تعليق على تفسير سورة البقرة (68)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نعم.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
قال الإمام ابن كثيرٍ –رحمه الله تعالى-: "وقوله: {فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة:196] أي: فإذا تمكنتم من أداء المناسك فمن كان منكم متمتعًا بالعمرة إلى الحج، وهو يشمل من أحرم بهما، أو أحرم بالعمرة أولاً، فلما فرغ منها أحرم بالحج، وهذا هو التمتع الخاص، وهو المعروف في كلام الفقهاء، والتمتع العام يشمل القسمين، كما دلت عليه الأحاديث الصحاح، فإن من الرواة من يقول: تمتع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وآخر يقول: قرن، ولا خلاف أنه ساق هديًا.
وقال تعالى: {فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة:196] أي: فليذبح ما قدر عليه من الهدي، وأقله شاة، وله أن يذبح بقرة؛ لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذبح عن نسائه البقر".
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
بعد الإحصار إذا أمِن الحاج يعني في مقابل الحصر بالعدو الذي ينشأ عنه الخوف، وفي مقابله الأمن، فإذا أمن الحاج وزال عنه الخوف، وزال عنه احتمال الصد عن بيت الله، فمن تمتع وهذا يشمل نوعين من أنواع النُّسك:
بالمعنى العام: المتمتع الذي أفرد العمرة، ثم جاء بالحج بعدها هذا يشمله التمتع، وهو المقصود بالمعنى الخاص.
وأما القارن فيشمله مُسمى التمتع بأنه تمتع بأداء النُّسكين في سفرٍ واحد، وهذا ما فعله النبي– عليه الصلاة والسلام- قد قرن بين الحج والعمرة؛ لأنه ساق الهدي، ولم يتمكن من الحِل من العمرة؛ لأنه ساق الهدي، فهو متمتع على كل حال وروي عنه –عليه الصلاة والسلام- أنه تمتع بمعنى أنه جاء بالنسكين في سفرٍ واحد، وترفه بترك أحد السفرين.
وأما التمتع بمعناه الخاص فهو: أن يعتمر يُلبي بالعمرة، ويؤدي هذه العمرة بأركانها وشروطها وواجباتها، ثم يحل منها الحِل كل الحِل، ثم يُحرم بالحج.
من فعل هذا أو ذاك، من فعل التمتع بمعنييه يلزمه هدي وأقله شاة، ولا بُد أن يكون من بهيمة الأنعام التي تشمل الأصناف الثمانية المذكورة في سورة الأنعام، والمتيسر من هذه الأصناف هو الغنم سواءً كان من الضأن أو من الماعز.
{فَمَا اسْتَيْسَرَ} [البقرة:196] يعني: تيسر، والسين الأولى أصلها تيسر وسهل على المكلف، واليسر والتيسير هو صفة الشريعة، وليس معناه إضاعة الواجبات أو انتهاك المحرمات باسم التيسير أو تضييع الحج أو غيره من التكاليف باسم التيسير كما صنعه بعضهم، الشريعة وصفها التيسير، ورُفعت عنها الآصار والأغلال والمشقات، ولكن مع ذلك فيها التكاليف وهي: إلزام المكلف بما فيه أحيانًا كلفة ومشقة، لكنه لا يخرج عن دائرة التيسير.
وما من تكليفٍ جاء في الشرع إلا وفوقه ما هو أشق منه وأشد، كما فُرض على الأمم السابقة، فشريعتنا كلها تيسير ويُسر وسهولة، ولا تفرض على المكلف أو تطلب منه شيئًا لا يُطيقه أو يشق عليه مشقةً شديدة، ولكن التكليف تكليف، إلزامٌ فيه كلفة.
هل لقائلٍ أن يقول: أنا لا أستيقظ لصلاة الصبح؛ لأن الجو بارد، والشريعة يسر؟ ليس له ذلك، وقُل مثل هذا في الأوقات الأخرى، بل عليك أن تستيقظ، وتتطهر بما يُناسبك بما يسهل عليك وما لا يشق عليك من الطهور، وأما أن تقول: درجة الحرارة صفر أو أقل من الصفر لا أستيقظ ولا أصلي؛ حتى تنتشر الشمس ويدفئ الجو.
