، وبه يقول: سفيان الثوري ومالك وابن المبارك والشافعي، وقد روي هذا الوجه عن عمار في التيمم أنه قال: الوجه والكفين من غير وجه، وقد روي عن عمار أنه قال: تيممنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المناكب والآباط، فضعّف بعض أهل العلم حديث عمار عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في التيمم للوجه والكفين، لما روي عنه حديث المناكب والآباط، قال: إسحاق بن إبراهيم بن مخلد الحنظلي حديث عمار في التيمم للوجه والكفين هو حديث حسن صحيح، وحديث عمار تيممنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المناكب والآباط ليس هو بمخالف لحديث الوجه والكفين؛ لأن عماراً لم يذكر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمرهم بذلك، وإنما قال: فعلنا كذا وكذا، فلما سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- أمره بالوجه والكفين، فانتهى إلى ما علّمه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الوجه والكفين، والدليل على ذلك ما أفتى به عمار بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- في التيمم لأنه قال: الوجه والكفين، ففي هذا دلالة أنه انتهى إلى ما علمه النبي -صلى الله عليه وسلم- فعلمه إلى الوجه والكفين، قال: وسمعت أبا زرعة عبيد الله بن عبد الكريم يقول: لم أر بالبصرة أحفظ من هؤلاء الثلاثة: علي بن المديني وابن الشاذكوني وعمرو بن علي الفلاس، قال أبو زرعة: وروى عفان بن مسلم عن عمرو بن علي حديثاً.
حدثنا يحيى بن موسى حدثنا سعيد بن سليمان حدثنا هشيم عن محمد بن خالد القرشي عن داود بن حصين عن عكرمة عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه سئل عن التيمم فقال: إن الله قال في كتابه حين ذكر الوضوء:
{فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [(6) سورة المائدة] وقال في التيمم: {فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} [(43) سورة النساء].
فامسحوا؟
الطالب: أيديَكم.
قال في التيمم؟
الطالب: امسحوا بوجوهكم وأيديَكم.
اقرأ، اقرأ، قال: في التيمم.
الطالب: وقال في التيمم: {فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} [(43) سورة النساء].
لا.
الطالب: وقال في التيمم: {فمسحوا بوجوهكم وأي....}.
أيديَكم أية الوضوء منصوبة، اغسلوا وجهكم وأيديَكم.
الطالب: وأيديَكم نعم.
وأية التيمم؟
الطالب: وأيديَكم.
وأيديْكم.
الطالب: وقال في التيمم: {فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيْكُمْ} [(43) سورة النساء]، وقال: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا} [(38) سورة المائدة] فكانت السنة في القطع الكفين إنما هو الوجه والكفين يعني التيمم.
الكفان، الكفان، إنما هو الوجه والكفان.
عفا الله عنك.
إنما هو الوجه والكفان يعني التيمم.
قال أبو عيسى: هذا حديث صحيح غريب.
هذا حديث حسن غريب صحيح، كل الأوصاف موجودة.
طالب: هذا حديث حسن غريب صحيح.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في التيمم" التيمم في لغة العرب: القصد، يقول امرؤ القيس:
تيممتها من أذرعات وأهلها |
|
................................... |
يعني قصدتها، وفي الشرع: قصد الصعيد الطيب لمسح الوجه والكفين عن الطهارتين الكبرى والصغرى.
قال -رحمه الله-: "حدثنا أبو حفص عمرو بن علي الفلاس" الصيرفي البصري، من أئمة المسلمين وثقاتهم، قال: "حدثنا يزيد بن زريع قال: حدثنا سعيد" هو ابن أبي عروبة، وهو ثقة "عن قتادة" بن دعامة السدوسي كذلك "عن عذرة بن عبد الرحمن" الخزاعي ثقة أيضاً "عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى" الخزاعي مولاهم "عن أبيه عن عمار بن ياسر أن النبي -صلى الله عليه وسلم-" عن أبيه عبد الرحمن بن أبزى مولى خزاعة، ولي إمرة مكة، في عهد عمر في صحيح مسلم أن عمر قال لنافع بن الحارث: من استعملت على مكة؟ فقال: عبد الرحمن بن أبزى، قال: استعملت عليهم مولى؟! قال: إنه قارئ لكتاب الله، عالم بالفرائض، نقله هذه موجود في صحيح مسلم، وموجود في غيره من الكتب، لكن هو مقدمة لحديث: «إن الله يرفع بهذا القرآن أقواماً ويضع به آخرين» يعني مولى يولى على مكة؟! من الموالي يولى على مكة؟! نعم يولى، وليست هذه الولاية العامة التي تشترط لها أن تكون من قريش فهذه ولاية خاصة ليست عامة.
"عن عمار بن ياسر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمره بالتيمم للوجه والكفين" وفي رواية البخاري ومسلم: "«إنما يكفيك أن تقول بيديك هكذا» ثم ضرب بيديه الأرض ضربة واحدة، ثم مسح بالشمال على اليمين، وظاهر كفيه ووجهه".
قال: "وفي الباب عن عائشة" عند البزار "وابن عباس" عند الحاكم والبيهقي.
