إذا قلنا: إن الضعيف لا يحتج به مطلقًا؛ سُدَّ الباب على أمثال أولئك الذين يشغلون طلاب العلم بما لم يثبت عما ثبت، ويشغلون العامل بالعمل بما لم يثبت عن العمل بما ثبت. فتجد كثيرًا ممن غلب عليه جانب العمل عنده شيء من الغفلة عن العلم، وتجد كثيرًا من أعماله مبناها على أحاديث ضعيفة، وإذا تشبث الإنسان بالضعيف لا شك أنه سيغفل -لا محالة- عما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولذا لو كان معوَّل طالب العلم وعمدته على الصحيحين قبل غيرهما، فإذا أتقن الأحاديث الصحيحة طلب المزيد مما صح من غيرهما، كان تمسكه بالصحيح فيه مشغلة عن التمسك بما لم يصح. بخلاف من اعتمدوا على أحاديث وعلى كتب وعظية، وكتب ترغيب، وكتب ما يكتبه العبّاد ويستدلون به وغالبه من الضعيف، بل فيه كثير من الموضوعات، وانشغلوا بأعمال بناء على ما رُتِّب عليها من أجور عما صح عن النبي -عليه الصلاة والسلام-.
فالقول بحسم المادة وعدم العمل بالضعيف مطلقًا، هو الذي يجعل طالب العلم يعمل بما صح ويسدد ويقارب ويحرص على استيعاب ما صح، وفيه ما يشغله عما لم يصح.