نعم إذا خشيت على نفسك الموت، وليس عندك ما يُخففه عليك يُخفف البرد عليك إذا وصل الأمر إلى ذلك فلك ذلك، لكن المشقة المحتملة التي يحتملها أوساط الناس هذه مطلوبة في الشرع لا لذاتها، وإنما هي لما تتبعه من العبادة.
الآن لو يقول قائل: أنا لا أحج؛ لأني رأيت الزحام الشديد في الحج، وأنا لا أتحمل، فعلاً ما يتحمل؛ لأن الإنسان على ما تربى وما عوَّد نفسه عليه، بعض الناس الجمعة تشق عليه مشقة عظيمة، لماذا؟ لأنها تُخالف عادته، يعني يستيقظ من نومه قبل العادة من أجل أن الجمعة يُسعى إليها من أول الوقت، وأيضًا الخروج مع الأبواب والدخول وانتظار الخطيب شاق على النفوس المترفة، لكن مثل هذه المشقة تيسيرها أن تُترك أو يُبحث لها عن حلٍ آخر؟ لا، الجمعة في وقتها، ويُسعى إليها في الوقت المطلوب، بل قبل هذا الوقت المطلوب، بل جاء الحث على ذلك.
ويوجد من ربى نفسه على العزائم، ويسعى إلى الجمعة في الساعة الأولى، وباقٍ على دخول الخطيب خمس ساعات بعض الناس إذا جلسوا وباقي على الخطبة نصف ساعة قامت قيامته ما يتحمل.
{فَمَا اسْتَيْسَرَ} [البقرة:196] ليس معناه تضييعًا، التيسير في الشريعة ليس معناه التضييع، وإنما هو أخذ ما أوتي بقوة وعزم ودون تراخٍ، ومن أخذ الدين بقوة لن يصعب عليه شيء، لكن من تراخى وتساهل واسترسل مع راحة النفس ولذاتها، فإنه سوف يصعب عليه أدنى الأشياء، وهذا بالتجربة، وإلا فما معنى واحد ما يأتي إلا مع دخول الإمام، وناس يذهبون من الساعة الأولى بعد طلوع الشمس؟
شيخٌ كبير عامي لا يقرأ ولا يكتب يذهب إلى المسجد الجامع قبل وقت الفجر بساعتين؛ لأنه أخذ الاحتياط، ونام من صلاة العشاء، أما الذي يسهر إلى هزيعٍ من الليل فما يستطيع يصعب عليه، يذهب إلى الجامع قبل أذان الفجر بساعتين، ويُصلي ما كُتب له؛ ويضطجع مقدار ربع ساعة أو عشر دقائق لتطبيق السُّنَّة، ثم ينهض لصلاة الصبح، يُصلي الصبح ويجلس في الصف الأول ينتظر الجمعة، ويُصلي الجمعة في مسجدٍ يُبادر، ويذهب إلى جامعٍ آخر يتأخر قليلاً وفيه جنائز، يُصلي على الجنائز، ثم يدخل المقبرة قريبة من هذا الجامع، ثم يذهب إلى جامعٍ آخر من أجل قضاء بقية اليوم، ولا يذهب إلى البيت إلا بعد صلاة العشاء، وهذا ديدنه. هذا ربى نفسه على هذه الأمور، ولم يلتفت إلى ما جاء في آية التوبة: {إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ} [التوبة:24] إلى أن قال: {وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ} [التوبة:24].
لأن الذي ينظر إلى مُتع الدنيا، ويتشبث بها تصعب عليه أمور الآخرة، وكل إنسان بما هوي، أحيانًا إذا جاءت المواسم نظر إلى هذه الأمور، أصحاب التجارات إلى تجاراتهم، وأصحاب المزارع إلى مزارعهم، وأصحاب اللهو إلى لهوهم، تصدهم عن المسارعة والمسابق إلى الخيرات.