"قال أبو عيسى: وحديث عمار حديث حسن صحيح" وأخرجه أحمد وأبو داود وسكت عنه فهو صالح، وهو أيضاً مخرج في الصحيحين، لكن بغير هذا اللفظ "وقد روي عن عمار من غير وجه، وهو قول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي -عليه الصلاة والسلام-" يعني كون التيمم ضربة واحدة للوجه والكفين، وكون اليد إنما يراد بها الكف إلى الرسغ إلى المفصل لا إلى المرفق ولا إلى المنكب "قول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- منهم علي وعمار وابن عباس وغير واحد" يعني قول غير واحد "من التابعين منهم الشعبي وعطاء ومكحول قالوا: التيمم ضربة للوجه والكفين، وبه يقول أحمد وإسحاق" ونقله ابن المنذر عن جمهور العلماء، وهو قول عامة أهل الحديث، وقال ابن قدامة: المسنون ضربة واحدة، فإن تيمم بضربتين جاز، لكن المسألة مسألة إتِّباع، والإتباع إنما يحصل بضربة واحدة "وقال بعض أهل العلم: منهم ابن عمر وجابر وإبراهيم النخعي والحسن البصري قالوا: التيمم ضربة واحدة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين" جاء ما يدل على ذلك، وفيه أيضاً الإلحاق، إلحاق التيمم بالوضوء {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [(6) سورة المائدة] وهذا لا شك أن آية الوضوء مقيدة وآية التيمم مطلقة، آية التيمم مطلقة، ليس فيها قيد، وآية الوضوء مقيدة، والجادة أن يحمل المطلق على المقيد لكن متى؟ إذا اتفقا في الحكم أما إذا اختلف في الحكم فلا يحمل المطلق على المقيد ولو اتحد السبب، وهنا بين آية الوضوء وآية التيمم اتحاد في السبب، السبب الحدث، والحكم هذا غسل وهذا مسح، هذا بالماء وهذا بالتراب، فالحكم مختلف فلا يحمل المطلق على المقيد، هذا من حيث التقعيد، ومن حيث الأثر جاء ما يدل على مسح الكفين فقط.
أيضاً آية التيمم مطلقة وآية السرقة مطلقة {فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا} [(38) سورة المائدة] وآية التيمم: {فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} [(43) سورة النساء] مطلقة، وآية الوضوء مقيدة بالمرافق، وعرفنا أن آية التيمم لا تحمل عليها للاختلاف في الحكم، يعني عند أهل العلم المطلق مع المقيد له أربع صور: إما أن يتفقا في الحكم والسبب يحمل المطلق على المقيد اتفاقاً، أو يختلفا في الحكم والسبب لا يحمل المطلق على المقيد اتفاقاً، يعني كآية السرقة مع آية الوضوء، لا يحمل المطلق على المقيد اتفاقاً، يعني ما تقطع في السرقة إلى المرفق لأن آية الوضوء قيدت لا، اختلف الحكم والسبب فيحمل اتفاقاً.
يختلفان في الحكم دون السبب كآية الوضوء وآية التيمم، والجمهور على أنه لا يحمل المطلق على المقيد في هذه الصورة، وعكسها إذا اتفقا في الحكم واختلفا في السبب، فإنه يحمل المطلق على المقيد عند الجمهور، كما في إطلاق الرقبة في كفارة الظهار، وتقييد الرقبة في كفارة القتل، السبب مختلف هذا قتل وهذا ظهار، لكن الحكم واحد وجوب الإعتاق فيحمل المطلق على المقيد عند الجمهور خلاف للحنفية.
قال –رحمه الله-: "وبه يقول سفيان الثوري ومالك وابن المبارك والشافعي" وأبو حنيفة وأصحابه، مالك والشافعي وأبو حنيفة يقولون: إلى المرفقين، استدلوا بحديث ابن عمر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-«التيمم ضربتان: ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين» رواه الدارقطني، قال ابن حجر: وصحح الأئمة وقفه، فلا يتم الاحتجاج به، وقد روي هذا الحديث عن عمار في التيمم أنه قال: للوجه والكفين من غير وجه، يعني من غير طريق يروى يعني من طرق كثيرة يروى عن عمار، قال: "وقد روي عن عمار أنه قال: تيممنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المناكب والآباط" لأن اليد تطلق ويراد به الكف، تطلق ويراد بها إلى المرفق، تطلق ويراد بها إلى المنكب، يعني نهايتها إلى المنكب والإبط، فلما جاء الأمر بمسح اليد فُهم أنها إلى الآباط، ومن قال: بالتيمم إلى المرفقين قال: مثل الوضوء تمسح إلى المرفقين "فضعَّف بعض أهل العلم حديث عمار عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في التيمم من الوجه إلى الكفين لما روي عنه حديث المناكب والآباط" فظن أنه معارض له ومخالف وليس الأمر كذلك كما "قال إسحاق بن إبراهيم بن مخلد الحنظلي" المعروف بابن راهويه "حديث عمار في التيمم للوجه والكفين هو حديث حسن صحيح، وحديث عمار: تيممنا مع النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى المناكب والآباط ليس هو بمخالف لحديث الوجه والكفين؛ لأن عمارًا لم يذكر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمرهم بذلك، وإنما قال: فعلنا كذا وكذا" يعني لو لم يوجد له معارض قلنا: حجة، لماذا؟ لأنه في وقت التنزيل وعهد النبي -عليه الصلاة والسلام-، وتيممنا إيش؟ تيممنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المناكب والآباط، يعني لو لم يعارض بما هو أقوى منه لقلنا به، لكن هو معارض بما هو أقوى منه وأصح، قال: ليس هو بمخالف لحديث الوجه والكفين؛ لأن عماراً لم يذكر أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمرهم بذلك، وإنما قال: فعلنا كذا وكذا، عمار في أول الأمر لما أصابته الجنابة تمعك تمرغ كتمرغ الدابة، فعل هذا في أول الأمر ثم أرشده النبي -عليه الصلاة والسلام- فلا يبعد أن يتيمم إلى المناكب والآباط "فلما سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- أمره بالوجه والكفين، فانتهى إلى ما علمه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الوجه والكفين، والدليل على ذلك ما أفتى به عمار بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- في التيمم أنه قال: الوجه والكفين" فدل على أن هذه متأخر عن صنيعه الأول "ففي هذا دلالة على أنه انتهى إلى ما علمه النبي -عليه الصلاة والسلام-، فعلمه إلى الوجه والكفين" فعلى هذا كان أخر الأمرين من فعلهم هذا آخر الأمر من فعلهم الوجه والكفين، والأول فهموه من إطلاق الآية، والثاني ما انتهوا إليه بتعليم النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهو الثابت الناسخ.
