قد يقول قائل: نرى تسلط الأعداءِ على المسلمين في كلِّ مكانٍ، مع أن المسلمين كثرةٌ كاثرةٌ، لكنهم لا يملكون من الأمرِ شيئًا، ووجودُهم شبيهٌ بالعدمِ. نقول: ليس معنى هذا أن منزلةَ الكفارِ عندَ اللهِ أعلى من منزلةِ المسلمين، فالكفَّار مهما أوتوا في الدُّنيا من النَّعيم، فنعيمهم زائلٌ لا محالةَ، وهم قومٌ عُجِّلتْ لهم طيِّباتُهم في الدُّنيا، وفي الآخرةِ خالدون مخلَّدون في النارِ إن ماتوا على كفرِهم. لكن من سنن اللهِ التي لا تتبدَّل أنَّ المعاصي إذا ظهَرَتْ بين المسلمين وضَعُفَ إنكارُها، وأَعْلَنَ بها بعضُ الناسِ من غيرِ أن يوجدَ مَن يَرْدَعُهم، احتاجوا إلى ما يردُّهم إلى دائرةِ التَّديُّنِ والالتزامِ، فيبتَلِيهِمُ اللهُ ويُسلِّطُ عليهم العدوَّ حتى يعودوا إليه، وذلك بما كسَبَتْ أيديهِم، ويعفو عن كثيرٍ.