هذا معنى أو ما أردت أن أُبينه في ما استيسر؛ لأن بعض من كتب عن اليسر والتيسير استرسل في هذا إلى أن ترتب على بعض أقواله تضييع بعض الواجبات، الإنسان يأخذ دينه بقوة ويحرص على ذلك؛ لأن من طبيعة النفس البشرية أنها تُحب الراحة والإخلاد إليها، ومثل ما ذكرنا يُوجد أُناس مُكثهم كله في المسجد إلا ما ندر، وأيامهم كلها شِبه اعتكاف، وشهورهم كلها رمضان، وهم موجودون، وإن كانوا قِلة لكنهم موجودون، يعني لو الإنسان راجع نفسه، قال أيش الفرق بينا وبين هؤلاء؟
بعض الناس تصعب عليه الصلاة حتى إذا مر بآية سجدة تردد في السجود؛ لأن الصلاة صعبة عليه، لماذا؟ لأنه عوَّد نفسه على الراحة وعلى القيل والقال، وصعبت عليه أمور الآخرة، فليُعوِّد الإنسان على أخذ الدين بقوة، والتفريط حاصل، ونسأل الله العفو والمسامحة، لكن كل إنسان يستطيع مع توفيق الله –جلَّ وعلا- ومع الإخلاص له يستطيع أن يُربي نفسه على ما يُريد إن شاء الله تعالى.
نعم.
طالب:........
شروط الأضحية.
طالب:........
يعني أنت لا تنظر إلى الدون، انظر إلى الأعلى؛ لأن هذه من أمور الآخرة، إذا نظرت إلى دون جاءك من يقول: إن ما استيسر يصل إلى حد الدجاج، وقد وُجِد من يُفتي به، لكن أنت لو نظرت إلى هذه الشاة التي تنطبق عليها شروط الأضحية تجد بألف ريال ما استيسر، لكن فيه بألفين، ثلاثة.
طالب:........
من ينظر للأمور الأخرى أو بالخارج أو شيء.
طالب:........
المقصود أن ما استيسر كل إنسان ينظر إلى وضعه، وما بذلته لله فهو مخلوف، الله يُخلفه عليه.
"وقال الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم-".
عن أبي سلمة، عندك أبي سلمة؟
طالب: عن أبي سلمة.
عندي مسلم.
طالب: يقول: في الأصل أبو مسلم، والتصويب من التخريج.
نعم.
"أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذبح البقر عن نسائه وكُن متمتعات، رواه أبو بكر بن مردويه.
وفي هذا دليلٌ على مشروعية التمتع، كما جاء في الصحيحين".
جاء في صحيح مسلم أنه –عليه الصلاة والسلام- ضحى عن نسائه البقر، وهذا في حجة الوداع، فقالوا: المراد بالتضحية هنا هو الهدي.
"كما جاء في الصحيحين عن عمران بن حصين، قال: نزلت آية المتعة في كتاب الله، وفعلناها مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم لم ينزل قرآن يحرمها، ولم ينه عنها، حتى مات، قال رجلٌ برأيه ما شاء.
قال البخاري: يُقال إنه عمر، وهذا الذي قاله البخاري قد جاء مصرحًا به أن عمر كان ينهى الناس عن التمتع ويقول: إن نأخذ بكتاب فإن الله يأمر".
بكتاب الله، "إن نأخذ بكتاب الله".
"إن نأخذ بكتاب الله فإن الله يأمر بالتمام، يعني: قوله {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة:196] وفي نفس والأمر لم يكن عمر -رضي الله عنه- ينهى عنها محرمًا لها؛ إنما كان ينهى عنها؛ ليكثر قصد الناس للبيت حاجين ومعتمرين، كما قد صرَّح به- رضي الله عنه-".
لأنه بدلاً من أن يُسافر سفرة واحدة للنسكين يُسافر لهما بسفرتين، فيكثر قصد البيت، وهذا رأي من عمر –رضي الله عنه وارضاه- وما جاء عن النبي –عليه الصلاة والسلام- هو الأصل؛ ولذا قال ابن عباس: يوشك أن تُنزَّل عليكم حجارةٌ من السماء، أقول: قال رسول الله– صلى الله عليه وسلم- وتقولون: قال أبو بكرٍ وعمر!!.
طالب:........
«اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي» إذا لم يُوجد نص مرفوع إلى النبي –عليه الصلاة والسلام-، وإذا وجِد شيءٌ مرفوع لا يُعارض به قول أحدٍ كائنًا من كان، أما إذا خلت المسألة عن النصوص نقتدي «بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي» -عليه الصلاة والسلام-.