قال: "وسمعت أبا زرعة الرازي عبيد الله بن عبد الكريم يقول: لم أرَ بالبصرة أحفظ من هؤلاء الثلاثة: علي بن المديني" وهو إمام معروف "وابن الشاذكوني" وهذا حافظ من الحفاظ، لكنه ليس بثقة، هو حافظ عنده الضبط قوي، لكن العدالة عليه ما يؤخذ "وعمرو بن علي الفلّاس" الذي جاء ذكره في سند الحديث، قال: حدثنا أبو حفص عمرو بن علي الفلاس، إمام من أئمة المسلمين من أئمة الجرح والتعديل "قال أبو زرعة: وروى عفان عن عمرو بن علي حديثاً".
"حدثنا يحيى بن موسى، قال: حدثنا سعيد بن سليمان قال: حدثنا هشيم عن محمد بن خالد القرشي عن داود بن حصين عن عكرمة عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه سئل عن التيمم" هذا استنباط من ابن عباس إلا إنه أسنده وأحاله إلى السنة "عن ابن عباس أنه سئل عن التيمم "فقال: إن الله تعالى قال في كتابه حين ذكر الوضوء {فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [(6) سورة المائدة] وقال في التيمم: {فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} [(43) سورة النساء] وقال: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا} [(38) سورة المائدة] فكان السنة في القطع الكفين إنما هو الوجه والكفان يعني التيمم" قول الصحابي: من السنة أو السنة حكمه الرفع، وفي هذا عدم حمل المطلق على المقيد كما ذكرنا للاختلاف في الحكم وإن اتحد السبب.
"قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب صحيح" جمع له الحسن والغرابة والصحة، وكثيرًا ما يقول: حسن صحيح ولا تنافي وإن كان الكلام كثير في قول الترمذي حسن صحيح بلغت الأقوال إلى بضعة عشر قولاً في المسألة "قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب صحيح" الإشكال في الجمع بين الغرابة وبين الحسن؛ لأنه يشترط في الحسن أن يروى من غير وجه، والغريب إنما يأتي من وجه أخر، ولا يمنع أن تكون الغرابة غرابة نسبية، بالنسبة لهذا الراوي وأن روي من غيره، إلى أخر ما قيل في هذه المسألة.
سم.
عفا الله عنك.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في الرجل يقرأ القرآن على كل حال ما لم يكن جنباً
حدثنا أبو سعيد عبد الله بن سعيد الأشج قال: حدثنا حفص بن غياث وعقبة بن خالد قالا: حدثنا الأعمش وابن أبي ليلى عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة عن علي -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرئنا القرآن على كل حال ما لم يكن جنباً.
قال أبو عيسى: حديث علي هذا حديث حسن صحيح، وبه قال غير واحد من أهل العلم أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- والتابعين قالوا: يقرأ الرجل القرآن على غير وضوء، ولا يقرأ في المصحف إلا وهو طاهر، وبه يقول: سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق.
نعم يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في الرجل يقرأ القرآن على كل حال ما لم يكن جنباً"
على كل حال سواء كان متوضأ متطهراً من الحدث الأصغر أو لا، وعلى كل حال من أحواله قياماً وقعوداً وعلى جنبه، وفي سائر أحواله يذكر الله -جل وعلا-، وهذه صفة أولي الألباب الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم، والذكر من أفضل الأعمال مع أنه لا يكلف شيئاً، وأعظم الأذكار وأفضلها كلام الله تعالى فليحرص المسلم لا سيما طالب العلم على الإكثار من الذكر، ويكثر من التلاوة على الوجه المأمور به لينال بذلك الأجر العظيم من الله -جل وعلا- فالإكثار من الأذكار من الباقيات الصالحات هي غراس للجنة، كما قال إبراهيم -عليه السلام- للنبي -عليه الصلاة والسلام- قال: «اقرأ أمتك مني السلام، وأخبرهم أن الجنة قيعان وأن غراسها التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير» وجاء في فضل الذكر نصوص كثيرة جداً، يعني وفوائد الذكر لا تحصى، ذكر منها ابن القيم ما يقرب من مائة فائدة في أول كتابه الوابل الصيب.
