قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: 103]، والمراد بحبل الله عند جمعٍ من أهلِ العلمِ دينَه الشامل للكتابِ والسنةِ.
ولن يضلَّ من تمسك بالكتابِ والسنةِ، والتمسُّك بهما فيه العصمة من كل شرٍّ وفتنةٍ. وفي خطبه صلى الله عليه وسلم التنبيه على ذلك؛ كما جاء في صحيح مسلم من أنه صلى الله عليه وسلم قال في خطبته: «أما بعد: فإن أصدقَ الكلامِ كلامُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمَّد رسول الله» [مسلم (867)].
فيُنبه على المصدرين الأساسيَّين من مصادر التلقِّي في هذا الدين، ولا ثالث لهما يستقلُّ بنفسه، أما القرآن فمصدر مستقلٌّ، والسنة الأصلُ فيها أنها موضِّحة للقرآن، ومبيِّنة وشارحة له، على أن فيها من الأحكامِ الزائدةِ ما لم يأتِ في القرآنِ، وكل من القرآنِ والسنةِ وحي من عند الله جل جلاله، أما القرآن فظاهر، وأما السنَّة فدليل كونها وحيًا قوله سبحانه وتعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم: 3]. وقد سُئل النبي صلى الله عليه وسلم في وقائعَ كثيرةٍ فسَكت حتى نزَل عليه الوحي مما ليس في القرآنِ؛ فدلَّ على أن السنةَ وحي من عند الله جل جلاله.