"وقوله: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} [البقرة:196] يقول تعالى: فمن لم يجد هديًا فليصم ثلاثة أيام في الحج، أي: في أيام المناسك.
قال العلماء: والأولى أن يصومها قبل عرفة في العشر، قاله عطاء، أو من حين يُحرم قاله ابن عباسٍ وغيره؛ لقوله {فِي الْحَجِّ} [البقرة:196] ومنهم من يُجوِّز صيامها من أول شوال، قاله طاوس ومجاهد وغير واحد، وجوَّز الشعبي صيام يوم عرقة وقبله يومين، وكذا قال مجاهد، وسعيد بن جبير، والسدي، وعطاء، وطاوس، والحكم، والحسن، وحماد، وإبراهيم، وأبو جعفرٍ الباقر، والربيع، ومقاتل بن حيان.
وقال العوفي عن ابن عباس: إذا لم يجد هديًا فعليه صيام ثلاثة أيام في الحج قبل يوم عرفة، فإذا كان يوم عرفة الثالث، فقد تم صومه، وسبعةٍ إذا رجع إلى أهله، وكذا روى أبو إسحاق، عن وبرة، عن ابن عمر قال: يصوم يومًا قبل التروية، ويوم التروية، ويوم عرفة، وكذا روى جعفر بن محمد عن أبيه، عن عليٍّ أيضًا: فلو لم يصمها أو بعضها قبل العيد، فهل يجوز أن يصومها في أيام التشريق؟ فيه قولان للعلماء:
وهما للإمام الشافعي أيضًا، القديم منهما أنه يجوز له صيامها؛ لقول عائشة وابن عمر في صحيح البخاري: لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لا يجد الهدي، هكذا رواه مالكٌ، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، وعن سالمٍ، عن ابن عمر، وإنما قالوا ذلك لعموم قوله: {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} [البقرة:196] وقد رُوي من غير وجهٍ عنهما.
ماذا عندك؟
"هكذا رواه مالكٌ، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة".
طالب: "وعن سالمٍ، عن ابن عمر، وإنما قالوا ذلك".
لا، "ورُوي من غير وجهٍ عنهما، ورواه سفيان، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي".
طالب:.......
نعم.
طالب:.......
احضر هيا، هناك من ينفيه عن أن ابن عمر "وإنما قال ذلك" سطرين أو ثلاثة أسطر.
"وإنما قالوا ذلك؛ لعموم قوله: {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} [البقرة:196] وقد رُوي من غير وجهٍ عنهما، ورواه سفيان، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن عليٍّ أنه كان يقول: من فاته صيام ثلاثة أيامٍ في الحج صامهن أيام التشريق. وبهذا يقول عبيد بن عميرٍ الليثي، عن عكرمة".
وعكرمة، والحسن البصري، وعروة ابن الزبير.
"وبهذا يقول عبيد بن عميرٍ الليثي، وعكرمة، والحسن البصري، وعروة بن الزبير، والجديد من القولين".
يعني للشافعي.
"أنه لا يجوز صيامها أيام التشريق".
طالب:.......
نعم، تقديم وتأخير؛ لأنه عندي أنا مقدمٌ أيضًا حتى على كلام الشيخ.
"والجديد من القولين: أنه لا يجوز صيامها أيام التشريق؛ لما رواه مسلم عن نَبيشة الهذلي".
نُبيشة.
"عن نُبيشة الهذلي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ».
وقوله: {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة:196] فيه قولان:
أحدهما: إذا رجعتم إلى رحالكم في الطريق؛ ولهذا قال مجاهد: هي رخصةٌ إذا شاء صامها في الطريق".
{إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة:196] يعني إذا شرعتم في الرجوع؛ لأن الفعل الماضي أصله الفراغ من الشيء، والآية على هذا إذا رجعتم إلى أهليكم ومنازلكم وبلدانكم وانتهى الطريق، وفرغتم من الرجوع فصوموا، هذا الأصل في الفعل الماضي، ويُطلق الفعل الماضي ويُراد به الشروع في الشيء، الشروع في الفعل، وقال فعل وقد شرع، مثل: إذا ركع فاركعوا ليس معناه إذا فرغ من الركوع، وليس معناه إذا أراد الركوع؛ لأن الاحتمال الثالث في الفعل الماضي الإرادة إرادة الفعل، ومنه: «إذا دخل أحدكم الخلاء» يعني أراد الدخول، وهي رواية في الصحيح أراد، {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ} [النحل:98] يعني إذا أردت القراءة.
