المذهب العقدي بالنسبة للجلالين فقد سلكا مسلك التأويل لكثير من الصفات التي يؤولها الأشاعرة، من الأمثلة على ذلك: {إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللّهُ} [(210) سورة البقرة] أي أمره {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [(88) سورة القصص] أي إلا إياه {وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [(67) سورة الزمر] بقدرته {وَجَاء رَبُّكَ} [(22) سورة الفجر] أي أمره، ومثل هذا كثير، أما آيات الاستواء على العرش فمعروف مذهب الأشاعرة في الاستواء وأنهم يقولون: استولى، آيات الاستواء السبع في القرآن جاءت هكذا {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [(54) سورة الأعراف] قال: "هو في اللغة سرير الملْك أو الملِك، استواءً يليق به" في الموضع الثاني: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [(3) سورة يونس] "استواءً يليق به" في الثالث: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [(5) سورة طـه] "استواءً يليق به" {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ} [(59) سورة الفرقان] "استواءً يليق به" {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [(4) سورة السجدة] "استواءً يليق به"... إلخ، كلها قالوا فيها: يليق به.
الآن الأشاعرة وغيرهم من المبتدعة هل هم على وتيرة واحدة في الإثبات والنفي؟ أو أنهم يختلفون فبعضهم يثبت أكثر من غيره، وبعضهم ينفي أكثر؟ حتى ممن ينتسب إلى السنة قد يؤول شيئًا يسيرًا من الصفات مما يحتمل التأويل، من ينتسب إلى السنة قد ينكر ما أثبته غيره إما لعدم ثبوت الدليل عنده، وإما لقوة المعارض عنده، المقصود أن جميع الطوائف فيهم المغرِق، وفيهم المعتدل، فمثل هذا القول يعد اعتدال بالنسبة لمذهب الأشاعرة، فالأشاعرة -كما تعلمون- منهم من يثبت سبع صفات، ومنهم من يثبت عشرين صفة، وينفي ما عداها، المقصود أن الجلالين مشيا على مذهب التأويل في الغالب، أما في مسألة الاستواء فقالا: "استواءً يليق به" ما دام قالوا: "استواءً يليق به" أهل السنة يقولون بذلك.