يقول: "باب: ما جاء في الرجل يقرأ القرآن على كل حال ما لم يكن جنباً" لم يستثنَ إلا حال الجنابة، وفي حكمها الحيض على ما تقدم، قال: "حدثنا أبو سيعد عبد الله بن سعيد الأشج" الكوفي ثقة، قال: "حدثنا حفص بن غياث وعقبة بن خالد" السَّكوني ثقة أيضاً، "قالا: حدثنا الأعمش" سليمان بن مهران ثقة أيضاً "حدثنا الأعمش وابن أبي ليلي" محمد بن عبد الرحمن الفقيه إلا أنه رمي بسوء الحفظ "عن عمرو بن مرة" ثقة الجملي، الكوفي "عن عبد الله بن سلمة عن علي قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرئنا القرآن" يعلمنا القرآن ويقرئنا إياه "على كل حال" متوضئ أو غير متوضئ "ما لم يكن جنباً" وتقدم أنه في رواية: "نكن جنباً" وعلى كل حال سواء كانت منه أو منهم الجنابة مانعة من قراءة القرآن، وهو مخصص لحديث عائشة: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يذكر الله على كل أحيانه" فهو عام وهذا خاص بالجنابة بالنسبة للقرآن.
"قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح" وأخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه، وسنده جيد ما فيه إلا عبد الله بن سلمة المراد تغير لكنه توبع وإلا ابن أبي ليلى أيضاً سيئ الحفظ لكنه مقرون مع الأعمش ليس المعول عليه.
قال: "وبه قال غير واحد من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- والتابعين قالوا: يقرأ القرآن على غير وضوء" يقرأ إذا كان حافظاً يقرأ على غير وضوء، على غير طهارة لكنه "لا يقرأ من المصحف إلا وهو طاهر" يجوز له أن يقرأ من غير أن يمس المصحف، لكنه لا يقرأ في المصحف إلا وهو طاهر أي متوضئ "وبه يقول سفيان الثوري والشافعي وإسحاق" وأبو حنيفة ومالك، الأئمة كلهم أنه لا يمس القرآن إلا طاهر، وقال في الموطأ: ولا يحمل أحد المصحف بعلاقته ولا وسادة إلا وهو طاهر، يعني ما يشيل المصحف ولا من وراء الجلد ولا في الكيس، هذا على رأي الإمام مالك، ومنهم من يقول: إن المقصود أنه لا يمس القرآن، لا يمس الأوراق التي فيها القرآن، فعلى هذا لو كان المصحف مطبوع مع تفسير ابن كثير، يعني القرآن في الصفحة يعادل العشر أو أقل أو على تفسير بن سعدي مثلاً والقرآن يعادل الربع مثلاً، أو على تفسير الجلالين والقرآن يعادل أقل من النصف قليلاً، يُقرأ في هذه التفاسير أو لا يقرأ؟ يعني إذا حملت الكتاب تقول: معي تفسير الجلالين وإلا معي مصحف؟ تفسير الجلالين، فعلى هذا تقرأ من التفاسير من غير طهارة، ولا تمس المصحف، يعني لا تمس كلام الله المتتابع المبروز، المقصود أن لا تضع يدك على الحروف، وأما بالنسبة لحجمه ما يضر -إن شاء الله-، استدل هؤلاء الأئمة بحديث أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن البني -صلى الله عليه وسلم- كتب إلى أهل اليمن وفيه: «وألا يمس القرآن إلا طاهر» وهو مرسل لكنه متلقى بالقبول عند أهل العلم، عملوا به وهو حديث مشهور عند أهل العلم مشتهر يستغني بشهرته عن إسناده قاله ابن عبد البر، استدلوا أيضاً بقوله تعالى: {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [(79) سورة الواقعة] والضمير لا يمسه إلى القرآن أو إلى اللوح المحفوظ، فإن كان يعود إلى القرآن فهذا ما فيه إشكال يعني في دلالته على المراد، وإن كان عود الضمير إلى اللوح المحفوظ فهذا أيضاً يدل على أنه لا يمس القرآن إلا طاهر، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية، يقول: إذا منع الملائكة من مس اللوح المحفوظ وهم مطهرون، إذا منع الملائكة من مس اللوح المحفوظ وهم مطهرون لا يمسه إلا المطرون يعني لا يمسه غيرهم ممن لم يتصف، فلا يمسه غيرهم من غير المتطهرين فلئن يمنع مس المصحف من قبل غير المتطهر من باب أولى، وهذا قرره شيخ الإسلام ابن تيمية، فالمرجح أن المصحف لا يمسه ألا متوضئ، وأما القراءة فيقرأ عن ظهر قلب ولو لم يكن متوضئًا شريطة ألا يكون جنباً ولا حائضاً.
سم.
عفا الله عنك.