"وكذا قال عطاء بن أبي رباح.
والقول الثاني: إذا رجعتم إلى أوطانكم، قال عبد الرزاق: أخبرنا الثوري، عن يحيى بن سعيد، عن سالمٍ، سمعت ابن عمر قال: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة:196] قال: إذا رجع إلى أهله، وكذا روي عن سعيد بن جبير، وأبي العالية، ومجاهدٍ، وعطاء، وعكرمة، والحسن، وقتادة، والزهري، والربيع بن أنس، وحكى على ذلك أبو جعفر بن جريرٍ الإجماع".
وهذا هو الظاهر {إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة:196] الظاهر من الماضي أنه إذا فرغ من الشيء، ورجع بالفعل يعني إلى أهله؛ لأن أهله ليسوا في الطريق لا في بدايته ولا في أثنائه إنما هم في أماكنهم وبلدانهم، فمعناه إذا رجعت إلى بلدك، ومكان إقامتك الذي فيه أهلك.
"وقد قال البخاري: حدَّثنا يحيى بن بكير، قال: حدَّثنا الليث، عن عَقيل".
عُقيل.
"عن عُقيل، عن ابن شهابٍ، عن سالم بن عبد الله أن ابن عمر قال: تمتع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج، وأهدى فساق معه الهدي من ذي الحليفة، وبدأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأهل بالعمرة، ثم أهل بالحج، فتمتع الناس مع النبي -صلى الله عليه وسلم- بالعمرة إلى الحج، فكان من الناس من أهدى فساق الهدي، ومنهم من لم يَهد".
لم يُهدِ.
"ومنهم من لم يُهدِ، فلما قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- مكة قال للناس: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ أَهْدَى فَإِنَّهُ لَا يَحل لِشَيْءٍ حَرُم مِنْهُ حتَى يَقْضِيَ حَجّه، ومَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَهْدَى فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَلْيُقَصِّر وليحللْ، ثُمَّ ليُهِلّ بِالْحَجِّ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا فليصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ»، وذكر تمام الحديث.
قال الزهري: وأخبرني عروة، عن عائشة بمثل ما أخبرني سالم عن أبيه، والحديث مخرجٌ في الصحيحين من حديث الزهري به.
وقوله: {تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} [البقرة:196] قيل: تأكيد، كما تقول العرب: رأيت بعيني، وسمعت بأذني وكتبت بيدي.
وقد قال الله تعالى: {وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} [الأنعام:38]، وقال: {وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ} [العنكبوت:48]، وقال: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} [الأعراف:142].
وقيل: معناه {كَامِلَةٌ} [البقرة:196] الأمر بإكمالها وإتمامها، اختاره ابن جرير".
وقيل.
طالب: "وقيل: معناه".
وقيل: معنى {كَامِلَةٌ} [البقرة:196].
"وقيل: معنى {كَامِلَةٌ} [البقرة:196] الأمر بإكمالها وإتمامها، اختاره ابن جرير.
وقيل: معنى {كَامِلَةٌ} [البقرة:196] أي: مجزئةٌ عن الهدي.
قال هشيمٌ، عن عباد بن راشد، عن الحسن البصري، في قوله: {تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} [البقرة:196] قال: من الهدي".
{كَامِلَةٌ} [البقرة:196] يعني موازنة ومساوية للهدي، لا يُنقصها شيء عن الهدي، لكن كونها مرتبة ثانية، وخيارًا آخر لمن لم يجد الهدي يؤيد هذا الكلام أم ما يؤيده؟ ما يؤيده، فالهدي أكمل منها.
طالب:.......
{فَمَنْ لَمْ يَجِدْ} [البقرة:196].
طالب:.......
نعم غصبًا عليه، لكن الذي وجد مثل الذي لا يجد؟ في السياق في سياق الآية دعنا من مسألة الأجر، قد يكون أجر من صام عشرة أيام أضعاف من أهداه؛ لأمورٍ تحتف بذلك، لكن قوله: {كَامِلَةٌ} [البقرة:196] من الهدي يعني أنهما بمنزلةٍ واحدة لو كان بمنزلةٍ واحدة لجاء التخيير ما جاء الترتيب.
