هذه الدنيا بجميع ما حوته من متع وملذات لا تزن عند الله جناح بعوضة، لكن من الذي يعي ويُقدر هذا الكلام قدرَه؟ فهاك مثالًا من حال سلف هذه الأمة يبين لك حقارة الدنيا في أعينهم، فهذا سعيد بن المسيّب كانت عنده بنت في غاية الجمال والأدب والعلم، خطبها ابن عبد الملك بن مروان، وابن الخليفة في عرف الناس: الدنيا بحذافيرها، فقال سفير الخليفة لسعيد: جاءتك الدنيا بحذافيرها: ابن الخليفة جاء يخطب ابنتك. فقال سعيد رحمه الله: «الدنيا لا تزن عند الله جناح بعوضة، فماذا تُرى أن يقص لي من هذا الجناح؟» وزوَّجها أحدَ طلابه فقيرًا بدرهمين [حلية الأولياء 2/167].