قال -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في البول يصيب الأرض
حدثنا ابن أبي عمر وسعيد بن عبد الرحمن المخزومي قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: دخل أعرابي المسجد والنبي -صلى الله عليه وسلم- جالس فصلى فلما فرغ قال: اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحداً، فالتفت إليه النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: «لقد تحجرت واسعاً» فلم يلبث أن بال في المسجد، فأسرع إليه الناس، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «أهريقوا عليه سجلاً من ماء أو دلوا من ماء» ثم قال: «إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين».
قال سعيد: قال سفيان: وحدثني يحيى بن سعيد عن أنس بن مالك نحو هذا، قال: وفي الباب عن عبد الله بن مسعود وابن عباس وواثلة بن الأسقع.
قال أبو عيسى: وهذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، وهو قول أحمد وإسحاق، وقد روى يونس هذا الحديث عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة آخر كتاب الوضوء.
يقول -رحمه الله تعالى-: في أخر باب من أبواب الوضوء من أبواب الطهارة، يقول -رحمه الله-: "باب: ما جاء في البول يصيب الأرض" معروف أن النجاسة إذا أصابت ما تصيب فإنه يجب غسلها، والنجاسات متفاوتة، منها النجاسة المغلظة التي تغسل سبعاً كما في ولوغ الكلب، ومنها ما يغسل مرة، ومنها ما ينضح، ومنها ما يغسل ثلاثاً، ومنها ما يدلك بالتراب على ما تقدم، فماذا عن البول يصيب الأرض؟ إذا وقع على الأرض بول إذا بال أحد على الأرض ففي حديث الباب ما يدل على أن هذا البول يُكاثر بالماء.
قال -رحمه الله-: "حدثنا ابن أبي عمر وسعيد بن عبد الرحمن المخزومي قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: دخل أعرابي المسجد" الأعرابي واحد الأعراب، والنسبة إلى الجمع كما يقول أهل العلم شاذة، فيجب أن يرد الجمع إلى مفرده، ثم يُنسب إليه، لكنه هنا المراد بالأعرابي ساكن البادية، الأعراب جمع والأعرابي الواحد منهم، وليست نسبة إلى الأعراب إنما هو واحد منهم، دخل أعرابي المسجد وقد اختلف في اسمه فقيل: الأقرع بن حابس، وقيل: عيينة بن حصن، وقيل: ذو الخويصرة التميمي أو اليماني "والنبي -صلى الله عليه وسلم- جالساً" الواو واو الحال "فصلى" هذا الأعرابي كما هي السنة لمن دخل المسجد في غير وقت النهي لا سيما المُغلظ "فصلى فلما فرغ قال: اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحداً" أعرابي وهو يظن أن ما عند الله -جل وعلا- مثل ما عند المخلوق إذا كثر الطالبون قل النصيب، لا؛ لأنه يظن لو رحم الخلق كلهم ضاقت به الجنة، لا، إذا كان آخر من يدخل الجنة يخرج من النار ويدخل الجنة أخرهم يقول له: تمن فتضيق به الأماني فيقال له: أتحب أن يكون لك مثل ملك أعظم ملك في الدنيا؟ فيقول: نعم يفرح بهذا، فيقال: لك مثله ومثله ومثله إلى عشرة أمثاله، هذا ظن أن الجنة ما تأخذ إلا اثنين "ارحمني ومحمداً" يعني لو جاءهم ثالث ضاقت، لو جاءهم رابع ضاقت من جهله "فقال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: «لقد تحجرت واسعاً» فلم يلبث" هذا الرجل الأعرابي "أن بال في المسجد، فأسرعوا إليه" أسرع إليه الصحابة؛ لأن هذا منكر، المساجد ما بنيت لهذا؛ إنما بنيت لذكر الله والصلاة، فالبول ينافي مقتضى ما بنيت له المساجد التي أمر ببنائها وتنظيفها وتطيبها، زجروه بناءاً على هذا الأصل، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- قال: «لا تزرموه» لماذا؟ هل لأن المسجد محل لهذا الأمر؟ لا، وإنما لأنه إذا زجر واضطر إلى أن يقوم قبل تمام بوله انتشرت النجاسة، بدلاً من أن تكون في مكان واحد يمكن غسلها والسيطرة عليها تنتشر في أماكن، ويلوث بدنه ويلوث ثيابه، فقال: «لا تزرموه» "فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: «أهريقوا عليه سجلاً من ماء» صبوا، أهريقوا يعني من أراق الماء يعني صبه، أراق وهراق تبدل الهمزة بالهاء، ويجمع بين البدل والمبدل هنا أهريقوا عليه سجلاً هو الدلو الملآن ماء، من ماء «أو دلو من ماء» يعني شك، دلو من ماء "ثم قال: «إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين» بعثتم ميسرين يعني مسهلين، ولم تبعثوا معسرين يعني مشددين على الناس، وهذا فيما تحتمله النصوص، فما فيه يسر في الشريعة لا يجوز التشديد فيه، كما أن ما فيه تشديد لا يجوز التسهيل فيه، فالأمة أمة إتباع، أمة نص، جاء النص بالتحريم لا بد أن يشدد فيه ويمنع منه، لكن فيما يحتمله النص يحتمل التشديد والتيسير يميل الإنسان إلى التيسير فيما جاء ت النصوص بتسهيله يسهل على الناس، والدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، لكن ليس معنى هذا أنها تضيع أوامر الله وحدود الله بناء على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما خير بين أمرين إلا أختار أيسرهما، المُكلف ليس له خيار، ليست له خيرة، إذا قضى الله ورسوله أمراً ليست له خيرة، عليه أن يأتمر وعليه أن ينتهي {تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا} [(187) سورة البقرة] {فَلاَ تَعْتَدُوهَا} [(229) سورة البقرة] المقصود أن هذه الحدود لا بد من الوقوف عندها؛ لأن مسألة التيسير والتعسير هذه أمور تطلق بكثرة في زماننا هذا، واتخذت مطية إلى شيء من الإباحية، يعني تحليل حرام أو ترك واجب، هذا لا شك أنه تضليل للناس، فالدين دين تكاليف حلال وحرام، نعم الحلال لا يجوز تحريمه بعثتم ميسرين، كما أن الحرام لا يجوز تحليله، وهذا الحديث مخرج عند الجماعة إلا مسلم "قال سعيد: قال سفيان: وحدثني يحيى بن سعيد عن أنس بن مالك نحو هذا" وهو حديث في الصحيحين.