طالب:.......
لا، ما هو بمُسلَّم هذا، أحيانًا تكون في كثيرٍ من الأحيان والأحوال والظروف العمل البدني أسهل من العمل المالي؛ لأن العمل البدني مقدورٌ عليه بدون مقدمات، وبدون مشقة، وأما العمل المادي الذي يترتب عليه مال هو يحتاج إلى سعي لجمع هذا المال، ولا تنظر إلى ظروفنا، يمكن يذبح عشر ولا يصوم يومًا مع أن الناس يتفاوتون في هذا تفاوتًا كبيرًا، يتفاوتون بعض الناس بذل المال أسهل عليه، وبعض الناس بذل المال أشق عليه، يتفاوتون تفاوتًا كبيرًا الناس في هذا.
طالب:.......
نعم ما فيه إشكال العتق، ثم الصيام، ثم الإطعام هذه كفارة الظهار، لكن في مثل هذا الذي لم يجد ما استيسر من الهدي يصوم عشرة أيام، كثيرٌ من الناس يقول: أتدين مائة بالمائة، ما أتدين يعني بنسبة من تُعطيه جهات الدَّين عشرة بالمائة وخمسة عشر، يقول: أنا مستعد أتدين ألفًا بالمائة، ولا أصوم عشرة أيام، هذا بالنسبة لبعض الناس، وبعض الناس إذا أُعطي قسيمة بثلاثمائة ريال يتمنى أن تُصرف جلدات ولا يصرف الثلاثمائة، هذا موجود في الناس موجود يعني موجود حقيقة ما هو بتنظير، وبعض الناس مستعد أن يبذل ما وراءه دونه، ولو كانت جلدة واحدة، فليس الناس بمقياسٍ واحد، لكن غالب الناس في ظرفه –عليه الصلاة والسلام- يصوم، إذا لم يجد يصوم وهو مرتاح، أحيانًا الصيام من أشق الأمور على النفس لاسيما الذي لم يُعوِّد نفسه عليه.
طالب:.......
ماذا؟
طالب:.......
أجره كامل.
طالب:.......
أين؟
طالب:.......
ولا لعدم القدرة.
طالب:.......
مشينا على أنه كاملة من الهدي، لم ننقص قدر الصائم العشرة أيام، نحن نقول: ما انتُقل من المرتبة الأولى إلى الثانية إلا لأن الأولى أكمل بغض النظر عن المكلف.
"وقوله: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة:196] قال ابن جرير: واختلف أهل التأويل فيمن عني بقوله: {لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة:196] بعد إجماع جميعهم على أن أهل الحرم معنيون به، وأنه لا متعة لهم".
على خلاف بين أهل العلم أنه لا متعة لهم أو لا هدي عليهم؛ لأن الإشارة {ذَلِكَ} [البقرة:196] تعود إلى الأمرين:
تعقب التمتع، وتعقب الهدي.
{ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة:196] هل يعود إلى التمتع وأن أهل الحرم لا متعة عليهم، بمعنى أنهم لا يعتمرون، ولا عمرة عليهم، أو نقول: {ذَلِكَ} [البقرة:196] أي: الهدي {لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة:196] وأن أهل الحرم لا هدي عليهم لو تمتعوا؟
طالب:.......
أين؟
طالب:.......
لا، الجمع بين النُّسكين هذا هو التمتع، والإتيان بالعمرة في أشهر الحج.
"بعد إجماع جميعهم على أن أهل الحرم معنيون به، وأنه لا متعة لهم فقال بعضهم: عني بذلك أهل الحرم خاصةً دون غيرهم.
حدَّثنا ابن بشار، قال: حدَّثنا عبد الرحمن، قال: حدَّثنا سفيان -وهو الثوري- قال ابن عباس ومجاهد: هم أهل الحرم. وكذا روى ابن المبارك، عن الثوري، وزاد: الجماعة عليه.
وقال قتادة: ذُكر لنا أن ابن عباسٍ كان يقول: يا أهل مكة، لا متعة لكم، أحلت لأهل الآفاق وحرمت عليكم، إنما يقطع أحدكم واديًا، أو قال: يجعل بينه وبين الحرم واديًا، ثم يهل بعمرة.
