شنع ابن أبي ذئب على مالك بسبب رأيه في خيار المجلس، وقال: ينبغي أن يستتاب مالك، فإن تاب وإلا ضربت عنقه؛ لأن تأويله للخبر ضعيف، وهذه من ابن أبي ذئب خشونة غير محمودة؛ فمالك -رحمه الله- متأول، وله أدلة أخرى يقوي بها قوله، ويرى أن معنى الحديث معارض بأدلة أخرى، وهو إمام من أئمة المسلمين، نجم السنن وإمام دار الهجرة، ومع الأسف وجد من يناقش الأئمة في مثل هذه المسائل، ولا يحفظ حرمتهم، فيأتي بالألفاظ البشعة فيهم، كأن يقول: وبهذا قال مالك فأين الدليل؟ وأحيانًا يقول: هذا قول من لا يؤمن بيوم الحساب، أو يقول: هذا قول فلان، وهو لا يساوي كذا وكذا.
والخلاف له أدب، والقول لا يمكن أن يقبل بهذه الطريقة مهما كانت قوته؛ لأن النفوس لها حرم ينبغي مراعاتها، والرفق ما دخل في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه.