أعظم أهداف الصوم هو تحقيق التقوى، يقول سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183]، فالصيام من أعظم ما يحقق التقوى، التي هي وصية الله -جل وعلا- للأولين والآخرين.
والتقوى هي فعل الأوامر واجتناب النواهي، و(لعل) في {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} -كما يقول أهل العلم- ليست على بابها الذي هو الترجي، وإنما هي من الله متحققة الوقوع، فالصوم الشرعي على وجهه يحقق التقوى.
قد يقول قائل: إن كثيرين من الناس نراهم يصومون رمضان ولا يفرطون فيه، وبعضهم يكثر من صيام النوافل، ومع ذلك لم يتحقق لهم هذا الهدف الذي من أجله شرع الصيام!
نقول: إن الصيام الذي يحقق التقوى هو الصيام الذي يكون على مراد الله -جل وعلا-، وعلى مراد رسوله صلى الله عليه وسلم؛ فالذي يصوم كصومه صلى الله عليه وسلم ويصون صيامه عن الخوارم فالصوم جنة، تقي العبدَ مما يؤذيه سواء كان هذا في الدنيا أم في الآخرة، فهو جنة ما لم يخرقها -كما جاء في الخبر [النسائي (2233)، وأحمد (1690)]-، فإذا خرقها بما ينقص ثوابها ويضاد الهدف من مشروعيتها ويخالفه فهو الذي جنى على نفسه.
فنجد في المسلمين من يصوم ويحرص على الصيام، ولو دُفع له ما على وجه الأرض من متاع في مقابل عدم صيام يوم واحد لرفض، ومع ذلك لم يتحقق له الهدف الذي من أجله شرع الصيام؛ وذلك لأنه لم يصم الصوم الموافق لصيامه صلى الله عليه وسلم، تجده يمسك عن الطعام والشراب وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، ثم بعد ذلك لا يكف لسانه عن القيل والقال، تجده يتحدث في أعراض الناس، ويأكل لحومهم، ثم لا تجده يحمي سمعه أو بصره عن الحرام، فمثل هذا لا تترتب عليه الآثار التي رتبت عليه شرعًا؛ لأن هذا الصيام ناقص.