وجدت قواعد علم مصطلح الحديث منثورة في كتب الأئمة، ففي كتب الشافعي، وفي سؤالات الإمام أحمد، وفي (جامع الترمذي)، وفيما يُسأل عنه الإمام البخاري، وفي تواريخه، وفي صحيحه قواعد منثورة لهذا العلم، وفي (العلل الكبير)، و(علل الجامع) للإمام الترمذي قواعد كثيرة من قواعد هذا العلم، لكن أول من صنف في هذا العلم على سبيل الاستقلال: القاضي الرامهرمزي في كتابه (المحدِث الفاصل)، فهذا الكتاب من أول ما صُنف في هذا العلم، توفي مؤلفه سنة ستين وثلاثمائة، ثم جاء بعده الحاكم أبو عبد الله فألف (المعرفة)، ثم جاء بعده أبو نعيم فألف على (المعرفة) مستخرجًا، ثم القاضي عياض، ثم ابن الصلاح الذي جمع شتات هذا العلم في كتابه (علوم الحديث)، وعكف الناس على هذا الكتاب، فلا يحصى كم ناظم له ومختصر، ومستدرك عليه ومنتصر، دار الناس في فلكه، فاختصروه ونظموه وشرحوه، فاكتفوا به عما تقدم؛ لأنه جمع شتات هذا العلم، ثم بعد ذلك تتابع التأليف، فألف الحافظ ابن حجر نخبته الشهيرة، وهذه (النخبة) أيضًا حصل لها من القبول ما حصل، وما زالت تُقرأ وتُدْرَس وتُدَرّس، وتشرح وتنظم، وتختصر -على اختصارها- إلى يومنا هذا.