قال -رحمه الله-: "وفي الباب عن عبد الله بن مسعود" عند أبي يعلى "وابن عباس" أخرجه أبو يعلى والبزار والطبراني "وواثلة بن الأسقع" واثلة بن الأسقع آخر الصحابة موتاً، واثلة بن الأسقع.
طالب:.........
هذاك أبو واثلة عامر بن الطفيل، لا هذا غيره، واثلة بن الأسقع هذا حديثه عند ابن ماجه والإمام أحمد في المسند.
"قال أبو عيسى: وهذا حديث حسن صحيح" أخرجه الجماعة إلا مسلماً كما تقدم "والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، وهو قول أحمد وإسحاق" فلا يكون التطهير إلا بالماء، أهريقوا عليه سجلاً من ماء، فلا يكون هذا التطهير إلا بالماء، يعني لا تطهر الأرض بالجفاف، بالريح، بالشمس، خلافاً لأبي حنيفة، واستدلالهم بحديث: «زكاة الأرض يبسها» حديث لا أصل له، حديث ضعيف لا أصل له، كما قرر ذلك ابن حجر في التلخيص، فلا بد من غسلها على ما جاء في الحديث، وليس الغسل مثل غسل الثوب، وغسل المتاع أو غسل الإناء إنما يكتفى بصب الماء عليها.
وفي الحديث دليل على تطهير الأرض النجسة بالمكاثرة بالماء، ولا يشترط نقل التراب والحديث بذلك ضعيف، لو ثبت لكتفي به عن صب الماء، يعني الحنفية يقولون: إن كانت الأرض رخوة بحيث أنه ينزل الماء إلى أسفلها يكفي، وإن كنت صلبة لا بد من حفرها ونقل التراب، إذا نقلنا التراب ما نحتاج إلى ماء، والحديث نص معين للماء، لا بنقل التراب ولا بالجفاف ولا بغيره من المطهرات، لا بالشمس ولا بالريح ولا بغيره، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أولاً: عليك أن تجمع الأدلة على رسو الأرض وإرساء الأرض بالجبال، وتجمع ما قاله أهل العلم هذا وتقرره للطلاب، ثم تذكر لهم أن المنهج فيه كذا، والله المستعان.
الفرق ظاهر المولى قد يكون من صميم من صلبية العرب، قد يكون من قريش إلا أنه حصل عليه أسر أو حصل عليه حلف أو موالاة أو شيء من هذا، أو تبني كما هو شأن زيد بن حارثة، وأما العبد فهو الذي جرى عليه الرق بيع واشتري.
لا يا أخي هذا حرمان نسأل الله السلامة والعافية، وعلى المسلم سواء كان..، هذا التوجيه النبوي يسلم الصغير على الكبير، وينبغي أن يبادر الصغير على السلام على الكبير، والمار على الجالس، والراكب على الماشي، لكن لو بادر الثاني، بادر الكبير اغتناماً لقوله -عليه الصلاة والسلام-: «وخيرهما الذي يبدأ بالسلام» أحياناً يمر الإنسان على شخص جالس، ولكونه من الوافدين من العمال أو من غيرهم لا يبادره بالسلام، يحتقره، وهذا أيضاً من شر أنوع الكبر، هذا غمط الناس، ثم يأتي هذا الوافد ويبادره بالسلام، ثم يقول لصاحبه الذي معه: شوف هذا المسكين جالس وهو اللي يسلم، ما يدري عن الحديث أن الماشي هو اللي يسلم؟ طيب وراك أنت ما تدري بعد؟ هو الذي أخذ الفضل عنك، «وخيرهما الذي يبدأ بالسلام» وهو جالس وأنت عندك أنك تعرف الحديث وين أنت عند نفسك؟ وفي الأخير تكون أنت المحروم، فليحرص الإنسان بالمبادرة بالسلام ليكون خير الاثنين.
