زعم السيوطي أن أوّل من ألَّف في علوم القرآن هو جلال الدين البلقيني -رحمه الله- المتوفى سنة 824هـ، لكن هذا الكلام غير صحيح، لأن البلقيني لم يكن أقدم من ابن الجوزي المتوفى سنة 597هـ، صاحب كتاب (فنون الأفنان)، ولا أقدم من الطوفي المتوفى سنة 716هـ، صاحب كتاب (الإكسير)، ولا أقدم من أبي شامة –رحمه الله- المتوفى سنة 665هـ، صاحب (المرشد الوجيز)، ولا أقدم من الزركشي –رحمه الله- المتوفى سنة 794هـ، صاحب كتاب (البرهان) الذي يُعد أكبر وأجمع كتب علوم القرآن، وإن كان في الأنواع أقل من كتاب (الإتقان) للسيوطي، فلعل تقرير السيوطي هذا كان في أول الأمر قبل أن يطَّلع على هذه الكتب، وإلا فكل هؤلاء قد تقدموا البلقيني.
والسيوطي –رحمه الله- نظر في كتاب البلقيني، ونظر في كتب أصول الفقه وكتب علوم الحديث وجرد ما يخص علوم القرآن، فألَّف في ذلك أولًا: كتابًا أسماه: (التحبير في علم التفسير)، ضمَّنه أكثر من مائة نوع من أنواع علوم القرآن، ثم بعد ذلك ألَّف: (الإتقان في علوم القرآن) جمع فيه الأنواع التي في (التحبير) وضم بعضها إلى بعض، فوصلت عنده إلى الثمانين، ثم ألَّف (النُّقاية) واقتصر فيها على خمسة وخمسين نوعًا؛ لأن (النُقاية) إنما أُلِّفت للمبتدئين، وتكثير الأنواع على المبتدئ يُحيِّره ويشوش عليه، فيُقتصر له على أهم المهمات. وقد تبع الزمزميُ السيوطيَ–رحمهما الله- فاقتصر في منظومته على خمس وخمسين نوعًا.