وقال عبد الرزاق: حدَّثنا معمر، عن ابن طاووس، عن أبيه قال: المتعة للناس لا لأهل مكة من لم يكن أهله من الحرم. وذلك قول الله عز وجل: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة:196] قال: وبلغني عن ابن عباسٍ مثل قول طاووس.
وقال آخرون: هم أهل الحرم ومن بينه وبين المواقيت، كما قال عبد الرزاق: أخبرنا معمرٌ عن رجل، عن عطاءٍ، قال: من كان أهله دون المواقيت، فهو كأهل مكة".
عن رجلٍ.
طالب: من كان أهله.
لحظة لحظة "أخبرنا معمر".
طالب: "عن رجل، عن عطاء".
ما علَّق عليها؟
طالب: يقول في سنده أخرجه عبد الرزاق والطبري في تفسيره.
نعم، لكن هذ الرجل ما هو عندنا في النسخة.
طالب: إذًا رجلٌ مُبهم.
المُبهم هذا ما هو عندنا "أخبرنا معمر عن عطاء" على طول.
طالب:.......
أرنا النسخة، ارفعها.
طالب:.......
يعني موجود في كتب التخريج.
كأنه في الأصل عن رجل غير موجود بدليل أن الأزهرية ما فيها، والطابع جعله بين قوسين، بماذا علق عليه عندكم؟
طالب: يقول بسنده رجلٌ مبهم، وهكذا أخرجه عبد الرزاق والطبري في تفسيريهما.
لا، لكن عن وجود رجل في الأصل.
طالب:.......
ما علق بشيء؟
طالب:.......
هم اعتمدوا كتب التخريج، وما رجعوا إلى الرواية، ولا اعتنوا بالأصول، والأمر سهل، لكن جادة التحقيق تقتضي أن يُثبت ما في الأصل ويُعلَّق عليه.
"عن عطاءٍ، قال: من كان أهله دون المواقيت، فهو كأهل مكة لا يتمتع.
وقال عبد الله بن المبارك، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن مكحول، في قوله: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة:196] قال: من كان دون الميقات".
بعضهم يقول: باعتماد مسافة القصر، من كان دون مسافة قصر فهو من حاضري المسجد الحرام؛ لأن ما زاد على مسافة القصر يُعتبر مسافرًا ليس من أهل الحضر، ويكون بينه وبين هذا القول الفرق بينهما من كان دون ذو الحليفة، يعني ثلاثمائة كيلو على هذا القول من حاضري المسجد الحرام؛ لأنه دون الميقات، وعلى القول الثاني: لا يكون دون الميقات إذا زاد عن ثمانين كيلاً.
"وقال ابن جريج عن عطاء: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة:196] قال: عرفة، ومر، وعرنة، والرجيع، وضجنان.
وقال عبد الرزاق: حدَّثنا معمر، سمعت الزهري يقول: من كان أهله على يومٍ أو نحوه تمتع، وفي رواية عنه: اليوم واليومين، واختار ابن جريرٍ في ذلك مذهب الشافعي أنهم أهل الحرم، ومن كان منه على مسافة لا يقصر منها الصلاة؛ لأن من كان كذلك يعد حاضرًا لا مسافرًا، والله أعلم".
وهذا مشهور عند الحنابلة هذا القول، القول بأن مسافة القصر هي الحد والحاسم، وعند الشافعية والحنابلة، وطردوا ذلك فيمن يلزمه الوداع، قالوا: من كان دون مسافة قصر لا يلزمه وداع؛ لأنه حاضر، ومن كان أبعد من مسافة القصر فإنه يلزمه الوداع.
"وقوله: {وَاتَّقُوا اللَّهَ} [البقرة:196] أي: فيما أمركم وما نهاكم".
طالب:........
الراجح، الراجح أن من حج ونفر إلى بلدٍ يختلف اسمه مع مكة فإنه يلزمه الوداع، وعمر– رضي الله عنه- رد الحجاج من مر الزهران، وهو خمسة وعشرون كيلو للوداع، فإذا كان ينفر إلى بلدٍ يختلف اسمه عن مكة يُقال: هذا من أهل مكة؟ إذا كان من بلدٍ يحمل اسمًا يُخالف اسم مكة وهو البلد الحرام فهذا لا شك أنه يختلف.