وعلى ذلك لا يبادر بالسلام عليه، وكذلك إذا دعي إلى وليمة يتصدر المجالس مع وجود شيوخ كبار في السن ويقول: بأن الموازين ينبغي أن تكون شرعية، والرسول -عليه الصلاة والسلام- جعل الإمامة في الصلاة للأقرأ؟
يعني الموازين صح يجب أن تكون شرعية، لكن مو بأنت اللي تصدر نفسك؛ لأن قد تكون عند نفسك شيء وأنت عند الله وعند الناس لست بشيء، فإذا ألزموك وصدروك التزم، والله المستعان.
نعم ولد في المحرم بعد ما خرجوا من المدينة ولد، وتوفي النبي -عليه الصلاة والسلام- وله من العمر ثلاثة أشهر فقط، فهذا يختلف في مثله، إذا كان رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- أو لم يره، وهل هذه الرؤية معتبرة أو غير معتبرة؟ الأكثر أنها غير معتبرة فليس بصحابي.
أولاً: المناسبة التي بين أيدينا التعليق لأحمد شاكر، وتعليل الأحاديث ودراسة الأحاديث التي معنا كله للشيخ أحمد شاكر، يعني ليس للشيخ ناصر في الكتاب الذي أدرسه وهو بيدي النسخة التي... أي جهد، يعني هي طبعة الشيخ أحمد شاكر، وتعليقات الشيخ أحمد، وتعليله للأحاديث واستطراده في ذلك هو الذي جعلنا نذكره، وليس المسألة مسألة مقارنة قد يقول قائل: أنك ما تذكر ولا تصحيح ابن حجر ولا تضعيف أحمد ولا ابن معين، المسألة مسألة مناسبة وليست دراستنا لهذا الحديث دراسة استيعاب أبداً، هي دراسة إمرار كما ترون، ولا نقف عند كثير من المسائل التي تستحق الوقوف؛ فالشيخ الألباني لنا فيه كلام طويل، ولا يختلف أحد في أنه مجدد بالنسبة لهذا العلم.
وأعتذر عن هذا السؤال ولكني أتساءل هل الألباني لا يستشهد بقوله أما ماذا؟
أنا معولي وعمدتي في كثير من الأمور في التصحيح والتضعيف على قوله، لكني لست بمقلد له، قد أخالفه -رحمه الله-.
ويش لون الرائحة والصفرة والكدرة؟ مثل هذه مستحاضة، هذه مستحاضة وليست بحائض؛ إنما ترجع إذا كان الدم يتغير، فالدم الأسود المنتن هو الحيض، وما عداه استحاضة، دم فساد لا حكم له، وإن كانت لها عادة سابقة ستة أيام أو سبعة تجلس على عادتها، وما زاد على ذلك تصوم وتصلي، وإن كانت ليست بمميزة ولا معتادة تجلس عادة غالب نسائها كما جاء في النصوص، وهنا أشار إلى الصفرة والكدرة، الصفرة والكدرة في زمن الطهر ليست بحيض كما هو معروف.
صلاة الفجر لا شك أنه جاءت النصوص بالتشديد في أمرها، وهي أثقل الصلاة على المنافقين -نسأل الله العافية-، أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ومن صلى البردين دخل الجنة، يعني تشترك مع صلاة العشاء في نصوص ومع العصر في نصوص، ولا يشترك معها في كثير من النصوص بعض الصلوات، المقصود أن صلاة الفجر هي العلامة على صدق الإيمان عند الإنسان، والتخلي عنها وتركها والتكاسل عنها يخشى على صاحبه من النفاق، وصلاة الفجر من أعظم الأسباب مع صلاة العصر إلى النظر إلى وجه الله -جل وعلا- يوم القيامة في الجنة، الذي هو أعظم ما يتلذذ به أهل الجنة.
معروف الحدود وله أحكامه، أما بالنسبة للمسجد فالمضاعفة خاصة به، مضاعفة الصلوات خاصة به، وأما بالنسبة لما ورد في تحريم المدينة وتحريم قطع الشجر، وتحريم الصيد وما أ شبه ذلك فإنه محدود بحدود الحرم، ما بين عير إلى ثور، من الشمال إلى الجنوب، وما بين الحرتين من الشرق إلى الغرب.
الركعة تدرك بإدراك الركوع مع الإمام، بأن يركع ويدرك الإمام ويطمئن في ركوعه قبل أن يرفع الإمام.
أولاً: عند من يقول بوجوب الزكاة في الذهب أن الزكاة تجب في عين المال ولها تعلق في الذمة، هذا عند من يقول بوجوب الزكاة في الحلي المستعمل تزكي منه، وإذا لم يمكن من ذلك فإنه تبيع منه وتزكي، وإن تبرع من لا منة له عليها فأعطاها مالاً تزكي منه ملكها إيه ثم أخرجته للزكاة أجزأ.
أولاً: الكلام في هذا الأثر كثير، الأمر الثاني: أننا عندنا من الأدلة المرفوعة التي تستند إلى الأدلة المرفوعة على كل حال ما يخالف هذا، والاحتمال يتطرقه أيضاً أن يكون علي -رضي الله عنه- ممن لا يرى الموالاة مثلاً وغسل رجليه بعد خلع الخف أو خلع الخف بعد تمام طهارته ثم بعد ذلك مباشرة غسل رجليه.
