للسيوطي رحمه الله كتاب اسمه «النُّقاية» -بضم النون كالخُلاصة وزنًا ومعنى- جمع فيه أربعة عشر متنًا في أربعة عشر عِلمًا هي: علم أصول الدين، التفسير وعلوم القرآن، الحديث، أصول الفقه، الفرائض، النحو، التصريف، الخط، المعاني، البيان، البديع، التشريح، الطب، التصوف، وكل واحد من هذه المتون يصلح تدريسه وإقراؤه للمبتدئين.
وعلم أصول الدين في العقائد لكن السيوطي جرى -مع الأسف- على العقيدة الأشعرية، ولذا لم يثبت من الصفات إلا ما أثبته الأشعرية فقط، وقد ابتدأ المؤلف بهذا العلم جاعلًا له كالمقدمة لكتابه.
ثم ثنَّى بعد ذلك بعلم التفسير وجمع فيه خمسة وخمسين نوعًا من أنواع علوم القرآن، وهذا الجزء المتعلق بعلم التفسير نافع لطلاب العلم على اختصاره، ولا يوجد له نظير على نهج المتون في هذا العلم، وأما مقدمة شيخ الإسلام في علم التفسير فهي -بلا شك- مفيدة، وجديرة بالعناية، وحرية بالاهتمام لكنها ليست على طريقة المتون التي تجمع فنون العلم الواحد وأنواعه، وتعرِّف كل نوع لغةً واصطلاحًا مع التمثيل، وتذكر الخلاف وجملة من فوائد كل فن على حدة نظير ما يوجد من متون في علوم الحديث، والفقه وأصوله وغيرها، فلا يوجد في علوم والقرآن متن مختصر على طريقة المصنفين المتأخرين إلا هذا المتن، وقد أفرده الشيخ جمال الدين القاسمي، وطبعه مع كتاب في أصول الفقه لابن حزم مأخوذ أيضًا من مقدمة «المحلى»، وكتاب في أصول الفقه لابن عبد الهادي وهو مأخوذ من «مقدمة مغني ذوي الأفهام عن الكتب الكثيرة في الأحكام»، أسماه: «مجمع الأصول»، فهذه المتون استلها القاسمي رحمه الله وطبعها، وراجعها، وصححها، وعلّق عليها.
كما تضمن كتاب النُقاية خلاصة في مصطلح الحديث تحاكي «النخبة»، بل جلها مأخوذ من «النخبة»، وعلم أصول الفقه أيضًا مختصر جميل يصلح أن يعتمد عليه المبتدئ، وختم السيوطي كتابه بعلم التصوف؛ لأنه كان سائدًا في وقته، وإن كان فيه ما يُلاحظ عليه وعلى غيره.
وكتاب «النُّقاية» شرحه السيوطي في مختصر مطبوع اسمه: «إتمام الدراية لقراء النُّقاية». وقد نظم القنائي وغيره كتاب النقاية، ونظم الزمزمي ما يتعلق بعلوم القرآن على وجه الخصوص.