استُشكل قول شيخ الإسلام: (وإن شاء قال اللهم اجعله حجًا مبرورًا وسعيًا مشكورًا وذنبًا مغفورًا)، لأن ما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يرد إلى مشيئة الفاعل بل يجزم باستحبابه، وما لم يثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- فإنه لا يقال. وقد جاء هذا الحديث عن ابن عمر وابن عباس –رضي الله عنهما- موقوفًا ومرفوعًا، لكن هما ضعيفان ولا يثبت واحد منهما. وهذا الذكر على مذهب الجمهور ليس فيه إشكال؛ لأنه من الفضائل، وهم يحتجون بالضعيف في هذا الباب. لكن المعروف عن شيخ الإسلام أنه لا يرى العمل بالضعيف مطلقًا. وهذا الحديث ضعيف لا يحتمل التحسين، لا عند شيخ الإسلام ولا عند غيره. لكن بعض المشايخ ممن يرى عدم العمل بالضعيف تجده في بعض المواطن يمر عليه بعض الأذكار التي لا شك أنها مؤثرة في نفسه، وإن تركها وجمهور أهل العلم يعملون بها حزّ في نفسه، فتجده يقولها مع علمه أنها لا تثبت بخبر ملزِم. فالمسألة بين التقعيد والتطبيق، والأمر فيه مجال للنظر. وعلى كل حال هذا الدعاء جمله طيبة وفيه جوامع للدعاء، لكنه لا يثبت مرفوعًا، ولا موقوفًا عن ابن عباس، وإنما هو من قول الإمام الشافعي فيما ذكره الحافظ البيهقي بسنده، وذكره أيضًا النووي في المجموع.