لا يجوز للمرأة أن تنظر إلى الرجال؛ بل يجب عليها غض البصر، سواء كانت الصور حقيقية أو ليست حقيقية، المقصود أنه لا يجوز للمرأة أن تنظر إلى الرجال، وتحدد النظر فيهم، كما أنه لا يجوز للرجل أن ينظر إلى المرأة، وهذا منصوص في كتاب الله لا يحتاج إلى اجتهاد.
أما ما كان حديثه ضعيف لا ينتهض ولا صححه أحد من الأئمة هذا لا يلزم منه احتياط، والاحتياط في الإتباع، والاحتياط كما قال شيخ الإسلام: إذا أدّى إلى فعل محظور أو ترك مأمور فالاحتياط في ترك هذا الاحتياط، أما إذا وجد حديث اختلف في تصحيحه وتضعيفه مثلاً، وتوقف الإنسان في حكمه فالاحتياط أن يعمل به، علماً بأن جمهور أهل العلم يعملون بالحديث من باب الاحتياط ولو ضعف، وأما الأخذ بالأيسر أو الأشد فليس من مقاصد الشريعة لا التيسير، الذي لا يسنده نص، ولا التشديد وسيأتي في الحديث: «إنما بعثتم ميسرين لا منفرين» و «إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه» وليس معنى ذلك التضييع، بل الدين دين تكاليف، والجنة حفت بالمكاره، دين دين واجب يجب العمل به، دين محرم يجب تركه، وهذه موجودة في الشريعة، أما من يأخذ بالتيسير ويترك النصوص الكثيرة التي تدل على أن الشريعة شريعة تكاليف، ويش معنى التكليف؟ إلزام ما فيه كلفة على المكلف، ويش معنى الجهاد؟ إزهاق النفس، هذا ما في تكليف؟! الحج فيه تكليف شديد، الصيام في الهواجر فيه تكليف، في تشديد على المكلف، المقصود أن سمة الشريعة في جملتها اليسر، ويقول أهل العلم كالشاطبي وغيره: إن المشقة التي تلحق بالعبادة إذا كان نظيرها يلحق بأمور الدنيا تجد الإنسان في أمور دنياه يضرب الفيافي والقفار من أجل أن يكسب شيء من المال، الذي يصيد مثلاً في الصيف ألا يشق عليه ذلك مشقة عظيمة ومع ذلك يتلذذ به، الذي يسافر من أجل التجارة، الذي يزاول التجارة من أول النهار إلى آخره في الأيام الشديدة الحر وهو صائم هذه تكاليف لا تخرج عن المعتاد، أما ما يخرج عن المعتاد، التكليف الذي يخرج عن المعتاد هذا لا يوجد في الشريعة، يعني الذي يشق على المسلم مشقة عظيمة بحيث يخرج عن المعتاد هذا لا تأتي به الشريعة، فالتكاليف التي لا تخرج عن المعتاد ولو شقت عن النفس كثير من التكاليف شاقة، وهي بالنسبة لكثير من الناس ليست بيسر، وإن كانت سمة الشريعة يسر، لكن لا يعني أن الجهاد يُعطل لأنه عسر، الحج يعطل لأنه عسر لا، لا بد من..، الحج ركن من أركان الإسلام {لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ} [(7) سورة النحل] ليس معنى أن الإنسان يؤخذ بشيء من النصوص ويترك أشياء، ما خُير النبي -عليه الصلاة والسلام- بين أمرين إلا أختار أيسرهما هذا قبل استقرار الحكم، لكن إذا استقر الحكم ما في خيار، أما قبل استقرار الحكم يخير النبي -عليه الصلاة والسلام- فيختار الأيسر، إذا استقر الحكم بالتحريم كيف نختار الأيسر؟ لا نستطيع أن نختار الأيسر.
الإتيان المقصود به عند من يحتاج إلى الإتيان، ولو كان عندك في مسكن واحد، الساحر عندك في غرفة وأنت في غرفة، وتنظر إليه من غير إتيان إليه هذا يكفي، ولو أمكنك أن تنظر إليه من خلال نافذة وأنت لا تريد الإنكار عليه؛ لأن هذا إطلاع على الشرك على الكفر -نسأل الله العافية-، ولا يجوز الإطلاع عليه إلا لمن أراد أن ينكر؛ الإطلاع على المنكرات والذهاب إليها أو النظر إليها لا يجوز إلا لمن أراد إنكارها، فالإتيان هو في الغالب أنه يحتاج إلى من يأتيه لأنه لا يسكن عند هذا الآتي، وإذا كان لا يتطلب إتيان فمجرد النظر إليه والنظر إلي عمله هذا هو حكمه حكم الإتيان -نسأل الله العافية-، من غير تصديق أما إذا صدقه فالأمر أعظم -نسأل الله العافية-.
{ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ} [(40) سورة النــور] الأصل السفر محرّم إلا لضرورة، ومع ذلك يسكن عند امرأة!
تكفي تكبيرة الإحرام عن تكبيرة الركوع لأنها تدخل فيها على أن ينوي تكبيرة الإحرام.
وكان في حال تكبيرة منحنياً ليس معتدلاً؟
لا تكبيرة الإحرام فرض القيام، لا بد أن يُكبر وهو قائم.