إذا كان على المسلم قضاء من رمضان ثم قدم الست على القضاء، فهذا لا يترتب عليه الثواب المرتب على صيام الست بعد رمضان؛ لأنه لا يكون متبعًا لرمضان بالست؛ إذ المفهوم من قوله: «من صام رمضان» يعني: كاملًا، وعلى هذا فالقضاء لا بد أن يكون قبل النفل.
قد يقول قائل: إن عائشة كانت تؤخر قضاء رمضان إلى شعبان، هل مفهوم هذا أنها لم تكن تصوم الست وعرفة وعاشوراء؟ ولا يتصور أن عائشة تفرط بهذه الأيام التي ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم الحث عليها، وبعض هذه الأخبار جاءت من طريقها. وقضاؤها رمضان في شعبان كان بحضرته وعلمه صلى الله عليه وسلم؛ لأنها في بيته، فلا يتصور أن هذا من اجتهادها، بل بعلمه صلى الله عليه وسلم، إذ كيف كان يصوم الصبيان في عاشوراء وعائشة -رضي الله تعالى عنها- لا تصومه؟
فإما أن نقول: إن عائشة تفرط في الصيام المندوب، أو نقول: إنها تصوم النفل قبل قضاء رمضان.
هذا يستدل به من يقول: إنه يجوز التنفل قبل قضاء الفرض، لكن الأكثر على أنه لا يتنفل قبل أداء الفرض، ولكن قد جاء أن التقرب إلى الله بالفرائض أحب إليه -جل وعلا- من التقرب بالنوافل، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: «وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه» [البخاري (6502)]، فدل على أنه أحب، وأما تأخير عائشة للقضاء فهذا كان لحقه صلى الله عليه وسلم عليها، وعلى كل حال هما قولان، لكل قول أدلته، وعلى الإنسان أن يُعنى بالفرض؛ ليبرأ من عهدته قبل أن يفجأه الأجل.