طالب:........
في المسألتين نعم.
طالب:........
ما يعتمر، وإلا على القول الآخر أنه له أن يعتمر، لكن ما عليه ذنب؛ لأن {ذَلِكَ} [البقرة:196] متعقبة للأمرين، ومثل هذا إذا تعقب أمرين يختلف العلماء هل يعود إلى الأول أو يعود إلى الثاني، أو يعود لهما جميعًا كما قيل في الذين تابوا في القذف؟
طالب:........
مكة تعدت حدود الحرم، والذي خارج حدود الحرم وهو في مكة يختلف عن هذا؟
طالب:........
أين؟
طالب:........
{حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة:196] تقول: إن أهل مكة ليسوا من حاضري المسجد الحرام؟
طالب:........
أنا أقول: من خرج عن حدود الحرم، ودخل في مسمى مكة، تقول: هذا خارج؟
طالب:........
من الحاضر والبادي.
طالب:........
ماذا؟
طالب:........
لكن النص إلى يوم القيامة، تنزَّل على حاضري المسجد الحرام إلى يوم القيامة.
طالب:........
هو المسجد الحرام، ومكة، وأم القرى بأسمائها كلها هي مكة ما تختلف.
طالب:........
في ماذا؟
طالب:........
{حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة:196] هل المقصود به مكة، أو الحرم، أو من دون المواقيت، أو من دون مسافة القصر؟ أقوال لأهل العلم، لو قلنا: مكة، فيشمل مكة مهما توسعت، وإن قلنا: الحرم، فهو مقيدٌ بحدوده وعلامته، وإذا قلنا: من دون المواقيت اتسع من جهة الشمال، الشمال الشرقي إلى أربعمائة كيلو إلى ذي الحليفة، وإن قلنا: دون مسافة القصر وهو المعروف عند الشافعية والحنابلة اقتصر على ثمانين كيلاً، والمواقيت متقاربة ما عدا ذا الحليفة، فيجتمع القولان المواقيت ومسافة القصر في ثلاثة مواقيت أو أربعة: قرن المنازل، والجحفة، يلملم، كلها متقاربة.
طالب:........
أكثر؟
طالب:........
ماذا؟
طالب:........
أكثر من مائة.
طالب:........
المقصود أنه معروف المواقيت، ومعروف المسافة، لكن {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة:196] هو الإشكال في هل يشمل جميع مكة، وكلهم حاضرون في مقابل المسافرين، وفي مقابل البادية؟ من دخل القرى والبلدان ما يُسمى باديًا، البادي من يسكن البادية والقفار والبوادي.
فالذي يظهر إذا تقيدنا باللفظ {حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة:196] فالحدود حدود الحرم ظاهرة في هذا، وإذا قلنا: بالتداخل بين مكة والمسجد الحرام، ومن أهل العلم من يرى أن مكة داخل الحرم، وقد كانت في وقتٍ من الأوقات كلها داخل الحرم توسعت فيما بعد وتعدت الحدود.
على كل حال، الخلاف لن ينحسم ويترتب عليه مسائل كثيرة، وقلنا: منها الوداع، منهم من يُفتي بأن من كان دون مسافة القصر فلا وداع عليه، وأفتوا أهل جدة وأهل الطائف أنه ما عليهم وداع؛ لأنهم دون مسافة القصر، لكن دون مسافة القصر من أين؟ من الحرم، أم من مكة؟
طالب:........
من مكة ما هو من الحرم هم أكثر من مسافة القصر من الحرم وحدود الحرم، لكن من مكة لما توسعت مكة، وتوسعت جدة من جهة، وتوسعت الطائف دخلت في المسافة.
وابن عباس –رضي الله عنه- يُمثِّل لمسافة القصر من مكة إلى جدة، ومن مكة إلى الطائف، ومن مكة إلى عسفان كلها متقاربة.
"وقوله: {وَاتَّقُوا اللَّهَ} [البقرة:196] أي: فيما أمركم وما نهاكم.
{وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [البقرة:196] أي: لمن خالف أمره، وارتكب ما عنه زجره".
قف على هذا.