قال ابن تيمية-رحمه الله-: (وليست الصلاة عند قبورهم –الأنبياء- أو قبور غيرهم مستحبة عند أحد من أئمة المسلمين) فلا يعرف عن إمام معتبر أنه استحب الصلاة عند القبور، بل جاء النهي عن ذلك: «لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها» [مسلم: 972]، وجاء ذكر المقبرة من بين الأماكن التي لا يُصلى فيها، فلا كلام لأحد كائنا من كان. ويوجد من بعض المبتدعة من يشوش في هذه المسألة، ويرى أن الصلاة لله -جلّ وعلا-، وأن الأرض طاهرة فما الذي يؤثره القبر؟ نقول: لا بد من وجود التأثير في القلب، وإلا فما وجه تخصيص هذه البقعة بالصلاة!؟. وقد افتتن جموع غفيرة من المسلمين في كثير من البقاع والأصقاع بعد القرون المفضلة بالمشاهد والقبور. والقرون المفضلة التي فيها الخيرية لا يوجد فيها مشاهد، ولا يوجد فيها أضرحة ولا أبنية. وقد جاء النهي عن الأبنية وإيقاد السرج على القبور، ثم بعد ذلك يكتب من يكتب في المشاهد والقبور، كأحمد بن الصديق الغُمَارِي المغربي الذي له رسالة في البناء على القبور والأضرحة ويقول: (هل البناء على القبور مشروع كما أجمعت عليه الأمة من الصدر الأول إلى يومنا هذا، أو ممنوع كما ابتدعه النجديون وتعدوا على قبور الأولياء والصالحين فهدموها لما فتحوا بلاد الحرمين؟ وأما بلادهم فلا يوجد فيها قبور ولا أضرحة؛ لأنهم ليس فيهم من يستحق من يُبنى عليه). تأمل في هذه العلة وكيف يصل الضلال إلى هذا الحد، ويروّج على الناس بأن بلاد المسلمين كلها فيها مشاهد وأضرحة وقبور، فكيف يؤخذ بقول هؤلاء القلة الذين نبغوا في القرن الثاني عشر؟!. وبمثل هذا تنطمس معالم التوحيد، وتبرز معالم الشرك. ومن شاهد أو ذهب إلى الأماكن التي فيها هذه الأضرحة، وجد الشرك الأكبر، ووجد الصلاة، ووجد النذور والاستغاثة وغير ذلك. وهذا مدون في كتبهم وليس فِرية عليهم، وواقعهم يشهد بذلك. والنبي -عليه الصلاة والسلام- لما حذر مما صنعته اليهود والنصارى لما اتخذوا قبور الأنبياء مساجد، كان يخشى على رأس مال المسلم الذي هو التوحيد. ومن شاهد جزم بأن هذه الفتن التي حصلت في كثير من بقاع الأرض، صرفت كثيرًا من الناس عن التوحيد إلى ما يناقضه، وهو الكفر الأكبر، -نسأل الله العافية-. فإذا كان يسمع في الحرم، وفي بيت الله -جلّ وعلا- من يقول: يا أبا عبدالله جئنا بيتك، وقصدنا حرمك، نرجو مغفرتك. فكيف إذا ذهب إلى عبدالله عند ضريحه وقبره ماذا سيقول؟! والله المستعان.